الفصل الاول

إنجلترا  15/6/2015

مستشفى برودمور للأمراض النفسية في كروثورن-بيركشاير

صوت النداء الداخلي بالمستشفى .

دكتورة سوان نحتاجك في قسم ج بسرعة

دكتورة ميريت سوان سمعت جرس الإنذار وهذا يعني هناك مشكلة في القسم ج . لم تعلم شيئآ عن تلك المشكلة ولكنها بالطبع إحدي الأطباء المسئولين عن ذاك القسم فبالتالي سيكون من واجبها الأسراع للتوجه للقسم ج .

كانت تجري عبر الممرات عندما وجدت أحد الممرضين يسرع نحوها بخطوات سريعة

قالت له لاهثة :-

مارك مالمشكلة .؟

مارك اندفع بخطواته يسبقها الي باب القسم :-

المريض نواه يمر بحالة إنهيار عصبي عنيف جدا .

ردت وهي تدفع الباب المعدني المزدوج :-

هل تلقى علاجه لليوم ؟

مارك خلفها يجيب :-

نعم لكننا نشك انه يتناوله قفد وجدنا في زاوية خلف الباب بعض من البصاق . أعتقد انه يتمرد علي تناول العلاج ببصقه له .

اتجهت الي الممر وأمرت مارك :-

أحضر لي حقنة (تيرالبسي 60 مم) وجهز للأحتياط جهاز الصدمات الكهربائية حالآ .

أتجه مارك الي أحدي الغرف في الممر وهي تلهث في الممر الطويل لتصل الي غرفة مغلقة كزنزانة في أحدى السجون .ومن نافذة الباب المحمية بشبكة من الحديد المقاوم شاهدت المريض نواه يصارع إثنان من رجال الأمن والحماية للقسم ج .

ميريت كانت علي معرفة بمرض نواه النفسي والعصبي . فهي تشرف علي علاجه منذ سنة ونصف . غريب كيف لهذا الرجل اللطيف أن يمر بصدمة غرق عائلته بالكامل في رحلة عائلية ولم ينجو سواه . فيصاب بالأكتئاب المزمن مع أضطراب ذهني حاد

عام ونصف وهي ماتزال تشرف علي علاجه  من صدمته العصبية والنفسية التي من المفترض الأن أنها وصلت للمرحلة الثالثة وهي العلاج السلوكي المعرفي . لكنه عندما يتقدم خطوة في العلاج يعود الي الخلف عدة خطوات .

فهو لا يريد الدعم والإرشاد كذلك لا يستجيب للعلاج وتناول الادوية وهو مايؤدي للأنتكاس مجددآ .

دخلت وخلفها مارك بسرعة تلقي الأوامر لرجال الأمن لتثبيت المريض علي سريره لتتمكن من حقنه وقد فعلت بعد صراع طويل معه . وعندما ازداد أهتياجه بعد عدة محاولات لتهدئته ليسري مفعول الحقنة به أعطت لمارك إشارة لتجهيز جهاز الصدمات الكهربائية بدرجة ٨٠ كل ٢٠ ثانية
 نعم هو يعاني من مرض الفصام المزمن وربما هي تتجنب علاجه بالصدمات الكهربائية فقد ينتج عنه التخدير الكامل ويصاب المريض بفقد في الذاكرة قصيرة المدى، أي المتعلقة بالساعات القليلة قبل الجلسة ولا تتأثر ذاكرة المريض بأي صورة أخرى، ويمكنه أن يتذكر كل ما قبل الجلسة وما بعدها.لكنه لن يكون رداع للأهتياج مرة أخرى وأحيانآ وببعض الحالات تؤثر الصدمات بشكل مباشر علي قدرته الذهنية فأغلب حالات الفصام المزمن لايتم الشفاء منها .

صرخت لرجال الأمن عندما تم تشغيل الجهاز :-

قوموا بتثبيته جيدآ .

أشارت لأحدهم عندما ثبتوه في الفراش الصغير :-

انت . قم بفتح فمه عبر فكيه . وضع هذه بفمه .

عندما فعل الرجل ماطلبت بصعوبة بالغة حشرت منديل مبلل في فم نواه الذي كان يصرخ فكتم المنديل صرخاته . ثم أسرعت بتثبيت مجسات الجهاز علي صدغيه وقبل أن يبدأ الجهاز بالعمل قام نواه بنفض جسده مما سمح بأختلال توازن الرجال وصعب عليهم تثبيته ثم أسرع نواه بالنهوض مهاجمآ ميريت الذي دفعها كأعصار فطارت عبر الغرفة لتسقط بجسدها علي طاولة بجانب الجدار في نفس التوقيت هجم المريض عليها ورفعها من ذراعيها ليرميها علي الجدار من جديد وهي تصرخ ثم عاد ليرميها علي باب  الغرفة المعدني فسقطت على الارض وقبل أن تفقد وعيها سمعت صراخ الرجال ومقاومة المريض وصوت مارك يحاول الحديث معها بصوت عالي ومتوتر ثم لفها الظلام كليآ .

إيرلندا 20 /3/ 2016

أنتفضت ميريت من سريرها متعرقة ولاهثة .

كانت تحلم . لا . أنه كابوسها المعتاد . فقد ودعتها الأحلام منذ فترة . نظرت حولها بعيون مشوشة لتتأكد بأنها أستيقظت من كابوسها المخيف . تطلعت الي غرفتها الغارقة بضوء شمس الصباح وغرفتها الملونة بالابيض والرمادي . لولا تلك الستائر العسلية لكانت أعتقدت بأنها مازالت في المستشفي التي غادرتها منذ ثلاثة أسابيع فقط.

سمعت صوت حركة في الممر فأنقبض قلبها وأصبحت خفاقاته مؤلمة وسريعة حتى شاهدت كتلة صفراء تتحرك بليونة وظهر قطها الصغير سامي الذي صار يموء

نظر اليها قليلا ثم قفز  لحضن ميريت في السرير حيث تجلس . مررت يدها اليمنى علي فروه وشعرت بقليل من الأطمئنان . ثم همست له عندما عاد يموء من جديد :-

صباح الخير لك أيضا .نعم سامي . كابوس كل يوم كالمعتاد . أظن أنني لم أشفى بعد من تلك الحادثة .

خبأ سامي رأسه في حضنها ثم عاد يموء من جديد فقالت له :-

أعلم بأنك جائع إيها النهم المحتال . هيا لنقوم بتقديم الإفطار لنا .

تحرك سامي من حضنها وأسرع يركض بخفة ليخرج متوجهآ للمطبخ عبر الممر في حين نهضت ميريت من فراشها مستندة علي يدها اليمنى وعندما وقفت حركت يدها اليسرى برفق شديد . فمازالت يدها لا تعمل بشكل جيد لكن مع العلاج الطبيعي أصبحت في تحسن ملحوظ . وحاولت ذاكرتها أن تستعيد تفاصيل تلك الحادثة ولكن ميريت نفضت كل ذلك . إنها لا تحتاج للتذكر لكنها تريد وتحتاج أن تتجنب ذلك .

توجهت الي النافذة وأزاحت الستائر لتشاهد المساحات الخضراء لريف أيرلندا التي تطل عليها نافذت منزلها . كان المشهد يريح أعصابها منذ تسعة أشهر . لكنه لا يفعل ألأن .

توجهت ميريت للمطبخ حيث القط يقف أمام صحنه في زاوية المطبخ بجانب المغسل وامسكت بعلبة طعامه الخاص لتضع له طعامه في صحنه الذي هجم عليه القط فورآ . وقفت تنظر له لتتأكد من كفايته من الكمية التي وضعتها بصحنه ثم اتجهت إلي ألة القهوة لتشغيلها . ثم توجهت الي باب منزلها متوجهة عبر مدخلها الي صندوق بريدها الذي وجدت به كمية من الرسائل وبعض الجرائد والمجلات.  حملتها بيدها اليمنى وعادت لمنزلها .

وضعت كل ماتحمله علي طاولة المطبخ وجهزت لنفسها كوب من القهوة وبعض التوست والجبن وعادت لتجلس علي طاولة المطبخ . نشرت أول جريدة علي طاولتها "الديلى ميل" البريطانية . وهي ترتشف قهوتها وعيونها تتابع العناوين في الجريدة .

حتى لفت إنتباهها خبر بعنوان عريض

قطار الشفاء النفسي الجديد يعمل بأنجلترا

قام العاملون فى مستشفى برودمور للأمراض النفسية في كروثورن، بيركشاير، وفق ما نقلته مراسلتنا بوضع مجموعة قطار عملاقة ومبنية بشكل معقد للمرضى، ووضع مبنى مستشفى فيكتوري برودمور الذي يبلغ عمره 150 عامًا في كروثورن، مجموعة قطار عملاقة، وفي وقت سابق من هذا الشهر انتقل المرضى والموظفون إلى موقع جديد بتكلفة 250 مليون جنيه إسترليني .

سخرت ميريت من الخبر . هل هذا مايحتاجه فعلا المرضى بكل أقسام المستشفي . برودمور للأمراض النفسية أسم يجلب الكثير من المشاعر السلبية في نفسها . فمنذ تسعة أشهر كانت إحدى الأطباء الأكفاء بذاك المستشفى . وفي النهاية تم تعويضها عن إصابتها بمبلغ يكاد يكون تبرع لأحدى المتشردات في شوراع لندن وإجازة عمل مفتوحة . ذاك المستشفى الذي يعتبر سجن مظلم عندما تذكر مستشفى "برودمور"

يبرز إسم تشارلز روبنسون الذي يُعرف بأنه "السجين الأكثر عنفاً في بريطانيا"

بجانب روني كراي زعيم العصابات الراحل فى بريطانيا. هي الأن في طورها للشفاء لكنها لن تعود للعمل قريبآ وربما أبدآ في ذاك السجن المظلم . فقد أكتفت من العمل بعد أن علمت مصير المريض نواه الذي تسبب في إصابتها . وكانت تتوقع ذلك لنقص كل الامكانيات الطبية لعلاج حالات مثل حالته . إنتحاره كان متوقع لكن كان يمكن تجنبه . والطبيب المعالج البديل لها كان بقدر كبير من الإهمال بحيث ترك بعض الأدوات متاحة ليكون في النهاية أداة نواه للأنتحار بواسطة قلم جاف عبر رقبته وعلي حسب مانقل لها أن نواه ترك ينازع الموت لفترة طويلة وحيدآ بغرفته حتى سقط ميتآ .

لم تحقد عليه ميريت لأنه كان سبب إصابتها البليغة . بل كانت تتعاطف مع حالته التي لاشفاء منها . كانت تأمل أن يكتشف علاج شافي لحالته أو أن يدب الضمير في نفوس المسئولين علي تمويل المستشفى حتى يوفروا للمستشفي بعض الامكانيات الطبية لعلاج حالات مثل حالته المرضية. لكن أمالها كانت كالرمال المتسربة من يديها كل يوم عملت فيه بذاك المستشفى.

تنهدت بعمق وأزاحت الجريدة جانبآ وارتشفت بعض القهوة ثم وقعت عينيها علي مغلفات الرسائل فتفحصتهم لتجد رسالة وقد تفاجئت بإسم المرسل .

زميلها جايمي كنال طبيب الأمراض النفسية والذي ترك العمل قبل إصابتها . كان من الغريب أن يرسل لها رسالة عبر البريد في وجود الهاتف المحمول والبريد الإلكتروني.

لكنها تذكرت بأنها لم تراجع الايميل الخاص بها منذ تسعة أشهر وهاتفها مغلق منذ مايزيد عن ثلاثة أسابيع .

فهي لن تفكر بقلق أحد عليها من العائلة أو الأقارب والأصدقاء.

فميريت إبنة يتيمة . ولدت بلا أب وعاشت مع والدة أصيبت بمرض الزهايمر عندما كانت ميريت في عمر الثانية عشر . عانت في حياتها كثيرآ فمعاناتها بين مرض والدتها ونسيان إنها والدة لطفلة من جهة ومعاتاة إجتهادها في الدراسة لتصبح طبيبة أمراض نفسية وعصبية من جهة أخرى .أعانة الدولة وتبرعات الكنيسة كانت بالكاد تكفي إحتياجتهم . فعملت بجانب الإعانات جليسة أطفال في المساء عندما تترك والدتها مع جارتهم إميلي العجوز اللطيفة والتي كانت تربطها صداقة بوالدتها قبل المرض .. جاهدت كثيرآ لتحقيق حلمها وهو شهادة الطب لكن والدتها توفيت قبل تخرجها بأربعة  سنوات مازالت تذكر سعادتها عندما تلقت رسالة الموافقة علي المنحة الجامعية من كنيسة القديس جورج وركضت الي والدتها لتبلغها الخبر السار لتتفاجئ بوالدتها قد فارقت الحياة بفراشها .

أغمضت عينيها بألم بليغ وأبتلعت غصتها فهي لم تعش كما تعيش أي فتاة في العالم أبدآ . وحتى بعد التخرج والعمل والتخصص لم تحظى بأي شخص دائم في حياتها كما إنها لا تريد . فبعد علاقة أستمرت ٤ أشهر بزميلها رايان تفاجئت بطلبه بالزواج منها سعدت كما لم تسعد أبدآ فهي برغم انها تعلم اليوم إنها لم تحبه فقد حلمت أن تكون العائلة التي تحلم بها دومآ ولكن في اليوم الموعود لزواجهم أنتظرت في الكنيسة وحدها قدوم العريس . لكنه لم يأتي . إتصلت به وتركت الكثير من الرسائل ولا حياة لمن تنادي. حتى لم يبرر عدم حضوره حتى برسالة قصيرة عبر الهاتف .

علمت بعد ذلك إن والديه الأثرياء ضغطوا عليه لتركها فهي لا تليق بمستقبل وريث العائلة . وبعد شهرين أعلن خبر خطوبته عبر الصحف من وريثة مدللة من أمريكا .

عادت للمغلف المرسل من جايمي ففتحت محتواه لتجد

عادت للمغلف المرسل من جايمي ففتحت محتواه لتجد

بها كلمات لا تريد أن تقرأها كالسؤال عن حالتها وصحتها وبعد ذلك طلب منها أن تطلع علي صندوق بريدها الإلكتروني لأمر هام جدآ .

ترى ماهو الأمر الهام والمُلِح الذي يريد أن أطلع عليه ؟

لكنها لن تفعل الأن . ستؤجل ذلك . فربما يريد دعوتها لمؤتمر طبي ما حول مرض الفصام الذهني . أو سيطلب بحث طبي من خلال تجربتها في مستشفى برودمور .

وهي مستنفذة تمامآ ولا رغبة لها بأن تعود لترهق ذهنها بالطب .

نهضت من مقعدها وتوجهت لغرفة نومها ودخلت حمامها الخاص لتستحم وتغسل أسنانها وتبدل منامتها بجينز وكنزة خضراء ذات أكمام طويلة . نظرت الي مظهرها في مرأة تسريحة غرفتها .

لم تكن بشعة . كما لم تكن ذات جسد ضئيل . فهي تمتلك جسد تحسده عليها أجمل عارضات الأزياء وأشهرهن كما إن طولها كان معتدل جدآ . دققت في وجهها وهي تمشط شعرها الأسود القاتم الذي ازداد طوله حتى وصل الي مؤخرتها فلم تملك الوقت او المزاج للذهاب الي صالون التجميل لقصه . عينيها الزرقاء كانت تلمع بحزن . شفتيها متوترة . كانت تقول لها دائمآ جارتهم إميلي بأنها ورثت لون الشعر فقط من والدها أما الباقي من ملامح وجهها كانت قد ورثتها من والدتها وليس الي هذا الحد يصل الشبه بينهن فقد ورثت من والدتها حظها في الحياة. شردت ميريت في المرآة شاردة بعقل وذهن فارغ . وهذا شيء نادر فهي دائمآ مايملئ عقلها النشط دومآ الكثير من الافكار والخطط . رفعت برفق ذراعها الايسر وحاولت تمرين أصابعها وساعدها ببطئ . فهي قد أجرت عمليات لوصل عصب الذراع ومن بعد ذلك رضخت للعلاج الطبيعي لذراعها . وها هي الأن تستعيد يدها بعد ان ظنت أنها لن تعود للعمل بها .

بعد ان ذهبت الي مركز العلاج الطبيعي اليومي عادت الي منزلها مرهقة ومستنفذة . توجهت الي مطبخها الصغير لتروي ظمئها بكوب من الماء . شربت من كأسها وفي ذلك الحين وقعت عينيها مجددآ علي رسالة جايمي كنال .

وقفت تفكر بكأبة عن سبب إلحاح جايمي لتفقد بريدها الإلكتروني. فأخذت الرسالة وتوجهت الي مكتبها الصغير والذي أهملته كثيرا برغم إنه كان المكان الأكثر راحة في منزلها سابقآ . كان مكتب دافئ ومريح بمكتب صغير مليئ بالاوراق والملفات ومعداتها الطبية وجهاز كمبيوتر يغطيه بعض الغبار ومكتبة حائطية بها كتب طبية ومراجع للأمراض النفسية والعصبية.

لا تعلم إذا كانت ستعود لمراجعها وكتابها وبحوثها من جديد أختنق صدرها بأنفاس موجعة وتجاهلت أفكارها وتوجهت للكمبيوتر لتشغيله . لحظات وكانت تتفقد بريدها وقد وجدت مائة رسالة بعضها من زملاءها الأطباء وبعض منها من أساتذة في الطب النفسي وبعض العاملين في مستشفى برودمور . ووجدت كذلك اربعة رسائل من زميلها جايمي. إذن هو الأمر كذلك ؟

قرأت ميريت رسائله بملف عن حالة مريض نفسي وتقاريره النفسي والجسدي يعاني من مرض لم تفسر حالته حتى الأن فألأطباء الذين قاموا بعلاجه بعضهم أكد أنه مرض إضطراب ثنائي القطب . والبعض الأخر يؤكد أنه مرض اضطراب الهوية التفارقي

ولكن جايمي يعارض هذان الرأيان ويؤكد إختلاف الحالة الواقعية للمريض بهذين المرضين .

واقع هذا المرض والاعراض التي أرسله لها جايمي للحالة تنفي إصابته بأحد المرضين . حفز عقلها هذا الموضوع وفتحت ملف مرفق في رسالة جايمي ووجدت كل البيانات للمريض والأعراض التي يمر بها . وجلست تنظر الي شاشة الحاسوب تفكر وتحاول أن تتذكر إن عالجت حالة مشابهة من قبل لكنها لم تتذكر . لكن لماذا طلب منها جايمي أن تعطي رأيها في حالة المريض ؟ هناك الكثير من أساتذة وبروفسورات للطب النفسي يمكن أن يقطعوا الشك باليقين في مرض الحالة ؟ في الحقيقة ميريت تحرك فضولها للكشف عن هذه الحالة . هل ياترى يمكن أن يكون المريض متعدد الأمراض النفسية؟ أو يمكن أن يكون يتعاطى في الأدوية الخطأ فتعطي نتائج عكسية !

تعلم أن بعض الرسائل لن تعطي إجابات واضحة وشافية عن فضولها. لذلك صممت أن تتصل بجايمي لتعرف المزيد من المعلومات حول الحالة .

توجهت إلى غرفتها لتخرج هاتفها المحمول وتتصل بجايمي الذي بادرها بالترحيب حال رده علي الاتصال :-

ميريت كيف حالك

ميريت بصوت يكاد يكون مسموع :-

بخير جايمي . استلمت اليوم رسالتك البريدية .

جايمي ضحك وقال :-

رسمية دائمآ عزيزتي . دعيني أولا أطمئن عن صحتك وحال يدك

ردت بأرتباك :-

حسنا انا بخير ويدي تتحسن . في الواقع تتحسن ببطئ لكن أفضل من لاشيء .

جايمي :-

جيد جدا.

وعندما لم يضيف شيئآ أخر صمتت لثواني ثم سئلت :-

أريد معلومات أكثر عن الحالة التي أرسلت لي بياناتها .

جايمي مؤكدآ :-

انا بالفعل أرسلت لك كل البينات والتقارير .

ميريت مؤكدة :-

نعم وقد راجعتها . لكن أريد أن أعلم الأدوية التي يتعاطاها . وهل هناك أي سابقة في العائلة لنفس المرض او أي مرض نفسي ؟ بداية المرض ايضآ هذه معلومات مهمة كما تعلم جايمي

جايمي تنهد وقال :-

نعم اوافق علي هذا ولكن ميريت لا مزيد من المعلومات لدي لتلك الحالة . قد أطلعت علي كل التقارير قبلك لكني أيضا لم أؤكد رأيي حول المرض . وأنا كما أعلم جيدآ تفضلين هذا النوع م الأمراض فمجال الإضطراب النفسي هو تخصصك . كما إن عائلة المريض يطلبون التكتم والسرية نظرآ لشهرة العائلة وكذلك المريض . فهم عائلة أسكتلندية من أباطرة المال والأعمال وعائلة عريقة في أوروبا لذا يطلبون طبيب نفسي يقوم بالعلاج في أسكتلندا مع السرية التامة والكتمان .

ارتفعت حاجبيها إندهاشآ :-

لماذا السرية ؟ اليس الأهم من الشهرة صحة المريض النفسية قبل كل شيء؟ وهذا يمكن أن يوفره لهم أكبر مصخة نفسية وأفضل طبيب متخصص .

جايمي مؤكد :-

ليس الآمر بهذه السهولة ميريت . فهم يخافون أن تتأثر أعمالهم وسمعة عائلتهم بهذه الأخبار . والمريض قد رفض ذلك كما سبق وعلمت.

صمتت ميريت تستوعب المعلومات فقالت :-

حسنا مالمطلوب مني اذا كان المريض يرفض العلاج؟

جايمي بمرح :-

ها انتِ تصلين للهدف مباشرةً . أنا أطلب منك الأشراف علي علاجه وتأكيد حالته  .

عقدت حاجبيها وردت :

لماذا أنا؟ هناك أطباء أكفاء في مجال الطب النفسي جايمي وانا كما تعلم مازلت في إجازة مرضية وربما لن أعود للعمل في المستشفى من جديد

جايمي تنفس بعمق ثم زفر :-

لا أصدق أنكِ قلتِ هذا التصريح ميريت . أنتِ من أفضل وأصغر الأطباء الذين عملت معهم . فهذا تخصصك ليس غريبآ عنك مسبباته وأعراضه . هذه الحالة تحتاج الي تشخيصك وعلاجك أتمنى أن تفكري قبل أي رد . كما يمكنك أن تجعلي من هذه الرحلة نقاهة لك أيضآ .

أسكتلندا ليست بعيدة عن هنا.

هزت رأسها وكأنه سيراها ثم أغلقت عيناها تحاول أن تحبط ذلك الصراع داخل نفسها :-

سأفكر جايمي من أجلك ومن أجل صداقتنا . لكني لن أعدك بشيء .

يتبع .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي