الفصل الثالث

الثالث

استقام يوسف وقرر الخروج أخيرا بعد أن أرهقه التفكير وأرقه ملابسها وطريقتها اللينه في التعامل مع الجميع هذه الفتاة تحتاج الى تنظيف شامل على كافة الأصعده
سار مبتعداً ببرود وقبل أن يخرج
استدار بغته فاصطدمت عيناه بزهول عينيها
قبض عليها بالجرم المشهود وهي تتبع خروجه
عيناها الأن متسعتان بصدمة الحرج لكنها سرعان ماأغمضت عيناها وتلافت صدمتها وأدعت الانشغال
تابع سيره ومازالت نظرتها المصدومه محفورة في عقله
يشعر أنها تعاني تخبط ما أمامه
تحتاج فعلا الى شخص يبثها الأمان والدفء الذي هجر حياتها
.........................
في المساء
يدور يوسف في الغرفه وهاتفه على أذنه يثور تارة
ويتنهد تارة أخرى فتح نافذة الغرفه فانتعشت أنفاسه بعليل الهواء
قال بصوت حاسم
(عند عودتي سأقابله بنفسي
يرد ضياء الدين وهو مضجع على سريره
(سأرتب للقاء جدي الشيخ يرى أن نزورهم في قريتهم ... عشيرة الهاشميه ستجدها خطوة كبيرة ان فعلناها وسننهي الخلاف الدائر بسبب الممرضه وسنبحث عن حلول جذريه لأمر السرقات
حمم ضياء يضيف بنبرة خافته
(وجدي يقول لربما بشارة خير على الجميع)
قبض يوسف على الهاتف وهو يسأل بفتور
ماذا تقصد
يضحك ضياء وهو يجيب بمشاغبه
(لا أقصد شئ لكن وكما تعرف أنت العازف الوحيد بيننا على الزواج وشيخ قبيلتنا يجب أن يكون قدوة جيدة كماتعرف)
فيرد يوسف ولامكان للمرح في صوته
(سبق وتزوجت ..من أين جئت بكلمة عازف هذه.. ان خانتك معلوماتك فأنا حظيت بثلاث زيجات يا ابن العم الرجل المزواج الأشهر في القبيله التي لم تدم زيجاته سوى لخمس سنوات
يعود ضياء الدين للضحك وهو يقول بتصحيح
(اثنتان الثالثه لم تكتمل
صمت يوسف قليل دون أن يعرب أو يدخل بمزيد من الجدال ينتظر من ضياء أن يشرح له شئ لكن الأخر لم يفعل بل اكتفى بأخباره عن بعض الترتيبات في القريه واغلق الهاتف

..........................................
في مكان مهجور يقف بشكل ملتوي يده تتلاعب بسلسلة ذهبيه والأخرى تمسك الهاتف
يتمعن في العقد بينما يأتيه صوتها الرقيق ذو البحه عبر الهاتف وهي تقول بهمس
(شعيب صدقاً لا أستطيع المجئ إليك الأن الوقت تأخر
يرفع شعيب نظره عن العقد ويحملق في السماء السوداء الحالكه التي تمتد في الأفق لاح المكر في عينيه وهو يقول بمسكنه
(هيا يامهرة اشتقت إليكي ألم تخبريني أن يوسف خارج القريه حتى يومين ..هيا ياصغيرتي احضرت لك شئ وأريد أن اعطيك إياه
تعض مهرة على شفتيها وترفع الستائر عن نافذتها لتراقب الوضع
اغمصت عينيها وهي تجيب
ارجوك ياشعيب .. دعنا نقلل من هذه اللقاءات ان علم يوسف لن ينتهي الأمر بخير أبدا
جثى شعيب على الأرض القاسيه وأخذ يتلاعب بالحصى بعد أن وضع العقد في جيبه ومازالت أنفاس مهره المتوترة تصله عبر الهاتف
قال بمكر
(إذاً أنتي لم تشتافي إلي )
ويضيف بلوعه كاذبه قائلا
(يامهرة القلب ..يابهجة الروح ...
قلبي تاه في محياكِ...وروحي تنشد لقياكي
اسقني من رحيق طلتك
واروي قلبٌ ظمئان لهواكِ)
ينهي شعيب رثاءه بطريقه تجعل من قلب مهرة يرفرف عشقاً يعلم كيف يستحوذ على قلبها ويسيطر على عقلها
فيجعلها كما يريد
صمت شعيب ينتظر نتيجة سحر كلماته ولم يخب ظنه عندما سمع مهرة تقول بلهفة
(سأتي امهلني نصف ساعه
أغلق شعيب الهاتف وجلجلت ضحكاته هذه الفتاة ساذجه ككل الفتيات المتلهفات للعاطفه
كم يحب التلاعب بدفاعاتها ويستمتع بلعب دور العاشق الضعيف الولهان
ألقى الحصى بخشونه وهو يتمتم
(سترى يايوسف ستذرف دموع القهر وأنت ياضياء سأسحقكك بقدمي دون أن ترف لي عين
بعد نصف ساعه
خرجت مهره بحذر وهي تتخفى بعباءتها السوداء وتغطي رأسها بوشاح أسود
تتهدت بارتياح عندما خطت خارج الدار لكن صوت من خلفها أجفلها وجعلها تختض من شدة الهلع
التفت الى مصدر الصوت فتوقفت بتظرها على صاحبة القامه الصغيرة
جزت مهرة على أسنانها وهي تطالع عائشه التي كانت تقف خلفها ترمقها بغضب
قالت من بين أسنانها
(هذه أنت كدت اموت من الخوف ماذا تفعلين هنا في هذه الساعه )
مطت عائشه شفتيها وقالت بامتعاض
(هذا السؤال يفترض أن أوجهه أنا لك وليس العكس)
ضيقت مهرة عينيها وضربات قلبها مازالت تتسارع في صدرها لتقول بعدها
(عودي الى المنزل حالاً )
اقتربت منها عائشه تقول بإصرار
(وأنت ستعودين معي ولن تذهبي للقاء ذلك المعتوه...لاتضطريني لاخبار أمي)
أمسكت مهرة ساعد أختها وهمست بصوت غاضب
(عائشه عودي حالا لا أريد مشاكل ..أنت لايحق لك محاسبتي
قاطعهما صوت خشن غاضب من خلفهما فأجفلهما سوياٍ ولاشعورياً تشبثت عائشه بأختها بحركة دفاع وحمائيه
نظرت مهرة إلى عيني وليد الغاضب بقليل من الرهبه
بينما عائشه تسمرت تراقب ملامحه المتهجمه الغاضبه
اقترب وليد منهما وقال بصوت مرعب
(ماذا تفعلان هنا في هذا الوقت المتاخر)
التقطت مهرة أنفاسها لتجيب بهدوء
(كنا سنذهب الى عمتي فاطمه)
رفع وليد حاجب شرس ليقول ونبرة صوته مليئه بالاتهام
(في هذا الوقت)
شعرت عائشه بصعوبه الموقف فتدخلت قائله بحذر
(نعم هناك امر عاجل علينا اخبارها به ..)
أبعد وليد نظراته القاسيه عن مهرة وثبتها على١ عائشه تفحصها بعينيه طويلا
انسابت نظراته تلقائيا ً على جلبابها القرمزي الفاتح فقال وعيناه مازالت تسرح على جسدها
(ولم تستطيعا اخبارها على الهاتف ..وخرجتم من دون والدة الشيخ وفي هذا الوقت)
صمت يضيف بلئم
هذه الكذبة لم تنطلي علي تحدثي يامهرة إلى أين وجهتك
تقدمت عائشه وعلامات الانزعاج غطت محياها الصغير فقالت بحدة
(لاشأن لك ولايحق لك تكذيب اختي الكبيرة
عينيه الشرسه تتطاير الحمم منها فيقول بنبرة حازمه
(انتي لاتتدخلي ولايعلو صوتك مرة اخرى يكفي انني لم احاسبك على لباسك المبهرج
ثم ينظر الى مهرة بغموض مكمل بنفس الصرامه
(هل اتصل بيوسف واخبره بنشاطات اخوته في هذا الوقت .. أم يفضل ان ادخل الى زوجة عمي فأخبرها)
ترد عائشه باندفاع
اتصل به لتسمع مالايعجبك وملابسي لاشأن لك بها أنت عليك ان تغض البصر فحسب عما لايعجبك
يثور وليد بمكانه ويود لو يجر قصيرة القامة هذه ويريها كيف تغلق فمها وتكتم كلماتها تحكم بانفعالاته بشق الانفس
وهمس ببرود
مارأيك يامهرة لما انت صامته كالحجر..هل نسيتي شئياً في مكانك المهجور المعتاد)
شحب وجه مهرة وفرت الكلمات منها فتصلبت كالأصنام
فيكمل وليد بتهديد خفي
(عودي الى الداخل وخذي هذه المتفزلكه معك وحين يعود يوسف لي حديث معه
قاطعته عائشه تقول بحدة
نحن من سنخبره يا الوليد وسترى
رفع وليد حاجبه بعد ان سمع اسمه منطوق بلكنة يحبها وخاصه من قصيرة القامة هذه
فقال وهو يحاول كتم الابتسامه التي تكابد لتظهر
(هيا يامهرة عودي الى الداخل انا متأكد ان وصل الأمر الى يوسف لن يكون مسرور البته
همهمت مهرة بعد أن امسكت ذراع عائشه تنوي العودة ادراجها بعد ان شعرت بخطورة الموقف
(هيا ياعائشه ..دعينا نعود)
عضت عائشه على شفتيها حنقا وهي ترى عينا الوليد الساخرة المنتصرة فقالت باستفزاز قبل ان تستدير مغادرة مع اختها
(عندما بعود يوسف ساخبره انك تجاوزت الحدود معنا وسترى)
يبتسم وليد وهو يلملم عباءته مجيب بصوت رجولي خشن
(انتي حسابك معي عسير جدا ياسليطة اللسان .. استري شعرك وإياكي ثم إياكي ان تخرجي مرة اخرى بهذا الزي)

ويستدير هو الاخر مغادرا الى وجهة اخرى
يريد ان ينهي الامر بطريقته دون ان يتفشى ويصل إلى ضياء الدين لان الاخير لن يكون مسرور ابدا ان علم بمايجري
وصل وليد الى المكان المهجور وقف قليلا يدور بنظره على المكان يتفحصه بعينيه الثاقبه
تلفت بكل الاتجاهات ثم صرخ بأعلى صوته
شعييييب
تردد صدى الاسم في المكان المهجور ولم يتلقى اجابه
عاد ليزمجر بصوت اعلى
شعيب
ايضاً لا رد
تخصر وليد وملامحه تقطر غضباًوهو يقول بصوت عاصف
اقسم بالله ان رايتك تحوم حول ابنة عمي لأقطعن رأسك ولن يمنعني عنك احد ..ثم استدار وخرج كما دخل بخطى تنهب الأرض من شدة الغضب

اشتعلت عينا شعيب من مكانه الذي تخفى به منذ ان سمع صوت اقدام في الخارج وهو يهمس لنفسه بكره دفين
سنرى
(ورب العزة لأكيدكم من حيث لاتعلمون

.............................................
رن هاتفها مساءاً والطرقات على بابها مازالت تدوي كنسفونية قويه تصدع رأسها
تقدمت بخطى مكسورة نحو الباب واخذت تهمس بوهن
(ارحل ياجاد أرجوك ..ارحمني وابتعد ارجوك)
صرخ جاد من خلف الباب وهو يقول بغضب
(لقد قررت... غدا سنتزوج وسنوقف هذه اللعبه التي طالت .. اكره الانتظار ياوئام..واعطيتك وقتا ً طويلا ً )
عضت على اصابعها وهي تبكي لكنها ابت ان تظهر ضعفها فقالت بصوت هادئ رغم الثورة التي تحرقها
(وانا قررت ،انا وانت انتهينا ..كان ارتباطنا خطأ فادح من البدايه ،غداً سأتصل بالشرطه ان حاولت مضايق
بلعت ريقها واكملت ببشجاعه
(اخبرتك انني لم اعد اريدك .. انا لا اناسبك وانت ايضاً لاتناسبيني )
ضرب الباب بقبضة يده فارتجت اعصابها خوفاً
نظرت الى شاشة هاتفها المضيئة وتنهدت بصمت
ثم استدارت الى غرفتها وفتحت الخط لتجيب بروويه
(نعم... ماذا تريد )
التقط يوسف انفاسه من رقة صوتها رغم نبرة الجفاء التي تتخلله وقال بهدوء
( السلام عليكم)
جلست على طرف السرير بعد ان اغلقت الباب خلفها تحاول تخفيف صدى الطرقات وأجابت
(وعليكم السلام ،ماذا تريد مني انت الأخر )
صمت يوسف ونظر الى السقف بشرود قبل ان يجيب
(انا ايضاً مللت هذه اللعبه ياوئام
صمتت قليلاً لتهمس بعدها بفتور وعيناها تترقق بالدموع
(ماذا تنتظر اذاً ..قل مالديك وانهي هذه اللعبه
بلعت ريقها بمرارة لتسأل بعدها
(من أنت ،وماذا تريد مني )

(أنا يوسف صديق زياد )
قالها يوسف ومازال نظره معلقاً بسقف غرفته
بينما هي صمتت مجدداً وكأنها سمعت لغز
طال صمتها طويلاً حتى اعتقد يوسف أنها غفت فسألها وقد تشتت تركيزه مع اصوات اخرى اخترقت جو الصمت بينهما
(ماهذا الصوت ، اسمع صوت مزعج ياوئام)
تنفست وئام مرات عدة وعينيها ذرفت دموع الصدمه واجابت
(ماذا تقصد بزياد ... زياد )
استقام يوسف بحركة صاخبة وسرح شعره المبعثر ليجيب بثبات
(زياد ، زياد أخيك ياوئام ،انتظري قليلاً)

شهقت وئام وارتجفت اطرافها مع ارتجاف قلبها وقالت بعدم تصديق
(ماذا)
ولم يلبث حتى طن هاتفها بعدة صور على احد تطبيقات التواصل الاجتماعي

سارعت لفتح الصور بيدين مرتجفه وعندما ترآى لها صورة لشاب في مقتبل العمر بشعر فحمي كشعرها وعينين واسعه كعينيها بالظبط شهقت مجدداً وكتمت أناتها بصعوبه باطراف اصابعها ثم جالت ببقية الصور
توقفت على صورة
كان يقف فيها زياد الى جانب يوسف والاخر يضحك بابتهاج
ذرفت عينيها مزيداً من الدموع دون شعور واختنقت بتدفق المشاعر
وعادت لرفع الهاتف بعد أن نسيت يوسف على الخط وهي تقول بلهفة متلوعه
( هل هذا هو حقا
أين هو ،.اين زياد لما لم يكلمني هو . لما لم يأتي إلي . اريد ان اراه ..يوسف)
عض يوسف على شفتيه وعجز عن اخبارها عن الحقيقه كامله .لايعلم لما ضعف بهذه الصورة ولم يستطع ان ينطق امام صوتها المتلهف
عاد ليسمع ترجيها وهي تطلب منه برقه متناهيه
(أين هو ..ياإللهي لا أصدق هل هذا الشاب الذي أرسلت صوره هو زياد )
مازلت تضيف بهذر وهي تطرق على صدرها
(يوسف لما انت صامت اريد ان اكلمه اين هو لما لاتجيب.. لماذا ارسلك بدلاً منه.. هل انت صديقه منذ زمن .. هل )
قاطعها يوسف بحنان
(اهدئي قليلاً حتى استطيع أن اشرح)
قالت بارتجاف
(سأتي إليك الأن هل هو معك .. هل يريد أن يفاجئني او شئ من هذا القبيل)
اغمض يوسف عينيه بوهن واعتصر هاتفه
ياإللهي كيف سينطقها ويخبرها أنه مات
لا لا لايستطيع النطق بها الأن وهي بتلك السعادة لا يستطيع ان يحطم فرحتها الوليدة
لذا قال بمراوغه أول شئ خطر بباله
(زياد مسجون في مكان بعيد عن هنا .. وطلب مني أن اعتني بك حتى يتمكن من الوصول اليك بنفسه)
صرخت دون وعي
(ماذااا .. ماذا تقصد بمسجون اين وكيف)
بعد كل كلمه تقولها تزفر انفاساً صاخبه
هدئها يوسف بالقول
(اهدئي .. سنتقابل غداً وأشرح لك كل شئ مارأيك.. )
لم تستطع وئام ضبط نفسها وهي تطلب منه بترجي
(الأن لما سانتظر للغد دعنا نلتقي الأن)
اغمض يوسف عينيه وهي يقول بحزم
(غداً ياوئام غداً... اغلقي الأن )
هزت وئام رأسها وكأن الاخر يراها
وهمست والدموع تغطي عينيها
(يوسف لاتتأخر في الغد)
واغلقت الهاتف بعدها وهي تكاد تطير من هول المفاجأة .. واخيرا زياد موجود يتنفس.. وأخيرا ستحلق دون ان تخاف حتى لوكان مسجون ..مسافر ... حتى لوكان في كوكب اخر لايهم ..المهم انه موجود .....فقط موجود

نظر يوسف الى الهاتف باضطراب بعد ان انهى هذه المكالمه التي استنزفت طاقته بشكل عجيب
المهمة صعبه جداً عليه يشعر باحشاءه تعتصر من شدة الارتباك ..هو مرتبك والسبب ببساطه هي
يوسف شيخ قبيله تمتاز بالصلابه متوتر فقط لانه سمع صوتها المترجي
سرح يوسف شعره بعنف وعو يقول بهذر
(اهدأ ستتجاوز هذه المحنه فقط لاتغرق بها ومعها اكثر لاتنسى يايوسف انها أمانة زياد )
.................................................
في منتصف الليل رن هاتفه للمرة الخامسه
هاقد أضاء إسمها على شاشته مجدداً يبدو انها تعاني فورة جنون وصدمة عنيفه منذ أن اغلق معها منذ اربع ساعات وهي تتصل به كل برهة للتتأكد مماسمعت وتسأله عن تفاصيل صغيرة ودقيقه عن اخيها زياد
ولبؤسه وشقائه تارة تبكي من الفرح وتارة تثور وتشتعل غضباً لأنه لم يخبرها منذ البدايه انه صديق زياد
وهاهي مرتها الخامسه وهي ترن عليه لم يشأ ان يتجاهل اتصالاتها لأنها بدت بحالة هيستريه من شدة الفرح
رفع الهاتف مجدداً إلى اذنه وأجاب بنبرة شوبها النعاس
(ماذا الأن )
ترد ببحه وانفاسها المعذبه تصدع رأسه
(هل حقاً انت صديقه يا إللهي لا أستطيع النوم أبدا ألا يمكنك اخباري عنه الأن ارجوك اخبرني عنه كل شئ ماذا يعمل كيف يعيش ..لماذا سجن ....أي شئ اخبرني أتفه اخباره وتفاصيل حياته)
صمت يوسف وهي مازالت تثرثر دون توقف
لما لايخبرها انه مات ببساطه لما سيتأثر ان تألمت على واقع مرير عاشه هو بوفات صديقه زياد
واقع عاشه كله بكل أوجاعه
لماذا لايفعلها ويصدمها بالحقيقه المرة
تنفس امام هذرها الذي بات اقل صخب واكثر عاطفه
(يوسف انا لست مجنونه صدقني انا فقط أريد )
صمتت وترقق صوتها ليزداد جمالاً فوق جماله
(انا فقط احتاج أن اعرف كل شئ يخصه
لقد صّمّت طويلا وهاقد حان وقت السقيه )
يعاني مثلها بل اكثر ويقاوم لأجل الإيفاء بوعده لاخيها
همس بروح صابرة
(سأتي إليك بعد شروق الشمس )
جمله مختصرة جعلتها تقفز فرحاً وكانها ستقابل اخيها اجابت بصوت يقفز من شدة الحماسه
(نعم بالتأكيد ...)
اغلق يوسف هاتفه وعرك عينيه وهو يعاني لذعة حرقه بهما
رجل الصحراء يعاني بشدة وستسمر معاناته بسبب هذه الفتاة

وئام ...انت سحر أسود حل بجناحيه علي
عقد وثاقه دون رحمه وياليت قلبي يطلبها ويالها من رحمه

..........................

(في الصباح)

خرجت مهرة بمزاج متعكر ووجه مكفهر
في الامس وبعد عودتها اعادت الحوار في عقلها الذي دار بينها وبين اصغر أبناء عمها الوليد
وشعرت باتهام خفي في كلماته
تخبطت كثيرا ً في شباك جمله وخاصة حين اشار إلى المكان المهجور
لقد تحفزت كلها واختض جسدها من مجرد التلميح وحين استقرت في غرفتها
دار شجار عنيف بينها وبين شعيب لأنها لم تأتي
مشت مبتعده لاهيه عن تلك العينين التي تترصدها بشغف معلن
تأففت مرات عدة وهي تتذكر قول شعيب الحانق في الامس والذي اتهما به أنها لاتحبه ولاتضحي لأجله كما يفعل هو وفجأه ارتطمت بجسد قوي جعلها ترتد حتى كادت تترنح لكنها استطاعت الثبات في اللحظه التي تلتها نظرت بتشتت إلى هيئة ضياء العضليه التي تعترضها والتي أوقفت خطواتها
زمت شفتيها باعتراض حانقاً وهي تهمس
(ألا تكف عن حركاتك الصبيانيه)
أسبل ضياء أهدابه وغض بصره عن وجهها المليح ثم هدر بصوت قاسي
(لا اكف ولن أكف... ماهي إلا أيام وستكونين زوجه في داري)
اشتعلت عيناها المكحله بنار الغضب
وهدرت بصوت بدى لمسامعه رقيق رغم خشونته
(ماذا ؟؟؟أيام معدودة ،من اوهمك بالأمر )
صمتت تكمل بسخربه
(زوجه في دارك)
هز ضياء الدين رأسه دون أن يعرب
فقالت بهذر مجنون
(لا أريدك.... لا ... ألم تسمعها من يوسف لا أريدك .... أنا أنا أحب )
بترت جملتها قبل أن تتهور فيكتشف أمرها لكن سرعان ماواجهت عينا ضياء المتقدة بإشتعال غريب حين رفع بصره ليحملق في تعابيرها ثم نطق بوعيد
(أنت ماذا يامهره ،أنتي ماذا)
بلعت ريقها بعد أن ردت طرف الوشاح الذي تساقط على كتفيها فأجابت بمراوغه
(أنا لا أفكر في الزواج)
قال بصوت عاصف وقد استشعر عدة عيون تترصده من المارة
( اتبعيني سنتحدث في مكان يخلو من المترصدين لا أريد أن يساء إليك)
فتجيب وهي تحاول أن تتخطاه
(لا أستطيع وفكرة ان تختلي بي أسوء من ان تعترضني في الطريق )
قال من بين أنفاسه المشتعله وصوته خرج بذات درجة الاشتعال
(مهرة ... لا أسمح لك)
أحنت رأسها وهي تستشعر غباءها ماذا ان عرف هذا الجدار أنها تختلي بشعيب في مكان متطرف كيف سيكون ردة فعله تنهدت بصمت لتقول بمدارة
(لا أقصد أنا فقط لا أريد ان نخوض في هذا الحديث مجدداً بت تعرف رأي ويوسف مؤكد أوصل لك قراري)
سار بهدوء وهو يهتف
(سأراكي في منزلي علينا ان نتحدث)
ضربت الأرض بقدميها حنقاً وهي تود أن تعترض
لكنها سمعته يكمل ببحه رجوليه عميقه
(غطي شعرك جيداً يامهرة ..لا أحب أن يراه غيري)
هل تصرخ بوجهه الأن ... هل تصفعه على تماديه باعتراضها في منتصف الطريق هكذا وأمام جميع المارة وتدخله الصريح بها
دارت انفعالاتها خلف قناعها البارد وسارت تتبع خطواته رغما عنها عليها ان تتحدث معه وتنهي أي أمل له بها
لأنها ببساطه تحب غيره
بعد برهة
جلست مهرة في مجلس الاستقبال بعد أن تلقت ترحيباً صاخباً من زوجة عمها وفرات التي تصغرها بعامين
لم تستطع انهاء شرابها لأن الحائط البشري قاطعها وفرض نفسه على جلستها الوديعه مع أخته فرات
وبكل صلف طلب من أخته أن تتركه معها ليتحدثا بهدوء والأخرى لم تعترض بل فعلتها برحابة صدر وهي تدعي أن تكون صديقتها وابنة عمها من نصيب أخيها
تحدث ضياء الدين بصوت رجولي وهو يحاول أن يمنع عينه من تفحص وجهها وتعاليمها
(لماذا لاتريدين الزواج يامهرة)
احمرت وجنتي مهرة قليلا وأخذت تحمحم حرجاً تقول بخجل
(لايجوز أن تختلي بي .. أمي لن يسرها الأمر)
يقاطعها ضياء وهو يتعذب بأشواق مدفونه خلف اسوار صدره
( هل أضحك يامهرة على سخافة ماتقوليه)
رفعت مهرة نظراتها الى وجهه ولأول مرة تدقق بتعاليمه الرجوليه الخشنه
ضياء الدين أوسم رجال قريتها وأكثرهم رجوله الجميع بمن فيهم يوسف يمتدح أخلاقه وحنكته
عينيه حادة وحاجبيه كثيفين يكادا يلتصقان بعينه
وجهه أسمر مليح وطوله فارغ كأغلب رجال قريتها
تمعنت أكثر بوجهه حتى انتبهت لنفسها حين واجهها هو الأخر بنظراته مضيف
(يوسف أفسدكم حقاً بدلاله .. لا أحب طريقته بالتعامل معكم )
تحدته بالقول السافر
(لأنه لم يقيد حريتنا بتقاليدكم الباليه وأعرافكم)
بلع ضياء ريقه وهدر بقليل من الانفعال وهو يشرح مقصده
(أنتي ضيقة التفكير حقاً ما أقصده أنك تخرجين أنتي وإخوتك الي أي مكان دون أي إعتبار وعندما يصل الأمر الى جلوسي معكي رغم نيتي الواضحه والصريحه بك تتحرجين وتدعين الإلتزام )
رفع حاجبه يضيف بسخريه لاذعه
(أه ونسيت أيضاً أنتي وإخوتك تلعبون في كل مكان كالأطفال وأنت بالذات تسرفين في ظهورك الطفولي المبالغ بينما أنت شابه يافعه وهذا بحد ذاته لا أستسيغه وأضيفي الى هذا انتطائك للحصان على أعين الجميع وإخوتك ليس إستثناء )
قاطعته مهرة بابتسامه ساخرة
(ماهذا الهذر ... هل تريد أن يسجننا يوسف في الدار فقط لأنه لايعجبك .. وهل أصبح امتطاء الخيل أمر ٌ مشين بعد أن كان فخر لرجالنا ونسائنا سواء .. أنت فعلا لاتطاق )
بلعت ريقها تكمل
( أنت تنقم إذاً على يوسف لأنه لايحب تقيدننا ويطلق العنان لنا .. )
احتدت نظرات ضياء واصبحت غامضه وهو يجيب
(بالطبع لا .. يوسف أخي ... أنا أيضا أكره أن تعيش أختي كئيبه حزينه ضمن عادات تلغي حريتها ...وبالمناسبه أنا أدللها كثيرا ولها حريه في فعل كثيراً من الأمور
تقاطعه ولم تفهم الى ماذا يصبو
(إذا ً ماذا تقصد)

إشربي ماتبقى من كأسك يامهرة لم أتي بك لأنقاشك بطريقة معاملة يوسف لكم
قالها ضياء وعيناه تتمرد عنوه على إرادته فتنساب نظراته على يديها البيضاء وجسدها الذي يستره عباءتها السوداء
سارعت مهرة لارتشاف كوبها حتى تنتهي هذه الجلسه التي توتر أعصابها
وضعت كوبها على الطاوله الصغيرة أمامها
لتسأل بعدها
(لماذا لاتختار فتاة اخرى تبادلك المشاعر ووتحبك)
انفاس خشنه مزمجره تخرج من صدره ليس له قوة على ردعها
جاءها صوته غريبا وهوينطق اسمها
( مهرة وماذا أفعل بقلبي أنا .. أريد أن أعلم لماذا ترفضيني )
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي