1

أخذت اكف دمعي المستفيض عندما سمعت طرقات عنيفة علي الباب أفزعتني وجعلت جسدي الضعيف يرتجف واخي صرخ بالبكاء علي اثر صوت تلك الطرقات المتزايدة والعنيفة . كأنه هجوم ثوري علي المنزل ,لكن حين سمعت الصوت عرفت من ذلك الثعبان الذي لا يراعي حرمات المنازل وغياب أصحابها. دلفت لداخل حجرتي واخي الصغير بين يدي وأغلقت الباب ,لكن صوت الطرقات والعنف علي الباب يزداد أظنه سيقتلعه من مكانه ذاك المراهق الأهوج وبالفعل انفتح الباب وبرغم أننا بالصعيد لم يحرك الرجال ساكنا .
اخذ يتشدقون قائلين: أنهم عائلة واحدة ليس لنا شأن بهم يفعلون ما يريدونه فهو ابن عمهم وأولي بهم.
أشعر بالحزن علي نفسي في داخلي. لم أشعر سوي أن ذلك الباب الذي يحيل بيننا وبين ذلك الفحل قد انفتح ورأيت الضوء ينفذ منه وقفت خلف الباب وانا ارتجف من شدة الخوف وبخاصة بعدما دخل هذا الفحل المراهق المنزل علينا أحاول أن وأوقف بكاء أخي الصغير والدموع الساخنة تنهمر علي وجنتي.
وأنا أقول لنفسي: أنني اقوي منه بكثير لا تخافي فهو أضعف مما أن اعد له حساب.
وأخاف منه أخذت أحاول أن اسكت أخي الصغير وهو بين ذراعي وكلانا يرتجف. التفكير في حل كاد يقتلني والوقت يمضي بسرعة حين لا نريده يمضي ويمضي اسرع من البرق حين لا نريده يمضي. آخذت أفكر في مكان اختفي فيه من هذا الوغد أنا أخاف أن يقتل أخي أويفعل في شيء وهو يستغل غياب الجميع عن المنزل دلفت مع أخي الصغير لأسفل الفراش كي اختفي ثم فكرت قليلاً أنه قد يرانا بسهولة .
أخذت ابحث عن مكان آخر...ثم جلست أفكر وأنا اختلس إليه النظرات من ثقب المفتاح الموجود في الباب ثم أخذت أقول لنفسي وأنا أراه يدلف باحثاً عنا في كل مكان هنا وهناك ويتلف ويدمر كل شيء يراه أمامه وكسر إقفال الباب والمزلاج. وأراد أن يغتنم ما في خزينة والدي من أموال لم اهتم بكل هذا وانا أفكر كيف يعبث هذا الأهوج في منزلنا ؟وكأنه أحدي أملاك أبيه وأجداده أموالنا نحن لم اعد ابحث عن مكان أختفي فيه منه بل أخذت أحاول أن أفتح الباب الموصد بين الحجرة التي أنا فيها وحجرة أخري بها سلاح والدي وبندقيته.
أشعر باقتراب خطواته منا شيء فشيء وأسرع في فتح الباب وتمكنت من ذلك وحملت أخي للداخل وأخذت أحاول الوصول لبندقية أبي وكان قد اقتحم الحجرة علينا وأزال كل شيء أمامه. لم أجد حل لأصل بهذه القامة القصيرة إلي البندقية سوي حجابي إزالته بسرعة البرق من علي رأسي وبالفعل أسقطت البندقية علي الأرض وأمسكت بها.واخي باليد الأخرى وانا أحاول إن أزيل الحجاب عن البندقية وأضعه علي رأسي من جديد ,لكن لم أتمكن من ذلك قد وصل لنا هذا الفحل الطويل وامسك بالحجاب من يدي وكدت أسقط معه واخسر البندقية والقي به بعيد عني وزاد ارتجافي وخوفي وأخي الصغير علي الأرض يبكي بعلو صوته وأخذ يقترب مني شيء فشيء وهو يحاول اخذ البندقية من بين يدي.
يقول: اعطني هذه لن تعرفين وتقدرين علي استخدامها ...
لم انظر إليه لاتحاشي نظراته التي تخترقني وتعبث في جسدي الهزيل. أخذ يقترب شيء فشيء وبعدما فشلت في أن احرك البندقية لتضرب عليه رصاص لثقلها ولضعفي أخذت استخدمها كسلاح آخر لي وهو يقترب مني ويزداد اكثر واكثر ويده تمتد إلي فوجهت البندقية بجانبها عليه وأعطيته بها علي ذراعه الأيمن. فصرخ متألماً لم اهتم به انحنيت أخذ أخي واهرب من هذا الوغد وما أن انحنيت حتي انتبه هو بسرعة لما يحدث ومد يده وجذبني إليه وانهال علي ضربنا بشدة وبعنف وامسك بخصلات شعري الأسود الطويل المنسدلة وانا احمل أخي فسقطت به علي الأرض وانا اصرخ من شدة الألم والوجع ولم ينتبه هو للبندقية فأخدتها بسرعة وأنا اترك أخي وهو يصرخ من شدة البكاء والارتطام الذي تعرض له.
انتبه لي وأخذها من يدي ولم اتركها له حاول أن يأخذها بكل الطرق لم اتركها له فجذبني منها وامسك بخصلات شعري خلفه وهو يجذبني منها بشدة كأنه يسوق ذبيحة للذبح وانا اصرخ وهو يقول: أين والدك الذي لطمني علي وجهي أمام الجميع في ليلة زفافي وأضني علي بكِ؟ أين هو قد مات وسأتزوجك بإرادتك ام رغما عنك انتِ ووالدك ينازع الموت للموت؟
الجميع ينظر إلينا وعلي ما يحدث وگان الأمر لا يتعلق بهم وكأنهم يستمتعون بما يرون. فما اجمل الأفلام الواقعية التي يشاهدها الآخرين! وما أقساها علي الذي يعيشها حقا! وبخاصة هؤلاء الذين يأخذون أدوار البطولة في تلك الأفلام الواقعية...ترك لي البندقية بعدما تأكد من أنني لا استطيع الإفلات منه ولا أستطيع الإفلات بها و لا أعرف استخدام البندقية أمسكت بالأريكة فلم يستطيع أن يكمل سحبي خلفه واقترب مني فرأيت يده تمتد علي رقبتي فاشحت بوجهي مسرعة وقمت بالتهام يده بفمي الصغير بشدة حتي ترك خصلات شعري.
وقد تركت أسناني أثرها في يده ولم يستسلم كلانا ،ولكني كنت الأسرع منه هذه المرة فأخذت البندقية وضربته بها علي رأسه بشدة ورغم أنني لم أصل لرأسه وأخذ كل تلك الضربات القوية بالنسبة لي علي حسب قوتي، لكنها لم تأثر فيه .
أدار وجهه لي وأخذ يضرني علي وجهي بشدة أحاول أن اخلص نفسي منه لم استطيع. بعد أن أخذ من يدي البندقية وأيقنت أنها اللحظات الأخيرة لي قبل أن أفارق الحياة علي يد هذا الوغد ,لكني لستُ أشعر بالحزن والألم لأنه لن يستطيع أن يأخذ شيء مني. جاهدت لآخر أنفاس التقطها حتي كانت اللطمة الأخيرة التي أسقطتني عند أقدام رجل وامرأة وانا لن استطيع أن أرفع رأسي أضناها شدة الضرب الذي تعرضت له من قسوة هذا الوغد.
كنت قد فقدت كل مقاومتي أمامه ,لكني وجدت يد تمتد إلي وجهه وتلطمه بشدة شعرت فيها أنها نفست وأفرغت بركان الألم والثورة والغضب الذي أرداني إليه ذلك الفحل المراهق الذي لم أشعر أنه ابن عمي يوم بقدر ما شعرت أنه عدوي.
كنت اكرهه بسبب نزواته النسائية وجهله وخوفي منه لضخامته والآن اكرهه لكل شيء فعله وأن كنت قادرة علي قتله لفعلتها ,لكن قوتي وجسدي الهزيل أعطاه فرصة أخري للحياة أما عن الأقدام النسائية الأخرى التي ضمتني إليها بشدة وأخذت أحاول إن توقفني علي قدماي من جديد كنت أري صورتها أمامي ضبابية ,لكني اعلم ملامحها جيداً. وما أن ارتشفت كوب من الماء حتي استعدت صحتي المبعثرة ورأيت تلك المرأة التي انتحرت علي مدامعها من شدة البكاء وذلك صاحب الأقدام الأخرى الذي اخد يطبب جراحي ورايته.
ونظرت لهما وأنا أقول في صوت شبه واضح : أخي يبكي بالحجرة الأخرى.
تركتني هذه المرأة الطيبة وذهبت إلي أخي الذي مازال يبكي وضمته بشدة إليها. انهالت عليه بقبلاتها التي أودعت فيها كل أحزانها وقنوطها الشديد وترى فيه الأمل الذي يثأر للجميع .تحاول أن تدخل إلي روحه السكينة والهدوء من جديد وبعد فترة استعدت رؤيتي وتفرست وجهها وحزنها وضمتها الشديدة لي بلهفة وخوف فرأيت ذاك الوجه البريء الدامع والذي أخذت منه معظم ملامحه وبراءته هو وجه أمي والطبيب " أحمد" فجمعت لعقلي الأحداث فاستوعبت ما حدث وأدركت من الذي تجرأ علي ضرب ابن عمي ثم نظرت إلي قدميه ورايتها ذاتها الأقدام التي سقطت رأسي بجوارها.
فأخذت اجمع ما تبقي من الأشلاء البشرية لي .أحاول أن اخفي الأجزاء التي ظهرت من جسدي وشعرى المنسدل أو بالأحرى ما تبقي في رأسي من بقايا شعر علي اثر تلك الاجتذاب الشديد منه. فجذبت غطاء المنضدة ووضعته علي رأسي وانسدل علي باقي جسدي شعر الطبيب " أحمد" بالخجل مما فعلت وخرج من الحجرة وتركني ,لكن ما سبب خجله هو,لكني تمنيت إن اقتل علي يد ابن عمي علي أن تضرب بي الأمثال والحكم وأنا أذل وأهان علي مرأي ومسمع من الجميع.
لم يحرك أحدا ساكنا ولم يدافع أحد عني لأنني فتاة ضعيفة وبسيطة. فلماذا لم يثور هؤلاء الرجال لرجولتهم؟ هل لأنهم جميعاً يضربون نسائهم ويعتبرونهم جزء من أملاكهم؟فكيف لهم أن يدافعوا؟ وهم جميعا في نفس ذاك القارب الذي سيغرقهم جميعاً؟
نظرت إلي أمي التي استشفيت من ملامحها أنها تسوق إلي خبر وفاة والدي لا بل قتله...نظرت لها وأنا أتحاشى نظراتها الدامعة التي قد خيم الحزن العميق فيها كأنه ليس منذ يوم وآخر بل منذ عقود عدة تجاهلت نظراتها التي تقيم فيها مراسم الموتى . جلست وهي تحمل أخي بجواري وانا القيت بنفسي في أحضانها وانا أتوسل إليها بدمعي إلا تقول لي أن والدي قد وافته المنية. القيت بنفسي بين ذراعيها كما يلقي الإنسان نفسه بقوة وعمق في الماء لعلي بتلك الروح أشيع فيها ما حدث لي وما تعرضت له علي اثر غياب والدي ليوم واحد فماذا سيكون مصيري أن فقدت والدي للأبد؟
قطع علينا مراسم الأحزان دخول الطبيب وهو يطرق علي الباب ويقول: أخبرني المشفى أن زوجك قد دخل في غيبوبة اثنا العملية ومع احتمالية أنه قد يكون بحاجة لنقل دماء .
نهضت أمي وانا أتشبث بها قرأت في عيناي ما لم ينطق به لساني وخوفي من أن يحدث ما حدث اليوم فأخرجت لي ثوب فضفاض من ملابسي وأوثبتني إياه وحملت أخي الصغير بذراع وانا بالآخر. تحركنا لخارج المنزل وقد اعترض طريقنا ابن عمي وأخواته الرجال وعمي معهم .
فجذبني ابن عمي من ذراعي أمام أمي بشدة جعلني أصرخ بتأوه شديد فاقتربت منه أمي وقالت: دعنا نذهب وكفي ما حدث منك.
أصبحنا أقصوصة القرية والجميع هنا ينظر لما يحدث وقد تحلقوا حلقة أمام المنزل يشاهدون هذا الفيلم الواقعي ويكتفون بالتعليقات الجانبية ونظرات الاستياء والألم الممزوجة بإشفاق. اقتربت أمي وجذبتني إليها وهي تلقي بكل ما معها من أموال في وجه عمي وأبناءه. وتحركنا للأمام إلي السيارة كانت أكثر اللحظات التي مقت فيها نفسي والجميع يخترقني بنظرات مغلفة بحديث.
وأنا منكمشة في صمت يقولون فيه : جلبتي العار لأهلك جميعاً.
ثوب والدتي التي سقطت دمعاتها علي فأزداد حزني حزن علي ماكنت فيه..
هناك الكثير من الناس يشعرونك بضخامة وخطورة مشكلتك رغم انك صاحب هذه المشكلة ,لكنهم لهم نظرات وكلمات تشعرك بانك أمام غزو أو حرب عالمية جديدة اخترقتني جميع الأعين ورمقني الجميع بنظرات حادة قاتلة ليتأكدوا من ظنونهم وما قد ارتابوا فيه وما ذهبت إليه أفكارهم جميعاً وبخاصة بعدما رأي الجميع الدماء التي مازالت آثارها علي وجهي واخي لا يفهم شيء مما يحدث حوله تمنيت إن أكون مثله,لكن ما قد قطع علي كل هذا قوة أمي التي تضمنا إليها بشدة وكأنها تحولت لقطة تحابي علي قططها الصغار من الكلاب الضارية...
تحركت السيارة بنا وانطلقت إلي مشفي المحافظة التابع لها المركز الذي تقع فيه قريتي لم أشعر أنني تخلصت من ذاك الكابوس القاتل الذي يدعي ابني عمي وما جعلني استعيد قوتي وجسدي الذي لم أشعر به من كثرة ما به من الم هو قوة أمي التي انتزعتني من بين براثن الجميع ابن عمي وعائلته وأعين الجميع بالقرية الذين أقاموا لي بداخل أعينهم سجون وقضبان ومشنقة لتعلق رأسي عليها، ولكن موقف أمي تلك المرأة التي لم أستشعر قوة بداخلها كيف صمدت أمام الجميع؟

الفصل الثالث.
أخذتني من أمام عرين أفمامهم بعدنا أوشك الجميع علي البدء في التهامي بأعينهم وألسنهم ولم يراعي أحدهما ضعفي ولم يكلف نفسه حتي بالتدخل اكتف الجميع بالمشاهدة الصامتة ..استلهمت قوتي من أمي وانا ادعوا أن يقوم والدي من كبوته هذه ويعيد الأوضاع نصابها الصحيح . كان الطريق طويلاً إلي المشفى ربما أنا من شعرت بهذا لأني أتحرق شوقاً إلي رؤية والدي ذلك الجبل كيف يكون سقوطه بكل هذه السهولة دون أن يحدث دوياً قاتل لمن كانوا يهابونه ؟ فأنا من تجرعت قسوته قطرة قطرة شعرت بكل قطرة من هذه القسوة وأيضاً أنا من تجرعت قطرات سقوطه التي كانت أشد قسوة من قطرات قسوته علينا,لكن حين نستشعر أننا نفتقد لأحد عهدنا وجوده معنا أو كاد ينتزع نفسه من حيواتنا يزداد عشقاً له وحبنا لأدق التفاصيل فيه .
نتحول من منتقدين ومنقبين فيه عن عيوبه وذلاته والتربص بها إلي عشاقاً له فنعشق عيوبه قبل مميزاته. نري في وجوده وعيوبه التي كنا نستثقلها أنها نفسها تلك الأشياء التي جذبتنا له فتمنيت أن يعود والدي وأنا بالسيارة التي تقلني للمشفى الذي فيه ويضربني لا بل يقتلني أن شاء,لكن لا يتركني فريسة تتقاذفها الأقدار بين أقدام عمي وأبنائه.
غبطت أخي الذي مازال صغير لا يعي من الأمر شيء كنت أشعر بأن الطريق مازال طويلاً. بخاصة أني أكره ما علي هو الانتظار ولأنني اكرهه كنت أقضي معظم وقتي في الانتظار. فالانتظار حتي أحقق حلمي والانتظار لنتائج دراستي والانتظار لكبر أخي و الانتظار لفرج الله والانتظار الآن حتي يستعد والدي صحته ويقف علي إقدامه من جديد .مع أنه أمل شبه مستحيل ,لكن الآمل فالله لا ينقطع أبداً. وصلت السيارة إلي حيث نريد وهبطت منها وأنا أتتوسل الله في نفسي أن ينجي والدي مما الم به. دلفا الجميع للداخل وهناك وجدت أخواتي جالسين أمام المشفى لأنه مشفي خاص ولا يسمح بالدخول والازدحام فيها مراعاة للمرضي . كان والدي بالداخل يخضع لأجراء العملية وأنا ارتجف بالخارج وأخواتي حولي الجميع شعروا بأن هناك شيء حدث معي ,لكني لم اخبرهم بشيء وهم لم يكونوا بالقرية.. حين حدث ما حدث.
لم يهتم أحد بحالتي سوي الطبيب "أحمد" الذي تمنيت إلا يكون مع أمي ويرى كل ما حدث ,لكن حضوره له فائدة في أنه أوقف ابن عمي عما كان يفعل بي .كرهت أن يري ضعفي وانكساري وسقوطي عند إقدامه وإمساكه بي كرهت كل ذلك فلم يعد لي قدرة علي أن أرفع بصري للنظر به إليه ,لكنه تقدم إلي أمي وأخواتي محيطين بها.
وقال: اجلسي بالسيارة حتي تنتهي العملية.
ارتعد جسدي من نظراته التي قرأت فيها الأشفاق بكل معانيه. تلك النظرة العابرة التي لم تطل لثواني معدودات ,لكنها مرت علي ببطء شديد كأنها سهام اخترقت جسده لمرارتها فهذا أيضاً رجل كابن عمي ،ولكن ماذا فعل هذا وماذا فعل الآخر؟ قطعت علي نفسي تفكيرها وأنا اذكرها قائلة في نفسي. لا جميعهم صورة واحدة ،لكنها مختلفة الأشكال والملامح فلا أجازف في حرب اعلم أنني سأكون أنا الخاسرة الوحيدة فيها .
دلفت مع أمي وأخواتي للسيارة وجلست كما كنت اختفي فيها أردت أن تنفذ لداخلها بعد كل هذا الألم شعرت بي فضمتني إليها بشدة أودعت فيها كل حزني ودموعي علي أبي وعلي ما حدث لي ثم خرج الطبيب وهو يخبرنا أنه تم استخراج الرصاص من جسده ،ولكنه بحاجة إلي نقل دماء.
دخل جميع أخواتي لإجراء تحليل الدم ومعرفة فصائلنا المختلفة وأيهما تتوافق مع فصيلة دم أبي؟ للأسف لم يكن من بين هذه الفصائل أي فصيلة تناسب والدي وكنا آخر الواقفين للتحليل باخر الطابور وتقدمت لإجراء الفحص ،لكن الطبيب كان يستريب في امرى عندما رأي الجروح والكدمات التي في ذراعي. أجريت التحاليل وكنت أنا الفصيلة الوحيدة التي تتوافق مع فصيلة دم أبي وبالفعل رغم رفض الجميع لي بالتبرع وبخاصة الطبيب المعالج الذي رأي شحوب وجهي وانطفاء رونقه،لكنني أصررت علي أن أعطي والدي دم حتي أن كان ذلك على حساب صحتي وعافيتي. فما حياتي بعد أبي
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي