الفصل الرابع

عيون الشيطان  ح 4
عثمان لم يكن هو نفسه ماكان عليه في الماضي فقد اصبح شخصا مختلفا تماما
اصبح مثل وهدان في تفكيره وتدبيره
اصبح عاشقا للدماء ويفكر في تفكير شيطاني فأصبح وهدان يعتمد عليه في كل شئ ويطلب منه اشياء يصعب على الجميع فعلا وعثمان بدون نقاش يوافق على رأبه ايا كان ويفعل مايريده منه
كرهت مريم نفسها كلما اقترب منها ذلك الوغد حاولت الانتحار اكثر من مره لكنه كان في كل مره ينقذها فيجعلها تموت يوما بعد يوم روحا وقلبا بجواره
مرت الايام والشهور والسنين حتى اصبح زين الصغير يبلغ حوالي 5 اعوام
وكانت مريم تهتم به كثيرا وتحاول ان تغض بصره عما كان يفعه ابيه وزوجها

وذات يوم كانت تجلس برفقه جليله وكان الصغير يلعب امامها بالقطار الدوار وهو فرح
نظرت لجليله
ـ يااه خمس سنين ياجليله عدو
جليله بتنهيده
ـ ايوا امال ياست هانم الايام بتجري اسرع من السحاب
بس اسم الله عليه سي زين الصغير بيكبر وذكي  وحنين ماشاالله عليه
طب دا انتي عارفه قبل يومين كان بيلعب ف الجنينه وانا بقى  عملت زي ما انتي قولتيلي مكنتش معاه بس مراقباه من بعيد علشان اديله حريته واسيبه يعمل اللي هو عاوزه واشوف تصرفاته هتبقى ايه

نظرت لها مريم بفضول
ـ ها وشوفتيه عمل ايه احكيلي

اكملت جليله
ـ شوفته عمال يلعب وشكله حلو اوي وفجأه وقعت حمامه جنبيه كانت ياحبت عيني عليها مربوطه ومش عارفه تطير
ودا اسم الله عليه قام مقرب منها وفضل
يشيل الخيط براحه من حوالين رجليها لحد ما اتشال كلو وبعدها طيرها و

واغمضت عيناها وهي تتذكر ماحدث في هذا اليوم
فقد كان الصغير فرحا للغايه لانه استطاع انقاذ تلك الحمامه المسكينه
لكن والده فعل مالم يتوقعه احد
اتى اليه وقال
ـ اي دا انت بتعمل ايه يا اخرت صبري

زين بفرحه ـ كنت بلعب يابابا ولاقيت حمامه مش عارفه تطير علشان في خيط على رجلها ومكتفها
وانا شيلته يابابا
مش انا كدا شاطر يالا هاتلي شوكلاته بقى زي اللي بتجبهالي عمتو

اقترب منه وهدان قليلا
ـ لا انا مش هجبلك الشوكلاته انا هجبلك
عربيه تسوقها وتلعب بيها ف الجنينه زي ما انت عاوز تعمل حاجه

زين نظر لأبيه وهو يرى نظره الغموض الموجوده بين عيناه
اكمل وهدان وهو يمسك بالبندقيه
ـ نصطاد الحمامه دي انا وانت يالا يابطل عاوزاها تبقى سايحه ف دمها

صرخ الطفل وهو يرتعش كيف يطلب منه ابيه في هذا السن الصغير بحقن دماء هذه الحمامه البيضاء التي ترمز بالسلام له

وهدان ـ جرا ايه ياض متنشف اومال
ياعثمان
انت يازفت ياعثمان

اتى اليه عثمان مسرعا
وهدان ـ روح هاتلي حمامه وسكينه بسرعه

حاول الطفل الافلات من يد ابيه لكنه لم يستطع
واتى عثمان ومعه الحمامه والسكين
امسك وهدان بالحمامه واحتضن ولده من خلفه وامسك بالسكين وقام بذبحها امامه فطرطشت الدماء على وجه الطفل لتزيده خوفا ورعبا فوق خوفه 
اتت مريم اخيرا واخذت الطفل من بين يد ابيه
وقالت ـ انت ايه اللي بتعمله مع زين  دا حرام عليك ياوهدان الولد صغير و برئ وعوده اخضر  ف قسوه القلب اللي فيك دي
وهدان امسكها من شعرها 
ـ هو مين دا اللي عوده اخضر هو بنت بنوت ولا ايه هااا
الواد دا لازم يطلع زيي الواد دا شيطان مش طفل برئ طالما اتخلق بعنين بيضه
يبقى دا الشيطان اللي عشت احلم بيه عمري كلو هو دا اللي هيبقى خليفتي ف الملاعب
يعني الواد دا هو اللي هيمسك شغلي بعد عمر طويل ليا

مريم ببكاء ـ حرام عليك ياوهدان مش كفايه اللي حصل لأمه واللي كنت انت السبب فيه

وهدان ترك اخته وقد شعر بالذنب لوهله
واردف وهو ينظر للأرض
ـ مش انا اللي قتلتها هي اللي مسمعتش كلامي، وانا ياويله ياسواد ليله اللي ميسمعش كلام وهدان كبير البلد كلها

كان حديثه يعني الجبروت والظلم وهذا لم
يكن جديدا على طاغي مثله
ومن ثم رفع عبائته وتوجه وابتعد عن مريم وابنه واتبعه عثمان ذراعه الايمن

اما مريم فأقتربت من الصغير واخذته بين ذراعها واخذت تربت على كتفه بحنان ليعوضه الله بتلك العمه الحنونه بدلا من امه التي وافتها المنيه في وتركته رضيعا

مرت الايام والسنين وكان وهدان كلما مر
على صغيره كان يرميه بالظلم والإفتراء، كان بدلا من ان يريه حنانه ويعوضه عن فقدان امه كان يضغط عليه ويجلسه مع الظالمون الطغاه وكلما كان يعذب احدهم كان يحضره ويريه حقن الدماء
كل ذلك كان من الصعب ان طفل صغير بعمر زين ان يتحمله
لكن القدر يقول في ذلك مايشاء لعله يحدث بعد ذلك امرا

بعد مرور خمس سنوات اخرين اصبح زين شابا يافعا تعلم من والده فنون القتال والمبارزه بالأسهم وايضا علمه ركوب الخيل والجلوس معه في جلسات العرف للمناقشات في مشاكل البلده كل هذا وقد جعله كبيرا قبل اوانه ولكن كان بداخله بعض العطف والحب والحنان الذي كان يخفيه عن ابيه لكي لا يعرف عنه ذلك فيقسو عليه
اما مريم فقد كانت علاقتها طوال العشر سنوات مع زوجها عثمان لا روح لها
كانت حياه بدون روح
دلف اليها زوجها كالعاده في نهايه اليوم
ووجدها جالسه وهي ترتدي ثياب سوداء باهته وتربط رأسها بمنديل اسود لا تظهر شيئا من جسدها تحاول بقدر الامكان ان تظهر امامه بلا شكل ولا هيئه كل لا يشتاق لها ويقترب منها
عثمان ـ ياساتر يارب سلام قولا من رب رحيم
جرا ايه ياوليه الرجاله كلها بترجع بيوتها يلاقو الاحمر والابيض والاخضر
وانتي لابسالي الحزن وقاعده
كل يوم اسود اسود جاتك السويد على دماغك ودماغ اخوكي

مريم ـ وانت ايه اللي جابرك على كدا متطلقني
عثمان ضحك بسخريه ـ هههه اطلقك ومالو
بس ياترى اخوكي هيحبني ويخليني اشتغل معاه ولا هيطردني برا

مريم ـ هو مش بيحبك ولا مشغلك معاه
دا مشغلك عندو دلدول عارف يعني ايه
يعني مالكش لازمه غير انك بتمسح جزمته وتلم وراه الجرايم السودا اللي بيعملها
يعني عامله ممسحه زي اللي بنمسح بيها السرايا

لم يعرف ماذا يفعل عثمان فقد اثارت غضبه كثيرا فكور يده وحاول تمالك اعصابه قدر المصتطاع قبل ان ينفجر امامها ويفعل شيئا يجعله يدم ف النهايه
وبسرعه اخذ عبائته ودلف الى الخارج وهو يحاول  السيطره على غضبه
كاد ان يخرج من القصر ولكنه دلف الى الشرفع المجاوره للغرفه ليشرب بعض السيجار الذي سيجعله اهدى قليلا واخذ ينفخ به مرارا وتكرارا حتى شعر بالرغبه اليها
بعدما غادر عثمان  كانت مريم شعرت بالإرتياح كثيرا وظنت انه لم يعد وسيقضي الليله في الخارج مما جعلها تخلع العبائه السوداء والطرحه ايضا واردفت بداخلها
ـ ياساتر غمه وانزاحت
ودلفت الى الحمام وارتدت بعض الثياب الخفيفه التي تظهر جمال جسدها وفردت شعرها ووضعت بعض الكحل على عيناها الزرقاوتين مما جعلها انثى جميله في كامل
جمالها وحسنها التي يجعل اي رجل يرتمي تحت قدمها
واخذت تحكي مع نفسها قليلا
ـ ياااااه كل الجمال دا دفناه جواكي يامريم
ااااه ياما كان نفسي ابقى زي كل البنات ف البلد
اتجوز واخلف ويبقى ليا زريه
مش راجل متخلف ميعرفش ربنا
منك لله ياخويه
اللهي تنظلم زي ماظلمتني انا وعزيزه وبتظلم ف ولدك زين

وفجأه دلف اليها زوجها عثمان
التقت عيناها الزرقتان  الى عيناه السود المكحله فسقت قلبه ارضا تحت قدميها فور رؤيته ليها
فقد كانت اجمل فتاه يراها على الاطلاق
كانت عكس ماكان يراها من قبل
لم يصدق كل هذا الجمال
بسرعه اخذت طرحه من حوارها وحاولت ان تخفي بعض جسدها عنه وهي تنطق بخوف
ـ انت ايه اللي جابك هنا امشي اطلع برا

لم يجيب عليها لانه  كان مشغولا هو وعيناه بأمر اخر وهو جمالها الذي لم يصدقه واخذ صدم قليلا

مريم ـ بقولك اطلع برا
قفل الباب خلفه والقر  عصاه في الارض
واردث وهو ينظر لها
ـ اطلع برا فين بس
بقى كل الجمال دا حرماني منه بقالك عشر سنين
ياقلبك القوي
انتي ايه
مش ست
معندكيش احساس
مكنش نفسك ف مره اني اقرب منك
احسسك بأنوثتك واحسسك برجولتي

كان كلامه يتضح لها انه يريد منها شيئا ما
شيئا يشبه حركاته وكلامه
فأخذ يقترب منها خطوات
مريم بخوف ـ انت هتعمل ايه ياعثمان اوعى تقرب مني
عثمان وهو يأكلها بعيونه
ـ هدوق الشهد اللي بقالي عشر سنين حرماني منه تعالي ف حضني
واقترب منها رغما عنها واخذ مايريد وهو كالعاده يغتصبها بدوت موافقتها فقد كان انسانا اقل ما يقال عنه انه وحش مفترس
وبعد مايقارب النصف ساعه ابتعد عنها اخيرا ودلف الى الحمام الملحق بالغرفه
واخذت مريم تحاول امتلاك اعصابها
وهي تشعر بالإهانه والظلم من هذا الوغد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اما زين فقد ذهب الى مكانه المظلم الذي يحب دائما ان يغتني بنفسه فيه
فهو دائما بعد عذاب وشقاء يوم بأكمله يذهب الى تلك المكان الخالي ويخلع عدساته التي تجعله مثل باقي البشر ويجلس بعيدا بمفرده
وفجأه دلفت المكان فتاه جميله وكان معها شيئا ما وتلتفت حولها خوفا من ان يراها احد
رن هاتفها فأمسكت به واجابت فورا
ـ ايوا يامه حاضر قولتلك حاضر هدفنه وجايه سلام بقى احسن حد يسمعنا

وقفلت الهاتف سريعا وتوجهت الى احدى الاشجار وقامت بدفن ورقه صغيره منطويه يبدو على شكلها انها عمل

زين بداخله ـ يخربيت ابوكي واللي جاب ابوكي ايه اللي بتدفنيه دا يابت
بتدفني عمل اكيد ما انتي بنت السحاره

وبعد ان انتهت توجهت الى الطريق العام
لتبحث عن السائق الذي كان بإنتظارها فلم تجده
ـ يخربيت السواق هو راح فين دا كمان انا المفروض اروح دلوقتي اعمل ايه ومين هيوصلني السعادي

فنظرت يمينا ويسارا فوجدت سياره تقترب منها
ـ الحمد لله اخيرا لاقيت عربيه اهو يامسهل

وعندما اقتربت اكثر وجدت ان بها بعض الشباب المخدرين الذين يشربون المسكرات
وعقلهم ذاهب

الفتاه بخوف ـ نهار اسود ومهبب ايه دا
دول شويه صيع
ط طب اروح فين ولا استخبى ازاي
وخلال ثواني اقتربت منها السياره ووقفت ونزلو منها اربعه شباب
كان زين يراقب الوضع من بعيد في صمت

اقترب احدى الشباب السكير
الاول ـ ايه ياقمر ايه اللي مسهرك لوحدك كدا
الثاني ـ تحبي نسهر معاكي نسليكي ياست الحسن

اخذت تتمتم في نفسها ببعض الكلمات التي لا تفهم
الثالث ـ جرا ايه ياحلوه انتي بتقري قرآن
الرابع، لا دي بتقول تعويذه اصلها دي تبقى بنت نبويه السحاره

الاول ـ اه يعني هتسخطنا قرد ولا ايه عايز افهم
الرابع ـ لا مش هتعرف تعمل حاجه اصل امها دجاله واتقبض عليها كذا مره قبل كدا
وعملت عمل ف وهدان كبير البلد بس محصلوش حاجه وعايش زي القرد بياكل ويشرب ويظلم ف الناس براحته

سمع زين جيدا لما قاله الفتى واحتفظ الكلام برأسه لانها اثار اهتمامه كثيرا

الثالث ـ يعني حلال علينا بنت نبويه السحاره نتعشى بيها الليله

اخذ ينظر اليهم ويفكر في كلامهم
لكن عندما وجد الفتاه في خطر قرر ان يقتررب لينقذ الامر
فأخذ نضارته السوداء وارتداها بسرعه
و اقترب منهم عندما وجدهم يحاولون اغتصابها فإحدهم امسك بعبائتها وشقها نصفين

زين وهو يصفق
ـ برافو برافو عليكو يازينت شباب الكفر
ياللي المفروض تبقو حماها وسندها وضهرها

الاول ـ اه وانت مين بقى ياللي جاي تعلمنا الادب وفارد ضلوعك علينا

الرابع ـ دا دا يبقى ابن وهدان الدمنهوري
اللي نبويه عملت لأبوه العمل

الثاني ـ طب ولابس نضاره ليه يابرنس
دا احنا ف عز الليل ولا انت بتخاف من ضوء القمر
الاول ـ لا دا شكله كدة بيتكسف

زين بثقه ـ لا انا خايف عليكم انتو بقولك ايه ياوحش انت وهو لو باقيين على عمرك انت وهو نصيحه خد صحابك واخلع

لم يخافو منه ولا من تهديده بينمة اقرر الاربعه الهجوم عليه

اما زين فأخذ يضربهم بحرفنه شديده وكأنه مدرب كاراتيه مثلا
وهذا كله يرجع لأبيه الذي اهتم بهمنذ الصغر واخذ يروده مثما يرود الاسود
وبعد كل الضرب والقتال امسك الاخير بنضارته وسحبها عن وجهه وكسرها ورأي عيناه
البيضاء فصعق ورعب وبشده مما رأي
واغمى عليه قبل ان ينطق بكلمه واحده

اخذت الفتاه تمدح فيه وبشده
ـ الله عليك ياحبيب والديك ايه الجمال
دا والنبي لو هركليز بنفسه جه هنا ماهيصدك الشقلبظات اللي شوفتها دي بجد برافو عليك

كانت تقترب منه وتحاول مدحه حتى اصبحت خلفه تماما
ولم يعرف زين ماذا يفعل يستدير ويريها عيناه البيضاء لاول مره كي تخاف هي الاخرى ام ماذا يفعل

يتبع....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي