الفصل الثالث

☆الفصل الثالث ☆



تحدث الطبيب بعملية ناظراً إلي ثلاثتهم :
_أنا عاوزكم تطمنوا خالص،  المرض لسه في المرحلة الأولى يعني نسبة الشفا منه هتكون كويسه جداً ومٌرضيه لينا جميعاً ،

وأكمل مُشيراً بسبابتة :
_ لكن بشرط لازم تبدأو في العلاج وفوراً قبل المرض ما يتطور ويدخل في مرحلة صعب السيطرة عليه فيها



تمالكت سحر من حالة الذهول التي إنتابتها جراء إستماعها للخبر وسائلت بأمل  :
_  المفروض نبدأ من أمتي يا دكتور ؟


أردف الطبيب قائلاً بعملية  : 
_كل ما نبتدي في العلاج أسرع كل ما كانت النتيجة مُرضية أكتر،
بس الأول محتاجين نعمل شوية تحاليل ضرورية، وبعدها هنحدد ميعاد جرعات الكيماوي اللي هتاخدها المريضه



وأكمل مُقترحً  : 
_أنا عندي مكان خاص كويس جداً يملكة دكتور ممتاز في المجال ده، والجميل فيه إن الدكتور ده هو بنفسة اللي بيشرف علي الجلسات وكمان دارس تنمية بشرية وبيشتغل علي المريض من الناحية دي، والحقيقة إن ده اللي بيميزة عن غيرة ومعلي نسبة الشفا في المركز بتاعه


وأكمل بعملية وهو يُبسط ذراعه إلي أمير مُمسكً بكف يده بإحدي بطاقات التعريف الشخصية :
_ ده العنوان علشان مدام أمل تاخد الجلسات في المركز هناك، وعلي فكرة مش مُكلف مقارنةً بأسعار المُستشفيات الاستثمارية العالية اللي بنسمع عنها اليومين دول




أجابهُ أمير مُفسراً بعدما اخذ منهُ بطاقة التعريف   :
_متشكرين جداً لإهتمام حضرتك يا دكتور، بس الحقيقة أنا مادياً مش هقدر أعالج أمل في أي مكان خاص،  أنا هحجز لها في معهد الأورام اللي تبع الدوله



نظرت إليه سحر وهتفت رافضة  :
_إيه الكلام اللي إنتَ بتقوله ده يا أمير، إنتَ عارف علشان نحجز مكان للجرعة في المعهد ده هتستغرق وقت قد ايه  ؟ 



أكمل الطبيب مُكملاً علي حديثها بعمليه  : 
_مش اقل من شهرين تلاتة علي ما تلاقي مكان فاضي،  وزي ما قُلت لك من شوية إحنا في سباق مع الزمن وفي عرض اليوم الواحد



اردف قائلاً بنبرة حزينة وهو يتطلع علي زوجته الشَاردة  : 
_ للأسف يا جماعة هي دي قدراتي المادية، ما يقدر علي القُدرة غير ربنا



تحدثت سحر بهدوء  :
_ ما تشيلش هم الموضوع ده يا أمير، أنا وإيهاب أخوها هنتكلف بمصاريف العلاج كُلها



واكملت وهي تمسح فوق ظهر أمل المستسلمة بلمسات حنونه  :
_مال الدنيا كله تحت رجلين أمل،  بس هي تقوم لنا بالسلامة



شعر بخجل وإهانة ولكنه إبتلع غصة مُرة وتحامل علي حالهِ لأجل إمرأته 



تحرك الجميع من المَشفي بعدما إتفقوا مع الطبيب علي أن يذهبوا لذاك المركز، وأستقلت تلك الشاردة سيارة زوجها وصعدت بجانبه وجلست والدتها بالخلف بقلبٍ يتمزقً ألماً لأجل غاليتها وما أصابها



كانت تستند برأسها علي زجاج السيارة بوجةٍ مهموم وقلبٍ يتمزق حٌزنً علي حالها وحال طِفلتها التي مازالت صغيرة وتحتاج لرعايتها وحنانِها، كانت تنظر علي الطُرقات والمَارة وكأنها تراهم لأول مرة،
نزلت دموعها الساخنة المُنبعثة من داخل أعماقها المُتمزقة


وحدثت حالها بتألم، أبتلك السرعة أتت النهاية وحان وقت الرحيل؟
نعم أيتُها البائسة،فلا أمل من النجاة من ذلك المُهلِك المُسمي بالسرطان


ونظرت للسماء وهي تناجي ربها، إلهي، أعلم جيداً أن هذا هو قدري وأبتلائي ، وصدقً انا لا أخشي الموت،فيكفي أنني سأكونٌ بجوارك حبيبي وسيدي


ونزلت دموعها وخرجت شهقة رٌغماً عنها إستمعت إليها والدتها وتمزق قلبها علي أثرها وأيضاً أمير الذي يتمزق داخلهُ لأجلِها


وأكملت أمل مناجاتها مع الله بدموع نازفة،

لكن كُل خوفي علي أبنتي الحبيبة، فلهذا أدعوك يا سندي أن تكتب لي النجاة لأجل غاليتي، صغيرتي الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة،
أريد أن أجاورها الحياه وأحيا معها كل مراحِلُها،إلهي لا تحرمني حضن أبنتي ولا تحرمها إحتضاني،

ليس لي إلاكَ يا سندي لأسئلهُ
وليس لي سبيلًٌ في النجاةِ سواكَ



بعد مُدة كانت تقبع فوق تختِها متقوقعة علي حالِها ومازالت علي وضع الشرود الذي أصابها مُنذُ أن إستمعت لذاك الخبر المشؤوم من الطبيب



جلس بجانبها وسحبها لداخل أحضانه وتحدث بنبرة حماسية كي يبِثُ داخلها روح المُحارب  : 
_ أنا عارف إن الخبر كان صدمة بالنسبة لك وبالنسبة لنا كلنا،  بس أنا عاوزك تُبصي للموضوع من الناحية الإيجابية



نظرت إليه بدموع تترقب حديثهُ فأكمل هو  : 
_ مش عاوز اشوف نظرة اليأس دي في عيونك يا أمل،  وما تنسيش إن المرض لسه في المرحلة الأولي زي ما قال لنا الدكتور، يعني الأمل في الشفا كبير جداً إن شاءالله




تفتكر مُمكن أقوم منه بجد يا أمير ؟
ولا هموت زي كل اللي سبقوني بيه،، كانت تلك جُملة بائسة قالتها أمل بنبرة حزينه مُتألمة



إبتلع غصة مؤلمة وهتف قائلاً   :
_إوعي تفكري بالطريقة المتشائمة دي يا أمل ، إنتِ هتتعالجي وهتمسكي بإديكي وأسنانك في الحياة علشاني أنا وكارما


وأمسك كف يدها مُشدداً عليه بدعم :
_ إوعديني يا أمل


أومأت له بإبتسامة أمل ثم سحبها من جديد لداخل أحضانه برعاية حتي غفت داخل احضانة مستسلمة لقدرها القادم

_________________

 
في اليوم التالي

ذهبت أمل مع زوجها ووالدتها وقامت بعمل بعض الفحصات وحدد لهما الطبيب أخذ الجرعات ،  كان تاركً إبنته عند والدته فتحرك إلي مسكن والده كي يُجلبها بعدما أوصل أمل ووالدتِها إلي الشقة 



قرع جرس الباب، فتحت لهُ شقيقتهُ شيرين وأفسحت لهُ المجال كي يدلف للداخل، تحرك وألقي السلام علي والدهُ ووالدته اللذان يجلسان ويبدوا علي وجهيهما التشنُج وعدم الإرتياح وكانهُما كانا يتشاجرا




جلس بجانب والدتهُ وتسائل عن إبنته فأخبرتهُ والدتهُ بوجهها الغاضب وهي تُشير بكف يدها إلي غُرفتها انها غافيه بالداخل



حول بصرهِ إلى أبية وقطب جبينهُ وأردف مُتسائلاً بإستفسار  : 
_ فيه إيه يا بابا ، مال وشوشكم مقلوبة كده ليه  ؟
هو فيه حاجه حصلت أنا معرفهاش؟



مفيش حاجة يا إبني  ،، متشغلش إنتَ بالك وخليك في مراتك في تعبها ، كانت تلك جملة تفوة بها مصطفي بإستسلام




قاطعتهُ راوية بنبرة حادة  :
_  لا فيه يا أمير


حول بصرهِ إلي والدته فتسائلت هي مُستفسرة بنبرة صارمة : 
_ الدكتور حدد لمراتك هتاخد جلسات الكيماوي دي أمتي  ؟



تنهد بألم واجابها بنبرة مستسلمة مهمومة  :
_ أول جلسه هتاخدها بعد يومين



تفوهت بحده وبدون رحمة أو إنسانية : 
_خلاص ،  يبقا تجيب حاجتك إنتَ وبنتك وتيجوا تُقعد معانا هِنا 


قطب جبينةُ وتسائل مُستفسراً  : 
_أقعد هنا إزاي يعني،  ومراتي المريضة دي أسيبها لمين يراعيها   ؟ 


أجابته بنبرة صارمة  : 
_لأمها وأختها ،  هما أولي بخدمتها وبمصاريفها


هتف مصطفي موجهً حديثهُ إلي زوجته بنبرة حادة  :
_  يا راوية إتقي الله في كلامك وخافي ربنا، ده أنتي عندك وليه زيها واللي حصل لها ممكن يحصل لبنتك ولأي حد في الدنيا



نهرته بقوة قائلة بتشاؤم  : 
_فال الله ولا فالك يا مُصطفي، إنتَ هتفول علي بنتي يا راجل ولا أيه ،  وبعدين الحق ما يزعلش، اه، هو أبني هيجيب فلوس لمصاريف علاجها دي كُلها منين  ؟




حين تحدثت شيرين قائلة بنبرة حقودة كعادتها حينما يكون الحديث عن أمل  : 
_ بصراحة بقا يا بابا ماما معاها حق في كلامها، المفروض أخوها ومامتها وأختها يشيلوا مصاريف علاجها، هما التلاته بيشتغلوا في وظايف مرموقة ومراتباتهم علي قلبهم قد كده ، يعني فلوس علاجها مش هتفرق معاهم في أي حاجة،  لكن هيدمر أمير ويعجزوا باقي حياته



وأكملت راوية علي حديثها قائلة  : 
_ ده غير إن كُل دي أصلا فلوس هتترمي في الأرض يا بنتي



ثم نظرت إلي نجلها الذي يستمع لهما والذهول سيد موقفهُ واردفت قائلة بعدم رحمة  :  
_ متزعلش مني يا أمير بس من أمتي كان مريض السرطان بيصحي ويخف  ،،  كل الحالات اللي مرت علينا محدش من أصحابها نجي من الموت



وأخيراً قرر التحدُث قائلاً بنبرة مُستاءة  : 
_ إنتِ إيه اللي بتقوليه ده يا ماما ، أنا مصدوم ومش مصدق الكلام اللي بسمعه منكم ده ، ده بدل ما تقولي لي أقف جنب مراتك وقويها لحد ما ربنا يشفيها جاية تقولي لي إن فلوس علاجها مهدورة لان المرض هيخلص عليها  ؟ 



هتفت بنبرة خبيثة :
_ وأنا يعني بقولك كده ليه يا أمير ،  مش من خوفي وحرصي علي مصلحتك وفلوسك اللي شقيان فيها يا آبني؟



اجابها بمرارة وكَسرة :
_  إطمني حضرتك ، مامتها واخوها فعلاً هما اللي هيتحملوا مصاريف علاج أمل لإن مامتها قررت تدخلها مستشفي خاصة ومصاريفها مكلفة جداً وأكبر من طاقتي بكتير


حزن مصطفي عندما إستمع لحديث ولده ولعن الفقر الذي يقف عائقً بينهُ وبين القيام بواجباته كأب تجاه فلذة كبده، وفضل الصمت المرير




أما راوية فتنهدت براحة عندما إستمعت لذاك الخبر ولكنها أكملت عن جهل  :
_مش بس موضوع الفلوس اللي شاغلني

واكملت بهلع :
_  يا آبني أنا خايفة عليك إنتَ وبنتك ،  العلاج الكيماوي ده اللهم أحفظنا بيأثر علي صحة كل اللي حوالين المريض اللي بياخدة  ،،  وممكن كمان لاقدر الله تعديكم



قطب جبينة وتحدث بإستنكار  : 
_  إية يا ماما التخاريف اللي بتقوليها دي ؟

الكلام اللي حضرتك بتقوليه ده ملوش اي أساس من الصحة نهائي ، المرض ده عُمرة ما كان بالعدوي 



أردفت شيرين قائلة في محاولة منها لإقناع شقيقها  : 
_ إفهم يا أمير  ،،  يا حبيبي ماما خايفة عليك إنتَ وكارما ، وطبياً الاشعاع ده خطر علي الأطفال، انا سمعت الكلام ده كتير في برامج التلفزيون،  يعني هتبقا مبسوط لو لاقدر الله البنت إتأذت بأي شكل من مامتها




وقف منتصب الظهر وتحدث بنبرة حادة متغاضيً عن حديثهما  :
_  قومي يا شيرين من فضلك هاتي لي البنت علشان اوديها لأمل وتطمن بوجودها في حُضنها



هبت والدته واقفه لتواجههُ وتحدثت  : 
_خدها معاك بس خلي بالك ،  هتجيبها لي بكل هدومها قبل ما مامتها ترجع من الجلسة ،  فاهم يا أمير؟



زفر بضيق وتحرك ليقابل شقيقته ليحمل عنها صغيرته الغافية وتحرك للخارج تحت حزن والدهُ من زوجته وإبنتهِ وتفكيرهُما العقيم الخالي من الإنسانية




مر اليومان سريعً وذهبت أمل إلي المشفي بصُحبة والدتها وزوجها وشقيقتها رانيا، دلفت للداخل


وتقابلت بالطبيب المُعالج والتي ستتلقي علي يدة جميع جلساتها، كان شاب في منتصف الثلثينات ذو ملامح وجة بشوشة جذابه وجسدٍ ممشوق وطولاً فارعً



دلفت معهُ لحالها كما طلب هو من الممرضة التي إستدعتها من الخارج

نظر لها مُستغربً حالة الراحة والإطمئنان التي إنتابته من مجرد النظر لوجة تلك الأمل، شعر وكأنهُ يعرفُها مُنذُ الزمان

بعيونها أمان إستشعرهُ منذُ الوهلةِ الأولى للنظرِ بداخِلهُما ، بصوتها حنانًُ عجيب أثر روحهْ التائهه التي دائمة البحث عن شئٍ ما لا يعلمهُ هو بذات نفسه ،  بملامح وجهها الهادئة راحة وأستكانة لمن يحظي بالنظر لها



تحمحمَ لينظف حنجرتهُ وبلحظة لملمَ شتاتهُ سريعً وتحرك واقفً أمامها وتحدث بوجهٍ بشوش كي يبث داخل روحها الطمأنينة   : 
_أهلاً وسهلاً ، أولاً أحب أعرفك بنفسي ، أنا دكتور أحمد سلام اللي هتابع حالة حضرتك وهكون معاكي خطوة بخطوة لحد ما يتم الشفا بإذن لله،


ثانياً بقا فية شوية ملاحظات لازم نتكلم فيهم قبل ما نبتدي في العلاج،  وأول حاجة عاوزك تعرفيها هي إن علشان تنتصري علي المرض ده لازم تتمسكي بالأمل وبحقك في الحياة 



وأكمل مُشيراً إليها  : 
_ عاوز أقولك إن نص العلاج هيعتمد علي نفسيتك وعلي مدي قوة تشبثك بحياتك 

اللي عاوز اوصلهُ لك إن إنتِ محاربة جديدة للمرض الصعب ده ، و إن ليكِ دور كبير جداً ولازم تساعديني وتقومي بيه علي أكمل وجة علشان نوصل لبر الأمان مع بعض




أومأت لهُ بإبتسامة باهتة فتسائل مُستفسراً  : 
_ممكن أعرف إسم المُحاربة  ؟


أجابته بنبرة رقيقة كعادتها  : 
_ أمل، إسمي أمل عُمران


شعر براحة غريبة إجتاحته من مجرد إستماعه لنبراتها الرقيقه إبتسم لها وتحدث بتفاؤل : 
_ أمل،  ده فال خير وعلامه ، إن شاءالله هنحقق الأمل مع بعض



وتحدث بنبرة هادئة كي يستدعي داخلها روح المُحارب :
_ علي فكره يا أمل، فيه مُحاربات كتير جت هنا في المركز قبلك وبفضل ربنا قدرنا نعدي المحنه دي مع بعض، 


وأكمل بإبتسامة حنون  : 
_ وأنا عندي شعور قوي إنك هتكوني إحدي بطلاتي المُنتصرة




لم تدري لما شعرت بالراحة والطمأنينة من حديث ذاك الأحمد ، تركها مع المُمرضة التي ستساعِدها علي تجهُزها في تغيير ثيابها لآخري مُناسبة لتلقي الجرعة وتحرك إلي الخارج




وجد والدتها وزوجها وشقيقتها وأيضاً مصطفي والد أمير متواجدين داخل غرفة أمل الخاصة التي ستخرج من الجلسة لتستريح بها 



وقف منتصب الظهر وتحدث لهم بوجهٍ بشوش يشعُ تفاؤل كعادته  :
_  طبعاً مش محتاج أعرفكم إن أمل داخلة حرب صعبة مع عدو شرس مبيرحمش ،  وعلشان تكمل وتنتصر لازم لها دعم وقوة خارقة



وأشار لهم بيده وأكمل بعملية  : 
_ أنتم القوة اللي أمل هتعتمد عليها وتحارب بيها وعلشانها، علشان كده مطلوب منكم تقفوا في ظهرها وتطمنوها ، أظن كمان مش محتاج أقول لكم إن الحالة النفسية مهمة جداً لأمل الفترة اللي جاية لأن نص العلاج بيعتمد عليها ،


وأكمل برجاء :
_ أتمني تساعدوني في إننا نخرج بأمل من المحنة دي وهي مُنتصرة



تساءلت سحر بدموع عيناها التي لم تُفارقها مُنذ أن تلقت ذاك الخبر : 
_ يعني فية أمل إن بنتي تعدي المحنة دي وتنتصر علي المرض يا دكتور ؟


إبتسم لها وأردف بيقين  :
_  أملنا دايماً في ربنا كبير، والأمل موجود جوانا طول ما أحنا عايشين ومتمسكين بيه يا أفندم، اهم حاجه إيمانا بربنا يكون كبير


  
نظر إلي أمير وتسائل بملامح وجه مُبهمة  : 
_حضرتك جوزها  ؟


أجابهُ أمير وأومأ لهُ بهدوء،  فهز لهُ رأسهُ بتفهُم وتحرك مرةً آخري عائداً إلي أمل،


وجدها تجلس فوق التخت المُخصص وجسدها ينتفض رُعبً وملامِحُها شاحبه كشحوب الموتي،  وقف بجانِبها وما شعر بحالهِ إلا وهو يُمسك كف يدها وينظر لعيناها بقوة وأردف بمؤازرة :
_متخافيش، أنا معاكِ ومش هسيبك



وكأنها كانت تحتاج وبشدة لتلك الكلمات البسيطة لتقويها وتعطيها الأمل ، أومأت له وإطمأنت روحها وأستعدت لتلقي أولي جُرعتِها بثبات وهي تتلو إحدي السور القرأنية ،  وتُردد بعض الأدعية والاذكار



بالخارج كانت والدتها تجلس فوق إحدي المقاعد مُمسكة بكتاب الله تتلو أياته



تحدث إليها مصطفي عساف الجالس بمقعدٍ مقابل لها ليُطمأن روحِها  : 
_متقلقيش يا مدام سحر،  إن شاءلله خير، أنا عندي إحساس إنها أزمة وهتعدي وأمل هتطلع منها مجبورة الخاطر



أجابته بنبرة صوت ضعيفة ودموعً مُنسابة فوق وجنتيها  :
_  يارب يا أستاذ مصطفي،  ربنا ينجيها هي وكل مريض



وضعت رانيا يدها فوق كف يد والدتها وأردفت قائلة بصوتٍ متفائل  :
_  إهدي من فضلك يا ماما،  حضرتك ست قوية ومؤمنة بالله،  مش لازم أمل تشوفك بالضعف ده،  هي محتاجة تشوف القوة والحماس في عيونك علشان هتستمد قوتها من قوتك



أكد مصطفي علي حديثها بنبرة صادقة :
_  كلام رانيا صح،  أمل محتاجة تشوفنا في صورة قوية


ثم حمحم وتحدث بنبرة كاذبة خجلة  : 
_أنا بتأسف لك عن عدم حضور راوية،  الحقيقة هي كانت ناوية تيجي لكن للأسف أخدت دور برد إمبارح وراقدة في السرير وشيرين قعدت جنبها علشان تراعيها وتاخد بالها منها




تحدثت سحر بنبرة صادقة :
_  ألف سلامة عليها يا أستاذ مصطفي،  وكفاية جود حضرتك معانا في المحنة دي،   حضورك إنهاردة كفاية أوي وبيدل علي أصلك الطيب 

يُتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي