4
رغم مرض والدها إلا ان ريان كانت قد تعودت أن لا تنام إلا بجوار والدها على السرير المجاور له و احيانا كثيرة كنت تجلص على الكرسي بجانبه و تضع يد والدها على رأسها لتحس بشيء من حنان الاب و تجلس تكلمه وتبوح له عن ما في نفسها و غالبا ما كانت تنام و هي على هذه الحال فقد كان التعب يسكن بداخلها دون ان تبدي شيئاً منه لأحد و تحاول دائما ان تخفي دموعها عن والدها و ترسم بسمة مكذوبة على شفتيها الصغيرتين و تستغل ساعة نومه بالدعاء و الصلاة فقد اتخذت ركناً من الغرفة محرابا لها و قد افترشت فيه سجادتها و علقت رداء الصلاة هناك
لطالما جلست الليالي تبكي في ذلك الركن وهي تدعو لله ان يعافي والدها بل و تنسى الدعاء لنفسها لقد اشغلها مرض والدها عن مرضها و عن حياتها قضت كل تلك الفترة بدون كلل و لا ملل كان همها الوحيد ان لا يشعر والدها للحظة انه لم يعد مهما في المنزل او أن يشعر بتقصير احد تجاهه اصبحت علاقة ريان مع والدها اشد ترابطا و قلبها معلق به اكثر من قبل خصوصا بعد أن بدا والدها يتكلم و لو بشكل صعب لكنه كان يكلمها و تكلمه و تأخذ رأيه بكل شيء في المنزل وتجعله يحس انه لازال الأمر الناهي في مملكته الصغيرة و أن لا احد يمكن أن يحل محله
لقد اصبحت ريان في عامها الخامس عشر لم تلاحظ انها كبرت او أنها صارت في وقت هو اشبه بوقت التحضر للزواج و الخطوبة كان همها الوحيد هو والدها فقط مضت السنة الثامنة و ها نحن على اعتاب سنة جديدة بالاسم متكررة في الاحداث لكن كانت هذه السنة كئيبة على الجميع في هذا العام من مرض خالد
اصابته وعكة شديدة ادت لفقدانه الذاكرة و عجزه عن تذكر حتى اولاده فزادهم ريان هماً و حزنها حزننا فوق ما كانت تجد
كانت تتألم كلما رأته شارد الذهن لا يتكلم و لا ينطق بحرف لم يعد يتذكر زوجته أم طارق التي قضى معها اجمل سنين عمره و انجب منها اولاده قرة عينه و لا حتى ريان لم يعد يذكرها
لكنها لم تستسلم ابدا كانت دائما تجلس تكلمه و تحدثه لعله يتذكر شيئا و يعود لسابق عهده لكن عبثاً تحاول فالمرض استشرى بسرعة و كان الأطباء مستغربين من الأمر لكن ظن الجميع ان جسمه لم يعد يحتمل
سائت حال العائلة المادية بسبب الانفاق على مرض الوالد و ريان في نفس الوقت لكن لم يكن احد يهتم لهذا
المهم كان عند الجميع أو هذا ما كان يبدو عليه الأمر هو سلامة ريان و والدها فقط هذا ما تربوا عليه و هذا ماعودهم عليه والدهم ولقد مضى على مرض خالد قرابة العشر سنوات إلى أن جاء اليوم الأسود الذي حل بالعائلة فلقد سائت حال العم خالد كثيراً و لم يعد يتحمل مزيداً استفاق الجميع على صوت ريان و هي تصيح مذعورة على الجميع ابي ابي!!!
هرع الجميع إلى الغرفة فوجدوا ريان غارقة في دموعها والاب مغمضٌ عينيه و قد ضاق نفسه كثيراً
مالذي حدث لقد كانت في المشفى يومها و اضطرت لمفارقتة والدها لبضع ساعات فقط ريثما تجري الفحوصات وةتأخذ الادوية لنفسها
اتصل طارق مباشرة بسيارة الاسعاف و كان الوقت متأخرا و تجاوزت عقارب الساعة بعد منتصف الليل حضرت السيارة و تم نقل خالد للمشفى برفقة ريان و امها و طارق و هم في الطريق بدأ خالد يشعر بضيق بالنفس اكثر كانت ريان بجانبه تجثو على ركبتيها و تشد بكلتا يديها على كف والدها و تجهش بالبكاء لم تعد تستطيع الوقوف و لا حتى أن ترتب الكلمات في فمها ترجوه أن يتحمل قليلاً و تدعو الله بذلك شعرت بالذنب والقت اللوم على نفسها لإنها فارقت و الدها اليوم
وصلت السيارة إلى المشفى و نزل الجميع من السيارة و توجه المسعفون بخالد آلى غرفة الاسعاف و قاموا بكل ما يستطعون مضت ساعة على وجود خالد بغرفة العناية المركزة والاطباء يبذلون قصارى جهدهم لكن ماذا ينفع الطب إذا حان الموت كان شبح الموت يطوف في ارجاء الممر المؤدي إلى الحجرة و رائحة الموت تنبعث في كل مكان فلقد حانت الساعة و جاء الأجل ولا مفر من الموت إنه حق على الجميع
خرج الطبيب و علامات الحزن بادية على وجهه فنطق وليته ما تكلم قائلاً فقدنا المريض والبقية في اعماركم ..
و في غمضة عين توقف قلب خالد و توفي وانتقلت روحه إلى السماء بعد سنين قضاها في محاربة المرض كان الأمر صعباً على الجميع لكن ريان لم تتحمل الأمر فلقد كان والدها ايام الصحة و العافية هو السند الذي لا يهتز و الركن الأمن و الملاذ الاول والأخير لها لقد اعتادت منذ أن كانت وهي طفلة ان تجلس في حجر ابيها ليصفف لها شعرها الأسود الناعم الغزير كحبال المطر و كان يحب ان يجعلها بضفيرتين تتباها أمام بنات الحي بهما فلم تكن أي واحدة منهن تضاهي ريان في الجمال و اللطافة و الرقة
و اليوم هي تصارع الموت و الوقت و القدر لعل والدها يبقى بجانبها و لكن كان للقدر نهاية و للعمر خاتمة ...
حينما وصل الخبر إلى أذن ريان أن والدها قد توفي انهارت و سقطت مغشية عليها لم تتحمل الكم الهائل من الضغط لم تستطع أن تستوعب مالذي يجري عشرة اعوام من مرض والدها مرت و كأنها سراب انتهت فجأة و كأنه كابوس و انتهى هرع الاخوة إلى اختهم وحملوها على احد الأسِرة في المشفى ريثما تستعيد وعيها استفاقت بعد بضع دقائق و قد تمنت أن لا تفعل كم تمنت لو انها ماتت مع والدها فليس لحياة لا يوجد فيها والدها طعم و لا قيمة لقد كان رغم مرضه في الأونة الاخيرة و يحسسها بحنانه كانت لا تقدر على ازاحة عينيها عن ناظريه حتى وهو مريض كانت تجلس على الكرسي و تضع يد والدها على رأسها لتغفو بضع دقائق بعد ان كان قد انهكها التعب و الارهاق لا تستطيع النو م قبل ان تخبر والدها بكل شيء لم تكن تتخيل أن هذا اليوم سيأتي و يموت والدها لم يكن في الحسبان أنها ستطلع عليها الشمس في دنيا لا يوجد فيها خالد ...
وقفت بمساعدة اخوها طارق ليوصلها إلى الغرفة التي يتواجد بها والدهما لتودعه قبل أن يحين وقت الدفن لم تستطع أن تنظر لوالدها وهو ميت لقد اصابها الذعر من منظره و قد لف بالقماش الابيض و وضع عليه الكفن وفاحت منه روائح المسك والعنبر انفجرت ريان بالبكاء و القت بنفسها فوق جسد والدها بعد ان صار جثة هامدة لا روح فيها و هي تبكي بحرقة يكاد أن يتقطع منها قلب الناظر لها ملئ صوتها ارجاء الغرفة وخرج ليجول في الرواق يؤذن بفصل جديد من قصة حزن ستعيشها ريان لم يستطع طارق أن يسمعوا اختهم تبكي بهذه الطريقة المحطمة للقلب ففاضت مدامعه و جلس يتحسر على نفسه و يندبها ماهي دقائق إلا وقد وصل رافع وزوجته ايضا بعد ان تلقو الخبر بوفاة خالد ساد الصمت بين الجميع للحظات وكأنما على رؤسهم الطير ثم وقف طارق قائلا سندفنه غدا هيا بنا لنجهز الكفن و القبر لم تصدق ريان ما كانت تسمعه حضر الصباح و اشرقت الشمس و توجه الجميع إلى مسجد الحي للصلاة على خالد و من ثم دفنه في ما بعد تم الأمر وانتهت مراسم الدفن و جلس الجميع في خيمة العزاء
بينما ريان شاردة تتذكر إذ فزعت و عادت لرشدها
واستفاقت على صوت امها تناديها
: ريان تعالي سوف يحضر الضيوف بعد قليل ادخلي وجهزي نفسك
التفتت ريان و قد احست بصداع رهيب و تذكرت أن الضيوف قادمون لكنها لم تكن ترغب بهذه الزيارة خاصة
هتفت ريان قائلة: امي لن ادخل رأسي يؤلمني
الأم: هيا تعالي إلى هنا
احست ريان بضيق في الصدر و قلبها بدأ يخفق بسرعة فهي لم توافق على هذه الزيارة
يتبع..
لطالما جلست الليالي تبكي في ذلك الركن وهي تدعو لله ان يعافي والدها بل و تنسى الدعاء لنفسها لقد اشغلها مرض والدها عن مرضها و عن حياتها قضت كل تلك الفترة بدون كلل و لا ملل كان همها الوحيد ان لا يشعر والدها للحظة انه لم يعد مهما في المنزل او أن يشعر بتقصير احد تجاهه اصبحت علاقة ريان مع والدها اشد ترابطا و قلبها معلق به اكثر من قبل خصوصا بعد أن بدا والدها يتكلم و لو بشكل صعب لكنه كان يكلمها و تكلمه و تأخذ رأيه بكل شيء في المنزل وتجعله يحس انه لازال الأمر الناهي في مملكته الصغيرة و أن لا احد يمكن أن يحل محله
لقد اصبحت ريان في عامها الخامس عشر لم تلاحظ انها كبرت او أنها صارت في وقت هو اشبه بوقت التحضر للزواج و الخطوبة كان همها الوحيد هو والدها فقط مضت السنة الثامنة و ها نحن على اعتاب سنة جديدة بالاسم متكررة في الاحداث لكن كانت هذه السنة كئيبة على الجميع في هذا العام من مرض خالد
اصابته وعكة شديدة ادت لفقدانه الذاكرة و عجزه عن تذكر حتى اولاده فزادهم ريان هماً و حزنها حزننا فوق ما كانت تجد
كانت تتألم كلما رأته شارد الذهن لا يتكلم و لا ينطق بحرف لم يعد يتذكر زوجته أم طارق التي قضى معها اجمل سنين عمره و انجب منها اولاده قرة عينه و لا حتى ريان لم يعد يذكرها
لكنها لم تستسلم ابدا كانت دائما تجلس تكلمه و تحدثه لعله يتذكر شيئا و يعود لسابق عهده لكن عبثاً تحاول فالمرض استشرى بسرعة و كان الأطباء مستغربين من الأمر لكن ظن الجميع ان جسمه لم يعد يحتمل
سائت حال العائلة المادية بسبب الانفاق على مرض الوالد و ريان في نفس الوقت لكن لم يكن احد يهتم لهذا
المهم كان عند الجميع أو هذا ما كان يبدو عليه الأمر هو سلامة ريان و والدها فقط هذا ما تربوا عليه و هذا ماعودهم عليه والدهم ولقد مضى على مرض خالد قرابة العشر سنوات إلى أن جاء اليوم الأسود الذي حل بالعائلة فلقد سائت حال العم خالد كثيراً و لم يعد يتحمل مزيداً استفاق الجميع على صوت ريان و هي تصيح مذعورة على الجميع ابي ابي!!!
هرع الجميع إلى الغرفة فوجدوا ريان غارقة في دموعها والاب مغمضٌ عينيه و قد ضاق نفسه كثيراً
مالذي حدث لقد كانت في المشفى يومها و اضطرت لمفارقتة والدها لبضع ساعات فقط ريثما تجري الفحوصات وةتأخذ الادوية لنفسها
اتصل طارق مباشرة بسيارة الاسعاف و كان الوقت متأخرا و تجاوزت عقارب الساعة بعد منتصف الليل حضرت السيارة و تم نقل خالد للمشفى برفقة ريان و امها و طارق و هم في الطريق بدأ خالد يشعر بضيق بالنفس اكثر كانت ريان بجانبه تجثو على ركبتيها و تشد بكلتا يديها على كف والدها و تجهش بالبكاء لم تعد تستطيع الوقوف و لا حتى أن ترتب الكلمات في فمها ترجوه أن يتحمل قليلاً و تدعو الله بذلك شعرت بالذنب والقت اللوم على نفسها لإنها فارقت و الدها اليوم
وصلت السيارة إلى المشفى و نزل الجميع من السيارة و توجه المسعفون بخالد آلى غرفة الاسعاف و قاموا بكل ما يستطعون مضت ساعة على وجود خالد بغرفة العناية المركزة والاطباء يبذلون قصارى جهدهم لكن ماذا ينفع الطب إذا حان الموت كان شبح الموت يطوف في ارجاء الممر المؤدي إلى الحجرة و رائحة الموت تنبعث في كل مكان فلقد حانت الساعة و جاء الأجل ولا مفر من الموت إنه حق على الجميع
خرج الطبيب و علامات الحزن بادية على وجهه فنطق وليته ما تكلم قائلاً فقدنا المريض والبقية في اعماركم ..
و في غمضة عين توقف قلب خالد و توفي وانتقلت روحه إلى السماء بعد سنين قضاها في محاربة المرض كان الأمر صعباً على الجميع لكن ريان لم تتحمل الأمر فلقد كان والدها ايام الصحة و العافية هو السند الذي لا يهتز و الركن الأمن و الملاذ الاول والأخير لها لقد اعتادت منذ أن كانت وهي طفلة ان تجلس في حجر ابيها ليصفف لها شعرها الأسود الناعم الغزير كحبال المطر و كان يحب ان يجعلها بضفيرتين تتباها أمام بنات الحي بهما فلم تكن أي واحدة منهن تضاهي ريان في الجمال و اللطافة و الرقة
و اليوم هي تصارع الموت و الوقت و القدر لعل والدها يبقى بجانبها و لكن كان للقدر نهاية و للعمر خاتمة ...
حينما وصل الخبر إلى أذن ريان أن والدها قد توفي انهارت و سقطت مغشية عليها لم تتحمل الكم الهائل من الضغط لم تستطع أن تستوعب مالذي يجري عشرة اعوام من مرض والدها مرت و كأنها سراب انتهت فجأة و كأنه كابوس و انتهى هرع الاخوة إلى اختهم وحملوها على احد الأسِرة في المشفى ريثما تستعيد وعيها استفاقت بعد بضع دقائق و قد تمنت أن لا تفعل كم تمنت لو انها ماتت مع والدها فليس لحياة لا يوجد فيها والدها طعم و لا قيمة لقد كان رغم مرضه في الأونة الاخيرة و يحسسها بحنانه كانت لا تقدر على ازاحة عينيها عن ناظريه حتى وهو مريض كانت تجلس على الكرسي و تضع يد والدها على رأسها لتغفو بضع دقائق بعد ان كان قد انهكها التعب و الارهاق لا تستطيع النو م قبل ان تخبر والدها بكل شيء لم تكن تتخيل أن هذا اليوم سيأتي و يموت والدها لم يكن في الحسبان أنها ستطلع عليها الشمس في دنيا لا يوجد فيها خالد ...
وقفت بمساعدة اخوها طارق ليوصلها إلى الغرفة التي يتواجد بها والدهما لتودعه قبل أن يحين وقت الدفن لم تستطع أن تنظر لوالدها وهو ميت لقد اصابها الذعر من منظره و قد لف بالقماش الابيض و وضع عليه الكفن وفاحت منه روائح المسك والعنبر انفجرت ريان بالبكاء و القت بنفسها فوق جسد والدها بعد ان صار جثة هامدة لا روح فيها و هي تبكي بحرقة يكاد أن يتقطع منها قلب الناظر لها ملئ صوتها ارجاء الغرفة وخرج ليجول في الرواق يؤذن بفصل جديد من قصة حزن ستعيشها ريان لم يستطع طارق أن يسمعوا اختهم تبكي بهذه الطريقة المحطمة للقلب ففاضت مدامعه و جلس يتحسر على نفسه و يندبها ماهي دقائق إلا وقد وصل رافع وزوجته ايضا بعد ان تلقو الخبر بوفاة خالد ساد الصمت بين الجميع للحظات وكأنما على رؤسهم الطير ثم وقف طارق قائلا سندفنه غدا هيا بنا لنجهز الكفن و القبر لم تصدق ريان ما كانت تسمعه حضر الصباح و اشرقت الشمس و توجه الجميع إلى مسجد الحي للصلاة على خالد و من ثم دفنه في ما بعد تم الأمر وانتهت مراسم الدفن و جلس الجميع في خيمة العزاء
بينما ريان شاردة تتذكر إذ فزعت و عادت لرشدها
واستفاقت على صوت امها تناديها
: ريان تعالي سوف يحضر الضيوف بعد قليل ادخلي وجهزي نفسك
التفتت ريان و قد احست بصداع رهيب و تذكرت أن الضيوف قادمون لكنها لم تكن ترغب بهذه الزيارة خاصة
هتفت ريان قائلة: امي لن ادخل رأسي يؤلمني
الأم: هيا تعالي إلى هنا
احست ريان بضيق في الصدر و قلبها بدأ يخفق بسرعة فهي لم توافق على هذه الزيارة
يتبع..