الفصل السادس
.....
أنهى محمد قوله وألتف حول مكتبه، والتقط سماعة الهاتف، واستدعى موظف الكانتين ليُعد له فنجانين من القهوه المظبوط، وتابعه أيمن وهو يبادل نظره بينه وبين التاجر الذي غادر الغرفه دون أن يجيب محمد علي حديثه، لم يدر لما راوده شعور بالإرتياح، فمحمد بدا أمامه واثقا من قراره تماماً، بعيونه القاتمة الحادة، ووجهه المتصلب وجسده المشدود، زم شفتيه وبدي شارد الذهن، في حين وقف محمد عاقداً ساعديه أمام صدره، يحدق بأيمن ضاحكا، لم تمض إلا لحظات، وولج عامل الشاي ثم وضع مابيده على المنضده المقابله للمكتب حانيا رأسه
-تأمرني بحاجه تانيه يافندم؟
أشار له محمد مبتسما
-لا كتر خيرك ياعم عوض، روح انت
جلس كل منهما على مقعده حتى بادر أيمن بقوله
-أنا عايز أعرف أنت ليه ملتزمتش بإلنصيحه اللي بلغتك بيها قبل مو اسبوعين!؟
ارتبك محمد وتطلع إلى أيمن بحرج وأجابه بصوتٍ مضطرب
-بصراحة يا أيمن مش عايز اجازف بوظيفتي هنا، خايف افشل هناك وارجع ألاقي وظيفتي اخدها حد غيري، وبنتي الوحيده عايزها تتربى وتكبر وتحقق حلمها هنا في مصر.
اجابه أيمن بصوته العالي وحدته، وهو يشعل سيجارته ثم أشار إليه بيده
-إنت حر يامحمد بس ماترجعش تندم بعدين، يلا خليني اشرب قهوتي وارجع مكتبي، على فكره... البنات ال هيفرحوا بقرارك ده أوى.
ثم تذكر رد فعل هايدي السابق، تحدث شاردا من بين أسنانه
-مراتي ال هتفرح اوي، مش بعيد تقولي روح للتاجر انت وقوله انك عايز تسافر، ربنا يسترها لما نرجع البيت
منعه محمد من التحدث مع أي شخص في البيت عن الموضوع لانه يخشى ان تنهار مروه من الحزن والبكاء، لحين يفكر في أسباب مقنعه يبلغها بها؛
شحب وجه أيمن وأدرك أنه ليس الوحيد الذي يخشى زوجته، ثم همَّ بالوقوف
-أنت دخلتنا كلنا في حيط سد، ربنا يسترها، قوم اقعد على مكتبك وانجز شغلك امال
انصرف أيمن بائسا، في حين تجمدت أوصال محمد، واحتقن وجهه لتوتره المفاجئ من مواجهة مروه، حين أنهوا دوامهم وعاد كل منهم الي منزله؛
تجنب محمد الحديث مع زوجته أو النظر إليها، تيقنت مروه أن هناك أمرا ضروريا لم يتفوه به بسبب حدته وجموده، ليزيد من يقينها بتغيره الغامض معها، بتجاوزه إياها مُشيحاً بوجهه عنها، ووجه حديثه للمياء
-لو سمحتي يا لولو هاتي كوباية ميه أشرب، وبعدها اعمليلي فنجان شاي من ايدك الحلوه دي، وهاتيهولي في أوضتي عشان عايزك
صدم مروه تجاهله التام وحدقت بظهره بتوجس، في حين تعمد محمد التمهل بخطواته، ووقف أمام باب غرفته وقال بفتور
-على فكرة يامروه انا خلاص رفضت السفريه وهفضل في وظيفتي بالمصنع، قلت اعرفك قبل ما تعرفي من ام بيسان وتيجي تتخانقي معايا اني خبيت عليكي، أنا عندي صداع هدخل اريح شويه مش عايز أي إزعاج
أوقف محمد كلماته وحدق بوجه مروه الساخط بسخرية، وارتسمت ابتسامة متهكمة فوق شفتيه أعقبها
-إيه يامدام، اتسمرتي في مكانك كده؟!
صمت فجأة واكفهر وجهه وأظلم وأردف بهدوءٍ مريب
-ادعيلي انتي بس ربنا يوفقني في المصنع واتثبت عشان يبقالي معاش
انتفضت مروه، واستدارت بقلب مكلوم وعيون دامعة تحدق بوجه محمد، بينما وقفت لمياء تتطلع إليه، وعلى وجهها ارتسمت إمارات البهجه والسعاده، الذي سرعان ما تلاشى أمام نظرات والدتها الغاضبة، زفرت مروه بضيق وزمت شفتيها، وهتفت في النهاية بعصبية
-ضيعتنا وضيعت نفسك، ليه ايه في البلد دي تبكي عليه، يامصيبتك السودا يامروه، ياشماتة الأعادي فيكي يامروه، أشق هدومي منك ولا اعمل ايه، ازاي بعد ماكنت طاير من السعاده ترفض كده بسهوله، يالهوي يامه
شهقت لمياء لا تصدق أن يكون موقف والدتها من والدها غريب هكذا، وأثار دهشتها كلماته وجموده، اضطربت فجأة وتساءلت، ماذا فعل أبي لتغض أمي الطرف عنه وتهاجمه؟
ابتلعت كلماتها، حين زجرها محمد بنظراته ولزمت الصمت، وازداد الموقف ارباكاً لها ما أن ولجت مروه بوجه مقطب، فجعلت محمد يزدرد لعابه بتخوف، أمام نظرات الإدانة والاتهام التي حدجته بها مروه، أمام صمت محمد وقول مروه، تحركت لمياء ووضعت الفنجان من يدها على الكومدينو بجانب الفراش، لتغادر مهروله الي غرفتها، تركتهم يتصافوا مع بعضهما دون تدخل منها.
الأغرب ما سيكون رده على تطاولها وإهانتها له، بينما ثارت مروه غضباً بعدما ولج محمد إلى داخل غرفته وأغلق الباب بوجهها، حينها اندفعت مروه خلفه وأسرعت بالوقوف أمامه لتكمل حديثها الغاضب، فدفعها محمد بقوة واسقطها أرضاً ثم إلتفت إليها وحدق بوجهها بغضب
-انتِ مش شايفة أنك اتجاوزتي حدودك، أكتر من اللازم يا مدام ولا ايه، لعلمك أنتِ لو فاكرة أنك علشان مراتي، يبقى من حقك تتطاولي عليا وتهينيني، تبقي غلطانة لأني سيبك علشان لمياء ماتتوترش وتعرف تذاكر، بس لو هتتمادي اكتر من كده يبقى انتي ال جبتيه لنفسك، عايزه ايه؟ انتي ليكي ماينقصش حاجه في بيتك وبس. مدام، وعمومًا أنا هصلح الغلط دا أقرب مما تتخيلي، لإني مش هقدر اتحمل سخافاتك وأذاكي أكتر من كدة، ودلوقتي لو سمحتي أتفضلي من غير مطرود، عايز انام عشان راجع تعبان من الشغل.
لم تصدق مروه أن من يقف أمامها، ويحدق بها بكراهية، هو محمد العاشق لها بلا حدود، لم تصدق أنها خسرت قلبه الملهوف عليها، والساعي دومًا لأرضائها، ظنته بغرورها سيظل مُتيمً بها، ولن يستطيع الأستغناء عنها، وأنها ستُعيده إليها بإشارة دلال وكلمة محبة من جانبها، لكن أن يُظهر كراهيته لها هكذا، لم يخطر أبدا على تفكيرها، حاول عقل مروه أن يُفكر في أي كلمات لتخبره بها، لعلها تخفف عن نفسها وقع الصدمة، ولكنها تجمدت بمكانها حين ازاح محمد من أمامها والقى بنفسه على الفراش،
فازدردت لعابها بخوف، وأدركت بأنه لن يعاود التفكير فيما فعله، قبل أن يعاود عقلها التفكير كان صياح لمياء عليها، كصاعقة البرق تضربها، جحظت عيناها ودموعها رغمًا عنها تسيل لأحساسها بالألم، وأمام نظرات واشمئزاز محمد منها، نكست مروه رأسها، وغادرت الغرفه ثم اطرقت الباب خلفها بعصبيه، وتوجهت الي غرفة لمياء لترى ماذا تريد
-مالك يابت، اتسرعتي كدا ليه، لايكون تعبان قرصك ولا حاجه! عايزه ايه؟
خفضت لمياء رأسها هرباً من نظرات والدتها القاسيه المتسائلة، وحاولت السيطرة على دموعها، في حين غلفت مروه وجهها متجهمه صارمه وأبعدت عيناها عنها، وتغاضت عن رؤيتها لدموعها التي لامست قلبها وأثارت حفيظتها، ولكنها نحن ما يدور بخلدها مؤقتاً وأردفت مستكملةً حديثها
-على فكره انا عارفه انتي ناديتي عليا ليه، خايفه على زعل باباكي أوى، عموما يا اختي ماتقلقيش اهو حرق دمي ونام ولا على باله
إزداد انهمار دموع لمياء بقلبها الحساس وسيل كلمات مروه يصفعها بلا شفقة، وكيف تشفق عليها وهي كسرت وخذلت من قبل محمد، اهان أنوثتها بأفعاله، أضاع حلمها في لمح البصر وتلاعب بها وفق أهوائه.
لم تؤثر دموعها بمروه فأشاحت بوجهها عنها وأردفت بسقم:
-سيبي يابت ال ف ايدك وقومي هاتيلي كوباية زفت ميه اشربها، هتموتوني ناقصه عمر انتي وابوكي
تفهمت لمياء حزن والدتها فقامت عن مقعدها بعدما مسحت دموعها وألقت بنفسها بحضنها كي تخفف عنها آلامها، ثم شرعت رأسها و قبَّلتها من وجنتها
-ماما ياحبيبتي، مش عايزاكي تزعلي نفسك من اي حاجه، يمكن ده الأحسن لينا، عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وبعدين انا عارفه ان بابا بيحبك ومايقصدش، عشان خاطري روقي كده، وسبيها على الله المهم اننا مع بعض مش محتاجين حاجه من حد.
في هذه الأثناء تشجع ايمن أيضا وأبلغ أسرته بما حصل وهو يرتجف بعض الشيئ من رد فعل هايدي؛
سقط ماكان بيدها على الأرض ثم ارتمت فوق مقعدها بعيون جاحظة، أسرعت بيسان إليها وجثت على ركبتيها أمامها، واحتضنت وجهها بين كفيها بخوف متسائله
-ماما، مالك يا حبيبتي، انتي كويسه؟
أطلقت هايدي ضحكتها بعدما التقطت أنفاسها، ثم قامت بضم بيسان إليها بقلبٍ يرجف فرحا، واستسلم أيمن لمزحها السخيف، جلس يزفر ويهز رأسه يمينا ويسارا
لم يستطع التفوه بكلمة وأنتحب، صدم هايدي ضعفه الغريب ونحيبه، فانهمرت دموعها تشعر بأن هناك أمر جلل حدث، وما أن وصل إليها هذيانه حتى تجمدت وابعدت بيسان عنها، لتحدق به بفضول وسألته بعينها السعيده، فأجابها أيمن بشهقات حاول تمالكها:
- أنا عارف هتقولي ايه، بس عايزك تريحي نفسك لاني مش هاتكلم مع الراجل ومش انا ال آخد فاضلة خير حد،
هزت هايدي رأسها برفض لا تصدق قوله وأجهشت في البكاء، واحتضنته تغمرها المرارة لفقد الوظيفه، ولم يكد يمر دقائق، حتى سمعا كلاهما صوت طرقات، فانتشلت بيسان جسدها من فوق المقعد وجلست والدها ومنعه من الحركة واتجهت هي ليرى القادم،
أوقف أيمن حديثه حين فتحت بيسان الباب، لتصدمها هيئة لمياء وهي تقفز من السعاده ثم إرتمت في حضن صديقتها
-مش قولتلك يمكن يحصل حاجه وبابا ما يسافر، عشان تبقى تصدقيني،...
أوقفتها بيسان غامزة بجفنها وهي تعض على شفتاها
-الجو متوتر جوه يابت، تعالي ندخل اوضتي ونتكلم جوه احسن.
تراجعت هايدي خطوة للخلف وحدقت بلمياء رافعة حاجبها الأيسر، لاتصدق رد فعل لمياء وهزت رأسها والتفتت تشير لبيسان، وأردفت
-وتدخلي جوه ليه، تعالي اقعدي جنبيهنا واحكيلي ايه ال حصل، ومامتك عامله ايه دلوقتي؟
ارتسم الشك فوق ملامح أيمن فربتت بيسان فوق كتفه غامزةً
-انت اكيد تعبان، قوم يابابا ارتاح انت في أوضتك شويه
جلست لمياء بجانب هايدي وتحدثت إليها ببراءه، وهي ترمق صديقتها بيسان، فتجاوزت والدتها واسرعت باتجاهها، واحتضنتها وأخبرتها بأن تكف عن الحديث، ثوان وكانت تجذبها من جانب والدتها لتضمها وتقبل جبينها
-احلى حاجه في الموضوع فعلا اننا مش هنفترق وهنفضل مع بعض للنهايه، قومي بقى خلينا نقعد جوا لوحدنا شويه، بعد اذنك ياماما، لو حابه روحي اقعدي مع طنط مروه شويه.
هزت هايدي رأسها بالنفي وأردفت وهي تحمل هاتفها من أعلى الطاوله
- أنتِ خدي صاحبتك وادخلي ياختي، ملكيش دعوه بقى انا هعمل ايه؛ وكفاية عليكي التوتر والقلق اللي اتسببت لك فيهم
إبتسمت لمياء وحدقت بها بمحبة، فحمحمت بيسان وأردفت مازحة
- أنا بقول كفايه محن لحد كده، وتقومي تاخدي بابا في حضنك وتناموا او تدخلي المطبخ تعمليلنا طبق فاكهه من ايدك الحلوه دي وتجيبهولنا الأوضه، نتسلى فيه واحنا بذاكر
وكزتها لمياء وقطبت جبينها وأشارت إلى وجه هايدي الذي احمر حرجًا، وقالت ضاحكة
- والله يا طنط بنتك دي بتتسلي عليكي، عايزه تشغلك بأي حاجه وخلاص، عموما ماتتعبش نفسك لاني اكلت الحمد لله وشربت شاي كمان، ارتاحي انتي وامتتعبيش نفسك في اي حاجه، ماتسمعيش كلامها.
اخفت هايدي ابتسامتها وعبست بوجه بيسان، وقالت بصوت كافحت لتكسبه الجدية
-على فكرة لمياء دي عاقلة ورزينه في كلامها كده، إنما انتي ياخوفي منك، اتعلم منها شويه ويلا امشي على اوضتك هقوم انام جنب باباكي شويه أريح جيمي.
مال أيمن وجذب هايدي بين ذراعيه وهمس إليها بصوتٍ خافت:
-خفي لبسك شوية يا حبيبتي عشان اعرف احضنك كويس، عايز احس بملمس جسمك الطري ده على جسمي
رمقته هايدي بدهشه وهمست بصوتٍ خفيض حرصت ألا يصل إلى الفتيات في الغرفه المجاوره
- بذمتك أنا لبست لك حاجه تقيله قبل كده ياراجل انت، وش عبد المجيد، طيب لو أنا لبساه زي ما بتقول، مد ايدك والمس جسمي وانت تتأكد من كلامي.
كاد أيمن أن يتحسس جسدها ولكنها دفعته عنها، حينها اردفت اليه بعفوية
-إوعاك تكون مفكر اني عديت موضوع الفيزا ده عادي كده، لا ياحبيبي، بس سيباك براحتك ولعلمك انا مش هتنازل عن فكرة السفر دي بس مش نفس فيزة محمد، عايزك لما التاجر يجي المصنع تتكلم معاه وتخليه يبحث لك عن حاجه احسن، تعالي في في حضني بقى من غير ما تقول ولا كلمه، عشان مش عايزه اخرج من المود الحلو ال انا فيه ده.
انفجر أيمن ضاحكًا، وحدق بوجه زوجته الذي خضبه الخجل، وهددها بنظراته الصامتة أن يُجيب تساؤلها، فكممت وهتفت بصوت متلعثم
- لو سمحت ياحبيبي هات شفايفك الحلوه دي بين شفايفي، عايزه استمتع بيهم شويه، معانا ساعه بالكتير لحد ما بنتنا تخلص مذاكره مع صاحبتها.
اختطف أيمن شفتاها واحتضنها بين ذراعيه، ثم مال نحو اذنها هامسا
- ابوس ايدك وكل حته في جسمك، لما نكون في السرير ماعنتش تتكلمي في اي مواضيع مش ظريفه، تعالي في حضني ياجزمه وحشاني موت يابت
مالت هايدي نحو اذنه وهمست
- أنا بحبك اوي ياروحي ونفسي اشوفك أنجح راجل في الدنيا، يمكن تكون أحلامي كبيره بس ده مايمنعش اني فخوره بيك.
ضجت الغرفة بصوت صياحهم ونشوتهم المرتفعه، سحبوا الغطاء فوق رؤوسهم كي لا يخرج صوتهم الي خارج الغرفه، التصقت اجسادهم ببعضها وولج قضيبه في فرجها لتستمتع معه أسعد لحظات بحياتها، ثم بعد ذلك ظلوا نائمين بأحضان بعضهما لساعتين كاملين، لم بستيقطوا الا حين طرقت عليهم بيسان باب الغرفه، انتفضت هايدي وارتدت ملابسها ثم أجابتها بصوت متحشرج
-ايوا يابنتي، في حاجه، شويه كده وجيالك اهو
بالخارج وقفت بيسان تطرق فوق باب الغرفة، تستجدي والدتها ان تخرج وتتحدث إليها.
-لا ياماما خليكي، انا جيت اقولك بس اني هروح مع لمياء عندهم شويه وجايه
ثن استدارت وغادرت المنزل بصحبة لمياء بعدما بدلت ملابسها، عندما ولجوا داخل تفاجأوا بمروه عاقدة يدها فوق رأسها وهي تبكي وتنوح، انتبهوا لها تتمتم
-تعالى يامه شوفي خيبة بنتك القويه في جوزها، اروح فين واتكلم مع مين ياربي، هو الفقر هيسيبني ويروح فين!؟
شحب وجه لمياء وعيناها تحدق ببيسان، ابتعدت عنها واقتربت من والدتها وربتت فوق كتفها بعطف، فلأول مرة تراها بتلك الحالة، في حين تحاملت مروه على ما تشعر به من ألم، واستندت إلى الحائط ووقفت تحدق بإبنتها بحزن ويأس وأردفت
-عمرنا ماهنإب على وش الدنيا أبدا، كنت لسه هقولك اتكلمي مع ابوكي انتي يمكن يسمع منك، نسيت انك من البدايه اصلا كنت عايزاه يرفضها؛
غادرت لمياء واتجهت بنفسٍ كسيرة إلى غرفتها، وبدلت ثيابها ثم فتحت كتابها كي تذاكر، بينما وقفت بيسان أمام المرآه تمشط شعرها وتتزين، جال في خاطرها الشاب المعاكس، التفتت للمياء مسرعه
-هو انا لو عايزه اعرف اسم الشاب ال بيشاغلني ده يالولو، اعرف
أنهى محمد قوله وألتف حول مكتبه، والتقط سماعة الهاتف، واستدعى موظف الكانتين ليُعد له فنجانين من القهوه المظبوط، وتابعه أيمن وهو يبادل نظره بينه وبين التاجر الذي غادر الغرفه دون أن يجيب محمد علي حديثه، لم يدر لما راوده شعور بالإرتياح، فمحمد بدا أمامه واثقا من قراره تماماً، بعيونه القاتمة الحادة، ووجهه المتصلب وجسده المشدود، زم شفتيه وبدي شارد الذهن، في حين وقف محمد عاقداً ساعديه أمام صدره، يحدق بأيمن ضاحكا، لم تمض إلا لحظات، وولج عامل الشاي ثم وضع مابيده على المنضده المقابله للمكتب حانيا رأسه
-تأمرني بحاجه تانيه يافندم؟
أشار له محمد مبتسما
-لا كتر خيرك ياعم عوض، روح انت
جلس كل منهما على مقعده حتى بادر أيمن بقوله
-أنا عايز أعرف أنت ليه ملتزمتش بإلنصيحه اللي بلغتك بيها قبل مو اسبوعين!؟
ارتبك محمد وتطلع إلى أيمن بحرج وأجابه بصوتٍ مضطرب
-بصراحة يا أيمن مش عايز اجازف بوظيفتي هنا، خايف افشل هناك وارجع ألاقي وظيفتي اخدها حد غيري، وبنتي الوحيده عايزها تتربى وتكبر وتحقق حلمها هنا في مصر.
اجابه أيمن بصوته العالي وحدته، وهو يشعل سيجارته ثم أشار إليه بيده
-إنت حر يامحمد بس ماترجعش تندم بعدين، يلا خليني اشرب قهوتي وارجع مكتبي، على فكره... البنات ال هيفرحوا بقرارك ده أوى.
ثم تذكر رد فعل هايدي السابق، تحدث شاردا من بين أسنانه
-مراتي ال هتفرح اوي، مش بعيد تقولي روح للتاجر انت وقوله انك عايز تسافر، ربنا يسترها لما نرجع البيت
منعه محمد من التحدث مع أي شخص في البيت عن الموضوع لانه يخشى ان تنهار مروه من الحزن والبكاء، لحين يفكر في أسباب مقنعه يبلغها بها؛
شحب وجه أيمن وأدرك أنه ليس الوحيد الذي يخشى زوجته، ثم همَّ بالوقوف
-أنت دخلتنا كلنا في حيط سد، ربنا يسترها، قوم اقعد على مكتبك وانجز شغلك امال
انصرف أيمن بائسا، في حين تجمدت أوصال محمد، واحتقن وجهه لتوتره المفاجئ من مواجهة مروه، حين أنهوا دوامهم وعاد كل منهم الي منزله؛
تجنب محمد الحديث مع زوجته أو النظر إليها، تيقنت مروه أن هناك أمرا ضروريا لم يتفوه به بسبب حدته وجموده، ليزيد من يقينها بتغيره الغامض معها، بتجاوزه إياها مُشيحاً بوجهه عنها، ووجه حديثه للمياء
-لو سمحتي يا لولو هاتي كوباية ميه أشرب، وبعدها اعمليلي فنجان شاي من ايدك الحلوه دي، وهاتيهولي في أوضتي عشان عايزك
صدم مروه تجاهله التام وحدقت بظهره بتوجس، في حين تعمد محمد التمهل بخطواته، ووقف أمام باب غرفته وقال بفتور
-على فكرة يامروه انا خلاص رفضت السفريه وهفضل في وظيفتي بالمصنع، قلت اعرفك قبل ما تعرفي من ام بيسان وتيجي تتخانقي معايا اني خبيت عليكي، أنا عندي صداع هدخل اريح شويه مش عايز أي إزعاج
أوقف محمد كلماته وحدق بوجه مروه الساخط بسخرية، وارتسمت ابتسامة متهكمة فوق شفتيه أعقبها
-إيه يامدام، اتسمرتي في مكانك كده؟!
صمت فجأة واكفهر وجهه وأظلم وأردف بهدوءٍ مريب
-ادعيلي انتي بس ربنا يوفقني في المصنع واتثبت عشان يبقالي معاش
انتفضت مروه، واستدارت بقلب مكلوم وعيون دامعة تحدق بوجه محمد، بينما وقفت لمياء تتطلع إليه، وعلى وجهها ارتسمت إمارات البهجه والسعاده، الذي سرعان ما تلاشى أمام نظرات والدتها الغاضبة، زفرت مروه بضيق وزمت شفتيها، وهتفت في النهاية بعصبية
-ضيعتنا وضيعت نفسك، ليه ايه في البلد دي تبكي عليه، يامصيبتك السودا يامروه، ياشماتة الأعادي فيكي يامروه، أشق هدومي منك ولا اعمل ايه، ازاي بعد ماكنت طاير من السعاده ترفض كده بسهوله، يالهوي يامه
شهقت لمياء لا تصدق أن يكون موقف والدتها من والدها غريب هكذا، وأثار دهشتها كلماته وجموده، اضطربت فجأة وتساءلت، ماذا فعل أبي لتغض أمي الطرف عنه وتهاجمه؟
ابتلعت كلماتها، حين زجرها محمد بنظراته ولزمت الصمت، وازداد الموقف ارباكاً لها ما أن ولجت مروه بوجه مقطب، فجعلت محمد يزدرد لعابه بتخوف، أمام نظرات الإدانة والاتهام التي حدجته بها مروه، أمام صمت محمد وقول مروه، تحركت لمياء ووضعت الفنجان من يدها على الكومدينو بجانب الفراش، لتغادر مهروله الي غرفتها، تركتهم يتصافوا مع بعضهما دون تدخل منها.
الأغرب ما سيكون رده على تطاولها وإهانتها له، بينما ثارت مروه غضباً بعدما ولج محمد إلى داخل غرفته وأغلق الباب بوجهها، حينها اندفعت مروه خلفه وأسرعت بالوقوف أمامه لتكمل حديثها الغاضب، فدفعها محمد بقوة واسقطها أرضاً ثم إلتفت إليها وحدق بوجهها بغضب
-انتِ مش شايفة أنك اتجاوزتي حدودك، أكتر من اللازم يا مدام ولا ايه، لعلمك أنتِ لو فاكرة أنك علشان مراتي، يبقى من حقك تتطاولي عليا وتهينيني، تبقي غلطانة لأني سيبك علشان لمياء ماتتوترش وتعرف تذاكر، بس لو هتتمادي اكتر من كده يبقى انتي ال جبتيه لنفسك، عايزه ايه؟ انتي ليكي ماينقصش حاجه في بيتك وبس. مدام، وعمومًا أنا هصلح الغلط دا أقرب مما تتخيلي، لإني مش هقدر اتحمل سخافاتك وأذاكي أكتر من كدة، ودلوقتي لو سمحتي أتفضلي من غير مطرود، عايز انام عشان راجع تعبان من الشغل.
لم تصدق مروه أن من يقف أمامها، ويحدق بها بكراهية، هو محمد العاشق لها بلا حدود، لم تصدق أنها خسرت قلبه الملهوف عليها، والساعي دومًا لأرضائها، ظنته بغرورها سيظل مُتيمً بها، ولن يستطيع الأستغناء عنها، وأنها ستُعيده إليها بإشارة دلال وكلمة محبة من جانبها، لكن أن يُظهر كراهيته لها هكذا، لم يخطر أبدا على تفكيرها، حاول عقل مروه أن يُفكر في أي كلمات لتخبره بها، لعلها تخفف عن نفسها وقع الصدمة، ولكنها تجمدت بمكانها حين ازاح محمد من أمامها والقى بنفسه على الفراش،
فازدردت لعابها بخوف، وأدركت بأنه لن يعاود التفكير فيما فعله، قبل أن يعاود عقلها التفكير كان صياح لمياء عليها، كصاعقة البرق تضربها، جحظت عيناها ودموعها رغمًا عنها تسيل لأحساسها بالألم، وأمام نظرات واشمئزاز محمد منها، نكست مروه رأسها، وغادرت الغرفه ثم اطرقت الباب خلفها بعصبيه، وتوجهت الي غرفة لمياء لترى ماذا تريد
-مالك يابت، اتسرعتي كدا ليه، لايكون تعبان قرصك ولا حاجه! عايزه ايه؟
خفضت لمياء رأسها هرباً من نظرات والدتها القاسيه المتسائلة، وحاولت السيطرة على دموعها، في حين غلفت مروه وجهها متجهمه صارمه وأبعدت عيناها عنها، وتغاضت عن رؤيتها لدموعها التي لامست قلبها وأثارت حفيظتها، ولكنها نحن ما يدور بخلدها مؤقتاً وأردفت مستكملةً حديثها
-على فكره انا عارفه انتي ناديتي عليا ليه، خايفه على زعل باباكي أوى، عموما يا اختي ماتقلقيش اهو حرق دمي ونام ولا على باله
إزداد انهمار دموع لمياء بقلبها الحساس وسيل كلمات مروه يصفعها بلا شفقة، وكيف تشفق عليها وهي كسرت وخذلت من قبل محمد، اهان أنوثتها بأفعاله، أضاع حلمها في لمح البصر وتلاعب بها وفق أهوائه.
لم تؤثر دموعها بمروه فأشاحت بوجهها عنها وأردفت بسقم:
-سيبي يابت ال ف ايدك وقومي هاتيلي كوباية زفت ميه اشربها، هتموتوني ناقصه عمر انتي وابوكي
تفهمت لمياء حزن والدتها فقامت عن مقعدها بعدما مسحت دموعها وألقت بنفسها بحضنها كي تخفف عنها آلامها، ثم شرعت رأسها و قبَّلتها من وجنتها
-ماما ياحبيبتي، مش عايزاكي تزعلي نفسك من اي حاجه، يمكن ده الأحسن لينا، عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم، وبعدين انا عارفه ان بابا بيحبك ومايقصدش، عشان خاطري روقي كده، وسبيها على الله المهم اننا مع بعض مش محتاجين حاجه من حد.
في هذه الأثناء تشجع ايمن أيضا وأبلغ أسرته بما حصل وهو يرتجف بعض الشيئ من رد فعل هايدي؛
سقط ماكان بيدها على الأرض ثم ارتمت فوق مقعدها بعيون جاحظة، أسرعت بيسان إليها وجثت على ركبتيها أمامها، واحتضنت وجهها بين كفيها بخوف متسائله
-ماما، مالك يا حبيبتي، انتي كويسه؟
أطلقت هايدي ضحكتها بعدما التقطت أنفاسها، ثم قامت بضم بيسان إليها بقلبٍ يرجف فرحا، واستسلم أيمن لمزحها السخيف، جلس يزفر ويهز رأسه يمينا ويسارا
لم يستطع التفوه بكلمة وأنتحب، صدم هايدي ضعفه الغريب ونحيبه، فانهمرت دموعها تشعر بأن هناك أمر جلل حدث، وما أن وصل إليها هذيانه حتى تجمدت وابعدت بيسان عنها، لتحدق به بفضول وسألته بعينها السعيده، فأجابها أيمن بشهقات حاول تمالكها:
- أنا عارف هتقولي ايه، بس عايزك تريحي نفسك لاني مش هاتكلم مع الراجل ومش انا ال آخد فاضلة خير حد،
هزت هايدي رأسها برفض لا تصدق قوله وأجهشت في البكاء، واحتضنته تغمرها المرارة لفقد الوظيفه، ولم يكد يمر دقائق، حتى سمعا كلاهما صوت طرقات، فانتشلت بيسان جسدها من فوق المقعد وجلست والدها ومنعه من الحركة واتجهت هي ليرى القادم،
أوقف أيمن حديثه حين فتحت بيسان الباب، لتصدمها هيئة لمياء وهي تقفز من السعاده ثم إرتمت في حضن صديقتها
-مش قولتلك يمكن يحصل حاجه وبابا ما يسافر، عشان تبقى تصدقيني،...
أوقفتها بيسان غامزة بجفنها وهي تعض على شفتاها
-الجو متوتر جوه يابت، تعالي ندخل اوضتي ونتكلم جوه احسن.
تراجعت هايدي خطوة للخلف وحدقت بلمياء رافعة حاجبها الأيسر، لاتصدق رد فعل لمياء وهزت رأسها والتفتت تشير لبيسان، وأردفت
-وتدخلي جوه ليه، تعالي اقعدي جنبيهنا واحكيلي ايه ال حصل، ومامتك عامله ايه دلوقتي؟
ارتسم الشك فوق ملامح أيمن فربتت بيسان فوق كتفه غامزةً
-انت اكيد تعبان، قوم يابابا ارتاح انت في أوضتك شويه
جلست لمياء بجانب هايدي وتحدثت إليها ببراءه، وهي ترمق صديقتها بيسان، فتجاوزت والدتها واسرعت باتجاهها، واحتضنتها وأخبرتها بأن تكف عن الحديث، ثوان وكانت تجذبها من جانب والدتها لتضمها وتقبل جبينها
-احلى حاجه في الموضوع فعلا اننا مش هنفترق وهنفضل مع بعض للنهايه، قومي بقى خلينا نقعد جوا لوحدنا شويه، بعد اذنك ياماما، لو حابه روحي اقعدي مع طنط مروه شويه.
هزت هايدي رأسها بالنفي وأردفت وهي تحمل هاتفها من أعلى الطاوله
- أنتِ خدي صاحبتك وادخلي ياختي، ملكيش دعوه بقى انا هعمل ايه؛ وكفاية عليكي التوتر والقلق اللي اتسببت لك فيهم
إبتسمت لمياء وحدقت بها بمحبة، فحمحمت بيسان وأردفت مازحة
- أنا بقول كفايه محن لحد كده، وتقومي تاخدي بابا في حضنك وتناموا او تدخلي المطبخ تعمليلنا طبق فاكهه من ايدك الحلوه دي وتجيبهولنا الأوضه، نتسلى فيه واحنا بذاكر
وكزتها لمياء وقطبت جبينها وأشارت إلى وجه هايدي الذي احمر حرجًا، وقالت ضاحكة
- والله يا طنط بنتك دي بتتسلي عليكي، عايزه تشغلك بأي حاجه وخلاص، عموما ماتتعبش نفسك لاني اكلت الحمد لله وشربت شاي كمان، ارتاحي انتي وامتتعبيش نفسك في اي حاجه، ماتسمعيش كلامها.
اخفت هايدي ابتسامتها وعبست بوجه بيسان، وقالت بصوت كافحت لتكسبه الجدية
-على فكرة لمياء دي عاقلة ورزينه في كلامها كده، إنما انتي ياخوفي منك، اتعلم منها شويه ويلا امشي على اوضتك هقوم انام جنب باباكي شويه أريح جيمي.
مال أيمن وجذب هايدي بين ذراعيه وهمس إليها بصوتٍ خافت:
-خفي لبسك شوية يا حبيبتي عشان اعرف احضنك كويس، عايز احس بملمس جسمك الطري ده على جسمي
رمقته هايدي بدهشه وهمست بصوتٍ خفيض حرصت ألا يصل إلى الفتيات في الغرفه المجاوره
- بذمتك أنا لبست لك حاجه تقيله قبل كده ياراجل انت، وش عبد المجيد، طيب لو أنا لبساه زي ما بتقول، مد ايدك والمس جسمي وانت تتأكد من كلامي.
كاد أيمن أن يتحسس جسدها ولكنها دفعته عنها، حينها اردفت اليه بعفوية
-إوعاك تكون مفكر اني عديت موضوع الفيزا ده عادي كده، لا ياحبيبي، بس سيباك براحتك ولعلمك انا مش هتنازل عن فكرة السفر دي بس مش نفس فيزة محمد، عايزك لما التاجر يجي المصنع تتكلم معاه وتخليه يبحث لك عن حاجه احسن، تعالي في في حضني بقى من غير ما تقول ولا كلمه، عشان مش عايزه اخرج من المود الحلو ال انا فيه ده.
انفجر أيمن ضاحكًا، وحدق بوجه زوجته الذي خضبه الخجل، وهددها بنظراته الصامتة أن يُجيب تساؤلها، فكممت وهتفت بصوت متلعثم
- لو سمحت ياحبيبي هات شفايفك الحلوه دي بين شفايفي، عايزه استمتع بيهم شويه، معانا ساعه بالكتير لحد ما بنتنا تخلص مذاكره مع صاحبتها.
اختطف أيمن شفتاها واحتضنها بين ذراعيه، ثم مال نحو اذنها هامسا
- ابوس ايدك وكل حته في جسمك، لما نكون في السرير ماعنتش تتكلمي في اي مواضيع مش ظريفه، تعالي في حضني ياجزمه وحشاني موت يابت
مالت هايدي نحو اذنه وهمست
- أنا بحبك اوي ياروحي ونفسي اشوفك أنجح راجل في الدنيا، يمكن تكون أحلامي كبيره بس ده مايمنعش اني فخوره بيك.
ضجت الغرفة بصوت صياحهم ونشوتهم المرتفعه، سحبوا الغطاء فوق رؤوسهم كي لا يخرج صوتهم الي خارج الغرفه، التصقت اجسادهم ببعضها وولج قضيبه في فرجها لتستمتع معه أسعد لحظات بحياتها، ثم بعد ذلك ظلوا نائمين بأحضان بعضهما لساعتين كاملين، لم بستيقطوا الا حين طرقت عليهم بيسان باب الغرفه، انتفضت هايدي وارتدت ملابسها ثم أجابتها بصوت متحشرج
-ايوا يابنتي، في حاجه، شويه كده وجيالك اهو
بالخارج وقفت بيسان تطرق فوق باب الغرفة، تستجدي والدتها ان تخرج وتتحدث إليها.
-لا ياماما خليكي، انا جيت اقولك بس اني هروح مع لمياء عندهم شويه وجايه
ثن استدارت وغادرت المنزل بصحبة لمياء بعدما بدلت ملابسها، عندما ولجوا داخل تفاجأوا بمروه عاقدة يدها فوق رأسها وهي تبكي وتنوح، انتبهوا لها تتمتم
-تعالى يامه شوفي خيبة بنتك القويه في جوزها، اروح فين واتكلم مع مين ياربي، هو الفقر هيسيبني ويروح فين!؟
شحب وجه لمياء وعيناها تحدق ببيسان، ابتعدت عنها واقتربت من والدتها وربتت فوق كتفها بعطف، فلأول مرة تراها بتلك الحالة، في حين تحاملت مروه على ما تشعر به من ألم، واستندت إلى الحائط ووقفت تحدق بإبنتها بحزن ويأس وأردفت
-عمرنا ماهنإب على وش الدنيا أبدا، كنت لسه هقولك اتكلمي مع ابوكي انتي يمكن يسمع منك، نسيت انك من البدايه اصلا كنت عايزاه يرفضها؛
غادرت لمياء واتجهت بنفسٍ كسيرة إلى غرفتها، وبدلت ثيابها ثم فتحت كتابها كي تذاكر، بينما وقفت بيسان أمام المرآه تمشط شعرها وتتزين، جال في خاطرها الشاب المعاكس، التفتت للمياء مسرعه
-هو انا لو عايزه اعرف اسم الشاب ال بيشاغلني ده يالولو، اعرف