الفصل ال
سلمى و سمر لم يصدقا الصدف الجميلة فرقتهم الايام و لكن أولادهم الآن هم من جمعوهم مرة أخرى ، كم هذا رائع ، و عندما جائت سجى و قد رأت هذه الدراما الغريبة علمت انهم أصدقاء ، فرحت لهم كثيرا و قد تحدثت هي و الفتيات كثيرا ، ثم قالت انا لست موافقة فردت عليها سلمى " والله بعد أن وجدت صديقتي ستتزوجي ساري رغما عن أنفك يا فتاة ، و عندها دخل ساري و معه عقاب و قد قال " كلامك صحيح يا خالتي فهي تريد أن تفرق الأصدقاء ...، عندها نظرت له سجى نظرة نارية جعلته يضحك ... اما لي فقد شعرت بالحياء من وجود عقاب الذي لاحظ ذلك و بدأ يقهقه على معشوقة قلبه التي تبدو مثل القطة المبتلة ... حينها قالت سمر و قد لاحظت شعور ليا بالحرج و قد علمت مسبقا أنها خطيبة عقاب و للحق يقال فتاة حلوة مثل العسل لذا بسرعة قالت " هيا من هنا انت و هو هذا ليس مكانكم ، دعوا النساء يتحدثن براحة و قد كانت تنظر لعقاب و ساري و هي ترفع حاجبها بتحدي أن يرفض أحدهم ، حينها انسحب الإثنين و قد قال عقاب " يا فتى امك مرعبة مثل والدتي فقد شعرت بالخوف .... فقال ساري " انت لم ترى الرعب بعد نظرة واحدة شعرت بالخوف انا اعاني أكثر من عشرون عاما .... ذهب الإثنين و هما حقا متوترين ...
.
.
.
بعدها انقضى اليوم و أوصل عقاب ليا و معهم سبانا و الإثنين لم ينفكوا عن الحديث طول الطريق ، و عندما رأى إياد سبانا بدأ يضحك من بعيد و تلك رمقته بنظرة غاضبة و هذا أعجبه كثيرا فهو يحب أن يغيظها و يرى ملامحها النارية هذه ....
أما ساري فقد كان في قمة سعادته و بمجرد وصوله كان يتحدث مع إياد و يخبره كم هو سعيد جدا بهذا و كان إياد يستمع لصديقه الذي تبدو عليه سعادة العالم كله و هذا قد أعجبه ، فساري هو شقيقه الثاني و يحبه مثل أيمن تماما ... بعدها اتصل على سجى و تحدث معها و قد أخبرها أنه أفضل أن يتزوجها هو فهي صديقته الوحيدة و لا يضمن سلامتها مع غيره كما أنه اعترف لها بحبه الكبير الذي يكنه لها في قلبه و أن هذا ليس بإرادته ، تأثرت سجى كثيرا بكلمات ساري و قد شعرت أنه صادق و تشعر معه بالأمان و الأمان هو أقصى مراحل الحب و اصدقها فعل هي تحبه ؟؟
ام لأنه صديقها الصدوق تشعر هكذا و لكن شئ ما بداخلها يقول لها أنه ليس فقط صديقها و قد تخطت هذه المرحلة منذ زمن بعيد ، فعلى من تكذب هي ، على ساري ام على نفسها ام على من تنافق ام تغش ....
لا تنكر إعجابها به منذ زمن و لكن متى تحول هذا الإعجاب إلى هذه المشاعر القوية التي تجتاح كيانها بعنف و لا تستطيع تحملها ، هي تحبه ام هي تخطت هذه المرحلة و لكن مهلا هل تعترف للتو بأنها تحب صديقها المفضل ؟؟
هل هي حقا مغرمة بساري و لكن هي جبانة لن تعترف له بهذا ، فقد ذاقت مرارة الحب و لا تريد تكرار تجربة الألم و لكن هذا ساري و ليس مجتبى !!
هل هي الآن تبرر له ؟؟
يالله ما هذا كله تمنت لو أن كل هذا الضجيج الذي بداخلها يصمت و يكف عن ازعاجها و لكن هيهات ما زاده هذا إلا اصرار على أن ينبهها ....
ميرنا كانت جالسة في غرفتها تبكي بحرقة ، فقد خسرت سعادتها منذ وفاة والدتها ، لم تعد تعرف للراحة طعم ، بعد وفاة والدتها شعرت أنها تختنق و هذا الشعور يزداد كل يوم ، خصوصا ان والدها نقل عمله و لم يعد يتحمل الجلوس في المنزل ، يخشى كل شئ يذكره بزوجته التي كان يحبها ، حتى أنها لا يتحدث معها إلا مرة كل عدة أشهر فقط و هذا التصرف جرحها منه كثيرا ، و شعرت أنها وحيدة هي أيضا بحاجة له ، لم تعد متأكدة هل هو يحبها ام لا ، نسي أنها أيضا فقدت امها و هي في أشد الحوجة لها ، خالتها التي تخنق أنفاسها هي و بناتها ، و ابنة خالتها مزن التي اباحت لنفسها الارتباط بخطيبها و ذلك اللعين الذي خانها مع اقرب الأشخاص لها ، أما خالتها لا تبقيها معها إلا للنقود التي يرسلها والدها ، فكرت كم أن كل هذه الأمور تضغط عليها و تعذبها و اهمال والدها لها يؤرقها أكثر ، فكرت بالهرب كثيرا لكنها لا تعلم أين تذهب ، ارتدت معطفها و خرجت للحديقة تستنشق الهواء الطلق ، فأتتها مكالمة من عمتها رؤى التي تحبها و عندما ردت لم تستطيع أن تتحمل فإنفجرت باكية بكل ما فيها من قوة ، أما رؤى فقد كان قلبها يتقطع على طفلتها المحبوبة ، في هذه اللحظة هي حقا تكره شقيقها و سوف يكون لها حديث آخر معه....، أما ميرنا فقد قالت وسط شهقاتها " لقد تعبت يا عمتي ، قلبي يتمزق في الثانية الف مرة ، يؤلمني المعيش مع خالتي الظالمة و بناتها و يؤلمني و يقهرني رحيل والدتي المبكر و لكن يذبحني و يقتل روحي كره ابي لي ، لما يبتعد عني كأنني جرثومة خطيرة معدية ، لست السبب فى موتها و إن كان هو قد فقد زوجة و حبيبة ، أنا فقدت ام و لا يوجد أشد إيلاما و أكثر قهرا من فقدان الام ، انا ابنته يا عمتي و لم يجدني بالشارع صدقيني كلما حاولت أن أجد له عذر ، المنطق يصفعني و قلبي لن يسامحه أبدا .... تألمت رؤى من أعماقها على حال ابنة أخيها الصغيرة ، من كان يظن أن هذا الحزن قد يكتسح روح هذه الفراشة الزاهية ، ميرنا المشاغبة حلوة الروح و المرحة التي كانت الابتسامة لا تفارقها ، كيف هان على أخيها أن يغمس نفسه في حزنه ناسيا أن لديه هبة يجب أن يحافظ عليها ، الناس يصابون بالابتلاء و لكن يقاومون من أجل من يحبوا و لكن أخيها هو من يقتل في كن يحب .... اما بقية حديث ميرنا معها كان كله عن الرحيل و الذهاب بعيدا و كانت خائفة ألا ترى صغيرتها مرة أخرى لذا حاولت الوصول لشقيقها قبل أن يفقد ما تبقى له من حياة ....
.
.
.
كانت سجى عائدة من المكتبة فرأت شبح فتاة تعرفه يبكي في الحديقة و عندما اقتربت و سمعت الحديث قهر قلبها على صديقتها ، و لم تتحمل فقامت تعانقها و تواسي فيها و تلك كأنها وجدت موطنا في حضن صديقتها ، بكت الآلام العامين الماضيين و أخرجت كل حزن في قلبها حتى أن سجى كانت دموعها تنزل من دون أن تشعر ، كانت تذرف دموع القهر على فتاة كانت ترسم البسمة على الجميع و الآن هي تحمل الآلام تكفي كل الكرة الأرضية و لا أحد يسمعها ، تدفن في قلبها الرقيق هذا وحدها ، خشيت أن تصاب بسكتة قلبية من دفن الاحزان داخلها لذا أقسمت أنها لن تترك هذه اليد أبدا مهما حدث ، فقد فرقتهم الايام و الآن جمعها الله بها لتخفف عن حزنها و تعيد لها بسمتها مرة أخرى ..... عندما انتهت ميرنا من البكاء أعتذرت من سجى على تحميلها كل هذا الألم و إضاعة وقتها ، ألهذه الدرجة صديقتها المسكينة تعاني حتى تظن أنها عبء على الآخرين حتى على أقرب صديقة لها ؟؟؟
يالله يا ميرنا ، كم عانت هذه الفتاة من حزن و ألم ، وقتها طمأنتها سجى و هي تمسك يدها و أخذت منها عهد أن تتحدث معها و لا تنقطع و في اي وقت شعرت بالحزن تأتي لها و تتصل بها و أخذتها معها سجى للمنزل و عندما رأت سلمى تورم عيني ميرنا تقطع قلبها إلى أشلاء و لم تتحمل فقامت بعناقها و أمسكت يدها مطمئنة و أخبرتها أن هذه مازال منزلها كالماضي و لم يتغير شئ أبدا أبدا و أخذت منها وعد أن تزورها كل يوم ....
سلمى طلبت من ميرنا أن تناديها امي و هذا أمر ليس طلب و أيضا لو أرادت اي شئ تطلبه منها ، عندها طلبت ميرنا طلب غريب من سلمى و ترجتها أن تأتي معها و تسجل بسكن الطالبات القريب منهم ، حتى يكون لها مكان تجلس فيه ، هي ليست مرتاحة مع خالتها و لا بناتها ، و خصوصا بعد معرفتهم بقصة معاناة ميرنا طوال هذا الوقت تألم قلب و سلمى و لم تعد مطمئنة عليها مع هذه العائلة المتوحشة القلب ، و تعلم انهم لو طلبو من ميرنا أن تبقى معهم سوف ترفض و لن تقبل بهذا ، و السكن قريب منهم و متحفظ و سمعته جيدة كما أنه مريح و به كل سبل الراحة و المعيشة الجيدة ، تعلم أن والد ميرنا مرتاح ماديا و يبعث لها مبالغ كبيرة يمكنها سد ايجار عشرة شقق و ليس فقط هذا السكن الفخم و لن يسجلوا لفتاة وحدها إلا لو أتى معها شخص راشد و كبير ، لذا وافقت حتى تستطيع أن تكون قريبة منهم و من سجى على الأقل لو حدث لها اي طارئ سوف يكونون قربها ، لذا أخذت كمال و ذهبوا معها باليوم التالي و بالفعل تم التسجيل و طلبت بخوف من سجى ان تذهب معها لتحضر أغراضها حتى لا تواجه عائلة خالتها وحدها ... و بالفعل سجى ذهبت معها و انتظرهم والدها بالسيارة في الأسفل و سمعت سجى كل وقاحة الخالة التي هي مثل الأم و بناتها الائي هن من المفروض شقيقات ، تألمت كثيرا لأن صديقتها واجهت كل هذا لفترة طويلة وحدها ، أخذوا الاغراض كلها و ساعدهم كمال على إخراجها وقتها كانت خالتها تصرخ و تتذمر فحذرها كمال أنه سوف يشتكيها إلى حقوق الإنسان لو أكثرت كلامها و أن له اثبات على معاملتها السيئة لابنة أختها ، فخرست تلك مصدومة مقررة أن تتصل بزوج أختها و تخبره بفعلة ابنته ....
.
.
.
أما جمال كان يعمل منذ يومين بصورة مكثفة و يصغط نفسه كثيرا حتى انهم أخبروه أن اخته طلبت محادثته كثيرا و عندها اتصل لها مباشرة فردت عليها بجفاء و غضب و عندما سألها مالذي يحدث ، سألته سؤال لا يحبه و يؤلمه ، هل تحدثت مع ابنتك مؤخرا ؟؟ .... سكت و لم يرد و أخبرها أنه لا يريد أن يتحدث في هذا الأمر ، و عندها انفجرت فيه رؤي " الطفلة تضيع من يدنا لو سمعت ان ابنتك انتحرت لا تستغرب ، ابنتك يا سيد يا محترم تعاني من اكتئاب حاد و قلبها يحتضر من الحزن ، هل تعلم كيف تعيش أو كيف تعاملها خالتها اللعينة و بناتها أو مثلا هل لديك علم بأن خطيبها خطب ابنة خالتها و تركها ، هل تعلم أن ابنتك يا شقيقي العزيز تعاني من ضيق في صمام قلبها و هذا بسبب كبت الحزن و تراكمه ام هل تعلم أنها مؤخرا أصيبت بنوبة إغماء متتالية ، هل تعلم أن بنتك روحها تحتضر مثلا ، أو هل تعلم انك أسوأ رجل قابلته في حياتي ، انت جبان ، أجل جبان يا اخي العزيز و لست اهلا لهذه النعمة الربانية فلو تركتها في دار أيتام لكانت عاشت أفضل و لما عانت هكذا ، ابنتك تبكي كل ثانية و تتعذب ، إن كنت يا رجل يا محترم فقدتك حبيبتك و زوجتك فهي قد فقدت امها و هل تعلم ما حدث لنا عندما توفيت امي ، هل اذكرك يا شقيقي ؟؟ ... لقد عانينا و نحن كبار و لكن هي تعاني و هي صغيرة ، وحدها من دون سند فلو مت يا اخي لكان افضل أن تعلم أن والديها الإثنين ميتين على أن تعيش يتيمة الأبوين و والدها على قيد الحياة ، الله سوف يحاسبك و ماذا ستقول ل نرجس عندما تقابلها أنك أهملت في قطعة قلبها التي تركتها لك ، اتقي الله في نفسك و في ابنتك يا اخي لأنها أمانة عليك ان تصونها و انت لم تحفظ لها أبسط حقوقها ، لو سمعت ان ابنتك ماتت لا تلوم أحد غير نفسك و إن حدث لها شئ اقسم لك بالله سوف تكون جنازتك على يدي ، ثم اغلقت الهاتف في وجهه غاضبة حانقة متألمة و تركته يتخبط بأفكاره و عندها اتصلت عليه اخت زوجته و كانت تثرثر بكلام كثير لم يسمع منه سوى أن ميرنا تركت المنزل و ذهبت و بعدها عم الصمت في دماغه ....
بدأت ميرنا حياة جديدة في السكن و كانت سجى لا تنقطع عنها أبدا ، و سلمى تسيطر على جميع وجباتها و تحرص أن تتناول ميرنا كل وجباتها معهم عدا العشاء لانه يجب أن تكون داخل السكن من السابعة مساء ، و هذا بدأ ينعش روح ميرنا قليلا و بدأت تعود للحياة و الرغبة فى العيش لأنها بدأت تدق بابها لحظات سعيدة بدل كل الحزن الذي واجهت وحدها كل هذين العامين ، كانت سجى و سبانا تدخلان الفرح إلى قلبها و ليا التي تعرفت عليها و علمت أنها خطيبة عقاب ، و فرحت كثيرا لهم ، لذا فتاة لطيفة و طيبة القلب تماما مثل سجى و سبانا و قد تعودت عليها بسرعة و أصبحت صديقة لها ، و الفتيات هنا في السكن لطيفات عكس بنات خالاتها و أيضا امها سلمى عوضتها كل الحزن و الحرمان الذي فقدته و العطف الذي كانت تتوق له ، أسبوعين مروا كالبرق و لكنهم كانوا أفضل اسبوعين قضتهم ميرنا خلال العامين الماضيين ، يمكن أن تقول أفضل ايام حياتها بعد لحظاتها مع المرحومة والدتها ..
تعودت أن تنادي كمال أبي و عقاب لازال يلقبها بأرنوبة المشاكسة ، و هي تناديه الثور الأخرس و تتجادل معه طول الوقت ، و في هذه الاسبوعين كان عساف مسافر مع أصدقائه كالعادة و يلهو معهم هذه المرة في جزيرة بالي ، عاد بعد ثلاث اسابيع وجد صوت رقيق ينادي امي انظري لهذا الثور الأخرس يضايقني و بعدها جائت سلمى من المطبخ غاضبة " عقاب أذهب من هنا و اترك طفلتي بحالها و إلا ضربتك ..... ضحك و عقاب و هو يقول " امي اتقفين مع هذه الأرنب المشاكس ... فصرخت ميرنا " أرأيت يا امي .... هنا جائت سبانا و هي تضحك بقوة " أنتما مثيران للشفقة سوف يسخر منكم أطفالي في المستقبل ... نظرا لها بحنق و غضب فركضت و عند الباب وجدت عساف الذي يدخل و في اعينه نظرة استفهام ، و عندما رأته قفزت تعانقه و هو يختنق و يقول " سوف تقتليني يا فتاة لقد زاد وزنك ... فقالت بحنق " هيا هيا عد من حيث أتيت ، غبي .... ضحك عقاب و نظرة له ميرنا و قالت " انت تضحك فقط على الآخرين و لكن سوف تعاقب عند عودتي ابي أو سوف اجعل ليا تعاقبك .... ضحكت سبانا و ضربت كف ميرنا و قالت " واحد صفر ... ضحكت ميرنا و هي تقول " و لو هذا أقل واجب يا شقيقة .... غضب عقاب و قال حانق " ارنبة مشاكسة .. هذا جعل الفتيات بنفجرن من الضحك عليه و هنا سرح عساف في تلك الجميلة التي يعرفها جيدا ، هي صديقة سجى و لكن منذ متى و هي قريبة من الجميع ، يبدو أنه وحده لا يعلم شئ ...
رحب سلمى بولدها و سلم على ميرنا و هو مفتون بها و لا يصدق عيناه اهي تبتسم لي انا ، يالله فتاة أحلامي تبتسم لي ... هذا جعل ميرنا و عقاب ينظران له بحيرة و لانه يضحك ببلاهة حتى ضربه كمال و قال له " أغلق فمك .... هنا انفجر عقاب و ميرنا بالضحك على عساف ، و جائت سجى من الخارج و هي تقول " خيانات ، ضحك من دوني ... فقالت ميرنا " ثقبتي طبلة أذني يا فتاة ... فقالت عقاب " يجب أن يكون إسمها صدى و ليس سجى ... فضحكا مع بعض حتى قالت سجى بغضب " ثور أخرس و أرنب مشاكس ... و مدت لهم لسانها و ذهبت تبدل ملابسها
.
.
في المساء عندما ذهبت ميرنا كان عساف سيموت و يعرف قصة ميرنا و علاقتها بالعائلة القوية هذه ، هناك حلقة مفقودة فاتته ... و هنا أخبرته والدته أن ميرنا صديقة سجى منذ الثانوية وقتها هو كان بمدرسة داخلية حسب طلبه لأن صديقه إياد كان هناك فأراد أن يكون معه ...
.
.
.
بعدها انقضى اليوم و أوصل عقاب ليا و معهم سبانا و الإثنين لم ينفكوا عن الحديث طول الطريق ، و عندما رأى إياد سبانا بدأ يضحك من بعيد و تلك رمقته بنظرة غاضبة و هذا أعجبه كثيرا فهو يحب أن يغيظها و يرى ملامحها النارية هذه ....
أما ساري فقد كان في قمة سعادته و بمجرد وصوله كان يتحدث مع إياد و يخبره كم هو سعيد جدا بهذا و كان إياد يستمع لصديقه الذي تبدو عليه سعادة العالم كله و هذا قد أعجبه ، فساري هو شقيقه الثاني و يحبه مثل أيمن تماما ... بعدها اتصل على سجى و تحدث معها و قد أخبرها أنه أفضل أن يتزوجها هو فهي صديقته الوحيدة و لا يضمن سلامتها مع غيره كما أنه اعترف لها بحبه الكبير الذي يكنه لها في قلبه و أن هذا ليس بإرادته ، تأثرت سجى كثيرا بكلمات ساري و قد شعرت أنه صادق و تشعر معه بالأمان و الأمان هو أقصى مراحل الحب و اصدقها فعل هي تحبه ؟؟
ام لأنه صديقها الصدوق تشعر هكذا و لكن شئ ما بداخلها يقول لها أنه ليس فقط صديقها و قد تخطت هذه المرحلة منذ زمن بعيد ، فعلى من تكذب هي ، على ساري ام على نفسها ام على من تنافق ام تغش ....
لا تنكر إعجابها به منذ زمن و لكن متى تحول هذا الإعجاب إلى هذه المشاعر القوية التي تجتاح كيانها بعنف و لا تستطيع تحملها ، هي تحبه ام هي تخطت هذه المرحلة و لكن مهلا هل تعترف للتو بأنها تحب صديقها المفضل ؟؟
هل هي حقا مغرمة بساري و لكن هي جبانة لن تعترف له بهذا ، فقد ذاقت مرارة الحب و لا تريد تكرار تجربة الألم و لكن هذا ساري و ليس مجتبى !!
هل هي الآن تبرر له ؟؟
يالله ما هذا كله تمنت لو أن كل هذا الضجيج الذي بداخلها يصمت و يكف عن ازعاجها و لكن هيهات ما زاده هذا إلا اصرار على أن ينبهها ....
ميرنا كانت جالسة في غرفتها تبكي بحرقة ، فقد خسرت سعادتها منذ وفاة والدتها ، لم تعد تعرف للراحة طعم ، بعد وفاة والدتها شعرت أنها تختنق و هذا الشعور يزداد كل يوم ، خصوصا ان والدها نقل عمله و لم يعد يتحمل الجلوس في المنزل ، يخشى كل شئ يذكره بزوجته التي كان يحبها ، حتى أنها لا يتحدث معها إلا مرة كل عدة أشهر فقط و هذا التصرف جرحها منه كثيرا ، و شعرت أنها وحيدة هي أيضا بحاجة له ، لم تعد متأكدة هل هو يحبها ام لا ، نسي أنها أيضا فقدت امها و هي في أشد الحوجة لها ، خالتها التي تخنق أنفاسها هي و بناتها ، و ابنة خالتها مزن التي اباحت لنفسها الارتباط بخطيبها و ذلك اللعين الذي خانها مع اقرب الأشخاص لها ، أما خالتها لا تبقيها معها إلا للنقود التي يرسلها والدها ، فكرت كم أن كل هذه الأمور تضغط عليها و تعذبها و اهمال والدها لها يؤرقها أكثر ، فكرت بالهرب كثيرا لكنها لا تعلم أين تذهب ، ارتدت معطفها و خرجت للحديقة تستنشق الهواء الطلق ، فأتتها مكالمة من عمتها رؤى التي تحبها و عندما ردت لم تستطيع أن تتحمل فإنفجرت باكية بكل ما فيها من قوة ، أما رؤى فقد كان قلبها يتقطع على طفلتها المحبوبة ، في هذه اللحظة هي حقا تكره شقيقها و سوف يكون لها حديث آخر معه....، أما ميرنا فقد قالت وسط شهقاتها " لقد تعبت يا عمتي ، قلبي يتمزق في الثانية الف مرة ، يؤلمني المعيش مع خالتي الظالمة و بناتها و يؤلمني و يقهرني رحيل والدتي المبكر و لكن يذبحني و يقتل روحي كره ابي لي ، لما يبتعد عني كأنني جرثومة خطيرة معدية ، لست السبب فى موتها و إن كان هو قد فقد زوجة و حبيبة ، أنا فقدت ام و لا يوجد أشد إيلاما و أكثر قهرا من فقدان الام ، انا ابنته يا عمتي و لم يجدني بالشارع صدقيني كلما حاولت أن أجد له عذر ، المنطق يصفعني و قلبي لن يسامحه أبدا .... تألمت رؤى من أعماقها على حال ابنة أخيها الصغيرة ، من كان يظن أن هذا الحزن قد يكتسح روح هذه الفراشة الزاهية ، ميرنا المشاغبة حلوة الروح و المرحة التي كانت الابتسامة لا تفارقها ، كيف هان على أخيها أن يغمس نفسه في حزنه ناسيا أن لديه هبة يجب أن يحافظ عليها ، الناس يصابون بالابتلاء و لكن يقاومون من أجل من يحبوا و لكن أخيها هو من يقتل في كن يحب .... اما بقية حديث ميرنا معها كان كله عن الرحيل و الذهاب بعيدا و كانت خائفة ألا ترى صغيرتها مرة أخرى لذا حاولت الوصول لشقيقها قبل أن يفقد ما تبقى له من حياة ....
.
.
.
كانت سجى عائدة من المكتبة فرأت شبح فتاة تعرفه يبكي في الحديقة و عندما اقتربت و سمعت الحديث قهر قلبها على صديقتها ، و لم تتحمل فقامت تعانقها و تواسي فيها و تلك كأنها وجدت موطنا في حضن صديقتها ، بكت الآلام العامين الماضيين و أخرجت كل حزن في قلبها حتى أن سجى كانت دموعها تنزل من دون أن تشعر ، كانت تذرف دموع القهر على فتاة كانت ترسم البسمة على الجميع و الآن هي تحمل الآلام تكفي كل الكرة الأرضية و لا أحد يسمعها ، تدفن في قلبها الرقيق هذا وحدها ، خشيت أن تصاب بسكتة قلبية من دفن الاحزان داخلها لذا أقسمت أنها لن تترك هذه اليد أبدا مهما حدث ، فقد فرقتهم الايام و الآن جمعها الله بها لتخفف عن حزنها و تعيد لها بسمتها مرة أخرى ..... عندما انتهت ميرنا من البكاء أعتذرت من سجى على تحميلها كل هذا الألم و إضاعة وقتها ، ألهذه الدرجة صديقتها المسكينة تعاني حتى تظن أنها عبء على الآخرين حتى على أقرب صديقة لها ؟؟؟
يالله يا ميرنا ، كم عانت هذه الفتاة من حزن و ألم ، وقتها طمأنتها سجى و هي تمسك يدها و أخذت منها عهد أن تتحدث معها و لا تنقطع و في اي وقت شعرت بالحزن تأتي لها و تتصل بها و أخذتها معها سجى للمنزل و عندما رأت سلمى تورم عيني ميرنا تقطع قلبها إلى أشلاء و لم تتحمل فقامت بعناقها و أمسكت يدها مطمئنة و أخبرتها أن هذه مازال منزلها كالماضي و لم يتغير شئ أبدا أبدا و أخذت منها وعد أن تزورها كل يوم ....
سلمى طلبت من ميرنا أن تناديها امي و هذا أمر ليس طلب و أيضا لو أرادت اي شئ تطلبه منها ، عندها طلبت ميرنا طلب غريب من سلمى و ترجتها أن تأتي معها و تسجل بسكن الطالبات القريب منهم ، حتى يكون لها مكان تجلس فيه ، هي ليست مرتاحة مع خالتها و لا بناتها ، و خصوصا بعد معرفتهم بقصة معاناة ميرنا طوال هذا الوقت تألم قلب و سلمى و لم تعد مطمئنة عليها مع هذه العائلة المتوحشة القلب ، و تعلم انهم لو طلبو من ميرنا أن تبقى معهم سوف ترفض و لن تقبل بهذا ، و السكن قريب منهم و متحفظ و سمعته جيدة كما أنه مريح و به كل سبل الراحة و المعيشة الجيدة ، تعلم أن والد ميرنا مرتاح ماديا و يبعث لها مبالغ كبيرة يمكنها سد ايجار عشرة شقق و ليس فقط هذا السكن الفخم و لن يسجلوا لفتاة وحدها إلا لو أتى معها شخص راشد و كبير ، لذا وافقت حتى تستطيع أن تكون قريبة منهم و من سجى على الأقل لو حدث لها اي طارئ سوف يكونون قربها ، لذا أخذت كمال و ذهبوا معها باليوم التالي و بالفعل تم التسجيل و طلبت بخوف من سجى ان تذهب معها لتحضر أغراضها حتى لا تواجه عائلة خالتها وحدها ... و بالفعل سجى ذهبت معها و انتظرهم والدها بالسيارة في الأسفل و سمعت سجى كل وقاحة الخالة التي هي مثل الأم و بناتها الائي هن من المفروض شقيقات ، تألمت كثيرا لأن صديقتها واجهت كل هذا لفترة طويلة وحدها ، أخذوا الاغراض كلها و ساعدهم كمال على إخراجها وقتها كانت خالتها تصرخ و تتذمر فحذرها كمال أنه سوف يشتكيها إلى حقوق الإنسان لو أكثرت كلامها و أن له اثبات على معاملتها السيئة لابنة أختها ، فخرست تلك مصدومة مقررة أن تتصل بزوج أختها و تخبره بفعلة ابنته ....
.
.
.
أما جمال كان يعمل منذ يومين بصورة مكثفة و يصغط نفسه كثيرا حتى انهم أخبروه أن اخته طلبت محادثته كثيرا و عندها اتصل لها مباشرة فردت عليها بجفاء و غضب و عندما سألها مالذي يحدث ، سألته سؤال لا يحبه و يؤلمه ، هل تحدثت مع ابنتك مؤخرا ؟؟ .... سكت و لم يرد و أخبرها أنه لا يريد أن يتحدث في هذا الأمر ، و عندها انفجرت فيه رؤي " الطفلة تضيع من يدنا لو سمعت ان ابنتك انتحرت لا تستغرب ، ابنتك يا سيد يا محترم تعاني من اكتئاب حاد و قلبها يحتضر من الحزن ، هل تعلم كيف تعيش أو كيف تعاملها خالتها اللعينة و بناتها أو مثلا هل لديك علم بأن خطيبها خطب ابنة خالتها و تركها ، هل تعلم أن ابنتك يا شقيقي العزيز تعاني من ضيق في صمام قلبها و هذا بسبب كبت الحزن و تراكمه ام هل تعلم أنها مؤخرا أصيبت بنوبة إغماء متتالية ، هل تعلم أن بنتك روحها تحتضر مثلا ، أو هل تعلم انك أسوأ رجل قابلته في حياتي ، انت جبان ، أجل جبان يا اخي العزيز و لست اهلا لهذه النعمة الربانية فلو تركتها في دار أيتام لكانت عاشت أفضل و لما عانت هكذا ، ابنتك تبكي كل ثانية و تتعذب ، إن كنت يا رجل يا محترم فقدتك حبيبتك و زوجتك فهي قد فقدت امها و هل تعلم ما حدث لنا عندما توفيت امي ، هل اذكرك يا شقيقي ؟؟ ... لقد عانينا و نحن كبار و لكن هي تعاني و هي صغيرة ، وحدها من دون سند فلو مت يا اخي لكان افضل أن تعلم أن والديها الإثنين ميتين على أن تعيش يتيمة الأبوين و والدها على قيد الحياة ، الله سوف يحاسبك و ماذا ستقول ل نرجس عندما تقابلها أنك أهملت في قطعة قلبها التي تركتها لك ، اتقي الله في نفسك و في ابنتك يا اخي لأنها أمانة عليك ان تصونها و انت لم تحفظ لها أبسط حقوقها ، لو سمعت ان ابنتك ماتت لا تلوم أحد غير نفسك و إن حدث لها شئ اقسم لك بالله سوف تكون جنازتك على يدي ، ثم اغلقت الهاتف في وجهه غاضبة حانقة متألمة و تركته يتخبط بأفكاره و عندها اتصلت عليه اخت زوجته و كانت تثرثر بكلام كثير لم يسمع منه سوى أن ميرنا تركت المنزل و ذهبت و بعدها عم الصمت في دماغه ....
بدأت ميرنا حياة جديدة في السكن و كانت سجى لا تنقطع عنها أبدا ، و سلمى تسيطر على جميع وجباتها و تحرص أن تتناول ميرنا كل وجباتها معهم عدا العشاء لانه يجب أن تكون داخل السكن من السابعة مساء ، و هذا بدأ ينعش روح ميرنا قليلا و بدأت تعود للحياة و الرغبة فى العيش لأنها بدأت تدق بابها لحظات سعيدة بدل كل الحزن الذي واجهت وحدها كل هذين العامين ، كانت سجى و سبانا تدخلان الفرح إلى قلبها و ليا التي تعرفت عليها و علمت أنها خطيبة عقاب ، و فرحت كثيرا لهم ، لذا فتاة لطيفة و طيبة القلب تماما مثل سجى و سبانا و قد تعودت عليها بسرعة و أصبحت صديقة لها ، و الفتيات هنا في السكن لطيفات عكس بنات خالاتها و أيضا امها سلمى عوضتها كل الحزن و الحرمان الذي فقدته و العطف الذي كانت تتوق له ، أسبوعين مروا كالبرق و لكنهم كانوا أفضل اسبوعين قضتهم ميرنا خلال العامين الماضيين ، يمكن أن تقول أفضل ايام حياتها بعد لحظاتها مع المرحومة والدتها ..
تعودت أن تنادي كمال أبي و عقاب لازال يلقبها بأرنوبة المشاكسة ، و هي تناديه الثور الأخرس و تتجادل معه طول الوقت ، و في هذه الاسبوعين كان عساف مسافر مع أصدقائه كالعادة و يلهو معهم هذه المرة في جزيرة بالي ، عاد بعد ثلاث اسابيع وجد صوت رقيق ينادي امي انظري لهذا الثور الأخرس يضايقني و بعدها جائت سلمى من المطبخ غاضبة " عقاب أذهب من هنا و اترك طفلتي بحالها و إلا ضربتك ..... ضحك و عقاب و هو يقول " امي اتقفين مع هذه الأرنب المشاكس ... فصرخت ميرنا " أرأيت يا امي .... هنا جائت سبانا و هي تضحك بقوة " أنتما مثيران للشفقة سوف يسخر منكم أطفالي في المستقبل ... نظرا لها بحنق و غضب فركضت و عند الباب وجدت عساف الذي يدخل و في اعينه نظرة استفهام ، و عندما رأته قفزت تعانقه و هو يختنق و يقول " سوف تقتليني يا فتاة لقد زاد وزنك ... فقالت بحنق " هيا هيا عد من حيث أتيت ، غبي .... ضحك عقاب و نظرة له ميرنا و قالت " انت تضحك فقط على الآخرين و لكن سوف تعاقب عند عودتي ابي أو سوف اجعل ليا تعاقبك .... ضحكت سبانا و ضربت كف ميرنا و قالت " واحد صفر ... ضحكت ميرنا و هي تقول " و لو هذا أقل واجب يا شقيقة .... غضب عقاب و قال حانق " ارنبة مشاكسة .. هذا جعل الفتيات بنفجرن من الضحك عليه و هنا سرح عساف في تلك الجميلة التي يعرفها جيدا ، هي صديقة سجى و لكن منذ متى و هي قريبة من الجميع ، يبدو أنه وحده لا يعلم شئ ...
رحب سلمى بولدها و سلم على ميرنا و هو مفتون بها و لا يصدق عيناه اهي تبتسم لي انا ، يالله فتاة أحلامي تبتسم لي ... هذا جعل ميرنا و عقاب ينظران له بحيرة و لانه يضحك ببلاهة حتى ضربه كمال و قال له " أغلق فمك .... هنا انفجر عقاب و ميرنا بالضحك على عساف ، و جائت سجى من الخارج و هي تقول " خيانات ، ضحك من دوني ... فقالت ميرنا " ثقبتي طبلة أذني يا فتاة ... فقالت عقاب " يجب أن يكون إسمها صدى و ليس سجى ... فضحكا مع بعض حتى قالت سجى بغضب " ثور أخرس و أرنب مشاكس ... و مدت لهم لسانها و ذهبت تبدل ملابسها
.
.
في المساء عندما ذهبت ميرنا كان عساف سيموت و يعرف قصة ميرنا و علاقتها بالعائلة القوية هذه ، هناك حلقة مفقودة فاتته ... و هنا أخبرته والدته أن ميرنا صديقة سجى منذ الثانوية وقتها هو كان بمدرسة داخلية حسب طلبه لأن صديقه إياد كان هناك فأراد أن يكون معه ...