الفصل الثاني و الاربعين
الفصل الثاني والأربعين ..
____________________
انها تعيش من العمل علي إقامة حفلات الزفاف ، والحفلات الرسمية والفخمة ، الي الصغيرة والعادية ،
وتقريبا كل شيء بينهما ،
كانت الناس سعيدة بدفع المزيد من أجل تلك النظرة الثاقبة علي التفاصيل ،
فهي ماهرة في ذلك كما وأنها فخورة بمقدرتها علي ذلك .
بصورة أوتوماتيكية بحثت عن صديقتها ، لورين عروس اليوم ، ومن فستانها العاجي اللون والطويل لم يكن من الصعب رؤيتها ولا رؤية فرحتها الكبرى ،
وسبب تلك الفرحة لا يبعد عنها كثيرًا ،
انه زوجها العريس الجديد ، دريك آرنستو .
هناك شيء ما فيما يتعلق به هو و لوكاس و آريستيد فد أخذت كليا بسحرهم وبطريقة قربهم ، اما عن لورين فقد فقدت صوابها نهائيًا ،
لورين تعشق دريك ، هذا واضح تمامًا ..
وحتي مع رؤية آريستيد وكيف أصبح عقلها مع الغيوم لأجله ، ولكن المشكلة ما زالت مع الأخوين الباقيين ..
الذي لم يعجبها مطلقا هو تأثرهم بآريستيد ، الذي يعتبرونهم مثل اخيهم الكبير ،
هذا الرجل المميز وكأن ذلك مطبوعا علي جبينه ،
كان ذلك في صوته وفي عينيه وفي ابتسامته ،
لكن ان كان مميزا حقا فهي قد تخطت جميع الحدود ،
لقد خرجت من اللعبة منذ خمس سنوات ،
ولا نية لها مطلقا في تكرار ذلك ..
ما تحتاجه جينيفر الأن هو أن تبعد أفكارها عن آريستيد هذا ،
وتضعها في الأعمال المتوجبة عليها ،
نظرت حولها في الغرفة ولاحظت نقاط المياه الكبيرة تضرب النوافذ العالية ،
سيحل عيد الميلاد بعد أسبوع واحد ، وهي كانت تفضل أن يكون أبيض مليئا بالثلج ، ليصلح تماما للعطلة ...
بإمكانها أن تخطط للزفاف حتي أدق التفاصيل لكن الطقس هو أمر لا تستطيع تغييره ،
منذ خمس سنوات قيل لها أن هناك شيئا لا تستطيع تغييره ،
أما الآن ....
أبعدت تلك الفكرة نهائيًا عن رأسها ،
و ركزت علي الاستقبالات في الزفاف وعلى تساقط المطر على الزجاج من الخارج ،
ابتسمت فصديقتها تحب المطر ،
وقد قالت لها أنها أغرمت بدريك خلال تساقط المطر في فصل الصيف ،
وكما يبدو هذا المطر سيستمر بالهطول حتي آخر الليل .
وقرب طاولة الزينة وقفت لورين و دريك ،
وبمساعدة بعض الأصدقاء المقربين ،
أخذوا يفتحون علب الهدايا ،
اقتربت جينيفر لتراقب سيلا ، ولوكاس ، و آريستيد اللذين استمرا في السخرية من العروسين بصورة دائمة ،
بينما عبر العروسين بفرح واضح ،
وهما يريان الأواني والأدوات الكهربائية ، و الكريستال الرائع ، و مناشف اليدين .
وعندما أمسك دريك بيده صندوقا مميزا تضاعف عدد الضيوف حولهما ،
اقتربت أكثر وراقبت دريك وهو يمزق الورقة
ويرفع الغطاء ،
ثم أخرج على ما يبدو ميدالية قديمة للعب البولينغ ،
رفعها دريك عاليا ليتمكن الحشد من رؤيتها ..
ضرب لوكاس كتف شقيقه قائلًا :
- لقد ربحتها يا دريك ، أيها الولد الكبير ..
وقفت والدتهم مفسرة تلك الجائزة السخيفة :
- كان علي رميها منذ سنين عديدة ،
تخيلوا ربح جائزة علي مواعدة فتاة أكبر سنا ،
أو أن تصبح رائد فضاء ، أو قائد الكاو بوي في كريت ،
أو كونك قررت أن تتزوج ..
بصوت ساخر قال دريك :
- انها لنا يا لورين ، في الوقت الحاضر ..
قال لوكاس بضحكة وهو ينظر نحو سيلا زوجته :
- لا تستعجل كثيرًا ، أنا سأعيدها إلي لسبب آخر ، بينما سيجد آريستيد طريقة ليربحها هو الآخر لنفس السبب الذي ربحتها به ، أليس كذلك يا آريستيد ؟
ضحك الضيوف بصوت عالي ،
لكن جينيفر لم تجد الأمر مضحكا ،
لقد أخبرتها لورين عن تلك الجائزة ،
وكيف بدأت اللعبة عندما أراد لوكاس مواعدة فتاة أكبر منه عمرا ، ولكن
شقيقه وآريستيد أكدا أنه لن يفعل ،
لكن لوكاس ربح الرهان واستحق جائزة والده القديمة للعب
البولينج ،
ثم ظلت عنه حين زواجه من سيلا ، و ولكنه لم يصنع حفل زفاف بسبب سجن دريك ، ليصبح بعد ذلك رهان دائم ما بينهم ،
لم تعلم جينيفر شيئا عن رائد الفضاء ،
أو قائد دالاس ، لكنها تعلم أن دريك قد ربح الرهان أخيرًا كونه تزوج الأن .
- انهما يبدوان سعيدين ، أليس كذلك ؟
لم تلاحظ اقتراب آريستيد منها حتي سمعت صوته قربها ،
لقد سمعت مرة أن صوته يذكر كل من يسمعه بالليالي الحالمة والرومانسية ،
عمل آريستيد الاضافي ، بجانب القارب وعمله في شركة آرنستو ،
هو تقديم الأغاني الراقصة في محطة إذاعية عبر ضواحي كريت ،
هذا ما جعل صوته الأكثر شهرة في اليونان ،
والآن فهمت جينيفر سبب تلك الشهرة ..
اجابته بابتسامة ورقة :
- كنت أتمني أن لا يكون رأسها بين الغيوم ..
تمتمت بذلك واستدارت لترفع نظرها لعينين زرقاوين تثيران التوتر كصوته :
- ألا تعتقدين أنهما سينجحان بزواجهما ؟!
بحثت بنظراتها عن العروسين ، واللذين بدا سعيدين جد ،ا وهما يقبلان بعضهما قبلة خاطفة ، قبل أن يمزقا أوراق هدية أخرى ..
لتنظر نحوه بثقة قائلة :
- أتمني أن يحدث ذلك ، لكنني أخشي أن
فرصة نجاحهما ضئيلة جدا ، والإحصاءات برهنت ذلك ..
ثم خفضت صوتها لتردف :
- الزواج من رجل خارج من السجن حديثًا ، ليس قرارًا صائبًا ..
صمته أثار انتباهها فرفعت نظرها اليه ،
كانت ملامح وجهه تبدو أنه لم يصدق ما سمعه !
قال لها بعصبية حاول ان يداريها :
- اولًا انتٍ لا تعرفين الحقيقية كاملة ، فلا تحكمي على دريك بهذا الشكل السطحي ،
ثانيًا وهذا الاهم ..
أنت تعملين كمتعهدة للزفاف ،
ومع ذلك لا تؤمنين بمؤسسة الزواج ؟!
رجل في منتصف العمر عرفتها عليه لورين ،
بالعم مارتن قد قطع حديثهما ،
حين ضرب آريستيد علي ظهره وقال له :
- لقد سقط اثنان من عائلة آرنستو ، وهناك واحد على الطريق ، أليس كذلك يا بني ؟
نظرت جينيفر بالوقت المناسب لتشاهد تجهم آريستيد ،
لقد مرر اصبعه بين رقبته وياقة
قميصه القاسية ، ووتمت :
- فكرة من هذه ؟! ارتداء ربطة عنق قصيرة ، خنيقة هكذا ؟!
سؤاله لم يشتت أفكار العم مارتن ،
ليستدير نحو جينيفر قائلًا :
- جيني أليس كذلك ؟!
هزت رأسها بإبتسامة رقيقة ، ليردف :
لقد أردت أن أشكرك علي تنظيم هذا الحفل الرائع ، والممتع ..
أجابت من دون أن تصحح له اسمها :
- أنا ولورين قد خططنا لكل شيء معًا ..
أصر ان يوضح لها :
- هذا عمل رائع قد قمت به على أكمل وجه يا جيني ،
فأنا أحب حقا حفلات الزفاف المتقن ،
في االواقع .. أنا لا أمانع
إخبارك أنني أحب أن أري آريستيد هذا أيضا متزوجا وسعيدًا ، فلم يعد غيره من المقربين لنا لم يدخل قفص الزوجيه بعد ..
رددت بلا اهتمام :
- هذا رائع ....
مرة أخري قاطع العجوز هاريس جينيفر وقال :
- أخبريني يا جيني ، هل أنت متزوجة ؟!
مع أنها أبقت نظرها علي الرجل العجوز
لكنها لاحظت الفضول علي وجه آريستيد بوضوح ،
مؤكد الصدق سيضع حدا لاهتمامه بها ، فأجابت بحزم :
- نعم ..
ثم انسحبت بلطف وهي تقول :
- و الآن ان كنتما تعذراني ،
يبدو أن العروسين مستعدين للمغادرة ...
ابتسمت لهما ابتسامة صغيرة ،
واستدارت وسارت نحو الحشد المتجمع قرب لورين ..
******************
شعر آريستيد ببعض الرضا وهو يدق جرس باب لوكاس عند الساعة الثامنة والنصف صباح اليوم التالي ،
وعندما فتح الباب علي مصراعيه نزع آريستيد اصبعه من على جرس الباب ..
ردد لوكاس وهو ما زال ناعسًا :
- كان علي أن أعرف أنه أنت ، ألا تنام أبدا ؟!
استيقظت سيلا والفتاتين ، ليركضا نحو الباب ،
فأوقفهما لوكاس ليطمئن زوجته قائلًا :
- لا تقلقي يا حبيبتي ، و عودي لنومكم ، فهذا المزعج هو آريستيد كعادته ...
بدا التجهم علي وجه آريستيد وهو يقول له :
- استقبالك الرائع هذا ، يغني عن كل شيء ..
كما وأن النوم لساعة متأخرة هي للعجائز ..
ثم مر أمام لوكاس وأبعد الستائر عن غرفة الجلوس ،
وبدأ بتعبئة إبريق القهوة في المطبخ ، ليسأله لوكاس :
- ما الذي تعتقد أنك تفعله ؟!
اجابه ببساطة :
- أحضر القهوة ، كما ترى ..
حدثه لوكاس بضيق وهو يفرك عينيه :
- أليس لديك إبريق قهوة في مطبخك ؟!
اجابه بسخرية :
- بل ليس لدي سلة للعب كرة السلة ..
ترك لوكاس عينيه ومد يديه قليلا وهو يقول له :
- الطقس بارد ورطب يا آريستيد ،
- كما وأنك لم تحظ بوقت كافي للنوم أكثر مني ،
ما الأمر إذًا ؟!
سمع صوت إبريق القهوة ما أن بدأت الماء بالغليان ،
- أشعر بعدم الراحة ، لنلعب كرة السلة ..
راقب لوكاس آريستيد وهو يضع كوبين للاستعمال ..
من بين الأخين كان دريك الأعزب النموذجي بالنسبة له ،
و بالطبع دريك لم يعد عازبا بعد اليوم ، فتح له قلبه بصدق وهو يقول له :
- عينا المرأة يحملان ومضات من العاطفة ،
وتقريبا عميقة وحزينة كما رآيتها في عيني جينيفر ،
تجهم وجه آريستيد مرة ثانية وأنزل الساقية عن الطاولة .
قال له لوكاس :
- وما الذي ستفعله من أجل امرأة يائسة في تلك اللحظة بالذات ؟!
قال آريستيد بسرعة وهو ينهض :
- نساء يائسات أمر صعب ايجاده هذه الأيام ..
ابتسم لوكاس وهو يقول له بخفوت ، بعدما القى نظرة على غرفة سيلا المغلقة :
- آه ، إنهن في كل مكان يا آريستيد ،
قد لا ترتدين فساتين بيضاء واسعة ، لكنهن هناك ،
انا واثق بأنك ستنال جائزة البولينغ وستحظى بفتاة قبلك ..
ابتسم آريستيد قائلًا :
- لقد قلت لك سابقًا ، أن تنسي االأمر،
لن يكون هناك المزيد من المراهنات ..
ثم مدد آريستيد جسمه ونظر الي شقة لوكاس باشمئزاز كامل وتابع :
- هذه الغرفة تبدو كمكان لرمي النفايات ..
جلس لوكاس لينظر نحوه ليكشف أمره :
- تبديل الموضوع لن يبعد الصنارة عنك ،
وأنت كنت تسعي للشجار طوال النهار ،
فأنا لن أساعدك علي ذلك ..
وبدون أن يقول أي كلمة ،
حمل فنجان القهوة الي المطبخ ، ثم ارتدي معطفه ،
وعندما وصل الي الباب سأله لوكاس :
- هل أنت متأكد أن ليس هناك أي أمر سيء ؟!
ضاقت عينا آريستيد وفكر بسؤال لوكاس ،
انه في مزاج عكر ولا يعلم ما هو السبب ،
هز رأسه وأقفل معطفه واستدار مغادرًا ، وهو يقول له :
- لن اغادر الي بانكوك قبل الثالث والعشرين من الشهر ،
عليك أن تذهب معي في هذه الرحلة ،
من يعلم كم من النساء سنلتقي هناك ، اذا استطعت ان تهرب من سيلا والفتاتين ..
ابتسم لوكاس خلفه ، فآريستيد ابن عمهم وكبيرهم ، واضح انه يواجه ازمة عاطفية جديدة عليه ،
عاد لغرفته في احضان سيلا ، التي سألته باستفهام :
- ما به آريستيد ؟!
اجابها وهو يجرها لأحضانه مقبلًا اياها بحميمية :
- يواجه عشقًا جديدًا ، يغمره مثل الامواج العاتية ، و من الواضح انه لن يستطيع النجاة ..
ثم اردف وهو يلتصق بها :
- اتركي آريستيد وما يواجه الأن ، ودعيني نعود لما فعلناه في شهر عسلنا بأكمله ..
ضحكت سيلا بعنج وهي تقول له :
- هل اعادك دريك للماضي ؟!
جرها نحوه هامسًا :
- لم يكن ماضي بعيد حتى انساه ...
**********"
انطلق آريستيد من الموقف بسيارته ،
زاد سرعته في الطريق السريع حتى وصل لشقته في وسط المدينة ..
لقد قرر لوكاس وسيلا ان يمضيا عطلة العيد في بانكوك ،
وعمه وزوجته سيأخذان قاربا لإمضاء العطلة في
البحر ،
و دريك و لورين يمضيان شهر العسل في الباهامس ولن يعودا قبل السادس والعشرين من الشهر الحالي ،
الأشياء تتغير بدون شك ، وهذا لا يعني أن
آريستيد لا يحب التغيير ، لكنه يريد هو أن يقوم بهذا التغيير وهذا كل شيء .
آه .. لا .. لن يقدم علي رهان يتعلق بالأطفال ،
فالأطفال تعني المسئولية ، ويكفيه ولده الشاب ،
ان الأطفال يراقبونك من دون أن يتكلموا ،
وهم يطرحون الأسئلة .. العديد من الأسئلة .
لقد تقبل لوكاس مسئولية اكزاني والصغيرة ،
حتي دريك يحبهما كثيرًا ، وبالذات اكزاني ،
البالغة من العمر ثلاث سنوات ..
يكفيه ولده ، لقد اصبح شابًا رائعًا ،
فلديه عينين زرقاوين كعائلة آرنستو ،
وبدون شك سيصبح رجلًا وسيما جدا ,
لكن ان كانت عيناه زرقاوين أم لا ،
فمنذ ان كان طفلًا ، قد جعله عمه متوترًا ،ويحمل همًا ومسؤولية كبيرة ،
وذلك لأنه كان طفل والأطفال تثير أعصابه سريعًا ، لذلك هو لا يريد اعادة التجربة ...
الفصل الثاني والأربعين ..
____________________
انها تعيش من العمل علي إقامة حفلات الزفاف ، والحفلات الرسمية والفخمة ، الي الصغيرة والعادية ،
وتقريبا كل شيء بينهما ،
كانت الناس سعيدة بدفع المزيد من أجل تلك النظرة الثاقبة علي التفاصيل ،
فهي ماهرة في ذلك كما وأنها فخورة بمقدرتها علي ذلك .
بصورة أوتوماتيكية بحثت عن صديقتها ، لورين عروس اليوم ، ومن فستانها العاجي اللون والطويل لم يكن من الصعب رؤيتها ولا رؤية فرحتها الكبرى ،
وسبب تلك الفرحة لا يبعد عنها كثيرًا ،
انه زوجها العريس الجديد ، دريك آرنستو .
هناك شيء ما فيما يتعلق به هو و لوكاس و آريستيد فد أخذت كليا بسحرهم وبطريقة قربهم ، اما عن لورين فقد فقدت صوابها نهائيًا ،
لورين تعشق دريك ، هذا واضح تمامًا ..
وحتي مع رؤية آريستيد وكيف أصبح عقلها مع الغيوم لأجله ، ولكن المشكلة ما زالت مع الأخوين الباقيين ..
الذي لم يعجبها مطلقا هو تأثرهم بآريستيد ، الذي يعتبرونهم مثل اخيهم الكبير ،
هذا الرجل المميز وكأن ذلك مطبوعا علي جبينه ،
كان ذلك في صوته وفي عينيه وفي ابتسامته ،
لكن ان كان مميزا حقا فهي قد تخطت جميع الحدود ،
لقد خرجت من اللعبة منذ خمس سنوات ،
ولا نية لها مطلقا في تكرار ذلك ..
ما تحتاجه جينيفر الأن هو أن تبعد أفكارها عن آريستيد هذا ،
وتضعها في الأعمال المتوجبة عليها ،
نظرت حولها في الغرفة ولاحظت نقاط المياه الكبيرة تضرب النوافذ العالية ،
سيحل عيد الميلاد بعد أسبوع واحد ، وهي كانت تفضل أن يكون أبيض مليئا بالثلج ، ليصلح تماما للعطلة ...
بإمكانها أن تخطط للزفاف حتي أدق التفاصيل لكن الطقس هو أمر لا تستطيع تغييره ،
منذ خمس سنوات قيل لها أن هناك شيئا لا تستطيع تغييره ،
أما الآن ....
أبعدت تلك الفكرة نهائيًا عن رأسها ،
و ركزت علي الاستقبالات في الزفاف وعلى تساقط المطر على الزجاج من الخارج ،
ابتسمت فصديقتها تحب المطر ،
وقد قالت لها أنها أغرمت بدريك خلال تساقط المطر في فصل الصيف ،
وكما يبدو هذا المطر سيستمر بالهطول حتي آخر الليل .
وقرب طاولة الزينة وقفت لورين و دريك ،
وبمساعدة بعض الأصدقاء المقربين ،
أخذوا يفتحون علب الهدايا ،
اقتربت جينيفر لتراقب سيلا ، ولوكاس ، و آريستيد اللذين استمرا في السخرية من العروسين بصورة دائمة ،
بينما عبر العروسين بفرح واضح ،
وهما يريان الأواني والأدوات الكهربائية ، و الكريستال الرائع ، و مناشف اليدين .
وعندما أمسك دريك بيده صندوقا مميزا تضاعف عدد الضيوف حولهما ،
اقتربت أكثر وراقبت دريك وهو يمزق الورقة
ويرفع الغطاء ،
ثم أخرج على ما يبدو ميدالية قديمة للعب البولينغ ،
رفعها دريك عاليا ليتمكن الحشد من رؤيتها ..
ضرب لوكاس كتف شقيقه قائلًا :
- لقد ربحتها يا دريك ، أيها الولد الكبير ..
وقفت والدتهم مفسرة تلك الجائزة السخيفة :
- كان علي رميها منذ سنين عديدة ،
تخيلوا ربح جائزة علي مواعدة فتاة أكبر سنا ،
أو أن تصبح رائد فضاء ، أو قائد الكاو بوي في كريت ،
أو كونك قررت أن تتزوج ..
بصوت ساخر قال دريك :
- انها لنا يا لورين ، في الوقت الحاضر ..
قال لوكاس بضحكة وهو ينظر نحو سيلا زوجته :
- لا تستعجل كثيرًا ، أنا سأعيدها إلي لسبب آخر ، بينما سيجد آريستيد طريقة ليربحها هو الآخر لنفس السبب الذي ربحتها به ، أليس كذلك يا آريستيد ؟
ضحك الضيوف بصوت عالي ،
لكن جينيفر لم تجد الأمر مضحكا ،
لقد أخبرتها لورين عن تلك الجائزة ،
وكيف بدأت اللعبة عندما أراد لوكاس مواعدة فتاة أكبر منه عمرا ، ولكن
شقيقه وآريستيد أكدا أنه لن يفعل ،
لكن لوكاس ربح الرهان واستحق جائزة والده القديمة للعب
البولينج ،
ثم ظلت عنه حين زواجه من سيلا ، و ولكنه لم يصنع حفل زفاف بسبب سجن دريك ، ليصبح بعد ذلك رهان دائم ما بينهم ،
لم تعلم جينيفر شيئا عن رائد الفضاء ،
أو قائد دالاس ، لكنها تعلم أن دريك قد ربح الرهان أخيرًا كونه تزوج الأن .
- انهما يبدوان سعيدين ، أليس كذلك ؟
لم تلاحظ اقتراب آريستيد منها حتي سمعت صوته قربها ،
لقد سمعت مرة أن صوته يذكر كل من يسمعه بالليالي الحالمة والرومانسية ،
عمل آريستيد الاضافي ، بجانب القارب وعمله في شركة آرنستو ،
هو تقديم الأغاني الراقصة في محطة إذاعية عبر ضواحي كريت ،
هذا ما جعل صوته الأكثر شهرة في اليونان ،
والآن فهمت جينيفر سبب تلك الشهرة ..
اجابته بابتسامة ورقة :
- كنت أتمني أن لا يكون رأسها بين الغيوم ..
تمتمت بذلك واستدارت لترفع نظرها لعينين زرقاوين تثيران التوتر كصوته :
- ألا تعتقدين أنهما سينجحان بزواجهما ؟!
بحثت بنظراتها عن العروسين ، واللذين بدا سعيدين جد ،ا وهما يقبلان بعضهما قبلة خاطفة ، قبل أن يمزقا أوراق هدية أخرى ..
لتنظر نحوه بثقة قائلة :
- أتمني أن يحدث ذلك ، لكنني أخشي أن
فرصة نجاحهما ضئيلة جدا ، والإحصاءات برهنت ذلك ..
ثم خفضت صوتها لتردف :
- الزواج من رجل خارج من السجن حديثًا ، ليس قرارًا صائبًا ..
صمته أثار انتباهها فرفعت نظرها اليه ،
كانت ملامح وجهه تبدو أنه لم يصدق ما سمعه !
قال لها بعصبية حاول ان يداريها :
- اولًا انتٍ لا تعرفين الحقيقية كاملة ، فلا تحكمي على دريك بهذا الشكل السطحي ،
ثانيًا وهذا الاهم ..
أنت تعملين كمتعهدة للزفاف ،
ومع ذلك لا تؤمنين بمؤسسة الزواج ؟!
رجل في منتصف العمر عرفتها عليه لورين ،
بالعم مارتن قد قطع حديثهما ،
حين ضرب آريستيد علي ظهره وقال له :
- لقد سقط اثنان من عائلة آرنستو ، وهناك واحد على الطريق ، أليس كذلك يا بني ؟
نظرت جينيفر بالوقت المناسب لتشاهد تجهم آريستيد ،
لقد مرر اصبعه بين رقبته وياقة
قميصه القاسية ، ووتمت :
- فكرة من هذه ؟! ارتداء ربطة عنق قصيرة ، خنيقة هكذا ؟!
سؤاله لم يشتت أفكار العم مارتن ،
ليستدير نحو جينيفر قائلًا :
- جيني أليس كذلك ؟!
هزت رأسها بإبتسامة رقيقة ، ليردف :
لقد أردت أن أشكرك علي تنظيم هذا الحفل الرائع ، والممتع ..
أجابت من دون أن تصحح له اسمها :
- أنا ولورين قد خططنا لكل شيء معًا ..
أصر ان يوضح لها :
- هذا عمل رائع قد قمت به على أكمل وجه يا جيني ،
فأنا أحب حقا حفلات الزفاف المتقن ،
في االواقع .. أنا لا أمانع
إخبارك أنني أحب أن أري آريستيد هذا أيضا متزوجا وسعيدًا ، فلم يعد غيره من المقربين لنا لم يدخل قفص الزوجيه بعد ..
رددت بلا اهتمام :
- هذا رائع ....
مرة أخري قاطع العجوز هاريس جينيفر وقال :
- أخبريني يا جيني ، هل أنت متزوجة ؟!
مع أنها أبقت نظرها علي الرجل العجوز
لكنها لاحظت الفضول علي وجه آريستيد بوضوح ،
مؤكد الصدق سيضع حدا لاهتمامه بها ، فأجابت بحزم :
- نعم ..
ثم انسحبت بلطف وهي تقول :
- و الآن ان كنتما تعذراني ،
يبدو أن العروسين مستعدين للمغادرة ...
ابتسمت لهما ابتسامة صغيرة ،
واستدارت وسارت نحو الحشد المتجمع قرب لورين ..
******************
شعر آريستيد ببعض الرضا وهو يدق جرس باب لوكاس عند الساعة الثامنة والنصف صباح اليوم التالي ،
وعندما فتح الباب علي مصراعيه نزع آريستيد اصبعه من على جرس الباب ..
ردد لوكاس وهو ما زال ناعسًا :
- كان علي أن أعرف أنه أنت ، ألا تنام أبدا ؟!
استيقظت سيلا والفتاتين ، ليركضا نحو الباب ،
فأوقفهما لوكاس ليطمئن زوجته قائلًا :
- لا تقلقي يا حبيبتي ، و عودي لنومكم ، فهذا المزعج هو آريستيد كعادته ...
بدا التجهم علي وجه آريستيد وهو يقول له :
- استقبالك الرائع هذا ، يغني عن كل شيء ..
كما وأن النوم لساعة متأخرة هي للعجائز ..
ثم مر أمام لوكاس وأبعد الستائر عن غرفة الجلوس ،
وبدأ بتعبئة إبريق القهوة في المطبخ ، ليسأله لوكاس :
- ما الذي تعتقد أنك تفعله ؟!
اجابه ببساطة :
- أحضر القهوة ، كما ترى ..
حدثه لوكاس بضيق وهو يفرك عينيه :
- أليس لديك إبريق قهوة في مطبخك ؟!
اجابه بسخرية :
- بل ليس لدي سلة للعب كرة السلة ..
ترك لوكاس عينيه ومد يديه قليلا وهو يقول له :
- الطقس بارد ورطب يا آريستيد ،
- كما وأنك لم تحظ بوقت كافي للنوم أكثر مني ،
ما الأمر إذًا ؟!
سمع صوت إبريق القهوة ما أن بدأت الماء بالغليان ،
- أشعر بعدم الراحة ، لنلعب كرة السلة ..
راقب لوكاس آريستيد وهو يضع كوبين للاستعمال ..
من بين الأخين كان دريك الأعزب النموذجي بالنسبة له ،
و بالطبع دريك لم يعد عازبا بعد اليوم ، فتح له قلبه بصدق وهو يقول له :
- عينا المرأة يحملان ومضات من العاطفة ،
وتقريبا عميقة وحزينة كما رآيتها في عيني جينيفر ،
تجهم وجه آريستيد مرة ثانية وأنزل الساقية عن الطاولة .
قال له لوكاس :
- وما الذي ستفعله من أجل امرأة يائسة في تلك اللحظة بالذات ؟!
قال آريستيد بسرعة وهو ينهض :
- نساء يائسات أمر صعب ايجاده هذه الأيام ..
ابتسم لوكاس وهو يقول له بخفوت ، بعدما القى نظرة على غرفة سيلا المغلقة :
- آه ، إنهن في كل مكان يا آريستيد ،
قد لا ترتدين فساتين بيضاء واسعة ، لكنهن هناك ،
انا واثق بأنك ستنال جائزة البولينغ وستحظى بفتاة قبلك ..
ابتسم آريستيد قائلًا :
- لقد قلت لك سابقًا ، أن تنسي االأمر،
لن يكون هناك المزيد من المراهنات ..
ثم مدد آريستيد جسمه ونظر الي شقة لوكاس باشمئزاز كامل وتابع :
- هذه الغرفة تبدو كمكان لرمي النفايات ..
جلس لوكاس لينظر نحوه ليكشف أمره :
- تبديل الموضوع لن يبعد الصنارة عنك ،
وأنت كنت تسعي للشجار طوال النهار ،
فأنا لن أساعدك علي ذلك ..
وبدون أن يقول أي كلمة ،
حمل فنجان القهوة الي المطبخ ، ثم ارتدي معطفه ،
وعندما وصل الي الباب سأله لوكاس :
- هل أنت متأكد أن ليس هناك أي أمر سيء ؟!
ضاقت عينا آريستيد وفكر بسؤال لوكاس ،
انه في مزاج عكر ولا يعلم ما هو السبب ،
هز رأسه وأقفل معطفه واستدار مغادرًا ، وهو يقول له :
- لن اغادر الي بانكوك قبل الثالث والعشرين من الشهر ،
عليك أن تذهب معي في هذه الرحلة ،
من يعلم كم من النساء سنلتقي هناك ، اذا استطعت ان تهرب من سيلا والفتاتين ..
ابتسم لوكاس خلفه ، فآريستيد ابن عمهم وكبيرهم ، واضح انه يواجه ازمة عاطفية جديدة عليه ،
عاد لغرفته في احضان سيلا ، التي سألته باستفهام :
- ما به آريستيد ؟!
اجابها وهو يجرها لأحضانه مقبلًا اياها بحميمية :
- يواجه عشقًا جديدًا ، يغمره مثل الامواج العاتية ، و من الواضح انه لن يستطيع النجاة ..
ثم اردف وهو يلتصق بها :
- اتركي آريستيد وما يواجه الأن ، ودعيني نعود لما فعلناه في شهر عسلنا بأكمله ..
ضحكت سيلا بعنج وهي تقول له :
- هل اعادك دريك للماضي ؟!
جرها نحوه هامسًا :
- لم يكن ماضي بعيد حتى انساه ...
**********"
انطلق آريستيد من الموقف بسيارته ،
زاد سرعته في الطريق السريع حتى وصل لشقته في وسط المدينة ..
لقد قرر لوكاس وسيلا ان يمضيا عطلة العيد في بانكوك ،
وعمه وزوجته سيأخذان قاربا لإمضاء العطلة في
البحر ،
و دريك و لورين يمضيان شهر العسل في الباهامس ولن يعودا قبل السادس والعشرين من الشهر الحالي ،
الأشياء تتغير بدون شك ، وهذا لا يعني أن
آريستيد لا يحب التغيير ، لكنه يريد هو أن يقوم بهذا التغيير وهذا كل شيء .
آه .. لا .. لن يقدم علي رهان يتعلق بالأطفال ،
فالأطفال تعني المسئولية ، ويكفيه ولده الشاب ،
ان الأطفال يراقبونك من دون أن يتكلموا ،
وهم يطرحون الأسئلة .. العديد من الأسئلة .
لقد تقبل لوكاس مسئولية اكزاني والصغيرة ،
حتي دريك يحبهما كثيرًا ، وبالذات اكزاني ،
البالغة من العمر ثلاث سنوات ..
يكفيه ولده ، لقد اصبح شابًا رائعًا ،
فلديه عينين زرقاوين كعائلة آرنستو ،
وبدون شك سيصبح رجلًا وسيما جدا ,
لكن ان كانت عيناه زرقاوين أم لا ،
فمنذ ان كان طفلًا ، قد جعله عمه متوترًا ،ويحمل همًا ومسؤولية كبيرة ،
وذلك لأنه كان طفل والأطفال تثير أعصابه سريعًا ، لذلك هو لا يريد اعادة التجربة ...
____________________
انها تعيش من العمل علي إقامة حفلات الزفاف ، والحفلات الرسمية والفخمة ، الي الصغيرة والعادية ،
وتقريبا كل شيء بينهما ،
كانت الناس سعيدة بدفع المزيد من أجل تلك النظرة الثاقبة علي التفاصيل ،
فهي ماهرة في ذلك كما وأنها فخورة بمقدرتها علي ذلك .
بصورة أوتوماتيكية بحثت عن صديقتها ، لورين عروس اليوم ، ومن فستانها العاجي اللون والطويل لم يكن من الصعب رؤيتها ولا رؤية فرحتها الكبرى ،
وسبب تلك الفرحة لا يبعد عنها كثيرًا ،
انه زوجها العريس الجديد ، دريك آرنستو .
هناك شيء ما فيما يتعلق به هو و لوكاس و آريستيد فد أخذت كليا بسحرهم وبطريقة قربهم ، اما عن لورين فقد فقدت صوابها نهائيًا ،
لورين تعشق دريك ، هذا واضح تمامًا ..
وحتي مع رؤية آريستيد وكيف أصبح عقلها مع الغيوم لأجله ، ولكن المشكلة ما زالت مع الأخوين الباقيين ..
الذي لم يعجبها مطلقا هو تأثرهم بآريستيد ، الذي يعتبرونهم مثل اخيهم الكبير ،
هذا الرجل المميز وكأن ذلك مطبوعا علي جبينه ،
كان ذلك في صوته وفي عينيه وفي ابتسامته ،
لكن ان كان مميزا حقا فهي قد تخطت جميع الحدود ،
لقد خرجت من اللعبة منذ خمس سنوات ،
ولا نية لها مطلقا في تكرار ذلك ..
ما تحتاجه جينيفر الأن هو أن تبعد أفكارها عن آريستيد هذا ،
وتضعها في الأعمال المتوجبة عليها ،
نظرت حولها في الغرفة ولاحظت نقاط المياه الكبيرة تضرب النوافذ العالية ،
سيحل عيد الميلاد بعد أسبوع واحد ، وهي كانت تفضل أن يكون أبيض مليئا بالثلج ، ليصلح تماما للعطلة ...
بإمكانها أن تخطط للزفاف حتي أدق التفاصيل لكن الطقس هو أمر لا تستطيع تغييره ،
منذ خمس سنوات قيل لها أن هناك شيئا لا تستطيع تغييره ،
أما الآن ....
أبعدت تلك الفكرة نهائيًا عن رأسها ،
و ركزت علي الاستقبالات في الزفاف وعلى تساقط المطر على الزجاج من الخارج ،
ابتسمت فصديقتها تحب المطر ،
وقد قالت لها أنها أغرمت بدريك خلال تساقط المطر في فصل الصيف ،
وكما يبدو هذا المطر سيستمر بالهطول حتي آخر الليل .
وقرب طاولة الزينة وقفت لورين و دريك ،
وبمساعدة بعض الأصدقاء المقربين ،
أخذوا يفتحون علب الهدايا ،
اقتربت جينيفر لتراقب سيلا ، ولوكاس ، و آريستيد اللذين استمرا في السخرية من العروسين بصورة دائمة ،
بينما عبر العروسين بفرح واضح ،
وهما يريان الأواني والأدوات الكهربائية ، و الكريستال الرائع ، و مناشف اليدين .
وعندما أمسك دريك بيده صندوقا مميزا تضاعف عدد الضيوف حولهما ،
اقتربت أكثر وراقبت دريك وهو يمزق الورقة
ويرفع الغطاء ،
ثم أخرج على ما يبدو ميدالية قديمة للعب البولينغ ،
رفعها دريك عاليا ليتمكن الحشد من رؤيتها ..
ضرب لوكاس كتف شقيقه قائلًا :
- لقد ربحتها يا دريك ، أيها الولد الكبير ..
وقفت والدتهم مفسرة تلك الجائزة السخيفة :
- كان علي رميها منذ سنين عديدة ،
تخيلوا ربح جائزة علي مواعدة فتاة أكبر سنا ،
أو أن تصبح رائد فضاء ، أو قائد الكاو بوي في كريت ،
أو كونك قررت أن تتزوج ..
بصوت ساخر قال دريك :
- انها لنا يا لورين ، في الوقت الحاضر ..
قال لوكاس بضحكة وهو ينظر نحو سيلا زوجته :
- لا تستعجل كثيرًا ، أنا سأعيدها إلي لسبب آخر ، بينما سيجد آريستيد طريقة ليربحها هو الآخر لنفس السبب الذي ربحتها به ، أليس كذلك يا آريستيد ؟
ضحك الضيوف بصوت عالي ،
لكن جينيفر لم تجد الأمر مضحكا ،
لقد أخبرتها لورين عن تلك الجائزة ،
وكيف بدأت اللعبة عندما أراد لوكاس مواعدة فتاة أكبر منه عمرا ، ولكن
شقيقه وآريستيد أكدا أنه لن يفعل ،
لكن لوكاس ربح الرهان واستحق جائزة والده القديمة للعب
البولينج ،
ثم ظلت عنه حين زواجه من سيلا ، و ولكنه لم يصنع حفل زفاف بسبب سجن دريك ، ليصبح بعد ذلك رهان دائم ما بينهم ،
لم تعلم جينيفر شيئا عن رائد الفضاء ،
أو قائد دالاس ، لكنها تعلم أن دريك قد ربح الرهان أخيرًا كونه تزوج الأن .
- انهما يبدوان سعيدين ، أليس كذلك ؟
لم تلاحظ اقتراب آريستيد منها حتي سمعت صوته قربها ،
لقد سمعت مرة أن صوته يذكر كل من يسمعه بالليالي الحالمة والرومانسية ،
عمل آريستيد الاضافي ، بجانب القارب وعمله في شركة آرنستو ،
هو تقديم الأغاني الراقصة في محطة إذاعية عبر ضواحي كريت ،
هذا ما جعل صوته الأكثر شهرة في اليونان ،
والآن فهمت جينيفر سبب تلك الشهرة ..
اجابته بابتسامة ورقة :
- كنت أتمني أن لا يكون رأسها بين الغيوم ..
تمتمت بذلك واستدارت لترفع نظرها لعينين زرقاوين تثيران التوتر كصوته :
- ألا تعتقدين أنهما سينجحان بزواجهما ؟!
بحثت بنظراتها عن العروسين ، واللذين بدا سعيدين جد ،ا وهما يقبلان بعضهما قبلة خاطفة ، قبل أن يمزقا أوراق هدية أخرى ..
لتنظر نحوه بثقة قائلة :
- أتمني أن يحدث ذلك ، لكنني أخشي أن
فرصة نجاحهما ضئيلة جدا ، والإحصاءات برهنت ذلك ..
ثم خفضت صوتها لتردف :
- الزواج من رجل خارج من السجن حديثًا ، ليس قرارًا صائبًا ..
صمته أثار انتباهها فرفعت نظرها اليه ،
كانت ملامح وجهه تبدو أنه لم يصدق ما سمعه !
قال لها بعصبية حاول ان يداريها :
- اولًا انتٍ لا تعرفين الحقيقية كاملة ، فلا تحكمي على دريك بهذا الشكل السطحي ،
ثانيًا وهذا الاهم ..
أنت تعملين كمتعهدة للزفاف ،
ومع ذلك لا تؤمنين بمؤسسة الزواج ؟!
رجل في منتصف العمر عرفتها عليه لورين ،
بالعم مارتن قد قطع حديثهما ،
حين ضرب آريستيد علي ظهره وقال له :
- لقد سقط اثنان من عائلة آرنستو ، وهناك واحد على الطريق ، أليس كذلك يا بني ؟
نظرت جينيفر بالوقت المناسب لتشاهد تجهم آريستيد ،
لقد مرر اصبعه بين رقبته وياقة
قميصه القاسية ، ووتمت :
- فكرة من هذه ؟! ارتداء ربطة عنق قصيرة ، خنيقة هكذا ؟!
سؤاله لم يشتت أفكار العم مارتن ،
ليستدير نحو جينيفر قائلًا :
- جيني أليس كذلك ؟!
هزت رأسها بإبتسامة رقيقة ، ليردف :
لقد أردت أن أشكرك علي تنظيم هذا الحفل الرائع ، والممتع ..
أجابت من دون أن تصحح له اسمها :
- أنا ولورين قد خططنا لكل شيء معًا ..
أصر ان يوضح لها :
- هذا عمل رائع قد قمت به على أكمل وجه يا جيني ،
فأنا أحب حقا حفلات الزفاف المتقن ،
في االواقع .. أنا لا أمانع
إخبارك أنني أحب أن أري آريستيد هذا أيضا متزوجا وسعيدًا ، فلم يعد غيره من المقربين لنا لم يدخل قفص الزوجيه بعد ..
رددت بلا اهتمام :
- هذا رائع ....
مرة أخري قاطع العجوز هاريس جينيفر وقال :
- أخبريني يا جيني ، هل أنت متزوجة ؟!
مع أنها أبقت نظرها علي الرجل العجوز
لكنها لاحظت الفضول علي وجه آريستيد بوضوح ،
مؤكد الصدق سيضع حدا لاهتمامه بها ، فأجابت بحزم :
- نعم ..
ثم انسحبت بلطف وهي تقول :
- و الآن ان كنتما تعذراني ،
يبدو أن العروسين مستعدين للمغادرة ...
ابتسمت لهما ابتسامة صغيرة ،
واستدارت وسارت نحو الحشد المتجمع قرب لورين ..
******************
شعر آريستيد ببعض الرضا وهو يدق جرس باب لوكاس عند الساعة الثامنة والنصف صباح اليوم التالي ،
وعندما فتح الباب علي مصراعيه نزع آريستيد اصبعه من على جرس الباب ..
ردد لوكاس وهو ما زال ناعسًا :
- كان علي أن أعرف أنه أنت ، ألا تنام أبدا ؟!
استيقظت سيلا والفتاتين ، ليركضا نحو الباب ،
فأوقفهما لوكاس ليطمئن زوجته قائلًا :
- لا تقلقي يا حبيبتي ، و عودي لنومكم ، فهذا المزعج هو آريستيد كعادته ...
بدا التجهم علي وجه آريستيد وهو يقول له :
- استقبالك الرائع هذا ، يغني عن كل شيء ..
كما وأن النوم لساعة متأخرة هي للعجائز ..
ثم مر أمام لوكاس وأبعد الستائر عن غرفة الجلوس ،
وبدأ بتعبئة إبريق القهوة في المطبخ ، ليسأله لوكاس :
- ما الذي تعتقد أنك تفعله ؟!
اجابه ببساطة :
- أحضر القهوة ، كما ترى ..
حدثه لوكاس بضيق وهو يفرك عينيه :
- أليس لديك إبريق قهوة في مطبخك ؟!
اجابه بسخرية :
- بل ليس لدي سلة للعب كرة السلة ..
ترك لوكاس عينيه ومد يديه قليلا وهو يقول له :
- الطقس بارد ورطب يا آريستيد ،
- كما وأنك لم تحظ بوقت كافي للنوم أكثر مني ،
ما الأمر إذًا ؟!
سمع صوت إبريق القهوة ما أن بدأت الماء بالغليان ،
- أشعر بعدم الراحة ، لنلعب كرة السلة ..
راقب لوكاس آريستيد وهو يضع كوبين للاستعمال ..
من بين الأخين كان دريك الأعزب النموذجي بالنسبة له ،
و بالطبع دريك لم يعد عازبا بعد اليوم ، فتح له قلبه بصدق وهو يقول له :
- عينا المرأة يحملان ومضات من العاطفة ،
وتقريبا عميقة وحزينة كما رآيتها في عيني جينيفر ،
تجهم وجه آريستيد مرة ثانية وأنزل الساقية عن الطاولة .
قال له لوكاس :
- وما الذي ستفعله من أجل امرأة يائسة في تلك اللحظة بالذات ؟!
قال آريستيد بسرعة وهو ينهض :
- نساء يائسات أمر صعب ايجاده هذه الأيام ..
ابتسم لوكاس وهو يقول له بخفوت ، بعدما القى نظرة على غرفة سيلا المغلقة :
- آه ، إنهن في كل مكان يا آريستيد ،
قد لا ترتدين فساتين بيضاء واسعة ، لكنهن هناك ،
انا واثق بأنك ستنال جائزة البولينغ وستحظى بفتاة قبلك ..
ابتسم آريستيد قائلًا :
- لقد قلت لك سابقًا ، أن تنسي االأمر،
لن يكون هناك المزيد من المراهنات ..
ثم مدد آريستيد جسمه ونظر الي شقة لوكاس باشمئزاز كامل وتابع :
- هذه الغرفة تبدو كمكان لرمي النفايات ..
جلس لوكاس لينظر نحوه ليكشف أمره :
- تبديل الموضوع لن يبعد الصنارة عنك ،
وأنت كنت تسعي للشجار طوال النهار ،
فأنا لن أساعدك علي ذلك ..
وبدون أن يقول أي كلمة ،
حمل فنجان القهوة الي المطبخ ، ثم ارتدي معطفه ،
وعندما وصل الي الباب سأله لوكاس :
- هل أنت متأكد أن ليس هناك أي أمر سيء ؟!
ضاقت عينا آريستيد وفكر بسؤال لوكاس ،
انه في مزاج عكر ولا يعلم ما هو السبب ،
هز رأسه وأقفل معطفه واستدار مغادرًا ، وهو يقول له :
- لن اغادر الي بانكوك قبل الثالث والعشرين من الشهر ،
عليك أن تذهب معي في هذه الرحلة ،
من يعلم كم من النساء سنلتقي هناك ، اذا استطعت ان تهرب من سيلا والفتاتين ..
ابتسم لوكاس خلفه ، فآريستيد ابن عمهم وكبيرهم ، واضح انه يواجه ازمة عاطفية جديدة عليه ،
عاد لغرفته في احضان سيلا ، التي سألته باستفهام :
- ما به آريستيد ؟!
اجابها وهو يجرها لأحضانه مقبلًا اياها بحميمية :
- يواجه عشقًا جديدًا ، يغمره مثل الامواج العاتية ، و من الواضح انه لن يستطيع النجاة ..
ثم اردف وهو يلتصق بها :
- اتركي آريستيد وما يواجه الأن ، ودعيني نعود لما فعلناه في شهر عسلنا بأكمله ..
ضحكت سيلا بعنج وهي تقول له :
- هل اعادك دريك للماضي ؟!
جرها نحوه هامسًا :
- لم يكن ماضي بعيد حتى انساه ...
**********"
انطلق آريستيد من الموقف بسيارته ،
زاد سرعته في الطريق السريع حتى وصل لشقته في وسط المدينة ..
لقد قرر لوكاس وسيلا ان يمضيا عطلة العيد في بانكوك ،
وعمه وزوجته سيأخذان قاربا لإمضاء العطلة في
البحر ،
و دريك و لورين يمضيان شهر العسل في الباهامس ولن يعودا قبل السادس والعشرين من الشهر الحالي ،
الأشياء تتغير بدون شك ، وهذا لا يعني أن
آريستيد لا يحب التغيير ، لكنه يريد هو أن يقوم بهذا التغيير وهذا كل شيء .
آه .. لا .. لن يقدم علي رهان يتعلق بالأطفال ،
فالأطفال تعني المسئولية ، ويكفيه ولده الشاب ،
ان الأطفال يراقبونك من دون أن يتكلموا ،
وهم يطرحون الأسئلة .. العديد من الأسئلة .
لقد تقبل لوكاس مسئولية اكزاني والصغيرة ،
حتي دريك يحبهما كثيرًا ، وبالذات اكزاني ،
البالغة من العمر ثلاث سنوات ..
يكفيه ولده ، لقد اصبح شابًا رائعًا ،
فلديه عينين زرقاوين كعائلة آرنستو ،
وبدون شك سيصبح رجلًا وسيما جدا ,
لكن ان كانت عيناه زرقاوين أم لا ،
فمنذ ان كان طفلًا ، قد جعله عمه متوترًا ،ويحمل همًا ومسؤولية كبيرة ،
وذلك لأنه كان طفل والأطفال تثير أعصابه سريعًا ، لذلك هو لا يريد اعادة التجربة ...
الفصل الثاني والأربعين ..
____________________
انها تعيش من العمل علي إقامة حفلات الزفاف ، والحفلات الرسمية والفخمة ، الي الصغيرة والعادية ،
وتقريبا كل شيء بينهما ،
كانت الناس سعيدة بدفع المزيد من أجل تلك النظرة الثاقبة علي التفاصيل ،
فهي ماهرة في ذلك كما وأنها فخورة بمقدرتها علي ذلك .
بصورة أوتوماتيكية بحثت عن صديقتها ، لورين عروس اليوم ، ومن فستانها العاجي اللون والطويل لم يكن من الصعب رؤيتها ولا رؤية فرحتها الكبرى ،
وسبب تلك الفرحة لا يبعد عنها كثيرًا ،
انه زوجها العريس الجديد ، دريك آرنستو .
هناك شيء ما فيما يتعلق به هو و لوكاس و آريستيد فد أخذت كليا بسحرهم وبطريقة قربهم ، اما عن لورين فقد فقدت صوابها نهائيًا ،
لورين تعشق دريك ، هذا واضح تمامًا ..
وحتي مع رؤية آريستيد وكيف أصبح عقلها مع الغيوم لأجله ، ولكن المشكلة ما زالت مع الأخوين الباقيين ..
الذي لم يعجبها مطلقا هو تأثرهم بآريستيد ، الذي يعتبرونهم مثل اخيهم الكبير ،
هذا الرجل المميز وكأن ذلك مطبوعا علي جبينه ،
كان ذلك في صوته وفي عينيه وفي ابتسامته ،
لكن ان كان مميزا حقا فهي قد تخطت جميع الحدود ،
لقد خرجت من اللعبة منذ خمس سنوات ،
ولا نية لها مطلقا في تكرار ذلك ..
ما تحتاجه جينيفر الأن هو أن تبعد أفكارها عن آريستيد هذا ،
وتضعها في الأعمال المتوجبة عليها ،
نظرت حولها في الغرفة ولاحظت نقاط المياه الكبيرة تضرب النوافذ العالية ،
سيحل عيد الميلاد بعد أسبوع واحد ، وهي كانت تفضل أن يكون أبيض مليئا بالثلج ، ليصلح تماما للعطلة ...
بإمكانها أن تخطط للزفاف حتي أدق التفاصيل لكن الطقس هو أمر لا تستطيع تغييره ،
منذ خمس سنوات قيل لها أن هناك شيئا لا تستطيع تغييره ،
أما الآن ....
أبعدت تلك الفكرة نهائيًا عن رأسها ،
و ركزت علي الاستقبالات في الزفاف وعلى تساقط المطر على الزجاج من الخارج ،
ابتسمت فصديقتها تحب المطر ،
وقد قالت لها أنها أغرمت بدريك خلال تساقط المطر في فصل الصيف ،
وكما يبدو هذا المطر سيستمر بالهطول حتي آخر الليل .
وقرب طاولة الزينة وقفت لورين و دريك ،
وبمساعدة بعض الأصدقاء المقربين ،
أخذوا يفتحون علب الهدايا ،
اقتربت جينيفر لتراقب سيلا ، ولوكاس ، و آريستيد اللذين استمرا في السخرية من العروسين بصورة دائمة ،
بينما عبر العروسين بفرح واضح ،
وهما يريان الأواني والأدوات الكهربائية ، و الكريستال الرائع ، و مناشف اليدين .
وعندما أمسك دريك بيده صندوقا مميزا تضاعف عدد الضيوف حولهما ،
اقتربت أكثر وراقبت دريك وهو يمزق الورقة
ويرفع الغطاء ،
ثم أخرج على ما يبدو ميدالية قديمة للعب البولينغ ،
رفعها دريك عاليا ليتمكن الحشد من رؤيتها ..
ضرب لوكاس كتف شقيقه قائلًا :
- لقد ربحتها يا دريك ، أيها الولد الكبير ..
وقفت والدتهم مفسرة تلك الجائزة السخيفة :
- كان علي رميها منذ سنين عديدة ،
تخيلوا ربح جائزة علي مواعدة فتاة أكبر سنا ،
أو أن تصبح رائد فضاء ، أو قائد الكاو بوي في كريت ،
أو كونك قررت أن تتزوج ..
بصوت ساخر قال دريك :
- انها لنا يا لورين ، في الوقت الحاضر ..
قال لوكاس بضحكة وهو ينظر نحو سيلا زوجته :
- لا تستعجل كثيرًا ، أنا سأعيدها إلي لسبب آخر ، بينما سيجد آريستيد طريقة ليربحها هو الآخر لنفس السبب الذي ربحتها به ، أليس كذلك يا آريستيد ؟
ضحك الضيوف بصوت عالي ،
لكن جينيفر لم تجد الأمر مضحكا ،
لقد أخبرتها لورين عن تلك الجائزة ،
وكيف بدأت اللعبة عندما أراد لوكاس مواعدة فتاة أكبر منه عمرا ، ولكن
شقيقه وآريستيد أكدا أنه لن يفعل ،
لكن لوكاس ربح الرهان واستحق جائزة والده القديمة للعب
البولينج ،
ثم ظلت عنه حين زواجه من سيلا ، و ولكنه لم يصنع حفل زفاف بسبب سجن دريك ، ليصبح بعد ذلك رهان دائم ما بينهم ،
لم تعلم جينيفر شيئا عن رائد الفضاء ،
أو قائد دالاس ، لكنها تعلم أن دريك قد ربح الرهان أخيرًا كونه تزوج الأن .
- انهما يبدوان سعيدين ، أليس كذلك ؟
لم تلاحظ اقتراب آريستيد منها حتي سمعت صوته قربها ،
لقد سمعت مرة أن صوته يذكر كل من يسمعه بالليالي الحالمة والرومانسية ،
عمل آريستيد الاضافي ، بجانب القارب وعمله في شركة آرنستو ،
هو تقديم الأغاني الراقصة في محطة إذاعية عبر ضواحي كريت ،
هذا ما جعل صوته الأكثر شهرة في اليونان ،
والآن فهمت جينيفر سبب تلك الشهرة ..
اجابته بابتسامة ورقة :
- كنت أتمني أن لا يكون رأسها بين الغيوم ..
تمتمت بذلك واستدارت لترفع نظرها لعينين زرقاوين تثيران التوتر كصوته :
- ألا تعتقدين أنهما سينجحان بزواجهما ؟!
بحثت بنظراتها عن العروسين ، واللذين بدا سعيدين جد ،ا وهما يقبلان بعضهما قبلة خاطفة ، قبل أن يمزقا أوراق هدية أخرى ..
لتنظر نحوه بثقة قائلة :
- أتمني أن يحدث ذلك ، لكنني أخشي أن
فرصة نجاحهما ضئيلة جدا ، والإحصاءات برهنت ذلك ..
ثم خفضت صوتها لتردف :
- الزواج من رجل خارج من السجن حديثًا ، ليس قرارًا صائبًا ..
صمته أثار انتباهها فرفعت نظرها اليه ،
كانت ملامح وجهه تبدو أنه لم يصدق ما سمعه !
قال لها بعصبية حاول ان يداريها :
- اولًا انتٍ لا تعرفين الحقيقية كاملة ، فلا تحكمي على دريك بهذا الشكل السطحي ،
ثانيًا وهذا الاهم ..
أنت تعملين كمتعهدة للزفاف ،
ومع ذلك لا تؤمنين بمؤسسة الزواج ؟!
رجل في منتصف العمر عرفتها عليه لورين ،
بالعم مارتن قد قطع حديثهما ،
حين ضرب آريستيد علي ظهره وقال له :
- لقد سقط اثنان من عائلة آرنستو ، وهناك واحد على الطريق ، أليس كذلك يا بني ؟
نظرت جينيفر بالوقت المناسب لتشاهد تجهم آريستيد ،
لقد مرر اصبعه بين رقبته وياقة
قميصه القاسية ، ووتمت :
- فكرة من هذه ؟! ارتداء ربطة عنق قصيرة ، خنيقة هكذا ؟!
سؤاله لم يشتت أفكار العم مارتن ،
ليستدير نحو جينيفر قائلًا :
- جيني أليس كذلك ؟!
هزت رأسها بإبتسامة رقيقة ، ليردف :
لقد أردت أن أشكرك علي تنظيم هذا الحفل الرائع ، والممتع ..
أجابت من دون أن تصحح له اسمها :
- أنا ولورين قد خططنا لكل شيء معًا ..
أصر ان يوضح لها :
- هذا عمل رائع قد قمت به على أكمل وجه يا جيني ،
فأنا أحب حقا حفلات الزفاف المتقن ،
في االواقع .. أنا لا أمانع
إخبارك أنني أحب أن أري آريستيد هذا أيضا متزوجا وسعيدًا ، فلم يعد غيره من المقربين لنا لم يدخل قفص الزوجيه بعد ..
رددت بلا اهتمام :
- هذا رائع ....
مرة أخري قاطع العجوز هاريس جينيفر وقال :
- أخبريني يا جيني ، هل أنت متزوجة ؟!
مع أنها أبقت نظرها علي الرجل العجوز
لكنها لاحظت الفضول علي وجه آريستيد بوضوح ،
مؤكد الصدق سيضع حدا لاهتمامه بها ، فأجابت بحزم :
- نعم ..
ثم انسحبت بلطف وهي تقول :
- و الآن ان كنتما تعذراني ،
يبدو أن العروسين مستعدين للمغادرة ...
ابتسمت لهما ابتسامة صغيرة ،
واستدارت وسارت نحو الحشد المتجمع قرب لورين ..
******************
شعر آريستيد ببعض الرضا وهو يدق جرس باب لوكاس عند الساعة الثامنة والنصف صباح اليوم التالي ،
وعندما فتح الباب علي مصراعيه نزع آريستيد اصبعه من على جرس الباب ..
ردد لوكاس وهو ما زال ناعسًا :
- كان علي أن أعرف أنه أنت ، ألا تنام أبدا ؟!
استيقظت سيلا والفتاتين ، ليركضا نحو الباب ،
فأوقفهما لوكاس ليطمئن زوجته قائلًا :
- لا تقلقي يا حبيبتي ، و عودي لنومكم ، فهذا المزعج هو آريستيد كعادته ...
بدا التجهم علي وجه آريستيد وهو يقول له :
- استقبالك الرائع هذا ، يغني عن كل شيء ..
كما وأن النوم لساعة متأخرة هي للعجائز ..
ثم مر أمام لوكاس وأبعد الستائر عن غرفة الجلوس ،
وبدأ بتعبئة إبريق القهوة في المطبخ ، ليسأله لوكاس :
- ما الذي تعتقد أنك تفعله ؟!
اجابه ببساطة :
- أحضر القهوة ، كما ترى ..
حدثه لوكاس بضيق وهو يفرك عينيه :
- أليس لديك إبريق قهوة في مطبخك ؟!
اجابه بسخرية :
- بل ليس لدي سلة للعب كرة السلة ..
ترك لوكاس عينيه ومد يديه قليلا وهو يقول له :
- الطقس بارد ورطب يا آريستيد ،
- كما وأنك لم تحظ بوقت كافي للنوم أكثر مني ،
ما الأمر إذًا ؟!
سمع صوت إبريق القهوة ما أن بدأت الماء بالغليان ،
- أشعر بعدم الراحة ، لنلعب كرة السلة ..
راقب لوكاس آريستيد وهو يضع كوبين للاستعمال ..
من بين الأخين كان دريك الأعزب النموذجي بالنسبة له ،
و بالطبع دريك لم يعد عازبا بعد اليوم ، فتح له قلبه بصدق وهو يقول له :
- عينا المرأة يحملان ومضات من العاطفة ،
وتقريبا عميقة وحزينة كما رآيتها في عيني جينيفر ،
تجهم وجه آريستيد مرة ثانية وأنزل الساقية عن الطاولة .
قال له لوكاس :
- وما الذي ستفعله من أجل امرأة يائسة في تلك اللحظة بالذات ؟!
قال آريستيد بسرعة وهو ينهض :
- نساء يائسات أمر صعب ايجاده هذه الأيام ..
ابتسم لوكاس وهو يقول له بخفوت ، بعدما القى نظرة على غرفة سيلا المغلقة :
- آه ، إنهن في كل مكان يا آريستيد ،
قد لا ترتدين فساتين بيضاء واسعة ، لكنهن هناك ،
انا واثق بأنك ستنال جائزة البولينغ وستحظى بفتاة قبلك ..
ابتسم آريستيد قائلًا :
- لقد قلت لك سابقًا ، أن تنسي االأمر،
لن يكون هناك المزيد من المراهنات ..
ثم مدد آريستيد جسمه ونظر الي شقة لوكاس باشمئزاز كامل وتابع :
- هذه الغرفة تبدو كمكان لرمي النفايات ..
جلس لوكاس لينظر نحوه ليكشف أمره :
- تبديل الموضوع لن يبعد الصنارة عنك ،
وأنت كنت تسعي للشجار طوال النهار ،
فأنا لن أساعدك علي ذلك ..
وبدون أن يقول أي كلمة ،
حمل فنجان القهوة الي المطبخ ، ثم ارتدي معطفه ،
وعندما وصل الي الباب سأله لوكاس :
- هل أنت متأكد أن ليس هناك أي أمر سيء ؟!
ضاقت عينا آريستيد وفكر بسؤال لوكاس ،
انه في مزاج عكر ولا يعلم ما هو السبب ،
هز رأسه وأقفل معطفه واستدار مغادرًا ، وهو يقول له :
- لن اغادر الي بانكوك قبل الثالث والعشرين من الشهر ،
عليك أن تذهب معي في هذه الرحلة ،
من يعلم كم من النساء سنلتقي هناك ، اذا استطعت ان تهرب من سيلا والفتاتين ..
ابتسم لوكاس خلفه ، فآريستيد ابن عمهم وكبيرهم ، واضح انه يواجه ازمة عاطفية جديدة عليه ،
عاد لغرفته في احضان سيلا ، التي سألته باستفهام :
- ما به آريستيد ؟!
اجابها وهو يجرها لأحضانه مقبلًا اياها بحميمية :
- يواجه عشقًا جديدًا ، يغمره مثل الامواج العاتية ، و من الواضح انه لن يستطيع النجاة ..
ثم اردف وهو يلتصق بها :
- اتركي آريستيد وما يواجه الأن ، ودعيني نعود لما فعلناه في شهر عسلنا بأكمله ..
ضحكت سيلا بعنج وهي تقول له :
- هل اعادك دريك للماضي ؟!
جرها نحوه هامسًا :
- لم يكن ماضي بعيد حتى انساه ...
**********"
انطلق آريستيد من الموقف بسيارته ،
زاد سرعته في الطريق السريع حتى وصل لشقته في وسط المدينة ..
لقد قرر لوكاس وسيلا ان يمضيا عطلة العيد في بانكوك ،
وعمه وزوجته سيأخذان قاربا لإمضاء العطلة في
البحر ،
و دريك و لورين يمضيان شهر العسل في الباهامس ولن يعودا قبل السادس والعشرين من الشهر الحالي ،
الأشياء تتغير بدون شك ، وهذا لا يعني أن
آريستيد لا يحب التغيير ، لكنه يريد هو أن يقوم بهذا التغيير وهذا كل شيء .
آه .. لا .. لن يقدم علي رهان يتعلق بالأطفال ،
فالأطفال تعني المسئولية ، ويكفيه ولده الشاب ،
ان الأطفال يراقبونك من دون أن يتكلموا ،
وهم يطرحون الأسئلة .. العديد من الأسئلة .
لقد تقبل لوكاس مسئولية اكزاني والصغيرة ،
حتي دريك يحبهما كثيرًا ، وبالذات اكزاني ،
البالغة من العمر ثلاث سنوات ..
يكفيه ولده ، لقد اصبح شابًا رائعًا ،
فلديه عينين زرقاوين كعائلة آرنستو ،
وبدون شك سيصبح رجلًا وسيما جدا ,
لكن ان كانت عيناه زرقاوين أم لا ،
فمنذ ان كان طفلًا ، قد جعله عمه متوترًا ،ويحمل همًا ومسؤولية كبيرة ،
وذلك لأنه كان طفل والأطفال تثير أعصابه سريعًا ، لذلك هو لا يريد اعادة التجربة ...