الفصل الخامس

في الأيام التالية علمت سينتيا جيدا أن وليام ليس بالرجل السهل الوصول إليه وكان هذا بحد ذاته تحدي لها، كان يعاملها بلطف كبير ولم يتعدى حدوده معها ويخبرها دائما أنها جميلة جدا، كان لديه صديقة جميلة للغاية تدعى روبينا، الفتاة من أصول هندية عربية، كانت خلابة وجمالها نادر، غريبة الطباع فهي مدللة وبنفس الوقت قوية الشخصية وذات صوت مسموع، لا تسمح لأحد بأن يتعدى حدوده معها، ومحترمة جدا ومحافظة وذات أخلاق عنيفة النقاء، وليست متصنعة وقريبة جدا من العائلة والجميع يحبها خصوصا باري، كانت ترى نظرة الإعجاب القوية بصديقته وكم هو فخور بها وهذا كان يجعلها تكرهها أكثر ولا تحبها لكنها مجبورة في التعامل معها.
كان حديث وليام كلها روبينا جائت، روبينا ذهبت، وقالت واكلت وشربت وفعلت، يتحدث عنها أو معها أو ذاهب معها لمكان ، شعرت أنها مهملة بالرغم من جمالها لم يسحره هذا أبدا، يتحدث معها ولكن ليس بالقدر الذي تريد، فجميع ضحاياها لا يأخذ أحد منها سوى يومين ويقع بشباكها أما هذا، وأخ من هذا، شتان بينه وبين أقرانه، هي تريده وبشدة وتقسم أنها تغار عليه، منذ أسبوعين وهو قد جنن أفكارها  و لا تعلم تجد نفسها تتخيله  يبتسم،  يضحك، يأكل ويشرب، تراه بعينيها حتى في الاحلام، لقد اقتحم دفاعاتها كلها وسوف تنتشله من هذه الأسرة وتنزعه منهم  فهو الآن صار هدفها قبل الثروة التي لن تتركهم يتهنون بها وحدهم.
لكن اول عقبة بطريقها هي هذه الروبينا الغبية، سوف تتخلص منها أولا والبقية أمرهم هين، أما وليام كان يرى أن سينتيا جميلة جدا ولكنها فارغة ليست مثل روبينا، صديقته المحببة، بسيطة وطيبة القلب والثراء لم يفسدها مثل بقية الفتيات من الطبقة المخملية، لطيفة مع الجميع وجميلة الملامح الهندية العربية، جميلة جدا من الداخل والخارج حتى أنه معجب بها جدا، لاحظ نظرت التعالي على الخدم من سينتيا، وأيضا من خلال حديثها وفخرها بعائلتها الارستقراطية علم أنها متكبرة مع أنها تحاول أن تظهر بوجه غير هذا، يعلم النساء جيدا فقد تربى وسطهن و عاشرهن منذ نعومة أظفاره وأيضا هو رجل يحب النساء فكل يوم مع إمرأة جديدة لذا يعلم الكاذبة من الصادقة، المتصنعة من الحقيقية النقية، المرأة الوحيدة الاي يحترمها بعد نساء عائلته هي روبينا ، لأنها صادقة و الذي على قلبها في طرف لسانها، واضحة جدا ولا تحب اللف والدوران وهذا ما يعجبه بها، أما سينتيا لن يكذب جاذبيتها و جمالها فتاكين ولكن فقط للرجال الضعفاء  وأيضا معدنها ظاهر من التملق الذي بها، ليست صادقة مثل روبينا ولا يوجد مقارنة بينهما وليست صالحة للمعاشرة، ربما حديث أو دعوة لكن للعلاقات الطويلة الجادة ليست صالحة أبدا وليست أهل لها.
روبينا كانت تتحدث مع العمة بريندا أنها غير مرتاحة لسينتيا أبدا وأخبرتها بريندا أنها تبادلها الشعور وأنها ليست مرتاحة في تجولها وسطهم هكذا، الفتاة ليست سوية الأخلاق، ربما هي من عائلة راقية وثرية وأيضا يبدو عليها الإحترام ومثقفة جدا ومتعلمة وبالرغم من هذا لم تشعر بالإرتياح لها، كانت تلاحظ نظراتها نحو وليام وعلمت أنها معجبة به ولكن تجعلها تنال ما تريد حتى لو أراد صغيرها هذا.
في هذه الأثناء كان أن حدث وسافرت روبينا بعدها إلى خالتها المريضة بطلب من والدتها وجاء وقتها الخبر الصادم الذي جعل الجميع في حالة من الحزن العنيف والذي لم يستطيعوا الخروج منه بسهولة.
  أثناء سفر روبينا حدثت كارثة كبرى هزت الجميع حيث صار اكبر حدث لغرق السفينة مارغاريتا العملاقة و كان على متنها أكثر من عشر ألف راكب ومن ضمنهم ثلاث ركاب كانوا هم زوج غريتل وأبنها وزوجته والدي لويزا، كان هذا فاجعة بالنسبة للجميع وخبر صادم للغاية وقد هز الجميع خصوصا غريتل التي لم تتحمل الصدمة ودخلت في غيبوبة امتدت ليومين وأصيبت بمرض في القلب، والشخص الذي تدمر هو وليام الذي كان روبرت إبن عمته هو صديقه وأخيه المفضل و الذي كان له كل شئ، لم يتحمل صدمة موته فدخل في حالة من الاكتئاب الحاد الذي حاول الجميع إخراجه منه، لم يكن يفعل شئ سوى البكاء وأصبحت نظرته خالية من الحياة ومن أي تعبير ومن أي شئ، لم تعد يشعر بشئ ابدا ، كانت أيام كئيبة وعصيبة على الجميع، حتى سينتيا شعرت بالغضب لأن هذا سوف يأخذمن زمنها ولكن وجدت فيها فرصة استغلتها للتقرب من وليام والجميع، كانت تمثل دور صديقة العائلة الحنونة و تدعمهم بالكلمات وتبقى  معهم مواسية وتخرج دموع التماسيح، كانت تتقرب من وليام الذي أفتقد صديقته ولم يجد من يسنده سوى هذه الأفعى ومن شدة حزنه وحوجته للمواساة وجد نفسه ينغمس معها وينخدع بها، حتى أنه فكر أنه ظلمها في الحكم عليها، بدأ يخرج رويدا رويدا من جو الحزن الذي كان فيه، وهذا بفضل سينتيا مع أن بريندا كانت غير مرتاحة إلا أنها شكرت الله على خروج طفلها من حالة الكئابة التي كان فيها، وعندما جاء في ذلك اليوم وصدمهم بأنه سوف يرتبط بسينتيا  لم يعجب أحد هذا الحديث وبالرغم من أن باري ليس راضي إلا أنه لا يستطيع أن يمنعه فهو لم يجبر أبنائه يوما على شئ وعندما حاول  التحدث مع وليام في الموضوع وأنه تسرع و هذا مجرد افتتان مؤقتو سوف يزول، وجد أن ابنه لا يرى أمامه سوى هذه الفتاة ، عند عودة روبينا وجدت صديقها قد ارتبط بسينتيا  وحاولت هي الأخرى التحدث معه لكن أخبرها أنها فقط تغار منها لأنها أخذت منها صديقها وهذا صدمها جدا كيف يفكر وليام هكذا بها، وهنا بدأت سينتيا لعبتها وبدأت تحرض وليام ضد روبينا وتخبره أنها لا تحبها وتتصرف معها بوقاحة ، صحيح أن روبينا لا تحبها ولكنها لا تتواقح مع أحد وهذا يعني أنها بدأت تفك في سم أكاذيبها، فهي تعلم أن وليام مولع بها الآن ولا يرى أمامه سواها وسوف تنشر سمها قبل أن تتفتح أعين ذلك، وقتها استغلت أن روبينا دائما تتحدث مع وليام في هذا وتتناقش معه حتى أصبح كل لقاء لهم عابرة عن شجار حاد ، وهذا كان يدفع وليام للتصديق أن روبينا تغار من سينتيا، ويبتعد عنها أكثر وأكثر وسينتيا تنشر سمها أكثر، حتى أنها تناقش مع عمته بريندا نقاشا حادا عندما حدثته أنه اهمل صديقته المفضلة وأنه لم يعد أهل لهذه الصداقة، وفي ذلك اليوم كانت روبينا قد جائت لتخبر وليام شئ وكانت في غاية السعادة ولكن ألتقت ب سينتيا عند الباب ز بدأت تلك تتحدث معها بوقاحة وعندما رأت وليام قادم ادعت أنها هي الضحية وبدأت تنزل دموع التماسيح حتى بدأ وليام في الصراخ على روبينا التي نزلت دموعها من دون أن تشعر وجاء باري يمسح دموعها وبدأ يوبخ في وليام الذي لا يستمع لأحد سوى تلك الأفعى، حينها قالت روبينا جملة لن ينساها وليام ولن ينسى كمية الألم الذي كان بصوت صديقته والذي ندم عليه طول عمره، قالت " دعه يا باري انا جئت فقط لادعوه يكون معي يوم زفافي لأن ليس لي أخ غيره ولكن يا باري منذ هذه اللحظة اخي مات بحادث أليم واتمنى ان تكون معي انت والعائلة لانكم عائلتي الثانية حتى انت يا سينتيا يمكنك القدوم، ثم ذهبت مكسورة حزينة من الصديق الوحيد بحياتها الذي اعتبرته مثل شقيقها وهنا تذكر وليام أن دموع روبي لا تنزل إلا عندما يجرحها أحد قريب منها و هو يعلم مكانته عندها وهذا قد جرحه. 

   بعد عدة أيام كان زفاف روبي التي حاول وليام الحديث معها بشتى الطرق ولكن كانت ترفض، حتى أنها لم تخبره بمكان الزفاف وطلبت من الجميع عدم إخباره ، بالنسبة لها وليام مات ولم يعد موجود أبدا، كانت أجمل عروس رأها باري حتى أنه ذرف الدموع من شدة فرحه بها، كان يتمنى لو كان هذا الرجل الذي تزف له يكون وليام وليس جايس ولكن هو فتى صالح يستحق أن يحصل على فتاة خلابة مثل روبي، روبينا بالرغم من فرحتها إلا أنها كانت مجروحة القلب جدا بسبب وليام وحتى أنها كانت تبكي ولم يتحمل جايس هذا فكان يواسيها، وفي أثناء الزفاف كان أحد أصدقاء جايس قد رأى إمرأة يعرفها جيدا ولن يخطئ في التعرف عليها فسأل جايس هل تعرف هذه المرأة فقال له أنها تابعة للعروس وحينها لم يتحمل وسأل روبي التي كانت تقف مع بريندا وباري والعائلة ومن ضمنهم والديها أخبرته بكل ألم أنها حبيبة وليام صديقها عندها انفعل لويس وهو يقول " وهل هو غني. فقالت له روبي " ومن لا يعرف عائلة دي وايت هنا ؟
فقال لهم لويس بكل حسرة لقد وقع في فخ الأفعى ،عندها تسائل الجميع بإستغراب وعندها أخبرهم لويس من هي سينتيا ومن هم ضحاياها وكيف هي صائدة للثروات، وأنها تزوجت أكثر من مرة وكل مرة تأخذ كنز ثمين، وهي أفعى مخادعة وكاذبة وتلبس قناع البراءة وهي ملكة النفاق، عندها لم يكن أحد يتخيل أن تكون هكذا ولكن لقد تأخر هذا كثيرا ليعلموا فقد نشرت سمها بينهم وإنتهى ولكن لن يسمحوا لها أن تأخذ فلس واحد من ثروة دي وايت ولن يسمحوا لها أن تدمر حياة وليام أكثر، فقد بدأت تسيطر عليه كليا وتنشر غشاء على عينيه حتى لا يرى غيرها وحتى أنها تسببت في خراب علاقته بأقرب صديقة له.

بعد حفل الزفاف عاد باري وقد كان صوته يعلو للسماء مع وليام وقد أخبره حقيقة تلك الساقطة لكنه لم يصدقه واتهمه بأنه فقط يريد أن يفرق بينهما وأن  هذه إحدى حيل عمته بريندا حتى تجعله يبتعد عن حبيبته وقد رفع صوته على بريندا وهو يقول لها أنها ليست والدته ولن يجعلها تتحكم فيه وهو ليس طفل صغير تربيه وليس دمية تتلاعب بها، جرحها كثيرا بكلامه هذا، علمت الآن أن ابنهم لم يعد كما كان الشخص الحنون الذي يحب الجميع، فخرجتو هي مكسورة القلب وقد تلقتها في الخارج جومانه ابنة غريتل وقد عادت من سفرها لتوها، وعندما سمعت صوت وليام الذي يعلو على الجميع ذهبت نحوه وصفعته بكل قوتها وهي تقول  " يبدو أنك نسيت أصول التحدث مع الكبار ويبدو أنك نسيت الأخلاق والإحترام وإن كنت قد نسيت انا قادرة على ان اذكرك يا عديم التربية، اياك مرة أخرى يا وليام ورفع صوتك على خالي أو إحدى خالاتي  اقسم لك ستكون آخر مرة بحياتك، ثم أخذت باري من يده وخرجت تاركة ذلك يتخبط من الغضب و تأنيب الضمير، فهو قد تجاوز حدوده كثيرا، يعلم أن بريندا تحبه وهي من ربته، لا يعلم ما يحدث ولكن هم ليس لديهم الحق في الحكم على سينتيا كما يحلو لهم، وعندما إلتقت جومانه سينتيا و هي خارجة نظرت لها بتحقير وقالت بكل صراحة وصدق " لست سوى ساقطة وصدقيني ستندمين كثيرا، ثم واصلت سيرها وتركت تلك تغلي من الغضب من هذه التي تتحدث معها بكل هذه الوقاحة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي