الفصل الثاني

بيرلا : " والدكم يخاف عليكم كثيراً . "
تنظر اليها ميلوزين و تصمت ثم تدير بوجهها في إتجاه آخر ، يلاحظ والدها باكس انها تخفي شيئاً ما ، ثم يقول لها .
باكس : " أرى في عينك يا ميلوزين ذلك الفضول الذي كان يراودك منذ أن كنتي عروسة بحرة صغيرة ، هل ما زلتِ تحلمين بـ ان تصعدي الى الشاطئ و تعرفين اكثر عن حياة الإنسان ؟ . "
ميلوزين : " كما قلت يا والدي ، كنت صغيرة وقتها وكنت انت تخاف علي لأني كنت صغيرة ، و لكن الان قد كبرت و أستطيع أن احمي نفسي جيداً ، و لكن هذا الحلم ما زال اريد تحقيقه ، الإنسان يحب ان يقتحم عالمنا البحري ، و انا عندي شغفٌ أن ادخل الى عالمهم فوق الأرض ، ارى أن هناك أشياء كثيرة تستحق ان نشاهدها ، عالمهم أيضاً جميا يا أبي . "
باكس : " و من قال لكِ ان عالمهم جميل ، انتي ما زلتي صغيرة يا ميلوزين و لا تعرفين شيئاً ، لقد صنعوا قنابل يحاربون بعضهم فوق الأرض ، و احياناً يقذفون بـ قنابلهم في البحر فـ يموت الملايين من الأسماك ، إن عالمهم مليء بـ أشياء كثيرة مخيفة . "
ميلوزين : " و نحن أيضاً يا ابي عالمنا البحري مليء بـ أشياء كثيرة ليست جميلة ، هنا السمك الكبير يأكل السمك الصغير ، و شوكة الشرير يزعج كل مكان يتواجد فيه ، يا أبي كل عالم فيه الخير و الشر . "
باكس : " و لكن يا ميلوزين عالم البشر الخير فيه قليل و الشر فيه كثير . "
ميلوزين : " أرجوك يا أبي ، دعني أرى هذا بـ نفسي ، و أذهب الى عالمهم فوق الأرض ، ارى انهم رائعون الأطفال على الشاطيء يضحكون و يلعبون ، اريد ان أعرفهم عن قرب ، لدي الكثر من الفضول ان ادخل عالمهم . "
باكس : " انهم يظهرون انهم رائعون من بعيد يا ميلوزين ، و لكن عندما تقتربين منهم لن تشعري معهم بـ الأمان ، انا أعرفهم جيداً منذ ان اختفى أخي و أخذه أحد الصيادين على مركب كبير ، رأيتهم بعيني ماذا فعلوا به . "
ثم يتذكر باكس تلك الليلة التي كان فيها هو و أخيه روكي و هم يتجولون بـ القرب من سطح البحر ، فـ بكى باكس و هو يحكي ماذا حدث معهم في تلك الليلة ، حيث قال و الدموع في عينيه .
باكس : " كنت انا و عمك روكي نتجول بـ القرب من سطح المياه ، حيث كان الطقس صيفي و جميل و الشمس دافئة ، اقتربنا من السطح حتى شاهدنا أحد الصيادين ، اقترب منا و فجأة ألقى بـ شباكه الكبيرة علينا ، استطعت انا الخروج منها بعد نزاع طويل و ابتعدت عن الشبكة ، و لكن للاسف لم يستطع عمك روكي الفرار من شبكة الصياد ، ثم رفعه الصياد بـ الشبكة و اخذ عمك روكي معه ، و منذ تلك الليلة لم أرى أخي روكي ، انه كان بالنسبة لهم اكتشاف كبير . "
سيريا : " اكتشاف كبير ! ، ماذا تعني بـ تلك الكلمة يا أبي ؟ . "
باكس : " نحن كائنات نادرة في البحر ، و قد يعتقد بعض البشر بـ اننا لسنا موجودين ، و اننا مجرد شخصيات في قصصهم التي يحكوها لـ أطفالهم ، و بعضهم يشك في وجودنا ،و البعض الآخر متأكد اننا موجودون و لذلك يبحثون عنا ، فـ مجرد ان يرانا إنسان يعتبرنا اكتشاف كبير له ، لذلك اخذ الصياد عمك روكي لانه اول عريس بحر يظهر لـ إنسان ، نظراً لـ شكلنا الجميل سواء عريس بحر أو عروسة البحر التي قد راها احد البشر منذ زمن و لكنه لم يستطع أن يصطادها ، و لكن شكلها ظل في ذاكرة الإنسان ، و حتى الأن يبحثون عنا ، و نحن نريد ان نعيش في سلام ، لذلك اخاف عليكم كثيراً يا ميلوزين انتي و اخوتك اخاف ان يراكم انسان ، انتم اجمل كائنات البحر ، انتم شخصيات جميلة في قصصهم . "
بيرلا : " لذلك نخشى عليكم ان تقتربوا من سطح الماء حتى لا يراكم بشري ، و خصوصاً أن حجمكم كبير بالنسبة لـ باقي السمك ، و ألوانكم جميلة و براقة تلمع و تعكس آشعة الشمس ، فـ تلفت انتباه كل الصيادين . "
ميلوزين تنظر اليهم في صمت ، بينما تقول سيريا .
سيريا : " حسناً يا أمي ، حسناً يا أبي ، سوف نكون على حرس دائماً على انفسنا حتى لا يرانا أي إنسان . "
تتركهم ميلوزين و تبتعد عنهم دون ان تتحدث ، ثم تغطس في المياه و تبتعد كثيراً عن أعينهم ، فـ يقول باكس والد ميلوزين .
باكس : " اذهبي معها يا سيريا لا تتركيها ، نحن نعلم ان ميلوزين عنيدة و لن تتخلى عن حلمها ، و انت يا شيتوس لا تتركها وحدها . "
سيريا : " حسناً يا أبي ، لا تقلق بـ شأنها . "
شيتوس : " لن ادع احد يقترب من ميلوزين . "
ثم يذهب ا وراء ميلوزين ، حيث يجدوها في مكانها المفضل ، و هو مكان صخرة كبيرة بـ القرب من الشاطيء ، تذهب اليها ميلوزين و تجلس فوقها و هي تنظر الى الشاطيء و تحلم بـ أن يكون لديها قدمان مثل الإنسان و تتخلى عن ذيلها الطويل التي هو مليء بـ الوان الطيف الجميلة ، و لكنها تريد عالم آخر يسحرها من بعيد ، تجلس ميلوزين على الصخرة و هي تنظر الى تلك المباني التي بناها الإنسان من بعيد و كم هي مباني عالية تظن ميلوزين انها تقترب من السماء ، ثم تجد شاباً و فتاة يتجولان على الشاطيء و يتحدثان ، تنظر اليهم ميلوزين و هي تبتسم ، و تقول في نفسها : " يا لتني مثل تلك الفتاة . "
حتى فاجأتها اختها التوأم سيريا و معها صديقها السمكة شيتوس و هم خلفها ، فزعت ميلوزين و قالت لهم .
ميلوزين : " لقد أرسلكم والدي خلفي هذه المرة أيضاً ، اليس كذلك . "
شيتوس : " نعم ، هو كذلك . "
حتى ضربته سيريا على ظهره و قالت لها .
سيريا : " شيتوس يمذح يا ميلوزين ، لم يرسلني والدي خلفك ، انا فقط جئت لكي اجلس معكي هنا . "
ميلوزين : " لا أصدقك هذه المرة يا سيريا ، إن ابي يظن دائماً أنني ما زلت صغيرة لا أستطيع ان أحمي نفسي ، يظن أن بـ كلامه عن الإنسان سوف يجعلني أخاف من الإنسان و أبتعد عن تلك الحلم الذي يراودني منذ ان كنت صغيرة ، انظري الى هناك يا سيريا ، اتري تلك الفتاة الجميلة التي ترتدي فستان ابيض قصير ، انظري الى قدمها الطويلة ، تمشي عليهم و تجري هنا و هناك ، أريد ان استبدل ذيلي الطويل بـ أقدام مثل هذه ، اريد ان أجري ، و ألعب ، أريد أن اصعد فوق تلك المباني العالية ، و أرى ماذا يوجد بـ داخلها ، اريد أن اتذوق طعامهم . "
يقاطعها صديقها السمك شيتوس و يقول لها .
شيتوس : " أتريدين أن تأكلي طعامهم ! ، انهم يأكلوننا يا ميلوزين ، هل تريدين ان تأكلي صديقك شيتوس الجميل ، و اكون في طبقك و تضعي علي شرائح الليمون الحامض ، لم اتوقع منك ذلك يا ميلوزين . "
تضحك ميلوزين و تطبطب بـ يدها على صديقها شيتوس و تقول له .
ميلوزين : " لماء تظن يا شيتوس ان هذا البحر الكبير لا يوجد فيه سمكة تؤكل غيرك أنت ، انت سمكة صغيرة لا تكفي لمضغة واحدة اريد منك الكثير لكي أشبع جوعي يا شيتوس . "
ينظر له السمكة شيتوس و هو يبتعد عنها و يرتعش من الخوف ،مما يجعل ميلوزين و شقيقتها التوأم سيريا يضحكان كثيراً .
ثم تواصل ميلوزين حديثها و تقول له .
ميلوزين : " بالتأكيد هناك أطعمة كثيرة على موائدهم يا شيتوس ، ثانياً أوعدك إن ذهبت الى هناك سوف اتغذى على النباتات كما تعلم انني نباتية و لا آكل اللحوم و لا الأسماك ، لا تقلق يا شيتوس . "
سيريا : " هل انتي مصممة يا ميلوزين ان تذهبي الى هناك على ارض الإنسان ، بالرغم من كل ما قاله والدنا عن الإنسان ، و كم ان عالمهم مخيف يا ميلوزين ؟ . "
ميلوزين : " نعم يا سيريا ، بالرغم من كلام والدي أريد الذهاب الى هناك ، و سوف أستطيع أن احمي نفسي لا تقلقي يا سيريا ، و لكن كيف أستطيع أن اذهب الى هناك و انا أمتلك ذلك الذيل الطويل ، لو رأني إنسان سوف يعرف انني عروسة بحر و يحبسني ، و انا لا اريد ان أسجن ، أريد أن اعيش حرة اتجول في شوارعهم و عالمهم الجميل ، اريد مساعدة . "
تنظر لها اختها سيريا و تبتسم ، ثم تقول لها .
سيريا : " انتي اختي التوام التي احبها كثيراً يا ميلوزين ، و سوف اساعدك ان تحققي ذلك الحلم الذي تتمنيه و لكن اوعديني ان تنتبهي على نفسك جيداً عندما تذهبين الى أرض الإنسان . "
تنظر اليها ميلوزين عروسة البحر و تبتسم ، و تقول لها .
ميلوزين : " اتتحدثين عن جد يا سيريا ، هل حقاً تعرفين كيف تساعديني ان اذهب الى أرض الإنسان ؟ . "
سيريا : " نعم أعرف ، و لكن اوعديني يا ميلوزين ان تعودي الى البحر مرة أخرى ، و لا تتاخري كثيراً على ذلك الأرض ، لا تنسي انكي عروسة بحر ، و ان مكانك هنا في البحر ، اوعديني الاول يا ميلوزين ان عندما تذهبي الى أرض الإنسان تقضي هناك وقتاً قليلاً ثم تعودين الى البحر . "
تفرح ميلوزين و تقول لها .
ميلوزين : " حسناً ، حسناً ، أوعدك يا سيريا ، سوف أعود بالطبع الى البحر ، انا فقط اربد ان اذهب لكي اقضي وقتاً هناك ليس اكثر و اعود بعدها مرة اخرى الى البحر ، انتي تعلمي انني احب البحر ، و لكن احب المغامرة و أتشوق الى معرفة حياة الإنسان ، و لكن كيف تستطيعين مساعدتي ؟ . "
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي