الفصل الثانى

أنتفضت من مجلسها، برعب واضح على قسمات وجهها، تصرخ بأعلى صوتٍ لها من شدة صدمتها، و وقفت فوق الفراش، تضع يدها على قلبها، و تنظر أمامها بصدمة، إتسعت حدقتيها على وسعيهما، عندما وجدت صديقتها هناء تقف أمامها، و تضع يدها على بطنها، و تجلس على ركبها أرضاً، و تضحك بشده عند رؤية هيئة صديقتها المذعورة.

هناء بضحك هستيري: يخربيتك هو فى كدا!، دا أنتِ شكلك كان مسخرة، و أنتِ بتنطِ من على السرير يالهويييي.

عهود بغضب، و غيظ منها، هبطت من فوق الفراش، و وضعت يدها فى خصرها: أنتِ غبية يابت أنتِ دا أنا شوية وقلبى كان هيقف؟!

أقتربت منها هناء، و تحدثت بمرح: سلامة قلبك، ياقلب حازم، و غمزت لها بمرح، و ضَحِكَتْ على خجل صديقتها من مجرد مزحها معها.

عهود إبتسمت بخجل رغما عنها، على حديث صديقتها، التى لم تكُف عن المرح أبداً، مهما كانت حالتها.

ضربت هناء بيدها على جبتها، و كأنها تذكرت أمر ما،و فجاءة! زغردت بصوت مرتفع: لولولولولولوييي عندنا
عروسة قمر ياولاد.

أنتفضت عهود من مكانها بفزع، عندما سمعت صريخ صديقتها، نظرت لها بغضب، ثوانى و بقيت تركض خلفها بغيظ من تصرفاتها الطفولية: ياهناء الك*لب، و ﷲ ما أنا سيباكِ النهاردة.

هناء بمرح أثناء ركضها، و ضحك: خلاص بقا يابت، ميبقاش قلبك إسود، خلاص نفسى هيتقطع.

جلست عهود بتعب على طرف الفراش، و وضعت يدها على قلبها لكى تُهَداء من نبضاتة، و كانت تضرب كف بكف بتعجب من جنان صديقتها: ﷲ يخربيتك ياهناء، كنتِ هتوقفيلى قلبى، ربنا يسامحك بجد.

هناء بمرح، لأنها تعلم برفض صديقتها للزواج، و تريد إخراجها من ذالك الوضع المأساوى، بالنسبة لها: ما هو محدش قدك بقا، عروسة، و هتلبسي فستان، و مفيش حد قدك، و أمسكت خُدُودِها بين يديها لتحركها يميناً و يساراً، و تحدثت بمرح، قمر ياخواتى قمر.

عهود بإبتسامه سخرية مريرة: آه قمر أوي!، لدرجة مفيش حد عايزني في حياتة، أبويا بيكرهني حتي أمي رَمتني، و مسالتش فيا، عمرك شوفتى قمر زى كدا؟! لا و كمان ‏هيجوزوني إجباري، لواحد الله أعلم هيعمل فيا اية، بعد اللي حصله بسببي.

جلست ‏هناء بجانبها، و هى تشعر بحزن على حال رفيقتها، و جذبتها لأحضانها، و ظلت تربَّت على ظهرها بحنان، و تطمأنها بكلماتها المعسولة: حببتي أهدى، و كل حاجة هتبقي تمام، بس أنتِ خلي عندك إيمان فى ربنا، أنا عارفة إن اللي بيحصل دا غصب عنك، بس حازم شكله بيحبك، و كمان أنا متأكدة إنك هتقدرى تغيرية، أسمعيني و مش هتندمي، و أهو ناره ولا جنة مرات أبوكِ العقربة دى.

شهقت عهود من كلام صديقتها، على زوجة أبيها القاسية برعب واضح على قسمات وجهها، و وضعت يدها على فمها تكتم باقى حديثها: بس ﷲ يخربيتك لتسمعنا، و تيجى تطين عيشتي النهاردة.

‏هناء بمرح، لتخفيف عن صديقتها: تطين عيشة مين يا ماما، دا أنا أخلي زومي يعمل منها بطاطس محمرة، الولية العقربة دي.

ضحكت عهود على حديث صديقتها، ولا انكر أنها تشعر ببعض الراحة تجاه، وأيضا تشغر بالخوف و القلق منه، توجهت إلى خزانة ملابسها، و أخرجت منها ثياباً مناسبة لعقد قرانها: طب ياختي، أنتِ مش جاية علشان تساعديني، اية رايك بقا في الفستان دا.

‏هناء بغزل: يابنتي أنتِ مش شايفة نفسك ولا اية، دا أنتِ تقولى للقمر قوم وأنا أقعد مكانك، يعنى اى حاجة بتبقي قمر عليكي و، قاطع حديثهم دخول سجود الأخت الصغرى لعهود من الآب.

‏هناء بضحك محبب لهم: أهي هادمة اللذات، و مفرقة الجماعات جت أهي.

‏سجود بمرح، و تفاجاء! مصطنع، و ضربت بيدها على صدرها بدراما: يلهويي على القمر اللي على العصر دا يناس!

‏عهود بضحك، و غرور مزيف: يابنتي أنا قمر في كل حلاتي أصلًاً، و أكملت بخوف، و شرود،

عهود بخوف: بس خايفة مش عارفه اللي أسمه حازم دا مصمم يتجوزني لية، و فى نفس الوقت، بحس براحة و أنا فى قربة.

‏سجود بمرح، للتخفيف عن صديقتها، و أختها: هو اية اللي مصمم يتجوزك لية! أنتِ مش شايفة نفسك ياولية؟! دا أنا لو راجل والله منا سيبك، علشان الضحكة القمر، و الغمزات اللي تجنن دي، ولا العيون اللى تسحر دى، إلا صحيح هما لونهم اية؟!

‏عهود بضحك: مش عارفة بيقولوا زيتوني، أو سماوي مش عارفة، أنتِ اية رايك ؟!

‏هناء بمرحها المعتاد، أمسكت خُدُود عهود، و بقيت تحركهم بحركات بطيئة، لمداعباتها: يخلاثي على القمر ياناس، و عيونه الملونة، و تركتها وعقدت ذراعية أمام صدرها، بس لا بقلكم اية إحنا عايزين نخلص، أصل بصراحة هموت، و أشوف المز بتاعك دا أوي.

‏سجود بمرح، و أقتربت من عهود، و قامت بمداعباتها، و محاولة دغدغتها، كمن يُداعب طفلاً صغيراً: بس أكيد مش هيكون أجمد من المزه بتاعتنا، ياختي بطة بتتكسف.

‏عهود بضحك، و هى تحاول الفرار منهم، و تضع يدها
فوق بطنها فراراً من دغدغتهم لها: بس بقا كفاية هفطس من الضحك، و بعدين أنتِ و هى شكلكم جاين تلعبوا صح؟، لا يا بابا أنتِ و هي برة كدا، بدل ما مرات أبويا تيجي تطلعه على دماغي أنا في الآخر، و أنا أصلا مرعوبة من الجوازة دي فا متجوش تكملوا عليا.

‏هناء بجدية، وأداَّرَت جسد عهود لتبقى فى مواجهتها، وأمسكت خدودها بين يديها: ياروحي متخفيش، و بعدين متنسيش إحنا جمبك، و إنسِ موضوع المصنع دا، كل اللي حصل كان غصب عنك، متفكريش فية كتير.

سجود بضحك للتخفيف من حدة الموقف: هي بتفكر غير فيه يابنتي، البت عهود دي بتمثل علينا، و تلاقيها واقعة فيه أصلاً من يوم حادثة المصنع، و بعدين أنتِ لسة قاعدة، يلا قوميي ورانا تجهيزات للرُكَب.

‏هناء نظرت لسجود بإستغراب، و وضعت يدها على وجنتيها، كعلامة عن التفكير: بت ياسجود! أنتِ ازاي بنت الولية العقربة اللي برة دي؟! ولا أخواتك! حربيات مشاء اﷲ نهي وميساء، الأتنين نسخة طبق الأصل من أمك، ﷲ أكبر.

سجود بضحك، لأنها تعلم صدق حديثها، وأن والدتها تمقُت عهود كثيراً، و لا تتمنى لها الخير أبداً: لأحظ إن كلامك جارح ياعم عبدة دي أمي برضو، و دول إخواتي.

هنا بجدية: مقصدش والله، بس فعلاً حاجة تحير!

عهود بدراما: طب أستأذن أنا بقا، شكل حضراتكم مش فاضين النهاردة.

‏هناء، و سجود: ودي تيجي برضوا ياعم عبدة عيب أقعد شوية دا أنت منورنا.

‏عهود بزعيق: قومييي يا بلوة منك ليها، خلينا نخلص.

‏هناء وسجود ركضوا للخارج، ليقوموا بالترتيبات، و التجهيزات اللأزمة لإستقبال الضيوف: حاضر و النبي ما أنتِ قالبه أحنا ماشين أهو.


‏بمكان آخر، و هو فيلا الشافعى
كان يتحدث مع الحارس الخاص بة، فى البهو الخاص
ب الفيلا، و يملى علية بعض الأوامر، تقدم الحارس منة، و تحدث بإحترام.
الحارس: كله تمام ياحازم باشا، رتبنا كل الأمور زي ما حضرتك طلبت.

‏حازم بصرامتة المعهودة: مش عايز غلطة واحدة مفهوم، عايز كتب الكتاب النهاردة من غير ولا غلطة، يعني كل اللي خططلة حمزة باشا لليوم دا لو كمل هقتلك مفهوم.

‏ أماء له الحارس بإحترام، حيث كان يقف أمامة، و يضع
عَينةِ أرضاً إحتراماً له، و تحدث: أنا خدامك ياحازم باشا، و كل أوامرك هتتنفذ، حمزة باشا مش هيطلع النهاردة من القصر.

‏حازم بصرامة: تمام يلاا رُوح أنت دلوقتى.
إنصرف الحارس من أمامه، و بقى حازم ينظر فى أثره بشرود، و يحدث نفسة.

حازم لنفسة: الأنتقام دا يخصني أنا وبس، و أنا اللي هنتقم على طريقتي الخاصة، قطع حديثة لنفسة أخته الصغرى وسام، التى أتت من الداخل مهرولة له منذ أن رأت الحارس، و هو يغادر، فهى كانت تقف فى شُرفة غُرفتها تنتظر إنصرافة.

‏وسام بصوت مرتفع، أفزع حازم: حااااااااازم
‏حازم بخضة، وضع يده على أُذنية: اية ياماما في اية؟ ودني دي! عايزة اية يا أخرة صبرى؟

‏وسام بضحك: معلش بقا ياعريس، جيت أباركلك، وذغردت بفرحة، و هى لاتتقنها.

‏حازم بضحك، و مرح غير معهودان علية، و لا يظهران سوى أمام أخته، و جدة: لا ياروحي أنتِ كدا بتصوتي مش بتزغردي.

‏وسام بضيق، و تذمر، و قد بدأت تدبدب بأهدابها أرضاً: أوف بقا، و لا مرة فتحت نفسي كدهون، مش لاعب هة.

تركته يحدق بها بتعجب من حديثها الغريب! وماذا تعنى تلك الكلمات التى تفوهت بها!، و غادرت.

‏حازم بتعجب، و هو يضرب كفاً بالأخر: كدهون!، و مش
لاعب! يخربيتك ياسيف، جننت البت أكتر ماهي مجنونة، يا حول ﷲ يارب.

‏وسام بصوت مرتفع من الداخل، و لم تلاَّحظ أنه يقف خلفها: حااازم حااازم، وصرخت بصدمة عندما رأتة خلفها: عااااا.!

وجدته يمسكها من رأسها ‏، واضعاً رأسها تحت ذراعه، وكمم فمها بيدية: هش هش يخربيتك هتلمي علينا الناس، اية بلاعة إنفجرت!

‏وسام دفعته بعيدأ عنها، و تراجعت للخلف بضع خطوات لتستطيع إلتقاط أنفاسها: ما أنت اللي خضيتني ياعم، عمالة أنادي مش بترد أعملك اية يعنى مزعقش؟!

‏حازم بذهول من طريقة حديثها، و اللهجة التى تتحدث بها: عم! و تعمليلي اية،! طب أتنيلي قولي عايزة اية؟

‏وسام بدلع، و برائة مزيفة، و حاوطت عنقة بذراعيها: بصراحة كدا يازومي ياجميل أنت، كنت عايزة فلوس أجيب فستان جديد علشان كتب الكتاب.

‏حازم بغيظ من تصرفاتها الطفولية: ماشي ياختي
تعالي نشوف جدو الأول.

‏وسام بمرح، ركضت لمعانقة جدها، و كأنها لم تراه منذ زمن بعيد: جدو حبيبي، و حشتني من خمس دقايق والله.

‏حمزة بضحك: يبكاشة أنتِ.

حول الجد نظره، من النظر على تلك المشاكسة الصغيرة، إلى حازم الواقف أمامة ينتظر ماذا سيقول.

‏حازم بجدية أقترب من الجد، و قبل يدية بإحترام، و استأذن منه بأن يذهب لشركتة؛ لإنهاء بعض الأعمال الهامة بها، و بعدها يعود ليأخذهم لحضور عقد قرانه.

حازم: طب أنا هطلع أجهز علشان أروح الشركة، و هطلع من هناك على كتب الكتاب.

‏وسام كانت تقف فى زهول من ما سمعته من أخيها!، و فتحت فمها بطريقة مضحكة للغاية، حتى كاد يصل الأرض، تداركت نفسها، و تحدثت بصدمة ممزوجه بزهول: أنت هتروح الشركة يوم فرحك! اية دا! و حياة ربنا أنا لو العروسة، و عرفت إنك روحّت الشغل يوم فرحي، لأعلقك من رجلك، و أخليك شبة الكتكوت المبلول.

وعندما رأت نظراته الغاضبة المصوبة بإتجاهها، أخرجت له لسانها، و ركضت كالأطفال لغرفتها.

‏حازم بغيظ كان يضرب كفاً بالآخر، من تصرفاتها الطفولية، التى ستقودة إلى الجنون يوماً ما: البت أتجننت على الآخر، أنا ماشي بدل ما أتجنن انا كمان منها.

خرج، و أستقل سيارتة مُتجهاً إلى شركة من إحدى شركات إمبراطورية الشافعى، و تعتبر المقر الرئيسى لهم، وصل حازم، و دلف للشركة، كان يسير بخطوات متزنه تملؤها الهيبة و الوقار، و توجهة إلى مكتبة، عند دلوفة وجد صديقة زين يحتل واجهة المكتب، كان يبدو منهمكاً فى مراجعة بعض الاوراق، عندما رأه زين الجالس على مكتبة، نهض من مجلسة، و تحدث بستغراب لرؤيتة.!

زين بإستغراب: اية دا يابني اية اللي جابك أنت مش عريس، و النهاردة كتب كتابك؟!

تحدث حازم بجدية لا تقبل النقاش، و جلس على مقعدة، و تجاهل حديث زين عن مجيئة للشركة فى هذا اليوم.

