الفصل السادس

كان يشعر في تلك الأونة أنه وصل من العمر أرذله شاعرًا أن حياته على وشك الإنتهاء، لكن بعد فترة جمعته الصدفة بصديقه "شاكر" الذي ما أن علم ما يمر به دبر له وظيفة بالشركة التي يعمل بها وبعد أن استقر اقترح عليه صديقه الإنتقال إلى شقة بدل تلك الغرفة الكئيبة ناصحًا إياه أن لا يندرج بتفاصيل حياته لأي شخص في مكانه الجديد وإن سأله أحدهم عليه أن يخبره أنه قد توفوا منذ زمن بحادث تاركين إياه وحيدًا، وأنه ترك محافظته هاربًا من كل تلك الذكريات، وبالفعل فعل ما نصحه به صديقه عندما وجد شقة قريبة من عمله وإيجارها في متناول يديه.
وقع على العقد سريعًا بعد ما قابلته مع مالك البيت ثم استأذن منه "يحيى" قائلًا أن عليه الصعود وأنه سيصعد بعده هو ووالدته، أسرع "خالد" في الصعود ثم وقف أمام باب شقته الجديدة يرتسم على محياه السعادة البالغة وأخيرًا قد تحققت جميع أحلامه؛ أخرج مفتاح شقته لكنه لا يستجيب بالفتح.. استغرب الوضع لذا حاول مرة ثانية لكن لم يستطع فتحه.
توجس حينما فُتح الباب فكجأة تطل منه فتاة ذات ملامح مذعورة لكن بالرغم من ذلك إلا أنها جميلة، وقف مشدوهًا ناظرًا إلى ملامحها الرقيقة وعيونها الواسعة لا يعلم أهي حقيقة أم مجرد درب من الخيال
آتته الإجابة سريعًا عندما صرخت قائلة: حرامي
استدار ينظر خلفه ليرى ذلك اللص لكنه علم على الفور أنها تقصده هو عندما جذبته من ياقة قميصه صارخة بوجهه مرةً أخرى: كمان بتحاول تهرب
تفاجئ من ردة فعلها المفاجأة لكنه أجابها على الفور: لا أنا مش حرامي أنا..
هتفت بغضب: كمان بترد عليا يا لص
ضحك من كلمتها الأخيرة قائلًا: اهدي بس
-ده أنت كمان بجح أنا هوريك يا مجرم
صعد السلالم سريعًا عندما سمع صياح شقيقته تاركًا والدته تصعد خلفه، رأى تجمهر الناس حول شقتهم وشقيقته مُمسكة بشخص لم يستطع تحديد هويته لأنه كان يعطيه ظهره، سمع أحد جيرانه يقول لشقيقته أن تترك الرجل لكنها أجابت بغضب: مش هسيبوا يا عم حسن غير في القسم هو مفكر دخول الحمام زي خروجه
- يابنتي حد قالك إني ههرب، سيبي بس القميص ده لسة جديد
عقد ت ما بين حاجبيها ثم قالت: أكيد سرقته يا لص
-مريم!
استدارت لإتجاه الصوت ثم جرت نحو المنادي فور رؤيته قائلة وهي تجذبه من يده بإتجاه خالد: تعالى يا يحيى في حرامي كان بيحاول يدخل الشقة وأنا مسكته
اتجه بنظره ناحية الواقف ينظر بدهشة مما يحدث له
ضرب كف يده بجبهته ، مغمضًا عيناه هامسًا: الله يخربيتك يا مريم
ثم اقترب منه قائلًت بنبرة اعتذار: أنا آسف يا أستاذخالد
ابتسم خالد ثم قال: ولا يهمك يا باشمهندس
أمأ برأسه وهو ينظر إلى المتجمهرين معتذرًا لهم مبررًا موقف شقيقته بأنه مجرد سوء فهم ليس أكثر ثم وجهه حديثه إلى خالذ داعيًا إياه بالدخول
دخل الجميع وعندما استقر خالد بمكانه سأله يحيى: ايه اللي حصل؟
-مافيش تقريبًا أنا اتلخبط في الشقة وبدل ما أطلع الدور اللي فيه الشقة حاولت أفتح باب شقتكم، وأعتقد أنت عارف الباقي بقى
تلاقت العيون وقالت الكثير منذ ذلك اليوم أصبح أسيرًا لها.
**************************************************************************************************************************
جلست أمام مكتبها وأمامها هدف واضح عليها تنفيذه وإلا كل ما سعت إليه سمُحى بجرة قلم من رئيسها الأرعن ذلك كأنه لم يكن، لا لن تسمح بذلك ليس بعد أن حصلت على تلك الوظيفة.
قامت من مكانها تلعن مديرها بسرها، لاعنة حظها الذي أوقعها في تلك المهمة لكن لننظر إلى الجانب المشرق ولنرى نصف الكوب الممتلئ، قالت ذلك في نفسها وهي تذكرها أن ذلك التحقيق من الممكن أن يكون أولى درجات النجاح لذلك تخلت عن ترددها عندما خطت بخطوات أقرب إلى الهرولة من مقر عملها إلى الشارع.
أشارت إلى سيارة أجرة ثم ركبتها، وما أن استقرت أخرجت هاتفها تخرج اسم بعينه تسأله عن تفاصيل ما حدث وأين تجد ذلك البطل الخارق!
أخبرت السائق عن مكان وجهتها، وصلت السيارة بعدها ترجلت منها وهي تنظر إلى ذلك القسم الذي دخلته منذ فترة عندما أصطدمت سيارتها بسيارة شخص أخر ومنذ ذلك الحين لم تقد مرة أخرى أو لنكن صادقين لم تأتيها الجرءة لتقود مرة أخرى، لكنها فجأة تذكر ذلك الشرطي الوسيم الذي أخرجها من تلك المصيبة دون أضرار
دخلت القسم وهي تهرول لا تعلم من أين عليها البدء، لكن عليها أن تحدد خطواتها بسرعة، فكرت مليًا ثم تذكرت ذلك الأمين الذي استسجوبها يوم الحادثة.
وقفت أمامه بإبتسامة تضع يدها على فمها ثم تنحنحت كي تلفت إنتباهه، رفع الأمين "حامد" رفع جفناه ليرى من أمامه ثم اشاح بنظره بعيدًا عنها ينظر إلى الملف الذي أمامه دون إبداء أي ملامح إهتمام عليها بعد برهة قال: ايه هي شكوتك؟
أجابته حور: أنا مش جايه عشان أشتكي
أجابها دون رفع نظره عن الملف: أمال جايه هنا ليه؟ ثم أكمل حديثه بسخرية: عشان تشتري هدوم العيد
جاملته بضحكة صفراء حتى تستطيع أن تخرج منه بمعلومة مفيدة ستصلها إلى الرجل الخارق الذي تحدث عنه رئيسها في العمل، تحدثت بطريقة عملية وهي تبرز هويتها الصحفية أمام عيناه: أنا حورية الناجي صحفية وحابة أقابل الرائد زين الرفاعي
أجابها ببرود دون أن يطالعها: الرائد زين مش بيقابل صحفيين
سألته بجدية: يعني ايه؟
قام من مجلسه قائلًا وهو يسير دون أن يعطيها أدنى إهتمام: يعني اتفضلي أمشي
كتمت غيظها من بروده قبل أن تتحدث معه ثم تحدثت وهي تحاول رسم شبح إبتسامة حتى لا يعلم بما يخالجها من مشاعر حوله: يعني يرضيك أجي لحد هنا وأمشي بإيدي فاضية
أجابها سريعًا: آه يرضيني
ثم أكل سيره دون النظر إليها وقفت متوجمة المعالم لا تعلم ما الذي عليها فعله، تنهدت بضيق ثم حثت قدماها على السير، أطرقت برأسها ثم بدأت كل الأفكار في التدفق، لذلك قررت فور وصولها إلى منزلها كتابة استقالتها
تعالى صوت رنين هاتفها لتُرسم على ثغرها إبتسامة فور رؤيتها اسم المتصل، أجابت على الفور: بابا وحشتني
انتظرت قليلًا تسمع إجابة الطرف الآخر: أنتِ أكتر يا حبيبة بابا
ابتسمت ثم قالت بلهفة: جاي امتى؟
-النهاردة
أنفرجت أساريرها من اجابته: بجد! الحمد لله أخيرًا أنا كنت محتجالك أوي
صمت قبل أن يجيب: ايه اللي حصل؟
قصت عليه كل ما حدث معها منذ أن دخلت إلى مكتب رئيس التحرير حتى قرارها الذي اتخذته قبل أن إتصاله
انتظر حتى تهدأ قبل أن يتحدق، يعلم أنها سريعة الإنفعال وعند غضبها تتخذ قرارات خاطئة تندم عليها بعد ذلك، لذلك هو موجود دائمًا ليوجهها إلى القرار الصحيح فالبلأخير هذا واجبه نحوها، أتاها صوته عبر الأثير هادئ رزين كما عهدته: هديتي!
ظهر الإبتسامة على ملامح "حورية" شكرته على استماعه لها ثم على إهتمامه وسعة صدره وحرصه على جعلها تتخذ القرار السليم دا~مًا هو السند الذي ظل معها في أحلك الأوقات، مختلف عن الجميع هو صديقها الوحيد الذي حصلت عليه

يتبع
رحاب_قابيل
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي