الفصل الرابع
كذبة كبرى
وصلت إلى الغرفة بجانب القاع وأثرت أن تقوم بغسل وجهها وعيناها جيدا من أثر البكاء ثم بعدها تقترب من باب الغرفة وتنصت لما يقال من حديث هناك ولكنها فوجئت وهي في المرحاض بصوت باب يغلق وجدها يحادث أحدا ما ويخبره
: حسنا لقد أخبرتني أن هناك حديث عنك وعن حفيدتي لا يصح أن يسمعه أحدا، هيا أخبرني ماذا تريد أن تقول
أقترب منه أدهم وأخبره بصوت هادئ
- أعذرني علي كلماتي في الخارج ولكن ما أريد أن أقوله ويبرر ما فعلت هو أن هناك قصة حب بيني وبين أنسة شيهانة وقبل أن تغضب أحب أن أخبرك أني أتيت مع والدي إلي هنا بحجة شراء الأكحل ولكن الحقيقة أني أردتها فرصة لأطلب منك الزواج بها
وذلك المشهد الذي حدث ورأيته سابقا هو أنها كانت تخاف من معرفتك بأمر حبنا فتقتلها ففعلت ذلك من الخوف
كان العامري يستمع إلي أدهم وهو غير قادر على التصديق، وتسأل بداخله هل حقا شيهانة تحب أدهم نصار وكانت تخاف منه أن يقتلها إن علم بذلك
فوجئ بأدهم يقترب منه ويخبره بنبرة متوسلة
- أرجوك سيد عامري لا تقف في سبيل سعادتنا أنا وشيهانة وأن توافق على زواجنا وتباركه
نظر إليه مدققا في ملامحه وأخذ يفكر بداخله
" أدهم نصار رجل أعمال لا يستهان به، هو ذراع أبيه اليمني وهو الذي يدير أعمال عائلة نصار التجارية ،و معروف بقوته وصلابته بين أعدائه كما أنه محب كبير للخيل ويحرص علي إقتناء الأصيل منها، فهو صهر لا بأس به إذا لما لا وإن كانت شيهانة متعلقة به فعلا فلن أمنع عنها السعادة، يكفيها ما حدث في صغرها وليكن مستقبلها ملئ بالسعادة والفرح
كان أدهم ينظر إلى العامري الذي كان يدقق به من حين لآخر وهنأ نفسه في داخله علي تلك القدرة العالية في تمثيل دور العاشق الموله بحفيدته وخمن أنه الآن يعدد مزايا الزواج من ابن عائلة نصار ومدير مصالحها التجارية وراهن نفسه أنه سيوافق بالتأكيد، الرهان الذي ربحه عندما أخبره العامري قائلا
- حسنا أدهم وأنا قبلت زواجك من حفيدتي شيهانة وأقترب منه معانقا إياه بفرح كبير، بينما أدهم يهنئ نفسه علي فوزه برهانه
بعد أن أنهي العناق عاود أدهم الحديث قائلا
- هناك طلبا آخر سيد عامري أريد أن أطلبه منك وأرجو منك ألا تخيب رجائي بك
نظر إليه متعجباً وتسأل قائلا
- ما هو ذالك الطلب ابني أدهم ؟!
رسم أدهم علي وجهه نظرة توسل ورجاء وأخبره بصوت هادئ
- أريد أن تعجل امر زواجنا أنا وشيهانة فأنا، أنا
أظهر أدهم أن يتردد في قول كلماته ويتلعثم فصمت قليلا ثم قال له بسرعة كبيرة
- أنا لا أطيق البعد عن شيهانة وأريدها أن تصبح زوجتي سريعا
نظر العامري إليه في هدوء وأخبره
- حسنا أدهم لك ذلك، سوف نحدد موعد الزفاف أنا وأبيك ليكون بعد شهر من الآن
قاطعه أدهم مخبرا إياه
- بل أسبوعان فقط سيد عامري، فأنا املك جناح خاص بي في منزل العائلة لا يحتاج سوي بعض الأثاث ويصبح جاهزا للسكن كما أني أريد شيهانة بحقيبة ملابسها فقط
تبسم العامري من لهفة أدهم علي زواج من حفيدته ولكن أمر الزواج لا يجوز التعجل فيه فلابد من أقتناء شيهانة أفضل جهاز عرس علي الإطلاق يليق بمكانة حفيدة العامري، كما أن الفتيات يحبون التبضع وشراء العديد من الملابس وأدوات الزينة ومدة أسبوعان لن تسمح بذلك فأخبر أدهم قائلا
- بل هو شهر كامل أدهم عليك التكيف مع ذلك الأمر ،وأنا لن أقبل أن تتزوج حفيدتي دون جهاز عرس يتحدث عنه الجميع
وسوف أترك لها فرصة لشراء ما ترغب به من ملابس وزينة
أومأ إليه أدهم متفهما وأخبره
- حسنا سيد عامري، لديك وجهة نظر محقة في ذلك الأمر ،سوف أنتظر مرور ذلك الشهر سريعا
نظر إليه العامري وسأله قائلا
- هل هناك شيء آخر أدهم ،تريد قوله ؟!!
هز رأسه نافيا وأخبره
- لا، لا يوجد شيء آخر ولكن أريد أن أنعش وجهي ببعض الماء هل لي بذلك ؟
أومأ إليه موافقا وأشار له قائلا
- المرحاض في تلك الجهة، أذهب وأنا سوف انتظرك
هز رأسه موافقا وتوجه حيث أشار وأغلق الباب خلفه حيث تقف هناك فتاة مذعورة وخائفة يخرج منها نشيج خافت وهو ينظر إليه في شماتة كبيرة ثم أقترب منها وبدأ يجفف دمعاتها بيده وأخرج هاتفه من جيب معطفه وبدأ في إلتقاط بعض اللقطات لهما سويا وبعد أن أنتهي نظر إليها في إزدراء وأخبرها بنبرة مهددة ومتوعدة قائلا لها
- إن حاولت، أو فكرت حتي في الرفض سوف أجعل جدك يرى تلك اللقطات وأنت تعلمين ماذا سوف يحدث عندما يراهم وأشار إليها بعدها بإشارة الذبح مما جعلها تعاود النحيب مرة أخرى
خرج بعدها متوجها نحو جدها الذي أشار إليه أن يتبعه حتي وصلا إلى القاعة مرة أخرى حيث ينتظرهما الجميع ،فعلمت البسمة وجه أدهم مما جعل والده يطمئن على ابنه وأعلنها العامري للجميع أدهم نصار طلب الزواج من حفيدتي وأنا قد قبلت ذلك وسوف يتم تحديد موعد الزفاف من قبل العائلتين والجميع بالطبع مدعو لحفل العام كريمة العامري سوف تزف إلي ابن عائلة نصار والعقبي للجميع
إبتسامة نصر كانت تعلو وجهه وهو يعلن الأمر للجميع بينما هي مازالت علي حالها تنتحب وتنتحب علي ما وصلت إليه من جراء أفعالها الطائشة ومازاد الأمر سوءا تلك اللقطات التي ألتقطها لهما سويا وتسألت كيف علم بوجودها في داخل المرحاض الذي كانت مختبئة بداخله ،ولم تعلم أنها قد تركت وشاحهها الزهري علي أحد المقاعد عندما دلفت إلي الغرفة وهو شاهده ووقف أمامه ثم حاول إلقائه أسفل المقعد حتي لا يراه العامري
أنتهت الجلسة بذلك النبأ السعيد وتلق أدهم التهاني من الجميع هو والعامري وأنصرف الجميع من بعدها ومن بعدهم أدهم ووالده الذي أخبر العامري أنه يرغب في رؤية شيهانة غدا فوافق له علي طلبه وأخبره أنه سوف ينتظر قدومه .
وصلا إلي المنزل بحال غير الحال وسبق صالح ابنه للمنزل وبعد دلوفه صاح هاتف في الجميع بضرورة الحضور علي الفور، فأسرع الجميع بتلبية أمره وتجمعوا حوله فوجه بعدها حديثه لزوجته وأخبرها بصوت يملأه الفرح
- مبارك لك يا أم أدهم، زواج ابنك سيكون بعد شهر من الآن
كانت زوجته تستمع إليه ببلاهة غير قادرة على الاستيعاب وأشارت إلى نفسها قائلة
- ابني أنا سوف يتزوج، متي وكيف وممن أيضاً؟!
تعالت قهقات صالح علي حديث زوجته المتلعثم وأقترب منها وأخبرها بنبرة ضاحكة
- ما بك يا إمرأة، ابنك أدهم سوف يتزوج، وممن من حفيدة اللواء العامري، وكيف كما يفعل الجميع
أقتربت منه متسألة ترغب في تصديق الأمر فعاودت سؤله
- حقا ما تقول أبا أدهم ؟!
نظر إليها بإمتعاض وأخبرها بضيق
- ما بالك يا إمرأة وهل هذا أمر يمزح فيه، ابنك أدهم سيتزوج!
كان ينطقها لها متقطعة ومؤكدة نافية جميع شكوكها مما جعلها تطلق زغرودة قوية بصوت عال وتبعتها في ذلك من تبق من نساء وفتيات العائلة وسط فرحة كبيرة بين الجميع
سبحانه من لديه القدرة في تبديل الأحوال، لقد ذهب خائفا قلقا وعاد منتصرا بزهو والجميع يحتفل معه بذلك النصر ولكن ذلك النصر له ثمن ثقيل قد دفع منه جزءا مسبقا والباقي سوف تدفعه هي اللعينة تلك، سوف يجعلها تسدد جميع ديونها منذ يوم مولدها ويأخذ بثآر كل من أذته في حياتها، سيجعلها تتمني الموت ولا تجده وأن تدفع ثمن الصفعة مرات ومرات
أقترب منه عصام مهنئا هو الآخر، لقد هاتفه أدهم وهو علي وشك الدخول إلي المزرعة وأمره بالعودة مرة أخرى وإنتظاره في المنزل حتي يعود ويشرح له كل ماحدث
الجميع فرح وسعيد بخبر زواج أدهم بينما روضة تميل إلي آلاء وتسألها بصوت خافت
- وماذا عن شهد، التي كانت زوجة عمي صالح تنوي خطبتها إلي أدهم؟! تري ماذا سوف تفعل عندما تعلم بالأمر وهي التي كانت تحط أمال كبيرة علي ذلك
رفعت آلاء كتفها وأخبرتها أنها لا تعلم
الليل قد حل في النهاية وذلك اليوم الثقيل أوشك علي الرحيل لقد كان من أسوء الأيام التي مرت على حياته هو يقسم علي ذلك بالتأكيد، بعد كل ما حدث اليوم والمنزل الذي بدأ يضج من المهنئين من جيران وأقارب وأصدقاء والآن وقد حصل لنفسه علي وقت يستطيع فيه أخذ حمام دافئ ونوم مريح لعدة ساعات مع أنه يشك في ذلك ،لقد أتفق مع والدته أنها سوف تذهب لرؤية الفتاة معه بالغد وأيضاً الفتيات أردن الذهاب فوافق علي طلبهن فأصبحن سعيدات للغاية
وبينما يفكر هو في حمام دافئ ونوم مريح كانت هي تنتفض من البرد، فبعد أن تركها وذهب لملمت ذاتها وعادت للمنزل حيث غرفتها ثم وجدت جدها يطرق باب غرفتها ويستئذن في الدخول فسمحت له وحاولت ألا تظهر ما بها من ألم فوضعت بعض المساحيق علي وجهها تخفي به آثار البكاء، جاورها جدها علي الفراش وأقترب منها واضعا رأسها علي صدره وأخبرها بنبرة عاتبة وحنونة في الوقت ذاته
- لماذا لم تخبريني بالأمر شيهانة؟!! هل ظننت أنك إن أخبرتني أنك تحبين شخص ما سوف أتعرض لك بسوء، هل ظننت جدك سوف يؤذيك حبيبتي
لم تجبه علي كلماته العاتبة فظن أن ذلك خجلا منها فعاود الحديث قائلا
- أدهم رجل جيد شيهانة، وهو شجاع أيضاً لقد أخبرني كل شيء عنكما وعن خوفك من معرفتي بأمركما ،لذلك واجهني بالأمر أمام الجميع وأفصح عن عشقه لك ، وأعلمي شيهانة أن الرجال يخجلون من التصريح بالعشق ،والرجل الذي يصرح بعشقه لابد وأنه شجاع جدا وأدهم يتحلي بالشجاعة التي تجعلك تطمئنين وأنت بالقرب منه وأنا أيضاً سوف أشعر بالراحة بوجودك معه
كانت تستمع لحديث جدها وتحاول ألا تبدأ في البكاء،كانت تريد سؤله " عن أي عشق تتحدث جدي ،ومن الذي يعشق وتطمئن بوجودي معه ،عن أدهم الذي إذا أستطاع أن يقتلني فلن يتردد لحظة واحدة، أدهم الذي توعد لي بالعذاب وأنه سوف يأخذ ثآره مني لا محالة ،مسكين أنت يا جدي مسكين
وجدها لا تجيب علي سؤاله فأبعدها عن حضنه ونظر إليها فوجدها شاردة فقهقه بصوت عال وأخبرها
- أنا أحدثك وأنت شاردة في عالم آخر، لابد وأنك تفكرين في ثوب الزفاف أعلم أن الفتيات يهتمن بذلك الأمر بشدة ولكن أطمئني حبيبتي سوف أعطيك بطاقة مصرفية أخري تستطيعين بها شراء ما تريدينه من أشياء ويمكنك إصطحاب صديقاتك نيهاد وهايا بالتأكيد
صمت قليلا ثم عاود الحديث قائلا
- أنا الآن سوف أخبر والدتك جمان وعمك عن ذلك النبأ المفرح والذي سوف يجعلهم يأتونك ركضا بالتأكيد
وتركها راحلا ليجري تلك المكالمة الهاتفية علي الفور
هل عليها أن تعش في ذلك العذاب كثيراً وأن تتقن دور المحبة السعيدة لمدة طويلة؟! اليوم جاء بصحبة نساء عائلته وتعرفت علي والدته التي حالها كحال كل سيدة مصرية فرحة بخطبة ابنها وأقتراب زفافه كانت تتفحصها وتدقق النظر في ملامح وجهها وفي معالم جسدها أيضاً ولم تترك قطعة واحدة بدون أن تتفحصها بمنظارها الأنثوي، وعندما نالت الرضا والإستحسان أقتربت منها وعانقتها دليلا على إجتياز الإختبار
بينما والدتها لم تتبادل معها سوي كلمتان فقط هما
- مبارك شيهانة
أما هي فأكتفت بالإماءة لها مع تعجب أدهم من علاقة تلك الفتاة بأمها، لقد شعر بوجود شئ خاطئ في تلك العلاقة فهي تجلس بعيدا جدا عن والدتها وعندما جاءت والدتها لتجلس بجانبها عند تناول الطعام تحججت بجلب شئ ما من غرفة الطهي مما جعل والدتها تشعر بالحرج والإحباط ولما عادت مرة أخرى جلست بجوار شقيقته حلا التي ابتسمت لها في ود شديد
بعد الانتهاء من تناول الطعام وذهاب الجميع لتناول المشروبات الباردة، فاجأت والدة أدهم شيهانة بإخراج علبة حمراء اللون بها خاتمين للخطبة وطلبت من أدهم أن يلبسها إياه ولكنه طلب منها أن تقوم هي بذلك بدلا منه لأنها لم تصبح زوجته بعد فأبتسم الجميع علي حرص أدهم وخوفه عليها بينما تناول هو المحبس وألبسه لنفسه مع تعالي صوت الزغاريد من النساء
أنتهي اللقاء مع وعدا بتكراره مرة أخرى، ورحل أدهم بصحبة عائلته الذين كانوا في حالة من الفرح الشديد
وبعد رحيل آخر فرد منهم كانت والدتها تريد بدء الحديث معها ولكنها لم تنتظر لدقيقة واحدة وتركتها راحلة إلى غرفتها
الأيام تمر سريعا وهو شغل بأمر تجهيز الجناح الخاص به وأختيار الأساس وشرائه، أستغرق الأمر منه أسبوعان حتي ينتهي منه، هذا وكان قد أتفق والده مع السيد العامري علي تقديم موعد عقد القرآن قبل الزفاف وأن ذلك من أجل أن تكون ترتيبات الزفاف سهلة علي الجميع
بحلة زرقاء داكنة وقع أدهم إمضائه علي وثيقة زواجه من شيهانة التي كانت ترتدي ثوب بلون الكشمير ووشاح ملائم وسط تجمع أفراد العائلتين وأصدقاء العروس
وقد تم إلتقاط بعض الصور للعروسين أثناء التوقيع على وثيقة الزواج وسط سعادة الجميع للعروسين ،سعادة لم يشعر بها أي منهما
نهاية الفصل
وصلت إلى الغرفة بجانب القاع وأثرت أن تقوم بغسل وجهها وعيناها جيدا من أثر البكاء ثم بعدها تقترب من باب الغرفة وتنصت لما يقال من حديث هناك ولكنها فوجئت وهي في المرحاض بصوت باب يغلق وجدها يحادث أحدا ما ويخبره
: حسنا لقد أخبرتني أن هناك حديث عنك وعن حفيدتي لا يصح أن يسمعه أحدا، هيا أخبرني ماذا تريد أن تقول
أقترب منه أدهم وأخبره بصوت هادئ
- أعذرني علي كلماتي في الخارج ولكن ما أريد أن أقوله ويبرر ما فعلت هو أن هناك قصة حب بيني وبين أنسة شيهانة وقبل أن تغضب أحب أن أخبرك أني أتيت مع والدي إلي هنا بحجة شراء الأكحل ولكن الحقيقة أني أردتها فرصة لأطلب منك الزواج بها
وذلك المشهد الذي حدث ورأيته سابقا هو أنها كانت تخاف من معرفتك بأمر حبنا فتقتلها ففعلت ذلك من الخوف
كان العامري يستمع إلي أدهم وهو غير قادر على التصديق، وتسأل بداخله هل حقا شيهانة تحب أدهم نصار وكانت تخاف منه أن يقتلها إن علم بذلك
فوجئ بأدهم يقترب منه ويخبره بنبرة متوسلة
- أرجوك سيد عامري لا تقف في سبيل سعادتنا أنا وشيهانة وأن توافق على زواجنا وتباركه
نظر إليه مدققا في ملامحه وأخذ يفكر بداخله
" أدهم نصار رجل أعمال لا يستهان به، هو ذراع أبيه اليمني وهو الذي يدير أعمال عائلة نصار التجارية ،و معروف بقوته وصلابته بين أعدائه كما أنه محب كبير للخيل ويحرص علي إقتناء الأصيل منها، فهو صهر لا بأس به إذا لما لا وإن كانت شيهانة متعلقة به فعلا فلن أمنع عنها السعادة، يكفيها ما حدث في صغرها وليكن مستقبلها ملئ بالسعادة والفرح
كان أدهم ينظر إلى العامري الذي كان يدقق به من حين لآخر وهنأ نفسه في داخله علي تلك القدرة العالية في تمثيل دور العاشق الموله بحفيدته وخمن أنه الآن يعدد مزايا الزواج من ابن عائلة نصار ومدير مصالحها التجارية وراهن نفسه أنه سيوافق بالتأكيد، الرهان الذي ربحه عندما أخبره العامري قائلا
- حسنا أدهم وأنا قبلت زواجك من حفيدتي شيهانة وأقترب منه معانقا إياه بفرح كبير، بينما أدهم يهنئ نفسه علي فوزه برهانه
بعد أن أنهي العناق عاود أدهم الحديث قائلا
- هناك طلبا آخر سيد عامري أريد أن أطلبه منك وأرجو منك ألا تخيب رجائي بك
نظر إليه متعجباً وتسأل قائلا
- ما هو ذالك الطلب ابني أدهم ؟!
رسم أدهم علي وجهه نظرة توسل ورجاء وأخبره بصوت هادئ
- أريد أن تعجل امر زواجنا أنا وشيهانة فأنا، أنا
أظهر أدهم أن يتردد في قول كلماته ويتلعثم فصمت قليلا ثم قال له بسرعة كبيرة
- أنا لا أطيق البعد عن شيهانة وأريدها أن تصبح زوجتي سريعا
نظر العامري إليه في هدوء وأخبره
- حسنا أدهم لك ذلك، سوف نحدد موعد الزفاف أنا وأبيك ليكون بعد شهر من الآن
قاطعه أدهم مخبرا إياه
- بل أسبوعان فقط سيد عامري، فأنا املك جناح خاص بي في منزل العائلة لا يحتاج سوي بعض الأثاث ويصبح جاهزا للسكن كما أني أريد شيهانة بحقيبة ملابسها فقط
تبسم العامري من لهفة أدهم علي زواج من حفيدته ولكن أمر الزواج لا يجوز التعجل فيه فلابد من أقتناء شيهانة أفضل جهاز عرس علي الإطلاق يليق بمكانة حفيدة العامري، كما أن الفتيات يحبون التبضع وشراء العديد من الملابس وأدوات الزينة ومدة أسبوعان لن تسمح بذلك فأخبر أدهم قائلا
- بل هو شهر كامل أدهم عليك التكيف مع ذلك الأمر ،وأنا لن أقبل أن تتزوج حفيدتي دون جهاز عرس يتحدث عنه الجميع
وسوف أترك لها فرصة لشراء ما ترغب به من ملابس وزينة
أومأ إليه أدهم متفهما وأخبره
- حسنا سيد عامري، لديك وجهة نظر محقة في ذلك الأمر ،سوف أنتظر مرور ذلك الشهر سريعا
نظر إليه العامري وسأله قائلا
- هل هناك شيء آخر أدهم ،تريد قوله ؟!!
هز رأسه نافيا وأخبره
- لا، لا يوجد شيء آخر ولكن أريد أن أنعش وجهي ببعض الماء هل لي بذلك ؟
أومأ إليه موافقا وأشار له قائلا
- المرحاض في تلك الجهة، أذهب وأنا سوف انتظرك
هز رأسه موافقا وتوجه حيث أشار وأغلق الباب خلفه حيث تقف هناك فتاة مذعورة وخائفة يخرج منها نشيج خافت وهو ينظر إليه في شماتة كبيرة ثم أقترب منها وبدأ يجفف دمعاتها بيده وأخرج هاتفه من جيب معطفه وبدأ في إلتقاط بعض اللقطات لهما سويا وبعد أن أنتهي نظر إليها في إزدراء وأخبرها بنبرة مهددة ومتوعدة قائلا لها
- إن حاولت، أو فكرت حتي في الرفض سوف أجعل جدك يرى تلك اللقطات وأنت تعلمين ماذا سوف يحدث عندما يراهم وأشار إليها بعدها بإشارة الذبح مما جعلها تعاود النحيب مرة أخرى
خرج بعدها متوجها نحو جدها الذي أشار إليه أن يتبعه حتي وصلا إلى القاعة مرة أخرى حيث ينتظرهما الجميع ،فعلمت البسمة وجه أدهم مما جعل والده يطمئن على ابنه وأعلنها العامري للجميع أدهم نصار طلب الزواج من حفيدتي وأنا قد قبلت ذلك وسوف يتم تحديد موعد الزفاف من قبل العائلتين والجميع بالطبع مدعو لحفل العام كريمة العامري سوف تزف إلي ابن عائلة نصار والعقبي للجميع
إبتسامة نصر كانت تعلو وجهه وهو يعلن الأمر للجميع بينما هي مازالت علي حالها تنتحب وتنتحب علي ما وصلت إليه من جراء أفعالها الطائشة ومازاد الأمر سوءا تلك اللقطات التي ألتقطها لهما سويا وتسألت كيف علم بوجودها في داخل المرحاض الذي كانت مختبئة بداخله ،ولم تعلم أنها قد تركت وشاحهها الزهري علي أحد المقاعد عندما دلفت إلي الغرفة وهو شاهده ووقف أمامه ثم حاول إلقائه أسفل المقعد حتي لا يراه العامري
أنتهت الجلسة بذلك النبأ السعيد وتلق أدهم التهاني من الجميع هو والعامري وأنصرف الجميع من بعدها ومن بعدهم أدهم ووالده الذي أخبر العامري أنه يرغب في رؤية شيهانة غدا فوافق له علي طلبه وأخبره أنه سوف ينتظر قدومه .
وصلا إلي المنزل بحال غير الحال وسبق صالح ابنه للمنزل وبعد دلوفه صاح هاتف في الجميع بضرورة الحضور علي الفور، فأسرع الجميع بتلبية أمره وتجمعوا حوله فوجه بعدها حديثه لزوجته وأخبرها بصوت يملأه الفرح
- مبارك لك يا أم أدهم، زواج ابنك سيكون بعد شهر من الآن
كانت زوجته تستمع إليه ببلاهة غير قادرة على الاستيعاب وأشارت إلى نفسها قائلة
- ابني أنا سوف يتزوج، متي وكيف وممن أيضاً؟!
تعالت قهقات صالح علي حديث زوجته المتلعثم وأقترب منها وأخبرها بنبرة ضاحكة
- ما بك يا إمرأة، ابنك أدهم سوف يتزوج، وممن من حفيدة اللواء العامري، وكيف كما يفعل الجميع
أقتربت منه متسألة ترغب في تصديق الأمر فعاودت سؤله
- حقا ما تقول أبا أدهم ؟!
نظر إليها بإمتعاض وأخبرها بضيق
- ما بالك يا إمرأة وهل هذا أمر يمزح فيه، ابنك أدهم سيتزوج!
كان ينطقها لها متقطعة ومؤكدة نافية جميع شكوكها مما جعلها تطلق زغرودة قوية بصوت عال وتبعتها في ذلك من تبق من نساء وفتيات العائلة وسط فرحة كبيرة بين الجميع
سبحانه من لديه القدرة في تبديل الأحوال، لقد ذهب خائفا قلقا وعاد منتصرا بزهو والجميع يحتفل معه بذلك النصر ولكن ذلك النصر له ثمن ثقيل قد دفع منه جزءا مسبقا والباقي سوف تدفعه هي اللعينة تلك، سوف يجعلها تسدد جميع ديونها منذ يوم مولدها ويأخذ بثآر كل من أذته في حياتها، سيجعلها تتمني الموت ولا تجده وأن تدفع ثمن الصفعة مرات ومرات
أقترب منه عصام مهنئا هو الآخر، لقد هاتفه أدهم وهو علي وشك الدخول إلي المزرعة وأمره بالعودة مرة أخرى وإنتظاره في المنزل حتي يعود ويشرح له كل ماحدث
الجميع فرح وسعيد بخبر زواج أدهم بينما روضة تميل إلي آلاء وتسألها بصوت خافت
- وماذا عن شهد، التي كانت زوجة عمي صالح تنوي خطبتها إلي أدهم؟! تري ماذا سوف تفعل عندما تعلم بالأمر وهي التي كانت تحط أمال كبيرة علي ذلك
رفعت آلاء كتفها وأخبرتها أنها لا تعلم
الليل قد حل في النهاية وذلك اليوم الثقيل أوشك علي الرحيل لقد كان من أسوء الأيام التي مرت على حياته هو يقسم علي ذلك بالتأكيد، بعد كل ما حدث اليوم والمنزل الذي بدأ يضج من المهنئين من جيران وأقارب وأصدقاء والآن وقد حصل لنفسه علي وقت يستطيع فيه أخذ حمام دافئ ونوم مريح لعدة ساعات مع أنه يشك في ذلك ،لقد أتفق مع والدته أنها سوف تذهب لرؤية الفتاة معه بالغد وأيضاً الفتيات أردن الذهاب فوافق علي طلبهن فأصبحن سعيدات للغاية
وبينما يفكر هو في حمام دافئ ونوم مريح كانت هي تنتفض من البرد، فبعد أن تركها وذهب لملمت ذاتها وعادت للمنزل حيث غرفتها ثم وجدت جدها يطرق باب غرفتها ويستئذن في الدخول فسمحت له وحاولت ألا تظهر ما بها من ألم فوضعت بعض المساحيق علي وجهها تخفي به آثار البكاء، جاورها جدها علي الفراش وأقترب منها واضعا رأسها علي صدره وأخبرها بنبرة عاتبة وحنونة في الوقت ذاته
- لماذا لم تخبريني بالأمر شيهانة؟!! هل ظننت أنك إن أخبرتني أنك تحبين شخص ما سوف أتعرض لك بسوء، هل ظننت جدك سوف يؤذيك حبيبتي
لم تجبه علي كلماته العاتبة فظن أن ذلك خجلا منها فعاود الحديث قائلا
- أدهم رجل جيد شيهانة، وهو شجاع أيضاً لقد أخبرني كل شيء عنكما وعن خوفك من معرفتي بأمركما ،لذلك واجهني بالأمر أمام الجميع وأفصح عن عشقه لك ، وأعلمي شيهانة أن الرجال يخجلون من التصريح بالعشق ،والرجل الذي يصرح بعشقه لابد وأنه شجاع جدا وأدهم يتحلي بالشجاعة التي تجعلك تطمئنين وأنت بالقرب منه وأنا أيضاً سوف أشعر بالراحة بوجودك معه
كانت تستمع لحديث جدها وتحاول ألا تبدأ في البكاء،كانت تريد سؤله " عن أي عشق تتحدث جدي ،ومن الذي يعشق وتطمئن بوجودي معه ،عن أدهم الذي إذا أستطاع أن يقتلني فلن يتردد لحظة واحدة، أدهم الذي توعد لي بالعذاب وأنه سوف يأخذ ثآره مني لا محالة ،مسكين أنت يا جدي مسكين
وجدها لا تجيب علي سؤاله فأبعدها عن حضنه ونظر إليها فوجدها شاردة فقهقه بصوت عال وأخبرها
- أنا أحدثك وأنت شاردة في عالم آخر، لابد وأنك تفكرين في ثوب الزفاف أعلم أن الفتيات يهتمن بذلك الأمر بشدة ولكن أطمئني حبيبتي سوف أعطيك بطاقة مصرفية أخري تستطيعين بها شراء ما تريدينه من أشياء ويمكنك إصطحاب صديقاتك نيهاد وهايا بالتأكيد
صمت قليلا ثم عاود الحديث قائلا
- أنا الآن سوف أخبر والدتك جمان وعمك عن ذلك النبأ المفرح والذي سوف يجعلهم يأتونك ركضا بالتأكيد
وتركها راحلا ليجري تلك المكالمة الهاتفية علي الفور
هل عليها أن تعش في ذلك العذاب كثيراً وأن تتقن دور المحبة السعيدة لمدة طويلة؟! اليوم جاء بصحبة نساء عائلته وتعرفت علي والدته التي حالها كحال كل سيدة مصرية فرحة بخطبة ابنها وأقتراب زفافه كانت تتفحصها وتدقق النظر في ملامح وجهها وفي معالم جسدها أيضاً ولم تترك قطعة واحدة بدون أن تتفحصها بمنظارها الأنثوي، وعندما نالت الرضا والإستحسان أقتربت منها وعانقتها دليلا على إجتياز الإختبار
بينما والدتها لم تتبادل معها سوي كلمتان فقط هما
- مبارك شيهانة
أما هي فأكتفت بالإماءة لها مع تعجب أدهم من علاقة تلك الفتاة بأمها، لقد شعر بوجود شئ خاطئ في تلك العلاقة فهي تجلس بعيدا جدا عن والدتها وعندما جاءت والدتها لتجلس بجانبها عند تناول الطعام تحججت بجلب شئ ما من غرفة الطهي مما جعل والدتها تشعر بالحرج والإحباط ولما عادت مرة أخرى جلست بجوار شقيقته حلا التي ابتسمت لها في ود شديد
بعد الانتهاء من تناول الطعام وذهاب الجميع لتناول المشروبات الباردة، فاجأت والدة أدهم شيهانة بإخراج علبة حمراء اللون بها خاتمين للخطبة وطلبت من أدهم أن يلبسها إياه ولكنه طلب منها أن تقوم هي بذلك بدلا منه لأنها لم تصبح زوجته بعد فأبتسم الجميع علي حرص أدهم وخوفه عليها بينما تناول هو المحبس وألبسه لنفسه مع تعالي صوت الزغاريد من النساء
أنتهي اللقاء مع وعدا بتكراره مرة أخرى، ورحل أدهم بصحبة عائلته الذين كانوا في حالة من الفرح الشديد
وبعد رحيل آخر فرد منهم كانت والدتها تريد بدء الحديث معها ولكنها لم تنتظر لدقيقة واحدة وتركتها راحلة إلى غرفتها
الأيام تمر سريعا وهو شغل بأمر تجهيز الجناح الخاص به وأختيار الأساس وشرائه، أستغرق الأمر منه أسبوعان حتي ينتهي منه، هذا وكان قد أتفق والده مع السيد العامري علي تقديم موعد عقد القرآن قبل الزفاف وأن ذلك من أجل أن تكون ترتيبات الزفاف سهلة علي الجميع
بحلة زرقاء داكنة وقع أدهم إمضائه علي وثيقة زواجه من شيهانة التي كانت ترتدي ثوب بلون الكشمير ووشاح ملائم وسط تجمع أفراد العائلتين وأصدقاء العروس
وقد تم إلتقاط بعض الصور للعروسين أثناء التوقيع على وثيقة الزواج وسط سعادة الجميع للعروسين ،سعادة لم يشعر بها أي منهما
نهاية الفصل