الفصل التاسع و الثلاثون
الفصل الثامن والثلاثون ..
___________________
ثم اجبرت نفسها على الإبتسام ، وهي تُكمل :
- لكن هذا كان ليلة البارحه ،
اما الأن أريد ان انسحب .
تملك الغيظ منه وهو يسألها :
- وإذا منعتك ..
كان صوته قاسيًا للغاية ..
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول
-لن تستطيع ..
و حاولت ان تسيطر على خوفها عندما لوى فمه بسخريه . واردفت :
-لدي مايكفي من المال لأدفع لأريستيد حتى يعود بي إلى كريت ،
وهذا ما أنوي أن أفعله اليوم ..
-إذا سمحت لكِ بذلك ..
تحدى قرارها متابعا :
-لا يستطيع أريستيد ان يتصرف بمفرده ،
بما أنني ورثت كل المراكب من عمي ،
بادلته التحدي بآخر :
- إذا سأنتظر وصول العبارة ،
وسأذهب إلى احد الجزر القريبه ،
وأحاول تدبير أمري وحظي هناك ..
ثم رفعت ذقنها بتحد لتواجه نظرته الباردة وهو يقول :
- انت مصممه على تركي ؟!
ثم تفحص جسدها المضطرب باحتقار وتابع :
- لقد تمكنت من خداعي ..
توقف حتى لا ينهي جملته ، ثم تابع :
- هل هناك شئ استطيع ان اقوله أو أفعله
لأقنعك بالبقاء ؟!
بدا غير متأثر بقرارها ،
أرادت للحظه ان تضمه وتتوسل اليه لمنحها فرصة ،
حتى تنسيه فردريكا ، ولكنها اخذت نفسًا عميقًا ،
وأدركت أن عليها أن تقدم له عذرا يفهمه ويتقبله ،
اذا كانت تريد أن تحافظ على كبريائها ، لتنطق بالسبب الذي لم تجد غيره :
-لا اريد أن أتورط مع مجرم كاذب .. !
ضيق عينيه قائلًا :
-ألم تتأخري في قول ذلك ؟!
عرفت ان كذبتها لم تكن مقنعه من سؤاله الهادئ ،
وفي محاولة منها لاقناعه ، اجابت :
-اعترف انني لم أطلع على حقيقة ماضي أول لقاء لنا ، لكن بعد ذلك تجاوبت معك لأنك رجل جذاب ،
وانا متأكده انك تعرف ذلك ..
جمدت في مكانها عندما وضع يديه على كتفيها ،
وكأنها شجعته ..
ارتجفت لكنها صممت على انهاء ما بدأته بقولها :
- لا يكفي الإنجذاب الجسدي لبناء علاقه متينه يا دريك ، هناك الاحترام ،
وأدركت مؤخرًا أنني لا استطيع أن أحترم
رجلا له ماضي اسود ،
ادارت وجهها بعيدا ،
حتى لا يرى دموعها ،
كانت ملاحظه دنيئه ، لكنها أفضل من ان يكتشف الحقيقة ،
خيم الصمت الذي لم يحطمه إلا تنفسها السريع ،
و دريك ينظر إليها بوجه خال من اي تعبير
ليقول أخيرا :
- فهمت ...
انتِ على حق ،
سأتصل بأريستيد بالنيابه عنك ،
لا داعي للتأخير ..
لم تكن مسرورة ابدًا ، لما آلت إليه الأمور ،
و على الرغم من انتظارها ، همست :
- شكرا لك ،
الأفضل أن أبدأ بحزم حقائبي ،
سألت بتردد :
- هل تريد أن أخبر عائلتك ان كل شئ انتهى بيننا ؟!
أم تفضل ان تنتظر حتى أرحل من كافوس ؟!
قال باقتضاب وضيق :
- اتركي الأمر لي ،
سأخبرهم في الوقت المناسب ،
وسأحرص على ان تنالي مكافأتك الماليه ،
و أنا آسف لأنك لم تشاهدي نهاية المسرحيه ،
لكنها ستفعل ولن تخبره بذلك ابدًا ..
لذلك اجابته باختصار :
- هذا ليس ضروريًا ..
اقترب منها سريعًا ، ثم سحبها من ذراعها بين اضلاعه ،
بدأت ترفض عرضه ،
وصرخت بضعف عندما شدها إليه ،
وغرز أصابعه في كتفيها :
- لا تفعل ذلك .
حاولت أن تبعده عنها ، ولكنه شدد من ضمها وهو يقول لها :
- انا أدري بما هو ضروري ..
قاومته للحظات ،ة ثم بدأت تستسلم وهي
ترتعش ،
رفعت يدها إلى صدره ،
وشعرت أنها فاقدة الحس ..
كانت ترتجف عندما أطلق سراحها ،
رفع راسه بتحد وهو يحدق إليها ،
قبل ان يبتعد عنها ،
رفعت يدها إلى فمها ،
حتى تمنع نفسها من الصراخ لقد نالت عقوبتها ،
أراد أن يظهر خيبة أمله واحتقاره ،
ولقد نجح في ذلك أكثر مما تصورت ،
و مع ذلك ما تزال تحبه ..
سمعت فجأة الضجه المنبعثه من الفناء ،
صراخ البنتين ، وقعقة الصحون ،
الحياة مستمره في بلفادير بشكل طبيعي ،
حياة اعتقدت بأنها ستشارك فيها ،
دخلت إلى غرفتها وتساءلت ..
" إذا كان دريك سيتبعها .. "
اسندت نفسها إلى الباب ، وهي تحاول ان تستجمع أفكارها ،
مرت عدة دقائق قبل ان تتأكد ،
لم يزعجه قرارها ،
ولم يكن في وضع يسمح له بمناقشة الموضوع اكثر ،
جمعت أغراضها ،
و وضعتها في حقيبتها ،
قررت أن تجلس على الشرفه ،
وتلقي نظره أخيرة إلى الحديقه المهجورة ،
بدلا من أن تنضم إلى بقية العائله ،
لقد افترضت ان لوكاس وعائلته ،
في طريقهم إلى الشاطئ ،
وان كاليوبي منشغله بأمور المطبخ .
كانت حزينه ومصدومه ،
تفكر في مستقبلها بتمعن ،
و قد اكتفت بتأمل الحديقه مستمتعه بأشعة
الشمس ،
وبالنسيم الخفيف الذي كان يداعب شعرها الناعم ،
سمعت طرقا خفيفا على الباب بعد ساعه ،
نعم كانت على وشك ان تفتح الباب ،
عندما دخل دريك وأغلق الباب وراءه بعنف قائلًا :
-سيأخذك اريستيد إلى كريت ،
بعد الغداء مباشرة ..
ثم ابتسم وهو يردف :
لقد حجزت لك غرفة في آل غريكو ،
وهناك تعويض مادي ينتظرك عندما تصلين ..
ضيقت عينيها باستفهام ، وهي تتسأل :
- آل غريكو ولكن ...
بدأت تعترض لكنه قاطعها بسخريه :
-لا تخافي .. لقد شرحت الوضع للمدير ،
وسيرحبون بك كضيفة شرف ،
و أؤكد لك بأنك ستستمتعين بوقتك اكثر من قبل ،
رددت بخفوت :
-ما كان يجب ان تفعل ذلك ..
هز رأسه بتفهم قائلًا :
- لم لا .. بإمكاني ان أتحمل النفقات رغم ان
المسرحيه لم تنته بعد ،
شعرت لورين بالتوتر وهي تنظر إلى وجهه
المهيب ،
لم يسبق لأي شخص أن تكلم معها بهذا الإحتقار ،
لقد كان يهينها بقسوة ..
فهمست بضيق :
-دريك .. ستجد امرأة أخرى .
قال بصوت أجش :
- ولكنها لن تكون مثلك ..
قد أجبرها على الجلوس بجانبه على السرير وهو يشدها من مرفقها ،
لم تستطع مقاومته ، فشعرت للحظه بأنه يحبها ..
عانقته بقوة ،
إنها تحبه فكريًا ، و روحيًا ، و جسديًا ..
أحست إنها على وشك أن يغمى عليها ،
عرفت انه يريدها بقدر ما تريده ،
كانت ما تزال تحت تأثير سحره ،
عندما ابتعد عنها تاركا إياها في حيرة .
حدق إليها با زدرا ء قائلًا :
-لم تكذبي علي إذًا ؟!
كان صوته قاسيًا وهو يكشفها امام نفسها :
- ما تزالين ترغبين بي ..
إلى أي مدى كنت ستستمرين ،
لو لم أتوقف ..
توردت وجنتاها وارتجفت أصابعها ،
لم ترد أن توقفه لأنها كانت تحبه ،
أدركت ذلك لكنها لم تستطع الإعتراف ..
فقالت له بتحدِ :
- كنت ستكتشف ذلك بنفسك لو لم تغير رأيك ..
تعجب من قولها قائلًا :
- ما كنت سأغير راي البارحه ،
لأنني كنت متأكدا من انك ستصبحين زوجتي ..
هزت راسها بحزن وانهمرت دموعها على خديها ، ليكمل بتسأل :
- لا يمكنك ان تعيشي مع ماضي ،
وانا لا استطيع ان اغير ذلك ،
الأفضل ان ترحلي من هنا بأسرع وقت ،
إلا أذا كنت تفضلين ان
تصبحي حبيبتي بدلا من ان تكوني زوجتي ..
رددت بضعف وهي تجفف دموعها :
- لقد حزمت حقائبي ..
لم تستطع ان تقرا تعبيره وظهره مواجه لها ، وهو يقول :
- انت لا تريدين ان تكوني حبيبتي ،
سأكون حبيبًا سخيًا ، في كل شئ ،
رددت في عقلها ..
" ما عدا في حبه .. للد كان ملكا لسيلا ام طفلته ولن يكون لغيرها "
قالت له بحزن بالغ :
- السخاء لا يعني فقط دفع الفواتير يا دريك ،
الحب هو أساس الزواج الناجح ،
العطاء ، و الإخلاص ، و الرغبه الصادقه .
سألها بتوتر :
-وهل تعتقدين انني غير قادر على منحك كل هذه الأشياء ..
قالت بازدراء حتى تخفي ألمها :
-بالطبع تستطيع لكن ليس لي ،
بل للمراة التي ما تزال تحبها ..
اقترب منها يتسأل بدهشة :
- اي امراة ؟! عم تتكلمين !
كانت على حافة الإنهيار ، فمنذ البارحه كانت الحقيقه تزداد مرارة ، على نحو لا يحتمل ..
إذا كان دريك سيلزم الصمت ، و يوافق على قرارها ،
ستنجح في الهرب من دون ان تعلمه بما عرفت ،
لكنها لم تعد تقوى على الصمت الآن ،
وهو يواجهها بأكاذيبه الوقحه ،
قالت بانفعال :
- لا تكذب علي يا دريك ،
لقد عرفت حقيقة علاقتك بسيلا ..
لم يحاول أن ينكر ذلك على الأقل ،
ولم يصمت في وجه اتهاماتها ، فتسأل باستفهام :
- ماذا تعرفين بالضبط ؟!
لا يمكنها التراجع الآن وعليها ان تتكلم لذا أجابت :
- انت مغرم بزوجة أخيك ،
وهي تبادلك ذات الشعور ،
لا تحاول الإنكار ،
لقد رأيت الطريقه التي كانت تنظر بها اليك منذ ان وصلنا إلى هنا ،
أعرف انها هي التي مثلت دور مديرة فندق بلفادير ،
لقد سمعت ما قالته لك البارحه في الحديقه ،
لقد خططتما لكل شئ ..
حدق دريك إليها وكأنها أصيبت بالجنون ،
بدا وجهها شاحبًا وهو يحاول أن يشرح لها :
- انت لم تفهمي يا لورين ..
توقف وهو مدرك انه سيدين نفسه بكلامه ،
خيم صمت عميق بينهما ،
قطعه طرق خفيف على الباب ،
فتح دريك الباب ليواجه أخاه ،
تمتم وحاول أن يغلق الباب في وجه أخيه وهو يقول له :
- لا حقا يا لوكاس ..
- الآن يا دريك ..
كان صوته قويا وهو يوجه الحديث لهما :
-اريد أن اتحدث إليكما معا .
قال له دريك بحنق شديد :
-هذا ليس وقتًا ملائماً ..
اصر على التحدث اليهما قائلًا :
-دعني أدخل لا احتاج إلى اكثر من بضع لحظات ،
يجب ان أعترف لكما بشيء ..
قالت له لورين بضعف :
- دعه يدخل يا دريك كل ما سيقوله أنا أعرفه ..
اعتقدت ان دريك سيتجاهل توسلها ،
لكنه هز راسه ورجع خطوة إلى الوراء ، كي
يسمح لأخيه بالدخول ..
تردد لوكاس للحظه ، ليستجمع شجاعته ثم قال :
- لقد تحدثنا انا و سيلا مطولا ووصلنا إلى قرار ،
ثم نظر نحو لورين ليردف :
- يجب ان تعرف لورين بما أنها ستصبح
زوجتك ..
أوقفه دريك بحدة قائلًا :
-لا يا لوكاس اني امنعك ، لقد عقدنا اتفاقا ..
قال له لوكاس بجدية :
-ولكننا الآن صوتان ضد صوت واحد ..
حذره دريك :
-انت لا تعي ما تفعله ..
كان دريك يتألم وشعرت لورين بقلبها يعتصر تعاطفا معه ، وهو يقول :
-لورين وأنا ..
اوقفه لوكاس قبل أن يكمل :
- انت مخطئ ...
وقد بدا صوت لوكاس حازمًا وهو ينظر إليها بجدية ..
تحطم عالم لورين ككرة زجاجيه ،
تناثرت أجزاؤها لترسم شكلا مبهما ،
لم تقو على التحرك وهي تحدق إلى الرجلين ،
شاعرة بالتوتر الذي ينساب بينهما كسلك كهربائي مشدود ..
حطم لوكاس الصمت موجها حديثه لها مباشرة :
- كان دريك و سيلا مخطوبين منذ الصغر ،
لكنهما كانا بعيدين عن بعضهما البعض ،
لأن أخي كان يمضي معظم أوقاته في الخارج ،
بينما ان أمضيت معظم حياتي هنا ،
كنا انا و سيلا صديقين ونمت بيننا علاقة حتى أصبحت جديه ،
توقف قليلا ليأخذ انفاسه ، واكمل :
- أصبحنا عاشقين وشعرنا بالذنب حيال الموضوع ،
لكن ما كنا نعرف انه كان أقوى من أن نتجاهله ،
والى جانب ذلك كنا نعرف ان دريك ما كان مهتما بها ،
ثم حملت سيلا مني ،
وكان من المستحيل الأ نخبر دريك ..
لقد احتجنا الى مساعده أخي بسبب العلاقه الوثيقه التي كانت تربط عائلتينا ،
اوقفه دريك بضيق قائلًا :
-هذا يكفي يا لوكاس لورين غير مهتمه بماضيك ..
حاول لوكاس أن يكمل قصته وهو يقنع اخيه قائلاً :
-الموضوع الأن يخصكما ..
قاطعه بغضب :
- لم يعد الآن ..
ثم على صوته بغضب مردفًا :
- اخرج من هنا قبل ان ارميك خارجًا ،
- لقد تكلمت أكثر مما هو لازم ..
تردد الأخ الأصغر، و ضعفت عدائية دريك ،
تفحص وجه لورين الشاحب ،
قبل ان ينظر الى أخيه ثم قال ببطء :
- معك حق ولكنها تعرف الحقيقه الآن ،
سأترك لك الباقي ..
ثم استدار نحو لورين وقال لها :
-أجبريه على إفشاء السر ، وإلا سأضطر لأن أفعل ذلك بنفسي ،
توقف قليلًا وهو يوجه كلامه لأخيه :
-لا يحق لك أن تخفي هذا السر عن المراة التي ستصبح زوجتك .
ثم خرج لوكاس من الغرفه بسرعه ،
وأغلق دريك الباب وراء ثم قال :
- تجاهليه و عودي الى كريت ،
وانسي كل شئ ،
لن يغير إعتراف لوكاس شيئا ..
صرخت لورين بذهول :
-اكزاني هي ابنة لوكاس ؟؟
اجابها ببساطة :
- بالطبع الجميع يعرف ذلك ..
حدق بها وكأنها أصيبت بالجنون
لتعترف له بألم :
- اعتقدت بأنها ابنتك ...
تداعت كل شكوكها نحوه ،
فقال وقد قطب حاجبيه من الذهول :
- ابنتي !
كان فمها يرتجف وحاولت أن تجد طريقه منطقيه تشرح بها استنتاجها :
- اعتقدت بان لوكاس تزوجها بدلا عنك
تجنبا للفضيحه !
-يا الهي ! .....
ضحك بصوت عال ثم قال :
-ولذلك غيرت رايك في ان تصبحي زوجتي ؟!
لأنك اعتقدت انني احب فردريكا ؟!
هزت راسها ايجابًا ، وشعرت بصداع شديد يهاجمها ، وهي تسرد باقي اعترافها :
- اعتقدت بأنك أحضرتني الى هنا كي تستر علاقتك المستمره بها ،
تجمد دريك مكانه ،
فاستدارت بعيدا عنه ، ودموع الندم تنهمر على خديها ،
ما يزال هناك الكثير حتى تفهمه ،
بالإضافه الى اعتراف لوكاس ببراءة أخيه .
أوقفها دريك كي تواجه وهو يسألها :
-لورين انتظري أهذا هو السبب ..؟
بدا صوته أجش ليردف :
- اعتقدت بانني استغل وجودك لأخدع أخي ؟!
_____________________
___________________
ثم اجبرت نفسها على الإبتسام ، وهي تُكمل :
- لكن هذا كان ليلة البارحه ،
اما الأن أريد ان انسحب .
تملك الغيظ منه وهو يسألها :
- وإذا منعتك ..
كان صوته قاسيًا للغاية ..
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول
-لن تستطيع ..
و حاولت ان تسيطر على خوفها عندما لوى فمه بسخريه . واردفت :
-لدي مايكفي من المال لأدفع لأريستيد حتى يعود بي إلى كريت ،
وهذا ما أنوي أن أفعله اليوم ..
-إذا سمحت لكِ بذلك ..
تحدى قرارها متابعا :
-لا يستطيع أريستيد ان يتصرف بمفرده ،
بما أنني ورثت كل المراكب من عمي ،
بادلته التحدي بآخر :
- إذا سأنتظر وصول العبارة ،
وسأذهب إلى احد الجزر القريبه ،
وأحاول تدبير أمري وحظي هناك ..
ثم رفعت ذقنها بتحد لتواجه نظرته الباردة وهو يقول :
- انت مصممه على تركي ؟!
ثم تفحص جسدها المضطرب باحتقار وتابع :
- لقد تمكنت من خداعي ..
توقف حتى لا ينهي جملته ، ثم تابع :
- هل هناك شئ استطيع ان اقوله أو أفعله
لأقنعك بالبقاء ؟!
بدا غير متأثر بقرارها ،
أرادت للحظه ان تضمه وتتوسل اليه لمنحها فرصة ،
حتى تنسيه فردريكا ، ولكنها اخذت نفسًا عميقًا ،
وأدركت أن عليها أن تقدم له عذرا يفهمه ويتقبله ،
اذا كانت تريد أن تحافظ على كبريائها ، لتنطق بالسبب الذي لم تجد غيره :
-لا اريد أن أتورط مع مجرم كاذب .. !
ضيق عينيه قائلًا :
-ألم تتأخري في قول ذلك ؟!
عرفت ان كذبتها لم تكن مقنعه من سؤاله الهادئ ،
وفي محاولة منها لاقناعه ، اجابت :
-اعترف انني لم أطلع على حقيقة ماضي أول لقاء لنا ، لكن بعد ذلك تجاوبت معك لأنك رجل جذاب ،
وانا متأكده انك تعرف ذلك ..
جمدت في مكانها عندما وضع يديه على كتفيها ،
وكأنها شجعته ..
ارتجفت لكنها صممت على انهاء ما بدأته بقولها :
- لا يكفي الإنجذاب الجسدي لبناء علاقه متينه يا دريك ، هناك الاحترام ،
وأدركت مؤخرًا أنني لا استطيع أن أحترم
رجلا له ماضي اسود ،
ادارت وجهها بعيدا ،
حتى لا يرى دموعها ،
كانت ملاحظه دنيئه ، لكنها أفضل من ان يكتشف الحقيقة ،
خيم الصمت الذي لم يحطمه إلا تنفسها السريع ،
و دريك ينظر إليها بوجه خال من اي تعبير
ليقول أخيرا :
- فهمت ...
انتِ على حق ،
سأتصل بأريستيد بالنيابه عنك ،
لا داعي للتأخير ..
لم تكن مسرورة ابدًا ، لما آلت إليه الأمور ،
و على الرغم من انتظارها ، همست :
- شكرا لك ،
الأفضل أن أبدأ بحزم حقائبي ،
سألت بتردد :
- هل تريد أن أخبر عائلتك ان كل شئ انتهى بيننا ؟!
أم تفضل ان تنتظر حتى أرحل من كافوس ؟!
قال باقتضاب وضيق :
- اتركي الأمر لي ،
سأخبرهم في الوقت المناسب ،
وسأحرص على ان تنالي مكافأتك الماليه ،
و أنا آسف لأنك لم تشاهدي نهاية المسرحيه ،
لكنها ستفعل ولن تخبره بذلك ابدًا ..
لذلك اجابته باختصار :
- هذا ليس ضروريًا ..
اقترب منها سريعًا ، ثم سحبها من ذراعها بين اضلاعه ،
بدأت ترفض عرضه ،
وصرخت بضعف عندما شدها إليه ،
وغرز أصابعه في كتفيها :
- لا تفعل ذلك .
حاولت أن تبعده عنها ، ولكنه شدد من ضمها وهو يقول لها :
- انا أدري بما هو ضروري ..
قاومته للحظات ،ة ثم بدأت تستسلم وهي
ترتعش ،
رفعت يدها إلى صدره ،
وشعرت أنها فاقدة الحس ..
كانت ترتجف عندما أطلق سراحها ،
رفع راسه بتحد وهو يحدق إليها ،
قبل ان يبتعد عنها ،
رفعت يدها إلى فمها ،
حتى تمنع نفسها من الصراخ لقد نالت عقوبتها ،
أراد أن يظهر خيبة أمله واحتقاره ،
ولقد نجح في ذلك أكثر مما تصورت ،
و مع ذلك ما تزال تحبه ..
سمعت فجأة الضجه المنبعثه من الفناء ،
صراخ البنتين ، وقعقة الصحون ،
الحياة مستمره في بلفادير بشكل طبيعي ،
حياة اعتقدت بأنها ستشارك فيها ،
دخلت إلى غرفتها وتساءلت ..
" إذا كان دريك سيتبعها .. "
اسندت نفسها إلى الباب ، وهي تحاول ان تستجمع أفكارها ،
مرت عدة دقائق قبل ان تتأكد ،
لم يزعجه قرارها ،
ولم يكن في وضع يسمح له بمناقشة الموضوع اكثر ،
جمعت أغراضها ،
و وضعتها في حقيبتها ،
قررت أن تجلس على الشرفه ،
وتلقي نظره أخيرة إلى الحديقه المهجورة ،
بدلا من أن تنضم إلى بقية العائله ،
لقد افترضت ان لوكاس وعائلته ،
في طريقهم إلى الشاطئ ،
وان كاليوبي منشغله بأمور المطبخ .
كانت حزينه ومصدومه ،
تفكر في مستقبلها بتمعن ،
و قد اكتفت بتأمل الحديقه مستمتعه بأشعة
الشمس ،
وبالنسيم الخفيف الذي كان يداعب شعرها الناعم ،
سمعت طرقا خفيفا على الباب بعد ساعه ،
نعم كانت على وشك ان تفتح الباب ،
عندما دخل دريك وأغلق الباب وراءه بعنف قائلًا :
-سيأخذك اريستيد إلى كريت ،
بعد الغداء مباشرة ..
ثم ابتسم وهو يردف :
لقد حجزت لك غرفة في آل غريكو ،
وهناك تعويض مادي ينتظرك عندما تصلين ..
ضيقت عينيها باستفهام ، وهي تتسأل :
- آل غريكو ولكن ...
بدأت تعترض لكنه قاطعها بسخريه :
-لا تخافي .. لقد شرحت الوضع للمدير ،
وسيرحبون بك كضيفة شرف ،
و أؤكد لك بأنك ستستمتعين بوقتك اكثر من قبل ،
رددت بخفوت :
-ما كان يجب ان تفعل ذلك ..
هز رأسه بتفهم قائلًا :
- لم لا .. بإمكاني ان أتحمل النفقات رغم ان
المسرحيه لم تنته بعد ،
شعرت لورين بالتوتر وهي تنظر إلى وجهه
المهيب ،
لم يسبق لأي شخص أن تكلم معها بهذا الإحتقار ،
لقد كان يهينها بقسوة ..
فهمست بضيق :
-دريك .. ستجد امرأة أخرى .
قال بصوت أجش :
- ولكنها لن تكون مثلك ..
قد أجبرها على الجلوس بجانبه على السرير وهو يشدها من مرفقها ،
لم تستطع مقاومته ، فشعرت للحظه بأنه يحبها ..
عانقته بقوة ،
إنها تحبه فكريًا ، و روحيًا ، و جسديًا ..
أحست إنها على وشك أن يغمى عليها ،
عرفت انه يريدها بقدر ما تريده ،
كانت ما تزال تحت تأثير سحره ،
عندما ابتعد عنها تاركا إياها في حيرة .
حدق إليها با زدرا ء قائلًا :
-لم تكذبي علي إذًا ؟!
كان صوته قاسيًا وهو يكشفها امام نفسها :
- ما تزالين ترغبين بي ..
إلى أي مدى كنت ستستمرين ،
لو لم أتوقف ..
توردت وجنتاها وارتجفت أصابعها ،
لم ترد أن توقفه لأنها كانت تحبه ،
أدركت ذلك لكنها لم تستطع الإعتراف ..
فقالت له بتحدِ :
- كنت ستكتشف ذلك بنفسك لو لم تغير رأيك ..
تعجب من قولها قائلًا :
- ما كنت سأغير راي البارحه ،
لأنني كنت متأكدا من انك ستصبحين زوجتي ..
هزت راسها بحزن وانهمرت دموعها على خديها ، ليكمل بتسأل :
- لا يمكنك ان تعيشي مع ماضي ،
وانا لا استطيع ان اغير ذلك ،
الأفضل ان ترحلي من هنا بأسرع وقت ،
إلا أذا كنت تفضلين ان
تصبحي حبيبتي بدلا من ان تكوني زوجتي ..
رددت بضعف وهي تجفف دموعها :
- لقد حزمت حقائبي ..
لم تستطع ان تقرا تعبيره وظهره مواجه لها ، وهو يقول :
- انت لا تريدين ان تكوني حبيبتي ،
سأكون حبيبًا سخيًا ، في كل شئ ،
رددت في عقلها ..
" ما عدا في حبه .. للد كان ملكا لسيلا ام طفلته ولن يكون لغيرها "
قالت له بحزن بالغ :
- السخاء لا يعني فقط دفع الفواتير يا دريك ،
الحب هو أساس الزواج الناجح ،
العطاء ، و الإخلاص ، و الرغبه الصادقه .
سألها بتوتر :
-وهل تعتقدين انني غير قادر على منحك كل هذه الأشياء ..
قالت بازدراء حتى تخفي ألمها :
-بالطبع تستطيع لكن ليس لي ،
بل للمراة التي ما تزال تحبها ..
اقترب منها يتسأل بدهشة :
- اي امراة ؟! عم تتكلمين !
كانت على حافة الإنهيار ، فمنذ البارحه كانت الحقيقه تزداد مرارة ، على نحو لا يحتمل ..
إذا كان دريك سيلزم الصمت ، و يوافق على قرارها ،
ستنجح في الهرب من دون ان تعلمه بما عرفت ،
لكنها لم تعد تقوى على الصمت الآن ،
وهو يواجهها بأكاذيبه الوقحه ،
قالت بانفعال :
- لا تكذب علي يا دريك ،
لقد عرفت حقيقة علاقتك بسيلا ..
لم يحاول أن ينكر ذلك على الأقل ،
ولم يصمت في وجه اتهاماتها ، فتسأل باستفهام :
- ماذا تعرفين بالضبط ؟!
لا يمكنها التراجع الآن وعليها ان تتكلم لذا أجابت :
- انت مغرم بزوجة أخيك ،
وهي تبادلك ذات الشعور ،
لا تحاول الإنكار ،
لقد رأيت الطريقه التي كانت تنظر بها اليك منذ ان وصلنا إلى هنا ،
أعرف انها هي التي مثلت دور مديرة فندق بلفادير ،
لقد سمعت ما قالته لك البارحه في الحديقه ،
لقد خططتما لكل شئ ..
حدق دريك إليها وكأنها أصيبت بالجنون ،
بدا وجهها شاحبًا وهو يحاول أن يشرح لها :
- انت لم تفهمي يا لورين ..
توقف وهو مدرك انه سيدين نفسه بكلامه ،
خيم صمت عميق بينهما ،
قطعه طرق خفيف على الباب ،
فتح دريك الباب ليواجه أخاه ،
تمتم وحاول أن يغلق الباب في وجه أخيه وهو يقول له :
- لا حقا يا لوكاس ..
- الآن يا دريك ..
كان صوته قويا وهو يوجه الحديث لهما :
-اريد أن اتحدث إليكما معا .
قال له دريك بحنق شديد :
-هذا ليس وقتًا ملائماً ..
اصر على التحدث اليهما قائلًا :
-دعني أدخل لا احتاج إلى اكثر من بضع لحظات ،
يجب ان أعترف لكما بشيء ..
قالت له لورين بضعف :
- دعه يدخل يا دريك كل ما سيقوله أنا أعرفه ..
اعتقدت ان دريك سيتجاهل توسلها ،
لكنه هز راسه ورجع خطوة إلى الوراء ، كي
يسمح لأخيه بالدخول ..
تردد لوكاس للحظه ، ليستجمع شجاعته ثم قال :
- لقد تحدثنا انا و سيلا مطولا ووصلنا إلى قرار ،
ثم نظر نحو لورين ليردف :
- يجب ان تعرف لورين بما أنها ستصبح
زوجتك ..
أوقفه دريك بحدة قائلًا :
-لا يا لوكاس اني امنعك ، لقد عقدنا اتفاقا ..
قال له لوكاس بجدية :
-ولكننا الآن صوتان ضد صوت واحد ..
حذره دريك :
-انت لا تعي ما تفعله ..
كان دريك يتألم وشعرت لورين بقلبها يعتصر تعاطفا معه ، وهو يقول :
-لورين وأنا ..
اوقفه لوكاس قبل أن يكمل :
- انت مخطئ ...
وقد بدا صوت لوكاس حازمًا وهو ينظر إليها بجدية ..
تحطم عالم لورين ككرة زجاجيه ،
تناثرت أجزاؤها لترسم شكلا مبهما ،
لم تقو على التحرك وهي تحدق إلى الرجلين ،
شاعرة بالتوتر الذي ينساب بينهما كسلك كهربائي مشدود ..
حطم لوكاس الصمت موجها حديثه لها مباشرة :
- كان دريك و سيلا مخطوبين منذ الصغر ،
لكنهما كانا بعيدين عن بعضهما البعض ،
لأن أخي كان يمضي معظم أوقاته في الخارج ،
بينما ان أمضيت معظم حياتي هنا ،
كنا انا و سيلا صديقين ونمت بيننا علاقة حتى أصبحت جديه ،
توقف قليلا ليأخذ انفاسه ، واكمل :
- أصبحنا عاشقين وشعرنا بالذنب حيال الموضوع ،
لكن ما كنا نعرف انه كان أقوى من أن نتجاهله ،
والى جانب ذلك كنا نعرف ان دريك ما كان مهتما بها ،
ثم حملت سيلا مني ،
وكان من المستحيل الأ نخبر دريك ..
لقد احتجنا الى مساعده أخي بسبب العلاقه الوثيقه التي كانت تربط عائلتينا ،
اوقفه دريك بضيق قائلًا :
-هذا يكفي يا لوكاس لورين غير مهتمه بماضيك ..
حاول لوكاس أن يكمل قصته وهو يقنع اخيه قائلاً :
-الموضوع الأن يخصكما ..
قاطعه بغضب :
- لم يعد الآن ..
ثم على صوته بغضب مردفًا :
- اخرج من هنا قبل ان ارميك خارجًا ،
- لقد تكلمت أكثر مما هو لازم ..
تردد الأخ الأصغر، و ضعفت عدائية دريك ،
تفحص وجه لورين الشاحب ،
قبل ان ينظر الى أخيه ثم قال ببطء :
- معك حق ولكنها تعرف الحقيقه الآن ،
سأترك لك الباقي ..
ثم استدار نحو لورين وقال لها :
-أجبريه على إفشاء السر ، وإلا سأضطر لأن أفعل ذلك بنفسي ،
توقف قليلًا وهو يوجه كلامه لأخيه :
-لا يحق لك أن تخفي هذا السر عن المراة التي ستصبح زوجتك .
ثم خرج لوكاس من الغرفه بسرعه ،
وأغلق دريك الباب وراء ثم قال :
- تجاهليه و عودي الى كريت ،
وانسي كل شئ ،
لن يغير إعتراف لوكاس شيئا ..
صرخت لورين بذهول :
-اكزاني هي ابنة لوكاس ؟؟
اجابها ببساطة :
- بالطبع الجميع يعرف ذلك ..
حدق بها وكأنها أصيبت بالجنون
لتعترف له بألم :
- اعتقدت بأنها ابنتك ...
تداعت كل شكوكها نحوه ،
فقال وقد قطب حاجبيه من الذهول :
- ابنتي !
كان فمها يرتجف وحاولت أن تجد طريقه منطقيه تشرح بها استنتاجها :
- اعتقدت بان لوكاس تزوجها بدلا عنك
تجنبا للفضيحه !
-يا الهي ! .....
ضحك بصوت عال ثم قال :
-ولذلك غيرت رايك في ان تصبحي زوجتي ؟!
لأنك اعتقدت انني احب فردريكا ؟!
هزت راسها ايجابًا ، وشعرت بصداع شديد يهاجمها ، وهي تسرد باقي اعترافها :
- اعتقدت بأنك أحضرتني الى هنا كي تستر علاقتك المستمره بها ،
تجمد دريك مكانه ،
فاستدارت بعيدا عنه ، ودموع الندم تنهمر على خديها ،
ما يزال هناك الكثير حتى تفهمه ،
بالإضافه الى اعتراف لوكاس ببراءة أخيه .
أوقفها دريك كي تواجه وهو يسألها :
-لورين انتظري أهذا هو السبب ..؟
بدا صوته أجش ليردف :
- اعتقدت بانني استغل وجودك لأخدع أخي ؟!
_____________________