الفصل السادس 6
تترفع الشمس بأشعتها الدافئه ، تنشر السماء صفائها في الانحاء ، تتغنى الحياة بلسان الطيور
المغرده ، و تهدئ الامواج لتفسح المجال لذوات السواري ، ببساطه إنه يوم مشرق يا ساده ، كم اكرهه .
لا تناسبني هذه الاجواء السعيده المنفتحه للحياة اطلاقا ، بل اهرب منها واتلاشاها كأنها تزيد الخناق
على انفاسي .
مضى يومان على استفاقتي و منذ حينها لم ينفك دكتور مراد عن الحديث معي عن كل شيئ دار في
حياتي كأنني عينه نادره قلما يلتقي بأمثالها .
يوم ممل كلعاده في المشفى ، لا يوجد حاسوب ولا كتب لأقرأها عدى كتب علم النفس التي اعطاها
إلي دكتور مراد ، حسنا بدأت تنطفئ لدي نظرية المؤامره و تغيرت نظرتي اتجاهه إلى حد ما ، حتما
سأفتقد هذا الرجل و قصصه المثيره عن الامراض النفسيه التي قابلها حول العالم .
(يوسف ، لديك زائر. )
إنها الممرضه ناهد التي سرعان ماعتادت علي بسبب عدم اتساع الرقعه العمريه بيننا فهي لم تتجاوز
الثلاثين من عمرها لكنها ذات عقليه مختلفه غريبه لا تتناسب ابدا مع سنها او طبيعة عملها ، اتشكك
كثيرا في سبب الابقاء عليها في هذه المشفى .
دلف إلى الغرفه رجلان يبدو عليهما هذه الاناقه الاجراميه ؛ سترات سوداء ، نظارات شمسيه ، كرش
خفيف في بداية مراحله .
(الضابط توفيق و هذا حسن مساعدي ، اظنك تعلم جيدا سبب قدومنا إلى هنا)
رغما عني انتابتني هذه القشعريره التي تضرب اي مصري عند اقتراب احد عناصر الشرطه منه ......
فأجبت ببلاهه : لا .
الرجل بفراغ صبر : نحن لا نمتلك اليوم بطوله ، اخبرني كيف لحق بك هذا الجرح و لماذا تواجدت في
هذا المكان في هذا التوقيت بالذات .
اخذت نفسا عميقا لاهدء نفسي و استعيد رباط جأشي وانا ارتب الافكار في ذهني : انا مهتم بعلم النفس و هذه الاشياء ، ولا اتفق مع نظرية ان المجرم يجب ان يعاقب بأشد العقاب ، بل اظنه حاله نفسيه تستحق الدراسه ، لهذا كان لدي فضول بملاقاة هذه الفتاة ......
الضابط توفيق: كيف عرفت انها فتاة ؟!
يوسف: حسنا لقد قابلتها بالفعل .
توفيق باستجواب: اين و متى ؟
يوسف: لا ادري متى لكنه كان على مقربة من الطريق الرئيسي .
استرخى الرجل في مقعده و هو يقول : لا انصحك إطلاقا بالكذب على السلطات ، انت لا تريد تجربة
مايحدث لمن يمدنا بمعلومه خاطئه .
ساد الصمت برهه قبل ان اتنهد بعمق و اقول : كنت مع صديقي هذه الليله نسير على الطريق العام، كنت في شجار مع نفسي حول صدق رغبتي في الموت من عدمه ، فتسببت بحادث صغير .....
توفيق: صديقك سحبت منه السياره ، تدري ذلك ؟
اتسعت عيناي من صدى كلماته الصادمه ، قبل ان يسطرد : اخبرنا انك تعرضت لكثير من الضغوط مؤخرا مما جعل تصرفاتك متهوره غير اعتياديه بالنسبة له حتى انه حاول معرفة ما حدث لك إلى انك رفضت في اخباره .
اجبته بالصمت التام ، و ازداد خناق الدنيا علي ، فقد غامرت بكل شيئ لإشباع ذاتي ، انا شخص حقير
حقا ......
(( هذا وقت دواء المريض يا ساده ارجو المعذره ))
التفت الجميع إلى دكتور مراد الذي وقف عند مدخل الغرفه و هو يمسك بمقبض الباب ، كأنه يفسح
المجال لهم للخروج ........
توفيق: كدنا ننتهي .
دكتور مراد بعناد : الأن ، لا يمكن ان اسمح بتعرض مريضي لاي ضغط في هذه الحاله .
هم حسن بإلقاء مراد خارج الغرفه ، لكن توفيق اوقفه قائلا : حسنا سنعود قريبا جدا ، لكن تذكر جيدا
أننا في صدد قاتل متسلسل و سيستمر في قتل المزيد إذا لم نوقفه .
غادر الرجلان الغرفه و سط سكون تام لم يعكره سوى اجتذاب دكتور مراد للمقعد بجانبي و الجلوس
عليه ..........
(( لا تفكر في شيئ ، حالتك لا تسمح بأي نوع من الضغوط ))
تاملت سقف الغرفه في شرود وانا اقول : ماذا إذا كنا نعيش في كذبة عملاقه ، نريد من العالم ان يصير
مكان افضل بينما نحن من نعكر صفوه .
مراد: ماذا تقصد ؟
يوسف: كما ذكر افلاطون ، نحن البشر تحكمنا الانانيه الغرائزيه ، نحاول ان نظهر الكمال بينما نحن في غاية
النقص .
مط مراد شفتيه و هو يقول : ربما نحن بعيدين عن الكمال لكن على الاقل نحاول الوصول إليه .
هززت رأسي و انا أتحدث بتلقائيه اتأمل الفراغ : تعلم كم طالب في المراحل النهائه تعرض للانتحار ،
كم من الضغوط التي تفوق تحملك كأنسان و تجعلك تمقت الحياة بما فيها ، ثم في النهايه يتم تقيمك
بكم المعلومات المحفوظه التي صببتها في ورقة الاجابه و على اثرها يتم تخيرك بين عدد من
الخيارات المحدوده لتوجيه مستقبلك دون ان تُسئل عن رغبتك ، و حتى اذا ادليت بها غالبا ما يتم
استنكارها و تحديد الافضل لك من وجهة نظرهم ، كأننا مسيرون بالفطره .
مراد: هل هذا ما حدث معك ؟
يوسف: نعم ، لقد كنت طالب متفوق غالبا ما أحجز مقعدا في المراكز الأولى ، لكن في النهايه اجبرت على
الالتحاق بكليه لا تتوافق مع ميولي بضغط من الجميع الذين رأو بها مصلحة لي ، لكن انظر إلى كم
الانجازات التي حققتها خارج اسوارها ، أجالس الأكبر مني بفارق ليس بهين من السنوات في الدورات
التدريبيه واقارعهم الرأي بل و اوضح لهم ما يصعب عليهم و اتخرج بشهادات الامتياز من هناك ، لكن
رغم ذلك لا يوجد من يعطيك حق قدرك و تجبر على الاستمرار في هذه الكلية اللعينه لأربع سنوات
كامله يمكن ان تحقق فيهم عديد الانجازات و ان تخترق حدود عقلك .
مراد: لهذا حاولت التخلص من كل هذا الضغط .
يوسف: نعم ، انا لست من هواة فكرة الانتحار و أحترم سنوات عمري لكن أريدهم ان يشعرو بي فقط .
مراد: لهذا قمت بالقفز من سيارة صديقك ، و عندما بائت محاولاتك بالشفل اتجهت إلى الحل البديل
فطعنت نفسك ؟
اومئت برأسي وانا اقول : لم يكن الغرض من الطعنه الموت ، فقط اردت ان ارى دمائي تسيل لأهون
عن نفسي قليلا .
ابتسم و هو يقول : انت ترى ان الانتحار ضعف لهذا اردت ان تجمله .
يوسف: لم أقصد الكذب عليك صدقني .
مراد: كدت تورط نفسك في العديد من المصائب انت في غنى عنها .
ظللت ارمق الفراغ بندم ، في حين هم دكتور مراد واقفا و ربت على كتفي و هو يقول : فلتسترح قليلا
فقد نلت كفايتك من الضغوط اليوم .
ثم تركني وحيدا لترتسم على وجهي هذه الإبتسامه الظافره ، فقد حققت خطتي نجاحا باهرا .......
في علم النفس الحقيقه التي لا غبار عليها هي الحقيقه التي تكتشف بعد اتباع خيوط متشابكه من
الألغاز ، و هذا بالضبط ما فعلته ، تركت الطبيب يحوم حول نفسه للوصول إلى حقيقه كاذبه يظنها
عين الصواب بعد ارغامي على الاقرار بها بالضغط من قبل الشرطه ، كما ان حجة عدم ملائمة السكين
للجرح يمكن تزويرها بزيادة عمق الجرح قليلا او اتساعه ، كل هذا جعله يحوم في دائره لا تؤدي سوى
إلا حقيقه واحده فقط ؛ انني مجرد مريض نفسي حاول الانتحار ، لكن لا تقلق فأنا لم اقصد ان اوقع
ب ندى ، فما اعطيتهم سوى معلومات هم على معرفه وثيقه بها ، كما ان اختلاقي لها كحجة لعدم
انتحاري يثبت بعدي التام عنها ، كم انا شخص رائع حقا .........
(( يوسف فلتلملم اشيائك سريعا فسيتم أخذك من هنا ))
انطفئ بريق عيناي و انا اتسائل بنبرة أقرب إلى البكاء : إلى أين هذه المره ؟!!
***
المغرده ، و تهدئ الامواج لتفسح المجال لذوات السواري ، ببساطه إنه يوم مشرق يا ساده ، كم اكرهه .
لا تناسبني هذه الاجواء السعيده المنفتحه للحياة اطلاقا ، بل اهرب منها واتلاشاها كأنها تزيد الخناق
على انفاسي .
مضى يومان على استفاقتي و منذ حينها لم ينفك دكتور مراد عن الحديث معي عن كل شيئ دار في
حياتي كأنني عينه نادره قلما يلتقي بأمثالها .
يوم ممل كلعاده في المشفى ، لا يوجد حاسوب ولا كتب لأقرأها عدى كتب علم النفس التي اعطاها
إلي دكتور مراد ، حسنا بدأت تنطفئ لدي نظرية المؤامره و تغيرت نظرتي اتجاهه إلى حد ما ، حتما
سأفتقد هذا الرجل و قصصه المثيره عن الامراض النفسيه التي قابلها حول العالم .
(يوسف ، لديك زائر. )
إنها الممرضه ناهد التي سرعان ماعتادت علي بسبب عدم اتساع الرقعه العمريه بيننا فهي لم تتجاوز
الثلاثين من عمرها لكنها ذات عقليه مختلفه غريبه لا تتناسب ابدا مع سنها او طبيعة عملها ، اتشكك
كثيرا في سبب الابقاء عليها في هذه المشفى .
دلف إلى الغرفه رجلان يبدو عليهما هذه الاناقه الاجراميه ؛ سترات سوداء ، نظارات شمسيه ، كرش
خفيف في بداية مراحله .
(الضابط توفيق و هذا حسن مساعدي ، اظنك تعلم جيدا سبب قدومنا إلى هنا)
رغما عني انتابتني هذه القشعريره التي تضرب اي مصري عند اقتراب احد عناصر الشرطه منه ......
فأجبت ببلاهه : لا .
الرجل بفراغ صبر : نحن لا نمتلك اليوم بطوله ، اخبرني كيف لحق بك هذا الجرح و لماذا تواجدت في
هذا المكان في هذا التوقيت بالذات .
اخذت نفسا عميقا لاهدء نفسي و استعيد رباط جأشي وانا ارتب الافكار في ذهني : انا مهتم بعلم النفس و هذه الاشياء ، ولا اتفق مع نظرية ان المجرم يجب ان يعاقب بأشد العقاب ، بل اظنه حاله نفسيه تستحق الدراسه ، لهذا كان لدي فضول بملاقاة هذه الفتاة ......
الضابط توفيق: كيف عرفت انها فتاة ؟!
يوسف: حسنا لقد قابلتها بالفعل .
توفيق باستجواب: اين و متى ؟
يوسف: لا ادري متى لكنه كان على مقربة من الطريق الرئيسي .
استرخى الرجل في مقعده و هو يقول : لا انصحك إطلاقا بالكذب على السلطات ، انت لا تريد تجربة
مايحدث لمن يمدنا بمعلومه خاطئه .
ساد الصمت برهه قبل ان اتنهد بعمق و اقول : كنت مع صديقي هذه الليله نسير على الطريق العام، كنت في شجار مع نفسي حول صدق رغبتي في الموت من عدمه ، فتسببت بحادث صغير .....
توفيق: صديقك سحبت منه السياره ، تدري ذلك ؟
اتسعت عيناي من صدى كلماته الصادمه ، قبل ان يسطرد : اخبرنا انك تعرضت لكثير من الضغوط مؤخرا مما جعل تصرفاتك متهوره غير اعتياديه بالنسبة له حتى انه حاول معرفة ما حدث لك إلى انك رفضت في اخباره .
اجبته بالصمت التام ، و ازداد خناق الدنيا علي ، فقد غامرت بكل شيئ لإشباع ذاتي ، انا شخص حقير
حقا ......
(( هذا وقت دواء المريض يا ساده ارجو المعذره ))
التفت الجميع إلى دكتور مراد الذي وقف عند مدخل الغرفه و هو يمسك بمقبض الباب ، كأنه يفسح
المجال لهم للخروج ........
توفيق: كدنا ننتهي .
دكتور مراد بعناد : الأن ، لا يمكن ان اسمح بتعرض مريضي لاي ضغط في هذه الحاله .
هم حسن بإلقاء مراد خارج الغرفه ، لكن توفيق اوقفه قائلا : حسنا سنعود قريبا جدا ، لكن تذكر جيدا
أننا في صدد قاتل متسلسل و سيستمر في قتل المزيد إذا لم نوقفه .
غادر الرجلان الغرفه و سط سكون تام لم يعكره سوى اجتذاب دكتور مراد للمقعد بجانبي و الجلوس
عليه ..........
(( لا تفكر في شيئ ، حالتك لا تسمح بأي نوع من الضغوط ))
تاملت سقف الغرفه في شرود وانا اقول : ماذا إذا كنا نعيش في كذبة عملاقه ، نريد من العالم ان يصير
مكان افضل بينما نحن من نعكر صفوه .
مراد: ماذا تقصد ؟
يوسف: كما ذكر افلاطون ، نحن البشر تحكمنا الانانيه الغرائزيه ، نحاول ان نظهر الكمال بينما نحن في غاية
النقص .
مط مراد شفتيه و هو يقول : ربما نحن بعيدين عن الكمال لكن على الاقل نحاول الوصول إليه .
هززت رأسي و انا أتحدث بتلقائيه اتأمل الفراغ : تعلم كم طالب في المراحل النهائه تعرض للانتحار ،
كم من الضغوط التي تفوق تحملك كأنسان و تجعلك تمقت الحياة بما فيها ، ثم في النهايه يتم تقيمك
بكم المعلومات المحفوظه التي صببتها في ورقة الاجابه و على اثرها يتم تخيرك بين عدد من
الخيارات المحدوده لتوجيه مستقبلك دون ان تُسئل عن رغبتك ، و حتى اذا ادليت بها غالبا ما يتم
استنكارها و تحديد الافضل لك من وجهة نظرهم ، كأننا مسيرون بالفطره .
مراد: هل هذا ما حدث معك ؟
يوسف: نعم ، لقد كنت طالب متفوق غالبا ما أحجز مقعدا في المراكز الأولى ، لكن في النهايه اجبرت على
الالتحاق بكليه لا تتوافق مع ميولي بضغط من الجميع الذين رأو بها مصلحة لي ، لكن انظر إلى كم
الانجازات التي حققتها خارج اسوارها ، أجالس الأكبر مني بفارق ليس بهين من السنوات في الدورات
التدريبيه واقارعهم الرأي بل و اوضح لهم ما يصعب عليهم و اتخرج بشهادات الامتياز من هناك ، لكن
رغم ذلك لا يوجد من يعطيك حق قدرك و تجبر على الاستمرار في هذه الكلية اللعينه لأربع سنوات
كامله يمكن ان تحقق فيهم عديد الانجازات و ان تخترق حدود عقلك .
مراد: لهذا حاولت التخلص من كل هذا الضغط .
يوسف: نعم ، انا لست من هواة فكرة الانتحار و أحترم سنوات عمري لكن أريدهم ان يشعرو بي فقط .
مراد: لهذا قمت بالقفز من سيارة صديقك ، و عندما بائت محاولاتك بالشفل اتجهت إلى الحل البديل
فطعنت نفسك ؟
اومئت برأسي وانا اقول : لم يكن الغرض من الطعنه الموت ، فقط اردت ان ارى دمائي تسيل لأهون
عن نفسي قليلا .
ابتسم و هو يقول : انت ترى ان الانتحار ضعف لهذا اردت ان تجمله .
يوسف: لم أقصد الكذب عليك صدقني .
مراد: كدت تورط نفسك في العديد من المصائب انت في غنى عنها .
ظللت ارمق الفراغ بندم ، في حين هم دكتور مراد واقفا و ربت على كتفي و هو يقول : فلتسترح قليلا
فقد نلت كفايتك من الضغوط اليوم .
ثم تركني وحيدا لترتسم على وجهي هذه الإبتسامه الظافره ، فقد حققت خطتي نجاحا باهرا .......
في علم النفس الحقيقه التي لا غبار عليها هي الحقيقه التي تكتشف بعد اتباع خيوط متشابكه من
الألغاز ، و هذا بالضبط ما فعلته ، تركت الطبيب يحوم حول نفسه للوصول إلى حقيقه كاذبه يظنها
عين الصواب بعد ارغامي على الاقرار بها بالضغط من قبل الشرطه ، كما ان حجة عدم ملائمة السكين
للجرح يمكن تزويرها بزيادة عمق الجرح قليلا او اتساعه ، كل هذا جعله يحوم في دائره لا تؤدي سوى
إلا حقيقه واحده فقط ؛ انني مجرد مريض نفسي حاول الانتحار ، لكن لا تقلق فأنا لم اقصد ان اوقع
ب ندى ، فما اعطيتهم سوى معلومات هم على معرفه وثيقه بها ، كما ان اختلاقي لها كحجة لعدم
انتحاري يثبت بعدي التام عنها ، كم انا شخص رائع حقا .........
(( يوسف فلتلملم اشيائك سريعا فسيتم أخذك من هنا ))
انطفئ بريق عيناي و انا اتسائل بنبرة أقرب إلى البكاء : إلى أين هذه المره ؟!!
***