4 اضطراب مشاعر

مرت الأيام بطيئة يزداد فيها احساس ريم بالخوف من المجهول القادم و الذي تخشاه بقوة يرافقه احساس بالاطمئنان ، بعدما شعرت أن الحياة تقدم لها فرصة جديدة لتصلح جراحها بوجود نسرين و حسام الذي أولاها اهتماما غريبا باتصاله بها و سؤاله عنها دوما و أحاديثه معها التي لا تنضب ، و تجاوبت ريم مع تلك الفرصة و رمت مشاكلها خلف ظهرها تتقبل تغيرها من جديد لتشرق شمس صباح جديد فاسرعت إلى غرفة عمتها و هي تبتسم و تقول :
- صباح الخير يا زوزو .

ابتسمت زينب بعدما لاحظت علامات الارتياح على وجه ريم فقالت:
- صباح الخير يا ريمو .

اتسعت ابتسامة ريم و قالت :
- أنا ريمو يا عمتو.

اومأت زينب بابتسامة هادئة و قالت :
- اه انتى ريمو و اهو تغيير علشان متمليش من اسمك ، المهم بقولك يا حبيبتي تعالى اقعدى كدا جانبى انا عندى كلمتين عاوزة اقولهم لك.

جلست ريم بجوار عمتها على طرف الفراش و قالت :
- خير يا عمتو كلمتين ايه دول .

ابتسمت زينب و ربتت على وجنة ريم و قالت :
- مفكرتيش بقى انك تشوفي حالك و مستقبلك بدل القعدة دى .

غامت عيناي ريم وعبست و هزت رأٍسها بالنفي وقالت :
- مش عاوزة اشوف حاجة يا عمتو و بعدين مستقبل اى اللى هشوفه و لا حتى اخطط علشانه ، بقى معقول حضرتك عايزانى اخطط لحياتي طيب إزاي و أنا حاسة إن ماليش حياة من الأساس و مفروض يكون لي علشان ابقى افكر فيها و اخطط لها ، يا عمتو انا اتحرمت من حياتى و من اى حاجة بحبها علشان ارضى غرور الست نجوان هانم و اخوها بسام الخالدي ، رضيت اشوف ضعف اب ادامهم و اسكت و ارضى انا كمان بكل حاجة هما عاوزينها .

صمتت ريم حينما طالعتها عينا عمتها المحدقة بها بحزن وأردفت و قالت :
- كلامى ضايقك انا عارفة سامحينى يا عمتو لو حسيتى انى بقيت قاسية بس صدقينى غصب عنى و حضرتك لو كنتى مكانى كنتى هتبقى زى و اكتر كمان .

اقتحمت نسرين الغرفة فجأة لتصمت ريم و تحدق بها بارتباك فقالت نسرين بعدما لاحظت صمتهما المتكرر في حضورها :
- مالكم سكتوا ليه كدا اول ما دخلت و شكلكم عامل كدا ليه هو انتو بتتخانقوا .

ابتسمت زينب بتوتر لتقف و تقول :
- لا يا حبيبتى مفيش حاجة انما انتى كنتى بتنادى ليه .

مدت نسرين يدها الممسكة باحد الخطابات و قالت :
- دا جواب وصل لحضرتك من شوية .

مدت زينب يدها و اخذت الخطاب بأصابع مرتعشة و هى تنظر لريم نظرات مبهمة لترى وقوف ريم و استعدادها للهروب منها فوقفت في طريقها و قالت :
- انا عاوزة اعرف فى ايه و ليه كل اما ادخل عليكم بتبطلوا كلام و تخبو الحوار زى ما حصل دلوقتى هو في اسرار بينكم و خايفين انى اعرفها و لا خلاص بقيت غريبة عنكم .

ازداد ارتباك ريم و نظرت لعمتها لتنجدها و لكن حصار نسرين بعينيها لها جعلها تتنهد بحزن و تقول :
- انتى مش غريبة يا نسرين بس لما يقل إلى تعرفيه يقل الهم الى تشليه .

التفتت نسرين نحوها و حملقت بوجهها بدهشة و قالت بعدما شعرت بانها تستخف بها :
- انتى شايفة كده عموما براحتك انا نازلة الشغل يا ماما سلام و على فكرة انا هتغدا النهاردة مع ادهم فبلاش تستنوني على الغدا و اهى فرصة تبقى لوحدكم من غير حد غريب وسطكم يشيل هم ميخصهوش .

اغمضت ريم عيناها حينما اسرعت نسرين بالمغادرة بملامح غاضبة بسبب كلماتها و زفرت لتواجهها عمتها بنظرات متسائلة فهربت ريم من عيناها و قالت :
- بلاش تبصى لى كدا يا عمتو.

رفعت زينب حاجبها و استمرت في تحديقها بريم و قالت :
- انا هفضل ساكتة بس اعرفى ان مش عجبنى تصرفك .

زفرت ريم بضيق و احست بالاختناق فجأة و قبضة تحتل صدرها فقالت:
- هو ايه الى مش عجبك بالظبط يا عمتو هو حضرتك مضايقة انى جيت لك و انى قاعدة معاكى ، ولا مضايقة انك عرفتى ان اخوكى مبقاش الاخ اللى كنتى متخيلاه و رسماله صورة مثالية طول عمرك ، انا اوف انا كمان هخرج بعد اذنك انا حاسه انى مخنوقة ولازم بجد اخرج .

صاحت زينب توقف ريم و قالت :
- استنى يا ريم واجهيني هنا و بلاش تهربي .

اجابتها ريم بصوت مختنق يوشك على البكاء :
- انا مش بهرب بس انا حاسة انى بموت و انا مش عارفة اتحرك و خايفة انا بدور على حل يخليني اعيش حياتى زى ما انا عايزاها علشان اقدر ارجع لشغلي و اعمل الحاجة اللى بحبها انا.

جذبتها زينب الى صدرها لتوقف كلماتها التى تزامنت مع بكاؤها و قالت :
- اهدى طيب و اكيد هنلاقى حل طيب اقولك اخرجى يا ريم غيرى جو و شوفي الناس بس طمنينى عليكى علشان مقلقش .
-----------------------------

بعدما أنهت نسرين عملها توجهت إلى المطعم المعتاد الذى تقابل فيه ادهم لتجده بانتظارها فجلست نسرين عابسة الوجه و نظرت له بصمت و عيناها تحمل حزن ، ليسألها ادهم بعدما لاحظ تغيرها :
- مالك يا نسرين مبوزة ليه .

اشاحت نسرين بعينيها عنه و تنهدت و قالت :
- مافيش يا أدهم انا بس مضايقة شويه .

احتضن ادهم اصابعها و ضغط عليها و قال :
- هتخبى على حبيبك و لا ايه انا بقولك في حاجة يبقى تتكلمى و ترمى عليا اللى مضايقك انا اشيل عنك اى حاجة يا حبى .

نظرت نسرين له بحب و احست ان الله انعم عليها بقلبه العاشق فقالت تفصح عما بها إليه :
- اول مرة احس انى غريبة في بيتنا يا ادهم تخيل كل ما ادخل على ماما و ريم و يكونوا بيتكلموا يسكتوا و واحدة منهم تقوم و تمشي ، زى ما يكون في سر حربى بينهم دول حسسونى انى جاسوسة وسطهم .

ربت ادهم على يدها و حاول ان يخفف عليها الأمر فقال :
- متبقيش حساسة كدا تلاقى بس في حاجة فحياة ريم و محرجة تقولها و بعدين انا مش قلت لك لما يحبوا انك تعرفى هتعرفى من غير ما تسألي ، المهم ممكن بقى حبيبتى تركز معايا شوية و ترحمنى من عذابى اللى طال دا انتى عارفة ان الشقة خلاص قربت تجهز و انا عاوز احدد ميعاد كتب الكتاب و الفرح .

احمر وجه نسرين فقالت بارتباك :
- كتب الكتاب و الفرح بس انت مش شايف انك مستعجل يا ادهم احنا لسه يعنى اوف مالك بتبص لى كده ليه .

ضحك ادهم لحرجها منه و قال :
- عارفة انا لو ينفع اكتبه امبارح فانا معنديش مانع اصلك مش عارفة انا بحبك قد ايه و بتمناكى ازاى .

اربكتها كلماته و لكنها اسعدتها و اشعرتها بحبه العميق لها فابتسمت بحب و قالت:
- انا كمان بحبك اوى يا ادهم .

لتبهت ملامحها مرة أخرى و تقول حزن :
- و متخافش مأظنش ان ماما هتعترض على الاقل هتلاقيها فرصة تخلص مني و تتكلم براحتها مع ريم .

نظر ادهم لها بإمعان لتلمع عيناه و يقول :
- نسرين انتى غيرانة .

اتسعت عينا نسرين و احمر وجهها و ازداد ارتباكها فقالت :
- انت انت بتقول ايه بلاش عبط انا هغير من ريم دى دى بنت خالى .

أوقفت نسرين كلماتها بعدما أنار ادهم امامها سبب حالتها لتحدق به و تقول و هي تشعر بالحرج و الدهشة من نفسها :
- مش معقول انا انا غيرانة من ريم علشان من وقت ما جت و ماما اتغيرت و بقت تسمع كلام ريم فاى حاجة و تهتم بيها و دلوقتى بينهم اسرار و انا بعيدة عنهم و و .

انتاب نسرين الضيق فجأة فوقفت و قالت و هي تحمل حقيبتها بأصابع مرتعشة :
- يلا بينا انا اتاخرت و لازم اروح كمان الشغل النهاردة كان كتير و اخوك مرحمش .

---------------------------

فى مساء اليوم التالي جلس أدهم و بجانبه حسام ينظران إلى زينب التى استمعت إلى طلب أدهم و طال صمتها ليقول حسام :
- ها قلتى ايه يا طنط نحدد ميعاد كتب الكتاب أمته.

زفرت زينب و جالت بعينيها بين ابنتها و أدهم و قالت:
- انا شايفة ان لسه بدرى يا حسام اظن اننا نأجل كلام فالموضوع دا شوية.

وقفت نسرين و هى تحدق بوجه والدتها بدهشة لحديثها الغير منطقى فهى تعلم أنهم أعدوا كل شىء و لم يعد ينقصها أي شيء لإتمام زواجها ، و تملكها الضيق بسبب موقف والدتها الغريب فنظرت نسرين الى ادهم الذى عقد حاجبيه و ضغط على اسنانه بقوة ليكبح ضيقه لتعود بعيناها إلى والدتها و تقول :
- هتأجلي ليه يا ماما ما احنا متفقين ان لما الشقة تجهز نحدد ميعاد الفرح على طول و أدهم التزم بكل حاجة قولتى عليها و جاى يقولك ان الشقة خلصت ، يبقى ليه نأجل انا مش فاهمة و لا هو عند و خلاص من حضرتك على اى حاجة يقولها ادهم .

رمقتها زينب بنظرات نارية لتخطيها الحد معها بالحديث لتقول بغضب :
- حلو اوى طريقتك في الكلام معايا يا استاذة نسرين ايه فاكرة نفسك كبرتى و معدش ليا حق اقول اه او لا ، طيب ايه رئيك ان كلامى اللى قولت له دلوقتى مش هرجع فيه ومافيش تحديد دلوقتى لا لكتب الكتاب و لا الفرح .

لاحظ حسام أن شقيقه يرفض ما تتفوه به حماته ليرمقه بنظرة تحذير ألا يتفوه هو الاخر حتى لا يزداد الموقف سوء ، و قال بصوت هادئ حاول فيه أن يهدئ من حدة التوتر السائدة :
- نسرين متقصدش يا طنط زينب و بعدين كلنا عارفين و موافقين على رأى حضرتك و الميعاد اللى حضرتك شيفاه مناسب احنا هنوافق عليه .

اجابته زينب بذهن شارد بعد أن انتابها قلق مفاجئ على ريم التى تأخرت بالخارج :
- هشوف يا حسام و ابقى اقولكم .

ازداد غضب نسرين لحديث والدتها الغامض فقالت بحدة :
- يعنى ايه ياماما ما كل حاجة جاهزة يبقى ليه التأجيل ما تفهمينى و لا دا كمان سر زى اسرارك انتى و ريم و مش من حقى اعرفه .

تفجر الموقف فجأة و ازدادت عصبية زينب فوقفت تصيح فى ابنتها بغضب :
- نسرين لأول و آخر مرة أحذرك كلامى مافيهوش رجعة و لا تناقشينى فيه و .

دخلت ريم فجأة بعدما وصل إليها صوت عمتها الغاضب ، لتقطع زينب حديثها فنظرت ريم لعمتها بدهشة لغضبها و قالت تصدمها :
- اول مرة احس انك شبهه اوى كدا طريقة كلامك وعصبيتك واسلوبك ، عمتو بصى لنفسك فى المراية انتى بقيتى شبه بابا كأنك نسخة كربون عنه فاضل بس .

ابتلعت ريم باقى حديثها لتهز رأسها تطرد صورته بعيدا عن عقلها التى احتلته و تردف بحزن :
- عموما يا عمتو لو حضرتك بتأجلي فرح نسرين فأنا بشيل عنك اى حرج لانى قررت اني ارجع لبابا.

شحب وجه زينب و نظرت الى وجه ريم المتألم و قالت بخوف :
- انتى انتى بتقولى ايه انا انا مستحيل اخليكي ترجعي هنا تانى .

اجابتها ريم بانكسار و قالت :
- للاسف يا عمتو دا مش قرارك علشان تاخديه بالنيابة عنى دا قرارى انا ، و بجد لو ليا خاطر عندك حددى ميعاد كتب كتاب نسرين و فرحها و خليني احضره معاكم قبل ما اسافر .

أحس الجميع بأنهم يشاهدون فيلم غامض ليحدق حسام بهما بحيرة و ارتباك من الحديث المبهم ، و اخذ أدهم ينقل بصره بين الوجوه وقفت نسرين تترقب رد والدتها ليأتى قول والدتها أكثر تعند و غضب زاد من حدة الموقف :
- لا مش هتسافرى و لا انا مش شبهه و خلاص اقفلي كلام عنه و عن موضوع السفر انتي فاهمة.

انتبهت زينب للعيون الحائرة المحدقة بها لتهدأ فجأة ، و هى تحدق بوجه ابنتها الحزين فأخذت عدة أنفاس و قالت :
- عموما طالما كل حاجة جهزت انا انا .

صمتت زينب مرة اخرى و ترقبتها الوجوه لتقول و هي تجلس :
- خلاص شوفوا الوقت اللى يناسبكم و انا موافقة عليه .

لم تصدق نسرين أن والدتها وافقت و رمقتها بحيرة لتلاحظ حزنها و كأنها تحمل حملا ثقيلا فوق كتفيها فقالت بعدما شعرت بخطئها بغضبها المبالغ فيه :
- ماما لو حضرتك شايفة اننا نأجل فانا مش هعترض ، انا بجد اسفة لو كلامى معاكى بالطريقة دى و.

وقفت زينب لتحضتن ابنتها التي قاومت دموعها و قالت :
- لا يا نسرين مافيش تأجيل و خلينا نفرح بقى .

قبلت نسرين يد والدتها و ربتت زينب على رأسها و قالت و هى تنظر الى ادهم الصامت :
- مبروك يا ادهم .

هنأ حسام شقيقه و هو يحدق بوجه ريم الغائم بحزن غريب و اشار الى اخيه ان يتحدث ليقول ادهم بعدما تحول ضيقه إلى سعادة :
- شكرا يا ماما بجد انا مش عارف اقولك ايه ياه اخيرا حلمى هيتحقق و اتجوز انا مش مصدق.

لترتسم الابتسامة على الوجوه و هو يغمز نسرين بعينه ليحمر وجهها بشدة لاحظتها ريم فوكزتها و قالت:
- مبروك يا احلى عروسة .

---------------------------

انشغلت ريم بتجهيزات زفاف نسرين لترافقها يوميا لشراء كل ما يلزمها و كثيرا ما كان أدهم و حسام برفقتهم ، ليبدأ قلب ريم يتفتح امام اهتمام حسام الذي أغرقها به فوجدته يحتل تفكيرها و لكنها كبحت قلبها و احساسها من سؤال نسرين عنه التى شعرت انها لا ترحب بتعاملها مع حسام فلزمت الصمت .

أصبحت التجهيزات النهائية تتم على قدم و ساق ، و ذات صباح الحت نسرين على ريم لتذهب معها الى شقتها لتعيد ترتيب الأثاث فقذفتها ريم بالوسادة و قالت :
- بجد حرام عليكى دى تالت مرة تسحبيني معاكى علشان نغير ترتيب الاوضة ، بصى انا مش رايحة معاكى عاوزة تغيريها تانى روحى لوحدك .

لوت نسرين شفتيها و نظرت لها بحزن و قالت :
- اهون عليكى يا ريمو تسبينى لوحدى ماشى عموما شكرا انا هروح اغيرها و اعلق الستاير لوحدى حتى لو وقعت زى المرة اللى فاتت .

وضعت ريم يدها فوق جانبى خصرها و تنهدت باستسلام و قالت :
- خلاص قلبتي وشك و هتعيطى زى كل مرة و في الاخر هضعف و اقولك حاضر ماشى يا ستى هاجى معاكى بس بجد دى اخر مرة يا نسرين .

قفزت نسرين بسعادة و احتضنتها و قبلت وجنتيها و قالت و هى تسرع للذهاب الى غرفتها :
- انا هروح البس يلا اجهزي بسرعة .

ابتسمت ريم و جلست على طرف فراشها لتبهت ابتسامتها فجأة و هى تتذكر الحالة العصبية التى أصبحت عليها عمتها في الاونة الاخيرة ، و رفعت يدها إلى صدرها و وضعتها فوق قلبها و همست :
- يارب اللى حاسه بيه دا يطلع كذب و ميكونش بابا ليه دخل .

و رافقت ريم نسرين الي شقتها لتعيد ترتيب الغرفة معها من جديد ، لترتمي كلتاهما ارضا بعد ان شعرتا بالإجهاد فنظرت ريم الى نسرين و قالت :
- حقيقى انا تعبت و مبقاش عندى اى مجهود احرك صوباعى نسرين انتى مفترية اوى .

تمددت نسرين على ظهرها و قالت :
- بصراحة معاكى حق يا ريمو انا نفسى تعبت و مش عارفة انا بعمل كدا ليه ، عموما احنا فاضل لنا نعلق الستاير فى الليفنج و نمشي و نبقى نيجى بكرة نرتب الدولاب و نعلق ستائر باقي الشقة.

و اعتدلت نسرين فجأة و قالت :
- انا هقوم احضر لنا اى حاجة ناكلها و بعدين نكمل.

تمددت ريم و اغمضت عيناها تريح جسدها من ارهاقه لتبتسم حينما وصلتها انغام تلك الموسيقى التي تدمنها نسرين ، لتجلس مرة اخرى فرأتها تتمايل عليها راقصة و توقفت نسرين فجأة عن رقصها و تتجه صوب ريم لتوقفها على قدميها و هى تضحك و تقول :
- يلا بقى ورينى رقصك يا ريم .

احمرت وجنتي ريم و هزت رأسها بالنفي و قالت و هي تبتسم بحرج :
- لا انا انا مش بعرف ارقص يا نسرين .

صاحت بها نسرين بسخط و قالت :
- يا سلام متعرفيش ازاى و انتي بترقصى باليه .

تلاشت ابتسامة ريم و و اغمضت عيناها حتى لا يفضحها حزنها و قالت بصوت هامس :
- كنت برقص بالية يا نسرين و .

قاطعتها نسرين و قالت :
- و بطلتى رقص عارفة ماما قالت لى انك وقفتى الرقص ، لما خالي رفض انك تسافرى مع الفرقة.

ازدردت ريم لعابها و زفرت و قالت بشرود :
- اه هو كده فعلا .

لم تقبل نسرين برفض ريم لتقول:
- يبقى ترقصي لي باليه وحياتى يا ريمو انا لحد دلوقتي مشفتش رقصك للباليه وحياتي ممكن ارقصي لي .

حملقت ريم بوجه نسرين لتلمع عيناها بشدة ، فعادت ابتسامتها الى شفتيها و هي تتذكر صورتها و هي ترقص وسط تلك الحشود التي أخذت تشجعها وقالت:
- تفتكرى هعرف ارقص تانى و الله يا نسرين انا حاسه اني نسيت البالية بيترقص ازاى ، بس عارفة انا هجرب لان وحشنى اوى انى ارقص و كويس ان معايا على الموبايل الموسيقى اللى بحبها.

اخذت نسرين الهاتف من يد ريم و قامت بإيصاله بسماعات الاستريو لتصدح موسيقي بحيره البجع في المكان ، فأغمضت ريم عيناها تشعر بتسلل الموسيقى الى ثنايا جسدها فتنفست و كأنها تأخذ انفاسها من تلك الموسيقى ، ليتملكها الإحساس بأنها تتحول إلى تلك البجعة البيضاء الحالمة ، و غفلت ريم عن العالم من حولها و اندمجت فى رقصتها ليحتل الإعجاب وجه نسرين و امتلأت نفسها بالبهجة لرؤيتها رشاقة ريم التى تجسدت امامها و هى تتابع رقصتها بمهارة و إتقان .

-----------------------
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي