الفصل الرابع
كانت تبكي" صفاء"و هي تتحدث عبر الهاتف مرددة بقلق جامٍ..
"حسام.. طمني على فتون أول ما توصل يا ابني الله لا يسيئك"..
"متعيطيش يا خالتي فتون هتخرج وتبقي في حضنك انهارده حتى لو هخليهم ياخدوني مكانها"..
قالها" حسام" بنبرة جادة لا تحمل الجدال مكملاً..
"أنا في الطريق رايح على القسم حالاً و كلمت محامي هيحصلني على هناك مش عايزاك تشيلي هم خالص يا خالتي.. أنا في ضهرك أنتي و فتون و كارم"..
حديثه هدأ من روع" صفاء " كثيرًا لكنها لم تتوقف عن البكاء، تحدثت بصعوبة من بين شهقاتها الحادة قائلة..
"ربنا يحميك لشبابك يا حسام يا ابني و لا يتوجع قلبك على غالي أبدًا يا ضنايا.. بس بحلفك بالله تطمني أول بأول "..
قال " حسام" بهدوء عكس توتره و قلقه..
"متعيطيش الله يرضى عليكي بقي يا خالتي.. و أنا هطمنك عنيا حاضر.. بس مش عايزك تخرجي من البيت على ما ارجعلك ب فتون، و لو أخويا مروان عندك اديلوا التليفون عايز أكلمه "..
" صفاء " بطاعة و صوت متلهف..
" مش هخرج من البيت يا حبيبي والله.. بس متأخرش عليا أنت و فتون يا حسام.. و مروان عندي هنا خدوه معاك أهو "..
أعطت الهاتف ل" مروان" الذي كان يجلس بجوارها يبكي لبكائها و ي بت على ظهرها بحنو..
" أيوة يا أبيه حسام"..
قالها "مروان" بصوتٍ مبحوح أثر بكاءه..
صك" حسام" على أسنانه بغيظ، و صاح بحدة طفيفة قائلاً..
" أنت بتعيط ليه ياض أنت!!!. أجمد كده و خلي بالك من خالتك و من كارم على ما أرجع لك، و لو في أي حاجة حصلت أتصل بيا على طول.. و لو إحتاجت حاجة و لا خالتك إحتاجت حاجة نادي على حد من أخواتك أنا كلمتهم و قولتلهم ميتحركوش من عندكم.. هتلاقيهم قدام البيت.. أنت متسبش خالتك نهائي مهما حصل فاهمني يا مراون؟! "..
" مروان".." فاهمك يا أبيه أنا مش هتحرك من عند خالتي إلا و أنت معايا عشان ماما عرفت أني قولت على كل اللي عملته و مش هتعديها لي على خير "..
كان" حسام" يتحدث بالهاتف أثناء قيادته، لتوقفه سيارة بيضاء اللون تسير أمامه بمنتهي البطء المثير للأعصاب، يصدح منها صوت الموسيقى العالِ للغاية يصُم الأذان، ضغط على بوق السيارة بقوة لعلها تُسرع قليلاً ، أو تبتعد عن طريقه تجعله يمر من جانبها،
لكنها ذادت من غضبه حين أغلقت عليه الطريق أكثر، و كأنها تتعمد إثارة جنونه، استشاط غضبًا و لكم المقود بقبضة يده بقوة مغمغمًا بثقة..
"اللي سايق العربية دي واحدة ست.. مافيش راجل بيمشي ماشية السلحفاة دي"..
حاول لفت انتباه السائق حتى يبتعد عن طريقه لكنه لم يكترث له على الإطلاق و تابع سيره المستفز..
"لا حول ولا قوة إلا بالله.. هي الحكاية ناقصة عطلة"..
تمتم بها و هو يضغط على البوق مرات و مرات حتى أستطاع السير بجانبها بشق الأنفس، فتح نافذة سيارته و مد يده خارجها و طرق بعنف على جانب السيارة ذات الزجاج العاتم الذي لا يُتيح لمن بالخارج روية6من بالداخل، طرق عليها أكثر من مرة مرددًا بأمر..
"ما تتحرك يا بني آدم يلي سايق أنت.. أيه البرود اللي أنت فيه داااااا.. أتحرك ورانا أشغال"..
لتنفتح نافذة السيارة و يظهر سائقها أخيرًا، جحظت أعين "حسام" بانبهار حين رأي أنثى جميلة حد الفاتنة بخصلات شعرها الكيرلي الطويلة، لون بشرتها الناصعة، عينيها السوداء الواسعة ذات الرموش الكثيفة التى أسرته بجمالها الجذاب..
كانت تجلس خلف المقود، ترمقه بنظرات نارية تدل على شدة غضبها، اعتلت الدهشه قسماته الصارمة حين وجدها تتحدث بغضب عارم بصوتٍ رفيع للغاية جعله أوشك على الانفجار بنوبة ضحك لكنه لجم نفسه، و رسم الغضب على ملامحه حين قالت هي بشراسة ..
"أنت بترزع على عربيتي كده إزاي يا حيوان يا همجي يا متوحش"..
"حيوان، همجي، و متوحش كمان!!!!"..
رددها "حسام" بصوتٍ مخيف، و هو يُحاصرها بسيارته حتى أجبرها على التوقف
، أوقف هو الأخر محرك سيارته، و قفز منها بلمح البصر و هو يقول بعيد..
"طيب أنا هوريكي المتوحش ده هيعمل في أهلك أيه يا بنت ال...... "..
ارتعد قلبها، و تسارعر نبضاته حين وجدته بغمضة عين يجلس بالمقعد المجاور لها، لا تعلم كيف أستطاع إدخال جسده العريض من نافذة السيارة بكل تلك الرشاقة، تطلعت فيه مذهولة، لتنصدم آكثر حين رأت ملامحه الوسيمة رغم صرامتها عن قُرب..
" اللي جبلك عربية و علمك السواقة ده ابن *** عشان يبلينا بيكي في طريقنا"..
"أنت قليل الأدب و حي؟!!"..
قطعت صراخها بوجهه حين قبض بيده على حفنه من شعرها و جذبها منه بعنف مرددًا بتحذير من بين أسنانه ..
"لسانك لو طول تاني هحزنك على شبابك"..
شعرت بخوف من هيبته، و طريقته الحادة، فهمست بأنفاس متقطعة بصوتٍ تحشرج بالبكاء..
" سيب شعري و أنزل من عربيتي احسنلك بدل ما أصوت و ألم عليك الناس"..
نظرتها المرتعدة له، و عينيها التي ترقرقت بالعبرات جعلته يسحب يده من شعرها برفق، و رمقها بنظرة منتصرة جن جنونها بسببها، و غادر السيارة متجه نحو سيارته قادها و سار بها من أمام نظرتها المشتعلة بالغضب..
تنفست العداء فور مغادرته لسيارتها، و قد استعدادت قوتها و شراستها من جديد، و توعدت له بأن لن تتركه يفلت بفعلته هذه، أسرعت بسيارتها خلفه و هي تحدث نفسها بغيظ..
"ده أنا مش هسيبك انهاردة إلا لما أوديك في ستين داهية يا قليل الزوق و الأدب"..
بينما هو كان يراها عبر المرآة تحاول الوصول له بشتى الطرق، انبلجت إبتسامة متسعة على محياة الوسيمة، و كم راقه شراستها هذه كثيرًا ..
........................
بعدما استمعت "ليلى" لاعتراف ابنة شقيقتها و زوجة إبنها "جميلة" كانت في حالة من الغضب و الذهول معًا،تسأل نفسها و تنهرها كيف أجبرت وحيدها على الزواج من فتاة وصل بها الأمر إلى تعاطي المواد المخدرة !!!..
"مؤمن أخوكي واجع قلبي أوي عليه يا لمياء"..
أردفت بها "ليلى" بغصة و تابعت بتنهيدة حزينة قائلة..
"انا حاسة بالذنب لأني صمتت على جوازته من جميلة.. هو كان رافض خالص فكرة ارتباطه بيها.. خاف عليا أتعب لو وقف قدامي و رفض جوازه منها"..
ربتت "لمياء" على يدها برفق متمتمة..
" ماما يا حبيبتي أهدي و اطمني مؤمن ابنك مافيش حد يقدر يغصب عليه حاجة أبدًا.. و لازم تكوني عارفه أنه على علم بكل تصرفاتها و وافق على جوازه منها عشان رضاكي أولاً و عشان يساعدها ثانيًا لأنها في الأخر دي بنت خالتنا و كمان دي ضحية يا ماما و مينفعش نتخلى عنها مهما عملت"..
بكت" ليلي" و هي ترد عليها بنبرة حادة قائلة..
" يعني عايزاني أظلم أخوكي عشان بنت أختي!!..محدش في غلاوتك أنتي و أخوكي عندي و متمناش غير اللي يسعدكم و يفرحكم مش اللي يزعلك و يحزنكم على شبابكم.. و جواز مؤمن من جميلة ده كان أكبر غلطة و لازم نصلحها و برضوا هتقف جنبها و هنساعدها بس من غير جواز"..
قالت "لمياء"بعتاب..
" يعني يا مامي جميلة حكتلك على سرها عشان واثقة فيكي و عارفة إنك هتساعديها تقومي انتي تخذليها و تخلي مؤمن يطلقها!!! "..
نفخت" ليلي" بضيق، و تحدثت بأسف قائلة..
" جميلة مش هتنفع مع مؤمن يا لمياء يا بنتي.. البنت دي مش هتتعدل غير بالضرب عايزة علقة صبح و ليل عشان تعرف أن الله حق و تبطل دلع مايع و مؤمن أخوكي عصبيته ترعب و ممكن في مرة ياكلها علقة يموتها في أيده و يروح مننا بسبب طيشها!!!!"..
جحظت أعين "لمياء" بخوف شديد مرددة بلفهة..
" بعد الشر عن مؤمن و عن جميلة كمان يا ماما متقوليش كده تاني أدعي ليهم ربنا يصلح حالهم و يهدي سرهم يمكن تكمل جوازاتهم على خير يارب"..
قالت "ليلي"بحزن.." جميلة و مؤمن طريقهم مش واحد يا لمياء و عمرهم ما هيكونوا غير ولاد خالة و بس يا حبيبتي"..
..................................
" مؤمن"..
كان في حالة يرثي لها و هو يتطلع على ملامح"فتون" رائعة الجمال، لم يستطيع السيطرة على نفسه و قام فجأة من مقعده و انقض على شفتيها يقبلها جامحة، يلثمها بلهفة و جنون و قد فقد كل ذرة تعقل به..
ألتف بيده حول خصرها، و ضمها لصدره بمنتعي الشوق، و قد وصل جنونه بها لزرواته بعدما أعصفت قبلتها بكيانة و حتي وجدان، عمق قبلته أكثر و هو يميل بها على سطح مكتبه!!!
ربااااه!!!
صوت طرقات متتالية فوق سطح مكتبه أفاقته من أحلام اليقظة خاصته أعادته لواقعه، ليجد "فتون" تتطلع له بتعجب من نظرته المثبته عليها، لا يرمش حتى بعينيه،
"أنت مت و لا أيه!!"..
همست بها "فتون" بسرها، و هي تحرك كف يدها أمام وجهه، و تابعت بقلق..
"مالك يا فندم تنحت ليه كده.. حضرتك شايفني طيب!!!.. أعمل اي حركة تدل إنك لسه عايش و مموتش.. حرك عينك.. لاعب حواجبك.. انطق بكلمة حتي!!"..
مالت برأسها عليه حتى أصبح وجهها مقابل وجهه، كم تمنى في تلك اللحظة أن يقتنص من شفتيها قبله عميقة ينتزع بها شفتيها المكتنزة المزمومة نزعًا،
كانت تشع منها رائحة البنزين أثر عملها بمكانيكا السيارات، يقسم أنه قد أدمن رائحة البنزين لأجلها هي الآن، يتطلع لها مبهورًا بها و بجمالها الاخاذ..
يراوده سؤالا واحد فقط بخاطره، ماذا لو لثم ثغرها بقبلة واحدة فقط؟
هل ستغضب و تحطم عظام فكه أم ستتجاوب معه قلبًا و قالبًا!!..
فاق من أفكاره المنحله على نظرتها المندهشة التي جعلتها بغاية اللطافة، جعلته يبتسم بإعجاب فشل في إخفاءه..
اعتدلت "فتون" بوقفتها ثانيةً متنهدة بارتياح بعدما لمحت ابتسامته على محياه، و تحدثت بضيق قائلة..
"ما أنت طلعت عايش أهو يا باشا.. أنا فكرتك ما بسكته قلبيه"..
صمتت لبرهةً و تابعت بنفاذ صبر..
"ها كدا شكلي بقي زي صورة البطاقة يا باشا!"..
أخذ "مؤمن" نفس عميق و زفره على مهلٍ كمحاولة منه لإعادة توازنه، و انتصب واقفًا بطوله المهيب أمامها، مال فجأة على وجهها بوجهه حتى أصبح يتنفس أنفاسها، و نظر لعينيها بعمق نظرة زلزلت كيانها كله دفعة واحدة، و شلت حركتها لم تقوى على الإبتعاد عنه أنش واحد، و كأنها فقدت القدرة على التحكم بجسدها..
رمشت "فتون" باهدابها أكثر من مرة هذا كل ما استطاعت فعله، و بهمس مرتجف قالت..
"حضرتك بتبص لي كده!!!"..
"عيونك دي مش أول مرة أشوفها"..
قالها بنبرته الدوخة، و هو يتأمل عينيها بافتنان، و تابع بنبرة راجية..
"هسألك سؤال و تجاوبيني من غير كدب يا فتون"..
لأول مرة تعشق إسمها بعدما خرجت حروفه من بين شفتيه، و بدون أدنى إرادة منها أومات له برأسها، ليتابع هو مستفسرًا..
" أنتي اللي كنتي سايقة الماكينة و وقفتي على أخر لحظة قبل ما اخبطك بعربيتي صح؟!"..
إزداردت لعابها بصعوبة، و بهمس اجابته..
" أيوه أنا"..
أبتسم باتساع، و جلس ثانيةً على مكتبه بأريحية مدمدمًا إسمها بتلذذ قائلاً ..
"آنسة فتون سعد الحلبي"..
لمحت أسمه مدون على اليافته الصغيرة الموضوعة على مكتبة، فردت عليه بصوتها الرقيق ذو البحة الملكة أطارت به اللُب من عقله..
"أفندم يا مؤمن باشا..."..
..................................
"صفية"..
يتآجج قلبها بنيران الغضب و الغيظ، تود إطفائها قبل أن تقضي عليها و تزهق روحها، تحاول الوصول إلى طريقة تهدأ بها ضجيج عقلها الذي أوشك على الجنون، حتى خطر على بالها فكرة حمقاء وقررت تنفيذها مهما كلف منها الأمر،
كل ما يشغل فكرها هو الإنتقام الأعمى من شقيقتها والذي جعلها تتحدث لابنها بجمله نزلت عليه كالصاعقة حين قالت..
"واد يا مازن.. في واحدة عايزاك تكسر عينيها و تقذم ضهر أمها و متقدرش ترفع رأسها تاني وسط الخلق، و تيجي لعندي هنا زاحفة على إيديها قبل رجليها تتحايل عليا تستر على بنتها و هديك عشرين ألف جنيه"..
تطلع لها "مازن" بصدمة و قد قرأ ما يدور في ذهنها، و تفهم مقصدها جيدًا..
" الواحدة دي تقصدي بيها فتون بنت خالتي صفاء مش كده يا أمه؟! "..
أبتسمت" صفية" إبتسامة شريرة و إجابته بنبرة متوحشة..
" أيوه هي يا واد.. عايزاك تفش غليلي و تبرد ناري منهم و أنا هحليلك بوقك واعملك الأكل اللي بتحبه كله"..
"أكل اييييييه يا أمه.. أنتي لدرجة دي شيفاني ندل و خسيس عشان أنهش في عرضي!! "..
صاح بها" مازن" بلهجة حادة، و تابع بأسف..
"أنتي هدمرينا بدماغك دي يا أمه.. فتون دي زي أختي و أمها تبقي أختك و شرفها من شرفها و اللي يمسها يمسنا و يحط راسنا في الطين قبلها"..
"أنت نسيت نفسك و نسيت إني أمك و هتقف قصادي و تكسر كلمتي و تديني درس في الأخلاق يا واد أنت و لا أيه!!!"..
قالتها "صفية" بغضب عارم و هي تلكمه بقبضة يدها في كتفه لكمه قوية، و تابعت بأمر قائلة..
" اللي أقولك عليه تنفذه بالحرف و إلا لا هتكون ابني و هبقي غضبانه عليك العمر كله يا مازن، و أطمن يا حنين يا شهم أنا هخليك تتجوزها و تستر عليها عشان هي بنت أختي برضوا زي ما بتقول.. بس تكسر لي عينها و شوكتها القوية اللي محدش قادر عليها دي و بعد كده تبقى تكتب عليها و بعد أسبوعين و لا شهر بالكتير ترمي عليها اليمين"..
ضحك" مازن" ضحكة ساخرة و هو يقول..
" و أنتي فاكرة أن أنا أو غيري يقدر يقرب من فتون اللي واخدة بطولات في البوكس و الكاراتيه و تقدر تدافع عن نفسها و تكسر عضم اللي يقرب منها و مش بعيد تخلص عليه خالص و لا أنها تخسر شرفها!! "..
أنتهي الفصل..
"حسام.. طمني على فتون أول ما توصل يا ابني الله لا يسيئك"..
"متعيطيش يا خالتي فتون هتخرج وتبقي في حضنك انهارده حتى لو هخليهم ياخدوني مكانها"..
قالها" حسام" بنبرة جادة لا تحمل الجدال مكملاً..
"أنا في الطريق رايح على القسم حالاً و كلمت محامي هيحصلني على هناك مش عايزاك تشيلي هم خالص يا خالتي.. أنا في ضهرك أنتي و فتون و كارم"..
حديثه هدأ من روع" صفاء " كثيرًا لكنها لم تتوقف عن البكاء، تحدثت بصعوبة من بين شهقاتها الحادة قائلة..
"ربنا يحميك لشبابك يا حسام يا ابني و لا يتوجع قلبك على غالي أبدًا يا ضنايا.. بس بحلفك بالله تطمني أول بأول "..
قال " حسام" بهدوء عكس توتره و قلقه..
"متعيطيش الله يرضى عليكي بقي يا خالتي.. و أنا هطمنك عنيا حاضر.. بس مش عايزك تخرجي من البيت على ما ارجعلك ب فتون، و لو أخويا مروان عندك اديلوا التليفون عايز أكلمه "..
" صفاء " بطاعة و صوت متلهف..
" مش هخرج من البيت يا حبيبي والله.. بس متأخرش عليا أنت و فتون يا حسام.. و مروان عندي هنا خدوه معاك أهو "..
أعطت الهاتف ل" مروان" الذي كان يجلس بجوارها يبكي لبكائها و ي بت على ظهرها بحنو..
" أيوة يا أبيه حسام"..
قالها "مروان" بصوتٍ مبحوح أثر بكاءه..
صك" حسام" على أسنانه بغيظ، و صاح بحدة طفيفة قائلاً..
" أنت بتعيط ليه ياض أنت!!!. أجمد كده و خلي بالك من خالتك و من كارم على ما أرجع لك، و لو في أي حاجة حصلت أتصل بيا على طول.. و لو إحتاجت حاجة و لا خالتك إحتاجت حاجة نادي على حد من أخواتك أنا كلمتهم و قولتلهم ميتحركوش من عندكم.. هتلاقيهم قدام البيت.. أنت متسبش خالتك نهائي مهما حصل فاهمني يا مراون؟! "..
" مروان".." فاهمك يا أبيه أنا مش هتحرك من عند خالتي إلا و أنت معايا عشان ماما عرفت أني قولت على كل اللي عملته و مش هتعديها لي على خير "..
كان" حسام" يتحدث بالهاتف أثناء قيادته، لتوقفه سيارة بيضاء اللون تسير أمامه بمنتهي البطء المثير للأعصاب، يصدح منها صوت الموسيقى العالِ للغاية يصُم الأذان، ضغط على بوق السيارة بقوة لعلها تُسرع قليلاً ، أو تبتعد عن طريقه تجعله يمر من جانبها،
لكنها ذادت من غضبه حين أغلقت عليه الطريق أكثر، و كأنها تتعمد إثارة جنونه، استشاط غضبًا و لكم المقود بقبضة يده بقوة مغمغمًا بثقة..
"اللي سايق العربية دي واحدة ست.. مافيش راجل بيمشي ماشية السلحفاة دي"..
حاول لفت انتباه السائق حتى يبتعد عن طريقه لكنه لم يكترث له على الإطلاق و تابع سيره المستفز..
"لا حول ولا قوة إلا بالله.. هي الحكاية ناقصة عطلة"..
تمتم بها و هو يضغط على البوق مرات و مرات حتى أستطاع السير بجانبها بشق الأنفس، فتح نافذة سيارته و مد يده خارجها و طرق بعنف على جانب السيارة ذات الزجاج العاتم الذي لا يُتيح لمن بالخارج روية6من بالداخل، طرق عليها أكثر من مرة مرددًا بأمر..
"ما تتحرك يا بني آدم يلي سايق أنت.. أيه البرود اللي أنت فيه داااااا.. أتحرك ورانا أشغال"..
لتنفتح نافذة السيارة و يظهر سائقها أخيرًا، جحظت أعين "حسام" بانبهار حين رأي أنثى جميلة حد الفاتنة بخصلات شعرها الكيرلي الطويلة، لون بشرتها الناصعة، عينيها السوداء الواسعة ذات الرموش الكثيفة التى أسرته بجمالها الجذاب..
كانت تجلس خلف المقود، ترمقه بنظرات نارية تدل على شدة غضبها، اعتلت الدهشه قسماته الصارمة حين وجدها تتحدث بغضب عارم بصوتٍ رفيع للغاية جعله أوشك على الانفجار بنوبة ضحك لكنه لجم نفسه، و رسم الغضب على ملامحه حين قالت هي بشراسة ..
"أنت بترزع على عربيتي كده إزاي يا حيوان يا همجي يا متوحش"..
"حيوان، همجي، و متوحش كمان!!!!"..
رددها "حسام" بصوتٍ مخيف، و هو يُحاصرها بسيارته حتى أجبرها على التوقف
، أوقف هو الأخر محرك سيارته، و قفز منها بلمح البصر و هو يقول بعيد..
"طيب أنا هوريكي المتوحش ده هيعمل في أهلك أيه يا بنت ال...... "..
ارتعد قلبها، و تسارعر نبضاته حين وجدته بغمضة عين يجلس بالمقعد المجاور لها، لا تعلم كيف أستطاع إدخال جسده العريض من نافذة السيارة بكل تلك الرشاقة، تطلعت فيه مذهولة، لتنصدم آكثر حين رأت ملامحه الوسيمة رغم صرامتها عن قُرب..
" اللي جبلك عربية و علمك السواقة ده ابن *** عشان يبلينا بيكي في طريقنا"..
"أنت قليل الأدب و حي؟!!"..
قطعت صراخها بوجهه حين قبض بيده على حفنه من شعرها و جذبها منه بعنف مرددًا بتحذير من بين أسنانه ..
"لسانك لو طول تاني هحزنك على شبابك"..
شعرت بخوف من هيبته، و طريقته الحادة، فهمست بأنفاس متقطعة بصوتٍ تحشرج بالبكاء..
" سيب شعري و أنزل من عربيتي احسنلك بدل ما أصوت و ألم عليك الناس"..
نظرتها المرتعدة له، و عينيها التي ترقرقت بالعبرات جعلته يسحب يده من شعرها برفق، و رمقها بنظرة منتصرة جن جنونها بسببها، و غادر السيارة متجه نحو سيارته قادها و سار بها من أمام نظرتها المشتعلة بالغضب..
تنفست العداء فور مغادرته لسيارتها، و قد استعدادت قوتها و شراستها من جديد، و توعدت له بأن لن تتركه يفلت بفعلته هذه، أسرعت بسيارتها خلفه و هي تحدث نفسها بغيظ..
"ده أنا مش هسيبك انهاردة إلا لما أوديك في ستين داهية يا قليل الزوق و الأدب"..
بينما هو كان يراها عبر المرآة تحاول الوصول له بشتى الطرق، انبلجت إبتسامة متسعة على محياة الوسيمة، و كم راقه شراستها هذه كثيرًا ..
........................
بعدما استمعت "ليلى" لاعتراف ابنة شقيقتها و زوجة إبنها "جميلة" كانت في حالة من الغضب و الذهول معًا،تسأل نفسها و تنهرها كيف أجبرت وحيدها على الزواج من فتاة وصل بها الأمر إلى تعاطي المواد المخدرة !!!..
"مؤمن أخوكي واجع قلبي أوي عليه يا لمياء"..
أردفت بها "ليلى" بغصة و تابعت بتنهيدة حزينة قائلة..
"انا حاسة بالذنب لأني صمتت على جوازته من جميلة.. هو كان رافض خالص فكرة ارتباطه بيها.. خاف عليا أتعب لو وقف قدامي و رفض جوازه منها"..
ربتت "لمياء" على يدها برفق متمتمة..
" ماما يا حبيبتي أهدي و اطمني مؤمن ابنك مافيش حد يقدر يغصب عليه حاجة أبدًا.. و لازم تكوني عارفه أنه على علم بكل تصرفاتها و وافق على جوازه منها عشان رضاكي أولاً و عشان يساعدها ثانيًا لأنها في الأخر دي بنت خالتنا و كمان دي ضحية يا ماما و مينفعش نتخلى عنها مهما عملت"..
بكت" ليلي" و هي ترد عليها بنبرة حادة قائلة..
" يعني عايزاني أظلم أخوكي عشان بنت أختي!!..محدش في غلاوتك أنتي و أخوكي عندي و متمناش غير اللي يسعدكم و يفرحكم مش اللي يزعلك و يحزنكم على شبابكم.. و جواز مؤمن من جميلة ده كان أكبر غلطة و لازم نصلحها و برضوا هتقف جنبها و هنساعدها بس من غير جواز"..
قالت "لمياء"بعتاب..
" يعني يا مامي جميلة حكتلك على سرها عشان واثقة فيكي و عارفة إنك هتساعديها تقومي انتي تخذليها و تخلي مؤمن يطلقها!!! "..
نفخت" ليلي" بضيق، و تحدثت بأسف قائلة..
" جميلة مش هتنفع مع مؤمن يا لمياء يا بنتي.. البنت دي مش هتتعدل غير بالضرب عايزة علقة صبح و ليل عشان تعرف أن الله حق و تبطل دلع مايع و مؤمن أخوكي عصبيته ترعب و ممكن في مرة ياكلها علقة يموتها في أيده و يروح مننا بسبب طيشها!!!!"..
جحظت أعين "لمياء" بخوف شديد مرددة بلفهة..
" بعد الشر عن مؤمن و عن جميلة كمان يا ماما متقوليش كده تاني أدعي ليهم ربنا يصلح حالهم و يهدي سرهم يمكن تكمل جوازاتهم على خير يارب"..
قالت "ليلي"بحزن.." جميلة و مؤمن طريقهم مش واحد يا لمياء و عمرهم ما هيكونوا غير ولاد خالة و بس يا حبيبتي"..
..................................
" مؤمن"..
كان في حالة يرثي لها و هو يتطلع على ملامح"فتون" رائعة الجمال، لم يستطيع السيطرة على نفسه و قام فجأة من مقعده و انقض على شفتيها يقبلها جامحة، يلثمها بلهفة و جنون و قد فقد كل ذرة تعقل به..
ألتف بيده حول خصرها، و ضمها لصدره بمنتعي الشوق، و قد وصل جنونه بها لزرواته بعدما أعصفت قبلتها بكيانة و حتي وجدان، عمق قبلته أكثر و هو يميل بها على سطح مكتبه!!!
ربااااه!!!
صوت طرقات متتالية فوق سطح مكتبه أفاقته من أحلام اليقظة خاصته أعادته لواقعه، ليجد "فتون" تتطلع له بتعجب من نظرته المثبته عليها، لا يرمش حتى بعينيه،
"أنت مت و لا أيه!!"..
همست بها "فتون" بسرها، و هي تحرك كف يدها أمام وجهه، و تابعت بقلق..
"مالك يا فندم تنحت ليه كده.. حضرتك شايفني طيب!!!.. أعمل اي حركة تدل إنك لسه عايش و مموتش.. حرك عينك.. لاعب حواجبك.. انطق بكلمة حتي!!"..
مالت برأسها عليه حتى أصبح وجهها مقابل وجهه، كم تمنى في تلك اللحظة أن يقتنص من شفتيها قبله عميقة ينتزع بها شفتيها المكتنزة المزمومة نزعًا،
كانت تشع منها رائحة البنزين أثر عملها بمكانيكا السيارات، يقسم أنه قد أدمن رائحة البنزين لأجلها هي الآن، يتطلع لها مبهورًا بها و بجمالها الاخاذ..
يراوده سؤالا واحد فقط بخاطره، ماذا لو لثم ثغرها بقبلة واحدة فقط؟
هل ستغضب و تحطم عظام فكه أم ستتجاوب معه قلبًا و قالبًا!!..
فاق من أفكاره المنحله على نظرتها المندهشة التي جعلتها بغاية اللطافة، جعلته يبتسم بإعجاب فشل في إخفاءه..
اعتدلت "فتون" بوقفتها ثانيةً متنهدة بارتياح بعدما لمحت ابتسامته على محياه، و تحدثت بضيق قائلة..
"ما أنت طلعت عايش أهو يا باشا.. أنا فكرتك ما بسكته قلبيه"..
صمتت لبرهةً و تابعت بنفاذ صبر..
"ها كدا شكلي بقي زي صورة البطاقة يا باشا!"..
أخذ "مؤمن" نفس عميق و زفره على مهلٍ كمحاولة منه لإعادة توازنه، و انتصب واقفًا بطوله المهيب أمامها، مال فجأة على وجهها بوجهه حتى أصبح يتنفس أنفاسها، و نظر لعينيها بعمق نظرة زلزلت كيانها كله دفعة واحدة، و شلت حركتها لم تقوى على الإبتعاد عنه أنش واحد، و كأنها فقدت القدرة على التحكم بجسدها..
رمشت "فتون" باهدابها أكثر من مرة هذا كل ما استطاعت فعله، و بهمس مرتجف قالت..
"حضرتك بتبص لي كده!!!"..
"عيونك دي مش أول مرة أشوفها"..
قالها بنبرته الدوخة، و هو يتأمل عينيها بافتنان، و تابع بنبرة راجية..
"هسألك سؤال و تجاوبيني من غير كدب يا فتون"..
لأول مرة تعشق إسمها بعدما خرجت حروفه من بين شفتيه، و بدون أدنى إرادة منها أومات له برأسها، ليتابع هو مستفسرًا..
" أنتي اللي كنتي سايقة الماكينة و وقفتي على أخر لحظة قبل ما اخبطك بعربيتي صح؟!"..
إزداردت لعابها بصعوبة، و بهمس اجابته..
" أيوه أنا"..
أبتسم باتساع، و جلس ثانيةً على مكتبه بأريحية مدمدمًا إسمها بتلذذ قائلاً ..
"آنسة فتون سعد الحلبي"..
لمحت أسمه مدون على اليافته الصغيرة الموضوعة على مكتبة، فردت عليه بصوتها الرقيق ذو البحة الملكة أطارت به اللُب من عقله..
"أفندم يا مؤمن باشا..."..
..................................
"صفية"..
يتآجج قلبها بنيران الغضب و الغيظ، تود إطفائها قبل أن تقضي عليها و تزهق روحها، تحاول الوصول إلى طريقة تهدأ بها ضجيج عقلها الذي أوشك على الجنون، حتى خطر على بالها فكرة حمقاء وقررت تنفيذها مهما كلف منها الأمر،
كل ما يشغل فكرها هو الإنتقام الأعمى من شقيقتها والذي جعلها تتحدث لابنها بجمله نزلت عليه كالصاعقة حين قالت..
"واد يا مازن.. في واحدة عايزاك تكسر عينيها و تقذم ضهر أمها و متقدرش ترفع رأسها تاني وسط الخلق، و تيجي لعندي هنا زاحفة على إيديها قبل رجليها تتحايل عليا تستر على بنتها و هديك عشرين ألف جنيه"..
تطلع لها "مازن" بصدمة و قد قرأ ما يدور في ذهنها، و تفهم مقصدها جيدًا..
" الواحدة دي تقصدي بيها فتون بنت خالتي صفاء مش كده يا أمه؟! "..
أبتسمت" صفية" إبتسامة شريرة و إجابته بنبرة متوحشة..
" أيوه هي يا واد.. عايزاك تفش غليلي و تبرد ناري منهم و أنا هحليلك بوقك واعملك الأكل اللي بتحبه كله"..
"أكل اييييييه يا أمه.. أنتي لدرجة دي شيفاني ندل و خسيس عشان أنهش في عرضي!! "..
صاح بها" مازن" بلهجة حادة، و تابع بأسف..
"أنتي هدمرينا بدماغك دي يا أمه.. فتون دي زي أختي و أمها تبقي أختك و شرفها من شرفها و اللي يمسها يمسنا و يحط راسنا في الطين قبلها"..
"أنت نسيت نفسك و نسيت إني أمك و هتقف قصادي و تكسر كلمتي و تديني درس في الأخلاق يا واد أنت و لا أيه!!!"..
قالتها "صفية" بغضب عارم و هي تلكمه بقبضة يدها في كتفه لكمه قوية، و تابعت بأمر قائلة..
" اللي أقولك عليه تنفذه بالحرف و إلا لا هتكون ابني و هبقي غضبانه عليك العمر كله يا مازن، و أطمن يا حنين يا شهم أنا هخليك تتجوزها و تستر عليها عشان هي بنت أختي برضوا زي ما بتقول.. بس تكسر لي عينها و شوكتها القوية اللي محدش قادر عليها دي و بعد كده تبقى تكتب عليها و بعد أسبوعين و لا شهر بالكتير ترمي عليها اليمين"..
ضحك" مازن" ضحكة ساخرة و هو يقول..
" و أنتي فاكرة أن أنا أو غيري يقدر يقرب من فتون اللي واخدة بطولات في البوكس و الكاراتيه و تقدر تدافع عن نفسها و تكسر عضم اللي يقرب منها و مش بعيد تخلص عليه خالص و لا أنها تخسر شرفها!! "..
أنتهي الفصل..