الفصل الثاني

بدأت تغوص في احلامها وتعود بذاكرتها لما حدث لها من حوالي سنتان فقد كانت فتاه مرحه تعيش حياه الرغد والرفاهيه تخرج كل يوم الى حديقه القصر تسقي الورود وتطعم الطيور ودندن بعض الاغنيات الرومانسيه لبعض الفنانين التي تحب الاستماع لهم
فقد كانت تاره تسمع اغنيات رومانسيه لعبد الحليم حافظ وتاره اخرى تستمع لاغنيات الشباب من جيلها كعمرو دياب ومحمد فؤاد وغيرهم من المطربين 
واحيانا الجنون يمس قلبها وعقلها فترقص وتجري كالأطفال وهي تمرح بصدق وحياه
وهذه كانت مريم قبل عامين من الآن
وفي يوم من الايام
كانت في الحديقه كعادتها وقت الغروب تنظر ظهور القمر كي تتحدث معه كعادتها واذا هي تجد طائره ورقيه كانت في الاعلى ومكتوب عليها اسمها "مريم" 
لاحظت الاسم بسرعه وابتسمت وظنت انه لأحد ما يقرب صاحب الطائره ولكن الحقيقه عكس ذلك 
لحظات وهبطت الطائره ببطئ
مريم ـ ياخبر الطياره تقريبا بتوقع
وظلت تنزل حتى استقرت في الحديقه بجوارها
قامت من مكانها واقتربت من الطائره وظلت تحدق بها وبالإسم الموجود عليها وفجأه
لاحظت ظرف احمر في الجانب اليسري فأمسكت به
وقالت بتفكير ـ اي دا معقوله يكون حد باعت رساله لحد عن طريق الطياره الورق
اما فكره غريبه بشكل طب هو كان اشتكى الحمام الزاجل لما يستخدمو الطيارات الورق ف ارسال الرسايل
بس انا فضولي اعرف ايه اللي مكتوب فيها

وردت على نفسها في نفس اللحظه
ـ ياخبر ايه الوقاحه دي انا مش ممكن اعمل كدا ابدا المفروض ارجع الورقه مكانها واودي الطياره للبواب واكيد صاحبها هيسأل عليها وساعتها يبقى ياخدها وياخد الجواب بتاعه
وبالفعل وضعت الظرف في مكانه بالطائره وببراءه دلفت الى البواب الجالس في مقدمه القصر

وقبل ان تأتي وجدت اخيها وهدان يقترب بسيارته من باب القصر ففزعت وخافت بشده مما جعلها ترتجف وتذهب بعيدا وتلقي بالطائره خلف احدى الاشجار وعادت مجددا لباب القصر فارغه الايدي وفي تلك الاثناء
فقام البواب مسرعا وفتح له الباب
ـ يا اهلا يا اهلا وسهلا ياجناب البيه نورت
نزل وهدان بهيبته كعادته وهو يرفع جبته الثقيله على كتفه بعض الشئ
ونظر الى مريم اخته
ـ انتي بتعملي ايه هنا في الجنينه
ردت بإرتباك ملحوظ
ـ انا  انا مبعملش حاجه انا مجتش اصلا في الجنينه
ضحك وهدان على توتر اخته وهو ناردرا مايضحك فأبتسمت مريم
ـ يووه الله يبسطك ياخويه كمان وكمان بتضحك على ايه
اردف بسرعه ـ على وشك الاصفر يابنت امي وابويه
وعلى كلامك اللي ميتصدقش
ردت عليه بدون فهم
ـ ايه ازاي يعني؟!
ـ بتقولي انا مجتش الجنينه وانتي اصلا فيها مالك ياخيتي فيكي حاجه ولا ايه

بلعت ريقها بصعوبه وابتسمت اليه
ـ يوووه ما انا عارفه بص اقصد اقولك كدا علشان اضحكك ياخويه
ـ طيب يالمضه يالا بينا ندخل جوا
ومضو الاثنين الى الداخل بينما مريم تفكر في هذا الظرف بشده وتريد فتحه ومعرغه مابداخله
مر اليوم بسلام واتى منتصف الليل ومريم تقف في شرفه القصر تنظر الى الورقه في شوق وظلت تنظر اليها حتى اقررت بداخلها ان تذهب اليها وتقرأ مابداخلها
وبالفعل عاودت لتلك الشجره
وامسكت بالورقه ثانيا وعادت بسرعه الى غرفتها
ـ ياترى فيكي ايه بقى ياحلوه
وقامت بفتحها بشوق وقرأت مابداخلها
ـ كنت عارف انك مش هتفحيها بسهوله يامريم  لانك انسانه امينه جدا ورقيقه
وعلشان كدا عشت عمري كلو احبك في صمت لكن انما للصمت حدود
ومن هنا ورايح استني مني جواب كل يوم علشان اقدر اوصفلك حبي ليكي واعرفك بنفسي اكتر
مع السلامه ياملاكي
انا الحلم انا الحبيب انا العاشق

اشتمت في الورقه رائحه عطره المميز التي جعلها تعشقه قبل ان تراه
امسكت بالظرف ووضعته بداخل ملابسها
وتنهدت بفرح
مرت الايام بسلاسه ويسر و مريم كل ليله تجلس في الحديقه تنتظر سقوط الطائره الورقيه وماتحمل معها من طيات الخير والسعاده والسرور الى قلبها الصغير المغرم
وفي يوم من الايام لم تأتي الطائره في موعدها مما اصابها من خوف وفزع على من احبت
ومر اسبوع على هذه الحاله تنتظر وتنتظر ثم لا تجد شيئا يأتيها
حتى اتتها الخادمه جليله
ـ ست مريم ياست مريم
كانت تناديها ومريم جالسه شارده الزهن لم تفكر بشئ سوا حبيبها
التفتت لها مريم اخيرا
ـ عاوزه ايه يابوز الفقر انتي
جليله بحزن ـ انا بوز فقر الله يسامحك ياست البنات
المهم جايه اقولك ان البيه قال نروح نجيب البوس الهدوم والحاجات اللي هنفرقها على روح الحاج والحاجه الله يرحمهم

انتبهت مريم لما تقوله جليله
ـ اه صح دي سنويه ابويه وامي دا انا كنت ناسيه خالص
كويس انك فكرتيني ياجليله طيب يالا روحي البسي وانا كمان هلبس واجهز اهو
بس بقولك ايه متأخريش لسه ورانا سفر  للبلد اللي فيها السوق  انجز اومال بلاش برود

جليله بإبتسامه ـ حاضر ياست البنات و لاقيني عندك ف خمس دقايق

ذهبت جليله مسرعه بينما ذهبت مريم واجهزت من نفسها واخذت الاموال وكذلك جليله واستعدو جميعا للسفر
وفي الطريق لمحو شابا يعبر وهو يضع يده في جيبه وهو يتمختر بينما جليله اشارت اليه واردفت بخوف
ـ حاسب حاسب ياعم درويش في راجل معدي
عم درويش اخذ يضع يده على المزمار الخاص بالسياره ليعطيه بعضا من التنبيه لكن الشاب مازال على وضعه يسير ببطئ ودلع
مريم وهي ترفع احدى حاجبيها
ـ لا بقى دا اسمه استهبال سيدته عايز ينداس ولا ايه
عم درويش بتأفف ـ الظاهر كدا ياست هانم
او ممكن يكون من قطاع الطرق واللصوص علشان كدا انا لازم امشي وميهمنيش حتى ادوسه
كانت تنظر اليه مريم وقلبها لايقول انه لص ابدا بل يبدو طيب القلب فقد كان وجهه بشوش للغايه فهو
شاب طويل القامه مفتول العضلات 
لديه عينان عسليتان اللون يزاد جمالها في نور الشمس فتصبح دهبيه مثل لؤلؤه غاليه الثمن استخرجت من اعماق البحار
لم توافق مريم على فكره عم درويش سائق السياره
فقالت ـ لا ياعم درويش اوعى تدوسه ممكن يطلع راجل طيب ونبقى ف نظره مجرمين
وبعدين مش ممكن يكون راجل طيب وناخده ف طريقنا وينوبنا ثواب
جليله ـ ياسلام عليكي ياست هانم وعلى جدعنتك وحنيت قلبك وقف العربيه ياعم درويش ورزقنا على الله 
فأستمع لهما درويش لكنه قبل ان يقف وقع الشاب واخذ يصرخ
ـ اخ الحقوني اخ داسوني ياناس داسوني ياخلق يابوليس ياشاويش يامطافي الحقوني
اخذ يتمتم بهذه الكلمات بينما الجميع خرجو جميعا من السياره ملهوفين عليه
يظنون ان السائق مسه بشر
جليله ـ خير ياجدع ايه اللي حصل انت كويس
مريم بخوف ـ ايه ايه خير ياحضرت مالك انت كويس  خضتنا عليك والله لما صرخت

نظر له بعيناه العسليتان واخذ يغازل مريم
ـ يالهوي دا انا لو كنت اعرف انك هتتخضي عليا كدا كنت رميت نفسي تحت عربيتك من زمان
درويش ـ جرا ايه ياجدع انت بتعاكس الهان واحنا واقفين انت متعرفش دي تبقى اخت مين

عز وهو ينظر ل مريم ـ مش مهم بنت مين ولا اخت مين المهم اني اخيرا شوفتها

لم تفهم مريم ما يعني ولكنها شعرت بفرحه في قلبها مما يقول لكنها لم تبدها له واردفت بثقل
ـ حضرتك كويس انا شايفه انك وقعت من قبل ماالعربيه تيجي عليك
عز بتوتر ـ ايه ماهي لما خبطتني انا ايه عصبي شديد والقوه حديد  ف العربيه رجعت لورا
درويش ـ اه توم كروز انت
جليله ـ لا ياعم درويش دا هركليز
مريم ـ خلاص يا استاذ ااا
نظر لها وهو يغازلها وتلمع
عز  ـ عز اسمي عز
مريم بخجل ـ يا استاذ عز احنا بنعتذر منك
يالا ياعم درويش يالا ياجليله
عز وهو يقف امام مريم ويحاوى ايقافها
ـ استني انتو هتمشو وتسبوني ف الحته المقطوعه دي
جليله بتمثيل ـ جرا ايه ياعم الهركليز انت خايف ولا ايه
فأمسك عز برجله واخذ يصرخ
ـ اه اه يارجلي معلش ياخوانا انا اسف خدوني معاكم
ووفي النهايه استطاع عز ان يذهب معهم في السياره
درويش
ـ انت منين بقى ياعز
عز ـ انا من هنا
جليله ـ من العربيه يعني ولا ايه
بنقولك منين يبقى تنطق
عز ـ بصراحه انا غريب من مصر جيت البلد اشتغل مدرس بشهادتي وفعلا اتعينت هنا
ومن ساعتها وانا بدور على سكن كل شويه اغير مكان
مريم بتسرع
ـ طيب تعال اسكن عندنا
نظر لها كلا من درويش وجليله بإستغراب فبدلت كلامها
ـ بس مش ببلاش هو هيشتغل بواب عندنا من بعد الضهر لحد بليل
عز ـ والله فكرا خلاص ياجماعه انا جاي معاكو
وذهبو معا الى السوق وبدأو بشراء بعض الاغراض وعز اختار لها منديلا احمر اللون
وكتب عليه بخط يده
انا الحبيب انا العاشق انا الولهان
وفو ان اخذت منه المنديل وقرأت مافيه وقد علمت انه نفس الشخص الذي كان يرسل لها طائرته وبها خطابا
هو من احبته خفائا هو من عشقته بينها وبين نفسها
فنظرت اليه ورأت في عيناه نظره الحب والمشاعر فأبتسمت اليه وظلت تنظر له بين كل  حين واخر الى ان الاثنان قد دابو عشقا منذ اليوم الاول لرؤيه بعضهما
مرت فتره كبيره تفوق الشهران في تواجد عز بقصر  وهدان وقرر ان يتقدم اخيرا ل مريم وكانت طريقته كعادته رومانسيه وتفوق الخيال فقد انتهز عدم وجود وهدان بالقصر وقام بالتصلق على الشجره وهو يحمل باقه من الورود الحمراء والتي كانت مختلفه تماما عن اي باقه لانها كانت مصممه خصيصا لها ولحبه لها
دق مرتين على الشباك ففتحت الفتاه الجميله مريم
شهقت مريم عندما رأته
ـ هاااا عز اي دا مش ممكن انت طالع من الشجره زي روميو ومكاك بوكيه ورد
كتير عليا اوي ياحبيبي
اردف لها بهدوء ـ مافيش حاجه تكتر عليكي ياحببتي انتي اللي كتير عليا
امسكت بلحيته الخشنه السوداء ونظرت الى عيناه العسيتان وقالت بعشق
ـ عز انا بحبك
عز بعشق اكبر
ـ وانا بعشق يامريم يعني حبي ليكي عدى كل الحدود
كان الليل شاهد على حبهما والقمر مطلع على عشقهما والسماء تمطر السعاده على قلوب كل منهما بينما النجوم تزف روح الاماني بينهما
وبالفعل لم تمر الليله الثانيه الا وقد تقدم عز لوهدان وطلب يد المصونه كريمته مريم
ووهدان وافق ولكن بشرط
وبسبب هذا الشرط فقط عز حياته في ليله الزفاف
كانت تتذكر الفتاه في نومها لحظه اغتيال حبيبها ففزعت وقامت من نومها
ـ عز
صرخت اسمه بعلو صوتها
اما في المنزل البحري التابع لوهدان
كانت عزيزه تجلس وهي منكمشه بجوار المدفئه وتضم قدميها
وكان جسدها متجمدا ويشبه جثث الموتى وهي عاريه نوعا ما
درويش السائق وقد لمع عيون ابو لهب المطلعه اليها بشهوه  ـ بقولكو ايه اوعى حد يلمسها لازم نكلم وهدان بيه
ابو لهب ـ نكلم البيه ايه دا هتكون ماتت عقبال مايجي دا مشوار يادرويش
بينا نشيلها ونرجعها بسرعه وهنا بقى يجيب دكتور ويدفيها
كان رأيه هو الامثل والاقنع بالنسبه لها لذلك وافق على الامر
وبالفعل اخذوها واخذو الرضيع وذهبو الى قصر وهدان مره اخرى
وهدان بفزع ـ ايه مالها ايه اللي حصل
درويش ـ لاقناها كدا يابيه بسرعه جبلها دكتور والا ممكن تموت
وهدان امسك في رقبته ـ انت عايزني ادخل بيتي راجل ويكشف على مراتي
لو مافيش دكتوره خليهم يجيبو الدايه
وبالفعل نادو الى الدايه ام مسعود واحضرت لها بعض الزيوت وبعض الاعشاب وقامت بخلطهم ثم دهنت كامل جسدها به
ثم وقامت بتغطيتها جيدا واردفت بصوت هادئ
بقولك ايه ياجليله قولي للبيه اني عملت اللي عليا ودفيتها كويس وهي اكيد هتبقى كويسه بس الا قوليلي هو ايه اللي عمل فيها كدا دا جسمها كلو مخشب ومتلخ


جليله استمعت اليها ومن ثم اخرجت من ثديها بعض النقود
ـ خدي يا ام المسعود بقولك ايه يااختي
خليكي ف حالك احسن وهدان بيه لما حد بينخرب وراه بتبقى نهايته سودا واحتمال يخليه عشا للأسود والنمور اللي مربيها

ارتعبت ام المسعود مما سمعت وعلمت اخيرا انها في منزل من لايرحم وان فأخذت الاموال وذهبت في اتجاه الباب وهي تتمتم بتلك الكلمات
ـ لا نمور واسود يالهوي دا كلو الا الموت ناقصه عمر

جليله وهي تتمتم هي الاخرى
ـ صحيح ناس تخاف متختشيش

ودلفت الى غرفه مريم فوجدتها تجلس على السرير وهي تستند ظهرها على الوساده
جليله ـ جرا ايه يا ست الكل انتي قاعده هنا والدنيا برا مقلوبه

نظرت لها مريم وهي لا تعلم على ما تقصد فهي في الحقيقه تعيش في عالم اخر ومنعزله عن الباقين لدرجه انها لاتدرك مايحدث ولا تهتم لأمر احدا قط

ـ خير ياجليله ايه اللي حصل
اردفت جليله وهي تقترب منها
ـ ست عزيزه تعبانه اوي وسي وهدان جبلها الدايه ومحدش عارف حالتها هتكون ايه بالظبط

استغربت مريم مما قالت واردفت بتساؤل
ـ ليه ايه اللي حصلها بس
جليله بحزن ـ بجحت قصاد وهدان بيه قام طردها عالبيت البحري في الطل ف عز البرد
تلاقي الواد قفقف من البرد بليل فأدته هدومها
مريم بتساؤل ـ ليه هم مكنش معاهم هدوم زياده
جليله بحزن ـ لا خد منهم كل الهدوم وخرجها من البيت بالهدمه اللي عليها
مريم ـ وهدان اخويه جاحد وقلبه قاسي اوي حتى على اقرب الناس ليه

وقامت برفع الغطاء ـ خليني اروح اطمن عليها

ودلفت اليها واقتربت منها وبدأت تهز بها لتطمئن عليها

ـ عزيزه
عامله ايه ياحببتي طمنيني عنك
معلش ياعزيزه انا اسفه اني مقدرتش ادافع عنك امبارح بس صدقيني انا كنت تعبانه يمكن اكتر منك ومعرفتش حاجه عن اللي حصلك غير دلوقتي

لم تيجيبها عزيزه ولم يصدر منها اي حركه تشير انها بخير
مريم بخوف ـ عزيزه عزيزه ردي عليا
لم تجيبها ثانيه فصرخت بعلو صوتها
عزيزااااااااااا

يتبع
ماذا تتوقعون في الحلقه القادمه
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي