30

الفصل
كانت أجمل ليلة للوليتا في حياتها جمعتها بأغلى انسان على قلبها
لقد شعرت بأن الله عوضها به أخيرا عن كل السنين
وفي الصباح استيقظا على صوت سمر و قد جهزت لهما الإفطار و نادت عليهما: صباح عرس مبارك يا عرسان هيا إلى الفطور لقد جهزته لكما و سأعود إلى بيتي لا أستطيع التاخر على اولادي.



فخرجا بسرعة إليها وكانت لوليتا تشعر بالخجل من أختها.

سمر: الف مبروك يا حبيبتي ، ألف مبروك يا صهري
تبسم سعد وقال : بارك الله فيك ياغالية
لوليتا: باركك الله حبيبتي لا تذهبي




فنظرت إلى سعد وضحكت ثم قالت: هههه اسمع تريد مني أن أبقى معها هل يعجبك هذا ياسعد
ثم أتبعت كلامها موجها لأختها : هل جننت أحمقاء أنت ؟ أنسيت أنك عروس في أول يوم لها مع زوجها.





سعد: انتظري سأبدل ملابسي و أوصلك

ضحكت ثانية وقالت : يبدو انك فقدت عقلك أنت الأخر ، ابق مع عروسك سأتدبر امري بعد ان أمر بأختيك في المشفى و أطمأن عليهما.
سعد: شكرا لك


ودعتهما و انطلقت إلى المشفى ثم إلى بيتها
و اتصل سعد بعد ان تناول الفطور




وبعد تناولهما الفطور اتصل هو أيضا اتصل باختيه واطمأن عليهما فأخبرته الأخت الكبرى أنهما بخير و الحمدلله
فقال لها : أنا قادم إليكما فورا
فمنعته اخته وقالت :إياك أن تترك عروسك في يومها الاول معك هذا فأل سيء والف مبارك ياحبيب قلبي
.



ثم تحدثت معهما لوليتا و اطمأنت عليهما و باركا لها واهلا بها في بيتها الجديد الذي أصبح بيت اهلها، ثم أقفلت ودخلت إلى المطبخ لتصنع لهما شيئا يشربانه.





فتذكر سعد أن أم ورد لم تأت لتحضر عرسه فاتصل بها مؤنبا: كنت أعتقد أنني بمقام ورد اما الآن فغرفت قيمتي عندك يا أماه.
أم ورد و نبرة الفرح تعلو صوتها: ههههه لماذا تقول هذا يا حبيب قلب أمك انت ابني الغالي



سعد: أنا زعلان

أم ورد: حقك على أمك لكن نحن أيضا لدينا اليوم عرس و أريدك أن تحضره من كل ولا بد

سعد: عرس من لقد زوجت كل أولادك يا خالة

أم ورد : إياك ان تخذلني فهناك مفاجاة ستفرحك كثيرا تعال ولن تندم أنا لا أزال تحت تأثير الصدمة والفرحة حتى الآن.




سعد : غدا سأتي إليك أنا ولوليتا في الصباح لقد أصبح لدي فضول ان أعرف لمن هذا العرس من أولادك فهلا أخبرتني لطفا

أم ورد: إن لم تاتي لاتتصل بي ثانية أفهمت

سعد: حسنا حسنا انتظرينا ارفعي الموت قادمون




شغلت أم ورد بكلامها هذا فكر سعد و أصابه الفضول
وعندما دخلت لوليتا و معها العصير الذي جهزته لهما



قام إليها و احتضنها بعد ان وضعت العصير ثم قبلها و قال لها: جهزي نفسك نحن مسافران غدا لأمر ضروري.
لوليتا : سفر؟؟؟!!
وفي الصباح اتصل باختيه و اطمأن عليهما و أخبرها أنهما مسافران إلى قرية ورد لضروة وليوم واحد وسيعودان غدا .




و فعلا ركبا السيارة و انطلقا وعندما وصلا القرية دهشت لوليتا لجمال المناظر فيها و اخذت تلتقط الصور للذكرى.
و لما اقتربا من بيت ورد اتصل بأمه و اخبرها أنها على وصول و عليها أن تتهيأ للإفصاح عن المفاجأة لحظة وصولها.



ام ورد : يا مليون اهلا و سهلا يا غالي لن تندم وسترى.
لم يفهم سعد شيئا و عند وصولهما قرع جرس الباب
وفتحت له زهر و هي في قمة السعادة وقد لاحظ في عينيها لمعة لم يرها من قبل
زهر : تفصلا ياعرسان الف مبروك
سعد: هذه لوليتا وهذه زهر قال هذا مستخدما الأشارة باليد ثم قال: ولكنني لا أرى مظاهر عرس عندكم هل تهزأون بنا



ضحكت زهر وقالت إدخل سأعرفك على العريس الميت الحي

نظر إليها سعد باستغراب ودخل معها ولوليتا إلى غرفة الضيوف و جلس ينتظر ليفهم ما يقصدون



سمع فجاة سعد صوت عكاز الخالة أم ورد قادمة فوقف و أشار لزوجته بالوقوف
و عندما دخلت قالت : يا مليون مرحبا بالغالي و بعروسته.
فتقدما وسلما عليها بحرارة و قبلا رأسها ويدها




وقالت ام ورد: هل أنت جاهز للمفاجاة هل تريد ان ترى عريسنا الذي عاد إلينا في نفس يوم عرسك لذلك لم نستطع الالتحاق بكم لكنك ستعفو عنا عندما تراه


كان ينظر سعد إليها بغرابة و زوجته تنظر إلى ملامحه.


وفجأة طرق الباب عدة طرقات و رأى سعد يد ذلك الشخص وإذا به ينتظر لحظات ثم دخل

وكانت المفاجأة الكبرى فصرخ سعد وتمايل بعدم توازن وكاد أن يفقد وعيه لولا أن ذلك الشخص قد أسرع إليه و أوفف سقوطه.


خافت لوليتا و قالت في نفسها ماذا يحدث أليس هذا صاحبه؟

فأجلسوا سعدا على الأريكة ليستعيد توازنه ثم قال بصوت مبحوح : ورد أهذا أنت هل أنا أحلم و فرك عينيه ألم تخبروني أنه ميت


ام ورد: قصة طويلة سيحكيها لك هو ولكنه ورد يا سعد




وقف سعد ثانية وحضن صاحبة بقوة وقال: آه يا صاحبي آه كم كانت الدنيا بلامعنى بدونك يا صديقي لقد افتقدتك و حزنت لأجلك كثيرا

كانت دموع سعد تنهمر ودموع ورد أيضا و الكل متأثر لكلامهما

ورد :اشتقت لك نعم اشتقت لكم جميعا
والتفت للوليتا و قال لها: كيف حالك يا لوليتا مبارك زواجكما.




جلس الصديقان قرب بعضهما وقتا طويلا ووضع كل منهما رأسه على كتف الأخر.
و بدأ يسرد ورد لسعد قصة اعتقاد
الأخرين أنه قد مات
ورد: اتتذكر عندما أخبرتك باخر مهمة في كرم الهوى
سعد: أجل
ورد: يومها وأنا متجه إلى هناك سرقني احدهم و
اخذ محفظتي التي فيها نقودي و بطاقتي الشخصية وعدتي بالكامل.


وصرت ألاحقه لأحصل عليها فضيعني و بحثت عنه كثيرا.
لكنني كنت قريب نوعا ما من مكان التفجير الذي حصل يومها.

وعندماحدث التفجير يبدو ان الرجل كان هناك و قتل فيه وتشوهت ملامحه فظنوا انني هو


أم ورد: كان من أسوأ ما مر بي ذلك اليوم.

سعد: أين كنت إذا اتصلت بك كثيرا و كنت دائما خارج التغطية.


ورد : لقد اصبت بشظايا في رأسي وفقدت وعيي ولم أستيقظ إلا من فترة قصيرة وفورا قدمت عندما تعافيت
لكن جوالي لا اعرف أين هو ربما وجده أحدهم و غير البطاقة كي لايتصل به احد من طرفي

وهذه هي كل قصتي يا أحبتي و انا الآن بينكم ثانية






وضع سعد يده بالكامل على ورد و احتضنه ثم قال للخالة ام ورد: صدقت إنه يستحق أجمل عرس فهو عائد من الموت.


ورد: كلمتني أمي عن فعالك معهم لن انسى صنيعك يا سعد

سعد:اخرس وهل انسى وقفتك مع أختاي ولكن لن أسامحك لأنك لم تخبرني عن حال اختي


فقال له ورد: كيف حالهما الآن

قال سعد: يبدو ان لوليتا جلبت لي الحظ معها فقد مشت اختي في عرسي و عدت أنت




خجلت لوليتا وقالت: لاتبالغ حبيبي أنه تقدير من الله ان تجتمع كل القصص الحلوة مع بعضها.

فردت لها أم ورد : زينك الله بعقلك يا بنتي


وبعد لحظات دخلت زهر و طلبت منهم التوجه إلى غرفة الطعام.

و اكل الجميع على شرف عودة ورد و على شرف العروسين.


كان يوما مميزا أمضاه سعد مع عروسه في بيت ورد الذي لم يخلو من الضيوف المباركين بعودة ورد ثانية.
وتحدث ورد وسعد كثيرا في مشاريعهم المشتركة واتفقا على تنفيذها قريبا



وتنزها في شوارع تلك القرية الجميلة و تمتعا بالوقت مع ورد و عائلته ،لكن الوقت مر بسرعة ولا بد من عودة سعد وزوجته إلى أختيه ليطمأن عليهما.


وفي الصباح الباكر ودعا الجميع و شكراهم على كل شيء و أخذ سعد وعدا منهم بزيارة جماعية قريبا.



وانطلقوا وهما مغموران بالسعادة و اتجها إلى المشفى لتفقد حالة اخته الصغرى
وكم عظمت فرحته عندما دخلا من باب غرفتها و الممرضة تدربها على المشي وعندما رأته فعلا طلبت من الممرضة الابتعاد و أخذت تتقدم إلى سعد بالتدريج حتى وصلت إليه ودموع الفرح كانت تنهمر من عينيه و عيني أختها الكبرى.





ولوليتا تنظر بكل حب وتقول : الحمدلله الذي طمأن قلبكم على بعض
الأخت الصغرى: أنت ملاك جاءنا من السماء
الأخت الكبرى: بل هي وجه السعد وزوجة اخي سعد
فضحك الجميع لوقت طويل.

ثم توجه سعد.إلى الطبيب وقال له: ما وضعها بالظبط يادكتور



فطمانه أنها بخير و قد تعافت لكنها تحتاج إلى التدريب البطيء و بالتدريج حتى تبقى بخير و شيئا فشيئا ستعود إلى حالها و سابق عهدها.




وأخبره أنه يستطيع أن يأخذها معه إلى بيته ولكن بمساعدة ممرضة تبقى معهالعلاجها فيزيائيا فشكره سعد و طلب من أن يقترح اسم أشطر ممرضة عنده ووعده ان يكرمها.



وبعدها جهزوا اوراق الخروج من المشفى و عادوا بها إلى البيت.
وغنظما دخلوا البيت قالت لاخيها: أشعر ان البيت على غير ماكنت أشعر إنه الجنة

سعد: احمدي الله على كل شيء فقد ابتلاك ثم شفاك.


الاخت: ألف حمد وشكر يا الله





أدخلتها الممرضة إلى غرفتها و طلبت منها ان ترتاح في سريرها.

وخصصوا لها غرفة خاصة بها و قريبة من غرفة الفتاة

ودخل الجميع إلى غرفهم للراحة.




وبعد مضي أسبوع من زواجه تقريبا أحس سعد بالحنين إلى أولئك الأشخاص الذين دخل بيوتهم و خطرت له فكرة جهنمية و هي ان يترك عائلته لفترة من الزمن أسبوع ، عشرة أيام يذهب بها على انه في عمل



إلا أنه سيتفقد تلك الأسر و يتعرف إلى أخبارهم وما حصل لهم بعد كل هذه الأيام.




ويالفعل أخبر زوجته و عائلته أنه مسافر للعمل وودعهم و انطلق باتجاه المدينة لذلك الهدف




فدخل ألى علية بيت ماجد بيك فوجده كما هو وأنه لم يتغير أبدا بل بقي متعجرفا قاسيا مع زوجته رشا التي لا زالت تؤمن بالمظاهر الكاذبة ويراهق كالمراهقين أما ابنته لازالت تخرج مع من تريد وتخطأ كعادتها والوحيد الذي حافظ على سلوكه هو ابنه سالم المحب للعلم


ثم انتقل إلى بيت الحاج عبداللة فوجد ان طاقم الخدم قد تغير و لم يعد الطباخ موجودا بل وظفت طباخة في بيت أزهار و فهم من خلال لغوهم ان الحاج عبداللة تزوج بالرابعة و هي من عمر بناته و على يبدو لم يتعظ من موت ابنته من زوجته الاولى سارة التي قتلها الهم على ابننها لكنها لاتزال تحقد على أزهار و تكرهها و تلومها على موت ابنتها سهى وأما أزهار فقد رزقت بطفل صبي بعد أن عملت عملية زرع ناجحة ففرح سعد لأجلها جدا

أما السيدة هند فقد طلقها و سافرت إلى مصرمع اولادها لتعيش مع أخوها.


غادرهم وقفز إلى علية بيت حسام الذي لازال محبوسا و بقيت عبير زوجته تهتم بأولادها و تننبه لهم و تعتني بدراستهم جيدا و قد تغيرت طبيعة الحياة عندها ز أصبحت أكثر هدوءا بعد أن رحلت طريقة الضرب بسجن المختلس حسام.





و لكنه لم يدخل بيت الطبيب أشرف من الحديقة بل دخل من الباب ليطمأن عن ناصر الدين فوجد أنه تحسن كثيرا و امه بعدما سجن أبوه وحكم عليه و خادمته بالسجن المؤبد كانت قد تفرغت للعناية به و بدراسته و هو تعلم درسا قاسيا من تجربته أدبه طوال العمر فودعهما و طلب منها ان لاتخجل إن احتاجت أي مساعدة و أعطاها رقمه.





واما عن حاتم وجوى المدرسين فقد رزقا بطفلين توءمين كالقمر و لم يوزعا سعادتهما على أحد وطفليهما يملأن على جوى الحياة كلها لكن المصاريف تثقل كاحلهم فالحليب والغيارات و الملابس مكلفة جدا.




فرح سعد من اجلهم و طرق الباب ووضع حقيبة صغيرة فيها علب حليب و غيارات ومبلغ100000 قطعة نقدية و كتب لهم مني سارق العلية مبارك لكما.





وفي بيت محمود بيك سمع ان زوجته خرجت من المنزل و اخذت الاولاد و امهم و سافرت و تركته لوحده و أن الاولاد عرفوا أمهم الحقيقية وتقبلوها





ومر بسامر و اطمأن عليه و اخبره بانه تزوج وقص عليه قصة أخته التي شفيت

وطلب منه أن يكون شجاعا و يهتم بامه سارة




وو جد ان عائلة سعد الماجد.قد غادرت المكان و لا أحد يعرف عنهم شيئا



ثم سأل عن الشيخ الدجال فعلم انه لايزال في السجن مع معاونيه





ثم عاد إلى قريته بعد أن عرف أغلب مصائر الأشخاص الذين عايشهم في علياتهم و اكل من طعامهم وملحهم


وبعد عودته مر بأم غيث و سألها إن كانت تحتاج أي شيء فشكرته و اكدت رغبتها بالسماح .



واطمأن على غيث الذي تجاوز خوفه و تعبه النفسي و استعاد عافيته مما جعل سعد يعود مطمئنا عنه إلى بيته.








ثم عاد سعد إلى بيته بعد عشرة أيام و دخل إلى أهل بيته و هو يشعر بالشوق لهم فضمهم و كأنه لم يرهم منذ زمن و جلب لهم الهدايا و الحلويات و جهزهم للخروج في نزهة إلى
الجبل فقد تعلم من كل ما رأه في حياته ان السعادة هي العائلة





وهناك أمضوا وقتا ممتعا جدا و قضوا ثلاثة أيام في فندق هناك وتمتعوا بجمال الطبيعة الخلابة




وفي أحد الأيام كان يجلس سعد على الأريكة ويتحدث بكل حب و لوليتا تراقبه وتتذكر أول لحظة تعرفت عليها عندما كان هو سارقا للعلية و هي مجرد راقصة تائهة فقالت في نفسها: لقد غير لي هذا السارق حياتي 360 درجة سرق قلبي و رقصت أنا على أنغام حبه وبالحب صنعنا كل جميل لنا و للعائلة فحمدا لله و شكرا





تبسمت وهو ينظر إليها بغرابة و يرفع حاجبه إلى أعلى متسائلا عن سبب تبسمها و هو يتحدث بأمر جدي فاقتربت منه لوليتا وهي خجلة وهمست له وقالت ستصبح أبا يا زوجي العزيز



ففرح و ضمها إلى صدره و بدا يصرخ بصوت عال سأصبح أبا انا سأصبح أبا و يركض كالطفل في البيت ثم طلب منها ألا تعمل أي شيء يؤذيها وحملها




يومها ملأ خبر الطفل البيت سعادة و التمت الجيران على صوت سعد لتهنأه وزوجته بالخبر


ومرت الأيام وسعد ينتظر ولوليتا الطفل القادم

وكثرت الزيارات بين عائلة ورد وعائلة سعد و وقع ورد في حب أخته الصغرى وأحبته حبا عظيما واتفقا على الارتباط فتقدم للزواج منها ولم يمض شهران على خطبتهما حتى تزوجا بعد.محاولات سعد بادعائه الرفض مازحا

-عريس فاشل لايناسبنا
كان يغيظ وردا الذي كان يهدده بخطفها و الهرب معها

ساقنلكما ههههه قال سعد
ثم باركهما


و عاشت مع امه في البيت وكانت زوجة وكنة مطيعة جدا وحملت بطفله بعد ثلاثة أشهر من الزواج

كانت تعتني بحماتها كأمها تماما إلى أن وافتها المنية بسبب قصر كليتها




أما لوليتا فقد أنجبت غلاما و أسموه ورد على اسم صديقه و زوج أخته المقرب.

و أنجبت زوجة ورد غلاما أسموه سعد و كان الطفلين جميلان كالملائكة عم الفرح على اهلهم بمجيئهم


كما جاءت أم غيث و معها غيث لتزور سعد وزوجته في المنزل وتهنأه بالمولود الجديد




سعد: كيف حالك يا غيث
غيث: الحمدلله يا عم سعد

سعد: سمعت أنك حصلت على الشهادة الثانوية فمبارك يا بطل ها.. ماذا قررت أن تدرس

ام غيث: درجاته جيدة وانا أنصحه بالطب

غيث : و أنا أرغب بهندسة العمارة

سعد: ممتاز فرع عظيم

أم غيث: لا تشجعه وأنت صاحب الفضل عليه

سعد: لا تجبريه على ما لايرغب فلن ينجح.


وهنا تذكر أبوه و أمه وتمنى لو أنه أطاعهما في دراسته وكيف ضيع وصايا امه في الدراسة وظن ان عمل الأرض مع أبيه اهون بكثير من المدرسة





غادر غيث وهو ينظر إلى سعد نظرة الممتن و الحالم
وقال له: أعدك يا عم لن أخيب ظنك بي
وفعلا تعب سعد واجتهد كثيرا ودخل الفرع الذي يريد







ومرت الأيام و لم يتغير سعد وسع عمله مع ورد وتابا معا و استمرا في عمل الخير ومساعدة الأخرين و بقي سعد مع الأشخاص الذين وعدهم بأن يتابعهم و يساعدهم
ويحكى أن سعدا تبنى يتيما في ميتم بعد ان توفي أهله ووضع في الميتم




يتحدث الناس عن فعال هذا الرجل بكل طيب






وبعد سنوات تلقى سعد بطاقة دعوى لحضور حفل تخرج سامر بن كرم بن زاهر ذلك الفتى لقد درس الإعلام و مارس موهبة الكتابة و كان يوم تخرجه هو نفس اليوم الذي سيوقع اول رواية له.






وبالفعل ذهب سعد في اليوم المحدد وجلس في الصف الأول مع الحضور
و كم كانت فرحته عظيمة عندما رأى ذلك الفتى يجلس على كرسيه و يناقش قصته الأولى التي أسماها ( سارق العلية ).





لقد أشار إلى سعد و أومأ له بالحضور و عندما وصل سعد إلى المنصة سلم عليه سامر وقبل يده وقال: هذا الرجل هو سبب وجودي هنا و قصصه التي رواها لي عن شخصيات وهمية مع طلبه بتسجيل تلك الروايات واختصارها على دفتري

ثم نظر إلى سعد: أتتذكر هذا ياعم سعد لقد زرعت يومها في نفسي حب القصة وكتابتها فشكرا عمي



تقدم سعد وقبله و باركه وقال: انت تستحق وتمتلك القدرة بوركت





فطورت شخصياته وأضفت شخصيات جديدة و أحداث جديدة بحبكة مختلفة و أنجزت روايتي وانظروا إلى إهداءاتي اولها للعم سعد جمال





فوقف الحضور و صفقوا له بحرارة وسط تفاجئ سعد و فرحته لأنه لم يتوقع أن يكون له دور في حياة انسان بهذه الطريقة و الأكثر غرابة ان تتحول حياته إلى قصة مكتوبة دون معرفة صاحبها الحقيقي.




وقال للحضور : انتبهوا إلى علياتكم فقد يزورها احد دون علمكم و يسرق شيئا ما منكم مالا او مصاغا او قلبا و ضحك سعد و الحضور وزاد التصفيق حرارة و تقدموا إليهما وتبادلوا معهم التباريك والأحاديث




تمنى سعد لسامر التوفيق و اول شيء فعله هو أنه اتصل بورد و أخبره بما حصل.



وكذلك غيث أنهى دراسة الهندسة المعمارية ودعا سعد لحضور منافشة رسالة الماجستير خاصته، وكان طلب سعد أن يهتم بطريقة بناء الأبنية والبيوت وخصوصا العليات فيها وكان يتبسم وهو يقول هذا فضحك و قال :انا امزح و أتمنى لهكل التوفيق




يومها لم يفهم غيث و لكنه ضحك و تابع مناقشة الرسالة و قدم شكرا خاصا لصاحب الفضل الأول في حياته العم سعد جمال الذي غير حياتي360 درجة




كم شعر سعد بالغبطة و الفخر بهذين الشابين و لم يتركهما حتى امن على حياتهما الشخصية وزوجهما وفرح بهما وتابعهما حتى بعد ذلك وهم لم ولن ينسوا العم سعد جمال ذو الفضل الأكبر عليهم في حياتهم.





وتسارعت الأحداث و هرم سعد جمال و زوج أبنائه و كذلك ورد زوج أبنائه و حملا احفادهما و راقبا نموهم شيئا فشيئا وتلازما حتى وهما عجوزين





وأصبح يقص عليهم قصة سارق العلية في كل ليلة و الأطفال يسألون عن هذا الرجل الغامض الذي لم يكتشف أمره أبدا لكنه كان يبالغ في الاحداث للتشويق و يزيد في سرد الأحداث ليجذب انتباه أحفاده الذين كانوا ينامون على قصصه تلك و يستيقظون يريدون الاستمرار في سرده للقصة





ولكنه كان يستغل هذا في التربية فيرفض السرد إلا ليلا، لقد كان أحفاده يحبونه كثيرا و يطيعونه لأسلوبه اللطيف والكريم والمرن فرغم كبر سنه وصغرهم كان يعاملهم كأصدقاء له.








بعد فترة توفيت لوليتا فأحس سعد أن العالم قاس فرفيقة دربه ماتت و تركته وحيدا
من سيوقظه بعد اليوم على صوته الحنون
استمر سعد في زيارة قبرها و التحدث إليه فترة طويلة من الزمن وعاش حالة العاشق الحزين الذي فقد خليله لدرجة أن الناس حزنت لحاله و لامت أولاده كيف يتركونه يعاني هكذا



لم يكن احد يعرف انهم هلكوا في اقناعه لكنه لم يستطع التخلي عن عادة الحديث عنها وعن ذكرياتهما معه



لقد حفظ سرها حتى امام اولاده فهم لايعرفون عن ماضيها شيء أبدا





وبعد فترة من فراقها وتحسره عليها وعلى عدم تحقيق هدفه في اصلاح العلاقة بينها وبين أخوها
مرض سعد جمال و لم يعد يقوى على الحركة و بدأ يعارك كل الألام القاسية و كالعادة أخته الكبرى تجانبه تهتم به رغم كل مرضها وثقل حركتها وبمساعدة أولاده وأحفاده.






كان يوصيها بنفسها دائما ويقول لها: أنت ملاكنا الي لازمنا طوال حياتنا فعوضتنا عن نقص الأم والأب و الأخ




وسعل سعلة مليئة بالحشرجة ثم تابع قائلا :
لقد كنت عائلتنا مجتمعة لي و لأولادي انتبهي لنفسك ولا تنقصي شيئا إياك إياك





فأوصى بحضور ابنه الاكبر ورد الذي أصبح محاميا و طلب من ان يكتب وصيته بامانة و ان لايظلم إخوته و ان ينتبهوا بعد موت أبيهم على عماتهم وخصوصا التي تسكن معهم.






ورد: اخوتي وعماتي أمانة في عنقي حتى أموت



وضع سعد يده على وجه ابنه ورد ونظر إليه وكأنه يودعه وقال له: باركك الله يا ولدي




وهمس لورد:سأعترف لك بأمر يا بني لقد كنت أنا سارق العلية و أقسم لم أسرق إلا حاجتي و من السيئين فقط وأتمنى أن تتابع طريقتي في عمل الخير عسى الله يسامحني عندما أمثل بين يديه ولكن اوصيك أيضا إياك ان تسرق أحدا فأنت لست بحاجة أنا جربت كل الوسائل حتى لا أصل لفعل شنيع كالسرقة لكن حياتك أنت مؤمنه فاياك ان تصدق ان السرقة وسيلة صحيحة للعيش

ثم نظر إلى ورد بحزن وقال له: أتعلم شيئا أعلم أن منيتي اقتربت و لا أعلم إن كان سيسامحني الله و هل سأدخل النار



ورد: لا يا أبي لا تقل هذا أطال الله في عمرك





ثم تابع يقص قصته وأسبابه التي أوصلته إلى العلية وقال له رأيت أشكال ألوان من الناس و طبائعها فتعلمت أن معنى السعادة ومصدرها لم يكن المال بل كان الحب فقط فحافظ على الحب يا ورد في عائلتك ومع أولادك و اخوتك و لا تظلموا أحدا يا بني





ووسط ذهول ابنه الذي سجل الوصية و دموعه تنهمر طلب باقي اخوته ليودعهم وطلب صديقه ورد أيضا




وعندما حضر الجميع أوصاهم بطاعة الله و ببعضهم خيرا ثم لفظ أنفاسه الأخيرة
فبكاه الجميع و أعلن خبر وفاته.








لقد كانت جنازته مميزة حضرها الكثيرين وحزنوا على ذلك الرجل الطيب الذي ساعد الكثير من الناس وشغلهم في مشغله و حتى الذين لم يوظفهم كان يساعدهم قدر المستطاع وترحموا عليه و تضرعوا من الله أن يغفر له فقد ترك الذكرى الحسنة والفعل الطيب




لقد مات سعد جمال و كأن روحه لم تستطع إلا اللحاق بحبيبتها لوليتا .




أما سامر فقد كان يعلم منذ بدأ سعد يسرد له قصة سارق العلية بانه يتحدث عن نفسه ولكنه لم يخبره بذلك لأنه رأى ذلك في ملامح وجهه وهو يتحدث عن شخصيات قصة سارق العلية التي كان يسردها و كان يرى دموعه وهو يتحدث عن شخصيات كأب وأم السارق و أختيه و في حديثه عن حبيبته كان يرى لمعة الحب في عينيه .. اجل لقد عرفته منذ الفصول الأولى لقصتك يا عم سعد وقد كنت انت سارق العلية الحقيقي الذي لم تبحث عنه الشرطة لأن أغلب شخصيات القصة لم تشكو عليه والملفت في شخصيتك كسارق أنك كنت عطوفا مع شخصياتها وخصوصا المظلومة منها


هكذا قال سعد لنفسه محللا شخصية سعد جمال عندما كان ينظر إليه متكلما أمام الحضور المستمع باصغاء واحترام لكلماته في يوم مناقشته للرواية





ومع الزمن تحولت قصته تلك إلى مسلسل درامي يمثله مجموعة من الممثلين و اشتهر ذلك المسلسل على شاشات التلفزيون



وكان الجميع يتابعه بشغف و لم يبح ورد و لا سامر لأحد بشخصية هذا السارق الحقيقية بل بذل سامر جهده ككاتب للعمل أن ينجح على مستوى رفيع ردا لجميل العم سعد جمال سارق العلية.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي