الفصل الثاني
عندما فتحت بيسان دولاب ملابسها وبدأت تعرضها للمياء، تسمرت لمياء في مكانها من هول ماترى من كثرة الملابس وبريقها، لكن كانت تبتسم لصديقتها وهي تشاهد أغراضها كي لا تشعر بأنها متدهشه
-هدومك جميله أوى، إنتي بتلبسي كل دول لوحدك، والشوزات كمان تحفه جدا
رغم صغر عمر بيسان لكن كانت تفهم ماتقصده لمياء، أجابتها بعقلانيه وعفويه مبتسمه
-من النهارده مش هلبس منهم لوحدي، انا وانتي هنلبس مع بعض، وهاخد من عندك هدوم برده لان الفستان ال عليكي ده عجبني جدا
رفعت بيسان من روح لمياء المعنويه كي لا تشعر صديقتها بأنها أقل منها، أحبت لمياء جارتها واعتبرتها من اليوم صديقتها وشقيقتها
أخذهم الوقت ولم يشعروا بأنفسهم وهم يمرحون ويلهون، جهّزت لهم هايدي بعض المأكولات الشهيه كي يتناولوها، في بداية الأمر شعرت لمياء بالإحراج ولم توافق على الجلوس وتناول الطعام مع صديقتها.
ألحت عليها بيسان كثيرا كي لا تشعر بالإحراج
-بصي بقى يالولو، لو ماقعدتيش وأكلتي معايا أنا مش هاكل، وهقول انك مش حابه أكل ماما، يلا بقى يا رخمه ناكل، يابنتي هموت من الجوع
ثم تشجعت لمياء وجلست لتتناول مع بيسان الطعام، للحظه نسيت البنت بأنها المفروض تغادر المنزل لتعود الي منزل والديها، قاطع لمياء صوت والدتها مروه الذي آتاها من خلف باب المنزل عندما طرقت جرس الباب
-لميااااء، يلا ياقلب أمك كفايه كده، تعالي يلا عشان تتشطفي وتغيري هدومك وسيبي الجماعه يرتاحو
نهضت لمياء من مكانها وودعت بيسان
-حاضر ياماما، جايه
ثم ذهبت لمنزلها، سردت لوالديها ما فعلته عند الجيران
مرت الأيام والفتاتان تلتقيان يوميا للهو معاً، يذهبون معا إلى النادي والأسواق، العلاقه بين العائلتين قد كانت وطيده جدا وكأنها عائله واحده.
في يوم من الأيام هاتف أيمن محمد ليخبره بأن يعدُّ أوراق لمياء ليذهبوا معاً الي أقرب مدرسه من المسكن، لتسجيل طفلتيهم
ذهب كل منهم ومعه طفلته في سيارة أيمن،
بينما ذهبت هايدي لتجلس مع مروه في منزلها يرتقبوا عودة أزواجهم وبناتهم.
جلس الوالدان في الأمام، بينما جلسن الفتيات في الخلف كل منهن وقفت في نافذه لتستنشق الهواء، و تشاهدن الماره في الطريق وهن سعيدات وكأنهن ذاهبات في رحله.
عندما وصلوا للمدرسه نزلوا جميعا وتوجهوا لغرفة المدير، جلس الوالدان بينما وقفت كل طفله بجوار والدها
بادر أيمن بالحديث مع تقديم الملفات ووضعها على المكتب
-لو سمحت كنا عايزين نقدم للبنتين دول في المدرسه دي، هو الفرق بينهم ٣شهور بس، واحده منهم بنتي والثانيه بنت جاري وصديقي محمد.
بعدما دقق المدير الملفات أغلقها ثم ضغط على زر بجواره على المكتب، طرق الباب ثم دخلت السكرتيره
-تحت أمر حضرتك ياأستاذ موافي
رفع أ. موافي الملفات عن المكتب ليعطيها لها
-اتفضلي يا أستاذه عليا الملفات دي ووصلي الأساتذه لغرفة الإخصائيه الإجتماعية، عشان تكمل إجراءات تسجيل البنتين دول عندنا، إتفضلوا معاها ياحضرات وإن شاء الله البنات هترتاح معانا، ربنا يوفقهم
غادروا جميعأ من غرفة المدير متجهيين ناحية غرفة الإخصائيه الإجتماعيه، أثناء ذهابهم في الرواق بين الغرف كانت البنات تتمعن في النظر حولها لتكتشفن المكان اللاتي سيدرسن فيه، ويقطن فيه اغلب أوقاتهن، ثم رفعوا يداهم وطرقاها ببعضهم بهجه وسعاده، ثم تحدثت بيسان بصوت منخفض
yes...Yes-
انفرجت شفتا لمياء عن ثناياهم ضاحكه على جنان ودلال بيسان، أكملوا الإجراءات كاملةً ثم أشارت لهم الإخصائيه بجديه وحزم
-كده كله تمام، فاضل بس ولي الأمر يحط مبلغ في خزنة المدرسه كمصاريف للسنه، لو المبلغ مش متوفر حالا، تدفعوه اول يوم دراسه بأذن الله، الدراسه هتبتدي في ١٥ في شهر ٩ الجاي، والزي الدراسي هيكون بيج في بني
أجابها محمد مسرعاً
-هندفع اول يوم في المدرسه ان شاء الله
بينما أيمن نهض عن المقعد اثناد حديث محمد مع الإخصائيه وهمس للسكرتيره بصوت منخفض كي لا يختلس محمد السمع
-ممكن لو سمحتي تقوليلي فين مكان الخزنه
ثم تركهم وذهب برفقة السكرتيره وعرف المبلغ المطلوب،ثم وضع يده في محفظة جيبه واحضر الفيزا كارت وعطاها لأمين الخزنه ليسحب منها المبلغ المستحق للمياء وبيسان، ثم اخذ منه إيصال بالدفع وعاد ليجدهم واقفين في الرواقين باحثين عنه، هرولت إليه بيسان لتتمسك بيده، بينما محمد نظر له متسائلا
-سيبتنا في مكتب المدير وروحت فين يا ايمن!؟
أجابه أيمن وهو ممسك بكتفه بيد وبيده الأخري ينزعها من يد بيسان ويمدها بجيب بنطاله ليسحب الإيصال ويريه لمحمد
-كنت بدفع مصاريف المدرسه للبنات واخدت منهم الإيصال
تفاجأ محمد مما فعله صديقه وفتح فمه ليتحدث فاوقفه ايمن
-مش عايزك تقول حاجه خالص، مفيش فرق بيننا، ولما تشتغل ويبقوا معاك هاتهم ياسيدي، ولو مفيش عادي، لمياء بنتي زي بيسان بالظبط.
أحس محمد بالخجل كثيرا وسارع بالحديث
-يا ايمن انا معايا الفلوس في البيت، بس ماتوقعش يطلبوا الفلوس وقت التسجيل، لان عندنا في بلدنا بندفع المصاريف في أول أسبوع في الدراسه، لما نرجع البيت هجيلهملك.. وكتر الف خيرك، شايلك للتقيله، ادعيلي انت بس آلاقي شغل
ثم مد يده ليأخذ الإيصال كي يعرف المبلغ.. ليعرف ما المبلغ الذي سيعطيه لأيمن، ثم توجهوا للسياره وعادوا إلى المنزل بعدما ذهبوا الي السوق ليشتروا بعض الأغراض والخضروات للمنزل.
في هذه الأثناء كانت هايدي ومروه يعدون الطعام كي يتجمعوا ويتناولون الطعام على سفرة واحده، وظلت كل منهن تقص لها عن بعض المواقف المفرحه والمحزنه التي تعرضت إليها في الماضي، صارت بينهم ألفه وموده ومحبه، تلاشت الفروق بينهم في اللهجه والمعامله مع الوقت.
عندما عادوا الرجال والطفلتان للمنزل، قاموا بالإغتسال لحين أعدت هايدي ومروه السفره،ثم التفوا حولها جميعأ وظلوا يتسايرون فيما حصل بالمدرسه، و تناقشوا في أمور عده، السعاده طغت في المسكن وكأنهم عائله واحده، تعالت الأصوات بالتهنئه للبنات وعلى الوجوه السعاده، عمَّ المكان البهجه والسرور
بعدما أنهوا غذاءهم قامت بيسان عن السفره وأخذت لمياء معها ليلهو ويستمتعوا بالهواء المنعش في البلكون، بينما لملمت هايدي مع مروه السفره، واحده منهم غسلت الأطباق والثانيه أعدت الشاي
نظرا محمد وأيمن لبعضهما ضاحكين
ثم بادر أيمن بالحديث
-احنا هنفضل قاعدين كده، ماتقوم ياعم هات الطاوله بتاعتك نشغل نفسنا بيها، عبال مالستات يخلصوا ال في إيديهم.
هم محمد من مقعد وأتى بالطاوله وجلسوا يلهون معاً، وأتت السيدات بالشاي والتسالي وجلسن يشاهدن التلفاز، إستمرت سعادتهم بجيرتهم الطيبه بالود والمعروف والمحبه.
بعد مرور بضع شهور كان لابد من أن تتجهزن الطفلتين للذهاب إلى المدرسه، أخذهُنَّ العائله وذهبوا كي يشتروا زي المدرسة الرسمي وبعض الأدوات المدرسيه مع الحقيبتين، فرحن كثيرا لانهن سيذهبن معا يوميا الي المدرسه، سيظلوا معا لوقت أكثر
جاء اول يوم في الدراسه، تأهلت كل منهن وهبطن ليستقلوا باص المدرسه الذي سيوصلهم للمدرسه ويعود بهم يوميا إلى المنزل
عندما انتهى طابور الصباح ودخلوا الي الفصول، تفاجأت بيسان بأن لمياء لم تحضر معها في نفس الفصل، حزنت بعض الشئ لأنها كانت تريدها بجوارها، لمياء أيضا حزنت لأنها لاتعرف احدُُ غيرها،
عندما انتهى اليوم الدراسي الأول وعادوا الي المنزل، لاحظت أمهاتهم بان يتملكهم الحزن،
أسرعت مروه لتصعد الفراش لتجلس بجانب طفلتها، مدت يدها وربتت على وجنتيها وابتسمت لها، نظرت إليها وأثارها الفضول لتعرف ما بها
-أنا إرتعبت لما شوفتك بالحاله دي يالميتء، مالك ياقلب أمك؟ فيكي إيه، في حاجه حصلت في المدرسه ولا حد زعلك بكلمه ولا حاجه؟
وصل إلى لمياء إحساس الخوف والقلق الذي ملأ والدتها، فنظرت اليه وإغرورقت عيناها بالدموع
-ماتقلقيش ياماما أنا بخير بس لما روحنا المدرسه، اتفاجأت بأن بيسان مش هتكون موجوده معايا بالفصل، انا ماليش دعوه بقى، كلمي عمو أيمن وبابا يجوا يتكلموا مع المدير، و ينقلوني معاها او ينقولوها معايا
تجهم وجه مروه ونظرت لإبنتها تربت على كتفها، ثم ضمتها إلى صدرها
-هو ده الموضوع ال مزعلك يا لمياء! حاضر لما باباكي يرجع من برا هقوله، والله ما انا عارفه هو إتأخر كده ليه، نزل من بدري يدور على شغل ولسه ماجاش لحد الوقتي، ربنا يجيب العواقب سليمه ويجيلهولنا بالسلامه.
تنهدت لمياء بقلق على والدها أيضا، أمنت على كلام والدتها
-اللهم آمين يارب العالمين
كانت بيسان أيضا تشكو لوالدها من نفس الموضوع وتريد ذهابه معها في الغد ليقوم بنقلها الي فصل لمياء، وافق أيمن على طلب ابنته على الفور،
عاد محمد الي المنزل وتحدثت معه مروه عن الموضوع بعدما إطمأنت عليه، أبلغها الخبر المنتظر
-طلع روحي في اللف على رجلي من شركه لشركه و مالقيت اي شغل، آخر مازهقت دخلت المطاعم والحمد لله لقيت شغلانه حلوه مناسبه ليا، هشتغل كاشير حتى لو لفتره معينه، هي مرتبها مش كتير بس أهي نوايا تسند الزير عبال ما ربنا يفرجها، ومش هسكت برده هفضل ادور في أماكن ثانيه والله المستعان، دعواتك.
ثم جلس بجوار لمياء وضم جسدها لصدره كأنه يستمد منها الطاقه والشجاعه، فنظرت لها وابتسم فرفعت لمياء يدها وضمته أيضا وأشارت له برأسها تحثه على التفاؤل والأمل، فعاد ببصره إلى مروه
وابتسم لها عندما لاحظ السعاده التي وضحت عليها
فزفر بهدوء
-مش عايز غير دعواتكو بس، إن شاء الله هاجي معاكي بكرا المدرسه هشوفلك موضوع النقل ده، ماليش بركه الا انتي ياقلب بابا
وقفت مروه واقتربت من محمد بحيره
-هتروح معاها المدرسه ازاي وانت لسه قايل انك قبلت في الشغل، دا احنا ما صدقنا
سحب محمد يدها ليجلسها ثم ربت على يدها
-متخافيش انا الشيفت بتاعي بيبتدي الساعه ١٠، يعني ماتقلقيش هكون هناك على الميعاد
وقفت لمياء وظلت تقفز فرحا على الفراش من السعاده، جعلت والديها يهتزوا ويقفزوا معها وهم جالسين بجوارها، وتعاملت ضحكاتهم
في اليوم التالي تفاجأو الأسرتان ببعضهما على الدرج، ابتسموا عندما فهموا انهم ذاهبين لنفس المكان ولنفس السبب، بعدما عرف ايمن بأن محمد أخيرا حصل على وظيفه، أوقفه ومنعه من الحضور الي المدرسه.
ألح عليه بشده أن يذهب لشغله وتحدث إليه بحده
-مش عايز مناهده على الصبح يامحمد، توكل على الله روح شغلك ومالكش دعوه، هحل انا الموضوع، أصله مش مستاهل اننا نروح احنا الإثنين، هبقي اتصل بيك واطمنك، يلا انت بقى على شغلك، الله يسهلك أمرك
ذهب كل منهم في طريقه بعدما ودَّع محمد لمياء وقبَّل وجنتيها
-عمو أيمن هيعمل الازم ياقلبي، ماتقلقيش، وانا هكلمه كمان شويه اشوفه عمل ايه، خلي بالك من نفسك، أشوفك بالليل بإذن الله
وصل محمد الي المطعم قبل ميعاده بربع ساعه، سعد مدير المطعم بإنضباطه في مواعيده، تحدث إليه أمام باقي الموظفين بجديه
-ياريت تكون منضبط في مواعيدك كده دايما، مايكونش في البدايه بس، وكلامي موجه للكل، اهم حاجه عندي الانضباط والأمان في الشغل، يلا كل واحد على شغله
إبتسم له محمد وبدأ يمارس مهنته بمهاره، أثناء ما كان أيمن يتحدث مع المدير ليحايله كي يضع الطفلتين في نفس الفصل، نجح في المهمه، قفزن الفتاتان من السعاده وجلسوا بجوار بعضهن في المقعد، مضت عليهم أيام وشهور تقريبا لم يفارقا بعضهن غير وقت النوم، المذاكره سوياً واللهو سوياً وتناول الطعام سوياً، علاقتهم ببعضهن توطدت للغايه وكأنهما شقيقتان لم تلدهن والدتهن.
تبدلت مروه من حال إلى حال، تشبعت بثقافة المدن وتثقفت كثيرافي خمس شهور فقط، صارت تتعامل مثل سيدات المدن في شتى أمور حياتها، لكن لم تقطع صلتها بأقاربها وخاصةً والدتها وأخواتها، كانت دائما تتواصل معهم من حين لآخر، طلبت منهم مراراً بأن يذهبوا ليقطنوا معها بعض الوقت، لكن هم دائما كان عندهم أسباب للرفض.
إذ فجأة هاتفتها أختها علياء لتزف لها خبر سار
-بقولك ياستي هجيب العيال واجي اقعد عندك يومين في نهاية الأسبوع، عايزاكي تبعتيلي العنوان بالتفصيل في رساله عشان منتوهش.
إغرورقت عينا مروه بالدموع فرحا وسعاده لأنها سترى اختها بعد فراق ثماني أشهر، لأنها سابقا لم تفارق اي من عائلتها يوما واحداً، ارسلت لها اللوكيشن على الواتساب واستعدت إستعداد تام لإستقابلهم، هيأت المنزل ونزلت السوق لنشتري أغراض كثيره لتعد لهم أشهى المأكولات.
جاء يوم الخميس ووصلت علياء وأولادها لمنزل مروه بعد عناء المواصلات والبحث عن المنزل، لأنهم لأول مره يخرجوا خارج قريتهم
إستقبلتهم مروه بحفاوه وشوق ولهفه، ضمَّت بنات أختها الثلاث في حضنها في آن واحد، تقبلهم من وجنتيهم
-وحشتوني اوي ياقلب خالتكوا،فراقكوا على عيني والله، ياريتكوا تفضلوا معانا هنا وماترجعوش البلد تاني
ثم شرعت رأسها ناظرةً لعلياء
-طمنيني على ماما، عامله إيه واخواتك أخبارهم ايه، أحوال البلد إيه، إحكيلي، وانتي عامله ايه مع جوزك وحماتك ال كانت مطلعه عينك دي، ربنا هدهالك ولا لسه زي ما هيا؟
إزدردت علياء لعابها والتقطت أنفاسها قم اعتدلت في جلستها، أجابتها وهي تخلع حجابها عن رأسها
-إصبري عليا لما آخد نفسي الأول وارتاح من الطريق.. وانا هحكيلك كل حاجه، قومي معلش هاتيلي كوباية ميه أشرب، ريقي ناشف.
طرقت مروه يدها برأسها ضاحكة
-ييييه، معلش حقك عليا، حاضر من عنيا هجيب لك اهو، كلها ساعه ولمياء تكون هنا، إنما محمد مابيرجعش غير الساعه ١٠ بالليل.
إتكأت علياء على الأريكه وهي تلوح بحجابها على وجهها لترطب بشرتها من الشوب
-ربنا يرزقه بزرقكوا، و يهديلك بنتك ياحبيبة أختك، انتي مبسوطه هنا يابت يامروه، جيرانك كويسين معاكي؟
أجابتها مروه وهي تعطيها الماء، سالت دموعها
-أنا هنا تمام وجيراني طيبين جدا، بس دايما بحس ان فرحتي ناقصه، ودايما امي على بالي، علطول بفتكر ذكرياتي معاكوا، بس ما باليد حيله، الحمد لله على كل حال
قامت علياء من مقعدها ووقفت بجوار مروه ومدت يدها واحتضنت كفيها
-ماتفكرش في اي حاجه غير جوزك وبنتك، وماتشغليش بالك بأي حد، كلهم عايشين ومبسوطين وبخير.. وبعدين النت بيقرب الناس من بعضها، ابقى كلمي امك علطول على تليفون اختك بسمه، وبعدين اكيد مش هتفضل أ كده علطول،اكيد هيجي يوم وتنزلي البلد في المناسبات؛ يا ختي ياما بيحصل، المهم هتأكلينا إيه حلو النهارده، وحشني أكلك يابنت اللذين، فرفشي كده
مسحت مروه دموعها بيدها وابتسمت لعدياء
-عملالك الأكله ال بتحبيها مكرونه بشاميل وكفتة داوود باشا، وشوية مقبلات كده اتعلمتها من واحده صحبتي هنا، هي احتمال تيجي كمان شويه.. هعرفك عليها، هتحبيها جدا.
مرت ساعه من الأحاديث بينهما، لم يحسوا بانفسهم إلا وجرس الباب يدق، إذ هي لمياء،حينما إنفتح الباب ورأت خالتها وبناتها، قفزت فرحا وصاحت بأعلى صوت
-خالتو! مش معقول، انا بحلم صح؟! ألاء ومريم ونور، وحشتوووني أوى، وصلتو إمته، لو كنت اعرف انكو جايين ماكنتش روحت المدرسه
-هدومك جميله أوى، إنتي بتلبسي كل دول لوحدك، والشوزات كمان تحفه جدا
رغم صغر عمر بيسان لكن كانت تفهم ماتقصده لمياء، أجابتها بعقلانيه وعفويه مبتسمه
-من النهارده مش هلبس منهم لوحدي، انا وانتي هنلبس مع بعض، وهاخد من عندك هدوم برده لان الفستان ال عليكي ده عجبني جدا
رفعت بيسان من روح لمياء المعنويه كي لا تشعر صديقتها بأنها أقل منها، أحبت لمياء جارتها واعتبرتها من اليوم صديقتها وشقيقتها
أخذهم الوقت ولم يشعروا بأنفسهم وهم يمرحون ويلهون، جهّزت لهم هايدي بعض المأكولات الشهيه كي يتناولوها، في بداية الأمر شعرت لمياء بالإحراج ولم توافق على الجلوس وتناول الطعام مع صديقتها.
ألحت عليها بيسان كثيرا كي لا تشعر بالإحراج
-بصي بقى يالولو، لو ماقعدتيش وأكلتي معايا أنا مش هاكل، وهقول انك مش حابه أكل ماما، يلا بقى يا رخمه ناكل، يابنتي هموت من الجوع
ثم تشجعت لمياء وجلست لتتناول مع بيسان الطعام، للحظه نسيت البنت بأنها المفروض تغادر المنزل لتعود الي منزل والديها، قاطع لمياء صوت والدتها مروه الذي آتاها من خلف باب المنزل عندما طرقت جرس الباب
-لميااااء، يلا ياقلب أمك كفايه كده، تعالي يلا عشان تتشطفي وتغيري هدومك وسيبي الجماعه يرتاحو
نهضت لمياء من مكانها وودعت بيسان
-حاضر ياماما، جايه
ثم ذهبت لمنزلها، سردت لوالديها ما فعلته عند الجيران
مرت الأيام والفتاتان تلتقيان يوميا للهو معاً، يذهبون معا إلى النادي والأسواق، العلاقه بين العائلتين قد كانت وطيده جدا وكأنها عائله واحده.
في يوم من الأيام هاتف أيمن محمد ليخبره بأن يعدُّ أوراق لمياء ليذهبوا معاً الي أقرب مدرسه من المسكن، لتسجيل طفلتيهم
ذهب كل منهم ومعه طفلته في سيارة أيمن،
بينما ذهبت هايدي لتجلس مع مروه في منزلها يرتقبوا عودة أزواجهم وبناتهم.
جلس الوالدان في الأمام، بينما جلسن الفتيات في الخلف كل منهن وقفت في نافذه لتستنشق الهواء، و تشاهدن الماره في الطريق وهن سعيدات وكأنهن ذاهبات في رحله.
عندما وصلوا للمدرسه نزلوا جميعا وتوجهوا لغرفة المدير، جلس الوالدان بينما وقفت كل طفله بجوار والدها
بادر أيمن بالحديث مع تقديم الملفات ووضعها على المكتب
-لو سمحت كنا عايزين نقدم للبنتين دول في المدرسه دي، هو الفرق بينهم ٣شهور بس، واحده منهم بنتي والثانيه بنت جاري وصديقي محمد.
بعدما دقق المدير الملفات أغلقها ثم ضغط على زر بجواره على المكتب، طرق الباب ثم دخلت السكرتيره
-تحت أمر حضرتك ياأستاذ موافي
رفع أ. موافي الملفات عن المكتب ليعطيها لها
-اتفضلي يا أستاذه عليا الملفات دي ووصلي الأساتذه لغرفة الإخصائيه الإجتماعية، عشان تكمل إجراءات تسجيل البنتين دول عندنا، إتفضلوا معاها ياحضرات وإن شاء الله البنات هترتاح معانا، ربنا يوفقهم
غادروا جميعأ من غرفة المدير متجهيين ناحية غرفة الإخصائيه الإجتماعيه، أثناء ذهابهم في الرواق بين الغرف كانت البنات تتمعن في النظر حولها لتكتشفن المكان اللاتي سيدرسن فيه، ويقطن فيه اغلب أوقاتهن، ثم رفعوا يداهم وطرقاها ببعضهم بهجه وسعاده، ثم تحدثت بيسان بصوت منخفض
yes...Yes-
انفرجت شفتا لمياء عن ثناياهم ضاحكه على جنان ودلال بيسان، أكملوا الإجراءات كاملةً ثم أشارت لهم الإخصائيه بجديه وحزم
-كده كله تمام، فاضل بس ولي الأمر يحط مبلغ في خزنة المدرسه كمصاريف للسنه، لو المبلغ مش متوفر حالا، تدفعوه اول يوم دراسه بأذن الله، الدراسه هتبتدي في ١٥ في شهر ٩ الجاي، والزي الدراسي هيكون بيج في بني
أجابها محمد مسرعاً
-هندفع اول يوم في المدرسه ان شاء الله
بينما أيمن نهض عن المقعد اثناد حديث محمد مع الإخصائيه وهمس للسكرتيره بصوت منخفض كي لا يختلس محمد السمع
-ممكن لو سمحتي تقوليلي فين مكان الخزنه
ثم تركهم وذهب برفقة السكرتيره وعرف المبلغ المطلوب،ثم وضع يده في محفظة جيبه واحضر الفيزا كارت وعطاها لأمين الخزنه ليسحب منها المبلغ المستحق للمياء وبيسان، ثم اخذ منه إيصال بالدفع وعاد ليجدهم واقفين في الرواقين باحثين عنه، هرولت إليه بيسان لتتمسك بيده، بينما محمد نظر له متسائلا
-سيبتنا في مكتب المدير وروحت فين يا ايمن!؟
أجابه أيمن وهو ممسك بكتفه بيد وبيده الأخري ينزعها من يد بيسان ويمدها بجيب بنطاله ليسحب الإيصال ويريه لمحمد
-كنت بدفع مصاريف المدرسه للبنات واخدت منهم الإيصال
تفاجأ محمد مما فعله صديقه وفتح فمه ليتحدث فاوقفه ايمن
-مش عايزك تقول حاجه خالص، مفيش فرق بيننا، ولما تشتغل ويبقوا معاك هاتهم ياسيدي، ولو مفيش عادي، لمياء بنتي زي بيسان بالظبط.
أحس محمد بالخجل كثيرا وسارع بالحديث
-يا ايمن انا معايا الفلوس في البيت، بس ماتوقعش يطلبوا الفلوس وقت التسجيل، لان عندنا في بلدنا بندفع المصاريف في أول أسبوع في الدراسه، لما نرجع البيت هجيلهملك.. وكتر الف خيرك، شايلك للتقيله، ادعيلي انت بس آلاقي شغل
ثم مد يده ليأخذ الإيصال كي يعرف المبلغ.. ليعرف ما المبلغ الذي سيعطيه لأيمن، ثم توجهوا للسياره وعادوا إلى المنزل بعدما ذهبوا الي السوق ليشتروا بعض الأغراض والخضروات للمنزل.
في هذه الأثناء كانت هايدي ومروه يعدون الطعام كي يتجمعوا ويتناولون الطعام على سفرة واحده، وظلت كل منهن تقص لها عن بعض المواقف المفرحه والمحزنه التي تعرضت إليها في الماضي، صارت بينهم ألفه وموده ومحبه، تلاشت الفروق بينهم في اللهجه والمعامله مع الوقت.
عندما عادوا الرجال والطفلتان للمنزل، قاموا بالإغتسال لحين أعدت هايدي ومروه السفره،ثم التفوا حولها جميعأ وظلوا يتسايرون فيما حصل بالمدرسه، و تناقشوا في أمور عده، السعاده طغت في المسكن وكأنهم عائله واحده، تعالت الأصوات بالتهنئه للبنات وعلى الوجوه السعاده، عمَّ المكان البهجه والسرور
بعدما أنهوا غذاءهم قامت بيسان عن السفره وأخذت لمياء معها ليلهو ويستمتعوا بالهواء المنعش في البلكون، بينما لملمت هايدي مع مروه السفره، واحده منهم غسلت الأطباق والثانيه أعدت الشاي
نظرا محمد وأيمن لبعضهما ضاحكين
ثم بادر أيمن بالحديث
-احنا هنفضل قاعدين كده، ماتقوم ياعم هات الطاوله بتاعتك نشغل نفسنا بيها، عبال مالستات يخلصوا ال في إيديهم.
هم محمد من مقعد وأتى بالطاوله وجلسوا يلهون معاً، وأتت السيدات بالشاي والتسالي وجلسن يشاهدن التلفاز، إستمرت سعادتهم بجيرتهم الطيبه بالود والمعروف والمحبه.
بعد مرور بضع شهور كان لابد من أن تتجهزن الطفلتين للذهاب إلى المدرسه، أخذهُنَّ العائله وذهبوا كي يشتروا زي المدرسة الرسمي وبعض الأدوات المدرسيه مع الحقيبتين، فرحن كثيرا لانهن سيذهبن معا يوميا الي المدرسه، سيظلوا معا لوقت أكثر
جاء اول يوم في الدراسه، تأهلت كل منهن وهبطن ليستقلوا باص المدرسه الذي سيوصلهم للمدرسه ويعود بهم يوميا إلى المنزل
عندما انتهى طابور الصباح ودخلوا الي الفصول، تفاجأت بيسان بأن لمياء لم تحضر معها في نفس الفصل، حزنت بعض الشئ لأنها كانت تريدها بجوارها، لمياء أيضا حزنت لأنها لاتعرف احدُُ غيرها،
عندما انتهى اليوم الدراسي الأول وعادوا الي المنزل، لاحظت أمهاتهم بان يتملكهم الحزن،
أسرعت مروه لتصعد الفراش لتجلس بجانب طفلتها، مدت يدها وربتت على وجنتيها وابتسمت لها، نظرت إليها وأثارها الفضول لتعرف ما بها
-أنا إرتعبت لما شوفتك بالحاله دي يالميتء، مالك ياقلب أمك؟ فيكي إيه، في حاجه حصلت في المدرسه ولا حد زعلك بكلمه ولا حاجه؟
وصل إلى لمياء إحساس الخوف والقلق الذي ملأ والدتها، فنظرت اليه وإغرورقت عيناها بالدموع
-ماتقلقيش ياماما أنا بخير بس لما روحنا المدرسه، اتفاجأت بأن بيسان مش هتكون موجوده معايا بالفصل، انا ماليش دعوه بقى، كلمي عمو أيمن وبابا يجوا يتكلموا مع المدير، و ينقلوني معاها او ينقولوها معايا
تجهم وجه مروه ونظرت لإبنتها تربت على كتفها، ثم ضمتها إلى صدرها
-هو ده الموضوع ال مزعلك يا لمياء! حاضر لما باباكي يرجع من برا هقوله، والله ما انا عارفه هو إتأخر كده ليه، نزل من بدري يدور على شغل ولسه ماجاش لحد الوقتي، ربنا يجيب العواقب سليمه ويجيلهولنا بالسلامه.
تنهدت لمياء بقلق على والدها أيضا، أمنت على كلام والدتها
-اللهم آمين يارب العالمين
كانت بيسان أيضا تشكو لوالدها من نفس الموضوع وتريد ذهابه معها في الغد ليقوم بنقلها الي فصل لمياء، وافق أيمن على طلب ابنته على الفور،
عاد محمد الي المنزل وتحدثت معه مروه عن الموضوع بعدما إطمأنت عليه، أبلغها الخبر المنتظر
-طلع روحي في اللف على رجلي من شركه لشركه و مالقيت اي شغل، آخر مازهقت دخلت المطاعم والحمد لله لقيت شغلانه حلوه مناسبه ليا، هشتغل كاشير حتى لو لفتره معينه، هي مرتبها مش كتير بس أهي نوايا تسند الزير عبال ما ربنا يفرجها، ومش هسكت برده هفضل ادور في أماكن ثانيه والله المستعان، دعواتك.
ثم جلس بجوار لمياء وضم جسدها لصدره كأنه يستمد منها الطاقه والشجاعه، فنظرت لها وابتسم فرفعت لمياء يدها وضمته أيضا وأشارت له برأسها تحثه على التفاؤل والأمل، فعاد ببصره إلى مروه
وابتسم لها عندما لاحظ السعاده التي وضحت عليها
فزفر بهدوء
-مش عايز غير دعواتكو بس، إن شاء الله هاجي معاكي بكرا المدرسه هشوفلك موضوع النقل ده، ماليش بركه الا انتي ياقلب بابا
وقفت مروه واقتربت من محمد بحيره
-هتروح معاها المدرسه ازاي وانت لسه قايل انك قبلت في الشغل، دا احنا ما صدقنا
سحب محمد يدها ليجلسها ثم ربت على يدها
-متخافيش انا الشيفت بتاعي بيبتدي الساعه ١٠، يعني ماتقلقيش هكون هناك على الميعاد
وقفت لمياء وظلت تقفز فرحا على الفراش من السعاده، جعلت والديها يهتزوا ويقفزوا معها وهم جالسين بجوارها، وتعاملت ضحكاتهم
في اليوم التالي تفاجأو الأسرتان ببعضهما على الدرج، ابتسموا عندما فهموا انهم ذاهبين لنفس المكان ولنفس السبب، بعدما عرف ايمن بأن محمد أخيرا حصل على وظيفه، أوقفه ومنعه من الحضور الي المدرسه.
ألح عليه بشده أن يذهب لشغله وتحدث إليه بحده
-مش عايز مناهده على الصبح يامحمد، توكل على الله روح شغلك ومالكش دعوه، هحل انا الموضوع، أصله مش مستاهل اننا نروح احنا الإثنين، هبقي اتصل بيك واطمنك، يلا انت بقى على شغلك، الله يسهلك أمرك
ذهب كل منهم في طريقه بعدما ودَّع محمد لمياء وقبَّل وجنتيها
-عمو أيمن هيعمل الازم ياقلبي، ماتقلقيش، وانا هكلمه كمان شويه اشوفه عمل ايه، خلي بالك من نفسك، أشوفك بالليل بإذن الله
وصل محمد الي المطعم قبل ميعاده بربع ساعه، سعد مدير المطعم بإنضباطه في مواعيده، تحدث إليه أمام باقي الموظفين بجديه
-ياريت تكون منضبط في مواعيدك كده دايما، مايكونش في البدايه بس، وكلامي موجه للكل، اهم حاجه عندي الانضباط والأمان في الشغل، يلا كل واحد على شغله
إبتسم له محمد وبدأ يمارس مهنته بمهاره، أثناء ما كان أيمن يتحدث مع المدير ليحايله كي يضع الطفلتين في نفس الفصل، نجح في المهمه، قفزن الفتاتان من السعاده وجلسوا بجوار بعضهن في المقعد، مضت عليهم أيام وشهور تقريبا لم يفارقا بعضهن غير وقت النوم، المذاكره سوياً واللهو سوياً وتناول الطعام سوياً، علاقتهم ببعضهن توطدت للغايه وكأنهما شقيقتان لم تلدهن والدتهن.
تبدلت مروه من حال إلى حال، تشبعت بثقافة المدن وتثقفت كثيرافي خمس شهور فقط، صارت تتعامل مثل سيدات المدن في شتى أمور حياتها، لكن لم تقطع صلتها بأقاربها وخاصةً والدتها وأخواتها، كانت دائما تتواصل معهم من حين لآخر، طلبت منهم مراراً بأن يذهبوا ليقطنوا معها بعض الوقت، لكن هم دائما كان عندهم أسباب للرفض.
إذ فجأة هاتفتها أختها علياء لتزف لها خبر سار
-بقولك ياستي هجيب العيال واجي اقعد عندك يومين في نهاية الأسبوع، عايزاكي تبعتيلي العنوان بالتفصيل في رساله عشان منتوهش.
إغرورقت عينا مروه بالدموع فرحا وسعاده لأنها سترى اختها بعد فراق ثماني أشهر، لأنها سابقا لم تفارق اي من عائلتها يوما واحداً، ارسلت لها اللوكيشن على الواتساب واستعدت إستعداد تام لإستقابلهم، هيأت المنزل ونزلت السوق لنشتري أغراض كثيره لتعد لهم أشهى المأكولات.
جاء يوم الخميس ووصلت علياء وأولادها لمنزل مروه بعد عناء المواصلات والبحث عن المنزل، لأنهم لأول مره يخرجوا خارج قريتهم
إستقبلتهم مروه بحفاوه وشوق ولهفه، ضمَّت بنات أختها الثلاث في حضنها في آن واحد، تقبلهم من وجنتيهم
-وحشتوني اوي ياقلب خالتكوا،فراقكوا على عيني والله، ياريتكوا تفضلوا معانا هنا وماترجعوش البلد تاني
ثم شرعت رأسها ناظرةً لعلياء
-طمنيني على ماما، عامله إيه واخواتك أخبارهم ايه، أحوال البلد إيه، إحكيلي، وانتي عامله ايه مع جوزك وحماتك ال كانت مطلعه عينك دي، ربنا هدهالك ولا لسه زي ما هيا؟
إزدردت علياء لعابها والتقطت أنفاسها قم اعتدلت في جلستها، أجابتها وهي تخلع حجابها عن رأسها
-إصبري عليا لما آخد نفسي الأول وارتاح من الطريق.. وانا هحكيلك كل حاجه، قومي معلش هاتيلي كوباية ميه أشرب، ريقي ناشف.
طرقت مروه يدها برأسها ضاحكة
-ييييه، معلش حقك عليا، حاضر من عنيا هجيب لك اهو، كلها ساعه ولمياء تكون هنا، إنما محمد مابيرجعش غير الساعه ١٠ بالليل.
إتكأت علياء على الأريكه وهي تلوح بحجابها على وجهها لترطب بشرتها من الشوب
-ربنا يرزقه بزرقكوا، و يهديلك بنتك ياحبيبة أختك، انتي مبسوطه هنا يابت يامروه، جيرانك كويسين معاكي؟
أجابتها مروه وهي تعطيها الماء، سالت دموعها
-أنا هنا تمام وجيراني طيبين جدا، بس دايما بحس ان فرحتي ناقصه، ودايما امي على بالي، علطول بفتكر ذكرياتي معاكوا، بس ما باليد حيله، الحمد لله على كل حال
قامت علياء من مقعدها ووقفت بجوار مروه ومدت يدها واحتضنت كفيها
-ماتفكرش في اي حاجه غير جوزك وبنتك، وماتشغليش بالك بأي حد، كلهم عايشين ومبسوطين وبخير.. وبعدين النت بيقرب الناس من بعضها، ابقى كلمي امك علطول على تليفون اختك بسمه، وبعدين اكيد مش هتفضل أ كده علطول،اكيد هيجي يوم وتنزلي البلد في المناسبات؛ يا ختي ياما بيحصل، المهم هتأكلينا إيه حلو النهارده، وحشني أكلك يابنت اللذين، فرفشي كده
مسحت مروه دموعها بيدها وابتسمت لعدياء
-عملالك الأكله ال بتحبيها مكرونه بشاميل وكفتة داوود باشا، وشوية مقبلات كده اتعلمتها من واحده صحبتي هنا، هي احتمال تيجي كمان شويه.. هعرفك عليها، هتحبيها جدا.
مرت ساعه من الأحاديث بينهما، لم يحسوا بانفسهم إلا وجرس الباب يدق، إذ هي لمياء،حينما إنفتح الباب ورأت خالتها وبناتها، قفزت فرحا وصاحت بأعلى صوت
-خالتو! مش معقول، انا بحلم صح؟! ألاء ومريم ونور، وحشتوووني أوى، وصلتو إمته، لو كنت اعرف انكو جايين ماكنتش روحت المدرسه