مزرعة حين

اميرة علي`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2022-08-02ضع على الرف
  • 69.1K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الخاتم

المقدمة

من قلب المجهول أتت..مجهول يزخر بالظلمات..ظلمات في كل مكان، تبتلع كل من اقترب منها أو حاول أن يقترب..ظلمات تمتص الروح، تسلب الحياة، تقتل كل من اقترب، تنفيه إلى غياهب النسيان.

وإلى المزرعة النائية أوت، ستظل فيها حتى "حين" ينتظره الناس كي يعيشوا فيها وينعموا بخيراتها التي حُرموا منها.."حين" ينقلب فيه الميزان ويصبح القوي فيه ضعيف والضعيف فيه قوي والسطوة وقتها للقلوب.

الفصل الأول
(الخاتم)
ما إن وصل إلى الشارع الذي يعيش فيه حتى سرت البلبلة في كل مكان، ساد هرج ومرج كما يحدث كل يوم أثناء مروره وهو ذاهب إلى العمل أو وهو يعود منه، وقف مكانه ينظر إلى البقال وهو يغلق الحانوت على نفسه، فعل الجزار مثله وهو يسب ويلعن النحس والمنحوسين الذين يجلبونه إليه، هرول الأطفال بشكل جنوني وهم يهرعون إلي منازلهم والفزع يبدو على وجوههم، لم يستطع أن يتحمل كل هذا العناء،
شعر بالألم يعتصر قلبه، الحزن يملأ نفسه، تمنى لو يستطيع أن يبتعد عن كل هؤلاء، امتلأت عينيه بالدموع حاول أن يحبسها، أخفض وجهه إلى الأسفل وهو يحاول أن يخفي تلك الدموع التي تملأ عينيه وقلبه معًا، لم يستطع أن يجعل عينيه تبتلعها كما كان يفعل كل مرة يراهم يفعلون تلك الافاعيل، خاف من أن يفتضح ضعفه أمامهم، ركض بكل ما امتلك من قوة يريد أن أن يبتعد عن أولئك الناس ولا يعرف إلى أين اميذهب، يتمنى لو أن تنشق الأرض وتبتلعه كي يتخلص منهم أو تبتلعهم هم ويعيش بعدها هانئ البال بدونهم، ركض وهو لا يعلم إلى أين يذهب فقط يريد أن يبتعد، أن يخلو بنفسه الكسيرة وسط كل هذا الزحام ، هام على وجهه تاركًا العنان لقدميه تأخذه إلى حيث يريد، حتى وصل إلى شاطئ البحر، ما إن وطأت قدمه تلك الرمال الدافئة التي سرى الدفء منها إلى قدميه ثم تغلغل إلى كيانه كله حتى شعر بالراحة، هوى على الأرض وصدره يعلو ويهبط بسرعة، نظر حوله لم يجد أحد، نظر إلى أشعة الشمس الذهبية التي انعكست على مياه البحر الزرقاء فبدا البحر كأنه لؤلؤة زرقاء تسطع، تتلألأ بنور إلهي يخلب العقول، يسلب القلوب، ينير الكون من
حوله، شعر أنه قد انصهر في تلك الصورة فأصبح جزءًا لا يتجزأ منها، هاجت الأمواج، تلاطمت فيما بينها فتذكر آلامه وأحزانه التي لطمته على وجهه كي تعيده إلى ما حاول أن ينساه من قبل فتذكر كيف نبذه الناس وابتعدوا عنه خوفًا من أن يصيبهم شيئًا من بعض بركاته كما يقولون، حتى الجيران أغلقوا ابوابهم في وجهه ولم يعد يسأل عنه أحد إلا صديقه أحمد الذي وعلى الرغم من كل تلك المعاناة والمشاكل التي حدثت له كلما اقترب منه إلا أنه أقسم ألا يتركه وحده ابدًا
رقد على الرمال، فتح ذراعيه على آخرهما، صرخ..صرخ بكل ما امتلك من قوة، صرخ في الحارة التي تتعوذ من الشيطان كلما رأت وجهه، صرخ في زوجها الذي يصفق الباب في وجهه، صرخ في البقال الذي يمنع عنه بضاعته، صرخ في الجزار الذي يملأ حانوته بالبخور كلما وقع نظره عليه، صرخ في الاولاد الذين كلما رأوه يسرعون إلى بيوتهم وكأنهم قد رأوا عفريتًا خرج إليهم من تلك الأساطير التي ترويها عليهم جداتهم، صرخ من نساء الحارة اللاتي يمتنعن عن أمه ويلهبن اذنها بأقسى كلمات السخرية منه ومن بركاته التي يزعمونها، صرخ في زملائه في العمل ومما يفعلوه معه، صرخ في الكون كله، في العالم من حوله، صرخ في نفسه التي تتحمل كل هذا العذاب والمهانة دون أن تهرب من هذا الجحيم الذي يعيش فيه، ترك العنان لدموعه الحبيسة تهطل كالسيل الجارف كما تريد لعلها تحرق معها بعضًا من كل تلك المعاناة، لم تخنه دموعه، سالت كما يريد ظلت تسيل وتسيل حتى شعر بالراحة، هدأت نفسه، استراح، نفدت دموعه، جلس يتأمل تلك اللوحة البديعة التي رسمها الخالق، بينما هو كذلك إذ شعر بيد على كتفه، انتفض وهو مذعور إلى الخلف ينظر فوجد أحمد ينظر إليه ويبتسم ويقول بصوته الهادئ: كنت عارف انك هتكون هنا.
ثم جلس بجانبه على الرمال، شعر مسعود بالامتنان له، نظر إليه وهو مازال صامت، ربت أحمد على كتفه، وهو يبتسم ويقول: سيبك منهم دول ناس مخها فاضي مفيش حاجة اسمها نحس ولا دياولو ده كله كلام فاضي الناس بتضحك بيه على نفسها علشان يقدروا يستحملوا العيشة.
نظر إليه والدموع تملأ عينيه، قال: كفاية يا أحمد ما تحاولش تكدب عليا أكثر من كدة انا عارف انى منحوس والناس كلها بتقول عليا كدة حتى أنت صاحبي الوحيد ماسلمتش من نحسي.
نظر إليه، أحمد، قال: إيه الكلام الفاضي اللي انت بتقوله ده انت كمان هتقول زيهم!، طيب هما جاهلين لكن انت راجل متعلم ومعاك شهادة وعارف إن كل ده مجرد خرافات..كدب الناس بيكدبوه ويصدقوه.
هز رأسه وهو يتحدث: بقا عايز تفهمني إن كل الحوادث اللي حصلت دي كلها كدب، كل اللي بقرب منه بيتأذي ده برضه كدب، ده حتى الناس في الشارع بقت من كتر خوفهم مني اول لما عينهم تقع عليا يجروا بسرعة كل واحد اللي يقفل دكانه واللي يجري يستخبى جوة بيته قبل ما أقرب من اى حد منهم وانحسه زي ما بيقولوا.
شبك أحمد ذراعيه، قال: مش قادر أصدق انك مؤمن بالخرافات دي وبعدين ما انا عارف إن الناس اللي في الحارة ناس مش كويسين وأنت نفسك ياما اشتكيت منهم قبل كدة حصل ولا لاء.
هز مسعود رأسه بالموافقة، قال: حصل بس ده من كتر اللي شافوه من كوارث من ساعة ما انا سكنت هناك والله دول بقوا يصعبوا عليا.
_ما يصعبش عليك غالي، المفروض تصعب عليك نفسك وتدفن نفسك بين الناس الجاهلة دي.
قال وهو ينظر إلى أحمد: طيب أمال عايزني اعمل ايه مش فاهم.
_قولتلك قبل كدة وانت رفضت مش عارف ليه.
_قصدك على السفر صح؟.
_أيوة السفر، ماله السفر ده حتى فيه السبع فوايد زي ما بيقولوا وبعدين حتى علشان تقدر تكون نفسك وتعيش مرتاح البال بين ناس جديدة لا يعرفوك ولا تعرفهم وهيعاملوك باللي هيشوفوه منك إن كان خير هيبقى خير وإن كان شر هيبقى شر.
_عارف انك عندك حق بس برضه عارف انى ماكنتش اقدر اسيب الحارة الفترة اللي فاتت خالص.
_عارف يا سيدي ده كله علشان عيون نجلاء مش قادر على بعدها.
_ما خلاص كل واحد راح لحاله.
ظهرت علامات الدهشة على وجه أحمد، قال: ازاي هو ايه اللي حصل؟.
_أمها النهاردة الصبح بعتتلي الهدايا وقالت كل شيء قسمة ونصيب بعد اللي حصل الفترة اللي فاتت وجات حكاية امبارح قضت عليا خالص.
_ليه وهو انت ده كله كنت لسة لحد دلوقتي ما خطبتهاش ده انت بنفسك بعضمة لسانك اللي قايلي من شهر انك رايح تخطبها انت نسيت ولا إيه ولا هو إيه اللي كان حصل اصلا انا مش فاهم حاجة.
_ما انا كنت قايلك من شهر اني رايح اخطبها رسمي.
_عارف وما جبتليش سيرة عن الموضوع تاني من ساعتها وانا ما اعرفش انت عملت ايه بس برضه فين المشكلة؟.
_المشكلة فيا انا وفي النحس اللي ملازمني بالليل والنهار.
_رجعنا لنفس الموال تاني يا عم مال الكلام ده ومال خطيبتك، انت واحد رايح تخطب والبنت بتحبك وموافقة وما بتؤمنش بالخرافات دي.
_ده كان زمان.
_ازاي بس فهمني.
رقد على الرمال وهو يضع يده تحت رأسه، حدق بالسماء فتذكر وجهها الجميل، تلك العيون السوداء التي سلبت ليه من أول مرة وقع نظره عليها، تلك الابتسامة البريئة الهادئة، ذلك الوجه الخمرية الجميل،
فسالت دموعه، عاد بذاكرته إلى يوم الخطبة قبل شهر حيث:.
وقف أمام المرآة يعدل من هندامه، يتلفت أمام المرآة يمينًا ويسارًا يتأكد أن مظهره جيد، يرى وجهه بعد أن أرتدى ملابسه الأنيقة، يمسح بيده على تلك الذقن الحليقة يتأكد أنها ملساء ناعمة ثم أخرج من جيب سترته علبة من القطيفة الحمراء، فتحها أخرج منها خاتم الخطبة وهو ينظر إليه ويبتسم ولا يكاد يصدق نفسه، ويقول: اخيرًا الحلم قرب يتحقق.
بينما هو كذلك إذ دخلت عليه والدته أخذت تعدل له البدلة وتقول وهي تبتسم: خمسة وخميسة في عين العدو، عيني باردة عليك عشت وشوفتك عريس يا مسعود وأنا اللي كنت فاكرة انك عمرك ما هتتجوز ولا فيه واحدة هترضي تجوزك واهو ربنا نصرك ونصرني قدام الجيران وهتخطب النهاردة تلاقيهم كلهم هيولعوا من جوة.
قبّل رأسها وهو يبتسم ويقول: ربنا يخليكي ليا استحملتي معايا كتير واهو خلاص بقا الدور على نجلاء تشيل عنك شوية هي طيبة وانتي هتشوفيها النهاردة وتحكمي بنفسك.
وهو تبتسم: ربنا يتمملك على خير يا ابني، يلا بينا أحسن احنا اتأخرنا جامد عليهم ولا عايزهم يفتكرونا مش اد كلمتنا ويغيروا رأيهم.
اندهش، قال وهو يضحك: ده انا كنت ارتكب جناية هو احنا هنهزر ولا إيه.
والدته وهي تبتسم: طيب يلا بينا بسرعة.
خرجا سويًا من المنزل وما إن وصلا إلى بيت العروس ودلفا من الباب، حتى قادتهم أخت العروس إلى الصالون ثم تركتهم ودخلت إلى إحدى الغرف، خرج إليهم والدها، وهو يبتسم ويقول: أهلا وسهلا يا مسعود يا ابني.
ابتسم مسعود، نهض من مكانه بسرعة وهو يقول: أهلا بيك يا عمي.
نظر إلى والدته وهو يشير إليها ويقول: دي أمى الحاجة حسنية.
سلم عليها والد العروس وهو يبتسم ويقول: أهلا وسهلا.
لم يكد ينهي كلامه حتى زعق هاتفه، نظر إليه ثم رد وهو يقول: أيوة بالراحة طيب علشان افهم انتي بتقولي إيه...مين اللي عمل حادثة مش فاهم.
ثم أسرع إلى الداخل وهو يصرخ ويقول لزوجته: يلا بينا بسرعة محمود ابن اختي عمل حادثة كبيرة ونقلوه المستشفى.
اسرع الجميع إلى المشفى كي يعرفوا ما الذي حدث ويطمأنوا على المريض، وذهب مسعود ووالدته معهم، ما إن وصلوا إلى المشفى حتى اسرع والد العروس إلى أخته واللهفة تبدو على وجهه ويقول: فيه ايه، إيه اللي حصل.
وهي منهارة في البكاء: محمود ابني عمل حادثة كبيرة.
نظر حوله: طيب وهو فين دلوقتي.
_هو في العمليات.
وقف بجانبها يحاول أن يقوم بتهدئتها، جلست زوجته بجانبها تحاول أن تواسيها هي ووالدة مسعود، جلس الجميع يترقبون غرفة العمليات وهم في حالة يرثى لها حتى خرج الطبيب بعد خمس ساعات، أسرع الجميع نحوه، حاول مسعود وحموه أن ينتحي به جانبًا، قال حمره للطبيب: محمود حالته ايه دلوقتي يا دكتور.
هز الطبيب رأسه بالأسف وهو يقول: ادعوله، بصراحة الحالة حرجة، الإصابة في المخ وفي أنحاء جسمه كله، هو عموما هيفضل في العناية المركزة لحد ما الحالة تستقر إن شاء الله.
نظر والد العروس إلى مسعود الذي هوى على الكرسي يحدث نفسه ويقول: انا السبب في اللي حصل ده، ذنب الولد ده في رقبتي ياريتني ما فكرت أخطب.
نظر إلى نجلاء التي ما زالت تبكي وهو يقول في نفسه: اكيد هي دلوقتي بتقول انت السبب لو ماكنتش جيت، الولد ماكنش هيحصله أي حاجة وكان زمانه قاعد في بيته مرتاح دلوقتي، يا ترى يا نجلاء هتعملي زيهم وتقولي اني انا السبب ولا هتقولي دي صدفة وكل يوم بتحصل مئات الحوادث.
بينما هو كذلك إذ وجد والدها يقف على رأسه، يقول له: الوقت اتأخر يا مسعود يا ابني خد والدتك وروح وأنا هبقى اخلي نجلاء تحدد معاك معاد تاني بس بعد ما نطمن على محمود.
لم يكن يصدق نفسه عندما سمع تلك الكلمات وتيقن أن الرجل لم يرمه بتلك التهمة كما فعل الكثير من الناس، عاد بوالدته إلى البيت وهي تردد في نفسها: جات الحزينة تفرح ما لقيتلهاش مطرح، انت يا ابني لازم تشوف في نفسك صرفة انا هوديك للشيخة برقوقة ترقيك وتصرف النحس اللي عليك وتعملك حجاب يحفظك.
ألقى بجسده المنهك على الكرسي وهو يقول: ابوس ايدك بلاش جهل وخرافات، دي حادثة عادية زيه زى إي حد.
جلست بجانبه وهي تقول: انت بتضحك على نفسك ولا على مين، يا ابني ده انت ابني وأنا إن كنت بقولك الكلام ده ده لأن أنا بحبك وبخاف على مصلحتك وعايزة انصحك أنت فاكر اني فرحانة فيك وانت حزين كدة ده انا مُنى عيني اني اشوفك أحسن واحد في الدنيا دي كلها وتفرح وتعيش مبسوط متهني زيك زي أي حد.
اقترب منها، قبل رأسها، تركها وهو يقول: ما تخافيش عليا انا كويس الحمد لله وراضي ومبسوط بس مش كل حاجة تقولي نحس نحس انا زهقت انا هلاقيها منك ولا من الجيران ولا مين زمايلي في الشغل ولا المدرسة ولا من الناس دي كلها وبعدين الراجل بنفسه قاللي انا هحدد معاد تاني تيجي تلبس فيه الدبل ونقرأ الفاتحة بس بعد ما يطمن على ابن أخته.
نهضت من مكانها وهي تتثاءب وتقول: ربنا يقدم اللي فيه الخير يا ابني المهم عندي انك تكون مرتاح.
ثم دخلت غرفتها نامت على الفور.
دخل مسعود إلى غرفته، ألقى بسترته على الكرسي، ألقى بجسده المنهك على الفراش، أمسك العلبة، أخرج الخاتم وأخذ ينظر إليه ويتأمله والدموع تسيل على وجهه حتى راح في سبات عميق لم يستيقظ منه إلا في صباح اليوم التالي على صوت والدته وهي تزيل الستار كي تتسلل أشعة الشمس إلى الغرفة وتقول: قوم يا مسعود انت لسة نايم ولا إيه قوم يا ابني بسرعة انا حضرتلك الفطار علشان ما تتأخرش على الشغل.
فرك عينيه وهو يتثاءب، نظر إلى الساعة فوجدها قد تجاوزت السابعة، انتفض من مكانه وهو يقول: انا اتأخرت، انتي إزاي تسيبني نايم لحد دلوقتي.
ثم نهض من مكانه بسرعة، انطلق إلى الحمام.
_صعبت عليا قولت انت تعبان طول الليل اسيبك ترتاح شوية عموما انا عملت حسابي وحضرتلك ساندوتشات تأخدها معاك وانت نازل.
ثم خرج إلى غرفته أرتدي ملابسه على عجل وأعطته والدته الطعام وهي تقول: عملت حسابك في أكل زيادة علشان توزع على زمايلك.
شعر مسعود بالضيق، قال: انتي عارفة اللي فيها.
ابتسمت: سيبك منهم بكرة ربنا ينصفك وتبقى أحسن منهم كلهم وابقى ساعتها قول أمى قالت.
ابتسم، تناول الطعام وأسرع إلى العمل، ما إن خرج من باب الشقة ولمحه جاره حتى أسرع إلى شقته وأغلق الباب في وجهه بسرعة كما اعتاد أن يفعل كلما رأى وجهه، ما إن خرج من باب العمارة التي يسكن فيها حتى أسرع الناس في الابتعاد عنه بسرعة واوى كل واحد منهم إلى ركن يعصمه منه، لم ينظر إليهم بل شعر بالسخرية منهم وكاد أن ينفجر في الضحك على ما يفعلونه.
بعد أن قضى يوم شاق في العمل اتجه إلى المشفى كي يطمئن على محمود، وجد والد نجلاء هناك أسرع نحوه، وهو يقول: محمود حالته ايه النهاردة يا عمي فاق من الغيبوبة ولا لسة.
ربت الرجل على كتفه وهو يبتسم ويقول: الحمد لله فاق وبقا أحسن الحمد لله.
_الحمد لله.
ثم نظر إليه وهو يقول: بص يا ابني انا قولتلك لما اطمن على محمود ابن اختي هحددلك معاد جديد تعالى انت ووالدتك الخميس الجاي إن شاء الله.
قال وهو يكاد يطير من الفرح: ألف شكر يا عمي ألف شكر.
انطلق على الفور إلى والدته كي يزف إليها هذا النبأ، استعد الاثنان يوم الخميس، اخذ معه الخاتم وهو يقول : يارب أسترها المرة دي.
انطلق هو ووالدته إلى بيت نجلاء، جلسوا في غرفة الضيوف، لم يكد والدها يجلس حتى رن هاتفه فتغير لون وجه مسعود ونظر إلى والدته التي بدت الالخوف على وجهها، نظرا إلى والد نجلاء وهو يرد على الهاتف، وضعت والدته يدها على صدرها تنتظر الخبر، ما إن رد الرجل على الهاتف حتى انتفض مذعورًا وهو يصرخ: بيت اختي بيولع.
اسرع الجميع إلى هناك فوجدوا سيارة المطافي تحاول بكل جهدها أن تطفئ الحريق.
بعد أن انتهى الجميع واطمأن الرجل على أن الجميع بخير عاد إلى منزله بعد أن ضرب موعدا جديدا لمسعود الذي عاد الى منزله خائبا مثل المرة السابقة، وفي الموعد المحدد انطلق مسعود مع والدته وهو يشعر بالخوف ويتمنى لو تكتمل فرحته هذه المرة، ما إن جلس على الصالون وجلس معهم الرجل حتى رن هاتفه مرة أخرى
فصرخت أم مسعود وأخذت تتوسل إليه وتقول: أرجوك بلاش ترد خلينا نقرأ الفاتحة الأول ونتفق ونلبس الدبل وبعدين اعمل اللي انت عاوزه.
نظر إليها الرجل والدهشة تملأ وجهه وهو يقول: إيه اللي بتقوليه ده يا ست حسنية طيب ده انتي بنفسك شوفتي التليفون مهم ازاي وعارفة أن كل ما بيرن بتكون حاجة مهمة ما انا لازم برضه ارد افرض فيه حاجة مستعجلة ولا حاجة وبعدين خلينا نتأمل الخير.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي