الفصل الثاني

بعد ثلاثة أيام . أخذت قرارها بعد ثلاثة أيام أنها ستوافق علي علاج تلك الحالة . فهي علي كل حال ماتزال في إجازة ولديها أربعة أشهر منها . وهي أصبحت تشعر بالملل في حياتها الرتيبة بلا عمل . ناهيك عن إن حالة المريض تثير فضولها . تريد كذلك تغيير في حياتها ولا بأس أن تستفيد من السفر ورؤية أماكن جديدة ووجوه جديدة . ليست افضل حالا نفسيا . لكن ربما التجديد من خلال هذه المهمة يمكن أن تحسن من حالتها النفسية . لذلك حسمت أمرها قبل أن يفوز الجانب المتردد والخائف منها واتصلت بجايمي :-
ميريت ؟
ردت بسرعة :-
جايمي ! أريد أبلاغك عن موافقتي للإشراف على حالة المريض إذا كان العرض ساري .
رد جايمي بمرح :-
إنه ساري ميريت وكنت أنتظر إتصالك . إذن هل هذه الموافقة أكيدة ؟
ميربت بهدوء :-
نعم . ماكنت اتصل إذا لم تكن . هل يمكنك أن ترسل لي كامل التقارير وأحدث التحاليل وإبلاغ عائلته ؟
جايمي بحماس :-
نعم عزيزتي يمكن أن أبلغهم كما أنهم سيتصل بك أحد أفرادهم لتسوية كل الامور والإجراءات لأنني لا أملك أي تقارير جديدة للحالة .
ردت بأرتباك:-
سيتصل بي أحد أفراد العائلة؟ ألا يمكنك أن ترتب أنت ذلك بما أنك من رشحت لي تلك الحالة ؟
جايمي بصبر :-
ميريت عزيزتي . طالما أنك وافقت فلابد أن تكون هناك أتصالات بينك وبينهم للتواصل ولمعرفة كل التفاصيل التي تريدين معرفتها . كما يمكنك ان تعلمي عن الترتيبات للسفر والإقامة أليس كذلك؟ فعاجلا أم آجلا ستكوني علي تواصل مباشر وشخصي معهم .
تنهدت ميريت بأحباط فهي تدرك أنه محق :-
نعم انت محق جايمي . ربما انعزالي أثر علي شخصيتي ونفسيتي بشكل كبير . حسنا أنا في أنتظار أتصال فرد من العائلة.
جايمي براحة كبيرة تظهر في صوته :-
سأتصل بهم ليتواصلوا معك . اتمنى لك التوفيق مع هذه الحالة ميريت وانا موجود لأي إستفسار او مساعدة كما تعلمين .
ميريت بهدوء :-
اعلم ذلك جايمي . الي اللقاء.
اغلقت الخط وجلست تفكر أذا كانت قد فعلت الصواب . لكن ليس الأن وقت التراجع فعي أبدت موافقتها وانتهى الأمر . حسنا ربما علينا ان نرمي بأنفسنا في التجارب ربما تكون صواب وتغير حياتنا للأفضل وربما تكون خطآ ونأخذ منها درس للمستقبل . لذا لم تفكر بعد ذلك بما صواب أو خطآ . واتجهت الي جهاز الكمبيوتر علي مكتبها وشرعت تبحث عن الأمراض النفسية الأقل شيوعآ والأكثر ندرة في محال الطب النفسي . علها تجد مرض يشابه تلك الحالة في الأعراض التي جائت في التقارير .
بعد أسبوعين
في طائرة متوجهة إلي أسكتلندا جلست ميريت براحة وأسترخاء علي أحد المقاعد الفخمة بالدرجة الأولى من الرحلة . تتصفح أحدى الملفات التي ارسلها لها السيد فيرين جيرلد . أخ المريض الذي وافقت علي الاشراف علي علاجه وتقدير حالته المرضية السيد راي جيرلد .
لم تجد الكثير عن حالته لا سوابق للأدمان لأي نوع مخدرات . لا عامل وراثي . لا أمراض دماغية سابقة . ولا حوادث إلا حادث وحيد والذي تظن انه كان نقطة البداية لتاريخ حالته الأن.
السيد :- راي جيرلد
العمر :- ثلاثة وثلاثون عام
تقاريره السابقة تشير عن انه لم يكن لديه اي أمراض عضوية .
تحاليله الطبية تشير الي صحته التامة . لا كحول . لا مخدرات . ليس هناك خلل في هرموناته لتعاطي بعض الادوية التي يمكن أن تسبب أضطرابات عصبية او نفسية . كذلك كل الصور والأشعة سليمة ولا خلل بها .إذن كيف أصيب بأضطرابه النفسي ؟
حتى الان لم تحصل علي كل الإجابات كاملة فالسيد فيرين لم يعطيها كل المعلومات طالبآ منها أن تأتي الي أسكتلندا في خلال أسبوعين من تلك الليلة التي إتصل بها . وأشار بأنه لابد قبل أن يتحدث بكل المعلومات أن توقع علي عقد السرية علي اي معلومات قد تعرفها عن الحالة او عن عائلته خوفآ من نقلها الي الإعلام.  وهي لم ترفض لأنها تعلم جيدآ بأنها طبيبة تحترم مهنتها ولان سرية الحالة وخصوصية المريض من واجباتها ايضآ .
نظرت الي ساعتها ووجدت إن لا يزال علي وصولها لأسكتلندا خمسة وثلاثون دقيقة . تنهدت بملل وجمعت الأوراق ودستها في حقيبتها التي علي المنضدة أمامها . ثم حملت كأس عصير الكوكتيل وارتشفت منه القليل .
حسنا هي لم تظن أن تكاليف الرحلة الي هناك ستكون علي حساب عائلة جيرلد . ولم تتوقع أن تكون رحلتها في الدرجة الاولى . كانت تسافر دائما في الدرجة الاقتصادية . ولم تتوقع أن تكون الدرجة الاولى بهذه الفخامة . ولم تتوقع أن تكون الدرجة الاولى بهذه الفخامة . حسنا شكرا لك سيد فيرين . كما انه قدم دعوته للإقامة معهم في قصر العائلة علي شاطئ جزيرة آران . تنهدت وزفرت بعمق . قلقة نعم فهي تفكر بأنها تعجلت بالموافقة . ومازال جزء منها يهمس لها بأنها تحتاج الي كل هذا التغيير ولو مؤقتآ. انتهزي فرصة تذوق الحياة المختلفة عن حياتك المملة ميريت فأنت ستعودي إليها بعد فترة علي كل حال لكن بعد آن تشعري بأنك افضل حالا نفسيا. وربما يساعدك الله ويشفى ذاك المريض بجهودها .
بعد ان حطت رحلتها في مطار غلاسكو الدولي . بعد ان أنهت كل الإجراءات وأخذت حقيبتيها بحامل الحقائب توجهت الي صالة الإستقبال فوجدت رجل في الخمسين من عمره بملامح ودودة وشعر أشقر خفيف يرتدي بدلة رسمية سوداء يحمل لوحة تحمل إسمها . اتجهت نحوه :-
مرحبآ انا الطبيبة ميريت سوان .
حدق الرجل بها ووجهه يحمل صدمة كبيرة فأبتسمت له ومدت يدها للمصافحة فقال بعد ان تنحنح وصافحها :-
عذرا آنستي . كنت أعتقد أن من جئت لأستقباله طبيبة كبيرة في العمر . لم أظن أو اتخيل أن تكوني شابة جميلة . أعذريني .
هزت رأسها وقالت :-
لا عليك . إذن أنت أتيت لأستقبالي ؟ هل أنت السيد جيرلد؟
أبتسم وقال:-
انا مساعد السيد فيرين جيرلد. كان يود أستقبالك للأسف لم يستطيع الحضور . ظروف منعت حضوره .
لذا كلفت بأستقبالك . انا أدعى آرون . سررت بلقاءك
ميريت أبتسمت لهذا الرجل اللطيف :-
مرحبا بك سيد آرون . سررت بلقاءك أيضا .
آرون :-
آرون فقط رجاءآ . هل تسمحين لي ؟
وأخذ يدفع حامل الحقائب حتى بوابة خروج المسافرين
وهي بجانبه حتى توقف أمام سيارة ليموزين بيضاء فارهة جدآ. أنبهرت ميريت بجمال وفخامة السيارة وكانت تنظر إليها بأعجاب عندما كان آرون يضع الحقائب في السيارة من الخلف ثم عاد ليسئلها وهو يفتح لها باب السيارة للركوب:-
هل الرحلة كانت مريحة ؟
وقبل ان تدخل للسيارة قالت له :-
كانت مريحة جدآ . أشكرك آرون .
عندما جلست علي الجلد في مقعد السيارة الفخم تنهدت ميريت وهي تنظر بفضول حولها فالسيارة مزودة بثلاجة صغيرة وكذلك واسعة ورحبة جدا وبفرش مشرق وناعم ايضآ عندما انتبهت أن ارون جالس بجانبها في المقعد الخلفي للسيارة . بعد
الفخم تنهدت ميريت وهي تنظر بفضول حولها فالسيارة مزودة بثلاجة صغيرة وكذلك واسعة ورحبة جدا وبفرش مشرق وناعم ايضآ عندما انتبهت أن ارون جالس بجانبها في المقعد الخلفي للسيارة . بعد لحظة أنبت نفسها وهمست في داخلها (مالذي تفعلينه ميريت ؟ تعطي للجالس بجانبك شعور بأنك مشردة وقد وجدت مائدة ممتلئة بطعام دسم وفاخر . تمالكي نفسك )
قطع استرسال حديثها مع نفسها آرون والسيارة تتحرك في الطريق وقال :-
نحن سنتجه الأن الي جزيرة آران حيث قصر عائلة جيرالد سنتوقف عند الميناء ثم سنأخذ عبْارة الي الجزيرة . مرحبآ بك مجددآ في أسكتلندا دكتور سوان .
ابتسمت له وقالت:-
ميريت فقط لا داعي للرسميات .

ابتسم آرون وهز رأسه بموافقة .
شاهدت ميريت من خلال النافذة بجانبها كل الطريق مساحات واسعة خضراء وملاعب الغولف المعروفة والشهيرة . لم تجد هناك إلا القليل من المساحات الاسمنتية وكانت أيضآ مباني جميلة عصرية لكن بتصاميم قديمة . هي تعرف جيدآ أن أسكتلندا تتشابه كثيرآ مع موطنها وخاصة في ملاعب الغولف الكبيرة فأيرلندا واسكتلندا عبارة عن ملاعب شاسعة لتلك الرياضة .
بعد عشرون دقيقة توقفت السيارة أمام ميناء غلاسكو البحري ولم تضطر الي النزول من السيارة فالعبْارة التي تحملهم الي الجزيرة كانت كبيرة وشاسعة لتحمل كذلك السيارات . وعندما تحركت العبْارة نحو وجهتها هرجت ميريت من السيارة لتشاهد روعة البحر وذلك الممر البحري الجميل والصافي أمامها تحوم فوقهم طيور النورس التي تملأ السماء بصوتها العالي البهيج . وبعد دقائق ظهرت أطراف الجزيرة أمام عينيها شردت في تلك الجزيرة وسئلت نفسها مالذي ينتظرني هناك علي تلك الأرض الوحيدة ؟
وللمرة الثانية سمعت صوت آرون خلفها يتحدث علي مايبدو خلفها عبر الهاتف :-
نعم سيدي نحن سنصل خلال عشرة دقائق .

هل السيد راي بخير الان ؟
التفتت ميريت لتنظر الي آرون الذي كان خلفها بمسافة مترين
.
 أتمنى ذلك سيدي . نعم .حسنا سيدي .
اغلق الهاتف فسئلت ميريت :-
هل المتصل السيد فيرين ؟
آرون هز رأسه وقال :-
نعم . أراد التأكد من وصولك .

أجابته :-
هذا حقا لطف منه . إذن السيد راي أصابته إحدى نوبات المرض ؟
رد آرون بحزن :-
نعم . إنه يحصل علي نوبات ليلية متكررة لكن نوبات النهار كانت لا تصيبه إلا نادرآ .
اندهشت ميريت فهي تعلم أن مرض الاضطراب ثنائي القطب او اي مرض أخر ليس لنوباته أوقات مرتبة :-
هل النوبات المرضية تصيبه ليلآ فقط ؟ لا أظن أن مرضه يشبه الاضطراب النفسي بأي شكل . كيف تكون نوباته لأنني أظن أنه ليس مرض نفسي حتى.
آرون هز كتفيه وزم شفتيه :-
عفوا دكتور ميريت انا لست مخولآ للحديث حول مرض السيد راي لكن السيد فيرين يمكنه أن يفيدك أكثر حول هذا الموضوع .
أبتسمت وقالت :-
اعلم هذا جيدآ آرون . فقط العجيب أن هذا المرض ليس مرض مرتب حتي يكون بنوبات ليلية . لكن انا سأعرف قريبآ . آمل ذلك .
رد آرون وملامحه تشع بالأمل :-
انا ايضا اتمنى ذلك . السيد راي أنسان جيد ومحبوب جدا.  الجميع يحترمه . شخصيته قوية لكنه لطيف بكل ما في الكلمة من معنى.  اتمنى شفاءه قريبآ جدا .
هزت ميريت رأسها والتفت تنظر الي أطراف الجزيرة التي تلوح من بعيد :-
أنا أيضا آمل ذلك . ولهذا انا هنا .

وصلت العبّارة الي الجزيرة بعد عشر دقائق وتحركت سيارتهم في طريق معبد ترقص علي الجهتين أشجار الورود والليمون والمساحات الشاسعة الخضراء الزاهية . اتجهت السيارة الي مرتفع من أرض الجزيرة تلوح في أعلاها قصر أبيض مغطى بالاشجار الصنوبرية وبعض اشجار الورد . دخلت السيارة من بوابة القصر ونظرت بأعجاب الي تفاصيل القصر الذي لم يكن قصرا قديم او قلعة كما توقعت . بل قصر بطابقين أبيض يحمل طراز عصري في تصميمه كما أعجبت بالشرفات التي تتزين بأحواض الورود بكل الالوان والانواع.  توقفت السيارة بمدخل القصر فنزل آرون واتجه الي باب السيارة لمساعدتها بالنزول وهي تتطلع حولها بدهشة وإنبهار.
في مدخل القصر كانت تقف فتاة من عمرها تقريبا ترتدي ملابس الخدم الاسود بمأزر أبيض ملامحها جامدة وتعابير وجهها متفاجئة . تحدث إليها آرون :-
فيونا هذه الطبيبة ميريت سوان . دكتور ميريت هذه فيونا خادمة القصر وهي إبنة مديرة القصر سابقآ ليريا .
صمتت ثم احنت الفتاة رأسها وقالت:-
مرحبآ بك طبيبة سوان. اتمنى ان تكون إقامتك هنا مريحة
ردت ميريت وهي تنظر الي فيونا . هناك شيء ما غير مريح بتلك الفتاة :-
شكرا لك فيونا . متأكدة بأن اقامتى ستكون مريحة .
آرون :-
سوف تصل حقائبك الي العرفة التي خصصت لك . وسأتركك مع فيونا لتأخذك الي غرفتك أيضآ جولة في القصر . لكن السيد فيرين يتوقع أستقبالك في مكتبه  بعد نصف ساعة .
ردت ميريت بأبتسامة :-
مناسب جدا . شكرا لك آرون . سنلتقي مجددآ.
هز آرون رأسه بأبتسامة ومد يده مصافحآ :-
بالتأكيد دكتور ميريت سنلتقي قريبآ . هيا فيونا رافقي الطبيبة الي غرفتها ورافقيها في جولة حول القصر .
تنحت فيونا جانبآ تفسح الطريق الي ميريت للدخول شاهدت قاعة القصر ومدخلها كان تحفة فنية بيضاء . طاولات زجاجية ومزهريات الرود اللامعه . الصالون والارائك بيضاء وجدران بيضاء . وكأن من يدخل هو يحلم بغيوم السماء البيضاء يتصدر القاعة ابواب كثيرة بأطارات ذهبية خمنت ميريت انها أحداها تؤدي الي المطبخ والمواجهة تؤدي الي مكتبة كبيرة والتي بجانبها مكتب كبير . توجهت فيونا الي سلالم جانبية بجانبها ابواب معدنية فضية خمنت انه مصعد كهربائي.  :-
من هنا سيدتي .
تبعتها ميريت تصعد درجات الطابق للصعود للطابق الثاني وهي تنظر الي كل ماحولها بأعجاب ولم تفوتها نظرات فيونا المصدومة لها . علي ماأظن هناك من لا اعجبه هنا .
حسنا تلك مشكلتها .
سبقتها فيونا الي ممر عريض جدآ مزين بزخارف بيضاء وحمراء ومناضد زجاجية تحمل مزهريات الورود الحمراء العديد من الأبواب.  وصلت فيونا الي الباب الأخير بنهاية الممر وقالت بعد ان فتحت الباب وتنحت لتدخل ميريت للغرفة:-
هذه هي غرفتك سيدة سوان . اتمنى ان تنال إعجابك . إن كان ينقصك شيء فقط أعلميني وسيكون لديك في الحال .
نظرت ميريت الي الغرفة الزرقاء المشرقة بألوانها المتدرجة وفراشها الواسع ذو الاعمدة المعدنية والمناضد البيضاء . توجهت الي منتصف الغرفة وشاهدت خزانة حائطية كبيرة وفي مواجهتها باب الحمام . وفي الجهة المقابلة لباب الغرفة كان هناك باب مزدوج زجاجي لشرفة كبيرة . حقا هذا حلم ابيض جميل . انتبهت الي أن فيونا خلفها تنظر اليها بشيء من الاندهاش او ربما الرفض؟ لكنها لن تأبه لها :-
شكرا لك فيونا . لا اظن سينقص شيء . هل يمكنك بعد عشرون دقيقة تعودي لتصحبيني الي مكتب السبد فيرين ؟
هزت رأسها وقالت بجمود :-
نعم سيدة سوان .
ابتسمت ميريت ابتسامة باهتة :-
دكتور ميريت . شكرا لك فيونا .
خرجت فيونا واغلقت الباب خلفها امام نظرات ميريت لها ثم زفرت ميريت بعمق وقوة . هاهي لم يمر علي تواجدها هنا اقل من عشر دقائق وقد وجدت من ينظر اليها بكره . رحلة واقامة موفقة ميريت اتمنى ان تستمتعي هنا .
تحركت ميريت وبدأت في ترتيب أغراضها وملابسها في الخزانة وبعض المتعلقات في الحمام الابيض والذهبي الجميل والفخم وتسريحة الغرفة .بعد فترة سمعت طرقات علي الباب فنظرت الي ساعتها لتجد انه حان وقت اللقاء مع السيد فيرين.
تحركت نحو الباب وخرجت لتجد فيونا تقف باندهاش وجمود امام الباب وبدون اي كلمة تحركت فيونا وخلفها ميريت ليهبطن للطابق الارضي بأتجاه باب عريض ابيض بأطار ذهبي وقد هنأت ميريت نفسها بأن تخمينها كان صحيح حول مكان المكتب . فيونا طرقت الباب ودخلت بعد ان حصلت علي الإذن. :-
سيد فيرين . الطبيبة سوان هنا .
فيرين :-
دعيها تدخل فيونا .

فتح الباب وتنحت فيونا مفسحة المجال لدخول ميريت التي تنهدت بعمق ودخلت لمكتب واسع جدا ربما تكثر مساحة مما تتوقع . مكتب كبير وعريض يحتل منتصف المكان والارائك البيضاء الكبيرة المتناثرة . ومكتبة كبيرة للكتب تحتل الجدار الأيسر من اعلى الجدار حتي أسفله .
حطت نظراتها علي الرجل الذي يقف يراقبها بأعجاب لا يخفيه . توقعت ان تلتقي رجل اشقر ارستقراطي الملامح او رجل شبيه لمحاربي الفايكنج . لكنها ترى أمامها شاب بشعر بني اللون وعيون عسلية ملامحه جذابة يرتدي بدلة سوداء وقميص أبيض ناصع مع ربطة عنق حمراء . توجه نحوها بأبتسامة مصافحآ بلطف  وقال بصوته الرخيم :-
دكتور سوان . اعلا بك في منزلنا المتواضع . كيف كانت رحلتك .
مدت يدها لتصافحه :-
الرحلة كانت مريحة جدا شكرا لك سيد جيرلد . وشكرا لك مجددآ لاستقبالي في قصركم الجميل .
ابتسم فيرين وقال ومازالت يدها في يده  :-
اووه لا داعي للرسميات . ناديني فيرين فقط .
ابتسمت فقد اعجبت بأبتسامته النقية :-
اذن فيرين فقط .
أشار بيده بأتجاه الصالون :-
رجاءا تفضلي أنسة ميريت .
توجهوا الي القاعد المريحة وجلست ميريت وفيرين في مقابلها :-
اتمنى أن أتلقى باقي المعلومات عن حالة السيد راي .
فالمعلومات التي وصلتني منقوصة كما تعلم . وانا بدون كامل المعلومات لن استطيع المساعدة والبدأ في العلاج .
فيرين تنهد بأحباط :-
نعم . أعلم أن باقي المعلومات هي مهمة بالنسبة لك كطبيب . لكنها ايضآ هي جزء من خصوصيات الحالة التي هي رجل أعمال معروف ووريث لعائلة عريقة كعائلتنا . تعلمين مقدار الحرص والحذر خصوصآ ان لدينا الكثير من الخصوم أنسة ميريت.
هزت رأسها وفكرت قليلا :-
لكنها ضرورية بالنسبة لي وللحالة سيد فيرين .
فيرين نظر اليها بتفحص :-
هل تعلمين ان راي رفض من الأساس تلقي علاج من  طبيبة نفسية؟  وبالتالي يرفض وصول اي معلومات عنه الي أي طبيب . يفترض بأنه لا يعاني من اي مرض !
هزت رأسها بموافقة :-
نعم انا افترض ذلك . المريض لا يعترف بمرضه ووجود مشكلة من الأساس.
نهض فيرين واتجه الي مكتبه والتقط ملف وعاد من جديد حيث كان يجلس واخرج ورقة من الملف وسلمها الي ميريت وهو يقول :-
هذه وثيقة تعهد بالسرية والخصوصية . تلزمك بالتكتم والسرية وعدم الإدلاء بأي معلومات عن حالة اخي لأي شخص او جهة وخصوصآ وسائل الإعلام.  ليس هذا كعدم ثقة بك . لكنه لحماية جانبنا وخصوصآ خصوصية حالة راي . يمكنك قرأتها والتوقيع عليه خذي وقتك . وبعد ذلك سأعطيك كل المعلومات التي تحتاجينها في دراسة الحالة .
قرأت ميريت بسرعة ولكنها ولكن لفت إنتباهها بند يقول بأنه إذا تم تسريب أي معلومة عن حالة المريض سيتم مطالبتها بتعويض مائة مليون جنيه إسترليني . طبعآ الوثيقة قانونية وتم تفنيدها من قبل محامي العائلة كما هو موضح في الوثيقة . ضحكت ميريت بأندهاش:-
حتى إن أردت تسريب معلومات فأنني لا أستطيع بوجود هذا الرقم الخيالي كتعويض . لكننى اريد ان أطمئنك بأني لا نية لدي بتسريب اي معلومة وإن كانت صغيرة فخصوصية وسرية المريض مهمة بالنسبة للطبيب كما هي للمريض .
فيرين نظر إليها بأسف :-
أعلم ذلك ولكن تعلمين أن هذا ضروري بالنسبة لوضع العائلة ومكانتها . وبالرغم أن العاملين لدينا هم من اكثر الأشخاص وفاء وإخلاص لكنهم ايضآ وقعوا علي مثل هذه الوثيقة ميريت . الموضوع ليس شخصي او عدم ثقة بك .
تناولت القلم ووقعت بسرعة علي الوثيقة . ليس فقط لثقتها بأنها ذات ثقة ولكن أيضآ لأن الحالة تعتبر تحدي لخبرتها كما إن الفضول يحرقها أيضآ.
ناولته الوثيقة فأخذها وتنهد بأرتياح قبل أن يناولها ملف مكدس بالأوراق:-
هذه معلومات عن حالة راي كذلك التحاليل والتقارير القديمة والحديثة . وأي معلومات أخرى تحتاجينها يمكنك سؤالي عنها في أي وقت. أنا علي ثقة بك وبأنك ستبذلين قصارى جهدك .
ردت وقد وقفت وهي تحتضن الملف :-
آمل ذلك واتمنى ان أكون كما تتوقعون مني سيد فيرين .
في تلك اللحظة فتح باب المكتب وظهرت فتاة شقراء ببشرة كريمية وعيون زرقاء . رشيقة الجسد وطويلة ذات منحنيات رائعة ترتدي فستان أبيض بلا اكمام يصل الي منتصف فخذيها مع حذاء ابيض بكعب عالي أبيض اللون . باختصار انها جميلة وفاتنه كآلهة الجمال . :-
مرحبآ
 
نهض فيرين وهو يشاهد تلك الفتاة تخطو بأتجاههم بترنح في مشيتها ميريت راقبت خطوات وفتنة تلك الوافدة  الواضحة .
لمعت عيون فيرين وابتسم حينما شاهدها تخطو اليه :-
إيرين عزيزتي .
اقتربت منه والتصقت به وقبلت خده برقة ولم تنظر بأتجاه ميريت فقالت بصوتها الهامس :-
اشتقت لك . جئت في الموعد لتأخذني للغداء بالخارج .
فرد فيرين الذي كان يحضنها بيديه من خصرها الرقيق :-
نعم لحظة وأكون متفرغآ لك بالكامل . إيرين هذه الطبيبة ميريت سوان طبيبة راي الجديدة .
نظرت إليها إيرين ثم ظهرت علي وجهها المفاجئة . لم تعرف أيرين لماذا ؟ فميريت تعرف بأنها لأول مرة تقابل هذه الفتاة .
قال بصوت متحشرج :-
اهلا بك في الجزيرة دكتور سوان .
ردت ميريت بأبتسامة:-
شكرا لك آنسة إيرين .
مازالت إيرين نظراتها مندهشة ثم حولت نظرات متسائلة وقلقة الي فيرين الذي نظر اليها بنظرة وكأنه يقول ليس الأن. 
ثم قال :-
إيرين سبنس خطيبتي وقد تقرر الزواج بعد شهرين .
هزت ميريت رأسها تقول :-
تهانينا لكم . اتمنى لكم السعادة .
ردت إيرين بأرتباك :-
شكرا لك دكتور سوان.  كم عمرك اذا لن يضايقك السؤال ؟
دهشت من سؤالها :-
انا في السادس  والعشرين . لماذا ؟ هل العمر مهم في مجال العمل
رد فيرين بسرعة :-
لا . في الواقع إن إيرين توقعت طبيبة أكبر عمرآ وليس شابة صغيرة . اليس كذلك عزيزتي ؟
هزت إيرين رأسها توافقه لكن نظراتها تعكس مفاجئتها إندهاشها .
ميريت شعرت بالضيق وظنت إن نظرات تلك الإيرين ماهي الإ ربما غيرة وخوف علي خطيبها من وجودها في قصره . حسنآ هو آمن تمامآ . فهو بالرغم من إنه جذاب جدا لكنها لن تنظر له سوى أنه رب عمل أو مسئول عن مريض فقط .
تنحنحت ميريت وقالت :-
حسنآ سيد فيرين . سوف اذهب الأن الي جناحي للأطلاع على الملف وسأبلغك في حالة أردت أي معلومة.  لكن متى يمكنني لقاء السيد راي ؟

بقلق نظر إليها فيرين وهو مايزال يحتضن إيرين :-
إنه في رحلة عمل ولن يعود قبل المساء .
صدمت ميريت من المعلومة :-
رحلة عمل ؟
رد فيربن بسرعة لكن بأرتباك :-
نعم . هو يكون علي طبيعته وبتركيز شديد في اوقات معينة مثل الصباح لكن حالته تنتكس في الليل وبالاخص ساعات الصباح الأولى.
قطبت ميربت حاجبيها ليس هناك اي حالة مرت عليها بهذا العرض فالمرض تستمر أعراضه سواء ليل او نهار .
سوف تعرف هذا من خلال المعلومات عن الحالة وايضا مايتناوله من علاج .
قالت :-
حسنا سوف نعرف من خلال المعلومات عن اعراضه ومسبباتها . اتمنى لكم يوم سعيد .
انحنى لها فيرين وقال :-
الغداء سيكون في الساعة الثانية والعشاء سيكون في السابعة مساء.  اسف لأنني لن ارافقك للغداء تقبلي اعتذاري .
هزت رأسها بتسامح :-
لا عليك سيد فيرين . سعدت بلقاءك آنسة إيرين.
هزت إيرين رأسها وهي ماتزال تنظر اليها بدهشة .
خرجت ميريت من المكتب وقد زفرت براحة . توترها نظرات إيرين وكأنها رأت شبح . مابالهم اليوم ينظرون إليها بشكل غريب . حسنا ليس كلهم فيرين لم يفعل . كذلك آرون . تلك الخادمة فيونا وهذه الفتاة إيرين فقط لكن من يأبه لهن . هي هنا للعمل فقط ولن تعطي بالآ لأي نظرات لها غير إيجابية .
بقلق نظر إليها فيرين وهو مايزال يحتضن إيرين :-
إنه في رحلة عمل ولن يعود قبل المساء .
صدمت ميريت من المعلومة :-
رحلة عمل ؟
رد فيربن بسرعة لكن بأرتباك :-
نعم . هو يكون علي طبيعته وبتركيز شديد في اوقات معينة مثل الصباح لكن حالته تنتكس في الليل وبالاخص ساعات الصباح الأولى.
قطبت ميربت حاجبيها ليس هناك اي حالة مرت عليها بهذا العرض فالمرض تستمر أعراضه سواء ليل او نهار .
سوف تعرف هذا من خلال المعلومات عن الحالة وايضا مايتناوله من علاج .
قالت :-
حسنا سوف نعرف من خلال المعلومات عن اعراضه ومسبباتها . اتمنى لكم يوم سعيد .
انحنى لها فيرين وقال :-
الغداء سيكون في الساعة الثانية والعشاء سيكون في السابعة مساء.  اسف لأنني لن ارافقك للغداء تقبلي اعتذاري .
هزت رأسها بتسامح :-
لا عليك سيد فيرين . سعدت بلقاءك آنسة إيرين.
هزت إيرين رأسها وهي ماتزال تنظر اليها بدهشة .
خرجت ميريت من المكتب وقد زفرت براحة . توترها نظرات إيرين وكأنها رأت شبح . مابالهم اليوم ينظرون إليها بشكل غريب . حسنا ليس كلهم فيرين لم يفعل . كذلك آرون . تلك الخادمة فيونا وهذه الفتاة إيرين فقط لكن من يأبه لهن . هي هنا للعمل فقط ولن تعطي بالآ لأي نظرات لها غير إيجابية .

يتبع .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي