الفصل الثا
البارت الثاني
حب مجرم
بعد أسبوعين
فتح يوسف عينيه على صوت أذان الفجر ولمسات دافئة تتجول على صفحة وجهه
تبسم ليفتح عينيه اكثر ويقابل وجه والدته التي تجلس جواره على السرير تتلاعب بشعره وتتلمس ذقنه وملامحه
قال بصوت خشن ناعس
والدة الشيخ لا تكف عن عادتها بالتسلسل إلى غرفتي
اتسعت ابتسامته الناعسه واسترخت ملامحه تحت لمسات يديها الحنون
ليضيف بصوت مبحوح
أشرقت الأنوار منذ الصباح ..ومؤكد لهذا الإشراق دافع او طلب
حينها تحدثت والدته بعد أن كورت يديها في حجرها
فخري الصغير شيخ منزلنا ... اخبرني وحشي انك ستعود اليوم بعد أن حلت قصة الممرضه المفقودة
صمتت والدته لترفع نظرات متفحصه نحو شيخها الصغير تسأله
ماللذي يجعلك تبتعد عن اخوتك وقريتك
استعدل يوسف من استلقائه ثم لف جذع والدته بيده مقبلاً جبينها وأمسك يدها ليلثمها
قائلا بهدوء
اخبرتك يا أمي أنني أنهي أمرا شائكاً في العاصمة وعندما ينتهي لن أبتعد بعدها
وماهو الامر الشائك يايوسف الذي يجعلك تبتعد هكذا و تؤجل فكرة الزواج حاليا رغم اصرار الشيخ شاكر على تزويجك
قالتها والدته معاتبه وقد تبدلت ملامحها الرقيقه لتصبح حانقه
تنهد يوسف وهو يتمعن بملامح والدته التي كلما تقدمت بالعمر كلما ازدادت جمالا بدويا وسحر
قال بعفويه يحاول ايقاف النقاش عند هذا الحد
(انها أمانه تركها لي أحد اصدقائي قبل وفاته .. وأنت خير معرفه بي انا لا أترك امانة أو دين معلق برقبتي ولا اخونه .. اما عن الزواج ..ألايكفيكن حتى الأن زواجين فاشلين بسببكم )
تجعد جبين والدته باستهجان واضح لتجيب
(بسببنا.، ان كنت تقصد تميمه فلم يكن الذنب ذنبنا أنه زواج تهادن وانها لم تستطيع ان تتأقلم معنا ،
هز يوسف برأسه وعاد ولف كتفين والدته بساعده يقول بهدوء
دعينا من حديث الماضي يا أمي ..عندما اجد الزوجه المناسبه هذه المرة لن أتردد فلا أريد ان يضغط علي أحد ، لقد تأخرت على صلاة الفجر لن ألحق بالمصلين ان بقيت هنا اتسامر مع والدة الشيخ حفظها الله لنا من كل شر
وبلحظات وقف ينفض عنه أثار النوم ليتوضأ ويلتحق بالمصلين في الجامع
بعد صلاة الفجر في مجلس الشيوخ
يجلس الشيخ شاكر إلى جانبه أبناء أولاده الإثنين الذي شاء الله أن يبتليه برحيلهم باكراٍ بحادث سيارة على الطريق الجبليه الوعره
يوسف على يمينه وضياء الدين والوليد على يساره
وعدد من شيوخ العشائر القريبه المتكاتفه
وأبرزهم الشيخ سالم شيخ عشيرة العباس
تحدث الشيخ الكبير شاكر بنبرته الوقور قائلا
(هاهي قصة الممرضه واغلقناها ،متى سنحل قصة قطاعين الطرق واللصوص .. أبناء القرى اصبحو متوترين وخائفين من كثرة السرقات وكما تعلمون الشرطه لاتقدم خدماتها إلا اذا تاكدت من وجود حماية لها في أراضينا ونحن في الوقت الراهن بغنى عنهم .. أريد حلولاً جذريه وفعاله )
حمحم الشيخ سالم بعد أن ارتشف من فنجان قهوته الثقيله قائلا بصوته البدوي الرخيم
(ابني الشيخ محمد العباس هو من سيتكفل بكل ماتحتاجونه من قبيلتنا )
فيرد الشيخ شاكر عليه
(بارك الله به والشيخ يوسف وضياء الدين سيكونان معه على كل شئ )
جلى يوسف حلقه بعد ان أتم فنجانه يقول بهدوء شيخ تليق به الزعامه التي سيرثها عن جده قريبا بجدارته
(لكن امر الممرضه لم ينتهي بعد... تحدثت في الأمس معها بنفسي وهناك شىء غامض تخفيه .. حاولت بثها الأمان لكنها لم تتحدث اين ذهبت وكيف عادت..)
قاطعه الشيخ شاكر بثبات
(ابحث عن القصه دون ان تثير الشكوك من حولك يايوسف أريد ان ينتهي الموضوع باسرع وقت )
هز يوسف رأسه وأكمل شرب قهوته بينما الجميع يحدق بهيئته
ليقول هذه المرة الشيخ سالم مغيرا موضوع النقاش
(ياشيخ شاكر لم يلقى طلبي منك ردا حتى الأن)
تنحنح الشيخ شاكر وقبض على حبات سبحته وهو يسبل اهدابه عن عيني ضياء الدين التي اشتعلت
قال بعد برهة
(لن نجد نسبا كنسبكم . لكن كما تعلم الفتاة قد طلبها ابن عمها وان جد أي شيء سأخبرك به )
صمت تبادله الطرفان الى أن بادر
الشيخ سالم بقوله
اذا ليتمم الله على خير
ليلملم عباءته وينهض إلى جانبه ولده الشيخ محمد العباس
بعد أن حلت الجلسة العشائريه
قال ضياء الدين وقد نفض هدوءه والقى سبحته جانباً
(لماذا رفضت .. لماذا ترفضني يايوسف .. يمكنني ببساطه ان احجزها ولا تستطيع فعل شئ لكنني لم أفعل)
احتدت نظرات يوسف وقبض على سبحته ليجيب ببرود
(انت تعلم أنني اكره هذه القوانين والاعراف ،لذا لن اجعل اختي رهينه لها .. ان كان جوابها الرفض فلن اجبرها ياضياء )
استقام ضياء بفتور وقد تفاقم غضبه ليجابه يوسف بالقول
(اذا تريدون تزويجها لقبيلة العباس )
يرد يوسف ببرود
( لم اقل هذا حتى ان أبدت إعتراض على الشيخ محمد نفسه رغم مكانته الكبيرة فلن أجبرها .. لا أريدها ان تنقم على الحياة بسبب اعرافنا يكفي ماخسرنا حتى الأن)
جز ضياء الدين على أسنانه حنقاً وتفكيره دون إراده يتوه بعينين كبيرتين كعيني الغزال ..وأنف صغير حاد مرفوع في طبيعته..صاحبة ارق واجمل وجه قد رأه في حياته أو ان الحب يفعل الاعاجيب ويجمل المعشوق في نظر العاشق
حوقل ضياء الدين ليقول وقد ارتخت ملامحه قليلا
(لكنك تزوجت حسب الاعراف.. لايمكنك في ليلة وضحاها تغير اعرافنا وعادتنا يايوسف وانت تعلم هذا علم اليقين)
رفع يوسف حاجبه واخذ يلملم عباءته قبل ان يرد بنبرة جاهد ان تكون طبيعيه
(زواجي كان تجنب لسفك الدماء والجميع يعلم هذا .. الاعراف التي تؤذي اخوتي سامنعها رغماً عن الجميع .. لم ادرس في الخارج واتعلم لاعود اسيراً للعادات هنا حتى لو اضطررت لأخذ عائلتي والسفر بهم بعيداً
لذا لن اكرر كلامي الاعراف التي تخدمنا نستعين بها هذا فحسب )
زفر ضياء الدين ونهض من مجلسه بعد أن عدل كوفيته وانصرف الى الخارج ومازال تصميمه في أوجه
لن يدع الموضوع لقرار مهرة فحسب
حتى لو اضطر لإجبارها
يحبها منذ الصغر وشب على حبها وعاهد نفسه أن لايتزوج غيرها وسيفعل ماعاهد نفسه عليه
قريباً جداً سيفرش شعرها الغجري على وسادته وحده لكن اولاً عليه إيجاد السبيل الى قلبها
............................
ملس يوسف على ظهر جواده الأشهب برفق وهو يتابع بعينه العابسه ابن عمه الوليد الغاضب الحانق وهو يقود جواده بنزق واضح
صرخ يوسف من مكانه ممازحا يقول
(مابك ياولد تنهب الارض بغضبك )
يلتفت وليد إليه محركاً لجام الفرس بخشونه ويرمقه بنظرات غامضه
فيبتسم يوسف بينما يطعم فرسه ليضيف بخشونه
(تعال لنتحدث .. أريد ان احادثك بموضوع هام)
بعد لحظات ينزل وليد بخفه عن ظهر فرسه ويقوده بهدوء من لجامه حتى وقف مقابل ليوسف اشار على احد الرجال حتى يأخذ اللجام من يده وعندما تم الأمر قال وليد بحذر
(عن ماذا تريد ان نتحدث)
مازال يوسف يطعم فرسه بهدوء ويده تتلاعب بشعر الجواد فيردف
(لماذا انت غاضب هل حدث شئ جديد ولا أعرفه)
رمق وليد يوسف بغموض وأعصابه ترتجف
هل يخبره أنه رأى مهره اخته الكبرى صباحاً تتحدث مع شعيب في مكان خالي
كان هو قد تواجد بالمكان بالصدفه
هل يخبره عن النظرات المتبادله بينهما وتشابك الأيادي
ام يحتفظ بالسر لنفسه ويحاول لاحقاً محاصرة مهرة وتهديدها عن افشاء مارأه..لن يحصل خير أبدا ان علم اخيه ضياء الدين بما يحدث وخاصة أنه طلبها بشكل علني وأثار جدل كبير بمجيئه بموكب كبير فقط لعيني مهره
وياليت مهره تخصه بنظرة رضا واحدة
استفاق من دوامة أفكاره على صوت يوسف العابث والذي أخذ يشاكسه بالقول
(اين سرحت يافتى من هي سارقة هذا العقل اعترف)
ابتسم ابتسامه واهيه مجيب
(لا أحد ..تعلم أني لا أفكر بالزواج الأن إلى حين عودة اخي فيصل من السفر)
رفع يوسف حاحبا مستعجبا ليقول بقليل من العتب
(لكن فيصل مشغول بالدراسه واخبرني انه سيبقى في الخارج فترة طويله)
أخذ وليد يدور بنظره بعيداً عن عيني يوسف المتفحصه التي تتأملانه بشك
وسرعان ماغير وليد الموضوع ليقول بهدوء
(ماذا تريد مني أن افعل بموضوع الممرضه ..رجالنا لايتركون دارها وهي اعتكفت الخروج منذ أن عادت
تمتم يوسف قائلا بعد أن اشار لأحد الرجال ليأخذ فرسه هو الأخر
(أنت ستبقى بعيداً عن موضوع الممرضه لأن هناك امر اخر ستتولاه .. والممرضه سيتولى ضياء الدين أمرها مع وحشي)
أنزل وليد رأسه بعد أن قال
(وماهو الامر الأخر )
حينها وضع يوسف يده على كتف وليد بحركة ثقه ليخاطبه بصوت رجولي
(اسمعني واعتبره امر خاص فيما بيننا فحسب.. أريدك ان تراقب شعيب من قبيلة الهاشميه ..كلف احد تثق به وتولى أمر مراقبته)
تغيرت ملامح وليد لتصبح متجهمه وهو يسأل باندفاع
(لماذا ..هل رأيت شئ خاطئ عليه او لاحظت أمر بسلوكياته بتنقله بين قريتنا وقريته)
اسبل يوسف أهدابه بعد ان شعر بتشنج وليد فأبعد ساعده مردف
(أنا لا اثق بهذا الرجل البته وهناك من اخبرني انه تردد الى الممرضه ذاتها منذ فترة لتعالج يده
لكن حدسي ينبأني بأمر جلل كان يحدث لذلك لاضيم ان نراقب تحركاته)
بلع وليد ريقه وهز رأسه بينما أكمل يوسف بهدوء
(انا سأتغيب يومين في العاصمه ثم اعود )
لم يعقب الوليد بشئ بل رمق يوسف مطولا قبل ان يقول بمحبه اخوية
(رافقتك السلامه .. سأنصرف الأن فرات والحاجه تنتظرني ..السلام عليكم)
رد يوسف سلامه وهمّ هو الاخر بالانصراف
...............................................
بعد ساعات في العاصمه
ارتمى يوسف على فراشه في غرفته الأنيقه بذات الفندق الذي اتخذه مكانا لمراقبة وئام منذ ثلاثة أشهروأكثر
الأمر بات مربكاً له ،حقاً امر مراقبتها صعب مع تلك المسؤوليات الملقاة على عاتقه في قريته
عليه ايجاد وسيلة عاجله لأخذها معه الى مكان نشأته وعزوته
بقاءها هنا بعيدة عن ناظريه يشتته
أغمض عينيه بتعب هذين الاسبوعين قضاهم في حل بعض مشاكل القريه لم يستطع النوم إلا القليل حتى إخوته تذمرو جدا من انشغاله الدائم منذ ان قدم
تسلل النوم إلى عينيه فكان اكثر من سعيد ليريح جسده من تعب السفر والارهاق الذي رافقه لأكثر من أسبوعين
مضى ساعه على استغراقه في النوم وكان جسده منسجماً بإرهاق لتتناثر اللحظات الثمينه برنين هاتفه الملح
رنين متواصل
رفع يوسف يده بثقل وهو يبحث عن هاتفه ومازال مغمض العينين حتى التقطه وفتحه واضعاً إياه على أذنه كيفما اتفق ليقول بصوت ناعس خشن
(السلام عليكم )
لم يتلقى رد لكن صوت أنفاس ناعمه اخترقت عقله ففتح عينيه ببطئ وقبض قليلاً على هاتفه .مازالت الأنفاس تتدفق عبر الهاتف لتطرب مسامعه
طالت الدقائق والانفاس صامدة تأبى التستر
حتى تحدث يوسف بصوته الرجولي الأجش وكأنه متيقن من هوية المتصله بل متأكد
( ماذا ترتدين اليوم )
شهقه ناعمه أفلتت منها وصلت لأذنه المرهفه بوضوح فابتسم ليضيف
(هل هو ذات القميص المعقود أم وجدت لنفسك زيٌ أكثر إثاره لترتديه
لا إجابه بل مجرد اصوات لانفاس مشتعله تصله
مازال النعاس يخيم عليه بضراوة لكن الأنفاس التائه تصله بوضوح عبر الهاتف فتشتت عقله
زفر ليقول بقليل من الملل
(ان لم يكن هناك ماتريدين قوله فالأحسن ان تغلقي الهاتف لأنني )
وفعلا قبل أن يكمل كلامه كان قد أغلق الخط في وجهه ومازال هاتفه معلقا بكف يده واذنه
عاد لزفر أنفاسه لكن هذه المرة شعر بقليل من الغصب لقد اتصلت به بعد اسبوعين لتغلق الهاتف بوجهه
حدثه يؤكد له انها هي ، وكأنها مربوطه به بتخاطر فكري
رمى هاتفه جانبا ً بعد أن استغرق وقتا في مطالعة رقمها واستقام فجأه بعد ان قرر ان الوقت حان لأول جولة في لعبته
اللعبه التي رسمها بهدوء وسيلعبها بأعصاب هادئة
أغلقت وئام الهاتف وهي تشتم غباءها
غباءها المستفحل وفضولها القاتل
منذ ان حصلت على الرقم وهي تمنع نفسها قصراً عن الاتصال بصاحب الرقم والشخصيه الغامضه
وخاصة انه تغيب لمدة اسبوعين كاملين وأكثر
الندم والحرج الأن هو ماتشعر به
بعد ان اغلقت الهاتف شعرت أنه رجل ليس عادي البته وخاصة انه يجيد التلاعب والأدهى انه عرفها ببساطه هكذا عرفها
ياإللهي عرفها من دون ان تنطق بحرف واحد كيف اذا تحدثت هذا الرجل مجنون او انه ذكي يجيد تقيد الضحيه بمهارة
عادت للشتائم وخرجت من الحمامات وهي تمني نفسها أنها ستمزق رقمه ستحرقه ولن تكرر فعلتها الحمقاء
وحتى لو واجهها ستنكر انها هي من اتصلت
بعد ساعه
زفرت وئام بتجهم وهي ترى نظرات يوسف المتلاعبه
لقد عاد لكرسيه المعهود وجلوسه البارد المستفز
والى نظراته الغامضه
وهي حتى الأن صابرة لم تقترب من مكانه منذ ان رأته قد عاد
تحججت بألم في رأسها وتبادلت الأماكن مع زميلها سامي
عضت شفتيها وهي تمسح حواف الكوب الزجاجي بنزق تكاد تحطمه إلى ان جاء صوت سامي يقول لها
( وئام المدير قادم لنعد الى اماكننا
رفعت راسها عن الكوب وتجمدت يدها على فوطة التلميع لتهمس بغيظ
( لايهم ساخبره ان رأسي يؤلمني )
يميل سامي إليها فيناغشها بهدوء
(دعينا لانستفزه اليوم لا اريد ان يحسم من راتبي وخاصة أن موعد زفافي قريب وعندما يعود الى مكتبه نتبادل الادوار مجددا)
رفعت حاجبا مغتاظاً ورمت الفوطه من يدها وعادت الى الحاجز الرخامي بنزق وتأفف واضح
وعندما وقفت بمكانها سمعت صوت يوسف الساخر يطلب منها بملل
( وأخيرا ً ...وئام اين كوب الماء خاصتي
مطت شفتيها وبقيت لحظات تحدق به دون سبب واضح بعدها أحضرت طلبه بهدوء تخفي بذلك ارتعاشها وتقاوم رغبتها العنيفه بافتعال شجار لأي سبب ولأتفه سبب
بل وتداري شعور الخجل من أن يسألها لما اتصلت
وضعت كوب الماء أمامه بهدوء ورتابه وحاولت أن تبتعد بسرعه
لكنه سألها مجدداً بهدوء
متى ازلتي الجبيرة عن ساعدك أظن أن الجبيرة تحتاج لشهرين اقل تقدير
رفت بعينيها كالحمقاء ولم تجب اي جيبرة يقصد هل يقصد الضماد الطبي
التوتر غلف ملامحها الرقيقه وهي تتسائل مع نفسها هل يراقبها او انه كان موجود حولها لكنه أثر الابتعاد بعد أن أعطاها رقمه ..لكن لماذا يبتعد ان كان موجود في محيطها وهو من فرض نفسه طوال ثلاث أشهر
زفرت نفس صاخب احتجزته ودون شعور ارتطمت عيناها المتسائلتين بعينيه الغامضه
وقبل أن تسأل سبقها يقول بسخريه
(نسيت ان أسألك السؤال الأهم ..لماذا اتصلتي اليوم بي )
تبخر التوتر ليحل محله التجهم ثم قالت نافيه بمبالغه
(من اتصل بمن )
ابتسم يوسف وتناول كوب الماء ليرتشف منه وعندما شرب نصفه وضعه على الطاوله واشار إلى الكوب يضيف بنبرة ممتعضه
أريد ماء مثلج ..الجو حار ..والأهم ياصغيرة ألايهمك ان تسألي من أنا قبل ان تتصلي ...لمعلوماتك اتصالك بي خطأ فادح وإغلاقك الهاتف بوجهي خطأ اخر اشد وطأة وأنا شخص لا يحب الاخطاء )
فتحت عينيها بنفور واقتربت منه بحذر تقول له بتهديد
(انا مللت هذه اللعبه)
يقاطعها صوت أحد الزبائن قبل أن تسمع جواب يوسف فتبتعد قبل أن تتهور وتشتمه بكلام لاذع
وقبل ان تلتفت الى طلب الزبون تسمعه يقول ببرود
(لا تنسي الماء المثلج .. )
زجرت نفسها على حماقاتها أمامه وبينما هي تبتعد رن هاتفها فرفعته بحركه أليه بعد ان اخرجته من جيبها فتوقفت عيناها على رقم يوسف وببلادة استدارت نحوه فرأته يبتسم وهاتفه على أذنه وعندما قرأ الغضب في نظراتها زادت ابتسامته اتساعاً ثم رفع هاتفه عالياً وهو يشير بحركه مرحه على هاتفها
شتمت بينها وبين نفسها مرات عده
هاقد حصرها ببرود ودون جهد تباً لحماقات الفتيات كان عليها ان تتوقع هذا
لن يفوت مثل هذه الفرصة أبدا وهي بكل حماقه نفت إتصالها به
تباً ياوئام .تباً لغبائك
وصلت الى الزبون وسألته بعمليه
(ماذا تشرب سيدي )
نظر الزبون إليها بنظرات متفحصه جريئة أشعرتها بالقشعريرة
لقد اعتادت هذه النظرات لكنها لم تستطع حتى الأن إيجاد حل لهذه القشعريرة التي تلدغها كلما نظر لها أحد بشهوة ظاهرة
جزت على أسنانها عندما قال لها بصوت رقيق يظهر عليه بعض أثار السكر
(أريدك في غرفتي بعد ساعه )
ثم وضع بطاقته التي تحمل أرقامه على السطح الرخامي ومال إليها يضيف
(سأتفق مع مديرك على السعر أم أنك تفضلين السريه التامه)
ناظرته باستحقار ومالت إليه مستندة على الحاجز بجرأه أمام عينيه الملتهمه وقالت بغضب
(هذه الخدمات لا نقدمها هنا ..ألم تقرأ اللافته العريضه في الخارج ألم تدقق بفحواها)
يرتشف كوبه برشفه واحدة ثم يمسك معصمها بغته بحركه خاطفه ويقول بصوت ماكر
(لم اقرأها يمكنك أن تساعديني في قراءتها ونحن نخرج من هنا سوياً)
جزت على أسنانها وعلا تنفسها باضطراب وهي تحاول تخليص ساعدها من يده دون ان تسترعي انتباه باقي الزبائن لكنه رغم ترنحه إلا أنه مازال بوعيه وقوته
صرخت به تزجره
(دع يدي ياسيدي وإلا ستندم)
لكنه لم يتركها وقبل أن تصرخ مجددا كان الزبون قد سحب من تلابيبه بخشونه من مقعده وأنهض قسراً بفعل يدين قاسيتين
نظرت وئام إلى صاحب اليدين القاسيتين بارتجاف و التقطت أنفاسها حينما أدركته حاولت ان تداري الموقف بطريقتها المعتادة لكنها تجمدت وارتجت نظراتها عندما تلاقت عينيها بحدقتي يوسف المرعبه
صدح صوت يوسف الغاضب والذي مازال يمسك بتلابيب الرجل يأمرها بانفعال
(إذهبي أنتي إلى عملك حالاً)
واقترب من الرجل ليهمس له بقسوة
(إخرج قبل أن اقتلك)
حينها نظرت وئام بغيظ إلى يوسف وقالت بتحدي تملكها لأبعد الحدود
(دعه يمكنني تولي أمره .. نحن معتادين على هذا النمط من الزبائن )
وقبل أن يرد يوسف قال الرجل بجمود
(من أنت ابتعد عني قبل أن احطم المكان على رأسك .. وكما سمعت ... يمكنها تولي أمري)
اشتدت قبضتي يوسف المطبقه على الرجل وهدر به صارخاً
(أخرج من هنا حالاً قبل ان تجد نفسك مدفونٌ تحت قدمي )
يجيب الرجل الذي بدأ الخمر يلفه
(ياهذاا أنت تلعب بالنار ... لاتتدخل بما لايعنيك..انها مجرد نادله رخيصه )
تجمع عدد من النادلين يحاولون فض الشجار
فهذه الحالات تتكرر اسبوعيا
قال سامي بهدوء بمحاوله لفض النزال
(سيدي دعه ارجوك انت تثير جلبه هنا وسيتدخل أمن المكان الذي يقف في الخارج والنتيجه لن تكون مرضيه لكليكما لذا ارجوك دعه)
مازالت عيني يوسف متسعتين من الغضب وهو يرمق الرجل بتجهم اقترب بوجهه منه اكثر وقال ببرود خطر
(إخرج من هنا وإياك أن تستدير فأنا ولله انسان بلا رحمه إن وجب الأمر )
ثم أفلته بذات البرود ونفض على ثيابه بحركه عنيفه
فسارع أحد النوادل لتطويق الرجل الأخر وهو يسترضيه ثم سحبه إلى مكان أخر بسرعه حتى تخمد نار الشجار
أما يوسف وقف ينظر باتجاه وئام التي ماتزال مصدومه مماحصل
بعدها سار بهدوء إلى مكانه المعتاد وجلس عليه بكل استرخاء رغم الحمم التي تضرب صدره
نفضت وئام شعرها وحاولت استعادة واجهتها المتأنقه رغم تعكر مزاجها وسارعت للإندماج بالعمل
بعد برهة
وضعت كوب الماء المثلج أمام يوسف السارح الساهم في مكان أخر
همهمت قائله
(الماء المثلج)
لاينظر إليها حتى وهو يلتقط كوب الماء ويرتشف منه
أسبلت وئام أهدابها وهي تشعر بوخزة خزي أمامه
لاتعلم لما بات أمر المعاكاسات تزعجها وتشعرها بالدونيه والوضاعه
تململت في وقفتها حتى تسرعي انتباهه لكنه لم يفعل ولم ينظر باتجاهها
فانسحبت بهدوء دون أن تكترث أو ربما ارادت أن تشعره انها لاتبالي به لكنها للحقيقه ستموت غيظاً ببساطه ودون ان تعلم السبب
تابعت عملها على نظرات يوسف التي تلاحقها خفيه
لقد مل هو الأخر هذه اللعبه ولم يعد قادر على المناورة
مايحمله من مصائب في قريته يكفيه ولايحتاج إلى مصائب أخرى
لكنه لن يخلي بوعد قطعه على نفسه ل صديق كان يعتبره أخ
عادات نظراته دون وعي تسرح على جسدها المكشوف
قميصها معقود من المنتصف وتنورتها لاتستر شئ
لوكانت فتاة غيرها بنفس ملابسها وعملها وبذات الموقف لما اكترث لأنها المسؤوله الأولى عما يحصل معها
حبس أنفاسه وهو يراها تتنقل بين الزبائن تلبي أحدهم وتأخذ طلب أخر
هذا المكان بحد ذاته له وقع سئ على النفس
ورؤية المشروبات أمامه تجعله يعاني بشده
أكثر الأشياء المنفرة التي يكرهها هو الخمر
لكنه يتحامل على نفسه بصعوبه لأجل انتشالها من هذه القوقعه المتلوثه
وسيفعل المستحيل حتى ينتشلها
قراءة ممتعه
حب مجرم
بعد أسبوعين
فتح يوسف عينيه على صوت أذان الفجر ولمسات دافئة تتجول على صفحة وجهه
تبسم ليفتح عينيه اكثر ويقابل وجه والدته التي تجلس جواره على السرير تتلاعب بشعره وتتلمس ذقنه وملامحه
قال بصوت خشن ناعس
والدة الشيخ لا تكف عن عادتها بالتسلسل إلى غرفتي
اتسعت ابتسامته الناعسه واسترخت ملامحه تحت لمسات يديها الحنون
ليضيف بصوت مبحوح
أشرقت الأنوار منذ الصباح ..ومؤكد لهذا الإشراق دافع او طلب
حينها تحدثت والدته بعد أن كورت يديها في حجرها
فخري الصغير شيخ منزلنا ... اخبرني وحشي انك ستعود اليوم بعد أن حلت قصة الممرضه المفقودة
صمتت والدته لترفع نظرات متفحصه نحو شيخها الصغير تسأله
ماللذي يجعلك تبتعد عن اخوتك وقريتك
استعدل يوسف من استلقائه ثم لف جذع والدته بيده مقبلاً جبينها وأمسك يدها ليلثمها
قائلا بهدوء
اخبرتك يا أمي أنني أنهي أمرا شائكاً في العاصمة وعندما ينتهي لن أبتعد بعدها
وماهو الامر الشائك يايوسف الذي يجعلك تبتعد هكذا و تؤجل فكرة الزواج حاليا رغم اصرار الشيخ شاكر على تزويجك
قالتها والدته معاتبه وقد تبدلت ملامحها الرقيقه لتصبح حانقه
تنهد يوسف وهو يتمعن بملامح والدته التي كلما تقدمت بالعمر كلما ازدادت جمالا بدويا وسحر
قال بعفويه يحاول ايقاف النقاش عند هذا الحد
(انها أمانه تركها لي أحد اصدقائي قبل وفاته .. وأنت خير معرفه بي انا لا أترك امانة أو دين معلق برقبتي ولا اخونه .. اما عن الزواج ..ألايكفيكن حتى الأن زواجين فاشلين بسببكم )
تجعد جبين والدته باستهجان واضح لتجيب
(بسببنا.، ان كنت تقصد تميمه فلم يكن الذنب ذنبنا أنه زواج تهادن وانها لم تستطيع ان تتأقلم معنا ،
هز يوسف برأسه وعاد ولف كتفين والدته بساعده يقول بهدوء
دعينا من حديث الماضي يا أمي ..عندما اجد الزوجه المناسبه هذه المرة لن أتردد فلا أريد ان يضغط علي أحد ، لقد تأخرت على صلاة الفجر لن ألحق بالمصلين ان بقيت هنا اتسامر مع والدة الشيخ حفظها الله لنا من كل شر
وبلحظات وقف ينفض عنه أثار النوم ليتوضأ ويلتحق بالمصلين في الجامع
بعد صلاة الفجر في مجلس الشيوخ
يجلس الشيخ شاكر إلى جانبه أبناء أولاده الإثنين الذي شاء الله أن يبتليه برحيلهم باكراٍ بحادث سيارة على الطريق الجبليه الوعره
يوسف على يمينه وضياء الدين والوليد على يساره
وعدد من شيوخ العشائر القريبه المتكاتفه
وأبرزهم الشيخ سالم شيخ عشيرة العباس
تحدث الشيخ الكبير شاكر بنبرته الوقور قائلا
(هاهي قصة الممرضه واغلقناها ،متى سنحل قصة قطاعين الطرق واللصوص .. أبناء القرى اصبحو متوترين وخائفين من كثرة السرقات وكما تعلمون الشرطه لاتقدم خدماتها إلا اذا تاكدت من وجود حماية لها في أراضينا ونحن في الوقت الراهن بغنى عنهم .. أريد حلولاً جذريه وفعاله )
حمحم الشيخ سالم بعد أن ارتشف من فنجان قهوته الثقيله قائلا بصوته البدوي الرخيم
(ابني الشيخ محمد العباس هو من سيتكفل بكل ماتحتاجونه من قبيلتنا )
فيرد الشيخ شاكر عليه
(بارك الله به والشيخ يوسف وضياء الدين سيكونان معه على كل شئ )
جلى يوسف حلقه بعد ان أتم فنجانه يقول بهدوء شيخ تليق به الزعامه التي سيرثها عن جده قريبا بجدارته
(لكن امر الممرضه لم ينتهي بعد... تحدثت في الأمس معها بنفسي وهناك شىء غامض تخفيه .. حاولت بثها الأمان لكنها لم تتحدث اين ذهبت وكيف عادت..)
قاطعه الشيخ شاكر بثبات
(ابحث عن القصه دون ان تثير الشكوك من حولك يايوسف أريد ان ينتهي الموضوع باسرع وقت )
هز يوسف رأسه وأكمل شرب قهوته بينما الجميع يحدق بهيئته
ليقول هذه المرة الشيخ سالم مغيرا موضوع النقاش
(ياشيخ شاكر لم يلقى طلبي منك ردا حتى الأن)
تنحنح الشيخ شاكر وقبض على حبات سبحته وهو يسبل اهدابه عن عيني ضياء الدين التي اشتعلت
قال بعد برهة
(لن نجد نسبا كنسبكم . لكن كما تعلم الفتاة قد طلبها ابن عمها وان جد أي شيء سأخبرك به )
صمت تبادله الطرفان الى أن بادر
الشيخ سالم بقوله
اذا ليتمم الله على خير
ليلملم عباءته وينهض إلى جانبه ولده الشيخ محمد العباس
بعد أن حلت الجلسة العشائريه
قال ضياء الدين وقد نفض هدوءه والقى سبحته جانباً
(لماذا رفضت .. لماذا ترفضني يايوسف .. يمكنني ببساطه ان احجزها ولا تستطيع فعل شئ لكنني لم أفعل)
احتدت نظرات يوسف وقبض على سبحته ليجيب ببرود
(انت تعلم أنني اكره هذه القوانين والاعراف ،لذا لن اجعل اختي رهينه لها .. ان كان جوابها الرفض فلن اجبرها ياضياء )
استقام ضياء بفتور وقد تفاقم غضبه ليجابه يوسف بالقول
(اذا تريدون تزويجها لقبيلة العباس )
يرد يوسف ببرود
( لم اقل هذا حتى ان أبدت إعتراض على الشيخ محمد نفسه رغم مكانته الكبيرة فلن أجبرها .. لا أريدها ان تنقم على الحياة بسبب اعرافنا يكفي ماخسرنا حتى الأن)
جز ضياء الدين على أسنانه حنقاً وتفكيره دون إراده يتوه بعينين كبيرتين كعيني الغزال ..وأنف صغير حاد مرفوع في طبيعته..صاحبة ارق واجمل وجه قد رأه في حياته أو ان الحب يفعل الاعاجيب ويجمل المعشوق في نظر العاشق
حوقل ضياء الدين ليقول وقد ارتخت ملامحه قليلا
(لكنك تزوجت حسب الاعراف.. لايمكنك في ليلة وضحاها تغير اعرافنا وعادتنا يايوسف وانت تعلم هذا علم اليقين)
رفع يوسف حاجبه واخذ يلملم عباءته قبل ان يرد بنبرة جاهد ان تكون طبيعيه
(زواجي كان تجنب لسفك الدماء والجميع يعلم هذا .. الاعراف التي تؤذي اخوتي سامنعها رغماً عن الجميع .. لم ادرس في الخارج واتعلم لاعود اسيراً للعادات هنا حتى لو اضطررت لأخذ عائلتي والسفر بهم بعيداً
لذا لن اكرر كلامي الاعراف التي تخدمنا نستعين بها هذا فحسب )
زفر ضياء الدين ونهض من مجلسه بعد أن عدل كوفيته وانصرف الى الخارج ومازال تصميمه في أوجه
لن يدع الموضوع لقرار مهرة فحسب
حتى لو اضطر لإجبارها
يحبها منذ الصغر وشب على حبها وعاهد نفسه أن لايتزوج غيرها وسيفعل ماعاهد نفسه عليه
قريباً جداً سيفرش شعرها الغجري على وسادته وحده لكن اولاً عليه إيجاد السبيل الى قلبها
............................
ملس يوسف على ظهر جواده الأشهب برفق وهو يتابع بعينه العابسه ابن عمه الوليد الغاضب الحانق وهو يقود جواده بنزق واضح
صرخ يوسف من مكانه ممازحا يقول
(مابك ياولد تنهب الارض بغضبك )
يلتفت وليد إليه محركاً لجام الفرس بخشونه ويرمقه بنظرات غامضه
فيبتسم يوسف بينما يطعم فرسه ليضيف بخشونه
(تعال لنتحدث .. أريد ان احادثك بموضوع هام)
بعد لحظات ينزل وليد بخفه عن ظهر فرسه ويقوده بهدوء من لجامه حتى وقف مقابل ليوسف اشار على احد الرجال حتى يأخذ اللجام من يده وعندما تم الأمر قال وليد بحذر
(عن ماذا تريد ان نتحدث)
مازال يوسف يطعم فرسه بهدوء ويده تتلاعب بشعر الجواد فيردف
(لماذا انت غاضب هل حدث شئ جديد ولا أعرفه)
رمق وليد يوسف بغموض وأعصابه ترتجف
هل يخبره أنه رأى مهره اخته الكبرى صباحاً تتحدث مع شعيب في مكان خالي
كان هو قد تواجد بالمكان بالصدفه
هل يخبره عن النظرات المتبادله بينهما وتشابك الأيادي
ام يحتفظ بالسر لنفسه ويحاول لاحقاً محاصرة مهرة وتهديدها عن افشاء مارأه..لن يحصل خير أبدا ان علم اخيه ضياء الدين بما يحدث وخاصة أنه طلبها بشكل علني وأثار جدل كبير بمجيئه بموكب كبير فقط لعيني مهره
وياليت مهره تخصه بنظرة رضا واحدة
استفاق من دوامة أفكاره على صوت يوسف العابث والذي أخذ يشاكسه بالقول
(اين سرحت يافتى من هي سارقة هذا العقل اعترف)
ابتسم ابتسامه واهيه مجيب
(لا أحد ..تعلم أني لا أفكر بالزواج الأن إلى حين عودة اخي فيصل من السفر)
رفع يوسف حاحبا مستعجبا ليقول بقليل من العتب
(لكن فيصل مشغول بالدراسه واخبرني انه سيبقى في الخارج فترة طويله)
أخذ وليد يدور بنظره بعيداً عن عيني يوسف المتفحصه التي تتأملانه بشك
وسرعان ماغير وليد الموضوع ليقول بهدوء
(ماذا تريد مني أن افعل بموضوع الممرضه ..رجالنا لايتركون دارها وهي اعتكفت الخروج منذ أن عادت
تمتم يوسف قائلا بعد أن اشار لأحد الرجال ليأخذ فرسه هو الأخر
(أنت ستبقى بعيداً عن موضوع الممرضه لأن هناك امر اخر ستتولاه .. والممرضه سيتولى ضياء الدين أمرها مع وحشي)
أنزل وليد رأسه بعد أن قال
(وماهو الامر الأخر )
حينها وضع يوسف يده على كتف وليد بحركة ثقه ليخاطبه بصوت رجولي
(اسمعني واعتبره امر خاص فيما بيننا فحسب.. أريدك ان تراقب شعيب من قبيلة الهاشميه ..كلف احد تثق به وتولى أمر مراقبته)
تغيرت ملامح وليد لتصبح متجهمه وهو يسأل باندفاع
(لماذا ..هل رأيت شئ خاطئ عليه او لاحظت أمر بسلوكياته بتنقله بين قريتنا وقريته)
اسبل يوسف أهدابه بعد ان شعر بتشنج وليد فأبعد ساعده مردف
(أنا لا اثق بهذا الرجل البته وهناك من اخبرني انه تردد الى الممرضه ذاتها منذ فترة لتعالج يده
لكن حدسي ينبأني بأمر جلل كان يحدث لذلك لاضيم ان نراقب تحركاته)
بلع وليد ريقه وهز رأسه بينما أكمل يوسف بهدوء
(انا سأتغيب يومين في العاصمه ثم اعود )
لم يعقب الوليد بشئ بل رمق يوسف مطولا قبل ان يقول بمحبه اخوية
(رافقتك السلامه .. سأنصرف الأن فرات والحاجه تنتظرني ..السلام عليكم)
رد يوسف سلامه وهمّ هو الاخر بالانصراف
...............................................
بعد ساعات في العاصمه
ارتمى يوسف على فراشه في غرفته الأنيقه بذات الفندق الذي اتخذه مكانا لمراقبة وئام منذ ثلاثة أشهروأكثر
الأمر بات مربكاً له ،حقاً امر مراقبتها صعب مع تلك المسؤوليات الملقاة على عاتقه في قريته
عليه ايجاد وسيلة عاجله لأخذها معه الى مكان نشأته وعزوته
بقاءها هنا بعيدة عن ناظريه يشتته
أغمض عينيه بتعب هذين الاسبوعين قضاهم في حل بعض مشاكل القريه لم يستطع النوم إلا القليل حتى إخوته تذمرو جدا من انشغاله الدائم منذ ان قدم
تسلل النوم إلى عينيه فكان اكثر من سعيد ليريح جسده من تعب السفر والارهاق الذي رافقه لأكثر من أسبوعين
مضى ساعه على استغراقه في النوم وكان جسده منسجماً بإرهاق لتتناثر اللحظات الثمينه برنين هاتفه الملح
رنين متواصل
رفع يوسف يده بثقل وهو يبحث عن هاتفه ومازال مغمض العينين حتى التقطه وفتحه واضعاً إياه على أذنه كيفما اتفق ليقول بصوت ناعس خشن
(السلام عليكم )
لم يتلقى رد لكن صوت أنفاس ناعمه اخترقت عقله ففتح عينيه ببطئ وقبض قليلاً على هاتفه .مازالت الأنفاس تتدفق عبر الهاتف لتطرب مسامعه
طالت الدقائق والانفاس صامدة تأبى التستر
حتى تحدث يوسف بصوته الرجولي الأجش وكأنه متيقن من هوية المتصله بل متأكد
( ماذا ترتدين اليوم )
شهقه ناعمه أفلتت منها وصلت لأذنه المرهفه بوضوح فابتسم ليضيف
(هل هو ذات القميص المعقود أم وجدت لنفسك زيٌ أكثر إثاره لترتديه
لا إجابه بل مجرد اصوات لانفاس مشتعله تصله
مازال النعاس يخيم عليه بضراوة لكن الأنفاس التائه تصله بوضوح عبر الهاتف فتشتت عقله
زفر ليقول بقليل من الملل
(ان لم يكن هناك ماتريدين قوله فالأحسن ان تغلقي الهاتف لأنني )
وفعلا قبل أن يكمل كلامه كان قد أغلق الخط في وجهه ومازال هاتفه معلقا بكف يده واذنه
عاد لزفر أنفاسه لكن هذه المرة شعر بقليل من الغصب لقد اتصلت به بعد اسبوعين لتغلق الهاتف بوجهه
حدثه يؤكد له انها هي ، وكأنها مربوطه به بتخاطر فكري
رمى هاتفه جانبا ً بعد أن استغرق وقتا في مطالعة رقمها واستقام فجأه بعد ان قرر ان الوقت حان لأول جولة في لعبته
اللعبه التي رسمها بهدوء وسيلعبها بأعصاب هادئة
أغلقت وئام الهاتف وهي تشتم غباءها
غباءها المستفحل وفضولها القاتل
منذ ان حصلت على الرقم وهي تمنع نفسها قصراً عن الاتصال بصاحب الرقم والشخصيه الغامضه
وخاصة انه تغيب لمدة اسبوعين كاملين وأكثر
الندم والحرج الأن هو ماتشعر به
بعد ان اغلقت الهاتف شعرت أنه رجل ليس عادي البته وخاصة انه يجيد التلاعب والأدهى انه عرفها ببساطه هكذا عرفها
ياإللهي عرفها من دون ان تنطق بحرف واحد كيف اذا تحدثت هذا الرجل مجنون او انه ذكي يجيد تقيد الضحيه بمهارة
عادت للشتائم وخرجت من الحمامات وهي تمني نفسها أنها ستمزق رقمه ستحرقه ولن تكرر فعلتها الحمقاء
وحتى لو واجهها ستنكر انها هي من اتصلت
بعد ساعه
زفرت وئام بتجهم وهي ترى نظرات يوسف المتلاعبه
لقد عاد لكرسيه المعهود وجلوسه البارد المستفز
والى نظراته الغامضه
وهي حتى الأن صابرة لم تقترب من مكانه منذ ان رأته قد عاد
تحججت بألم في رأسها وتبادلت الأماكن مع زميلها سامي
عضت شفتيها وهي تمسح حواف الكوب الزجاجي بنزق تكاد تحطمه إلى ان جاء صوت سامي يقول لها
( وئام المدير قادم لنعد الى اماكننا
رفعت راسها عن الكوب وتجمدت يدها على فوطة التلميع لتهمس بغيظ
( لايهم ساخبره ان رأسي يؤلمني )
يميل سامي إليها فيناغشها بهدوء
(دعينا لانستفزه اليوم لا اريد ان يحسم من راتبي وخاصة أن موعد زفافي قريب وعندما يعود الى مكتبه نتبادل الادوار مجددا)
رفعت حاجبا مغتاظاً ورمت الفوطه من يدها وعادت الى الحاجز الرخامي بنزق وتأفف واضح
وعندما وقفت بمكانها سمعت صوت يوسف الساخر يطلب منها بملل
( وأخيرا ً ...وئام اين كوب الماء خاصتي
مطت شفتيها وبقيت لحظات تحدق به دون سبب واضح بعدها أحضرت طلبه بهدوء تخفي بذلك ارتعاشها وتقاوم رغبتها العنيفه بافتعال شجار لأي سبب ولأتفه سبب
بل وتداري شعور الخجل من أن يسألها لما اتصلت
وضعت كوب الماء أمامه بهدوء ورتابه وحاولت أن تبتعد بسرعه
لكنه سألها مجدداً بهدوء
متى ازلتي الجبيرة عن ساعدك أظن أن الجبيرة تحتاج لشهرين اقل تقدير
رفت بعينيها كالحمقاء ولم تجب اي جيبرة يقصد هل يقصد الضماد الطبي
التوتر غلف ملامحها الرقيقه وهي تتسائل مع نفسها هل يراقبها او انه كان موجود حولها لكنه أثر الابتعاد بعد أن أعطاها رقمه ..لكن لماذا يبتعد ان كان موجود في محيطها وهو من فرض نفسه طوال ثلاث أشهر
زفرت نفس صاخب احتجزته ودون شعور ارتطمت عيناها المتسائلتين بعينيه الغامضه
وقبل أن تسأل سبقها يقول بسخريه
(نسيت ان أسألك السؤال الأهم ..لماذا اتصلتي اليوم بي )
تبخر التوتر ليحل محله التجهم ثم قالت نافيه بمبالغه
(من اتصل بمن )
ابتسم يوسف وتناول كوب الماء ليرتشف منه وعندما شرب نصفه وضعه على الطاوله واشار إلى الكوب يضيف بنبرة ممتعضه
أريد ماء مثلج ..الجو حار ..والأهم ياصغيرة ألايهمك ان تسألي من أنا قبل ان تتصلي ...لمعلوماتك اتصالك بي خطأ فادح وإغلاقك الهاتف بوجهي خطأ اخر اشد وطأة وأنا شخص لا يحب الاخطاء )
فتحت عينيها بنفور واقتربت منه بحذر تقول له بتهديد
(انا مللت هذه اللعبه)
يقاطعها صوت أحد الزبائن قبل أن تسمع جواب يوسف فتبتعد قبل أن تتهور وتشتمه بكلام لاذع
وقبل ان تلتفت الى طلب الزبون تسمعه يقول ببرود
(لا تنسي الماء المثلج .. )
زجرت نفسها على حماقاتها أمامه وبينما هي تبتعد رن هاتفها فرفعته بحركه أليه بعد ان اخرجته من جيبها فتوقفت عيناها على رقم يوسف وببلادة استدارت نحوه فرأته يبتسم وهاتفه على أذنه وعندما قرأ الغضب في نظراتها زادت ابتسامته اتساعاً ثم رفع هاتفه عالياً وهو يشير بحركه مرحه على هاتفها
شتمت بينها وبين نفسها مرات عده
هاقد حصرها ببرود ودون جهد تباً لحماقات الفتيات كان عليها ان تتوقع هذا
لن يفوت مثل هذه الفرصة أبدا وهي بكل حماقه نفت إتصالها به
تباً ياوئام .تباً لغبائك
وصلت الى الزبون وسألته بعمليه
(ماذا تشرب سيدي )
نظر الزبون إليها بنظرات متفحصه جريئة أشعرتها بالقشعريرة
لقد اعتادت هذه النظرات لكنها لم تستطع حتى الأن إيجاد حل لهذه القشعريرة التي تلدغها كلما نظر لها أحد بشهوة ظاهرة
جزت على أسنانها عندما قال لها بصوت رقيق يظهر عليه بعض أثار السكر
(أريدك في غرفتي بعد ساعه )
ثم وضع بطاقته التي تحمل أرقامه على السطح الرخامي ومال إليها يضيف
(سأتفق مع مديرك على السعر أم أنك تفضلين السريه التامه)
ناظرته باستحقار ومالت إليه مستندة على الحاجز بجرأه أمام عينيه الملتهمه وقالت بغضب
(هذه الخدمات لا نقدمها هنا ..ألم تقرأ اللافته العريضه في الخارج ألم تدقق بفحواها)
يرتشف كوبه برشفه واحدة ثم يمسك معصمها بغته بحركه خاطفه ويقول بصوت ماكر
(لم اقرأها يمكنك أن تساعديني في قراءتها ونحن نخرج من هنا سوياً)
جزت على أسنانها وعلا تنفسها باضطراب وهي تحاول تخليص ساعدها من يده دون ان تسترعي انتباه باقي الزبائن لكنه رغم ترنحه إلا أنه مازال بوعيه وقوته
صرخت به تزجره
(دع يدي ياسيدي وإلا ستندم)
لكنه لم يتركها وقبل أن تصرخ مجددا كان الزبون قد سحب من تلابيبه بخشونه من مقعده وأنهض قسراً بفعل يدين قاسيتين
نظرت وئام إلى صاحب اليدين القاسيتين بارتجاف و التقطت أنفاسها حينما أدركته حاولت ان تداري الموقف بطريقتها المعتادة لكنها تجمدت وارتجت نظراتها عندما تلاقت عينيها بحدقتي يوسف المرعبه
صدح صوت يوسف الغاضب والذي مازال يمسك بتلابيب الرجل يأمرها بانفعال
(إذهبي أنتي إلى عملك حالاً)
واقترب من الرجل ليهمس له بقسوة
(إخرج قبل أن اقتلك)
حينها نظرت وئام بغيظ إلى يوسف وقالت بتحدي تملكها لأبعد الحدود
(دعه يمكنني تولي أمره .. نحن معتادين على هذا النمط من الزبائن )
وقبل أن يرد يوسف قال الرجل بجمود
(من أنت ابتعد عني قبل أن احطم المكان على رأسك .. وكما سمعت ... يمكنها تولي أمري)
اشتدت قبضتي يوسف المطبقه على الرجل وهدر به صارخاً
(أخرج من هنا حالاً قبل ان تجد نفسك مدفونٌ تحت قدمي )
يجيب الرجل الذي بدأ الخمر يلفه
(ياهذاا أنت تلعب بالنار ... لاتتدخل بما لايعنيك..انها مجرد نادله رخيصه )
تجمع عدد من النادلين يحاولون فض الشجار
فهذه الحالات تتكرر اسبوعيا
قال سامي بهدوء بمحاوله لفض النزال
(سيدي دعه ارجوك انت تثير جلبه هنا وسيتدخل أمن المكان الذي يقف في الخارج والنتيجه لن تكون مرضيه لكليكما لذا ارجوك دعه)
مازالت عيني يوسف متسعتين من الغضب وهو يرمق الرجل بتجهم اقترب بوجهه منه اكثر وقال ببرود خطر
(إخرج من هنا وإياك أن تستدير فأنا ولله انسان بلا رحمه إن وجب الأمر )
ثم أفلته بذات البرود ونفض على ثيابه بحركه عنيفه
فسارع أحد النوادل لتطويق الرجل الأخر وهو يسترضيه ثم سحبه إلى مكان أخر بسرعه حتى تخمد نار الشجار
أما يوسف وقف ينظر باتجاه وئام التي ماتزال مصدومه مماحصل
بعدها سار بهدوء إلى مكانه المعتاد وجلس عليه بكل استرخاء رغم الحمم التي تضرب صدره
نفضت وئام شعرها وحاولت استعادة واجهتها المتأنقه رغم تعكر مزاجها وسارعت للإندماج بالعمل
بعد برهة
وضعت كوب الماء المثلج أمام يوسف السارح الساهم في مكان أخر
همهمت قائله
(الماء المثلج)
لاينظر إليها حتى وهو يلتقط كوب الماء ويرتشف منه
أسبلت وئام أهدابها وهي تشعر بوخزة خزي أمامه
لاتعلم لما بات أمر المعاكاسات تزعجها وتشعرها بالدونيه والوضاعه
تململت في وقفتها حتى تسرعي انتباهه لكنه لم يفعل ولم ينظر باتجاهها
فانسحبت بهدوء دون أن تكترث أو ربما ارادت أن تشعره انها لاتبالي به لكنها للحقيقه ستموت غيظاً ببساطه ودون ان تعلم السبب
تابعت عملها على نظرات يوسف التي تلاحقها خفيه
لقد مل هو الأخر هذه اللعبه ولم يعد قادر على المناورة
مايحمله من مصائب في قريته يكفيه ولايحتاج إلى مصائب أخرى
لكنه لن يخلي بوعد قطعه على نفسه ل صديق كان يعتبره أخ
عادات نظراته دون وعي تسرح على جسدها المكشوف
قميصها معقود من المنتصف وتنورتها لاتستر شئ
لوكانت فتاة غيرها بنفس ملابسها وعملها وبذات الموقف لما اكترث لأنها المسؤوله الأولى عما يحصل معها
حبس أنفاسه وهو يراها تتنقل بين الزبائن تلبي أحدهم وتأخذ طلب أخر
هذا المكان بحد ذاته له وقع سئ على النفس
ورؤية المشروبات أمامه تجعله يعاني بشده
أكثر الأشياء المنفرة التي يكرهها هو الخمر
لكنه يتحامل على نفسه بصعوبه لأجل انتشالها من هذه القوقعه المتلوثه
وسيفعل المستحيل حتى ينتشلها
قراءة ممتعه