الفصل الثاني
في غرفة يوسف
... حيث يجلس على السرير.. بجانب القردة الممدده و يديها مضمضه في شاش طبي..
علي إطار الباب يقف و الد يوسف بجانب والدته التي تطل براسها داخل الغرفة بحركة شعبية تتحسر على بكرها
( يا حسرة قلبي علينا الواد الربع اللي كان في عقله طار خلاص... ده بيعامل القردة ولا اكنها بني آدمة)
ضربت كف على الآخر بحسرة وهي تكمل
( خرب البيت و ولع في التلفزيون و مهمهوش حاجة غير السنيورة... عوض عليكي ربنا يا نجاح في الدكتور اللي حيلتك)
صمتت تسمتع لولدها وهو يتحدث مع القردة بحزن
... فلوت فمها بقلة حيلة
( فداكي يا قلبي ميت تلفزيون و مليون طبق... المهم انك بخير يا روحي)
تحدثت والدته ل والد يوسف الذي يتابع بصمت...
( المفعن بيضحي من جيبة... وربنا لادفعة حق الحاجات اللي اتكسرت دي)
امسك يوسف ذراع القردة و تحدث بحزن و خفوت وهو يتحسس ذراع القردة
( بيوجعك يا منوش.. بيوجعك يا حبي؟ ...)
اصدرت القردة صوت تاوه يدل على تالمها
فصاحا الاخر بنبرة باكية وهو يقبل ذراعها
( حقك عليا حقك عليا... عارف انك كنتي غيرانه من العروسة... تغور في داهية يا حبيبتي... عمري ما هتجوز ابدا..ولا تزعلي نفسك .)
لطمت والدته على خديها وهي تنظر ل زوجها بعيون واسعه.. متمتمه بجنون...
( ألحق يا سعيد ده مش هيتجوز و خايف على شعور النسناس... ألحق يا سعيد اللي دفعنا دم قلبنا عليه ... عشان يبقا دكتور نرفع راسنا بيه... قاعد بيراضي النسناس...)
ارتفعت زاوية فم الحاج سعيد بقلة حيلة... ثم تمتم بسخرية ...
( قولتلك يبقا دكتور حمير احسن من المجانين اهو بقا نسخة منهم.)
لم تكد تتكلم حتى رأت ولدها الأصغر... يدخل وفي يده حقيبة بلاستيكية سوداء كبيرة... فنظرت له بعدم فهم....
اردفت حينما اقترب منهم يدفعهم برفق حتي يدخل الغرفة ...
( فيها أي يا واد الشنطة دي)
تحرك زياد وهو يدعي الجدية وكأن هناك أمر هام جدا في الحقيبه..و يتحرك من بين والديه الذي يغلقو باب الغرفة باجسادهم سريعا
( وسعوا يا جماعة... يوسف هينفخني على التأخير ده....)
نظروا له بذهول... ثم تابعوه وهو يدخل الغرفة و يضع الحقيبة على الفراش بجانب يوسف
( اتفضل يا عم الخمسة كيلو موز أهم)
فتح يوسف الحقيبة سريعا يخرج الموز ل القردة... و هو يطعمها بلهفه كإنها إبنته
لطمت نجاح على صدرها بغيظ.... وهي تصيح بصوت عالي و تهجم على الغرفة
( بقا يا معفن رايح تجيب للقردة موز و سايب البيت اللي خربته و ولعت فيه ده... رايح تصرف و تبزغ على القردة... وانت عاطل مطرود من كل مستشفى تروحها...)
خلعت خفها.... و اخذت تركض في الغرفة خلف يوسف الذي اخذ يهرول في الغرفة وهو ينظر له بحنق وغيظ ....
( وربنا لو ما جبت تلفزيون و أطباق بدل اللي اتكسرت ما انت قاعد فيها...)
صرخ يوسف بغيظ من والدته...
( طب سبيني أكلها الاول انتي مش شايفه حالتها.. و لا قلبك ده اي بقا قاسي خلاص ...)
انهي حديثة بتاثر مصطنع ... ثم نظر لوالده الذي ينظر لهم بشرود
( شايف يا حاج مراتك... شايف عمايلها... ازي هقدر أامان على منة "اسم القردة" معاها الساعتين اللي هروح أخد أجازة من المستشفى فيهم و ارجع اعتني بيها )
اخيرا تحدث والده.. و اردف بتسأل وهدوء وهو يشير ل زوجته حتى تتوقف...
( المستشفى اللي انت لسا متعين فيها دي و مكملتش شهر ؟ بعد ما جبنالك وسطة بالعافية )
اوما يوسف بثقة.. وبسمة غبية تلوح علي وجهة
ف إبتسم والده بصفرار... ثم تحرك داخل الغرفة وهم ينظروا له بعدم فهم...
فقام بحمل القردة و إعطائها ل يوسف المتعجب فحملها يوسف وهو ينظر ل والده بعدم فهم...
و عاد الاب مره آخرى للفراش جذب حقيبة الموز و أعطاها ل زياد.. فحملها زياد بعدم فهم...
ثم جذب ولديه بصمت من ذراعيهما ... و تحرك بهما للخارج تحت ذهول الجميع...
حتى خرج عند باب الشقة
تحدث يوسف بعدم فهم
( مالك يا حاج فيه اي... واخدنا علي فين طيب ...؟)
فتح الاب الباب الخاص بالشقة و قام بدفع يوسف و زياد.. للخارج ودفعهم بغيظ مردفا بنفاذ صبر وهو يغلق الباب
( غور ياكلب منك ليه من هنا... على اخر الزمن هعيش مع مجانين...)
سمع صوت ضحكات والديه من الخارج... وكأنه قام بدفعهم للتنزه وليس قام بطردهما..
نظرت له نجاح بحزن... فاشار لها بالا تتحدث...
( مش عاوز نفس... بيت المجانين ده عاوز ارتاح شوية فيه ..)
*****************
في صباح يوم جديد
في قصر الفيشاوي... في الحديقه الخاصه بالقصر شاسعة المساحة.. كان يركض باسم يؤدي تمارين الصباح بها مرتدي بنطال قصير و تيشيرت بدن اكمام
وجد عمه هشام والد ملك ينضم له..
( صباح الخير يا باسم)
رد باسم وهو يركض بجانب عمه و العرق يتصبب منه ببسمة جميلة
(صباح النور يا دكتور)
تحدث عمه بخفوت وهو يركض بجانب إبن اخيه ف الحديقه
( قولي يا باسم انت واثق من الدكتور اللي بتقول عليه ده؟)
رد باسم وهو مستمر ف الركض كاتم ضحكاته
( هو شخصية غريبة اوي وبيستخدم طرق عجيبه في العلاج... و صراحة كل الناس بتشكر فيه رغم انه غريب شوية)
ابتسم هشام
(جميل جميل اكيد ده دكتور مخضرم عشان يكون بالنجاح ده)
اوما باسم وهو يكتم ضحكاته بصعوبه.. ويشوبه حماس شديد لرؤية يوسف في قصر الفيشاوي وكيف سيتعامل مع جدة
( بس يا عمي ازي هتقنع جدي اقصد الدكتور حسن بالدكتور ده)
توقف هشام عن الركض و اردف بهدوء
( جدك مش هيعرف... لازم مانسبش فرصه عشان ملك بنتي ترجعلي تاني.. كان زمانها دلوقتي في ربعه طب. خمس سنين
و بنتي معرفش فيها أي ولا بتتحرك ولا بتتكلم.... انا تعبت خلاص يا باسم لازم بنتي تقوم دي وحيدتي و وريثتي.. لازم ماسبش فرصه إلا و أجربها)
اوما له باسم بحزن علي تلك الملاك الجميل الذي سرقت قلبه من اول يوم رأها به حينما عاد من الخارج...
حيث كان يقضي معظم حياته يدرس في الخارج و تخرج من اكبر الجامعات
( ما تقلقش يا عمي الموضوع هيكون سر ان شاء الله
و نعرف كل اللي في البيت و نخبي عن جدي.. انا هروح النهرده المستشفي اللي بيشتغل فيها)
*********************
في احدي المستشفيات الحكومية الخاصة بالامراض العقلية
...
دقي يا مزيكة.
********************************
****************
كان هذا الصوت الاغنية الصادره من احد العنابر الخاصة بالمرضي..
حيث قام يوسف بتجميع الأسره ..
و قام بإخلاء مساحة و تجميع جميع المرضي في المنتصف و يمسك دف ويخبط عليه و جميع المرضي يصقفو بايديهم و البعض منهم يرقص بحركات عشوائيه
و ضحكاتهم تتعالي بصخب.. و صرخاتهم الحماسية ترتفع.. بفرحه شديده...
انضم لهم يوسف يرقص في المنتصف وهو يغني بصوت عالي مع الاغنيه و الصراخ الحماسي السعيد يتعالي و يصقف بيده بصوت عالي
ارتفع صراخ المرضي بحماس و سعادة في العنبر و نسوا انفسهم ونسي يوسف انهم في المشفي و اخذو يغنوا بصوت عالي
...........
اغمض يوسف عينيه و اندمج مع الاغنيه و هو يغني بصوووت عااالي جدااا و يصفق بيده ولم يشعر بأن الاغنيه توقفت و الجميع صمت و المرضي توقفوا عن الرقص و الغناء و هو فقط من يغني بصوته السيئ
الطلبه دي **********
كان الجميع ينظر له بشفقه حتي المرضي... ف المدير يقف علي باب العنبر مع بعض الأطباء
و الممرضات التي اخذت بعضهن تلطم علي خديها و البعض الاخر يكتم ضحكاته بصعوبه
الغزاله **********************
توقف يوسف فجاءة وهو يشعر بوجود شئ خاطئ.
فوجد الصمت يخيم علي المكان... ففتح عينيه سريعا وجد المرضي يكتمو ضحكاتهم عليه و هم ينظرو لخلفه.
ففهم سريعا... ان المدير يقف خلفه
فحرك شفتيه بهمس للمرضي امامه وهو ينظر لهم بملامح باكية
( ورايا صح؟ )
حركوا جميعهم رأسهم بمعني نعم...
فلطم خديه سريعا
ثم جذب الدف سريعا وخبط عليه وهو يشير للمرضي ويلتف للمدير
ثم يغني بصوت عاااالي و المرضي يرددو خلفو... حتي بعض الممرضات اندمجن معه و اخذو يصفقوا بصوت عالي.. و يوسف ينظر للمدير ويغني بعلو صوته
( ده ايه ده ده اي***********
ارتفع صوت المرضي وهم يصقفوا بصوت عالي خلف يوسف..
صرخ المدير بغضب سريعااااا حتي يوقف هذه المهزلة
(بــــــــــــــــــــــــــــس... يـــــــــــــــــوسفـــــــــــــــــــ علي مكتبي )
ثم تحرك سريعا يدفع الاطباء بغيظ
فغني يوسف سريعا وهو يخبط علي الدف و الجميع يصقف خلفه و يرددو الاغنيه.. بمرح وسعادة
( يــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوســـــــــــــــــف)
توقفوا سريعا وهم يكتموا ضحكاتهم علي صوت صراخ المدير من خارج العنبر
رمي يوسف الدف سريعا بحركة كوميديه و هرول سريعا للخارج خلف المدير...
انفجر الجميع في الضحك بشده
************
في غرفة المدير
صرخ المدير بجنون وغيظ وهو يخبط علي مكتبة
( كــــــــبارية.. قلبت المستشفى علي اخر الزمن كبارية يا دكتور... اعمل فيك أي قولي اعمل اي... ده انا بقيت ماشي اكلم نفسي في الشارع بسببك... هحجزلي اوضه في المستشفي بسببك )
كتم يوسف ضحكاته... ثم صاح سريعا بصوت خرج مازح رغما عنه
( اهدي ياباشا اقصد يا دكتور هيحصلك حاجة.. وانت عضمة كبيره هيحصلك حاجه)
توسعت عين المدير بصدمه
فبلع يوسف ريقه بتوتر و تحدث سريعا بدون تفكير
( ااي مالك مصدوم ليه... مانت عضمة كبيره... يييييه اقصد حضرتك حديد ولسا شباب اه والله شباب.)
شعر المدير بضيق في التنفس... ف اشار ل يوسف كي يخرج وهو يجاهد للحديث... و يوسف يقف امامه بغباء يكاد يصيب المدير بازمه قلبية
تلفت يوسف حوله بغباء وهو يبحث عما يشير عليه المدير...
ثم نظر للمدير بعدم فهم
( بتدور علي ايه)
فصرخ المدير بجنون و هو يبحث عن شئ يلقيه علي رأس يوسف
( بـــــــــــــــــــررررررررا.... مش عاوز اشوف خلقتك ل شهر كامل)
لوي يوسف شفتيه بحنق.
صرخ المدير مره اخري وهو يلقي يوسف باحدي التحف المعدنية
( مـــــــــــطرررود)
هرول يوسف سريعا للخارج يتفادي القطعه المعدنية التي ارتطمت في الباب الخاص بالمكتب.
خرج يوسف من المشفي وهو يتمتم بغيظ ولعن حظه العاثر و يثب المدير... فها هو طرد لمدة شهر كامل.
و كاد يوقف سيارة اجري حتي يذهب للمنزل... اذا به يجد سيارة فخمة من احدث إصدارات العام.
ففغر فاه و توسعت عينيه بصدمه فتلك السيارة كان يراها في التلفاز فقط...
نزل باسم من السيارة و وقف امام يوسف الذي مازال يرمق السيارة بفاه فاغر وعدم تصديق ...
فابتسم باسم بغرور... ثم مد كف يده ل يوسف مردفا بثقه وهو يرفع نظارته السوداء فوق خصلاته بحركة مختاله
( باسم الفيشاوي... دكتور جراحة)
توسعت عين يوسف بذهول فمن لا يعرف عائله الفيشاوي عائلة الاطباء جميع افرادها اطباء و اغني اغنياء البلد
مد يده سريعا يصافح باسم ببسمة سعيده مردفا هو الاخر بغرور
( الدكتور يوسف... مخ و اعصابي)
تمتم باسم ببسمة
( معروف يا دكتور مش محتاج تعريف)
نفخ يوسف صدره بغرور مصطنع وهو يقف امام باسم.
فكتم باسم ضحكاته... ثم اردف بجدية
( ممكن اخد من وقتك نص ساعة)
ادعي يوسف الانشغال وهو ينظر في ساعة معصمه بثقة و كإنه لم يطرد منذ قليل.
( اممم ياريت يكون بسرعة يا دكتور باسم ورايا مواعيد مهمة جدااا)
اوما باسم وهو يشير علي سيارته
( اكيد اكيد... اتفضل معايا نقعد في اي كافيه...)
اوما يوسف و ركب السيارة و انطلق باسم سريعا
في احد المقاهي الشبابيه..
يجلس يوسف امام باسم.
اردف باسم بهدوء... فنظر له يوسف بتركيز
( بنت عمي من اربع سنين.. كانت في ثانوية عامه
.. صحينا في يوم لقيناها مرميه علي ارضية اوضتها بدون حركه مغمي عليها... حاولنا نفوقها... ولما فاقت للاسف ما بتتكلمش او تتحرك ومنعرفش اي السبب... طبعا عمي ما سكتش... سفرها برا و عمليات و علاج نفسي وكل ده ومحدش عارف اي السبب او حتي يعالجها لحد دلوقتي ..
بقالها خمس سنين ولا بتتكلم او تتحرك... وصراحة سمعت عنك انك قدرت تعالج كذا حاله اهلها جالهم يأس من علاجها... عشان كدا انا جايلك النهرده المبلغ اللي تطلبه... و كمان لو حابب انا بنفسي ممكن اخدلك اجازه من المستشفي.... عشان تيجيي القصر عندنا تباشر الحاله و تاخد الوقت اللي محتاجة معاها براحتك )
غمغم يوسف سريعا وهو يرتشف قهوته
( لا مش محتاج تاخدلي اجازه)
نظر له باسم بعدم فهم
فتحدث يوسف سريعا بمرح
( قصدي ياعني المدير ده حبيبي وما بيرفضليش طلب سيب الموضوع ده عليا ..)
اوما له باسم ببسمة
صمت يوسف للحظات ثم سأل باسم وهو يدعي الجديه
( و الانسه بنت عمك.. كان نفسها تطلع اي..؟)
نظر له باسم بعدم فهم
فغمغم يوسف سريعا بمرح
( اقصد يعني... الكلية اللي حباها... يمكن ماكنتش عاوزه طب.. وانتوا مثلا غصبتوا عليها عشان محدش يخرج عن القاعده و كل العيلة دكاترة)
انفجر باسم في الضحك فشاركة يوسف...
بعد قليل... اتفقا علي ان يأتي يوسف في صباح اليوم التالي للقصر....
****************************
عاد يوسف للمنزل.. وهو يحمل الكثير من الاكياس...
اخذ يصيح بصوت عالي
( اميي أمي يا نجاح...)
خرجت والدته سريعا من المبطخ وهي ترد بغيظ..
( اي يا بغل بتنادي في سوق...)
ثم وقع نظرها علي الاكياس...
فرفعت نظرها له مردفه بتعجب...
( اي ده يا واد الشنط دي كلها...)
تحرك يوسف ناحية الاريكة و جلس عليها واضع قدم فوق الاخري.. مردفا بغرور مصطنع
( دول شويه حاجات بسيطة يا أمي لزوم البيت )
رفعت الأم حاجبها بتهكم و سخرية...
( وده من اي ان شاء الله... هو انت لاقي تأكل نفسك)
اعتدل يوسف في جلسته بإحراج... ثم تمتم سريعا بقوه وثقة...
( لاااااا ده كان زمان يا حجة...)
نهض و وقف امام والدته التي تعجبت من ثقته
(كان زمان تفضلو تهينوا فيااا انا انا دلوقتي دكتور مطلوب في افخم العائلات و القصور)
ضيقت الام عينيها بعدم فهم
(يعني اي ياود )
... حيث يجلس على السرير.. بجانب القردة الممدده و يديها مضمضه في شاش طبي..
علي إطار الباب يقف و الد يوسف بجانب والدته التي تطل براسها داخل الغرفة بحركة شعبية تتحسر على بكرها
( يا حسرة قلبي علينا الواد الربع اللي كان في عقله طار خلاص... ده بيعامل القردة ولا اكنها بني آدمة)
ضربت كف على الآخر بحسرة وهي تكمل
( خرب البيت و ولع في التلفزيون و مهمهوش حاجة غير السنيورة... عوض عليكي ربنا يا نجاح في الدكتور اللي حيلتك)
صمتت تسمتع لولدها وهو يتحدث مع القردة بحزن
... فلوت فمها بقلة حيلة
( فداكي يا قلبي ميت تلفزيون و مليون طبق... المهم انك بخير يا روحي)
تحدثت والدته ل والد يوسف الذي يتابع بصمت...
( المفعن بيضحي من جيبة... وربنا لادفعة حق الحاجات اللي اتكسرت دي)
امسك يوسف ذراع القردة و تحدث بحزن و خفوت وهو يتحسس ذراع القردة
( بيوجعك يا منوش.. بيوجعك يا حبي؟ ...)
اصدرت القردة صوت تاوه يدل على تالمها
فصاحا الاخر بنبرة باكية وهو يقبل ذراعها
( حقك عليا حقك عليا... عارف انك كنتي غيرانه من العروسة... تغور في داهية يا حبيبتي... عمري ما هتجوز ابدا..ولا تزعلي نفسك .)
لطمت والدته على خديها وهي تنظر ل زوجها بعيون واسعه.. متمتمه بجنون...
( ألحق يا سعيد ده مش هيتجوز و خايف على شعور النسناس... ألحق يا سعيد اللي دفعنا دم قلبنا عليه ... عشان يبقا دكتور نرفع راسنا بيه... قاعد بيراضي النسناس...)
ارتفعت زاوية فم الحاج سعيد بقلة حيلة... ثم تمتم بسخرية ...
( قولتلك يبقا دكتور حمير احسن من المجانين اهو بقا نسخة منهم.)
لم تكد تتكلم حتى رأت ولدها الأصغر... يدخل وفي يده حقيبة بلاستيكية سوداء كبيرة... فنظرت له بعدم فهم....
اردفت حينما اقترب منهم يدفعهم برفق حتي يدخل الغرفة ...
( فيها أي يا واد الشنطة دي)
تحرك زياد وهو يدعي الجدية وكأن هناك أمر هام جدا في الحقيبه..و يتحرك من بين والديه الذي يغلقو باب الغرفة باجسادهم سريعا
( وسعوا يا جماعة... يوسف هينفخني على التأخير ده....)
نظروا له بذهول... ثم تابعوه وهو يدخل الغرفة و يضع الحقيبة على الفراش بجانب يوسف
( اتفضل يا عم الخمسة كيلو موز أهم)
فتح يوسف الحقيبة سريعا يخرج الموز ل القردة... و هو يطعمها بلهفه كإنها إبنته
لطمت نجاح على صدرها بغيظ.... وهي تصيح بصوت عالي و تهجم على الغرفة
( بقا يا معفن رايح تجيب للقردة موز و سايب البيت اللي خربته و ولعت فيه ده... رايح تصرف و تبزغ على القردة... وانت عاطل مطرود من كل مستشفى تروحها...)
خلعت خفها.... و اخذت تركض في الغرفة خلف يوسف الذي اخذ يهرول في الغرفة وهو ينظر له بحنق وغيظ ....
( وربنا لو ما جبت تلفزيون و أطباق بدل اللي اتكسرت ما انت قاعد فيها...)
صرخ يوسف بغيظ من والدته...
( طب سبيني أكلها الاول انتي مش شايفه حالتها.. و لا قلبك ده اي بقا قاسي خلاص ...)
انهي حديثة بتاثر مصطنع ... ثم نظر لوالده الذي ينظر لهم بشرود
( شايف يا حاج مراتك... شايف عمايلها... ازي هقدر أامان على منة "اسم القردة" معاها الساعتين اللي هروح أخد أجازة من المستشفى فيهم و ارجع اعتني بيها )
اخيرا تحدث والده.. و اردف بتسأل وهدوء وهو يشير ل زوجته حتى تتوقف...
( المستشفى اللي انت لسا متعين فيها دي و مكملتش شهر ؟ بعد ما جبنالك وسطة بالعافية )
اوما يوسف بثقة.. وبسمة غبية تلوح علي وجهة
ف إبتسم والده بصفرار... ثم تحرك داخل الغرفة وهم ينظروا له بعدم فهم...
فقام بحمل القردة و إعطائها ل يوسف المتعجب فحملها يوسف وهو ينظر ل والده بعدم فهم...
و عاد الاب مره آخرى للفراش جذب حقيبة الموز و أعطاها ل زياد.. فحملها زياد بعدم فهم...
ثم جذب ولديه بصمت من ذراعيهما ... و تحرك بهما للخارج تحت ذهول الجميع...
حتى خرج عند باب الشقة
تحدث يوسف بعدم فهم
( مالك يا حاج فيه اي... واخدنا علي فين طيب ...؟)
فتح الاب الباب الخاص بالشقة و قام بدفع يوسف و زياد.. للخارج ودفعهم بغيظ مردفا بنفاذ صبر وهو يغلق الباب
( غور ياكلب منك ليه من هنا... على اخر الزمن هعيش مع مجانين...)
سمع صوت ضحكات والديه من الخارج... وكأنه قام بدفعهم للتنزه وليس قام بطردهما..
نظرت له نجاح بحزن... فاشار لها بالا تتحدث...
( مش عاوز نفس... بيت المجانين ده عاوز ارتاح شوية فيه ..)
*****************
في صباح يوم جديد
في قصر الفيشاوي... في الحديقه الخاصه بالقصر شاسعة المساحة.. كان يركض باسم يؤدي تمارين الصباح بها مرتدي بنطال قصير و تيشيرت بدن اكمام
وجد عمه هشام والد ملك ينضم له..
( صباح الخير يا باسم)
رد باسم وهو يركض بجانب عمه و العرق يتصبب منه ببسمة جميلة
(صباح النور يا دكتور)
تحدث عمه بخفوت وهو يركض بجانب إبن اخيه ف الحديقه
( قولي يا باسم انت واثق من الدكتور اللي بتقول عليه ده؟)
رد باسم وهو مستمر ف الركض كاتم ضحكاته
( هو شخصية غريبة اوي وبيستخدم طرق عجيبه في العلاج... و صراحة كل الناس بتشكر فيه رغم انه غريب شوية)
ابتسم هشام
(جميل جميل اكيد ده دكتور مخضرم عشان يكون بالنجاح ده)
اوما باسم وهو يكتم ضحكاته بصعوبه.. ويشوبه حماس شديد لرؤية يوسف في قصر الفيشاوي وكيف سيتعامل مع جدة
( بس يا عمي ازي هتقنع جدي اقصد الدكتور حسن بالدكتور ده)
توقف هشام عن الركض و اردف بهدوء
( جدك مش هيعرف... لازم مانسبش فرصه عشان ملك بنتي ترجعلي تاني.. كان زمانها دلوقتي في ربعه طب. خمس سنين
و بنتي معرفش فيها أي ولا بتتحرك ولا بتتكلم.... انا تعبت خلاص يا باسم لازم بنتي تقوم دي وحيدتي و وريثتي.. لازم ماسبش فرصه إلا و أجربها)
اوما له باسم بحزن علي تلك الملاك الجميل الذي سرقت قلبه من اول يوم رأها به حينما عاد من الخارج...
حيث كان يقضي معظم حياته يدرس في الخارج و تخرج من اكبر الجامعات
( ما تقلقش يا عمي الموضوع هيكون سر ان شاء الله
و نعرف كل اللي في البيت و نخبي عن جدي.. انا هروح النهرده المستشفي اللي بيشتغل فيها)
*********************
في احدي المستشفيات الحكومية الخاصة بالامراض العقلية
...
دقي يا مزيكة.
********************************
****************
كان هذا الصوت الاغنية الصادره من احد العنابر الخاصة بالمرضي..
حيث قام يوسف بتجميع الأسره ..
و قام بإخلاء مساحة و تجميع جميع المرضي في المنتصف و يمسك دف ويخبط عليه و جميع المرضي يصقفو بايديهم و البعض منهم يرقص بحركات عشوائيه
و ضحكاتهم تتعالي بصخب.. و صرخاتهم الحماسية ترتفع.. بفرحه شديده...
انضم لهم يوسف يرقص في المنتصف وهو يغني بصوت عالي مع الاغنيه و الصراخ الحماسي السعيد يتعالي و يصقف بيده بصوت عالي
ارتفع صراخ المرضي بحماس و سعادة في العنبر و نسوا انفسهم ونسي يوسف انهم في المشفي و اخذو يغنوا بصوت عالي
...........
اغمض يوسف عينيه و اندمج مع الاغنيه و هو يغني بصوووت عااالي جدااا و يصفق بيده ولم يشعر بأن الاغنيه توقفت و الجميع صمت و المرضي توقفوا عن الرقص و الغناء و هو فقط من يغني بصوته السيئ
الطلبه دي **********
كان الجميع ينظر له بشفقه حتي المرضي... ف المدير يقف علي باب العنبر مع بعض الأطباء
و الممرضات التي اخذت بعضهن تلطم علي خديها و البعض الاخر يكتم ضحكاته بصعوبه
الغزاله **********************
توقف يوسف فجاءة وهو يشعر بوجود شئ خاطئ.
فوجد الصمت يخيم علي المكان... ففتح عينيه سريعا وجد المرضي يكتمو ضحكاتهم عليه و هم ينظرو لخلفه.
ففهم سريعا... ان المدير يقف خلفه
فحرك شفتيه بهمس للمرضي امامه وهو ينظر لهم بملامح باكية
( ورايا صح؟ )
حركوا جميعهم رأسهم بمعني نعم...
فلطم خديه سريعا
ثم جذب الدف سريعا وخبط عليه وهو يشير للمرضي ويلتف للمدير
ثم يغني بصوت عاااالي و المرضي يرددو خلفو... حتي بعض الممرضات اندمجن معه و اخذو يصفقوا بصوت عالي.. و يوسف ينظر للمدير ويغني بعلو صوته
( ده ايه ده ده اي***********
ارتفع صوت المرضي وهم يصقفوا بصوت عالي خلف يوسف..
صرخ المدير بغضب سريعااااا حتي يوقف هذه المهزلة
(بــــــــــــــــــــــــــــس... يـــــــــــــــــوسفـــــــــــــــــــ علي مكتبي )
ثم تحرك سريعا يدفع الاطباء بغيظ
فغني يوسف سريعا وهو يخبط علي الدف و الجميع يصقف خلفه و يرددو الاغنيه.. بمرح وسعادة
( يــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوســـــــــــــــــف)
توقفوا سريعا وهم يكتموا ضحكاتهم علي صوت صراخ المدير من خارج العنبر
رمي يوسف الدف سريعا بحركة كوميديه و هرول سريعا للخارج خلف المدير...
انفجر الجميع في الضحك بشده
************
في غرفة المدير
صرخ المدير بجنون وغيظ وهو يخبط علي مكتبة
( كــــــــبارية.. قلبت المستشفى علي اخر الزمن كبارية يا دكتور... اعمل فيك أي قولي اعمل اي... ده انا بقيت ماشي اكلم نفسي في الشارع بسببك... هحجزلي اوضه في المستشفي بسببك )
كتم يوسف ضحكاته... ثم صاح سريعا بصوت خرج مازح رغما عنه
( اهدي ياباشا اقصد يا دكتور هيحصلك حاجة.. وانت عضمة كبيره هيحصلك حاجه)
توسعت عين المدير بصدمه
فبلع يوسف ريقه بتوتر و تحدث سريعا بدون تفكير
( ااي مالك مصدوم ليه... مانت عضمة كبيره... يييييه اقصد حضرتك حديد ولسا شباب اه والله شباب.)
شعر المدير بضيق في التنفس... ف اشار ل يوسف كي يخرج وهو يجاهد للحديث... و يوسف يقف امامه بغباء يكاد يصيب المدير بازمه قلبية
تلفت يوسف حوله بغباء وهو يبحث عما يشير عليه المدير...
ثم نظر للمدير بعدم فهم
( بتدور علي ايه)
فصرخ المدير بجنون و هو يبحث عن شئ يلقيه علي رأس يوسف
( بـــــــــــــــــــررررررررا.... مش عاوز اشوف خلقتك ل شهر كامل)
لوي يوسف شفتيه بحنق.
صرخ المدير مره اخري وهو يلقي يوسف باحدي التحف المعدنية
( مـــــــــــطرررود)
هرول يوسف سريعا للخارج يتفادي القطعه المعدنية التي ارتطمت في الباب الخاص بالمكتب.
خرج يوسف من المشفي وهو يتمتم بغيظ ولعن حظه العاثر و يثب المدير... فها هو طرد لمدة شهر كامل.
و كاد يوقف سيارة اجري حتي يذهب للمنزل... اذا به يجد سيارة فخمة من احدث إصدارات العام.
ففغر فاه و توسعت عينيه بصدمه فتلك السيارة كان يراها في التلفاز فقط...
نزل باسم من السيارة و وقف امام يوسف الذي مازال يرمق السيارة بفاه فاغر وعدم تصديق ...
فابتسم باسم بغرور... ثم مد كف يده ل يوسف مردفا بثقه وهو يرفع نظارته السوداء فوق خصلاته بحركة مختاله
( باسم الفيشاوي... دكتور جراحة)
توسعت عين يوسف بذهول فمن لا يعرف عائله الفيشاوي عائلة الاطباء جميع افرادها اطباء و اغني اغنياء البلد
مد يده سريعا يصافح باسم ببسمة سعيده مردفا هو الاخر بغرور
( الدكتور يوسف... مخ و اعصابي)
تمتم باسم ببسمة
( معروف يا دكتور مش محتاج تعريف)
نفخ يوسف صدره بغرور مصطنع وهو يقف امام باسم.
فكتم باسم ضحكاته... ثم اردف بجدية
( ممكن اخد من وقتك نص ساعة)
ادعي يوسف الانشغال وهو ينظر في ساعة معصمه بثقة و كإنه لم يطرد منذ قليل.
( اممم ياريت يكون بسرعة يا دكتور باسم ورايا مواعيد مهمة جدااا)
اوما باسم وهو يشير علي سيارته
( اكيد اكيد... اتفضل معايا نقعد في اي كافيه...)
اوما يوسف و ركب السيارة و انطلق باسم سريعا
في احد المقاهي الشبابيه..
يجلس يوسف امام باسم.
اردف باسم بهدوء... فنظر له يوسف بتركيز
( بنت عمي من اربع سنين.. كانت في ثانوية عامه
.. صحينا في يوم لقيناها مرميه علي ارضية اوضتها بدون حركه مغمي عليها... حاولنا نفوقها... ولما فاقت للاسف ما بتتكلمش او تتحرك ومنعرفش اي السبب... طبعا عمي ما سكتش... سفرها برا و عمليات و علاج نفسي وكل ده ومحدش عارف اي السبب او حتي يعالجها لحد دلوقتي ..
بقالها خمس سنين ولا بتتكلم او تتحرك... وصراحة سمعت عنك انك قدرت تعالج كذا حاله اهلها جالهم يأس من علاجها... عشان كدا انا جايلك النهرده المبلغ اللي تطلبه... و كمان لو حابب انا بنفسي ممكن اخدلك اجازه من المستشفي.... عشان تيجيي القصر عندنا تباشر الحاله و تاخد الوقت اللي محتاجة معاها براحتك )
غمغم يوسف سريعا وهو يرتشف قهوته
( لا مش محتاج تاخدلي اجازه)
نظر له باسم بعدم فهم
فتحدث يوسف سريعا بمرح
( قصدي ياعني المدير ده حبيبي وما بيرفضليش طلب سيب الموضوع ده عليا ..)
اوما له باسم ببسمة
صمت يوسف للحظات ثم سأل باسم وهو يدعي الجديه
( و الانسه بنت عمك.. كان نفسها تطلع اي..؟)
نظر له باسم بعدم فهم
فغمغم يوسف سريعا بمرح
( اقصد يعني... الكلية اللي حباها... يمكن ماكنتش عاوزه طب.. وانتوا مثلا غصبتوا عليها عشان محدش يخرج عن القاعده و كل العيلة دكاترة)
انفجر باسم في الضحك فشاركة يوسف...
بعد قليل... اتفقا علي ان يأتي يوسف في صباح اليوم التالي للقصر....
****************************
عاد يوسف للمنزل.. وهو يحمل الكثير من الاكياس...
اخذ يصيح بصوت عالي
( اميي أمي يا نجاح...)
خرجت والدته سريعا من المبطخ وهي ترد بغيظ..
( اي يا بغل بتنادي في سوق...)
ثم وقع نظرها علي الاكياس...
فرفعت نظرها له مردفه بتعجب...
( اي ده يا واد الشنط دي كلها...)
تحرك يوسف ناحية الاريكة و جلس عليها واضع قدم فوق الاخري.. مردفا بغرور مصطنع
( دول شويه حاجات بسيطة يا أمي لزوم البيت )
رفعت الأم حاجبها بتهكم و سخرية...
( وده من اي ان شاء الله... هو انت لاقي تأكل نفسك)
اعتدل يوسف في جلسته بإحراج... ثم تمتم سريعا بقوه وثقة...
( لاااااا ده كان زمان يا حجة...)
نهض و وقف امام والدته التي تعجبت من ثقته
(كان زمان تفضلو تهينوا فيااا انا انا دلوقتي دكتور مطلوب في افخم العائلات و القصور)
ضيقت الام عينيها بعدم فهم
(يعني اي ياود )