حازم بجدية: عملت اية في ملف شركة إم جى للصناعات؟

‏إستغرب زين جَديتة فى الحديث كثيراً!، و أجاب على سؤالة: خِلص، و هيتسلم بكرة، بس برضو مفهمتش اية اللى جابك؟!

‏حازم بنبرة صارمة لا تحمل النقاش، و غضب: دا شئ ميخصكش يازين، و يُفَضل تخليك فى شغلك و بس مفهوم، و فجاءة! وجد من يدفع الباب بطريقة همجية، ما كان ذاك الشخص سوى صديق حازم الآخر سيف.

‏سيف و هو يلوح بيديه بطريقة تناسب رقصتة، و يغنى
بمرح حتى تفاجأ بوجود حازم.

سيف، و هو يغنى: فوزية مسفرة، و عامل حفلة بس حازم جالك على غفلة يفضحتييي اية دا! زومي اية اللي جابك؟!

‏حازم، و قد تحكم بهِ غضبه، و ضرب المكتب بيدية بعصبية مفرطة: أنت يلا ماشي كدا لية، ما تحترم نفسك، أحنا فى شركة محترمة.
‏سيف بنعومة، و صوت أنثوى: اية يازومة ياحبيبي مالك متعصب لية؟!

‏لم يستطيع حازم، منع نفسه من الضحك على نبرة صديقة المضحكة: هو اللي يشوف أشكالك دي يفرح، دا المفروض ينتحر، مش يتعصب و بس، ثم تحدث بجدية.

حازم بجدية: ‏عملت اية في الطلبيات المطلوبة؟ و الصفقة الآخيرة أخبارها أية؟

حمحم ‏سيف، و تحدث بجدية:أحم سلمت كل طلبيات السيراميك بس لسة شركة SD، و بفكر نلغي العقد بتاعهم؛ لأن لو أكتملت الصفقة دى الشروط اللى فى العقد مش لصالحنا أبداً.

‏نهض حازم من جلستة، و بدأ فى جمع أشيائة؛ لأنه يعلم أن أصدقائة سيتكلفون بأمر الشركة: تمام يصاحبي هروح أنا بقا علشان الوقت أتاخر، يلا سلام.

‏زين، و سيف معًا: تروح فين ياعم، إحنا رجلنا على رجلك.

سيف وضع يده بذراع حازم(أنكجة) من يد، و زين من اليد الأخرى ، و ذهبوا لمنزل والد عهود ، و سط مرح سيف القريب من القلوب، و صوت ضحكاتهم الذى يدوى فرحاً لجمعتهم معا، إستقل حازم سيارتة أولاً، و ذهب لفيلا الشافعى لجلب أخته الصغرى وسام، و بعدها توجه إلى منزل والد عهود، زين و سيف، إستقل كلاً منهما سيارتة، و تبعوا حازم، و صل حازم فيلا الشافعى، وجد أخته بإنتظارة، ولم يجد جدة، و عندما سأل علية علم أنة خلد للنوم كما أمر حارسة، إستقل سيارتة مرة أخرى، و أخته بجانبة، و أنطلق الى منزل والد عهود، و خلفه أصدقائة.


‏في منزل والد عهود
وصل حازم بصحبة أختة وسام، و أصدقاءة سيف و زين، أستقبلهم محمود بترحيب شديد.

‏محمود بترحيب: أهلا يابني نورتنا أتفضل، أتفضلوا يجماعة كلكم أهلاً وسهلاً، و نظر لسيف بإبتسامة، و وجه حديثة له.

محمود بحب: إتفضل يابنى نورتنا
سيف بإبتسامة: دا نورك ياعمى.

تحدثت وسام بلهفة، و كانت تفعل بيدها حركات طفولية من يراها بتلك التصرفات يقسم بأنها ابنه العشرة أعوام وليس الرابعة والعشرون عاماً.

وسام: عمو، با ﷲ قولى فين العروسة؟ نفسي أشوفها أوي؟

‏ضحك محمود على عفوية و برأئة تلك الفتاه: تعالي يابنتى هتلاقيها هنا، وأشار بيده على غرفة أمامه مباشرةً، صفقت ‏وسام بيدها كالاطفال، و ركضت بإتجاه الغرفة التى أشار عليها محمود.

وسام بفرحة: الله عليك ياعمو يجامد، شكراً.

ذهبت وسام إلى الغرفة، و دقت الباب، ولم يمر سوى بضع ثوانى و سمعت صوتاً من الداخل، لم تنتظر كثيراً، و فتحت الباب.
‏سجود: ثواني يابابا، و هنخلص أهو.
عندما سمعت وسام ذالك الصوت فتحت الباب، و مدت رأسها بطريقة كوميدية: متمشيش وسام يعني!

‏هناء بإبتسامة: تعالي ياقمر إزيك أنتِ تبع العريس صح؟

‏وسام بمرح، وقد و ضعت يدها على كتف سجود، و تتحدث معها، و كأنها تعرفها منذ سنوات، و ليس منذ بضع دقائق: لا أنا من دلوقتي تبع العروسة، بس هي فين بقا، علشان هموت و أشوفها؟

‏سجود بإبتسامة، و مرح إعتادت علية: شكلك لقطة، و دمك خفيف، متقلقيش العروسة جاية حالاً، و هتبهرنا بجمالها.

خرجت عهود بعدما إنتهت من تجهيز نفسها، حيث كانت ترتدى فستان أبيض بسيط، فوقة خِمار أبيض فكانت جميلة حقاً، رغم أنها لم تضع أى من مستحضرات التجميل، و رغم ذالك كانت تبدو كا أميرة هاربة من أحدى الأساطير.

‏وسام بنبهار! من تلك الحورية التى تقف أمامها، يزين رأسها الخِمار: واو أول مرة أشوف عروسة سادة، قصدي مش ملونة، يووه قصدي قمر كدا، و على طبيعتها، أقتربت منها، و أخدت تبحلق فى عيونها بإنبهار واضح! لم تستطيع إخفائه، و تسألت بإستغراب: هى عيونك دى ولا لينسز؟!

وضعت سجود يدها على كتف وسام، و تحدثت بمرح: يابنتى بنتنا قمر فى كل حالاتها، و كل حاجه فيها ربانى.

‏عهود بخجل: حببتى تسلميلى أنتِ اللى عيونك حلوة.

‏وسام بمرح، و طريقة كوميدية، و ضعت يدها على صدرها، و أنحنت أمام عهود بطريقة كوميدية، كتحية لها: أعرفك بقا ياستى أنا وسام أخت هولاكو اللى برة، أقصد حازم.

‏عهود بقلق: هولاكو! ربنا يطمنك ياارب.

‏وسام نظرت لهيئتها بحرج، لأنها ليست محجبة، فاكانوا ثلاثتهم مختمرين، و أيضا لأحظت أن الجميع بالخارج يرتدى الحجاب، و وضعت يدها على شعرها بخجل، و نظرت لهم بحرج.

وسام بحرج: هو أنا ينفع البس زيكم كدا؟ بصراحة شكلكم حلو أوي، نفسي أجرب الحجاب، ينفع صح؟

‏سجود بطيبة، و مرح: بس كدا أنتِ تؤمرِ ياقمر، تعالي معايا، ذهبت معها وسام لمكان آخر داخل الغرفة، ولم يكّْن سوى غرفة صغيرة بالداخل، و كانت تلك الغرفة الخاصة بسجود، أخرجت لها ثيابا فضفاضة غير التى كانت ترتديهم، و أخرجت لها خِمار مناسبا لتلك الثياب، أرتدت وسام فستان بالون البنفسجى المنقوش بنقوش بيضاء، وأرتدت علية خِمار بالون الأبيض، فكانت حقاً جميلة ببشرتها البيضاء، و عيونها التى تشبه القهوة كانت جميلة بكل ما تحملة الكلمة من معنى.

‏وسام بدأت تنظر لنفسها أمام المراءة، بإنبهار! بهيئتها الجديدة، و دموعها بدأت تتسارع على وجنتيها: إحنا فعلاً من غير الحجاب حلوين جداً، لكن بالحجاب أجمل، و كمان مميزين، الحمدلله على النعمة التى أنعمت علينا بها يا ﷲ، و هى نعمة الأسلأم.

‏عهود بطيبة، و فرحة لفرحتها أيضا: ربنا يثبتك حببتي.

‏ وسام بفرحة، و حماس لرؤية أخيها، و ترى رد فعله، عندما يراها: طب يلا بقا علشان حبيتة إن شاء ﷲ مش هقلعة أبداً، يلا نطلع بقا علشان حازم يشوفة، دا هيفرح أوى لما يشوفنى، خرجوا مع بعضهم حيث كان يزينهم حجابهم، ويزيدهم جمالا فوق جمالهم الطبيعى الآخاذ.


في الخارج
كان يجلس حازم بجانب المأذؤن، و على الجانب الآخر، كان يجلس محمود والد عهود، لعقد القران.
محمود: أتفضل أكتب ياشيخنا.
‏ ‏المأذون إستجاب له على الفور: بسم آلله نبدا، و بدأ بعقد القران، و أنتهي بجملته الشهيرة،‏ ‏"بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير"

عند سماع تلك الجمله، بدأ الحاضرين بتهنئة محمود والد العروس، و حازم أيضا، و أنطلقت الزغاريد و بعدها، ذهب محمد ليستدعى إبنته، وجدها تخرج بصحبة أصدقائها، لمعت عينية بدموع فَرِحة لرؤيتها عروس.

‏ ‏محمود بفرحة ممزوجة ببعض القلق: تعالي يعروسة أمضي، أقتربت عهود من والدها، و هى تلاحظ نظرات حازم المسلطة عليها، ولم تفهم لما كل ذاك الغضب، و التوعد، و أيضاً الغموض، و نظرة أخرى تعجبت لأمرها، و هى العتاب!

‏ ‏عهود بخوف من نظرات حازم المسلطة عليها، و حيرة أيضا من نظرة العتاب تلك التى ترأها فى عينية، و دعت ربها فى نفسها، و أقتربت من المأذون، و مضت على عقد زواجها، أو بمعنى أخر عزيزى القارئ، عقد دمارها، و بعدها غادر المأذؤن و بعض المعازيم، و لم يتبقى سوي حازم و أصدقائة.

نهض حازم من مجلسة، و أقترب من عهود، و جذبها لأحضانه، و كأنه ينتظر ذالك الشئ منذ زمن بعيد فى تلك اللحظة، و كأنه نسى شعور الأنتقام، وحل محلة شعور لم يكن بحسبانه، شعور لم يتذوقة من قبل،. كانت عهود تشعر بدفئ بين أحضانه؛ قاطع ذالك الشعور، همس حازم داخل أُذُنَيِها بكلمات جعلتها ترتعد خوفا من القادم.
‏ ‏حازم بهمس، و هو يشدد على أحضانها، ليثبت لنفسه أنها لا تؤثر به: مبروك عليكِ جحيمى ياقطة.

‏ ‏جذبت وسام حازم من معطف بدلتة: وسع كدا ياخ خليني أحضُن البنية.

‏ ‏صُدم حازم من هيئتها! التى يراها بها، و لأول مرة: اية دا أنتِ مين.

‏وسام بخجل: اية مش حلو!

‏حازم بإنبهار! و بلحظة كانت بين ذراعية، و يمسد على شعرها برفق: أنتِ حلوة أوي بسم الله ماشاء الله، حببتي ربنا يثبتك يارب.

‏ ‏وسام بفرحة، و أبتعدت عنة و تحدثت بحماس : حلو اوى صح.

‏ ‏حازم بإبتسامة: قمر ياروحي.

‏ ‏وسام بفرحة: عهود اللي لبستهولي.

‏ ‏حازم بنظرات غامضة لعهود: ربنا يثبتك حبيبتي.

‏ ‏حازم بإحترام، وجهة حديثة لمحمود: عمي بعد إذنك إحنا لازم نمشي دلوقتي.

‏ ‏محمود بقلق: ما لسة بدري يابني، خليكوا شوية كمان.

‏ ‏حازم بإحترام: معلش ياعمي، و بعدين عهود تعبت دلوقتي، و عايزة ترتاح.

‏ ‏محمود بفرح، لشعورة بخوف حازم على إبنتة: ربنا يخليكم لبعض يابني، و ضم إبنتة لأحضانه، و لأول مرة عهود تشعر بذالك الشعور الذي إفتقدتة لسنوات عديدة، و هو حنان والدها، و شعور الدفئ بين أحضانه.

‏عهود ببكاء: بابا.

‏محمود بدموع، و هو يشدد على أحضان إبنتة: عايزك تعرفي إنك بنتي البكري، و إني محبتش قدك، سامحيني يابنتي كنت بقسي عليكِ من خوفي تبقي زيها، بس، قاطعته عهود ببكاء.

‏عهود ببكاء: أنا مسمحاك يابابا، أنا بحبك أوي، كان نفسى أحضنك من زمان .

‏محمود بدموع قبل وجنتيها: خلي بالك من نفسك، و جوزك ياحببتى.

‏حازم كان يتأكل من الداخل من شدة غيرتة، قبض على يدية حتى برزت عروقة، و تحدث و هو يجز على أسنانة بغضب يحاول أخفاؤه: مش يلا بقا هتفضلوا فى حضن بعض كتير؟!

‏محمود بضحك على غيرتة الملحوظة: دي بنتي يابنى هتغير عليها منى.

‏حازم بغيظ، من تساهله بأمر غيرتة: ودي مراتي ياعم، أنا عايز أمشي يلا، أمسك بيدها، و خطى أول خطواتة للخارج، كانت عهود تبدو، و كأنها تخطى أول خطواتها داخل مقبرتها.

‏عهود بدموع: مع السلامة يابابا.

إقتربت منها هناء، و عانقتها بحب: بتعيطي لية دلوقتى! و ﷲ أعيط أنا كمان.

ضمتهم سجود، و تحدتث بحنان: متعيطيش ياروحي هنكون جمبك دايما، فى اى وقت هتلاقينا جمبك.

‏عهود نظرت لهم بدموع ممزوجة بفرحة، و نظرة إمتنان على وجودهم بجانبها: هتوحشوني أوي مع السلامة.

غادرت عهود، و تركت منزل والدها، كانت تخطى أولى خطواتها ألى لجحيم كما أطلق عليه حازم، إستقل سيارتة وعهود بجانبه، و طلب من سيف صديقة، الذى لم يحرك بصرة عند رؤية سجود، و عينية تلمع بالدموع لرؤية دموعها، و كان يتمنى لو يرتمى بأحضانها، و يمسح لها تلك الدموع التى تذرفها، طلب منه حازم إيصال أختة إلى الفيلا، وافق على الفور، و انطلقوا كلاً منهم إلى وجهتة.

بعد مرور نصف ساعة، وصل حازم إلى مبنى أشبة بالبرج، و هبط من سيارتة، و توجه إلى عهود، و فتح لها باب السيارة، و تحدث ببرود.
‏ ‏
حازم بتكبر، و برود: إنزلِ ياعروسة، و لا عجبتك العربية إللى عمرك مركبتي زيها، و لا ايه؟

عهود بدموع، و قد شعرت ب الأهانة من حديثة: أرجوك يا حازم كفاية لحد كدا، أنت لأزم تعرف الحقيقة وإن أنا مش...
‏‏يتبع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي