الفصل الرابع

ربت محمد علي راس لمياء بحنان
-ارتاحي بقى من المذاكره شويه وتعالي اقعدي معايا انا ومامتك برا، نتفرج علي التلفزيون، وناكل حاجه حلوه، وابقى ارجعي كملي مذاكرتك.

أغلقت لمياء الكتاب ومدت يدها لتمسك يد والدها، لتقوم وتخرج معه وهي تبتسم.

بينما كانت لمياء تحب التعليم،كانت بيسان تلهو وتلعب بدمياتها، وهذا كان أكثر شئ يثير أعصاب ايمن وهايدي منها، لأنها لا تعي ماتفعله وعقلها في اللهو والمرح والتنزه فقط، تعثر ايمن في الحديث معها وحدثها بحده لعلها تفهم وتقتنع
-مابتشوفيش لمياء صاحبتك متفوقه ازاي، وكل ماتسألي عليها مامتها تقولك بتذاكر، غيري منها شويه واعملي زيها عشان لما تدخل جامعه تبقى معاها وماتفترقوش من بعض ياخايبه

رمقته بيسان بلامبلاه لحديثه وكأنها لم تسمعه واستمرت في اللهو
في صباح اليوم التالي ذهبن الفتيات الي المدرسه كالعاده، وذهب محمد مع أيمن بسيارته بعدما تهيأ وارتدي أشيك ماعنده، كي يبدأ اول يوم له في المصنع وحمل معه ملف السي في تبعه ليتقدم به إلى مدير المصنع؛

عندما ولج داخل المصنع لاحظ كم هو عريق جدا، كان يسمع عن المصانع في التلفاز ولم يرها على الإطلاق، أخذه أيمن ليتعرف على المدير ويكمل إجراءات التعيين ليبدأ العمل
إقترب محمد حتى وقف أمام المكتب الذي يجلس المدير خلفه، رحب به والقى عليه التحيه
-السلام عليكم يافندم، انا محمد آل الاستاذ ايمن كلمك عنه، ودا السي في بتاعي، أرجو أن أكون عند حسن ظن سيادتك

قام المدير من مكانه نصف قومه ومد يده ليصافح محمد ويسمح له بالجلوس على المقعد الذي يوجد بجانب المكتب
-اهلا وسهلا بيك يااستاذ محمد، اتفضل اقعد، هو بصراحه الأستاذ ايمن من الموظفين القلائل المحترمين وال بنعتز بيهم في مصنعنا، بصراحه هو بيشكر فيك أوى، نأمل إنك تكون بنفس انضباطه واجتهاده في العمل، إن شاء الله هتنبسط معانا والراتب هيعجب حضرتك مع الحوافز والمكافآت

شبَّك محمد أصابعه في بعضها خجلا من كرم المدير وتلعثم في الحديث
-والله يافندم انا دورت كتير على وظيفه مناسبه لتعليمي، والحمد لله ان ربنا وقعني في ناس محترمه شبه حضرتك وشبه أيمن، وان شاء الله هعمل كل ال اقدر عليه واكون قد المسئوليه، والله المستعان

مد المدير يده ليمسك القلم كي يمضي لمحمد جواب التعيين، ثم عطاها له ليذهب بها إلى السكرتاريه كي تحتفظ بها مع الملف تبعه، ثم سمح له بالمغادره والذهاب الي أيمن كي يرشده على مكان مكتبه.
ولج محمد غرفة مكتبه والقى التحيه على بعض من أصدقائه في المكتب والعمل، ثم سم الله وجلس على مقعده خلف المكتب وقرأ سورة قرآنيه لتفتح له باب الرزق والتوفيق.

في هذه الأثناء كانت لمياء وبيسان في المدرسه، أتت ساعة الإستراحه وخرجوا جميع الفصول ليتنزهوا في رواق المدرسه، تعرضت لهم طفله من فصل آخر بالشتم بدون سبب، فقط لأنها كانت دائما تراهم معا فدخلت الغيره والحقد قلبها، قصدت ان تهينهم أمام باقي الأطفال، زغرت لها لمياء وتحدثت معها بعقلانيه
-لو سمحتي بلاش تغلطي فينا من غير سبب، وخليكي في حالك أحسن لك، لأننا معملناش ليكي حاجه

اشتاطت الطفله غيظاً وإقتربت منهن كي تضربهن، سارعت بيسان في مشيتها ووقفت أمام لمياء وامسكت يد الطفله قبل أن تنزلها على وجه صديقتها، ثم قبضت عليها بيدها بعصبيه وهي تحدق في عيناها، ثم تحدثت معها بحده وحزم
-انتي باين عليكي مابتفهميش بالذوق والأدب، ما هو مش عشان احنا في حالنا ومالناش دعوه بحد تفتكروا اننا ضعفاء، لا ياحبيبتي لو على قلة الأدب في منها كتير، لو ما لمتيش نفسك اوريكي قدام المدرسه كلها انا ممكن أعمل فيكي ايه، انا وصحبتي خط أحمر فاهمه ولا افهمك بطريقتي!

ثم أفلتت يدها وطرقتها بجانبها وأشارت لها بعينها ان تنصرف من أمامها، والتفتت ووضعت يدها على كتف لمياء وغادروا المكان ورؤسهم في السماء، ثم جلسوا بجانب نافورة المياه ليتناولوا فطورهم دون أن يتحدثوا عما صار، لكن لمياء كانت ترمق بيسان بإعجاب وفخر لمدافعتها عنها أمام الجميع، زاد حب صديقتها في قلبها أكثر مما سبق؛

مرت الأيام والشهور والسنين وانتهت المرحله الإبتدائيه، ابتدت المرحله الإعداديه، تغير معها ملامح الفتيات وتغيرت معهم أشياء كثيره
استقر محمد في مهنته بالتوفيق هو وأيمن، إستمدت مروه ثقافات مختلفه بعدما تعرفت على جيران جدد هي وهايدي، لم يظهر جديد في علاقة محمد بأشقائه وأبواه، دون الإطمنئان عليهم بطريقه غير مباشره، كان أيمن يتواصل مع شقيقته على وسائل التواصل الإجتماعي دائما؛

انتقلن الفتيات من مدرسه لمدرسة أخرى، كانت لمياء منضبطه للغايه في ملابسها وسلوكها واجتهادها في المذاكره، كانت دائما تطلع الأولى على المدرسه، بينما كانت بيسان تقضيها لهو ومرح ومزح أيضا في المذاكره، كادت ترسب في التعليم ولكن لمياء ساعدتها كثيرا لتنجح وتنهي الابتدائيه؛
توقعت بيسان بأن لمياء ستستمر في مساعدتها كي تنجح، لكن كان الوقت محدود جدا ولم تلقى لمياء وقت فراغ لتساعد صديقتها كالعاده، أهملت بيسان مذاكرتها كثيرا.
في يوم من الأيام كانوا عائدين من المدرسه فتعرض لهم بعض الشباب في الطريق، بدأو يسمعونهم بعض الكلمات المعسول ويتغزلوا فيهن، تذمرت الفتاتان واسرعوا في مشيتهم متجهين الي المنزل، سحبت بيسان صديقتها لمياء الي غرفتها كي يتحدثوا فيما حصل معهم بالطريق، تأفأفت نافرة
-شوفتي الواد الي كان شعره بني وعيونه عسلي ده، واد بارد كده، وبعدين إيه الكلام الأهبل ال بيقولوه ده، هو في حد بيعاكس حد بالطريقه القديمه دي؟

أطلقت لمياء ضحكتها ثم أجابتها غامزة بعيانها
-يابت! ولما هو مش عاجبك الكلام ال قالوه، لحقتي تركزي في لون شعره ولون عنيه! مش هتجبيها البر انتي ع فكره، بقولك ايه انسى ال حصل وقومي ذاكريلك كلمتين ينفعوكي، وسبيني انا كمان ارجع شقتنا زمان ماما قلقانه عليا وعندي مذاكره كتير، يلا سلام، اشوفك بكرا يابتاع الشعر البني والعيون العسلي انتي


خرجت لمياء وعادت الي منزلها لتنجز مهامها بينما تسمرت بيسان في مكانها على فراشها شارده ترمق حولها بعيون لامعه، تعيد الكلمات المعسوله في ذهنها بابتسامه هادئه وتلهو في ضفائرها وتعض على شفتها السفليه كأنه بدأ يهمس لها قلبها بمشاعر لم تعرف ماهي، اوقفتها والدتها عن شرودها حينما نادت عليها بصوت مرتفع
-انتي يابنتي، بنادي عليكي بقالي ساعه، يلا تعالي حضرتلك الغداء، تعالي كلي قبل مايبرد

لوت بيسان شفتاها منزعجه لأنها ودّت لو انها ظلت شارده لوقت أطول، طرقت يداها بالفراش زافرةً وقامت لتجلس معهم على الطاوله، جلست تلهو في طبقها بالشوكه شاردة أيضا وكأنها سافرت بخيالها عن الموجودين، لاحظت هايدي ذلك فضربتها على رأسها من الخلف بهدوء لإفاقتها ضاحكه
-هاي، ال واخد عقلك يابت، مالك فيكي ايه؟

انتفضت بيسان ورمقت والدتها بذهول، تمتمت
-ها.. لا مفيش، سرحت شويه بس

ثم تركت الشوكه من يدها ونهضت عن الطاوله
-أنا أصلا مش جعانه ياماما، تسلم إيدك على اي حال، انا هدخل اذاكر شويه عشان عندنا امتحانات بكرا

رمقتها هايدي بدهشه، لأن تصرفات ابنتها كانت غريبه على غير العاده، بينما ولجت بيسان الي غرفتها و أوصدت الباب من الداخل باحكام، ثم الق بنفسها على الفراش بعدما أشغلت الكاسيت على موسيقى هادئه، سحبت الغطاء فوقها وغفت تماما

في هذه الأثناء كانت ليماء قد ادت صلاتها وتناولت طعامها ثم ولجت الي غرفتها واشغلت القرآن ثم فتحت كتابها وبدأت مذاكره لحين غفت فوق الكتاب من الإرهاق؛

في اليوم التالي قبل ذهابهم الي المدرسه أنهت لمياء ارتداء ملابسها على الفور، بينما وقفت بيسان أمام المرآه تتزين بضع دقائق، في اعتقادها انها سترى هذا الشاب مرة أخرى؛
ولجت إليها لمياء وحدقتها بغيظ
-يلا يابنتي اتأخرنا، بتعملي ايه كل ده! ايه ال انتي عملاه في نفسك ده، رايحه حفل ولا فرح، امسحى وشك عشان المديره ما تفلكيش في الطابور قدام المدرسه كلها بلا قلة قيمه

طرقت بيسان قدمها في الأرض جاحظة عيناها
-ماشي ياست الشيخه همسحه اهو، يلا بينا


أثناء سيرهم بالطريق بدأت بيسان تلتفت يمينا ويسارا باحثة عن الشاب المعاكس ولم تجده، بينما لمياء أعينها في الأرض لحين ولجت داخل المدرسه، طوال فترة التدريس أثناء الحصص كانت لمياء منتبهه للشرح نشيطه في التركيز مجتهدة في الاجابه، بينما كانت بيسان ترسم في كراسها قلوب وتلونها بالأحمر وتكتب اول حرف من اسمها مقابلها علامة استفهام، لم تركز مع الآساتذه ولم تحفظ اي معلومه ولم تجاوب على أي سؤال

ظلوا هاتين الفتاتين هكذا طوال فتره الدراسه، كل منهما تسير في طريقها دون الأخرى، اتجهت بيسان للحديث المعسول ومغازلات الفتيان لها، بينما كانت لمياء تدرس وبإتقان لتحقق هدفها ولم تشغل تفكيرها بأمور جانبيه

في هذه الأثناء تعرف محمد أثناء شغله بالمصنع على تاجر كبير بالصدفه الباحته، أخذهم الحديث وتوطدت علاقتهما، حينما عرف التاجر ظروف محمد العائليه والماديه، امال عليه بإقتراح سيكون في صالحه، أومأ إليه
-بص يامحمد انت باينك راجل جدع وانا ارتحتلك، هعمل معاك ديل ويارب يعجبك، بص ياسيدي الفرصه مابتجيش للواحد مننا غير مره واحده بالعمر، انا ليا واحد صاحبي في الإمارات بيشتغل مدير في شركة استيراد وتصدير مواد غذائيه، كان مكلمني من فتره ان هو عايز حد كويس وبكون آمين ومعاه كليه، انا بصراحه مش هلاقي احسن منك للوظيفه دي، مش عايزك ترد الوقتي، خد وقتك وهعطيلك رقمي لما تفكر وتاخد قرارك بلغني، ومالكش دعوه بحاجه بعد كده، ليك عليا اخلص لك كل حاجه معاه


تلعثم محمد جاحظا عيناه لم يعرف كيف يجاوبه! لان فكرة الهجره لم تخطر له علي الإطلاق، هز رأسه للتاجر مبتسما
-والله ماعارف أقولك إيه بس خليني اشوف حتى أهل بيتي رأيهم ايه، عشان زي ماانت عارف انا لو سيلتهم وسافرت، هيعيشوا لوحدهم وانا اخاف عليهم، مالهومش غيري

بعدما انهي دوامه بالمصنع وعاد الي المنزل بصحبة صديقه وجاره أيمن، تحدث معه بالأمر أثناء عودتهم بالطريق، أشار عليه أيمن بما يمليه عليه ضميره
-بص ياصاحبي هي فرصه كويسه وقد تكون مربحه، لو عايز نصيحتي سافر وماتحملش هم حاجه، لو على مراتك وبنتك بعد ثلاث شهور من شغلك هناك وتستقر شوف سكن على قدكوا كدا وابعتلهم يجولك، ماانت هنا هنا عايش غربه بعيد عن اهلك اهو ومايعرفوش عنك حاجه، فا غربه بغربه بقى وشوف حالك خليك تعرف تعلم بنتك وتجهزها كويس

اقتنع محمد بعض الشيئ بنصيحة أيمن له، صار يفكر في الأمر بجديه، حين ولج كل منهم الي منزله، ابقوا التحيه على من بالمنزل، ثم سحب محمد يد مروه لتجلس بجانبه منشرحا الصدر متوترا، حدقها بابتسامه ثم اومأ إليها متنهدا
-عندي ليكي مفاجأه لا كانت على الباب ولا على الخاطر.

إندهشت مروه للغايه واثارها الفضول لتعرف ما به
-خير يارب، قول يامحمد ماتوقعش قلبي

اطلق محمد ضحكته ثم اجابها
-اهدي.. اهدي، انا ياستي... انا... جايلي عقد سفر للإمارات ووظيفه كويسه جدا، احتمال تنقلنا ناقله تانيه خالص، بس انا لس ما اديتش قراري، قلت اخد رأيك انتي ولمياء الأول، ها. قولتي ايه... اه وفي حاجه كمان، لو ربنا سهلها وسافرت هبعتلكوا علطول تيجوا تعيشوا معايا

تعالت صرخات مروه وقفزت من السعاده ثم ضمته لصدرها ضاحكة
-ياما انت كريم يارب، ده بجد يامحمد! دي مش محتاجه سؤال، انت تستاهل كل خير توكل على الله، وماتقلقش علينا

سمعت لمياء صياحهم من الداخل فهرولت إليهم مسرعه لتعرف ما السبب، حينما أخبروها والداها بالموضوع، تأثرت كثيرا واغرورقت عيناها بالدموع لأنها لم تفارق والدها يوم واحد بحياتها، وأيضا لأنها من المحتمل الا ترى صديقتها الوحيده بيسان، نهض محمد عن مقعده متجها نحوها وضمها لصدره وقبلها في جبينها، ثم رفع رأسها له بيده ناطرا في عيناها
-ياحبيبة بابا انا لسه ماقررتش، وبعدين لو هسافر فعلا هبعتلكوا علطول لان انا كمان ماقدرش اعيش بعيد عنكوا، لو على بيسان ابقى تواصلي معاها نت كل يوم زي ما انتي عايزه، لو فكرت فعلا اسافر فا ده هيكون عشان أءمنلك مستقبلك يانور عين باباكي


التقطت لمياء أنفاسها ومسحت دموعها ثم عقدت زراعيها حول خصر والدها ووضعت رأسها على صدره
-حبيبي يا بابا ربنا ما يحرمني منك أبدا، ال تشوفه صح إعمله، المهم عندي انك تخلي بالك من صحتك عشان انا ماليش غيرك

نهصت مروه عن مقعدها هي الأخرى ووقفت بجوارهم وفردت زراعيها لتضمهم لحضنها هي الأخرى، ثم أطلقوا ثلاثتهم ضحكتهم، ربت محمد علي كتفهم بحنان
-يلا جهزولنا الغذاء لاني هموت من الجوع، وسيبوها على الله ربنا يقدم اللي فيه الخير

ثم ولج الي المرحاض كي يغتسل ويتوضأ، بينما هرولت مروه الي المطبخ لتعد له الطعام مبتهجه ترقص وتتمايل من سعادتها، بعدما ادي محمد صلاته التفوا حول المائده ليتناولوا طعامهم بمحبه ومتعه، عادت لمياء الي غرفتها لتكمل مذاكرتها؛
ولج محمد ومروه ليستريحوا قيلولة بعد الظهيره، نشبت بينهم مشاعر الحب والرغبه الجنسيه تهامسا لبضع دقائق برنيم المحبه والعشق ثم قبلها محمد من شفتاها قبله عابره، اقتربت منه مروه كي تشبع رغبتها، التهمت شفتاه لتقبلهم بحراره، اشتعلت نيران النشوه في اجسادهم، نزعوا ملابسهم لبعضهم البعض ثم قاموا بالمعاشرة الجنسيه بشوق ولهفه ومحبه، بعدما أفضى شهوته بداخلها ثم القى بنفسه بجوارها على الفراش قابضا بيداه على يدها يلهث أنفاسه.

ثم التفت إليها محمد محدقا بعيناها بابتسامه
-تعرفي اني بحبك اوي يامروه، انتي ولمياء ال بقيتوا ليا ف الدنيا دي، أن شاء الله لو حصل نصيب وسافرت لازم باي طريقه اخليكوا تيجوا تعيشوا معايا، لاني مش هقدر على بعدك عن حضني ليله واحد

قامت مروه عن وسادتها ونامت على صدره حاضنته بزراعها
-أنا كمان بموت فيك يامحمد، انت ابويا واخويا وكل دنيتي، ربنا يوفقك ويصلح حالك في السفريه دي، وال يجي بعد كدا ان شاء الله سهل، آه لو تعرف انا قد ايه سعيده بالخبر ده وكان طاقة القدر هتتفتح لينا بإذن الله.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي