الفصل الحادي و الثلاثون
الفصل الحادي و الثلاثون ..
______________
ولكنها فهمت ما يريده بعد فوات الآوان ..
بلعت ريقها بصعوبة عندما وضع يديه على خدها وقبلها لكن بحرارة .
كانت تلهث عندما تركها لانها كانت تشعر بالغضب الشديد ،
وليس لانها لم تستطع ان تتنفس بسهولة ، أو لانه اختار ان يسكتها بتلك الطريقة الذكية التي ادت الى تورد وجنتيها .
- دريك ياعزيزي .......
ظهرت كاليوبي من جديد بعد ان اختفت للحظة وبدت هادئة وجميلة .
ليرد عليها دريك سريعًا :
- يجب ان نذهب .
ترددت بلطف ثم استدارت نحو لورين قائلة :
- سامحيني لانني ساترككك بهذه السرعة بعد اول لقاء لنا ،
لقد طلبت من ماريا ان تعد لكِ غرفة ، اتمنى ان تعتبري بلفادير بيتك .
شكرتها لورين بلطف كبير :
- شكرًا لكِ .
لم تتمكن من قول المزيد عندما دست كاليوبي يدها تحت ذراع دريك واستعدت لترك البيت ،
لا يمكنها ان تستجوب شريكها في
المؤامرة الان ..
و لكن عندما يعود وتتمكن من التكلم معه .
- سافكر فيكما .
اضافت بتهذيب ، وهي مغتاظة مما فعله .
بعد لحظات قادتها الخادمة الى غرفة نوم واسعة لا يمكن مقارنتها بغرف فنادق الدرجة الاولى .
رددت بذهول ودهشة :
- ورود !
اقتربت من الاناء المثبت فوق طاولة رخامية بجانب السرير العريض لتقول بإعجاب :
- كم هي جميلة .
ردت الفتاة اليونانية بابتسامة مشرقة :
- اعتقد آرنستو الكبير انها ستعجبك .
ثم ابتسمت الفتاة بلطف :
- لم تصل امتعتك بعد ،
لقد طلب مني دريك ان اقدم لك عصيرًا في اي مكان ترغبينه .
اجابتها لورين بلطف :
- سأكتفي بعصير البرتقال في الحديقة .
اقتربت وفتحت بابًا يتصل بشرفة صغيرة
و وجدت نفسها تنظر الى سطوح بيوت المدينة الصغيرة ، و إلى خليج رائع .
لم تجد اية صعوبة في ايجاد الطابق الاول ،
خطت عبر غرفة كبيرة مجهزة باثاث بسيط ،
لكن غالي الثمن وتكسو ارضيتها الواح يونانية الصنع .
استطاعت من خلال شرفة مغربية الطراز ان ترى جزء من الحديقة الذي كان محجوبًا ،
عن واجهة البيت فتوجهت نحو الباحة الرئيسية ،
لتجد بها نافورة ماء امتزج صوتها بحفيف الاشجار .
وصلت ماريا تحمل صنية عليها كوب من عصير البرتقال وطبق من الحلوى .
جلست تشرب من كوب العصير على مَهل ، وهي تتأمل الحديقة الكبيرة ، وتستمتع بصوت خرير الماء و حفيف الأشجار ،
شعرت باسترخاء كبير وهي في قلب الطبيعية الخلابة ، حتى انها لم تعلم كم مر عليها من الوقت حتى وجدتها كاليوبي هناك بعد ساعة ونصف ،
اقتربت المراة منها قائلا :
- لورين عزيزتي ،
اني اسفة لانني تركتك بمفردك ولكني لا اعتقد ،
ان الماتم ملائم لتلتقي فيه ثيو ، و تتعرفين إليه في هذه الظروف ،
إن من مصلحة دريك ان يتكلم مع والده على انفراد أولًا ،
حتى يسويا خلافاتهما قبل ان نحتفل بسعادتك .
ابتسمت لها لورين برقة وهي تقول لها باستفهام وقلق حاولت اخفائه :
- وهل ستفعلان ذلك ؟
ورغم عنها لم تستطيع اخفاء قلقها ، فماذا لو ذهب
جهدها سدى ؟
ماذا لو رفض إرنستو ان يستقبل ابنه في بيته ؟
اجابتها كاليوبي بثقة :
- بالتاكيد ياعزيزتي .
ثم وضعت كاليوبي يدها على معصم لورين المطبق باحكام عندما جلست الى جانبها وهي تقول لها :
- ذهب الرجال الى حانة وهذا سيعطي دريك وثيو فرصة للاسترخاء ، ولمصارحة بعضهما البعض ،
وتأكدي من ان ثيو سيكون مستعدًا لدفن الماضي ،
بعد ان قرر دريك الزواج وللترحيب بعودته في بلفادير .
ثم ترقرقت الدموع في عينيها وهي تقول :
- لقد كانت السنوات الست الماضية بمثابة كابوس لنا جميعًا ،
لكن الان اعتقد إن كسر دريك الصمت بينه وبين والده سنصبح عائلة واحدة من جديد .
جففت دموعها وهي تردف :
- كان ثيو خائفًا من ان يستمر دريك في العيش مع الماضي .....
هزت رأسها بحزن وهي تنظر نحو نحو بعينان دامعة :
- هو لا يريد ان يحصل ذلك لابنه البكر .
عبست لورين وهي تُحدث نفسها ..
لم يبالغ دريك اذا في تصوير الصدع القائم بينه وبين والده .
سألت بتردد :
- هل كانت الامور سيئة بينهما لهذه الدرجة ؟
اجابتها كاليوبي :
كانا دائما على شجار ،
ولكن هذا لا يعني ان ثيو لم يكن مهتما به ،
إذ كان هذا ما تفكرين فيه ....
بخلاف ذلك تمامًا .
ثم اطلقت تنهيدة عميقة وهي تقول لها :
- كانت طريقته في اظهار عاطفته تهدف الى جعله رجلًا قويًا ،
ربما كانت الامور ستختلف
لو بقيت كريستينا على قيد الحياة لم يكن في وسعي التدخل مع انني احبهما كثيرًا ...
توقفت وبدت مرتبكة .
فتوسلت لها لورين :
- ارجوك تابعي ..
لقد اخبرني دريك القليل عن حياته السابقة هذا سيساعدني على معرفته بشكل افضل .
وبقلق رددت :
- ماذا علي ان اخبرك ؟
فكرت كاليوبي مليًا قبل أن تقول :
- انه كان ارستقراطيًا وان العمل الشاق
قد غَيره كما اراد ثيو ، فقد كان يقول دائمًا ،
ازرع قليلًا ؛ تحصد قليلًا .
اشركت لورين موضوع لوكاس في حديثهما بعفوية :
- ماذا عن لوكاس هل كان يعامله بالطريقة
نفسها ؟
نفت كاليوبي سريعًا :
- لا .
تسألت اورين :
- ليس قاسيًا كا دريك !
ضمت كاليوبي حاجبيها مرددة :
- قاس ؟ لا ابدًا ليست كلمة مناسبة ،
لين ربما .
قالت لورين برقة :
- من الواضح ان دريك يحبك جدًا .
اجابتها كاليوبي بفخر :
- اعرف وانا مقدرة له ذلك ،
ليس من السهل تربية ولد
سيدة اخرى ، وجعل طفولته سعيدة ،
لكن دريك لم يكرهني يومًا ،
وبدا مقربًا جدًا من اخيه ،
مع انه يكبره بخمس سنوات .
قالت لها لوريت بإقرار :
- اخبرني دريك انه عاش هنا حتى اصبح في الثانية عشرة من عمره ؟
اجابتها كاليوبي سريعًا :
- هذا صحيح ارسله ثيو الى مدرسة في اثينا ،
بالطبع كان يعود في عطلات الصيف الطويلة ،
وتساءلت في ذلك الوقت اذا كان بعده سيؤثر على علاقته بلوكاس لكنه لم يؤثر
ابدًا ..
ثم اردفت بتباهي :
- لوكاس يحب دريك كثيرًا ، فلقد كان مستعدًا
لأن يفعل اي شيء يأمره به دريك !
لكن دريك لم يستغل ذلك ابدًا ،
ولم يحاول أن يهينه أو يستخف به ،
بسبب انه اصغر سنًا منه أو لانه حساس اكثر من اللزوم .
" بإمكان كل واحد منا أن يتغير "
فكرت لورين
بأسف ،
كان عدم استغلال دريك لاخيه شيئا رائعًا .
زودتها كاليوبي بمعلومات قيمة عن طفولته ،
وجعلتها تعي النظر في موقفها منه .
عرفت الكثير عنه خلال خمس عشرة دقيقة
امضتها مع زوجة والده ،
اكثر مما عرفت في ساعات امضتها برفقته .
سالت لورين بلطف :
- وعندما انتهى من مدرسته ؟
اجابتها :
- عاد الى هنا عندما اصبح في الثامنة عشرة من عمره ، لقد كان رجلًا .
ولم يسعهما البيت الكبير هو و والده .
حدقت في الفراغ للحظة وهي تقول :
- كان وضعًا لا يمكن لاي امراة ان تصلحه ،
ومع ذلك احببت الاثنين كثيرًا .
سألت لورين :
- لماذا كانت الامور سيئة بينهما ؟
اجابتها بضيق :
- اعترف ان ثيو كان يسر في تحريضه ،
بل واجباره على تحدي سلطته ،
كان يشعر برضى تام وهو يرى دريك يقاوم ،
ولقد كان فخورًا بابنه القوي العدائي ،
لكنه لم يسمح له بالفوز مهما كانت وسائله مؤلمة ،
أكملت لها وهي تنظر لها بأسى :
- ترك دريك البيت ورفض أن يدخل الجامعة ،
وبعد ان ادى خدمته العسكرية ،
عاد الى كافوس لكن ليس الى بلفادير ،
اختار العمل مع عرابه والان
تحطمت حياته من جديد بعد أن مات فلاميوس .
سألتها لورين بقلب مضطرب :
- وماذا عن الفتاة التي كان مرتبط بها ؟
لم تذكرها كاليوبي لان قصتها كانت اهانة اخرى لوالده ،
والى جانب ذلك لم يستمر دريك في شركة
آرنستو للبناء منذ سنيتن ،
ومن دون علم والده لم يستعمل ذكاءه بل قوته
الجسدية ،
وذلك لمصلحة الشركة لماذا ؟
هل اعتقد بانها كانت الطريقة الوحيدة
لخلاصه ،
الى أن تعرف بها ووجد انها خيارًا اسهل ؟
ارادت ان تطرح عليها المزيد من
الاسئلة ،
لكنها وجدت نفسها معقودة اللسان ،
بشكل غريب ثم سمعت اصوات بعض
الرجال ، فتوترت اعصابها وتملكها الخوف .
ابتسمت لها كاليوبي وربتت على كتفها قائلة :
- استرخي سيحبك بقدر ما يحب ابنه .
قالت لها كاليوبي بلطف :
- لقد اخبرني دريك الكثير عنك ونحن في طريقنا الى المأتم ،
اخبرني اين التقيتما ،
والطريقة التي وقع بها
في حبك من اول نظرة ،
ثم اكملت بتأكيد :
- صدقيني يا عزيزتي ستسحرين ثيو بالتاكيد .
حتى ياتي الوقت ،
وينتهي فيه دوري !
وقفت لورين غير قادرة على أن تسيطر على
توترها ،
عندها ارتفعت الاصوات ودخل
دريك مع رجل مسن .
بالطبع كان ثيو عرفت على الفور ،
بدا الرجل في أواخر الستين من عمره ،
قدرت طوله بست اقدام ،
شعره داكن ، وجسده متناسق اكثر من الرجل الواقف الى جانبه ، لقد كان الوجه الذي تفحصها برضى تام قاسيًا ،
على الرغم من تلون بشرته الملونة
بلون البرونز نتيجة تعرضها للشمس ،
لقد كانت لحيته اطول .
اقترب دريك منها ،
وطوقها بذراعيه ثم ادارها ويده على معصمها ،
ثم واجه والده قائلا بتوتر :
- هذه لورين المراة التي ساجعلها زوجتي ،
انها كل ما يتمناه الرجل جميلة ومطيعة .
ارتجفت يدها وهي تصافح الرجل ،
واحست ان التوتر يمكن ان يثير التحدي وان عليها ان تدقق في اختيار كلماتها ،
عندها توقف ،
لكنه بدا يتكلم وكانه كان بمفرده معها وهو يقول بتأثر كبير وهو ينظر لعينيها بهيام :
- واني احبها كثيرًا .
ثم احنى راسه وطبع قبلة على خدها .
شعرت بالإهانة الشديدة. ،
من كلمات الحب الفارغة
ولكنها كانت ضعيفة لتمنعه من جرها الى حيث كان يقف والده ليوجه له الحديث :
- هل ترحب بها في بيتك ؟!
ظلت تنقل نظرها بين الرجلين وهي مدركة احاسيسهما العاصفة ،
ثم نظرت الى وجه ثيو آرنستو المتعجرف ولم تجفلها العينان القاسيتان اللتان كانتا تحدقان اليها.
لو انها لاحظت ان موافقتها على خطة
دريك ستضعها في هذا الموقف المحرج
لكانت اختارت ان تعود الى انجلترا وتواجه اي مشكلة تنتظرها .
مهما كان والده قاسيًا معه في الماضي ،
والان بعد ان واجهت ثيو آرنستو وجها لوجه خجلت من دورها وماذا عن كاليوبي ؟
الم يفكر دريك كم ستحزن زوجة والده عندما يفسخا خطوبتهما ؟
تقدم ثيو منها وامسك يدها وقال لها :
- انتِ فتاة جميلة وشجاعة ارحب بك في
بيتي ،
وفي عائلتي واتمنى أن يمنحك المستقبل كل شيء تستحقينه .
ثم اردف سريعًا لينقذ الموقف :
- و الان اعذرانا لبضع لحظات ،
لقد وصلت حقائب لورين وانا متاكد من انها تريد ان تفرغ محتوياتها .
دس دريك يده بيدها عندما تركها ثيو قائلًا :
- هيا يا حبيبتي ساحمل هذه الحقائب الى غرفتك .
قادها دريك الى الطابق العلوي وشعرت بالارتياح بعدما تخلصت من عناق ثيو الحار ،
دلته على غرفتها ، ثم فتحت الباب له وتبعته الى الداخل وهو يضع حقيبتها على االسرير، لتناديه بضيق بان على صوتها :
- دريك .....
ثم واجهته قبل ان تخونها شجاعتها :
- انا اسفة لكنني لا اعتقد بانني استطيع الاستمرار فيما اتفقنا عليه .
ثم لوت يديها معا بلا ووعي ،
وهي تحاول ان تقيم ردة فعله ، وعيناها تتفحصان تعابير وجهة الغامضة ،
ولم تجد شيئا تستطيع ان توازن به شعورها وهي تخبره ما تشعر به :
- لم اشعر بانني مخادعة لهذه الدرجة من قبل في حياتي .
قال بصوت ناعم :
- لقد وافقتِ !
اجابته بحرج :
- نعم لكن تحت التهديد ،
ولم اتصور أن الامر سيكون كهذا يا دريك ،
دافعت عن نفسها بقلب مجروح :
- لقد قبلت عرضك على اساس ان احضر معك كصديقة على وشك الزواج بها ،
كي تقنع والدك بانك على وشك ان
تستقر ، وتجعله يتخذ موقفا وديًا منك ،
لكنني لم اتوقع ان تقوم زوجته باعداد بعض الترتيبات للاحتفال بزواجنا ،
أو حتى انك ستتصالح معهم بهدوء .
اقترب منها بابتسامة لطيفة وهو يسألها :
- هل أنتِ خائفة من أن تستيقظي يومًا ما ،
وتجدي نفسك تسيرين بين المدعووين الى جانبي ؟
قالت بحدة وهي تقف بلا حراك على بعد بضع اقدام منه :
- دريك .. أنا لا امزح على الاطلاق .
وكان هناك قوة في عينيه جمدتها ،
وجعلها اقتراحه تستغرق في تفكير عميق .
ثم زم شفتيه القاسيتين وقضى على املها حين قال :
- وانا ايضا يا لورين ، بتأكيد لا امزح مطلقًا ،
يجب أن تلاحظي كم سيكون الوضع مؤلما لهما اذا حررناهما من
وهمهما بسرعة ،
لا تقلقي سنطلعهما على فسخ الخطوبة
وعلى تلاشي الحب عندما يحين الوقت الملائم ،
اما الان فسنستمر في لعبتنا .
تعمد عدم مساعدتها ولم يرد ان يظهر لها اي تفهم او تعاطف ..
فتلألأ الغضب للحظة في عينيها عندما استقرتا على تعبير وجهه المشدود ، لتسأله بحنق واضح :
- و متى يحين الوقت الملائم ؟
ثم رفعت ذقنها الصغير بتحد لتردف :
- عندما تصبح الحقيقة اقل اهمية ؟
لقد بالغت في تصوير عدائية والدك تجاهك ،
لقد لاحظت انه بدا مسرورًا جدًا برؤيتك من جديد .
اجابها بإقرار :
- لانه يعتبرك خلاصي !
______________
ولكنها فهمت ما يريده بعد فوات الآوان ..
بلعت ريقها بصعوبة عندما وضع يديه على خدها وقبلها لكن بحرارة .
كانت تلهث عندما تركها لانها كانت تشعر بالغضب الشديد ،
وليس لانها لم تستطع ان تتنفس بسهولة ، أو لانه اختار ان يسكتها بتلك الطريقة الذكية التي ادت الى تورد وجنتيها .
- دريك ياعزيزي .......
ظهرت كاليوبي من جديد بعد ان اختفت للحظة وبدت هادئة وجميلة .
ليرد عليها دريك سريعًا :
- يجب ان نذهب .
ترددت بلطف ثم استدارت نحو لورين قائلة :
- سامحيني لانني ساترككك بهذه السرعة بعد اول لقاء لنا ،
لقد طلبت من ماريا ان تعد لكِ غرفة ، اتمنى ان تعتبري بلفادير بيتك .
شكرتها لورين بلطف كبير :
- شكرًا لكِ .
لم تتمكن من قول المزيد عندما دست كاليوبي يدها تحت ذراع دريك واستعدت لترك البيت ،
لا يمكنها ان تستجوب شريكها في
المؤامرة الان ..
و لكن عندما يعود وتتمكن من التكلم معه .
- سافكر فيكما .
اضافت بتهذيب ، وهي مغتاظة مما فعله .
بعد لحظات قادتها الخادمة الى غرفة نوم واسعة لا يمكن مقارنتها بغرف فنادق الدرجة الاولى .
رددت بذهول ودهشة :
- ورود !
اقتربت من الاناء المثبت فوق طاولة رخامية بجانب السرير العريض لتقول بإعجاب :
- كم هي جميلة .
ردت الفتاة اليونانية بابتسامة مشرقة :
- اعتقد آرنستو الكبير انها ستعجبك .
ثم ابتسمت الفتاة بلطف :
- لم تصل امتعتك بعد ،
لقد طلب مني دريك ان اقدم لك عصيرًا في اي مكان ترغبينه .
اجابتها لورين بلطف :
- سأكتفي بعصير البرتقال في الحديقة .
اقتربت وفتحت بابًا يتصل بشرفة صغيرة
و وجدت نفسها تنظر الى سطوح بيوت المدينة الصغيرة ، و إلى خليج رائع .
لم تجد اية صعوبة في ايجاد الطابق الاول ،
خطت عبر غرفة كبيرة مجهزة باثاث بسيط ،
لكن غالي الثمن وتكسو ارضيتها الواح يونانية الصنع .
استطاعت من خلال شرفة مغربية الطراز ان ترى جزء من الحديقة الذي كان محجوبًا ،
عن واجهة البيت فتوجهت نحو الباحة الرئيسية ،
لتجد بها نافورة ماء امتزج صوتها بحفيف الاشجار .
وصلت ماريا تحمل صنية عليها كوب من عصير البرتقال وطبق من الحلوى .
جلست تشرب من كوب العصير على مَهل ، وهي تتأمل الحديقة الكبيرة ، وتستمتع بصوت خرير الماء و حفيف الأشجار ،
شعرت باسترخاء كبير وهي في قلب الطبيعية الخلابة ، حتى انها لم تعلم كم مر عليها من الوقت حتى وجدتها كاليوبي هناك بعد ساعة ونصف ،
اقتربت المراة منها قائلا :
- لورين عزيزتي ،
اني اسفة لانني تركتك بمفردك ولكني لا اعتقد ،
ان الماتم ملائم لتلتقي فيه ثيو ، و تتعرفين إليه في هذه الظروف ،
إن من مصلحة دريك ان يتكلم مع والده على انفراد أولًا ،
حتى يسويا خلافاتهما قبل ان نحتفل بسعادتك .
ابتسمت لها لورين برقة وهي تقول لها باستفهام وقلق حاولت اخفائه :
- وهل ستفعلان ذلك ؟
ورغم عنها لم تستطيع اخفاء قلقها ، فماذا لو ذهب
جهدها سدى ؟
ماذا لو رفض إرنستو ان يستقبل ابنه في بيته ؟
اجابتها كاليوبي بثقة :
- بالتاكيد ياعزيزتي .
ثم وضعت كاليوبي يدها على معصم لورين المطبق باحكام عندما جلست الى جانبها وهي تقول لها :
- ذهب الرجال الى حانة وهذا سيعطي دريك وثيو فرصة للاسترخاء ، ولمصارحة بعضهما البعض ،
وتأكدي من ان ثيو سيكون مستعدًا لدفن الماضي ،
بعد ان قرر دريك الزواج وللترحيب بعودته في بلفادير .
ثم ترقرقت الدموع في عينيها وهي تقول :
- لقد كانت السنوات الست الماضية بمثابة كابوس لنا جميعًا ،
لكن الان اعتقد إن كسر دريك الصمت بينه وبين والده سنصبح عائلة واحدة من جديد .
جففت دموعها وهي تردف :
- كان ثيو خائفًا من ان يستمر دريك في العيش مع الماضي .....
هزت رأسها بحزن وهي تنظر نحو نحو بعينان دامعة :
- هو لا يريد ان يحصل ذلك لابنه البكر .
عبست لورين وهي تُحدث نفسها ..
لم يبالغ دريك اذا في تصوير الصدع القائم بينه وبين والده .
سألت بتردد :
- هل كانت الامور سيئة بينهما لهذه الدرجة ؟
اجابتها كاليوبي :
كانا دائما على شجار ،
ولكن هذا لا يعني ان ثيو لم يكن مهتما به ،
إذ كان هذا ما تفكرين فيه ....
بخلاف ذلك تمامًا .
ثم اطلقت تنهيدة عميقة وهي تقول لها :
- كانت طريقته في اظهار عاطفته تهدف الى جعله رجلًا قويًا ،
ربما كانت الامور ستختلف
لو بقيت كريستينا على قيد الحياة لم يكن في وسعي التدخل مع انني احبهما كثيرًا ...
توقفت وبدت مرتبكة .
فتوسلت لها لورين :
- ارجوك تابعي ..
لقد اخبرني دريك القليل عن حياته السابقة هذا سيساعدني على معرفته بشكل افضل .
وبقلق رددت :
- ماذا علي ان اخبرك ؟
فكرت كاليوبي مليًا قبل أن تقول :
- انه كان ارستقراطيًا وان العمل الشاق
قد غَيره كما اراد ثيو ، فقد كان يقول دائمًا ،
ازرع قليلًا ؛ تحصد قليلًا .
اشركت لورين موضوع لوكاس في حديثهما بعفوية :
- ماذا عن لوكاس هل كان يعامله بالطريقة
نفسها ؟
نفت كاليوبي سريعًا :
- لا .
تسألت اورين :
- ليس قاسيًا كا دريك !
ضمت كاليوبي حاجبيها مرددة :
- قاس ؟ لا ابدًا ليست كلمة مناسبة ،
لين ربما .
قالت لورين برقة :
- من الواضح ان دريك يحبك جدًا .
اجابتها كاليوبي بفخر :
- اعرف وانا مقدرة له ذلك ،
ليس من السهل تربية ولد
سيدة اخرى ، وجعل طفولته سعيدة ،
لكن دريك لم يكرهني يومًا ،
وبدا مقربًا جدًا من اخيه ،
مع انه يكبره بخمس سنوات .
قالت لها لوريت بإقرار :
- اخبرني دريك انه عاش هنا حتى اصبح في الثانية عشرة من عمره ؟
اجابتها كاليوبي سريعًا :
- هذا صحيح ارسله ثيو الى مدرسة في اثينا ،
بالطبع كان يعود في عطلات الصيف الطويلة ،
وتساءلت في ذلك الوقت اذا كان بعده سيؤثر على علاقته بلوكاس لكنه لم يؤثر
ابدًا ..
ثم اردفت بتباهي :
- لوكاس يحب دريك كثيرًا ، فلقد كان مستعدًا
لأن يفعل اي شيء يأمره به دريك !
لكن دريك لم يستغل ذلك ابدًا ،
ولم يحاول أن يهينه أو يستخف به ،
بسبب انه اصغر سنًا منه أو لانه حساس اكثر من اللزوم .
" بإمكان كل واحد منا أن يتغير "
فكرت لورين
بأسف ،
كان عدم استغلال دريك لاخيه شيئا رائعًا .
زودتها كاليوبي بمعلومات قيمة عن طفولته ،
وجعلتها تعي النظر في موقفها منه .
عرفت الكثير عنه خلال خمس عشرة دقيقة
امضتها مع زوجة والده ،
اكثر مما عرفت في ساعات امضتها برفقته .
سالت لورين بلطف :
- وعندما انتهى من مدرسته ؟
اجابتها :
- عاد الى هنا عندما اصبح في الثامنة عشرة من عمره ، لقد كان رجلًا .
ولم يسعهما البيت الكبير هو و والده .
حدقت في الفراغ للحظة وهي تقول :
- كان وضعًا لا يمكن لاي امراة ان تصلحه ،
ومع ذلك احببت الاثنين كثيرًا .
سألت لورين :
- لماذا كانت الامور سيئة بينهما ؟
اجابتها بضيق :
- اعترف ان ثيو كان يسر في تحريضه ،
بل واجباره على تحدي سلطته ،
كان يشعر برضى تام وهو يرى دريك يقاوم ،
ولقد كان فخورًا بابنه القوي العدائي ،
لكنه لم يسمح له بالفوز مهما كانت وسائله مؤلمة ،
أكملت لها وهي تنظر لها بأسى :
- ترك دريك البيت ورفض أن يدخل الجامعة ،
وبعد ان ادى خدمته العسكرية ،
عاد الى كافوس لكن ليس الى بلفادير ،
اختار العمل مع عرابه والان
تحطمت حياته من جديد بعد أن مات فلاميوس .
سألتها لورين بقلب مضطرب :
- وماذا عن الفتاة التي كان مرتبط بها ؟
لم تذكرها كاليوبي لان قصتها كانت اهانة اخرى لوالده ،
والى جانب ذلك لم يستمر دريك في شركة
آرنستو للبناء منذ سنيتن ،
ومن دون علم والده لم يستعمل ذكاءه بل قوته
الجسدية ،
وذلك لمصلحة الشركة لماذا ؟
هل اعتقد بانها كانت الطريقة الوحيدة
لخلاصه ،
الى أن تعرف بها ووجد انها خيارًا اسهل ؟
ارادت ان تطرح عليها المزيد من
الاسئلة ،
لكنها وجدت نفسها معقودة اللسان ،
بشكل غريب ثم سمعت اصوات بعض
الرجال ، فتوترت اعصابها وتملكها الخوف .
ابتسمت لها كاليوبي وربتت على كتفها قائلة :
- استرخي سيحبك بقدر ما يحب ابنه .
قالت لها كاليوبي بلطف :
- لقد اخبرني دريك الكثير عنك ونحن في طريقنا الى المأتم ،
اخبرني اين التقيتما ،
والطريقة التي وقع بها
في حبك من اول نظرة ،
ثم اكملت بتأكيد :
- صدقيني يا عزيزتي ستسحرين ثيو بالتاكيد .
حتى ياتي الوقت ،
وينتهي فيه دوري !
وقفت لورين غير قادرة على أن تسيطر على
توترها ،
عندها ارتفعت الاصوات ودخل
دريك مع رجل مسن .
بالطبع كان ثيو عرفت على الفور ،
بدا الرجل في أواخر الستين من عمره ،
قدرت طوله بست اقدام ،
شعره داكن ، وجسده متناسق اكثر من الرجل الواقف الى جانبه ، لقد كان الوجه الذي تفحصها برضى تام قاسيًا ،
على الرغم من تلون بشرته الملونة
بلون البرونز نتيجة تعرضها للشمس ،
لقد كانت لحيته اطول .
اقترب دريك منها ،
وطوقها بذراعيه ثم ادارها ويده على معصمها ،
ثم واجه والده قائلا بتوتر :
- هذه لورين المراة التي ساجعلها زوجتي ،
انها كل ما يتمناه الرجل جميلة ومطيعة .
ارتجفت يدها وهي تصافح الرجل ،
واحست ان التوتر يمكن ان يثير التحدي وان عليها ان تدقق في اختيار كلماتها ،
عندها توقف ،
لكنه بدا يتكلم وكانه كان بمفرده معها وهو يقول بتأثر كبير وهو ينظر لعينيها بهيام :
- واني احبها كثيرًا .
ثم احنى راسه وطبع قبلة على خدها .
شعرت بالإهانة الشديدة. ،
من كلمات الحب الفارغة
ولكنها كانت ضعيفة لتمنعه من جرها الى حيث كان يقف والده ليوجه له الحديث :
- هل ترحب بها في بيتك ؟!
ظلت تنقل نظرها بين الرجلين وهي مدركة احاسيسهما العاصفة ،
ثم نظرت الى وجه ثيو آرنستو المتعجرف ولم تجفلها العينان القاسيتان اللتان كانتا تحدقان اليها.
لو انها لاحظت ان موافقتها على خطة
دريك ستضعها في هذا الموقف المحرج
لكانت اختارت ان تعود الى انجلترا وتواجه اي مشكلة تنتظرها .
مهما كان والده قاسيًا معه في الماضي ،
والان بعد ان واجهت ثيو آرنستو وجها لوجه خجلت من دورها وماذا عن كاليوبي ؟
الم يفكر دريك كم ستحزن زوجة والده عندما يفسخا خطوبتهما ؟
تقدم ثيو منها وامسك يدها وقال لها :
- انتِ فتاة جميلة وشجاعة ارحب بك في
بيتي ،
وفي عائلتي واتمنى أن يمنحك المستقبل كل شيء تستحقينه .
ثم اردف سريعًا لينقذ الموقف :
- و الان اعذرانا لبضع لحظات ،
لقد وصلت حقائب لورين وانا متاكد من انها تريد ان تفرغ محتوياتها .
دس دريك يده بيدها عندما تركها ثيو قائلًا :
- هيا يا حبيبتي ساحمل هذه الحقائب الى غرفتك .
قادها دريك الى الطابق العلوي وشعرت بالارتياح بعدما تخلصت من عناق ثيو الحار ،
دلته على غرفتها ، ثم فتحت الباب له وتبعته الى الداخل وهو يضع حقيبتها على االسرير، لتناديه بضيق بان على صوتها :
- دريك .....
ثم واجهته قبل ان تخونها شجاعتها :
- انا اسفة لكنني لا اعتقد بانني استطيع الاستمرار فيما اتفقنا عليه .
ثم لوت يديها معا بلا ووعي ،
وهي تحاول ان تقيم ردة فعله ، وعيناها تتفحصان تعابير وجهة الغامضة ،
ولم تجد شيئا تستطيع ان توازن به شعورها وهي تخبره ما تشعر به :
- لم اشعر بانني مخادعة لهذه الدرجة من قبل في حياتي .
قال بصوت ناعم :
- لقد وافقتِ !
اجابته بحرج :
- نعم لكن تحت التهديد ،
ولم اتصور أن الامر سيكون كهذا يا دريك ،
دافعت عن نفسها بقلب مجروح :
- لقد قبلت عرضك على اساس ان احضر معك كصديقة على وشك الزواج بها ،
كي تقنع والدك بانك على وشك ان
تستقر ، وتجعله يتخذ موقفا وديًا منك ،
لكنني لم اتوقع ان تقوم زوجته باعداد بعض الترتيبات للاحتفال بزواجنا ،
أو حتى انك ستتصالح معهم بهدوء .
اقترب منها بابتسامة لطيفة وهو يسألها :
- هل أنتِ خائفة من أن تستيقظي يومًا ما ،
وتجدي نفسك تسيرين بين المدعووين الى جانبي ؟
قالت بحدة وهي تقف بلا حراك على بعد بضع اقدام منه :
- دريك .. أنا لا امزح على الاطلاق .
وكان هناك قوة في عينيه جمدتها ،
وجعلها اقتراحه تستغرق في تفكير عميق .
ثم زم شفتيه القاسيتين وقضى على املها حين قال :
- وانا ايضا يا لورين ، بتأكيد لا امزح مطلقًا ،
يجب أن تلاحظي كم سيكون الوضع مؤلما لهما اذا حررناهما من
وهمهما بسرعة ،
لا تقلقي سنطلعهما على فسخ الخطوبة
وعلى تلاشي الحب عندما يحين الوقت الملائم ،
اما الان فسنستمر في لعبتنا .
تعمد عدم مساعدتها ولم يرد ان يظهر لها اي تفهم او تعاطف ..
فتلألأ الغضب للحظة في عينيها عندما استقرتا على تعبير وجهه المشدود ، لتسأله بحنق واضح :
- و متى يحين الوقت الملائم ؟
ثم رفعت ذقنها الصغير بتحد لتردف :
- عندما تصبح الحقيقة اقل اهمية ؟
لقد بالغت في تصوير عدائية والدك تجاهك ،
لقد لاحظت انه بدا مسرورًا جدًا برؤيتك من جديد .
اجابها بإقرار :
- لانه يعتبرك خلاصي !