الفصل الخامس

انتزعت حرفيآ نفسها من يديه والتفتت اليه بعد خطت خطوات للخلف مبتعدة .
" سيد راي يجب أن نوضح أمور كثيرة بيننا "
" للمرة الألف أنا أسمي هو راي فقط . وأنتِ محقة يجب أن نوضح الكثير من الأمور "
نظرت إليه بشك
" هل أنت توافق علي وضع حدود بيننا ؟ فتصرفاتك لا توحي بذلك "
" لم أقول اني موافق علي وضع حدود بيننا عزيزتي.  قلتِ نوضح أمور وليس نضع حدود وانا وافقت علي التوضيح وليس وضح حدود. هناك فرق بين الكلمتين "
للمرة المائة تعجز عن مجاراته .
توجهت تجلس علي مقعد لطاولة جانبية بالشرفة .
" ونظرت إليه تقول
" ماتفعله مرفوض راي . اللمس والحديث بهذا الشكل ليس مهنيآ بالنسبة لي كما انه يممن أن يعرقل الشروع في العلاج . ماتفعله يعد تحرش حقآ"
للمرة الثانية ضحك راي وهو يطل عليها بجسده يضع يديه في جيوب سرواله
" تحرش ؟ حقآ ! ألا تعلمين ميريت بأن التحرش يظل تحرش حتى يقوم به الرجلا المناسب فيطلق عليه غزلًا ؟"
أتسعت عيونها غير مصدقة لما قال للتو
"إذن أنت تعترف بأنك تتحرش بي ؟"
هز رأسه بأبتسامة
" أنا أعترف بأني أغازلك . لا أستطيع منع نفسي من فعل ذلك "
" إذن سأمنعك أنا من فعل ذلك مجددآ "
هز كتفيه بلا مبالاة
" حظآ موفقآ لك إذن . حاولي في ذلك"
فقدت صبرها وقالت
" مالذي تريده أنت؟ الي ماذا ستصل بأفعالك تلك ؟"
" ربما سأصل الي ماحاولت الوصول إليه منذ زمن "
"ماهو ذلك ؟"
نظر إليها وقال بصوت هادئ
"شيء لن تفهميه في الوقت الذي تتصارعين مع نفسك . أفكارك ليست مرتبة لتري الصحيح من كل الشوائب التي أمامك "
نظرت له بحيرة مقطبة حاجبيها تحاول ان تستوعب كلامه
"لا أفهم شيء . هل توضح ماتقصد؟"
 إبتسم لها بحزن
أنتِ حقآ لا تريدي أن أشرح هذا . فالأعمى سيظل أعمى وإن شرحوا له ماتحتويه الجنة من نعيم "
أدار ظهره ونظر للفتاة التي تحمل صينية القهوة والتي وضعتها علي طاولة الشرفة ونظرت بأبتسامة الي ميريت
" هل تأمرون بشيء سيدي . سيدتي ؟"
أنتظرت ميريت أن يقول راي شيئآ وعندما صمت ردت علي الفتاة
" شكرا لك . ماهو أسمك ؟"
ردت الفتاة بابتسامة ردتها اليها ميريت واعية لنظرات راي عليها
" أدعى لورا سيدتي "
سعدت بلقاءك لورا . انا ميربت "
ابتسمت الفتاة بخجل
" أعلم سيدة ميريت.  سعدت بلقاءك أيضآ. استناذنكم "
خرجت الفتاة تتبعها نظرات ميريت والتي يتابع راي ميريت بنظراته .
نظرت اليه ورفعت حاجبيها بضيق
" ماذا ماذا بكِ لما تنظرين الي هكذا ؟"
ردت بغضب مكبوت
" انت من يحدق بي وبالطبع تضايقني"
هز كتفيه بطفوليه وقال
" ليس هناك قانون يجرم التحديق . عليكِ أن تعتادي علي ذلك "
وأشار برأسه الي صينية القهوة
" انا أتناول ملعقة سكر واحد بلا مكونات إضافية "
بلعت رد بشع لا يصح لطبيبة مثقفة أن تقوله وتنفست لتخرج الضيق من صدرها . وشرعت بصب القهوة في الأكواب معوالسكر وإضافة الحليب لكوبها وأعطت له كوبها فتناوله شاكرآ لها
" اين السيد فيرين "
رد ساخرا
" لماذا ؟ هل مللتِ صحبتي حتى تسئلين عنه ؟"
" ليس الأمر كذلك . لكنني لم أراه منذ الصباح . فقد قال بأنك في العمل فلم اتوقع وجودك قبل وقت متأخر من الليل كما قيل لي "
إبتسم " في أغلب الأحيان نعم هذا هو الحال . لكن قررت أن أعود باكرآ اليوم . لأحظى بصحبتك "
نظر إليها بلا تعابير " مالذي أخبرك به فيرين ؟ أقصد عن حالتي "
هزت كتفيها ومطت شفتيها
" ليس الكثير الذي كنت أنتظره . فأنا أريد أن أستمع لك أيضا بخصوص هذا ."
ضيق عينيه
" بخصوص ماذا بالضبط ميريت ؟ متي وكيف ولماذا انا صرت هكذا ؟ تريدين ان تقولي بأنك لا تعلمين وأن فيرين لم يزودك بكل التفاصيل ؟ لا أصدق ذلك "
" ولماذا لا تصدق ؟ حقيقتآ أنا غابت عني تفاصيل كثيرة
مهمة.  مثل تاريخ إدمانك . تفاصيل الحادثة التي تعرضت لها . ولماذا تتناقض أعراضك مع أي مرض "
ضحك وقال
" وتقولين بأنك لا تعرفين شيئآ ؟"
" لم اقل أني لا اعلم شيئا.  قلت معلوماتي منقوصة وانت من سيكملها . لن أتعامل معك بطريقة الأطباء النفسيين سنتعامل معآ كأصدقاء يفضي كلآ منا للأخر بما مشاعره وذكرياته "
نظر إليها مطولا
" إذآ ستفشلين . أنا لن أراكِ كصديقة . وهذه تعتبر كذلك طريقة منافقة جدآ حيث أعلم جيدآ بأنك طبيبة . لن ينجح الأمر "
" إذا نظرت الي كصديقة سينجح الأمر حتمآ "
" حسنآ إذن بأفتراض إننا أصدقاء ونفضي لبعضنا بعضآ كما قلتِ هل ستفعلين بالمقابل؟ هل ستتحدثي إلي بنا بداخلكِ؟"
" هذا الحديث لا يجري عني انت تعلم ذلك جيدآ "
" هل رأيت الأن؟ أنت لا تتخذين طريقتك بالشكل الصحيح . طالما نحن أصدقاء فيجب ان تكون المعاملة بالمثل ."
" هذا حديث مستفز جدا "
صمت قليلا ينظر في الارض ثم رفع رأسه لينظر لها
" حسنآ مارأيك بأن نعقد صفقة "
تعجبت ميريت
" صفقة ؟ علي ماذا بالضبط ؟ "
" معلومة عني مقابل معلومة عنك . وكلما كانت المعلومة مهمة سيكون مقابلها أهم بكثير "
بنفاذ صبر قالت
" أليس هذا استغلال راي ؟ . بماذا تفيدك معلومات عني علي كل حال "
" أنا رجل أعمال ومهنتي تعتمد علي الصفقات والتفاوض . ونعم مهمة لي أن أحظى بمعلومات عنك.  لا تنسي بأنه يمكنني التحري عنك في أقل من يوم . في الواقع فعلت هذا ولكني أريد ان أعرف من تكوني منك أنت لا من بعض المعلومات في ملف "
" انت تحريت عني ؟ لماذا؟"
مط شفاهه
" لنفس السبب الذي جعلني أقبل بوجودك . ولا تسئلي مالسبب لأنك لن تفهمي أبدآ "
صمتت ممزقة بين أن تسئل اكثر وبين أن لا تدفعه كثيرآ خوفآ من رد فعل غير مرغوب به . وفكرت بأن في حياته لا شيء مثير للأهتمام ولا غير عادي فلما لا تجاريه حتى تحصل علي كل ماتريد منه
مد يده مصافحآ
" إذن مارأيك ؟ هل نعقد هذه الصفقة ؟"
هزت رأسها وصافحته ايضآ بموافقة
" اتفقنا إذن "
نظر قليلا ليدها التي تسكن في أحضان يده وفي لفتة حبست انفاسها وعلت ضربات قلبها رفع يدها الي شفتيه يقبل راحتها ثم مر بشفتيه غلي أصابعها يلمسها ويقبلها برقة الريشة ونعومتها وهو ينظر الي وجهها يراقب كل تعبير يمر بها . تأثرت كما لم تتأثر من قبل.  أنفاسها أزدادت حدة وقلبها كطبول الحرب وأحمرار وجهها أفشى عن تأثرها . صامتة ومسحورة بالكامل
" لست كما تدّعين . أشعر بنبضات قلبك من خلال يدك.  ارتجافها بين يدي هي الدليل الذي أريد . لست محصنة ضدي ميريت "
صمتت وعينيها غرقت في بركة عيونه تجذبها لأعماقها . حديث يجري بصمت لكنها مرتبكة فكيف ستفهم .
قطعت تواصل العينين ونظرت الي ساعة يدها التي تجاوزت التاسعة
" تريدين الهروب مجددآ "
"في الحقيقة لا . كنت اريد وقت قبل النوم حتى أستكمل البحث"
" هل حالتي صعبة بالنسبة لكِ لهذا الحد ؟"
" إذا لم نبدأ في جلسات العلاج ستكون صعبة حقآ ولن أعرف ما أواجه من تحدي "
إبتسم بعبث
" هل أعتبر بالنسبة لكِ تحدي ؟ حقآ هذا مثير ويغذي غروري ،"
" لا تأخذ كلامي بطريقة ملتوية . حالتك لم أواجهها من قبل "
" إذن يجب أن تبدأي في جلساتك معي لتصلي الي نتيجة . لكن لا تنسي الصفقة "
هزت رأسها وأبتسمت
ثم قالت
" حدثني عن نفسك . عن عملك قليلا من هو راي جيرلد؟"
شرع يتحدث عن نشأته وطفولته السعيدة . كان طفل سعيد حتى توفيت والدته عندما كان في العاشرة من عمره كان فيرين في الخامسة تقريبآ كبروا معآ وظل والده بلا زواج يراعي أطفاله . تخرج من جامعة هارفرد  تخصص أقتصاد وعمل مع والده حتى توفي الأب وتولى هو كافة أعمال العائلة . عمله هو الشيء الوحيد الذي لم يخسر به نظرآ لعقليته الفذة وذكاءه الحاد .
" والعاطفة ؟ "
" تعلمين أني أرتبطت مرة واحدة وهي ميلي . لم أكن أعطي لأمر الحب بالآ قبل ذلك . ميلي كانت بوابة لدخول عالم العواطف ولكن أدركت قبل زمن بأنه لم يكن حبآ . ربما انبهار . حياة كانت روتينية ومملة وكانت هي الجديد والتغيير في تلك الحياة "
" تريد ان تقول بأنك قبل الحادث كنت تعلم بأنك لم تحبها ؟"
" نعم . عندما تعشقين أحد لن تري عيوبه وتنفرين منها . بل ستجدي كل عيوبه جمال . لم أكن أعمى عن سلوكها وتصرفاتها "
" إذن لماذا لم تنفصل عنها . لماذا استمرت خطبتكم ؟"
" كنت قد أبلغتها بذلك بالفعل وكنت أسعى للانفصال . لكنها رفضت ذلك كانت تقول بأنها ستعلن الانفصال لكن ليس بعد أسبوع واحد من الخطبة بل بعد ذلك بكثير . كانت تخاف ردة فعل والديها فهو في قانونهم كان مرفوض جدا . حتى اليوم الحادث الذي كان القشة التي قصمت ظهر الارتباط بيننا . عندما وصلت ووجدتها في فراش رحل منتشية بكل نوع مخدرات كنت قد فقدت أعصابي وهددتها بأني سأوصلها لوالديها وأبلغهم بالانفصال وماهي عليه لكنها أهتاجت وبدأت بمهاجمتي أثناء القيادة . ونتيجة ذلك دخلت أنا في غيبوبة لأسابيع طويلة وهي توفيت "
" والطفل ؟ كانت حامل بطفل.  لمن ذاك الطفل؟"
نظر اليها وقد شحب وجهه للذكرى
" الطفل ليس لي . انا لم المسها ابدآ ليس بعد ان أكتشفت عدم حبي لها وعن حياتها السرية مع الرجال والمخدرات لم أرغب في تقبيلها حتى "
" لماذا تركت والديها يتهمونك بالتخلص منها ومن الطفل ؟ لماذا شعورك بالذنب في موتها ؟"
" في وقت ما كنت بالفعل أشعر بالذنب
لأنى لم أحاول إصلاحها ومساعدتها . فتاة أفسدها الدلال والملل تلعب دور مزدوج في حياتها . فتاة سيئة مع نفسها وفتاة جيدة أمام والديها الذين كانوا يرونها قمة المثالية .   والكمال . وشعوري بالذنب أيضا بسبب الطفل الذي لا ذنب له في كل هذا"
" لم يكن هناك نساء في حياتك قبلها او بعدها ؟"
" لا لم يكن . العمل يأخذ حياتي بالكامل ووقتي كل يوم وعندما انتبهت لذلك كانت ميلي بالجوار . فكرت بالزواج والاستقرار من أجل استمرار نسل العائلة وهي المرشحة المناسبة وكنت بالفعل منبهرآ بها لكن بعد فترة لم يسير الأمر بالشكل المتوقع "
" أنا لا أفهم.  أنت كنت تنادي بأسمها ظننت أني هي ."
" أليس هذا غباء منك . انظري لنفسك في المرآة ميريت . ربما ظننتك هي لكن بعدها ادركت انك لست هي "
" في نومك كنت تتحدث عنها . انا سمعت ذلك بالامس "
" هل قلت اسمها ؟ غريب . انا كنت أحلم بك ميريت لم أحلم بها . وعندما استيقظت وجدتك بين ذراعيي"
" إذن انت لا تعاني عقدة الذنب . وتعتقد إنك لا تحبها . إذن ماسبب حالتك النفسية؟ ماسبب تلك الأعراض "
" انتِ الطبيبة وأنتِ من ستخبريني "
" إذا لم يكن الذنب والهوس يمكن أن يكون أنتكاس مابعد الشفاء من الإدمان.  لكن أيضا ليس منطقي تمامآ "
نظر اليها مطولآ
" هل ستصدقيني إذا أخبرتك بعدم علمي بتعاطي المخدرات ؟ حقآ انا لم أكن أعلم "
دهشت من ماقاله
" كيف ذلك ؟ ليس هناك شخص مدمن في العالم لا يعلم
انه مدمن . يمكنه رفض العلاج والنكران لكنه يعلم إنه يتعاطى "

 حسنا ليس إذا كان أختار الإدمان برغبته لكنني لم أفعل ولم أعلم . أعلم انه شيء غريب لكنه حقيقي . فكيف لي أن ألوم ميلي علي تعاطيها للمخدرات إذا كنت بهذا الضعف لأختار الإدمان "
أبتسم وقال
" حسنا ماذا عنكِ؟ هل لديكِ حبيب ؟ عل وقعتِ في الحب يومآ ؟"
ظلت صامتة فقال
" انا قد نفذت جانبي من الصفقة . فأجيبي عن سؤالي "
تنهدت وقالت
" لا اعلم حقآ . كان لي تجربة مؤلمة مع أحد ما وكنا نخطط للزواج ولكنه تركني عند المذبح من أجل والديه . كنت في السنة الاولى بالجامعة . ولم أكرر التجربة بعد ذلك "
" خسارته مكسب لغيره . لكن يسعدني ان اقول انه وغد حقير . لم يقدر ماكان لديه "
ميريت زادت حيرتها . كل حديثه منطقي لكنها من جانب أخر غير منطقيه . ربما تتقبل عدم شعوره بالذنب لكن عدم علمه بالادمان كان صعب تصديقه .
نظر الي ساعته تجاوزت الساعة العاشرة والنصف وقف ومد يده لها لتقف
" هيا يكفي حديث لهذه الليلة . تحتاجي الي الراحة والنوم بعمق . سأوصلك لباب جناحك "
وقفت تتبعه ويده لا تفارق يدها تشعر بتيار متسرب من خلال يدها بأتجاه قلبها
عندما وصلت لباب الجناح التفتت اليه لتتمنى له أحلام سعيدة
" كانت عشاء ممتع . اشكرك راي . ليلة سعيدة "
اقترب منها واخذ وجهها بيديه الكبيرة بدأ بتقبيل جبينها نزولا لعينيها وانفها ثم زاوية شفتيها برقة . كان شفتيه تماد تلمس بشرتها وهي ارتفع نبضها من شعورها الذي إجتاحها .
نظر في عينيها بعمق
" ليلة سعيدة طبيبتي "
اخذت خطوة للخلف تنظر إليه ثم التفتت ودخلت الي جناحها زفرت بشدة بعد غلقها الباب واستندت عليه . أنها لا تستطيع أحتمال كل مايثيره بها من مشاعر . كانت آمنة ومستقرة وبعيدة جدا عن اي رجل سوى بعض الزملاء المتزوجين . وهو مريض لديها يحتاج مساعدتها وان خرجت الامور عن السيطرة لا تستطيع ابدآ مساعدته او مساعدة حتى نفسها . إنها تخاف المشاعر . تخاف التعلق بشخص . تحطم قلبها مرة ولن تحتمل مرة أخرى . رايان حطم قلبها حتى لم يعد يشعر بشيء . فكرت " والذي تشعرين به بقرب راي ماهو ؟ عندما يلمسك او ينظر اليك انت تشتعلين . خفقات قلبك تضطرب وترتفع . لم تتحطمي بل صدمتي . لا زال قلبك ينبض ويعمل والدليل هو راي "
ناقضت نفسها برعب " لا لا لست كذلك ولن اسمح بالغرق في ذلك . احتاج لعقلي المهني معه لا أحتاج إلى قلب او مشاعر لأجله . يجب ان أركز على ذلك

أستيقظت ميريت علي طرقات عالية علي باب جناحها ونداء بصرت فيرين يطلب منها النهوض بسرعة . نفضت الغطاء وخمنت أن هناك خطب في حالة راي . نهضت مسرعة بشكلها المشعث وتناولت الحقيبة الصغيرة وخرجت راكضة نحو جناح راي . كان يتصارع مع أخيه ورجل أخر عرفت انه أحد البوابين للقصر .
جهزت الحقنة وتحدثت
" الحقنة جاهزة . يمكنكم تثيبت يده ؟
هز فيرين رأسه يحاول تثبيت ساعد راي الذي يقاوم بعنف
" هيا أسرعي دكتور ."
عندما أقتربت صرخ راي مناديآ
"ميريت "
اقتربت تنظر اليه وقالت بصوت هادئ بعكس اترجاف جسدها
" انا هنا راي . أريدك ان تهدئ فقط . يمكنك ان تساعدني بهذا ؟حاول التحكم بنفسك هل تسمعني؟"
بعد لحظة هدئ لكنه كان يرتجف وينتفض
كانت خائفة من يعود للتصرف بأهتياج عنيف مجددآ لكنها طلبت ميربت من فيرين والرجل
" اتركوه الأن.  سأتولي انا ذلك "
عندما تركوه جلست ميريت بقربه علي الفراش الراقد عليه نظر إليها بعجز وقلة حيلة وهو ينتفض ويرتجف يصارع نفسه من الداخل حقنته بالمنوم ثم أمسك ذراعيها وقربها من صدره حتى سمعت ضربات قلبه السريعة ولف يديه حول جسدها وهي استكانت بين يديه حتى يأحذ الدواء مفعوله وينام .
التفتت فوجدت فيرين والرجل يقفون مندهشين لكن فيرين وجهه يحمل تسائُل . هزت رأسها وعندما أنتظمت نبضات قلبه وهدئ تنفسه خرجت من ذراعيه وتوجهت الي فيرين والرجل الذي يقف بجواره
" يمكنكم الذهاب سأبقى أنا هنا معه . غدآ نتحدث سيد فيرين حسنآ ؟"
هز راسه وخرج مع الرجل بلا كلام . أغلقوا الباب خلفهم . عادت هي بجواره علي الفراش أستلقت بقربه وأحكمت الغطاء عليه . بعد دقائق وربما ساعات وهي تنظر اليه شاردة بأفكارها همست بأسمها . فأقتربت منه واحتضنته وبعد دقيقة أستسلمت للنوم
أستيقظت ميريت صباحآ علي شمس الصباح التي تداعب وجهها أستيقظ عقلها بسرعة واعية لأين كانت تنام وذاكرتها تعرض أحداث الأمس.  التفتت الي الفراش لكن راي لم يكن به فوجدت ورقة مطوية فوق وسادته أخذتها لتقرأ مابها . لكن قلبها خفق ومشاعرها رقصت في أحشائها عندما بدأت بقرأة ماخطت يده
" حضورك في حياتي فرحةً
 لن يفهمها إلا من كان يرى بروحه
لكِ طريقةٌ في الإحتواء
أحيت بداخلي شعوراً مذبوح
لا أحتاج معك لصوتٍ كي أصرُخ
ولا لدموعٍ كي أنوح
فأنت عهد سلامٍ لي مع الزمن
بعد عُمرٍ من الجروح
شعرت نبضة هاربة من قلبها وسريان سائل عبر أحشائها بلذة .حروفه لذيذة قرأتها بروحها قبل لسانها . تمنت ان تسمع هذه الكلمات منه . ربما شعرت بمشاعر أجمل ومختلفة . ضربت بيدها رأسها برقة تنبه نفسها . استيقظي من أحلامك ياحمقاء ماهو الا مريض لديكِ لكن مالذي يقصده بهذا . وبدأ عقلها المهني يعمل
ربما يتوهم إنه معجب بها . أو يعاني من أنفصام.  لا إنه لا يملك عدة شخصيات . فشخصيتة لطيفة ومهذبة .
لن تحكم الآن فهي بالكاد تعرفت عليه . شعرت ببداية آلم برأسها فنهضت من الفراش وتوجهت الي غرفتها .
بعد عشرون دقيقة استعدت ونزلت الي قاعة الطعام فوجدت فيرين يحلس في مقدمة المائدة يقرأ صحيفة عندما شعر بوجودها وابتسم
" صباح الخير دكتور ميريت . هل نمتِ جيدآ ؟ "
صباح الخير سيد فيرين . نعم شكرا لك "
جلست بقربه وبدأت في تناول طعامها ثم استعدت للحديث حول ماحدث
" سيد فيرين . أتمنى أن لا تظن شيء خاطئ بماحدث ليلة الامس كل مايحدث يربكني أيضآ.  فكما قلت لي سابقآ انه رفض وجودي لكني تفاجئت بموافقته أمس . "
قاطعها فيىين الذي كان يستمع اليها بأهتمام
" لا أخفي عليك انني تفاجئت بذلك ايضآ ولكن لم أفكر بشكل خاطئ دكتور ميريت بل هذا يبعث على الارتياح . وبالتالي أعتقد إن راي يثق بك وهذا مؤشر جيد جدا.  لكن ايضآ أظن أن الشبه بينك وبين خطيبته الراحلة يعد سلاح ذو حدين في الأمر. الا ترين ذلك ؟
" كيف ذلك ؟"
" التشابه بينكم كبير ربما وافق علي العلاج لهذا السبب كما أعتقد . لكن ربما بظروف حالته سيزداد تعلقه بك ."
" لا أعتقد ذلك سيد فيرين . فهو كما شاهدت بالأمس لم يخلط بيني وبين خطيبته الراحلة بل نادى بأسمي . كما إنه عندما أجتمعنا علي العشاء بالأمس ذكر بأنه يدرك جيدآ الفرق . ويعلم كذلك أنني هنا لعلاجه . وطوال المدة برفقته لم يتصرف بشكل غريبا او يبعث على الشك "
فرك فيرين صدغيه بتعب
" لم أعد أفهم شيئآ . أحيانا يتصرف بطريقة غريبة . وأحيانآ اتفاجئ بشخصيته اللطيفة السابقة .
ولا أخفي عنك دهشتي بحديثك حول عدم الخلط بينك وبين ميلي ."
صبت القهوة لنفسها
" أشاركك شعورك بالفعل . لكن صف لي مانوع التصرفات الغريبة التي يقوم بها ؟ ومتى بالضبط فهذا ربما يساعدني "
" تصرفات ساخرة ومتهورة . عنيف في بعض الأحيان لكن ليس لدرجة الضرر . لكنه عندما يكون في الشركة يكون راي الذي أعرفه. "
فكرت قليلا في معلومته
" أظن إن تلك التصرفات تصيبه في أوقات الفراغ وعدم انشغاله بشيء ؟ "
نظر إليها فيرين ثم قال
" أنت محقة . عندما نطلب منه الراحة والاسترخاء يحدث أن يكون شخص ساخر وعصبي ونافذ الصبر "
" ليس بالشيء الخطير سيد فيرين . هذه طبيعته ربما . فهو كما تحدث لي بالأمس يدمن العمل ولا يحبذ الاسترخاء . وهذا يجعلني اتسائل هل كان قبل مرضه يحظى بعطلة في بعض الأوقات؟ "
" لا اعتقد . طوال حياته ومن بعد وفاة والدي كان يغرق نفسه بالعمل . لا أذكر إنه حظى بعطلات "
تنهدت براحة
" إذن ليس أنفصام بشخصيته . ليس هوس . ليس أضطراب.وليس أنتكاس مابعد الشفاء من الإدمان   لكن مايحيرني هو أعراض لم تجتمع بمرض واحد . لكن بالأمس أكد لي إنه لم يكن يعلم أنه مدمن للمخدرات وهذا مستغرب جدا . فالنكران يكون حينما يكون الشخص مدمنآ وليس بعده "
هز رأسه وقال
" سمعت ذلك أيضآ.  لكن في تلك السنه التي أكتشفنا أدمانه كل هناك تحاليل طبية تثبت ذلك . كان يتعاطى (الأمفيتامينات) قال الطبيب المعالج انه يمر بأعراض متعددة مثل حالة الهلاوس وتظهر عنده حالة تسمى بالذهان  مع أعراض شبيهة بأعراض مرض الفصام. ويولد عنده حالة من العنف عندما يشعر بالتهديد أو الاضطهاد.)
اتسعت عينيها بذعر . هي تعلم خطر هذا العقار الذي يستعمله الكثيرون في إيرلندا لاغراض متعددة حيث من أعراضه  يُحتمل ممارسة العنف. وقد تؤدي بالبعض إلي تعاطي الكوكايين ، وإلى رغبتهم في تعاطي المخدر طوال الوقت ، وقد يفقدون السيطرة على استخدامهم للمخدر  .
انه نوع خطير جدا إذا تم إدمانه . وهذا ربما يفسر الحالات التي تنتابه وتحيرها كثيرآ . فهي لم تسئل سابقآ عن نوع المخدرات التي كان يتعاقرها . لكن السؤال هو لماذا لجئ الي الأمفيتامينات . فكما تعلم هي انه له عدة اغراض منها زيادة النشاط والحركة وهو يستخدم لبعض الأمراض النفسية لكن بجرعات محددة ومخففة . وقد تؤدي الجرعات الكبيرة من المخدر إلى الإصابة بالإجهاد والقلق والاكتئاب وأحياناً العدوانية .
لابد ان تلقي نظرة عن تاريخه مع الادوية السابقة والحالية ايضآ لربما وجدت مفتاح الحالة . فبعض الادوية يمكن أن تتفاعل فتؤثر سلبآ علي الحالات المرضية ..
"هل كان يعاني الأرق والإرهاق بعد الحادث ؟ هذا النوع من يدخل علاج الذهان والاضطراب والاكتئاب "
" كما قلت لك هو كان يعاني من الاكتئاب الحاد بعد الحادث.  لكن الغريب أن هذا العلاج ليس من قائمة أدويته التي وصفت له "
"إذن كيف وصل له المخدر ؟"
" حتى الان لا نعلم . فكما قلتِ هو ينكر تعاطيه وبالتالي لا نعلم من أين تصله الجرعات "
بدأ القلق يساورها
"هذا خطير وغامض جدآ . لكن يجب التأكد من تحاليل طبية جديدة ومعاينة حالته وكل الادوية التي يتناولها"
" اوافقك الرأي دكتور . يمكنك ذلك فهذا عملك "
" عزمت علي العمل اليوم
" أين يمكن أن أجد السيد راي في هذه الأثناء.  أريد أن أبدء في أجراء التحاليل اليوم "
" انه في الشركة . يمكن أن تصلي هناك بالطائرة المروحية الخاصة بالشركة وهي مستعدة بساحة القصر الخلفية.  سوف تختصري وقت كبير في الوصول الي هناك .
كما إن معمل التحاليل هناك أيضآ بالمدينة وهو معمل موثوق به جدا "
وافقت ميريت ووقفت
" حسنا سيد فيرين.  يمكنني توضيب أغراضي والاستعداد في نصف ساعة من الآن فهل هذا مناسب ؟"
وافق فيرين "
"مناسب جدا . سوف تحط المروحية فوق مبني الشركة
وبعد ذلك يمكن للسائق توصيلك الي المعمل . وهكذا يسهل عملك أكثر "
هزت رأسها واستأذنت وبعد أقل من ساعة كانت تنزل من  الطائرة فوق مبني شركة "ج . غولدن " و الذي كان مبني عصري بأرتفاع ناطحات السحاب.  توجهت الي مصعد مع مرافق كان ينتظرها بأمر من فيرين لتنتقل الي مكتب الرئيس .

يتبع .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي