١
جلست دينا على كرسيها الخشبي و امامها تلك الطاولة الخشبية الصغيرة و قد وضعت عليها اقلامها و دفاترها ثم فتحت النافذة قليلاً فتراقصت الستائر بعد أن تسللت تلك النسمات الربيعية المنعشة للروح تداعب خصلات شعرها الذهبي المموج و انبعث في الغرفة جواً من الروعة و السمر
إنه شهر نيسان و اشجار الحي تكللت بالزهر يفوح منها عبق من الروائح العطرة كانت ليلة قمرية و النسيم العليل يحاكي اوراق الشجر فتخرج معزوفة بهية الجمال أخاذة في الحسن تسلب الالباب و أما ضوء القمر فقد كان ساطعا يملئ الأرض نوراً و بهائاً...
حدقت في السماء فإذا بالنجوم تبعثرت في ارجائها و رائحة الياسمين تخللت جو الغرفة ذات الاضائة الخافتة تنهدت قليلاً ثم أمسكت قلمها و فتحت ذلك الدفتر الوردي ذو القفل الذهبي الصغير ..
الذي كانت قد اشترته البارحة و همت في كتابة أول قصة لها و قد اطلقت عليها عنوان( كَتِفٌ من الليلك) إنها المرة الأولى التي تكتب فيها قصة وقد اختارت موضوعاً جميلاً يحكي عن حياتها و عن الصعاب التي مرت بها و ما إن همت بالكتابة حتى سمعت طرقاً خفيفاً على باب العرفة !
: إنه وقت العشاء تصيح الجدة و هي تقف في عتبة الباب
دينا : حاضرة ياجدتي انا قادمة
الجدة : هيا يا حبيبتي سيبرد الطعام هيا
دينا : انا قادمة. ..
اغلقت دينا الدفتر و ذهبت لتناول العشاء جلست على مائدة الطعام نظرت على اليمين فإذا بفاطمة اختها الصغيرة تجلس بجانبها و الجدة قد جلست على اليسار
:أين ايهاب ؟ تتسأل فاطمة
ردت الجدة: خالكن اليوم سيضطر للتأخر قليلاً عن موعد العشاء إنه في العمل و يبدو انه مشغول قليلاً
هم الجميع بتناول الطعام و لم يخلوا الجو من مزاح فاطمة فمعروف عنها انها ذات ظل خفيف تحاول أن تجعل جو المنزل مرحاً و ترسم البسمة على وجوه الحاضرين أينما كانت
جلسن يتسامرن قليلاً بعد الانتهاء من الاكل ريثما يحين موعد النوم التفتت دينا إلى ساعة الجدار بناظريها كانت عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشر ليلاً نهضت و هي تقول : أنا استأذن انا ذاهبة لغرفتي
أما فاطمة فقد نهضت تجمع الأطباق و ترتب المائدة ثم ذهبت للمطبخ للتنظيف و ترتيب الاطباق و بقيت الجدة تنتظر مجيء ولدها لتطمئن عليه
دخلت دينا الغرفة و اغلقت الباب خلفها و عادت لكتابة قصتها :
.. إنه العام الفين واحد عشر في مدينة الياسمين حيث كنت اسكن في بقعة كأنها هبطت من الجنة دونما استأذان ...
و اكملت تملئ الأسطر بكلمات تصف بها كيف كانت الحياة جميلة هادئة و دفئ العائلة يملئ عليها الدنيا رغداً و طمأنينةً و سعادة لم تحس بالوقت و هي منهمكة في الكتابة دق جرس الساعة المعلقة على الجدار إنها الواحدة ليلاً !
اغلقت الدفتر و اعادت ترتيب الطاولة ثم استدارت و اتجهت لسريرها لتخلد إلى النوم اطفأت المصباح و اغمضت تلك الجفون المتعبة من كثرة السهر و الأرق ،
و في غمضة عين و انتباهتها إذا بالصباح يطلع و كأنما الليل ولى هارباً خلسة دونما انذار و الضوء بدأ ينبلج مزاحماً ظلمة الليل فتحت عينيها تدافع النعاس لتبدأ يوماً جديداً متفائلة بأن القادم اجمل
دينا هي تلك الفتاة ذات الخمسة والعشرين ربيعاً بل قل خريفاً.. و رغم كل شيء إلا انها لا تزال تؤمن أن لكل عسر يسر و أن الحياة لا تدوم على حال واحد و أن الجميع في هذه الدنيا إلى زوال ...
استيقظت دينا على صوت أذان الفجر المنبعث من المسجد المجاور للحي الذي تقطن فيه همت لتنفض عنها اثقال النعاس لتلبي نداء ربها كما كانت تعلمها والدتها دوماً .
ذهبت لتوقظ اهل المنزل للصلاة فوجدت الجدة و قد ارتدت لباس الصلاة تجلس على كرسيها الخشبي تذكر الله و تتلو ما تحفظ من ايات من كلام الله توجهت لغرفة فاطمة و ايقظتها و بعد أن فرغوا من الصلاة توجهت دينا لتعد الفطور ريثما تجهز فاطمة نفسها للذهاب إلى الجامعة فاليوم يوم مهم بالنسبة للجميع و هو اول ايام الامتحانات للتخرج عند فاطمة و الجميع يترقب تلك اللحظة عندما تعرض النتائج و تكون فاطمة إحدى المتخرجات من الجامعة ..
جلس الجميع حول الطاولة يتناولون طعام الإفطار فهمس ايهاب بأذن والدته فابتسمت و استبشر وجهها و نظرت لدينا نظرة سرور و فرح
لم تعر دينا اهتماماً للأمر رغم ملاحظتها لما حدث وبينما هم كذلك اذ سمعوا صوت الحافلة و قد وقفت امام المنزل لتأخذ فاطمة
اسرعت فاطمة و نهضت مهرولة نحو الباب بسعادة كبيرة و هي تودع الجميع بينما تهرول نحو الباب
خرجت فاطمة و مرت بضعة دقائق ..
انتهى الجميع من الاكل و توجهت الجدة و ايهاب إلى غرفة المعيشة يتهامسون فيما بينهم
بينما قامت دينا بترتيب المطبخ و تنظف الأواني فهي فتاة تحب النظافة بشكل كبير مولعةٌ بالترتيب إلى اقصى حد حتى في التفاصيل .
و بينما تقوم بترتيب المنزل
إذ سمعت صوت هاتفها يرن و قد استلمت بضع رسائل نصية فنظرت بدهشة و قد ارتسمت على تعابير وجهها الاستغراب
:
" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "
" مرحبا دينا كيف حالك ؟ "
" انا محمد "
" ارجو أن تكوني بخير "
" إن كنت رأيتي رسائلي اتمنى ان تردي عليّ "
إنه محمد شاب في مثل عمر دينا كانوا يسكنون في جوار بعضهم منذ الطفولة قبل ان تنتقل دينا للعيش في المدينة تربوا سويةً و عاشوا الطفولة مع بعضهم وكانوا اصدقاء مقربين جداً بل و ربما يحسبهم الناظر اشقاء
كتب دينا مجيبة تلى الرسائل
دينا : " أهلا محمد "
" وعليكم السلام ورحمة الله "
" الحمد لله انا بخير "
" كيف حالك انت "
انهت دينا كتابة الرسائل ثم احست بشيء غريب في صدرها
و في لحظة اشبه بالندم همت بحذف الرسائل لكن محمد كان قد استلمها بالفعل
رد محمد : انا بخير شكراً على سؤالك "
" انا اود ان اعتذر لك "
دينا مقاطعة الحوار ! : محمد اعتذر هناك من يناديني سأعود لاحقاً
لم يكن هناك احد ينادي عليها لكنها لم ترغب في اكمال الحديث معه اغلقت الهاتف و تركته على الأريكة ملقىً بدون اهتمام و حاولت ان تتجاهل الرسائل الواردة
ارتسمت تعابير الخيبة والحزن على وجه محمد
لقد كان حواراً قصيراً لا يسمو إلى ان يكون في تطلعاته لقد كان يتوقع ان يكلمها لمدة ساعة على الاقل يطمئن عليها و يشرح بعض الأمور لها لكنها فاجئته بردها البارد نوعاً ما
ثم حدث نفسه قائلاً لعلها مشغولة لعلها و لعلها وبدأ يلتمس لها الاعذار و بقي يراقب الهاتف عله يجد منها رسالة مضت الدقائق و الساعة و محمد كل بضعة دقائق يلقي بنظرة على الهاتف فلا يجد شيئاً مضت الأن ثلاث ساعات إنه وقت صلاة الظهر خرج محمد متوجهاً نحو المسجد القريب من منزله يمشي و قد سرح بخياله في الموقف الذي حصل صباح ذلك اليوم شعر بيد تربت على كتفه من خلفه التفت فإذا هو العم اسماعيل صاحب الدكان الذي يبتاع منه محمد معظم حاجياته و هو أيضاً صاحب المنزل الذي يستأجره و يسكن به محمد
العم إسماعيل : كيف حالك يا شيخ إين انت يا ولد
محمد: أهلا عم كيف حالك الحمد لله انا بخير
اسماعيل : الحمد لله بخير و فضل اراك شارد الذهن ما بالك يا ولدي
محمد : لا لاشيء كنت فقط استمع لصوت الأذان
إسماعيل حسناً لا بأس هيا اسرع لنلحق تكبيرة الإحرام
محمد و قد غمز بعينيه: انا اسير ببطء يا حاج لكي لا تتعب
ضحك اسماعيل قائلاً : اااه عندما كنت في سنك كنت اكثر ادباً مع الكبار
محمد ضاحكاً : سامحني ياعم امزاحك فقط
دخلا ألى المسجد فقد اعتاد محمد أن يصلي في المسجد برفقة العم اسماعيل حينما يكون في المنزل
محمد شاب في السابعة والعشرين من عمره يقيم في هذه المدينة منذ بضعة اشهر بعد ان انتقل من قريته بسبب الحرب و اضطر لمفارقة والديه متجهاً نحو المدينة ليبحث عن عمل يعين به نفسه و اهله فالناس عموماً قد تبدلت اوضاعهم في السنوات الأخيرة بسبب ماجرّته الحروب من ويلات و دمار و فقر اجربت محمد كما الكثير من شباب بلاده على أن يتركوا الدراسة بحثاً عن عمل فالان وقت الانتاج و لا وقت للتعلم
أما دينا فقد كانت تفكر في امر محمد و ينتابها شيء من الحيرة أخيراً أمسكت الهاتف و دخلت لمحادثة محمد
دينا : مرحباً كيف حالك
محمد : أهلا دينا انا بخير كيف حالك انتِ
دينا : بخير شكراً لك
محمد : ماهي اخبارك كيف هي أيامك
دينا : انا بخير انتقلت للعيش في مدينة دمشق مع جدتي وخالي
محمد : جيد وانا ايضاً انتقلت للعيش هنا لم اكن اعلم ان لكي اقارب هنا كنت اريد أن ابلغك التعازي بشأن والديكِ لكن لم اكن اعلم اين تسكنين ..
دينا: شكراً لك على اهتمامك الحمد لله على كل حال نسأل الله ان يرحمهم لا بأس لا تتعب نفسك
محمد : كيف حال دراستك
دينا وقد ارتسمت على وجهها تعابير ضحك و حزن معاً
دراسة!لقد تركتها مع الاسف
محمد : مواسياً إياها لا بأس انا ايضاً اضطررت لترك الدراسة
دينا : الله المستعان حسناً انا مضطرة للذهاب عن اذنك
محمد : حسنا بأمان الله وداعاً
عادت فاطمة من الجامعة و قد قدمت أول امتحان لها مستبشرة و فرحةً فقد كانت تسهر الليالي و تتعب على نفسها و هي تذاكر و قد حبست نفسها و انعزلت عن المجتمع نوعاً ما لتتفرغ للدراسة
و قد كانت دائماً ما تدع الله أن ييسر امورها و يعينها على دراستها لتحقق حلمها
جلس إيهاب مع الجدة و هو يخبرها عن شاب قد رأى دينا صدفة و هي خارجة من المنزل و قد سأله عنها و يبدو انه يريد ان يتقدم لخطبتها استبشرت الجدة و بدت على وجهها علامات الفرح فقد كانت تود ان تجعل دينا تنسى شيئاً من حزنها
ثم قالت الجدة : حسناً لنتريث قليلاً انت اسأل عن الشاب و استفسر عنه و انا سأحاول ان اتكلم بالموضوع مع دينا علّها تقبل ...
إنه شهر نيسان و اشجار الحي تكللت بالزهر يفوح منها عبق من الروائح العطرة كانت ليلة قمرية و النسيم العليل يحاكي اوراق الشجر فتخرج معزوفة بهية الجمال أخاذة في الحسن تسلب الالباب و أما ضوء القمر فقد كان ساطعا يملئ الأرض نوراً و بهائاً...
حدقت في السماء فإذا بالنجوم تبعثرت في ارجائها و رائحة الياسمين تخللت جو الغرفة ذات الاضائة الخافتة تنهدت قليلاً ثم أمسكت قلمها و فتحت ذلك الدفتر الوردي ذو القفل الذهبي الصغير ..
الذي كانت قد اشترته البارحة و همت في كتابة أول قصة لها و قد اطلقت عليها عنوان( كَتِفٌ من الليلك) إنها المرة الأولى التي تكتب فيها قصة وقد اختارت موضوعاً جميلاً يحكي عن حياتها و عن الصعاب التي مرت بها و ما إن همت بالكتابة حتى سمعت طرقاً خفيفاً على باب العرفة !
: إنه وقت العشاء تصيح الجدة و هي تقف في عتبة الباب
دينا : حاضرة ياجدتي انا قادمة
الجدة : هيا يا حبيبتي سيبرد الطعام هيا
دينا : انا قادمة. ..
اغلقت دينا الدفتر و ذهبت لتناول العشاء جلست على مائدة الطعام نظرت على اليمين فإذا بفاطمة اختها الصغيرة تجلس بجانبها و الجدة قد جلست على اليسار
:أين ايهاب ؟ تتسأل فاطمة
ردت الجدة: خالكن اليوم سيضطر للتأخر قليلاً عن موعد العشاء إنه في العمل و يبدو انه مشغول قليلاً
هم الجميع بتناول الطعام و لم يخلوا الجو من مزاح فاطمة فمعروف عنها انها ذات ظل خفيف تحاول أن تجعل جو المنزل مرحاً و ترسم البسمة على وجوه الحاضرين أينما كانت
جلسن يتسامرن قليلاً بعد الانتهاء من الاكل ريثما يحين موعد النوم التفتت دينا إلى ساعة الجدار بناظريها كانت عقارب الساعة تشير إلى الحادية عشر ليلاً نهضت و هي تقول : أنا استأذن انا ذاهبة لغرفتي
أما فاطمة فقد نهضت تجمع الأطباق و ترتب المائدة ثم ذهبت للمطبخ للتنظيف و ترتيب الاطباق و بقيت الجدة تنتظر مجيء ولدها لتطمئن عليه
دخلت دينا الغرفة و اغلقت الباب خلفها و عادت لكتابة قصتها :
.. إنه العام الفين واحد عشر في مدينة الياسمين حيث كنت اسكن في بقعة كأنها هبطت من الجنة دونما استأذان ...
و اكملت تملئ الأسطر بكلمات تصف بها كيف كانت الحياة جميلة هادئة و دفئ العائلة يملئ عليها الدنيا رغداً و طمأنينةً و سعادة لم تحس بالوقت و هي منهمكة في الكتابة دق جرس الساعة المعلقة على الجدار إنها الواحدة ليلاً !
اغلقت الدفتر و اعادت ترتيب الطاولة ثم استدارت و اتجهت لسريرها لتخلد إلى النوم اطفأت المصباح و اغمضت تلك الجفون المتعبة من كثرة السهر و الأرق ،
و في غمضة عين و انتباهتها إذا بالصباح يطلع و كأنما الليل ولى هارباً خلسة دونما انذار و الضوء بدأ ينبلج مزاحماً ظلمة الليل فتحت عينيها تدافع النعاس لتبدأ يوماً جديداً متفائلة بأن القادم اجمل
دينا هي تلك الفتاة ذات الخمسة والعشرين ربيعاً بل قل خريفاً.. و رغم كل شيء إلا انها لا تزال تؤمن أن لكل عسر يسر و أن الحياة لا تدوم على حال واحد و أن الجميع في هذه الدنيا إلى زوال ...
استيقظت دينا على صوت أذان الفجر المنبعث من المسجد المجاور للحي الذي تقطن فيه همت لتنفض عنها اثقال النعاس لتلبي نداء ربها كما كانت تعلمها والدتها دوماً .
ذهبت لتوقظ اهل المنزل للصلاة فوجدت الجدة و قد ارتدت لباس الصلاة تجلس على كرسيها الخشبي تذكر الله و تتلو ما تحفظ من ايات من كلام الله توجهت لغرفة فاطمة و ايقظتها و بعد أن فرغوا من الصلاة توجهت دينا لتعد الفطور ريثما تجهز فاطمة نفسها للذهاب إلى الجامعة فاليوم يوم مهم بالنسبة للجميع و هو اول ايام الامتحانات للتخرج عند فاطمة و الجميع يترقب تلك اللحظة عندما تعرض النتائج و تكون فاطمة إحدى المتخرجات من الجامعة ..
جلس الجميع حول الطاولة يتناولون طعام الإفطار فهمس ايهاب بأذن والدته فابتسمت و استبشر وجهها و نظرت لدينا نظرة سرور و فرح
لم تعر دينا اهتماماً للأمر رغم ملاحظتها لما حدث وبينما هم كذلك اذ سمعوا صوت الحافلة و قد وقفت امام المنزل لتأخذ فاطمة
اسرعت فاطمة و نهضت مهرولة نحو الباب بسعادة كبيرة و هي تودع الجميع بينما تهرول نحو الباب
خرجت فاطمة و مرت بضعة دقائق ..
انتهى الجميع من الاكل و توجهت الجدة و ايهاب إلى غرفة المعيشة يتهامسون فيما بينهم
بينما قامت دينا بترتيب المطبخ و تنظف الأواني فهي فتاة تحب النظافة بشكل كبير مولعةٌ بالترتيب إلى اقصى حد حتى في التفاصيل .
و بينما تقوم بترتيب المنزل
إذ سمعت صوت هاتفها يرن و قد استلمت بضع رسائل نصية فنظرت بدهشة و قد ارتسمت على تعابير وجهها الاستغراب
:
" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "
" مرحبا دينا كيف حالك ؟ "
" انا محمد "
" ارجو أن تكوني بخير "
" إن كنت رأيتي رسائلي اتمنى ان تردي عليّ "
إنه محمد شاب في مثل عمر دينا كانوا يسكنون في جوار بعضهم منذ الطفولة قبل ان تنتقل دينا للعيش في المدينة تربوا سويةً و عاشوا الطفولة مع بعضهم وكانوا اصدقاء مقربين جداً بل و ربما يحسبهم الناظر اشقاء
كتب دينا مجيبة تلى الرسائل
دينا : " أهلا محمد "
" وعليكم السلام ورحمة الله "
" الحمد لله انا بخير "
" كيف حالك انت "
انهت دينا كتابة الرسائل ثم احست بشيء غريب في صدرها
و في لحظة اشبه بالندم همت بحذف الرسائل لكن محمد كان قد استلمها بالفعل
رد محمد : انا بخير شكراً على سؤالك "
" انا اود ان اعتذر لك "
دينا مقاطعة الحوار ! : محمد اعتذر هناك من يناديني سأعود لاحقاً
لم يكن هناك احد ينادي عليها لكنها لم ترغب في اكمال الحديث معه اغلقت الهاتف و تركته على الأريكة ملقىً بدون اهتمام و حاولت ان تتجاهل الرسائل الواردة
ارتسمت تعابير الخيبة والحزن على وجه محمد
لقد كان حواراً قصيراً لا يسمو إلى ان يكون في تطلعاته لقد كان يتوقع ان يكلمها لمدة ساعة على الاقل يطمئن عليها و يشرح بعض الأمور لها لكنها فاجئته بردها البارد نوعاً ما
ثم حدث نفسه قائلاً لعلها مشغولة لعلها و لعلها وبدأ يلتمس لها الاعذار و بقي يراقب الهاتف عله يجد منها رسالة مضت الدقائق و الساعة و محمد كل بضعة دقائق يلقي بنظرة على الهاتف فلا يجد شيئاً مضت الأن ثلاث ساعات إنه وقت صلاة الظهر خرج محمد متوجهاً نحو المسجد القريب من منزله يمشي و قد سرح بخياله في الموقف الذي حصل صباح ذلك اليوم شعر بيد تربت على كتفه من خلفه التفت فإذا هو العم اسماعيل صاحب الدكان الذي يبتاع منه محمد معظم حاجياته و هو أيضاً صاحب المنزل الذي يستأجره و يسكن به محمد
العم إسماعيل : كيف حالك يا شيخ إين انت يا ولد
محمد: أهلا عم كيف حالك الحمد لله انا بخير
اسماعيل : الحمد لله بخير و فضل اراك شارد الذهن ما بالك يا ولدي
محمد : لا لاشيء كنت فقط استمع لصوت الأذان
إسماعيل حسناً لا بأس هيا اسرع لنلحق تكبيرة الإحرام
محمد و قد غمز بعينيه: انا اسير ببطء يا حاج لكي لا تتعب
ضحك اسماعيل قائلاً : اااه عندما كنت في سنك كنت اكثر ادباً مع الكبار
محمد ضاحكاً : سامحني ياعم امزاحك فقط
دخلا ألى المسجد فقد اعتاد محمد أن يصلي في المسجد برفقة العم اسماعيل حينما يكون في المنزل
محمد شاب في السابعة والعشرين من عمره يقيم في هذه المدينة منذ بضعة اشهر بعد ان انتقل من قريته بسبب الحرب و اضطر لمفارقة والديه متجهاً نحو المدينة ليبحث عن عمل يعين به نفسه و اهله فالناس عموماً قد تبدلت اوضاعهم في السنوات الأخيرة بسبب ماجرّته الحروب من ويلات و دمار و فقر اجربت محمد كما الكثير من شباب بلاده على أن يتركوا الدراسة بحثاً عن عمل فالان وقت الانتاج و لا وقت للتعلم
أما دينا فقد كانت تفكر في امر محمد و ينتابها شيء من الحيرة أخيراً أمسكت الهاتف و دخلت لمحادثة محمد
دينا : مرحباً كيف حالك
محمد : أهلا دينا انا بخير كيف حالك انتِ
دينا : بخير شكراً لك
محمد : ماهي اخبارك كيف هي أيامك
دينا : انا بخير انتقلت للعيش في مدينة دمشق مع جدتي وخالي
محمد : جيد وانا ايضاً انتقلت للعيش هنا لم اكن اعلم ان لكي اقارب هنا كنت اريد أن ابلغك التعازي بشأن والديكِ لكن لم اكن اعلم اين تسكنين ..
دينا: شكراً لك على اهتمامك الحمد لله على كل حال نسأل الله ان يرحمهم لا بأس لا تتعب نفسك
محمد : كيف حال دراستك
دينا وقد ارتسمت على وجهها تعابير ضحك و حزن معاً
دراسة!لقد تركتها مع الاسف
محمد : مواسياً إياها لا بأس انا ايضاً اضطررت لترك الدراسة
دينا : الله المستعان حسناً انا مضطرة للذهاب عن اذنك
محمد : حسنا بأمان الله وداعاً
عادت فاطمة من الجامعة و قد قدمت أول امتحان لها مستبشرة و فرحةً فقد كانت تسهر الليالي و تتعب على نفسها و هي تذاكر و قد حبست نفسها و انعزلت عن المجتمع نوعاً ما لتتفرغ للدراسة
و قد كانت دائماً ما تدع الله أن ييسر امورها و يعينها على دراستها لتحقق حلمها
جلس إيهاب مع الجدة و هو يخبرها عن شاب قد رأى دينا صدفة و هي خارجة من المنزل و قد سأله عنها و يبدو انه يريد ان يتقدم لخطبتها استبشرت الجدة و بدت على وجهها علامات الفرح فقد كانت تود ان تجعل دينا تنسى شيئاً من حزنها
ثم قالت الجدة : حسناً لنتريث قليلاً انت اسأل عن الشاب و استفسر عنه و انا سأحاول ان اتكلم بالموضوع مع دينا علّها تقبل ...