الفصل الرابع

ردت ميريت المندهشة من كل تلك المعلومات
" تصرفات مثل ماذا بالتحديد "
" سترين ذلك بنفسك دكتور ميريت . لكن ليس هذا كل شيء في الواقع "
نظر اليها والذنب يشوه ملامحه فعلمت ميريت إن القادم بالتأكيد مخيف
" رجاءا تعالي معي "
نهضت خلفه بأتجاه طاولة مكتبه وقد أخرج من أحد الادراج ألبوم صور.  تصفحه قليلا ثم أخرج صوره ووضعها أمامها علي المكتب.  نظرت اليها ميريت تتصفح الأشخاص في الصورة عندما صدمت واتسعت عينيها بأستغراب وصدمة
" مستحيل . من تكون تلك المرأة ؟"
رد بهدوء وحذر
" إنها ميلي خطيبة راي المتوفاة "
***
وقفت ميريت كتمثال تنظر الي صورة الفتاة تطابقها في الوصف والشكل . كانت تبتسم مرتدية فستان أحمر فصير وهو متموضعة للمصور بطريقة مغرية جدا.  من يرى الصورة يقول بأنها هي أو صورة تخص توأمها . هزت رأسها برفض تفكر " لا مستحيل " حاولت ان تهدئ من نفسها وتفكر بعقلانية فهذه صدمة كبيرة أن تجد شبيهة لها بل مطابقة لها بكل شيء. 
" أعلم إنها مفاجئة لكِ . بل صدمة كبيرة في الواقع . لم تكوني تنتظري شيء مثل ذلك او تتوقعيه . لكن عليك معرفة الأسباب قبل أن تحكمي أو تقرري تاليآ "
ردت بنظرة مشتتة تحاول أن تفكر وتستعيد رشدها
" مالذي علي القرار به أو الحكم عليه بهذا الشأن ؟ أنا لا اعرف شيء . أنا مشتتة كليآ "
رد فيرين
" اجلسي دكتور ميريت رجاءا . فأنت ترتجفين وأنا اريدك أن تستعيدي رشدك للحديث حول هذا "
جلست ميريت علي مقعد مجاور للمكتب وهي تحاول التماسك حتى لا تفقد وعيها
" منذ أشهر كنت يأس كثيرآ من حالة راي الذي أستنفذنا معه كل العلاجات وإشراف اكبر الأطباء والذي كان لا بستجيب لهم .لم أعلم مالذي علي فعله . بل لم أعرف شيء حول حالته إلا شيئا واحد فقط . ما يمر به نتاج شعوره بالذنب حول وفاة ميلي . بعد ذلك رأيت صورتك في إحدى الصحف حول حادثة في المستشفى الذي تعملين فيه . تفاجئت مثلك بالشبه الكبير بينك وبين ميلي وبعد التحري علمت بأنك تخضعين للعلاج إثر الحادثة . ومن الصدف التي ساقتها الاقدار أن تكوني انتِ طبيبة نفسية وهذا بالضبط ما كنت أبحث عنه . فحاولت الوصول لك دون أن تعلمي شيء عن التشابه الكبير الإ بعد أن تكوني هنا معنا . نعم أنا أعلم انه شيء صادم ومفاجئ ولكن مالذي كان علي فعله ؟ "
نظرت اليه نظرة زائغة
" مالذي تهدف اليه من مجيئي الي هنا ؟ مالذي تحاول ان تصل إليه؟"
" راي يعاني من الذنب حول وفاة ميلي.  وقد كانت صدمته كبيرة ايضآ بخيانتها له وحملها من رجل أخر . والديها والديها كانوا يحاولون تدميره من خلال إلقاء مسئولية موتها عليه . وغضوا البصر عن تصرفاتها كما أعلنوا بأن راي هو والد الجنين وحاول قتلها عندما رفضت اجهاض الجنين . بأختصار جعلوا من أبنتهم ملائكة وهو الشيطان الكبير . وكما هو واضح فهم نجحوا بالنيل منه "
ردت ميريت بعصبية
" مازلت لم أفهم مالغرض من أختياري أنا لعلاجه وانا بذلك الشبه الكبير بخطيبته"
" أعتبر ذلك جزء من العلاج . أنت لا تعلمين كيف كان مهووس بها . فأعتقد بأنه إذا كانت متواجدة حوله سيكون شفاءه أسرع وسوف تزول عقدة الذنب التي يحملها "
وقفت متفاجئة بسرعة واعتراض
" عفوا؟ تقول انه علي ان أقوم بتمثيل دور خطيبته السابقة أثناء العلاج له ؟ ابدآ هذا لن يحدث "
فيرين بهدوء تام
" اجلسي دكتور ميريت واستمعي لما سأقول . قد سمعتي الاسوء فعلا . فما سيضر إن سمعتِ ماتبقى من حديثي "
جلست تنظر إليه برفض وأستنكار
" لا أقول بأنك ستمثلين دور الخطيبة . بل أقول تواجدك فقط جانبه سيساعد بالشفاء . أنت طبيبة وتعلمين هذا جيدآ .
" ليس هناك بالطب النفسي قانون يجعلنا نكذب ونبرر الكذب علي إنه علاج . ماتطلبه مستحيل . وليس هذا علاج عقدة الذنب علي كل حال "
تنهد بعمق وقال
" إذن انت لا تعلمين مدى حساسية راي . راي رجل حساس جدآ يمكن التأثير عليه بأقل شيء وهذه كانت معضلته الاساسبة دكتور ميريت . كما هو حساس جدا في مرضه سيكون أيضا حساس في تلقي علاجه بالصورة الصحيحة وهي أن تكوني طبيبته فأنت سترين تقدمه في العلاج بصورة سريعة وصحيحة أنا متأكد من ذلك وهذا بالفعل وجدت أثره صباح اليوم "
نظرت إليه متسائلة
" ماذا ؟ مالذي حدث صباحآ ؟"
" عندما رأيته صباحآ سئلني عنك وعن ماحدث ليلة الأمس ولم يقول شيئآ حول كونك الطبيبة الجديدة له . مع العلم كان يرفض بشدة وجود طبيب حوله سابقآ ورفضك ايضآ لكنه ذهب الي الشركة بلا تعليق وهذا مؤشر جيد جدا حسب رأيي "
انتبهت هنا الي حديثه
" بمناسبة الحديث عن العمل.  كيف تتركه يعمل بعد ليلة الامس ؟ اليس هذا خطر . الا تستمر حالته بالتذبذب الذهني والعقلي بعد كل ذاك الانهيار؟"
أبتسم فيرين وقال
" ستتفاجئين حين تعلمين بأنه ينهض كما لم يحدث شيئآ . كما أنه صباحآ رغم بعض التصرفات الغريبة إلا انه متقد الذهن والذكاء بحيث يستطيع إدارة عشرة شركات في آن واحد "
ميريت ازدادت حيرتها وتشتتها . لم تجد تلك الحالة عجيبة فحسب بل غير واقعية ومستحيلة . هذا ليس مادرسته ابدآ . لكنها ستبذل جهدها حول التقصي والبحث حول مرضه . عليها أولا أن تضع قائمة بكل مايحتمل أن يكون سبب بالمرض والأعراض الغريبة منها والشائعة . أصابها صداع تام وفركت جبينها تحاول ان تسيطر علي صداعها
" أحتاج للتفكير بعنق حول كل ماسمعت سيد فيرين . فهو بالنسبة لي كان صادم جدآ وغير متوقع كما تعلم . كما أني لا أثق بقدرتي علي مواصلة العمل علي حالة السيد راي "
زفر فيرين بضيق 
"دكتور ميربت يمكنك الراحة والتفكير في ماسمعتِ . لكن أتمنى أن لا ترفضي مواصلة العمل علي حالة أخي. 
أدرك جيدآ إنها كانت معلومات مفاجئة جدا لكن يمكنك أن تري الوضع من وجهة نظري . ضميرك المهني سيكون بصفي بالتأكيد فلن تتخلي عن حالة تحتاج إليكِ"
صمتت للحظات تنظر اليه لا تعرف مالرد المناسب له . هي لا تريد ان تأخذ قرار متسرع وبدون تفكير . تريد التفكير جيدآ قبل أن تقرر حتى يستريح ضميرها المهني كطبيبة.  هو علي حق يجب أن تنظر للوضع من زاويته ليس فقط من زوايتها التي تعدها منطقية جدآ. وقفت وأتجهت نحو الباب ثم وقفت والتفتت اليه تسئل سؤالا خطر علي بالها
" سؤال أخير سيد فيرين . هل في تاريخ عائلتكم الطبي حالة مشابهة أو بأي مرض نفسي ؟ "
ضحك فيرين
" سؤالا وراءه تفكير ليس جيدآ دكتور ميريت . أجد سؤالك غريبآ "
ردت بتأكيد
" لا تعتبره إهانة . ليس هناك وراء سؤالي سوى أني اريد لملمة كل الخيوط لأصل الي أساس سليم . إذن هل هناك ؟ "
هز رأسه وقال بتأكيد
" لا . لا يوجد . اؤكد لكِ دكتور ميريت "
نكست رأسها ثم بعد لحظة رفعت عينيها تنظر اليه
" شكرا لك سيد فيرين "
خرجت ملاحقة بأنظار فيرين الذي كان يفكر بشيء ما حتمآ . لكن مايفكر به هو وحده الذي يعلمه .
جلست ميريت في مكتب جناحها مابين تدوين معلومات والبحث عن المزيد عن حالة راي جيرلد وبين التفكير حتى تعبت وارهقت يتنازعها التفكير العميق . لا تعلم كيف ستحل لغز حالته . كما إن ماسمعته من فيرين كان كثير جدآ للتفكير به . هي حقآ لا تعرف كيف تتصرف . تلك حالة مرضية غريبة جدآ  لم تمر عليها سابقآ . وقد دونت كل الممكن والغير ممكن من الحالات المرضية " عقدة الذنب . الاكتئاب الحاد . هوس عاطفي ربما . إضطراب نفسي مستحيل رغم بعض الأعراض تشير اليه . " بصرف النظر عن أحتمال انتكاش بعد الشفاء من الإدمان كان محتمل جدا . ولا يوجد احتمال وراثي لحالات مرضية ايضآ . إذن ماذا تسمى حالته المرضية؟
وكما حدث سابقآ غفت ميريت علي مكتبها بتعب وأرهاق بعد مدة طويلة أستيقظت علي لمسات رقيقة كالريشة ببشرة خدها . شعرت ميريت بشعور لذيذ من تلك اللمسة الرقيقة . رمشت بعينيها غير مدركة لغفوتها علي المكتب ولتلك الاصابع التي تلمسها . اتسعت عينيها واستيقظ عقلها فجئة عندما رأت راي جيرلد ينحني عليها يلمس خدها ويبتسم بخبث . انتفضت سريعآ تقف مترنحه تستند علي مكتبها وقد شعرت بشلل لسانها فلم تنطق استقام راي يواجهها وهو لا يزال يبتسم . وعينيه تتفحص كل زواية ومنحنى من جسدها ووجهها بتمهل مدركآ لمفاجئتها بتواجده هنا بجناحها .
" ألن تقولي مرحبا دكتور ميريت ؟ انا افضل أن أناديك ميريت فقط بلا ألقاب "
ماتزال تنظر اليه بصدمة ولم تتكلم
" أجد أنك قليلة الكلام بعكس بنات جنسك . حقآ هذا مثير للأهتمام برغم أني لا أحب الحديث وحدي . أم إنك متفاجئة بوجودي هنا بلا دعوة منكِ؟"
هزت رأسها بنعم
مال رأسه قليلا بسخرية
" حسنآ اعتذر علي تطفلي . ولكن بالفعل قد ارسلت لك الخادمة ولم تستجيبي لطرقها فخشيت أن يكون قد حدث لكِ شيئآ "
ردت أخيرآ متلعثمة
" سيد جيرالد "
رد سريعآ
" راي . راي فقط ميريت . ستكوني طبيبتي ولا داعي للرسميات "
فنظرت اليه بحيرة متعجبة من شخصيته التي أمامها وكذلك تقبله لها كطبيبة
" علمت اليوم بأنك كنت ترفض تواجد طبيب حولك . لماذا القبول الآن؟"
هز رأسه ونظر اليها بتركيز حتى أربكها ذلك
" أنتِ هنا الأن ميريت أليس كذلك؟ وكما أظن بأنني سأستمتع بصحبتك . فأنت أفضل كثيرآ من هؤلاء العجائز المملين الذين كانوا يعالجون مرضي "
لم تترك عينيها عينيه ابدآ . تلتقط كل تعابيره من السخرية الي التسلية . الشخص الذي يقف أمامها ساخر . كما لفت إنتباهها اتساع عينيه وكأنه يثبتها بهم . وكأنه يخيفها ويحذرها بعينيه .
" أليس قبولك بي سببه شيئآ أخر؟ وهل مستعد للعلاج سيد راي ؟"
اقترب يثبتها بنظراته أكثر وعاد للمس خدها في حين تكتمت أنفاسها وشعرت بشعور عجيب جدآ بداخلها وكأنه شيء ساخن ولذيذ يمر بجسدها ثم قال بصوت مبحوح ومنخفض
" أرغب كثيرآ في تلقي العلاج علي يديكِ ميريت . فبعد ليلة الأمس التي كنت أظنها حلم جميل أدركت بأني مستعد للعلاج "
احمرت وجنتيها وهذا الشيء الوحيد الذي سلب انفاس راي وراقبها بأفتتان
" بخصوص ليلة الأمس . لدي أولا أعتذار لك لكن الوضع كان لا يسمح أن يكون بطريقة لائقة أكثر.  لم اقصد النوم في جناحك وعلي فراشك لكن .."
"
" كنت بين ذراعي ميريت لست فقط في جناحي فقط . وانا من وضعتك بالفراش قربي . عندما أستيقظت تفاجئت بأنك لم تكوني حلمآ جميل . لذا لا داعي الأعتذار عن شيء كان جميل في الواقع "
قطبت حاجبيها وفكرت " هذا الرجل يربكها جدا " ولا تعرف كيف تفكر وهو مايزال يلمسها هكذا .
غيرت الحديث حول الوضع المحرج .
" بما تشعر الأن؟ هل هناك أي أثار جانبية لما حدث بالامس ؟"
كان يرسم بأصبعه برقة حول وجهها ويبتسم
" أشعر بالسلام . بالهدوء . كما أشعر بأرتباكك ايضآ . أشعر كذلك بحرارة جسدك التي ترتفع كلما لمستك "
أتسعت عينيها بخوف وهو مايزال يراقب تعابير وجهها ويبتسم وكأنه يعرف جيدآ بما تشعر . ارتدت خطوة الي الخلف وقالت
" دعنا نجلس ونتحدث سيد راي . فالوقوف هكذا يرهقني ."
ابتسم في وجهها
" بل الوقوف قريبآ مني يربكك ويشتت أفكارك ميريت . أراهن علي أنك ستتخذين ابعد مقعد في الغرفة لتتحدثي معي "
" هذا ليس صحيحآ . انا فقط متعبة هذا كل شيء "
رد بتحدي واضح
" أثبتي ذلك "
نظرت إليه بتوجس
" أثبت ماذا ؟"
قال يبتسم ابتسامة عابثة
" اثبتِ انكِ لستِ مرتبكة ومشتتة في حضوري "
ردت بحيرة متسائلة
" وكيف ذلك؟"
رده كان القشة التي قصمت اعصابها حقآ
" اقتربي مني وقبليني "
فزعت من طلبه . لا بل أمره فلم يكن طلب ابدآ بتلك النبرة في صوته . وقبل ان تعرف ما تفعل كانت تركض نحو باب الجناح للهروب وقبل أن تفتح الباب كانت محاصرة بين الباب وجسد راي وهمس بأذنها وانفاسه تلفح رقبتها من الخلف
" هاقد أثبتِ إنكِ مرتبكة وخائفة مني . من الشعور الذي أحركه داخلك "
همست مرتجفة " سيد راي رجاءآ أنا.."

قاطعها وهو يهمس مجددآ
" راي فقط ميريت. "
وبحركة واحدة حرك جسدها لتواجهه ووجهه يكاد يلتصق بوجهها لدرجة انها تنفست بعض أنفاسه
" من ماذا تهربين ؟ انا حقآ لن أؤذيك . مالذي يدور في هذا الرأس الجميل "
هزت رأسها تخفي وجهها غير قادرة علي السيطرة علي أرتجافها وتكثف المشاعر بداخلها غير قادرة علي تسمية تلك المشاعر بغير مسمى الفزع
" راي .. ارجوك دعنا نجلس ونتحدث بطريقة متحضرة "
هز راسه وهو يحاول ان ينظر في عينيها وهو ماتزال في حصارها بين ذراعيه
" نجلس حتى تهربي مجددآ ميريت ؟ أنا لن اتركك بلا مواجهة لما يحدث بيننا "
هل هو مجنون ؟ هذا أول سؤال خطر اليها . فماهو الذي بينهم سوى علاقة مريض بطبيبه والتي بالكاد بدأت .
"أرجوك راي .أنا حقآ متعبة ومرهقة ولن أساعدك إذا واصلت الضغط علي أعصابي هكذا "
صمت ينظر اليها لكنه لم يتزحزح قيد أنملة عنها
" هل تظنين أني مجنون ميريت ؟ هل تظني بأنه قد فات أوان العلاج بالنسبة لي ؟ "
هزت رأسها وهمست بتعب
" لم أظن ذلك . العلاج يحتاج الي طبيب يستطيع ومريض يرغب . هكذا فقط سينجح العلاج "
تأوه راي وقال
" اوووه انا بالفعل أرغب . أرغب في العلاج الذي ستخضعيني له ميربت ." تنهد وهمس في رقبتها
" أرغب ذلك بشدة . فأنت العلاج ميريت "
رفعت عينيها إليه مصدومة ومرتجفة من شعورها لكنها لن ترد علي ذلك تريد حل سريع للخروج من الأزمة الراهنة وهي مكوثها بين ذراعيه بدون أن تسبب في مشكلة تؤدي الي أهتياجه فهي ماتزال لا تعلم كيف ستتعامل معه 
" حسنا راي . لنجلس ونتحدث قليلا . هل ستفعل ؟ "
كانت تتحدث ولاحظت نظراته علي شفتيها فأغمضت عينيها خشية أن تسيطر عليها مشاعر غير مرغوب بها الان في هذه اللحظة . فهي مشتتة وتفكر في تلك المشاعر التي ضربتها كأعصار
هز رأسه وقال
" ليس قبل أن أحصل علي إجابة لسؤالي!"
قطبت حاجبيها وهمست وهي لم تسمع اي سؤال او ربما لم تنتبه
" اي سؤال"
رد
"هذا "
ولم تدرك بعد ذلك سوى إن شفتيه تلمس شفتيها في البداية كانت لمسات رقيقة مستكشفة وفي ثانية أصبحت نارية ومشتعلة تضرب أعماقها كعاصفة من المشاعر الساخنة . شعرت بالاهتياج وسريان شيء من خلال فمه الي أعماقها.  كان شعور صادم لكنه دافئ لذيذ. تأوه في فمها وسمعت زمجرة في صدره وهو يضيق ذراعيه حولها لتزداد قربآ حتى رفعت يديها بلا شعور لتستكين حول عنقه ملامسة لمنبت شعره . بدون وعي وسيطرة علي مشاعرها وقفت بين يديه مستسلكة للشعور المخدر الذي نقلها الي أرض أخرى وشعور دافئ جدآ حتى تراجع قليلا منقطع الانفاس ينظر الي وجهها وغينيها المغمضة وجبينه يستند علي جبينه . لم تدرك انه توقف بعد دقائق او ربما اكثر. عادت لوعيها عندما
 
عندما همس لاهثآ
" تعرفين الأن ماقصدته حول مايحدث بيننا . هذا الصباح بالرغم أني لم أكن  أعلم من تكوني . كنت أرغب بشيء واحد عندما وجدتك بين ذراعاي تنامين علي صدري . كانت رغبتي تدفعني بشدة ."
رفع أصبعه يمسد شفتها السفلي المتورمة
" كنت أرغب بهذا . بتقبيلك . بوجودك هكذا بين ذراعاي مجددآ وأنتِ مستيقظة "
رفعت عينيها حائرة وهمست
" آلم تظن أني شخص أخر ؟ "
" لا . رغم التشابه الكبير جدآ فأنا لست مريض لدرجة أن لا أعلم الفرق حقآ . فهو واضح جدآ"
تلعثمت وهي تقول
" لكنك. لكنك ليلة الأمس . ظننت أن .. "
قاطعها يفسر لها
" كنتِ صدمة لي. وكنت في حالة لا تسمح لإدراك الفرق . لكن صباح اليوم عرفت بأنك لست من ظننت "
صمتت وهي تفكر بأن هذا كثير جدا عليها كثير جدآ علي أعصابها.  فأذا أستمرت هنا ربما ستنهار أعصابها بالفعل .
لمس خدها مجددآ وقال
" رغم ان كل شيء بك يشبهها . ملامحك . لون شعرك بشرتك ورائحتك لكنك تملكين أشياء أكثر بكثير. أشعر بها هنا
أخذ راحة يدها ووضعها علي قلبه .
" انا طالما وثقت بهذا . فهو لن يخذلني ولن يصيبه الجنون . هذا يملك بوصلة خاصة به . وقد أشارت إليكِ ميريت "
نظرت اليه عاجزة وضائعة
"الآن سأتركك للراحة ونلتقي علي العشاء قريبآ "
خرج بعد قبل خدها برقة وتركها مكانها تقف لا تعلم بما تشعر . هل هو مجنون ام هى التي جُنتْ ؟
فقد أربكها.  شتتها . تركها غارقة بمشاعر وتفاعلات غريبة عليها ولم تجربها سابقآ أبدا. حاولت السيطرة علي تفكيرها ومشاعرها تريد لجم آحاسيسها لكنها لم تستطع . إنها لن تستطيع ان تستمر هكذا . حتمآ لن تنجح هكذا .
دخلت الي الحمام مخاولة منها لنفض التعب والارهاق بالاغتسال علها تهدأ وتستطيع ان تستجمع أفكارها. لكننها فشلت كليآ . وعقلها يحضها علي شيء واحد فقط . اهربي ميريت قبل ان تتورطي أكثر . لكنها لن تستطيع ان تخذل فيرين وبالتالي تخذل جايمي الذي بالتأكيد سيشيع خبر تراجعها عن أداء عملها في أوساط العمل بالمجال النفسي . يجب ان تجد حل وسيكون الاعتذار عن مهمة العمل علي حالة السيد راي هي الحل الأخير.  إذن مالخيارات الأخرى؟
ان تضع قواعد وحدود للتعامل معه . وتوضيح رغبتها ان تضل علاقته بها مهنية فقط . علاقة واضحة وصريحة . وستبذل قصارى جهدها طالما هو كان منعاون ويرغب كما قال بالعلاج . وأين هو هذا العلاج إذا لم تعلم حتى الأن ماعلته ؟ هناك خيوط ناقصة لن يكملها سواه . يجب ان تجعل من التعامل معه وظي وحازم . وهي تستطيع ذلك . نعم تستطيع .
طرقت فيونا باب جناحها كالمعتاد تنظر إليها بجمود وجهها يفصح عن الرفض . كانت مستعدة للتوجه الي قاعة الطعام لتناول العشاء . ترتدي فستان أبيض من قماش الجرسيه بأكمام من الدانتيل يصل لكاحلها ورقبة دائريه واسعة وجمعت شعرها في كعكة مرتخية وحررت بعض الخصلات يلامس منحنى الرقبة . حذاء أبيض بكعب متوسط لم تهتم بالزينة سوى القليل من أحمر الخدود لأنها تعلم بشحوب وجهها .
" أذهبي انتِ فيونا سأكون فالاسفل بعد قليل "
هزت فيونا رأسها وخرجت ووقفت ميريت أمام المرآة تنظر الي أنعكاسها متوترة . تنفست بعمق وهدأت ضربات قلبها المضطربة ثم خرجت متوجهة الي قاعة الطعام .
وقفت ميريت تنظر الي الواقف هناك أمام باب الشرفة المطلة على الحديقة بالقصر يراقب غروب الشمس والسماء التي تتدرج ألوانها من البرتقالي والازرق والأحمر الفاتح . بدون ان تعي ذلك كانت تراقب ملامحه وهيئته الجذابة في سترته السوداء المصممة خصيصآ لتلائم اكتافه وذراعيه العريضة وقميص الاسود والسروال الاسود الذي يلف ساقيه ويظهر قوة ساقيه وعضلاتها . عندما شعر بأنه مراقب التفت ليجدها تقف بمدخل القاعة فأبتسم أبتسامة ساحرة أظهرت أسنانه البيضاء المتناسقة أبتسامة سلبت أنفاسها لدرجة لم تشعر بأنها تكتمها .
" مرحبآ ميريت "
بتلعثم " مرحبا "
أشار لها برأسه
" هل ستظلي هناك أمام باب القاعة ؟ ادخلي فأنا لن التهمكِ بدل الطعام "
شعرت بالأحراج وتوجهت الي مائدة الطعام وجلست علي أحد المقاعد تحت أنظار راي المتفحصة والمبتسمة وعندما استقرت توجه لمقعد بجوارها وجلس عليه فنظرت اليه معترضة
" أليس مكانك في مقدمة المائدة ؟ لماذا تجلس بالقرب مني ؟"
" أنا حر بالجلوس في أي مكان عزيزتي . وأنا أرغب بالجلوس هنا هل هناك إعتراض؟"
لم تتكلم فقد وجهت إليه نظرة غاضبة وحاولت النهوض لكن يده كانت أسرع في القبض علي ذراعها
" أجلسي ميريت . لا تثيري فضحية أمام الخدم . سأبقى بجوارك ولن أضايقكِ فلن اجلس بجانبك الي الأبد بالرغم من أني أرغب بذلك "
في تلك اللحظة دخلت فيونا ومعها فتاة أخرى تراها لأول مرة كانت تبتسم يجرون عربات الطعام .
شرعت الفتاة بتوزيع الطعام علي ميريت وراي وأبتسمت لها ميريت أيضآ التي لم تتركها نظرات راي .
فيونا كانت تقف تراقب بأندهاش وعينيها علي راي الذي كان يجلس بجوارها . خرجن الخادمات وشرعت ميريت بتناول عشاءها بأرتباك وعدم أرتياح مدركة لنظرات راي التي يرمقها بين الحين والأخر فشعرت بفقدان الشهية لكنها لم تنظر إليه.  بعد دقائق من الصمت
" لم يعجبك الطعام ؟ هل أطلب لكِ شيئآ أخر؟"
ردت وهي تدلك رقبتها المتوترة بنعومة
" لا الطعام شهي جدا . لكن لا شهية لي "
" هل أنا السبب ؟ أعني لأني أجلس قريبآ منكِ ام وجودي بالكامل يفقدك الشهية ويجعلك متوترة هكذا ؟"
نظرت اليه ببرود
" ولماذا اشعر بالتوتر ؟ ليس لك علاقة بالأمر "
" بل لي كل العلاقة بالأمر . ونعم أنتِ متوترة أشعر بجسدك مشدود كوتر السهام "
بنفاذ صبر " لست متوترة "
بتحدي واضح " أثبتِ ذلك "
خوفها ظهر علي وجهها وعرفت انه سيطالب بشيء كما طالب بتحدي سابقآ وهي لن تحتمل ذلك مرة أخرى
" لن أقبلك . علي جثتي "

أنفجر ضاحكآ حتي أرتجت القاعة بصدى ضحكاته . وقال م خلال ضحكاته
" ياإلهي.. انتِ لست متوترة . أنتِ مرتعبة وبالتأكيد ترتجفين من الداخل . لم أكن سأطلب ذلك . بل كنت سأطلب أن تتناولي طعامك فقط كدليل علي عدم توترك . فأنا لن أعطي للخدم مشهد رومانسي في قاعة الطعام بكل تأكيد "
لماذا تجد أنها تفقد التفكير والنطق بجواره عندما يتحدث ؟ هي التي لم ينقصها الحجة والحديث المنطقي وزملائها دائمآ كانوا يقولون إنها متحدثة جدية ولديها القدرة علي الإقناع تجلس عاجزة أمام هذا الرجل .
" هيا ميريت تناولي الطعام . ويمكنك تجاهل وجودي بجوارك "
تتجاهل وجوده ؟ كيف وهي تشعر بحضوره في داخلها  إن لم تراه حتى ؟ كيف تتجاهله ورائحته تغمرها وتطبق عليها وهو يجلس هكذا بجوارها ؟ صلت في صمت أن يمر العشاء علي خير بدون أن تفقد صوابها .
شرعت بتناول الطعام في صمت وهي صامتة كما مرافقها وبعد دقائق أزاحت صحنها جانبآ ورفعت عينيها تنظر اليه عندما وجدت عينيه تراقبها من فوق كأس النبيذ أغمضت عينيها لتسيطر علي أرتجافها الداخلي وأرتباكها فسمعته يهمس
" يمكنك محاربة هذا . لكنه أكبر من أسلحتك "
فتحت عينيها ونظرت إليه متسألة
" محاربة ماذا ؟"
نظر لها لحظة
" الذي تصارعينه بداخلكِ الأن . تعرفين عن مااتحدث"
نهضت مسرعة وهي تقول بصوت قوي
" ليس هناك ماأحاربه . سوى بعض الأرهاق والتعب ليس إلا "
نهض خلفها يحمل كأسه يتبعها حتي وصلت لباب الشرفة ووقف جانبها وهز كتفيه بلامبالاة
" كما تقولين "
نظرت اليه مطولآ ثم خرجت الي الشرفة الواسعة التي تطل علي أشجار ومساحة خضراء بديعة . تنشقت ميريت راىحة الورود النضرة التي تحيط بسور الشرفة في أحواض كبيرة فأبتسمت واغمضت عينيها تعبئ الرائحة بداخلها لتسترخي قليلا وهمست لنفسها
" يالها من رائحة أخاذة ومشهد رائع "
تفاجئت وفتحت عينيها بفزع ونبضات قلبها أنتفضت عندنا سمعت همسآ بأذنها
" قمة في الجمال والروعة "
بأرتباك وفزع تريد ان تبتعد عنه بخطواتها لكنها وجدت ظهرها يلتصق بصدره . استغل أرتباكها فأحكم طوق ذراعيه حولها يثبتها مكانها
 " ها أنتِ تفعلين الشيء الاكثر صحة في العالم . فقد كنت يأس لفعل ذلك لكنك وفرتِ علي الكثير من الجهد "

يتبع . .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي