الفصل الخامس
" الفصل الخامس.. "
أخذ جان يتفحص ملامح وجهها بتمعن شديد و بنظرات حب واضحه وتحدث بجدية :
-وأنا سأعاقبك لأن قلبي اشتاق لرؤيتك وأنتِ لم تسمحي له
-و ما هو عقابك لي ؟!
هبط بعينيه إلى شفاها بحب هامسا بجدية ممزوجة بالحب :
-سأقبل تلك الشفاه التي طالما حلمت بتقبيلها يا فتاتي .. وأنتِ عاقبيني بالعناق الذي يكسر الضلوع
ثم مسك بيدها ورفعها إلى حيث شفتيه وقبلها برقة وتحدث بجدية :
-أحبك كثيرا يا أديل
سحبت يدها من يده وتراجعت للخلف خطوتين تحدق به بنظرات من الحزن والدهشة و قالت بنبرة ألم :
-ذاك الحب محكوم عليه بالفشل .. جان بك فكر في ذاك الحب .. ستجد انك رجل من عائلة ثرية وأنا من أسرة فقيرة .. اعمل هنا لأساعد والدي واتكفل بمصاريف دراستي ..
ثم أطرقت رأسها لتخبئ دموعها التي هبطت على وجنتيها وتابعت بنبرة بكاء :
-لا تعلقني بك حتى يتعذب قلبي معك .. وأنت لا تعلق نفسك بي
ثم تراجعت للخلف و التفتت قاصده المغادرة وتركت العنان إلى دموعها تهبط بغزارة على وجنتيها .. تاركة العاشق يتألم قلبة اشتياقا وحبا بها .. بعد لحظات غادر المزرعة ودلف إلى الكوخ ليجد أوجيني في انتظاره وتتناول مشروب القهوة خاصته .. جلس أمام مكتبة يتابع فحص الأوراق فيما تساءلت أوجيني بفضول :
-إلى أين ذهبت ؟!
ليرد عليها بسأم :
-هذا ليس من شأنك أوجين
وضعت فنجان القهوة وهي تومئ برأسها و قالت بحماس :
-جئت إليك لأخبرك انك ستخرج معي اليوم لشراء بعض الملابس
قال بحسم :
-لم أخرج معك في أي مكان لدي الكثير من الأعمال .. فلتذهبي مع توماس
بمجرد أن انهى كلماته دخل والده ليطلب منه أن يذهب مع ابنة عمه لكن أخبره جان أنه لدية الكثير من الأعمال ليغلق والده الأوراق .. ثم أشار إلى الباب أن يخرج لم يستطيع أن يعصى أوامر والده وهذا ما تربى عليه ولهذا ذهب مع ابنة عمه مضطرا .. استقلت معه السيارة وهي بكامل سعادتها وقد أعرضت ابتسامتها ناظره إليه بعينين لامعتين
***
استيقظت جين وهبطت إلى الطابق السفلي لتجد جوزيف لا يزال نائما .. فتركته ودلفت إلى المطبخ لتعد طعام الفطار ثم جلست تتناول طعامها .. بعد دقائق استيقظ جوزيف بوجه عابس بفضل الألم الذي يشعر به في ظهره ثم نهض عن الاريكة ومضى من أمام المطبخ ولم ينتبه لها ولكن هي انتبهت منه .. صعد جوزيف إلى غرفته وحمد ربه على عدم وجود تلك الفتاة المزعجة في غرفته ..
انتهت من الفطار وأعدت لجوزيف فطار أخر ثم اتكأت على العصى وخرجت وجلست على الاريكة مستنده بظهرها إليها.. لفت نظرها أوراق متناثرة على المنضدة فتناولت ورقة عشوائية لتفحصها بصوت هادئ :
-اذا لم تقع في الحب حتى الأن .. فتأكد يا صديقي من وجود قلبك في مكانه " جوزيف.."
أعجبت بكلماته كثيرا و وضعتها لتأخذ ورقة أخرى لفحصها :
-يجب أن يكون لديك شطر قوي متين .. حتى تستند عليه يا صديقي في المستقبل .. والمقصود بالشطر " امرأة.. "
بمجرد أن رأت جوزيف يهبط الدرج وضعت الورقة كما كانت .. مما انتبه جوزيف انها كانت تقرأ الكلمات ثم تقدم نحوها وجلس على الاريكة وهو يقول بحده :
-ابتعدي عن غرفتي يا صغيرة .. فاستيقظت اليوم بألم في ظهري
أطرقت رأسها متمته بالاعتذار ليرمقها بنظرة سريعة .. بينما رن جرس الباب لينهض جوزيف متجه نحوه وفتح ليجد الدكتور الذي هاتفه منذ ربع ساعة ومعه ممرضة .. تنحى جانبا ليدخل الدكتور وأخبر جوزيف جين بانه جاء ليتفقد حالة قدمها .. نظرت إليه متعجبة وعلمت أنه قد سأم منها ولهذا يريد التخلص منها في أسرع وقت .. لكن ماذا تفعل اذا ؟! وإلى أين ستذهب بعيدا عن والديها الذين قرروا زواجها دون احترام لرأيها وحياتها ..
رفع الطبيب قدمها المصابة على المنضدة وقام بنزع الشاش برفق بمساعدة الممرضة .. ثم تفقد حالة قدميها ليجد علامة زرقاء أثر اصطدامها في السيارة .. وبمجرد أن وضع انامله عليها تألمت جين و وجدت نفسها تبكي لكن ليس من الألم فالشعور بالألم الخفيف أخذتها حجة لتترك دموعها تهبط على وجنتيها بسبب زواجها الذي ينتظرها ..
انتهى الطبيب من الفحص وطهر مكان الاصطدام ثم وضع لاصقة على الكدمة الزرقاء .. و وضع شاش خفيف حول قدمها ثم اعطى جوزيف له المال الذي يستحقه وايضا الممرضة قبل أن يذهبوا .. نظر إليها رآها لا زالت تبكي فتساءل بسأم :
-لما البكاء الأن؟!
رفعت عيناها الباكية إليه وقالت بنبرة مؤلمة :
-قدمي تؤلمني
ثم نهضت وحاولت أن تسير عليها ولكن شعرت بألم وكادت أن تسقط ولكنه لحق بها امسكها جوزيف من ثيابها وضمها إليه بقوة لتصطدم في صدره متأوه .. عقد بين حاجبيه بقوة بينما استنشقت جين عطرة وفي لحظة شعرت إنها بخير وكأن الألم بتر من بدنها .. وشعرت بالنشوة فور استنشاق عطره الرجولي الساحر الذي جعل قلبها يذوب وينتزع من مكانه .. ثم اجلسها جوزيف على الاريكة برفق فمسحت دموعها بكلتا يديها وأخبرته أن فطاره في المطبخ .. تطلع إليها للحظات ولاحت ابتسامة على شفتيه ثم اتجه نحو المطبخ ودخل يتناول الفطار .. وضعت جين يدها على صدرها الذي يعلو ويهبط ودقات قلبها تدق برهبة شديدة ..
و وجدت نفسها تستلم للشعور بالحب والاعجاب .. ذاك الشعور جديد عليها ولكن هي أحبت ذاك الشعور كثيرا فجعلها تشعر بالنشوة داخل صدرها وعيناها اشتاقت لرؤيته بالرغم من أنه لم يغيب كثيرا عليها فقط ذهب من دقائق .. أحقا سيتعلق قلبها بحب شخص وتشعر بالاشتياق إلى الحبيب ؟!.. فاقت من شرودها عندما تذكرت زواجها وفجأة بتر شعورها بالسعادة والحب وشعرت بالحزن الشديد .. ثم حركت رأسها في كلا الاتجاهين كي تطرد الأفكار من رأسها وحدثت نفسها بهدوء :
-ما بكِ جين .. هو مجرد رجل مر في حياتك .. لا تستسلمي لهذه المشاعر اللعينة أبدا .. فلتهدأ يا قلبي قليلا
-تحدثين نفسك يا فتاة
انتفض بدنها ناظرة إليه بفزع وبمجرد أن وقعت عيناها عليه شعرت بشيء ما يترك عيناها ذاهبا في رحلة إلى القلب .. ليجعل قلبها يدق برهبة شديدة وكي تتلاشى ذاك الاحساس أشارت إلى الأوراق المتناثرة متسائلة :
-أنت من كتبت هذه الكلمات ؟!
تقدم نحوها و وقف يرتب الأوراق قائلا :
-لا .. شاعري الخاص هو من قام بكتابتها .. صديقي ارنو
***
بعد شراء الكثير من الملابس جلسوا داخل كافيه وهي تتفقد الثياب بينما يقلب جان فنجان القهوة شاردا .. وعندما انتهت أوجين من التفقد وضعت الأكياس جانبا ثم تناولت رشفة من القهوة ونظرت إليه لتكسر حاجز الصمت قائلة :
-اردت أن نأتي إلى هنا لنتحدث
توقف عن التقليب فجأة ثم وضع المعلقة جانبا ونظر إليها ببرود متسائلا :
-وهل بيننا حديث يا ابنة عمي؟!
لترد بتأكيد :
-نعم يا جان ..
ثم تنحنحت بخفة وتابعت بجدية :
-ابتعد عن أديل يا جان .. هي فتاة فقيرة تعمل لمساعدة والدها في جلب المال .. الأثرياء لا يختلطون بالفقراء أبدا
لاحت ابتسامة جانبية على شفتيه وأجاب بحب :
-اذا سأتخلى عن كل شيء لأكون فقير مثلها
غضبت أوجيني من حديثه الذي كالخناجر الموجه لها ثم قالت بحده :
-لقد سمعت عمي دانييل يتحدث مع أبي عن زواجنا يا جان
رفع عيناه ينظر إليها في دهشة فحركت رأسها تأكيدا على حديثها ليقول بنبرة عنيفة :
-سأعترض على ذاك الزواج .. أنا أحب أديل وسنتزوج
-ستجرح قلبك وقلبها .. اذا علم والدك سيطردها من المنزل .. وستكون السبب في تعاسة فتاة مسكينة ..
ثم أردفت :
-حاول أن تنساها يا جان
تحدث بحسم :
-سأتزوج أديل .. واذا رفض أبي سأهرب مثل الفتيات كما فعل أخي جوزيف
ثم وضع المال أسفل فنجان القهوة ونهض ليغادر تاركا إياها تستشيط من الغيظ .. وأخذت تتناول القهوة بعصبية بالغة حتى انتهت منها ثم تناولت الهاتف وتحدثت مع شقيقها توماس وأخبرته بكل شيء .. وهي تبكي مما غضب توماس من جان وتوعد له بعمل سيء سيقوم به .. ثم انهت أوجين المكاملة وأخذت تمسح دموعها و تناولت الحقائب وغادرت
***
كان جوزيف يستمع إلى فكرة الإعلانات من فيليب بسأم واضح .. مما لاحظ فيليب وتوقف عن الحديث ثم وضع أمامه مستند مسجل داخله جميع الأفكار ثم نهض عن المقعد وقال بحنق :
-تفقد فكرة الإعلانات بنفسك جوزيف بك
ثم غادر غرفة المكتب على الفور .. حمل جوزيف المستند وأخذ يفحصه ورقة تليها ورقة دون ملل .. وكأنه قد سأم من فيليب وليس من العمل .. دخل ارنو بعد أن دق الباب ثم وقف ليخبر جوزيف بإن فتاة من أحد فتيات الموديل قد أخذت اجازة .. أغلق المستند وهو يزفر وقال بعصبية :
-الوقت يمضي كسرعة البرق يا ارنو .. ولا وقت للمزح
-اهدأ يا صديقي فكل شيء سيكون على ما يرام
حرك رأسه بخفة ثم فتح ورقة من المستند وعلم عليها بالقلم .. و أخبر ارنو أن يذهب إلى فيليب وينفذ تلك الفكرة نفذ رغبته وغادر الغرفة .. نهض جوزيف وهو يتناول سيجارة وضعها بين شفتيه واشعلها ليزفر دخانها بالهواء .. ثم وقف أمام النافذة المفتوحة على ساحة الشركة والتي يصورون داخلها الموديل .. وجد جميع المصورون يصورون الفتيات للإعلان عن مجلة مساحيق التجميل الجديدة ..
دخلت تالة غرفة المكتب وأغلقت الباب بهدوء.. فالتفت جوزيف برأسه لينظر إليها وهو يسحب الدخان إلى صدره ثم عاد بالنظر إلى الأمام وهو يزفر الدخان بالهواء .. فيما وقفت تالة أمام النافذة المجاورة له لتنظر إلى ما ينظر إليه ثم تساءلت بهدوء :
-ستضع صورتي على غلاف المجلة ؟!
تعجب قائلا :
-ليس أنتِ من يضعون صورتك على غلاف المجلة
-أعلم .. ولكن جين لم تأتي بعد
نظر إليها عاقدًا حاجبيه قليلا شاردًا في أسم البطلة ثم تناول المجلة من يدها لينظر إلى صورة الغلاف ليجد فتاة جميلة ابتسامتها جعلتها أكثر جمالا .. نعم هو مشغول كثيرا لدرجة انه لم يفحص المجلات الخاصة بشركته ولم يصدق حتى الأن أن بطلة المجلة هي الفتاة الحسناء التي تقيم في منزله ..
نعم هو مشغول كثيرا لدرجة انه لم يفحص المجلات الخاصة بشركته ولم يصدق حتى الأن أن بطلة المجلة هي الفتاة الحسناء التي تقيم في منزله .. نعم حسناء وأكثر جمالا من القمر نفسه لم ينتبه لها من قبل والأن هي لفتت نظره ..
تقدم نحو المكتب واطفأ سيجارته ثم تناول معطفه وغادر على الفور دون أن يتفوه بكلمة مما تعجبت تالة من مغادرته السريعة والتي ليست في وقتها .. ثم اتبعته دون أن ينتبه منها وانتظرت حتى استقل سيارته واستقلت سياراتها ايضًا وأخذت تقود خلفه ..
عند وصوله صف السيارة وتناول المجلة وترجل متجه نحو الباب ثم فتحه ودخل مغلقا الباب خلفه .. وقف ينظر حوله حتى استنشق رائحة عطر رائعة وأخذ يستنشق بعمق .. ثم بدأ ينادي جين لتشعر بالارتباك وازدردت لعابها بصوت مسموع ثم اتكأت على العصى ودلفت إلى الداخل قائلة :
-نعم أنا هنا
اتجه نحوها ووقف أمامها ناظرًا إليها بنظرة إعجاب واضحة .. مما شعرت بشعور مضاعف للخجل وتلاشت النظر إليه رفع هو المجلة أمامها مسائلا :
-أنتِ بطلة مجلة j j العالمية ؟!
نظرت إلى المجلة ثم أخذتها من بين يديه وحركت رأسها بالإيجاب .. ضحك جوزيف ضحكة خفيفة متجه صوب الاريكة وجلس عليها بينما نظرت هي إليه متعجبة .. توقف جوزيف عن الضحك بابتسامة خفيفة متسائلا :
-تمتلكين مال خاص بكِ يا فتاة ؟!
-نعم .. أخبرتك في السابق
رفع حاجبيه بمرح وهو يقول بمزح :
-أنا الذي اعطي لكِ مالك الخاص هذا
عقدت بين حاجبيها بعدم فهم متسائلة :
-ماذا ؟! .. لست أفهم
نهض من مكانه متجه نحوها ووقف أمامها يتفحص ملامحها الهادئة بإعجاب واضح ثم اقترب من أذنها وعرفها على نفسه بالهمس فاتسعت عيناها في ذهول بينما تابع بذات الهمس :
-تضعين عطر يجعل القلب يذوب داخله .. ويشتت العقل .. ويجعل العين محتارة بالنظر بين عيناكِ و شفتاكِ
ثم اغمض عيناه يستنشق عطرها ثانية ثم تركها وصعد إلى غرفته .. تركها واقفة كالصنم لم تصدق ما تحدث به للتو هل قال تلك الكلمات لها حقًا ؟! .. يا الأذن أحقا سمعتي ذاك الهمس ؟! أفكار واسئلة مثل هذه تدور في رأسها لدقائق قليلة ولم تفيق من شرودها سوى على صوت المجلة التي سقطت من بين يديها على الأرض .. فانحنت لتأخذها ثم جلست على الاريكة تطلع إلى الفراغ ولا تزال لا تصدق هذا أبدا
***
صعد توماس إلى غرفة جان وأخذ يبحث في أغراضه عن أي شيء متعلق بـ فتاة المزرعة ولم يجد سوى دفتر مكتوب عليه أسم " أديل.." قام بفتح الدفتر كي يتفقد بعض الكلمات التي على السطور .. الذي دونها جان بكل حب من أجل فتاته.. ابتسم توماس ابتسامة ساخرة وحفظ بعض الكلمات ثم ترك كل شيء كما كان و غادر الغرفة قاصدًا المطبخ ..
عند وصوله وقف عند عتبة الباب ينظر إلى أديل بنظرات توحي بالوقاحة وأخذ يتأملها من أعلى لأسفل .. هي لم تنتبه إليه قط بفضل انشغالها الشديد بإعداد .. بعد لحظات دلف إلى الداخل متجه نحوها و وقف إلى جوارها ينظر إلى ما تفعله نظرت إليه متعجبة ثم تابعت تقليب الطعام متسائلة :
-تريد شيء توماس بك ؟!
-كلا .. فقط اراكِ وأنتِ تعدين الطعام
أخذ جان يتفحص ملامح وجهها بتمعن شديد و بنظرات حب واضحه وتحدث بجدية :
-وأنا سأعاقبك لأن قلبي اشتاق لرؤيتك وأنتِ لم تسمحي له
-و ما هو عقابك لي ؟!
هبط بعينيه إلى شفاها بحب هامسا بجدية ممزوجة بالحب :
-سأقبل تلك الشفاه التي طالما حلمت بتقبيلها يا فتاتي .. وأنتِ عاقبيني بالعناق الذي يكسر الضلوع
ثم مسك بيدها ورفعها إلى حيث شفتيه وقبلها برقة وتحدث بجدية :
-أحبك كثيرا يا أديل
سحبت يدها من يده وتراجعت للخلف خطوتين تحدق به بنظرات من الحزن والدهشة و قالت بنبرة ألم :
-ذاك الحب محكوم عليه بالفشل .. جان بك فكر في ذاك الحب .. ستجد انك رجل من عائلة ثرية وأنا من أسرة فقيرة .. اعمل هنا لأساعد والدي واتكفل بمصاريف دراستي ..
ثم أطرقت رأسها لتخبئ دموعها التي هبطت على وجنتيها وتابعت بنبرة بكاء :
-لا تعلقني بك حتى يتعذب قلبي معك .. وأنت لا تعلق نفسك بي
ثم تراجعت للخلف و التفتت قاصده المغادرة وتركت العنان إلى دموعها تهبط بغزارة على وجنتيها .. تاركة العاشق يتألم قلبة اشتياقا وحبا بها .. بعد لحظات غادر المزرعة ودلف إلى الكوخ ليجد أوجيني في انتظاره وتتناول مشروب القهوة خاصته .. جلس أمام مكتبة يتابع فحص الأوراق فيما تساءلت أوجيني بفضول :
-إلى أين ذهبت ؟!
ليرد عليها بسأم :
-هذا ليس من شأنك أوجين
وضعت فنجان القهوة وهي تومئ برأسها و قالت بحماس :
-جئت إليك لأخبرك انك ستخرج معي اليوم لشراء بعض الملابس
قال بحسم :
-لم أخرج معك في أي مكان لدي الكثير من الأعمال .. فلتذهبي مع توماس
بمجرد أن انهى كلماته دخل والده ليطلب منه أن يذهب مع ابنة عمه لكن أخبره جان أنه لدية الكثير من الأعمال ليغلق والده الأوراق .. ثم أشار إلى الباب أن يخرج لم يستطيع أن يعصى أوامر والده وهذا ما تربى عليه ولهذا ذهب مع ابنة عمه مضطرا .. استقلت معه السيارة وهي بكامل سعادتها وقد أعرضت ابتسامتها ناظره إليه بعينين لامعتين
***
استيقظت جين وهبطت إلى الطابق السفلي لتجد جوزيف لا يزال نائما .. فتركته ودلفت إلى المطبخ لتعد طعام الفطار ثم جلست تتناول طعامها .. بعد دقائق استيقظ جوزيف بوجه عابس بفضل الألم الذي يشعر به في ظهره ثم نهض عن الاريكة ومضى من أمام المطبخ ولم ينتبه لها ولكن هي انتبهت منه .. صعد جوزيف إلى غرفته وحمد ربه على عدم وجود تلك الفتاة المزعجة في غرفته ..
انتهت من الفطار وأعدت لجوزيف فطار أخر ثم اتكأت على العصى وخرجت وجلست على الاريكة مستنده بظهرها إليها.. لفت نظرها أوراق متناثرة على المنضدة فتناولت ورقة عشوائية لتفحصها بصوت هادئ :
-اذا لم تقع في الحب حتى الأن .. فتأكد يا صديقي من وجود قلبك في مكانه " جوزيف.."
أعجبت بكلماته كثيرا و وضعتها لتأخذ ورقة أخرى لفحصها :
-يجب أن يكون لديك شطر قوي متين .. حتى تستند عليه يا صديقي في المستقبل .. والمقصود بالشطر " امرأة.. "
بمجرد أن رأت جوزيف يهبط الدرج وضعت الورقة كما كانت .. مما انتبه جوزيف انها كانت تقرأ الكلمات ثم تقدم نحوها وجلس على الاريكة وهو يقول بحده :
-ابتعدي عن غرفتي يا صغيرة .. فاستيقظت اليوم بألم في ظهري
أطرقت رأسها متمته بالاعتذار ليرمقها بنظرة سريعة .. بينما رن جرس الباب لينهض جوزيف متجه نحوه وفتح ليجد الدكتور الذي هاتفه منذ ربع ساعة ومعه ممرضة .. تنحى جانبا ليدخل الدكتور وأخبر جوزيف جين بانه جاء ليتفقد حالة قدمها .. نظرت إليه متعجبة وعلمت أنه قد سأم منها ولهذا يريد التخلص منها في أسرع وقت .. لكن ماذا تفعل اذا ؟! وإلى أين ستذهب بعيدا عن والديها الذين قرروا زواجها دون احترام لرأيها وحياتها ..
رفع الطبيب قدمها المصابة على المنضدة وقام بنزع الشاش برفق بمساعدة الممرضة .. ثم تفقد حالة قدميها ليجد علامة زرقاء أثر اصطدامها في السيارة .. وبمجرد أن وضع انامله عليها تألمت جين و وجدت نفسها تبكي لكن ليس من الألم فالشعور بالألم الخفيف أخذتها حجة لتترك دموعها تهبط على وجنتيها بسبب زواجها الذي ينتظرها ..
انتهى الطبيب من الفحص وطهر مكان الاصطدام ثم وضع لاصقة على الكدمة الزرقاء .. و وضع شاش خفيف حول قدمها ثم اعطى جوزيف له المال الذي يستحقه وايضا الممرضة قبل أن يذهبوا .. نظر إليها رآها لا زالت تبكي فتساءل بسأم :
-لما البكاء الأن؟!
رفعت عيناها الباكية إليه وقالت بنبرة مؤلمة :
-قدمي تؤلمني
ثم نهضت وحاولت أن تسير عليها ولكن شعرت بألم وكادت أن تسقط ولكنه لحق بها امسكها جوزيف من ثيابها وضمها إليه بقوة لتصطدم في صدره متأوه .. عقد بين حاجبيه بقوة بينما استنشقت جين عطرة وفي لحظة شعرت إنها بخير وكأن الألم بتر من بدنها .. وشعرت بالنشوة فور استنشاق عطره الرجولي الساحر الذي جعل قلبها يذوب وينتزع من مكانه .. ثم اجلسها جوزيف على الاريكة برفق فمسحت دموعها بكلتا يديها وأخبرته أن فطاره في المطبخ .. تطلع إليها للحظات ولاحت ابتسامة على شفتيه ثم اتجه نحو المطبخ ودخل يتناول الفطار .. وضعت جين يدها على صدرها الذي يعلو ويهبط ودقات قلبها تدق برهبة شديدة ..
و وجدت نفسها تستلم للشعور بالحب والاعجاب .. ذاك الشعور جديد عليها ولكن هي أحبت ذاك الشعور كثيرا فجعلها تشعر بالنشوة داخل صدرها وعيناها اشتاقت لرؤيته بالرغم من أنه لم يغيب كثيرا عليها فقط ذهب من دقائق .. أحقا سيتعلق قلبها بحب شخص وتشعر بالاشتياق إلى الحبيب ؟!.. فاقت من شرودها عندما تذكرت زواجها وفجأة بتر شعورها بالسعادة والحب وشعرت بالحزن الشديد .. ثم حركت رأسها في كلا الاتجاهين كي تطرد الأفكار من رأسها وحدثت نفسها بهدوء :
-ما بكِ جين .. هو مجرد رجل مر في حياتك .. لا تستسلمي لهذه المشاعر اللعينة أبدا .. فلتهدأ يا قلبي قليلا
-تحدثين نفسك يا فتاة
انتفض بدنها ناظرة إليه بفزع وبمجرد أن وقعت عيناها عليه شعرت بشيء ما يترك عيناها ذاهبا في رحلة إلى القلب .. ليجعل قلبها يدق برهبة شديدة وكي تتلاشى ذاك الاحساس أشارت إلى الأوراق المتناثرة متسائلة :
-أنت من كتبت هذه الكلمات ؟!
تقدم نحوها و وقف يرتب الأوراق قائلا :
-لا .. شاعري الخاص هو من قام بكتابتها .. صديقي ارنو
***
بعد شراء الكثير من الملابس جلسوا داخل كافيه وهي تتفقد الثياب بينما يقلب جان فنجان القهوة شاردا .. وعندما انتهت أوجين من التفقد وضعت الأكياس جانبا ثم تناولت رشفة من القهوة ونظرت إليه لتكسر حاجز الصمت قائلة :
-اردت أن نأتي إلى هنا لنتحدث
توقف عن التقليب فجأة ثم وضع المعلقة جانبا ونظر إليها ببرود متسائلا :
-وهل بيننا حديث يا ابنة عمي؟!
لترد بتأكيد :
-نعم يا جان ..
ثم تنحنحت بخفة وتابعت بجدية :
-ابتعد عن أديل يا جان .. هي فتاة فقيرة تعمل لمساعدة والدها في جلب المال .. الأثرياء لا يختلطون بالفقراء أبدا
لاحت ابتسامة جانبية على شفتيه وأجاب بحب :
-اذا سأتخلى عن كل شيء لأكون فقير مثلها
غضبت أوجيني من حديثه الذي كالخناجر الموجه لها ثم قالت بحده :
-لقد سمعت عمي دانييل يتحدث مع أبي عن زواجنا يا جان
رفع عيناه ينظر إليها في دهشة فحركت رأسها تأكيدا على حديثها ليقول بنبرة عنيفة :
-سأعترض على ذاك الزواج .. أنا أحب أديل وسنتزوج
-ستجرح قلبك وقلبها .. اذا علم والدك سيطردها من المنزل .. وستكون السبب في تعاسة فتاة مسكينة ..
ثم أردفت :
-حاول أن تنساها يا جان
تحدث بحسم :
-سأتزوج أديل .. واذا رفض أبي سأهرب مثل الفتيات كما فعل أخي جوزيف
ثم وضع المال أسفل فنجان القهوة ونهض ليغادر تاركا إياها تستشيط من الغيظ .. وأخذت تتناول القهوة بعصبية بالغة حتى انتهت منها ثم تناولت الهاتف وتحدثت مع شقيقها توماس وأخبرته بكل شيء .. وهي تبكي مما غضب توماس من جان وتوعد له بعمل سيء سيقوم به .. ثم انهت أوجين المكاملة وأخذت تمسح دموعها و تناولت الحقائب وغادرت
***
كان جوزيف يستمع إلى فكرة الإعلانات من فيليب بسأم واضح .. مما لاحظ فيليب وتوقف عن الحديث ثم وضع أمامه مستند مسجل داخله جميع الأفكار ثم نهض عن المقعد وقال بحنق :
-تفقد فكرة الإعلانات بنفسك جوزيف بك
ثم غادر غرفة المكتب على الفور .. حمل جوزيف المستند وأخذ يفحصه ورقة تليها ورقة دون ملل .. وكأنه قد سأم من فيليب وليس من العمل .. دخل ارنو بعد أن دق الباب ثم وقف ليخبر جوزيف بإن فتاة من أحد فتيات الموديل قد أخذت اجازة .. أغلق المستند وهو يزفر وقال بعصبية :
-الوقت يمضي كسرعة البرق يا ارنو .. ولا وقت للمزح
-اهدأ يا صديقي فكل شيء سيكون على ما يرام
حرك رأسه بخفة ثم فتح ورقة من المستند وعلم عليها بالقلم .. و أخبر ارنو أن يذهب إلى فيليب وينفذ تلك الفكرة نفذ رغبته وغادر الغرفة .. نهض جوزيف وهو يتناول سيجارة وضعها بين شفتيه واشعلها ليزفر دخانها بالهواء .. ثم وقف أمام النافذة المفتوحة على ساحة الشركة والتي يصورون داخلها الموديل .. وجد جميع المصورون يصورون الفتيات للإعلان عن مجلة مساحيق التجميل الجديدة ..
دخلت تالة غرفة المكتب وأغلقت الباب بهدوء.. فالتفت جوزيف برأسه لينظر إليها وهو يسحب الدخان إلى صدره ثم عاد بالنظر إلى الأمام وهو يزفر الدخان بالهواء .. فيما وقفت تالة أمام النافذة المجاورة له لتنظر إلى ما ينظر إليه ثم تساءلت بهدوء :
-ستضع صورتي على غلاف المجلة ؟!
تعجب قائلا :
-ليس أنتِ من يضعون صورتك على غلاف المجلة
-أعلم .. ولكن جين لم تأتي بعد
نظر إليها عاقدًا حاجبيه قليلا شاردًا في أسم البطلة ثم تناول المجلة من يدها لينظر إلى صورة الغلاف ليجد فتاة جميلة ابتسامتها جعلتها أكثر جمالا .. نعم هو مشغول كثيرا لدرجة انه لم يفحص المجلات الخاصة بشركته ولم يصدق حتى الأن أن بطلة المجلة هي الفتاة الحسناء التي تقيم في منزله ..
نعم هو مشغول كثيرا لدرجة انه لم يفحص المجلات الخاصة بشركته ولم يصدق حتى الأن أن بطلة المجلة هي الفتاة الحسناء التي تقيم في منزله .. نعم حسناء وأكثر جمالا من القمر نفسه لم ينتبه لها من قبل والأن هي لفتت نظره ..
تقدم نحو المكتب واطفأ سيجارته ثم تناول معطفه وغادر على الفور دون أن يتفوه بكلمة مما تعجبت تالة من مغادرته السريعة والتي ليست في وقتها .. ثم اتبعته دون أن ينتبه منها وانتظرت حتى استقل سيارته واستقلت سياراتها ايضًا وأخذت تقود خلفه ..
عند وصوله صف السيارة وتناول المجلة وترجل متجه نحو الباب ثم فتحه ودخل مغلقا الباب خلفه .. وقف ينظر حوله حتى استنشق رائحة عطر رائعة وأخذ يستنشق بعمق .. ثم بدأ ينادي جين لتشعر بالارتباك وازدردت لعابها بصوت مسموع ثم اتكأت على العصى ودلفت إلى الداخل قائلة :
-نعم أنا هنا
اتجه نحوها ووقف أمامها ناظرًا إليها بنظرة إعجاب واضحة .. مما شعرت بشعور مضاعف للخجل وتلاشت النظر إليه رفع هو المجلة أمامها مسائلا :
-أنتِ بطلة مجلة j j العالمية ؟!
نظرت إلى المجلة ثم أخذتها من بين يديه وحركت رأسها بالإيجاب .. ضحك جوزيف ضحكة خفيفة متجه صوب الاريكة وجلس عليها بينما نظرت هي إليه متعجبة .. توقف جوزيف عن الضحك بابتسامة خفيفة متسائلا :
-تمتلكين مال خاص بكِ يا فتاة ؟!
-نعم .. أخبرتك في السابق
رفع حاجبيه بمرح وهو يقول بمزح :
-أنا الذي اعطي لكِ مالك الخاص هذا
عقدت بين حاجبيها بعدم فهم متسائلة :
-ماذا ؟! .. لست أفهم
نهض من مكانه متجه نحوها ووقف أمامها يتفحص ملامحها الهادئة بإعجاب واضح ثم اقترب من أذنها وعرفها على نفسه بالهمس فاتسعت عيناها في ذهول بينما تابع بذات الهمس :
-تضعين عطر يجعل القلب يذوب داخله .. ويشتت العقل .. ويجعل العين محتارة بالنظر بين عيناكِ و شفتاكِ
ثم اغمض عيناه يستنشق عطرها ثانية ثم تركها وصعد إلى غرفته .. تركها واقفة كالصنم لم تصدق ما تحدث به للتو هل قال تلك الكلمات لها حقًا ؟! .. يا الأذن أحقا سمعتي ذاك الهمس ؟! أفكار واسئلة مثل هذه تدور في رأسها لدقائق قليلة ولم تفيق من شرودها سوى على صوت المجلة التي سقطت من بين يديها على الأرض .. فانحنت لتأخذها ثم جلست على الاريكة تطلع إلى الفراغ ولا تزال لا تصدق هذا أبدا
***
صعد توماس إلى غرفة جان وأخذ يبحث في أغراضه عن أي شيء متعلق بـ فتاة المزرعة ولم يجد سوى دفتر مكتوب عليه أسم " أديل.." قام بفتح الدفتر كي يتفقد بعض الكلمات التي على السطور .. الذي دونها جان بكل حب من أجل فتاته.. ابتسم توماس ابتسامة ساخرة وحفظ بعض الكلمات ثم ترك كل شيء كما كان و غادر الغرفة قاصدًا المطبخ ..
عند وصوله وقف عند عتبة الباب ينظر إلى أديل بنظرات توحي بالوقاحة وأخذ يتأملها من أعلى لأسفل .. هي لم تنتبه إليه قط بفضل انشغالها الشديد بإعداد .. بعد لحظات دلف إلى الداخل متجه نحوها و وقف إلى جوارها ينظر إلى ما تفعله نظرت إليه متعجبة ثم تابعت تقليب الطعام متسائلة :
-تريد شيء توماس بك ؟!
-كلا .. فقط اراكِ وأنتِ تعدين الطعام