الفصل الرابع
جلس "عزمي" على شرفة الفيلا واجماً , أقبلت "كريمة" وتطلعت الى ابنها الساكن , اقتربت منه ووضعت كفها على كتفه , فإنتبه "عزمي" لوجودها وأمسك يدها وقبلها وابتسم
لها , بادلته أمه الإبتسامه وجلست على المقعد المجاور له قائله :
مالك يا "حبيبي" شكلك مش عاجبنى من ساعة ما رجعت انت و "ليلي" من شرم .. حصل حاجة يا ابنى ؟ .. قولى احكيلي .. أنا أمك ويمكن أقدر أساعدك
لا أبداً يا أمي مفيش حاجة
"عزمي" انت طول عمرك صريح معايا , مش عايز تقولى مالك خلاص هحترم رغبتك لكن ما تكدبش عليا
شعر بالحرج من كلامها واعتذر اليها قائلاً :
آسف يا أمى بس مضايق شوية
من "ليلي " ؟
لا مش من "ليلي" .. من تصرفاتها
فزورة دى ولا ايه ؟
لا مش فزورة .. "ليلي" اتربت تربية مختلفة عنى شوية .. وده لأن أصلاً أهلها مختلفين عنك وعن بابا .. ادوها حرية بدون حدود او قيود .. ويمكن كانت فاكرة عشان
أنا راجل وغني يبقى مفيش عندى خطوط حمرا .. بس أنا بحاول أطبعها بطبعي بس شكلها هتتعبنى شوية
فكرت كريمه فى كلامه ثم قالت : "عزمي" انت لسه على البر , يعني لو شايف ان "ليلي" .......
قاطعها "عزمي" قائلاً :
ماما أنا بحب "ليلي" ومش هسيبها .. وبعدين أنا واثق انها تقدر تتغير للأحسن وتقدر تتنازل عن الحاجات اللى بتضايقني .. لأنها بتحبني .. وطالما بتحبنى يبأه
هتحاول على أد ما تقدر انها ترضيني زى ما أنا بحاول أرضيها .. هى بس مشكلتها مدلعة شويتين تلاته ومش واخدة على ان حد يقولها اعملى كذا وما تعمليش كذا .. بس
بكرة تتعود وتفهم يعني ايه جواز ومسؤليه
انت أدرى بمصلحتك يا ابنى .. وأنا من جهتى مش هبطل الدعوة اللى بدعيهالك ليل ونهار وفى صلاتى وفى كل وقت ( ربنا يحميك وينورلك بصيرتك ويكفيك شر ولاد الحرام
ده انسان لا يُطاق
هتفت "ليلي" بهذه العبارة فى غضب بعدما قصت على "نادية" ما حدث بينها وبين "عمر" فى شرم ..
تمتمت "نادية" قائله : مضطرين نستحمله
نظرت "ليلي" اليها وقالت فى عصبيه :
لا أنا مش مضطرة أستحمل أى حاجة .. مستحيل أتجوز بني آدم متخلف وعديم الذوق بالشكل ده , نفسي أفهم ازاى ده واحد المفروض انه من أرقى عائلات مصر.. ده ابن رئيس
الخدم بتاعنا متحضر عن اللى اسمه "عزمي" ده
قالت "نادية" فى برود :
بس ابن رئيس الخدم بتاعنا مش هيقدر ينقذنا من ورطتنا .. مفيش حد غير "عزمي" يقدر يلحقنا قبل ما نتفضح أدام الناس
استعادت "ليلي" بعض هدوءها بعدما تنبهت لمشكلتهم الأساسية و قالت بتأفف:
طيب أعمل ايه دلوقتى من ساعة ما رجعنا مكلمنيش وقبل ما نرجع يدوب قالى كلمتين بالعافية
ألتقطت "نادية" هاتف "ليلي" ونولتها اياه قائله :
اتصلى بيه انتى .. متستنيش اتصاله .. اعتذريله .. وصلحى الموقف بكلمتين حلوين .. واياكى ثم اياكى تحصل مشكلة تانية .. خلى الموضوع يعدى على خير لأن شكل "عزمي"
مش سهل أبداً .. ثم أردفت بسخرية :
- فالحة بس تقوليلى ده زى الخاتم فى صباعى يا مامى
أمسكت "ليلي" هاتفها متبرمة واتصلت به
تررررن تررررن تررررن
أخرج عزمي هاتفه من جيبه وارتسمت ابتسامه صغيره على محياه عندما رأى أن المتصل "ليلي" .. ابتسمت "كريمة" لابتسامة ابنها وعرفت المتصل دون أن تنظر الى الهاتف
, ربتت على كتفه وغادرت فى صمت
"عزمي" وهو يتصنع الجديه : ألو
"ليلي" بصوت ناعم : ألــــو
ثم صمت كلاهما .. تكلمت "نانسي" أخيراً وقالت :
وحشتنى أوى
اتسعت ابتسامة "عمر" ولكنه صمت ولم يتفوه ببنت شفه
قالت له بنبره مستكينه : أتا عارفه انك زعلان منى .. أنا فعلاً غلطت .. ومهنش عليا تنام وانت زعلان منى .. أنا آسفة يا حبيبي
اتسعت ابتسامته أكثر ولمعت عيناه لكنه ظل محتفظاً بنبرته الجادة وقال لها :
آسفة على ايه بالظبط ؟
انت كان معاك حق .. ما ينفعش بعد ما اتخطبتلك انى أستمر بنفس الطريقة اللى كنت بتعامل بيها قبل الخطوبة مع صحابي .. عشان دلوقتى أنا بتاعتك انت وبس
لم يستطع "عزمي" الاستمرار فى التظاهر وهمس قائلاً :
وانتى كمان وحشتيني أوى
ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها وأطلقت نفساً عميقاً فقد استطاعت احتواء المشكلة وعاد لها "عمر" كما كان
كانت "لميا " تجلس ساهمة على فراشها ولم تشعر بـ "فيحاء" وهى تفتح باب الغرفة وتدخل وتغلقه خلفها , لاحظت "فيحاء" شرود أختها فسألتها :
فى حاجة يا "لومي" ؟
لم تجبها "لمياء " بل لم تسمعها أصلاً , فنادتها "فيحاء" بصوت أعلى :
"لومي " .. "لميا"
هه .. بتنادى ؟
بنادى ؟ .. ايه يا بنتى فين عقلك ؟
مفيش أصلى بفكر فى مشكلة واحدة صحبتى
مشكلة ايه ؟
توجهت "فيحاء " اليها وجلست بجوارها على السرير .. شعرت "فيحاء" بأن المشكلة خاصة بـ "لميا" وليس بصديقتها كما ادعت , لكنها لم تُفصح عما يدور فى عقلها لتتركها
تتحدث بحرية
ها .. ايه بأه يا ستى مشكلة صحبتك ؟
اعتدلت "لميا" فى جلستها ووضعت يديها فى حجرها وفركتهما بتوتر وقالت :
بصى هى حكتلى المشكلة دى وأنا معرفتش أرد عليها فقولت أحكيلك انتى .. لأنك أختى الكبيرة وأنا بثق فى نصايحك يا "فيحاء"
مررت "فيحاء" كفها على شعر أختها فى حنان وقالت لها :
قولى يا حبيبتى سمعاكى
فى واحد معانا فى الجامعة فى نفس الكلية بتاعتنا وفى نفس السنة .. يعني تقدرى تقولى انه .. يعني .. بيحب صحبتى دى
سكتت "فيحاء" قليلاً ثم قالت :
يعني ايه بيحبها ؟
نظرت اليها "لمياء" بإستغراب قائلة : مالك يا "فيحاء" هى فيزيا .. بيحبها يعني بيحبها ايوة يعني ايه بيحبها .. ايه اللى هو عمله وهى فسرته انه حب
بصراحة هو قالهالها بطريقة مباشرة
شعرت "فيحاء" ببعض القلق لكنها سيطرت على ردود أفعالها :
وهى بتتكلم معاه فين ؟
لا .. هى مش بتتكلم معاه خالص .. هو وقفها بس كذا مرة فى الجامعة وقالها الكلام ده .. بس هى لا بتخرج معاه ولا بتعد معاه لا فى الجامعة ولا بره الجامعة ولا
مدياله ريق حلو أصلاً
شعرت "فيحاء" بالإرتياح , سألتها قائله :
طيب فين المشكلة تحديداً ؟
المشكلة انها بتصده جامد لأنه طبعا عايز نظام خروج وموبايلات وكدة يعني .. زى أى اتنين بيحبوا بعض
طيب طالما بيحبها زى ما بتقولى ليه ما يتقدملهاش وكل ده يبقى فى النور
قالت "لميا" بإحباط : أبوه السبب .. مش راضى يخطبله قبل ما يخلص دراسته وياخد شهادته
طيب برده يا "ريهام" معرفتش فين المشكلة
المشكلة انها مضايقة يا "فيحاء" وحسه انها بتظلمه , يعني هو بيحبها وأكيد بيحب يكلمها يعني غصب عنه عشان بتوحشه , وهى آخر مرة صدته جامد أوى وقالتله كلام
صعب وهو أكيد زعل منها ..
وقصت عليها "لميا" تفاصيل آخر حوار لها مع "معتز" .. ثم قالت :
يعني فيها ايه لو كانت استجابت لكلامه .. يعني هو مش عايز حاجة وحشة هو كل اللى طلبه انه يطمن عليها بالتليفون كل فترة بكل احترام مش أكتر من كدة , هو ممكن
يفهم صدها له ان هى مش عايزاه فيصرف نظر عنها
طيب هو وبتقولى بيحبها .. طيب هى مشاعرها ايه ناحيته ؟
بصراحة هى حسه انها معجبه بيه جداً وشكلها كده بتحبه
صمتت "فيحاء" قليلاً لتفكر جيداُ فيما ستقوله ,, فهى تعلم الآن أن الشيطان يلعب فى رأس أختها , قالت بعد تفكير :
يعني هو بيحبهاوهى بتحبه .. طيب قوليلى يا "لومي" مين الوحيد اللى فى ايده انه يجمع بينهم أو يفرق بينهم ؟
قالت "لميا" فوراً : ربنا
جميل .. يعني هى عايزه الولد ده وبتحبه واللى فى ايده انه يجمع بينها وبينه هو ربنا .. طيب انتى لما بتعوزى حاجة من ماما أو من بابا بتعملى ايه ؟
مش فاهمة
يعني أما بتعوزى تخرجى , أو تزورى صحبتك , أو لما بتعوزى فلوس , أو لبس جديد .. بتحاولى تراضى بابا وتكوني مطيعة ليه وتسترضيه وبعدين تطلب طلبك , ولا بتغضبيه
وتضايقيه منك وبعدين تطلب اللي انتى عايزاه ؟
أكيد بطيعه وأرضيه عشان يرضى يعملى اللى أنا عايزاه
هى عايزه من ربنا اللى فى ايده قلبه وقلبها انه يجمع بينهم , ازاى بأه عايزه تعصيه وبأى وش هتقدر تطلب منه وتدعوه يحققلها طلبها وهى مخلياه غضبان منها
تسللت علامات الارتياح على وجه "لميا" وابتسمت ابتسامة كبيرة وحضنت أختها ثم قالت :
معاكى حق يا "فوفا" .. الى هى عملته هو الصح , ربنا ما يحرمني منك يا أحلى "فوفتي" فى الدنيا
استسلمت "لميا" للنوم أخيراً , فلقد اطمئن قلبها أن ما فعلته هو الصواب , أغمضت عينيها وقبل أن تغوص فى سبات عميق تمتمت قائله :
يارب لو هو خير ليا قربنا من بعض فى الحلال ولو هو شر ليا متعلقش قلبي بيه.
معقولة .. يعني عايزة تفهميني انك لحد دلوقتى محبتيهوش ؟!
خرج هذا السؤال من فم "سماح" صديقة "فيحاء" وهى تجلس معها على سريرها فى غرفتها .. فلقد اعتادت الصديقتان على التزاور من فترة لأخرى فكل منهما تمثل للأخرى
الأخت والصديقة المخلصة
بصي بصراحة مشاعرى حيادية .. يعني أيوة مش بحبه بس برده مش بكرهه .. هو انسان كويس ومشتفش منه حاجة وحشة ومناسب ليا
أمال بأه خايفة ليه ؟
تنهدت "فيحاء" قائلة : عشان مبقاش فاضل على الفرح غير اسبوعين بس .. حسه ان فترة الخطوبة كانت قصيرة أوى , حسه انى لسه ما أعرفوش ولسه مش قادرة أفهمه أو أكون
رأى واضح فى شخصيته .. مش متخيله ان بعد اسبوعين بالظبط هيتقفل عليا أنا وهو باب واحد
بسيطة قولى لباباكى انك مش عايزة تتجوزي دلوقتى وانك محتاجه فترة خطوبة أطول
تنهدت مرة أخرى فى حسرة قائلة :
للأسف بابا مصمم ان الفرح يكون فى معاده ومش شايف أى معنى لكلامي ولا مديه أى أهمية , بيقولى هتبقى تعرفيه بعد الجواز
قالت "سماح" بإستغراب : منطق عجيب
بالطبع يجب أن تتعجب "سماح" من تفكير والد "فيحاء" لأنها تربت فى بيئة مختلفة عن تلك التى تربت فيها "فيحاء" .. "سماح" هى ابنة لتاجر كبير يعمل فى مجال التصنيع
يملك مصنعاً لإنتاج المربي والعصائر , ووالدتها دكتورة نسا ناحجة ومشهورة .. رغم اختلاف المستوى الإجتماعى للفتاتين لكن هذا لم يمنع خيوط الصداقة من أن تمتد
بينهما وتتحول تلك الخيوط مع الأيام والسنوات الى روابط متينة لا تنقطع أبداً .. ولربما ساعد فى ذلك أن أسرة "سماح" كانت أسرة طيبة ومحترمة , لم يكن كل اهتمام
والداها منصب على المادة وتوفير المستوى اللائق لإبنتهما بل اهتما أيضاً بالجانب التربوى وبث الأخلاق والفضائل فيها ولم يتركا لها الحبل على الغارب ككثير ممن
تراهم من هذه الطبقة.
قالت "فيحاء" لصديقتها فى حزن : ياريت كان عندى أب يسمعني ويفهمني ويعمل اعتبار لرأيي ولكلامي خاصة فى الحاجات اللى تخصني .. زى باباكى يا "سماح" ما شاء الله
عليه ربنا يحفظهولك عرف ازاى يكسبك ويصاحبك عشان كدة انتوا دايماً متفاهمين مع بعض وعشان كدة انتى مستغربة من تفكير بابا
قالت "سماح" وهى تحاول التخفيف على صديقتها : بصي ارمي حمولك على ربنا وإن شاء الله ربنا يقدملك اللى فيه الخير .. المهم ما تبطليش استخارة لحد معاد الفرح
"فيحاء" فى استسلام : حاضر.
عبرت "لميا" بوابة الكلية عائدة الى منزلها بعد انتهاء يومها الدراسي فى الجامعة .. لم تنتبه لتلك العينان اللتان تتابعانها من مكان قريب.
وقف "معتز" مع صديقٍ له يتابعها بعينيه حتى اختفت عن الأنظار
ضحك صديقة بسخرية قائلاً : آه من الحب وعذابه
التفت اليه "معتز" قائلاً : حب ايه يله انت عبيط
لا بس البت دى جامدة أوى يا برنس اديتك دوش بارد انما ايه اللى هو ورجعتك وانت أفاك يقمر عيش
قال "معتز" محتداً : ما عاشت ولا كانت اللى تعمل كدة فى "معتز" .. ده أنا أطلعه عليها وعلى اللى خلفوها كمان
يا عم روح وانت بق على الفاضي
- قال "معتز" وقد ازدادت حدة انفعاله : بق ! .. طيب هتشوف البق ده هيعمل ايه في بنت التييييييييييت دي
هتعمل ايه يعني هتضربها على ايدها وتقولها كده كخ متعمليش كدة تانى ؟
هضربها آه .. بس مش على ايدها .. على نفوخها . عشان تفوق وتعرف ان مش أنا اللى حتت بت تيييييييييت تعاملنى المعاملة دى .. مش هى راسمة دور ست خاضرة وقالتلى
انى فى نظرها فى سابع أرض .. أهو أنا بأة وبجوز جنيهات هنزلها معايا لسابع أرض
سأله صديقة وقد بانت على ملامحه علمات الاستمتاع : ازاى يعني هتعمل ايه ؟
بكرة تشوف يا معلم
أمتعز أحبيبي
كانت ليلة هادئة تلتمع فيها بعض النجمات على استحياء حينما توقفت سيارة "عزمي" الجيب فى احدى المناطق الهادئة على شط البحر .. نزل هو وليلي لينعما بجمال المنظر
وبالسكون من حولهما , استندا بظهريهما الى السيارة ولف "عزمي" ذراعه حول كتفيها يضمها الى صدره.. ثم نظر اليها وهو يبتسم فى صمت .. تطلعت اليه "ليلي" قائله
مالك .. مبسوط ليه ؟
يعني مش عارفه ؟
لأ مش عارفه
مبسوط عشان من يوم ما رجعنا من شرم وانتى بقيتي "ليلي" تانية وبطلتى تعملى الحاجات اللى تضايقني .. خاصة لبسك
يعني عجبك لبسي دلوقتى
قال "عزمي" فى تردد : أحسن كتير عن الأول .. بس .. يعني .. برده لسه
شعرت "ليلي" بالغضب وهو يبدأ فى الإشتعال بداخلها , فهى ومنذ خلافهما الأخير لم ترتدى شئ مكشوف رغم عشقها لفساتينها وتنوراتها القصيرة .. فكانت تظهر أمامه
دائماً ببناطيل جينز و اسكيني وعليها شيميز أو توب ذو أكمام طويلة .. كانت تشعر بالضيق والإختناق من الإلتزام بهذه النوعية من الملابس فهى تحب التنويع ولا تحسب
السير على وتيرة واحدة .. لكنها فى نفس الوقت كانت حريصة ألا يحدث بينهما خلاف آخر
قالت له فجأة : "عزمي" انت ما بتحبنيش
اندهش قائلاً : ليه بتقولى كدة ؟!
قالت فى دلال معاتبه اياه : عشان اللى بيحب حد بيحب يشوفه كل يوم وكل ساعة وما يفترقش عنه أبداً
أزاح بيده خصلات شعرها الذهبية التى تساقطت على جبهتها فى حنان قائلاً :
ومين قال انى مش عايز كدة
قالت بحزن مفتعل : عشان لحد دلوقتى محددتش معاد الفرح , رغم انك قولتلى ان خطوبتنا مش هتطول
قال لها فى جدية : أنا آسف يا حبيبتى بس فعلاً الفترة اللى فاتت كان عندى ضغط كبير فى الشغل .. بس خلاص هانت
طيب متيجي نحدد المعاد دلوقتى
ضحك قائلاً : ده انتى واقعة أوى
تظاهرت "ليلي" بالغضب مما قال وأزاحت ذراعه التى تحيط بكتفيها وهمت بأن تتركه وتبتعد عنه , لكن "عزمي" لم يفسح لها المجال وجذبها من ذراعها الى حضنه مرة أخرى
قائلاً :
شهرين كويس ؟
حاولت رسم علامات الفرح على وجهها وقالت : بجد يا "عزمي"
نظر اليها فى حب قائلاً : أيوة بجد .. شهرين وتكونى مراتى
عانقته وقالت : با حبيبي أهو أنا دلوقتى اتأكدت ان انت فعلاً بتحبني
عاتبها قائلاً : هو انتى كنتى لحد دلوقتى متأكدتيش
نظرت اليه وقالت فى دلع وهى تلف ذراعيها حول عنقه : كنت متأكده بس كنت عايزة أتأكد أكتر
طب تفتكرى عندك فى البيت هيكون فى أى اعتراض على المعاد ؟
قالت في نفسها ( يعترضوا ايه بس دول هيغمى عليهم من الفرحه )
لا يا حبيبى ما اعتقدش يعارضوا وحتى لو حد اعترض أنا هقفلهم
قال لها "عزمي" بعتاب : لا يا حبيبتى ما ينفعش تتحدى أهلك كدة وتقفى أدامهم .. لو حصل واعترضوا أنا اللى هتفاهم معاهم .
دخلت "ليلي" الى غرفتها بعدما أخبرت "نادية" بتلك البشري التى استقبلتها بفرحة عارمة
أنا كل ما أقوله آه . يقولى هو لأ . يجرحنى وأقوله آه . يقولى برده لأ . لأ لأ لأ
التقطت "ليلي " هاتفها وردت على المتصل قائله :
"عماد" ازيك
أهلاً بالناس الوحشة
ضحكت قائلة : أنا وحشة ؟ .. ده انت ما بتشوفش بأه
هو أنا عارف أشوفك انتى فين غطسانه فين من يوم الموقف الزباله بتاع شرم مشفتكيش ولا اللى بتتخطب اليومين دول بيحبسوها فى بيتها
قالت "ليلي" فى حزن : والله وحشنى أوى وكل الجروب وحشونى أوى ازي "أنور" و "مهاب" و "خالد" و "جيرمين" .. كلهم وحشونى
واضح أوى اننا وحشينك بدليل ان سيادتك بتسألى وبتعبرى
أوف .. أعمل ايه يعني "عزمي" مش حابب انى أروح الديسكو خالص وانتوا ما بتتقابلوش غير هناك
تعالت ضحكاته قائلاً : أمال عايزانا نتقابل فين .. فى الجامع .. وبعدين استنى هنا من امتى حد بيمشى كلامه على "ليلي هانم بنت الحسب والنسب "
قالت بحده واستعلاء : محدش يقدر يمشي كلامه عليا يا "عماد"
ما هو واضح أهو .. قالك ما تروحيش الديسكو يا "لولي" وانتى قولتيله حاضر يا سي "عزمي" اللى تشوفه .. ده حتى لبسك سمعت انك بقيتي عاملة زى نانا الحاجة .. بس
تعرفي مش لايق عليكي دور أمينة ده خالص
غضبت "ليلي" قائله : "عماد" ما تستفزنيش
اسكتى بأه ده انتى طلعتى فشنك وأنا اللى كنت فاكرك شخصية
أنا شخصية غصب عنك وعن الكل
طيب اثبتيلى
قالت بإندفاع : انتوا هتروحوا امتى ؟
شعر "عماد" بالسعادة لأنه استطاع تحقيق هدفه , قال لها :
شويه وهنكون هناك
خلاص استنونى عشان أنا جايه النهاردة
ضحك "عماد" بصوت عالٍ قائلاً : أحبك يا "لولي" يا جامدة .. مستنيكي ما تتأخرش عليا
أغلقت "ليلي" هاتفها وفتحت خزانة ملابسها لتختار فستان يتكون من قطع رقيقة من القماش التى فشلت بأن تبقى على اتصال ببعضها البعض
لها , بادلته أمه الإبتسامه وجلست على المقعد المجاور له قائله :
مالك يا "حبيبي" شكلك مش عاجبنى من ساعة ما رجعت انت و "ليلي" من شرم .. حصل حاجة يا ابنى ؟ .. قولى احكيلي .. أنا أمك ويمكن أقدر أساعدك
لا أبداً يا أمي مفيش حاجة
"عزمي" انت طول عمرك صريح معايا , مش عايز تقولى مالك خلاص هحترم رغبتك لكن ما تكدبش عليا
شعر بالحرج من كلامها واعتذر اليها قائلاً :
آسف يا أمى بس مضايق شوية
من "ليلي " ؟
لا مش من "ليلي" .. من تصرفاتها
فزورة دى ولا ايه ؟
لا مش فزورة .. "ليلي" اتربت تربية مختلفة عنى شوية .. وده لأن أصلاً أهلها مختلفين عنك وعن بابا .. ادوها حرية بدون حدود او قيود .. ويمكن كانت فاكرة عشان
أنا راجل وغني يبقى مفيش عندى خطوط حمرا .. بس أنا بحاول أطبعها بطبعي بس شكلها هتتعبنى شوية
فكرت كريمه فى كلامه ثم قالت : "عزمي" انت لسه على البر , يعني لو شايف ان "ليلي" .......
قاطعها "عزمي" قائلاً :
ماما أنا بحب "ليلي" ومش هسيبها .. وبعدين أنا واثق انها تقدر تتغير للأحسن وتقدر تتنازل عن الحاجات اللى بتضايقني .. لأنها بتحبني .. وطالما بتحبنى يبأه
هتحاول على أد ما تقدر انها ترضيني زى ما أنا بحاول أرضيها .. هى بس مشكلتها مدلعة شويتين تلاته ومش واخدة على ان حد يقولها اعملى كذا وما تعمليش كذا .. بس
بكرة تتعود وتفهم يعني ايه جواز ومسؤليه
انت أدرى بمصلحتك يا ابنى .. وأنا من جهتى مش هبطل الدعوة اللى بدعيهالك ليل ونهار وفى صلاتى وفى كل وقت ( ربنا يحميك وينورلك بصيرتك ويكفيك شر ولاد الحرام
ده انسان لا يُطاق
هتفت "ليلي" بهذه العبارة فى غضب بعدما قصت على "نادية" ما حدث بينها وبين "عمر" فى شرم ..
تمتمت "نادية" قائله : مضطرين نستحمله
نظرت "ليلي" اليها وقالت فى عصبيه :
لا أنا مش مضطرة أستحمل أى حاجة .. مستحيل أتجوز بني آدم متخلف وعديم الذوق بالشكل ده , نفسي أفهم ازاى ده واحد المفروض انه من أرقى عائلات مصر.. ده ابن رئيس
الخدم بتاعنا متحضر عن اللى اسمه "عزمي" ده
قالت "نادية" فى برود :
بس ابن رئيس الخدم بتاعنا مش هيقدر ينقذنا من ورطتنا .. مفيش حد غير "عزمي" يقدر يلحقنا قبل ما نتفضح أدام الناس
استعادت "ليلي" بعض هدوءها بعدما تنبهت لمشكلتهم الأساسية و قالت بتأفف:
طيب أعمل ايه دلوقتى من ساعة ما رجعنا مكلمنيش وقبل ما نرجع يدوب قالى كلمتين بالعافية
ألتقطت "نادية" هاتف "ليلي" ونولتها اياه قائله :
اتصلى بيه انتى .. متستنيش اتصاله .. اعتذريله .. وصلحى الموقف بكلمتين حلوين .. واياكى ثم اياكى تحصل مشكلة تانية .. خلى الموضوع يعدى على خير لأن شكل "عزمي"
مش سهل أبداً .. ثم أردفت بسخرية :
- فالحة بس تقوليلى ده زى الخاتم فى صباعى يا مامى
أمسكت "ليلي" هاتفها متبرمة واتصلت به
تررررن تررررن تررررن
أخرج عزمي هاتفه من جيبه وارتسمت ابتسامه صغيره على محياه عندما رأى أن المتصل "ليلي" .. ابتسمت "كريمة" لابتسامة ابنها وعرفت المتصل دون أن تنظر الى الهاتف
, ربتت على كتفه وغادرت فى صمت
"عزمي" وهو يتصنع الجديه : ألو
"ليلي" بصوت ناعم : ألــــو
ثم صمت كلاهما .. تكلمت "نانسي" أخيراً وقالت :
وحشتنى أوى
اتسعت ابتسامة "عمر" ولكنه صمت ولم يتفوه ببنت شفه
قالت له بنبره مستكينه : أتا عارفه انك زعلان منى .. أنا فعلاً غلطت .. ومهنش عليا تنام وانت زعلان منى .. أنا آسفة يا حبيبي
اتسعت ابتسامته أكثر ولمعت عيناه لكنه ظل محتفظاً بنبرته الجادة وقال لها :
آسفة على ايه بالظبط ؟
انت كان معاك حق .. ما ينفعش بعد ما اتخطبتلك انى أستمر بنفس الطريقة اللى كنت بتعامل بيها قبل الخطوبة مع صحابي .. عشان دلوقتى أنا بتاعتك انت وبس
لم يستطع "عزمي" الاستمرار فى التظاهر وهمس قائلاً :
وانتى كمان وحشتيني أوى
ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيها وأطلقت نفساً عميقاً فقد استطاعت احتواء المشكلة وعاد لها "عمر" كما كان
كانت "لميا " تجلس ساهمة على فراشها ولم تشعر بـ "فيحاء" وهى تفتح باب الغرفة وتدخل وتغلقه خلفها , لاحظت "فيحاء" شرود أختها فسألتها :
فى حاجة يا "لومي" ؟
لم تجبها "لمياء " بل لم تسمعها أصلاً , فنادتها "فيحاء" بصوت أعلى :
"لومي " .. "لميا"
هه .. بتنادى ؟
بنادى ؟ .. ايه يا بنتى فين عقلك ؟
مفيش أصلى بفكر فى مشكلة واحدة صحبتى
مشكلة ايه ؟
توجهت "فيحاء " اليها وجلست بجوارها على السرير .. شعرت "فيحاء" بأن المشكلة خاصة بـ "لميا" وليس بصديقتها كما ادعت , لكنها لم تُفصح عما يدور فى عقلها لتتركها
تتحدث بحرية
ها .. ايه بأه يا ستى مشكلة صحبتك ؟
اعتدلت "لميا" فى جلستها ووضعت يديها فى حجرها وفركتهما بتوتر وقالت :
بصى هى حكتلى المشكلة دى وأنا معرفتش أرد عليها فقولت أحكيلك انتى .. لأنك أختى الكبيرة وأنا بثق فى نصايحك يا "فيحاء"
مررت "فيحاء" كفها على شعر أختها فى حنان وقالت لها :
قولى يا حبيبتى سمعاكى
فى واحد معانا فى الجامعة فى نفس الكلية بتاعتنا وفى نفس السنة .. يعني تقدرى تقولى انه .. يعني .. بيحب صحبتى دى
سكتت "فيحاء" قليلاً ثم قالت :
يعني ايه بيحبها ؟
نظرت اليها "لمياء" بإستغراب قائلة : مالك يا "فيحاء" هى فيزيا .. بيحبها يعني بيحبها ايوة يعني ايه بيحبها .. ايه اللى هو عمله وهى فسرته انه حب
بصراحة هو قالهالها بطريقة مباشرة
شعرت "فيحاء" ببعض القلق لكنها سيطرت على ردود أفعالها :
وهى بتتكلم معاه فين ؟
لا .. هى مش بتتكلم معاه خالص .. هو وقفها بس كذا مرة فى الجامعة وقالها الكلام ده .. بس هى لا بتخرج معاه ولا بتعد معاه لا فى الجامعة ولا بره الجامعة ولا
مدياله ريق حلو أصلاً
شعرت "فيحاء" بالإرتياح , سألتها قائله :
طيب فين المشكلة تحديداً ؟
المشكلة انها بتصده جامد لأنه طبعا عايز نظام خروج وموبايلات وكدة يعني .. زى أى اتنين بيحبوا بعض
طيب طالما بيحبها زى ما بتقولى ليه ما يتقدملهاش وكل ده يبقى فى النور
قالت "لميا" بإحباط : أبوه السبب .. مش راضى يخطبله قبل ما يخلص دراسته وياخد شهادته
طيب برده يا "ريهام" معرفتش فين المشكلة
المشكلة انها مضايقة يا "فيحاء" وحسه انها بتظلمه , يعني هو بيحبها وأكيد بيحب يكلمها يعني غصب عنه عشان بتوحشه , وهى آخر مرة صدته جامد أوى وقالتله كلام
صعب وهو أكيد زعل منها ..
وقصت عليها "لميا" تفاصيل آخر حوار لها مع "معتز" .. ثم قالت :
يعني فيها ايه لو كانت استجابت لكلامه .. يعني هو مش عايز حاجة وحشة هو كل اللى طلبه انه يطمن عليها بالتليفون كل فترة بكل احترام مش أكتر من كدة , هو ممكن
يفهم صدها له ان هى مش عايزاه فيصرف نظر عنها
طيب هو وبتقولى بيحبها .. طيب هى مشاعرها ايه ناحيته ؟
بصراحة هى حسه انها معجبه بيه جداً وشكلها كده بتحبه
صمتت "فيحاء" قليلاً لتفكر جيداُ فيما ستقوله ,, فهى تعلم الآن أن الشيطان يلعب فى رأس أختها , قالت بعد تفكير :
يعني هو بيحبهاوهى بتحبه .. طيب قوليلى يا "لومي" مين الوحيد اللى فى ايده انه يجمع بينهم أو يفرق بينهم ؟
قالت "لميا" فوراً : ربنا
جميل .. يعني هى عايزه الولد ده وبتحبه واللى فى ايده انه يجمع بينها وبينه هو ربنا .. طيب انتى لما بتعوزى حاجة من ماما أو من بابا بتعملى ايه ؟
مش فاهمة
يعني أما بتعوزى تخرجى , أو تزورى صحبتك , أو لما بتعوزى فلوس , أو لبس جديد .. بتحاولى تراضى بابا وتكوني مطيعة ليه وتسترضيه وبعدين تطلب طلبك , ولا بتغضبيه
وتضايقيه منك وبعدين تطلب اللي انتى عايزاه ؟
أكيد بطيعه وأرضيه عشان يرضى يعملى اللى أنا عايزاه
هى عايزه من ربنا اللى فى ايده قلبه وقلبها انه يجمع بينهم , ازاى بأه عايزه تعصيه وبأى وش هتقدر تطلب منه وتدعوه يحققلها طلبها وهى مخلياه غضبان منها
تسللت علامات الارتياح على وجه "لميا" وابتسمت ابتسامة كبيرة وحضنت أختها ثم قالت :
معاكى حق يا "فوفا" .. الى هى عملته هو الصح , ربنا ما يحرمني منك يا أحلى "فوفتي" فى الدنيا
استسلمت "لميا" للنوم أخيراً , فلقد اطمئن قلبها أن ما فعلته هو الصواب , أغمضت عينيها وقبل أن تغوص فى سبات عميق تمتمت قائله :
يارب لو هو خير ليا قربنا من بعض فى الحلال ولو هو شر ليا متعلقش قلبي بيه.
معقولة .. يعني عايزة تفهميني انك لحد دلوقتى محبتيهوش ؟!
خرج هذا السؤال من فم "سماح" صديقة "فيحاء" وهى تجلس معها على سريرها فى غرفتها .. فلقد اعتادت الصديقتان على التزاور من فترة لأخرى فكل منهما تمثل للأخرى
الأخت والصديقة المخلصة
بصي بصراحة مشاعرى حيادية .. يعني أيوة مش بحبه بس برده مش بكرهه .. هو انسان كويس ومشتفش منه حاجة وحشة ومناسب ليا
أمال بأه خايفة ليه ؟
تنهدت "فيحاء" قائلة : عشان مبقاش فاضل على الفرح غير اسبوعين بس .. حسه ان فترة الخطوبة كانت قصيرة أوى , حسه انى لسه ما أعرفوش ولسه مش قادرة أفهمه أو أكون
رأى واضح فى شخصيته .. مش متخيله ان بعد اسبوعين بالظبط هيتقفل عليا أنا وهو باب واحد
بسيطة قولى لباباكى انك مش عايزة تتجوزي دلوقتى وانك محتاجه فترة خطوبة أطول
تنهدت مرة أخرى فى حسرة قائلة :
للأسف بابا مصمم ان الفرح يكون فى معاده ومش شايف أى معنى لكلامي ولا مديه أى أهمية , بيقولى هتبقى تعرفيه بعد الجواز
قالت "سماح" بإستغراب : منطق عجيب
بالطبع يجب أن تتعجب "سماح" من تفكير والد "فيحاء" لأنها تربت فى بيئة مختلفة عن تلك التى تربت فيها "فيحاء" .. "سماح" هى ابنة لتاجر كبير يعمل فى مجال التصنيع
يملك مصنعاً لإنتاج المربي والعصائر , ووالدتها دكتورة نسا ناحجة ومشهورة .. رغم اختلاف المستوى الإجتماعى للفتاتين لكن هذا لم يمنع خيوط الصداقة من أن تمتد
بينهما وتتحول تلك الخيوط مع الأيام والسنوات الى روابط متينة لا تنقطع أبداً .. ولربما ساعد فى ذلك أن أسرة "سماح" كانت أسرة طيبة ومحترمة , لم يكن كل اهتمام
والداها منصب على المادة وتوفير المستوى اللائق لإبنتهما بل اهتما أيضاً بالجانب التربوى وبث الأخلاق والفضائل فيها ولم يتركا لها الحبل على الغارب ككثير ممن
تراهم من هذه الطبقة.
قالت "فيحاء" لصديقتها فى حزن : ياريت كان عندى أب يسمعني ويفهمني ويعمل اعتبار لرأيي ولكلامي خاصة فى الحاجات اللى تخصني .. زى باباكى يا "سماح" ما شاء الله
عليه ربنا يحفظهولك عرف ازاى يكسبك ويصاحبك عشان كدة انتوا دايماً متفاهمين مع بعض وعشان كدة انتى مستغربة من تفكير بابا
قالت "سماح" وهى تحاول التخفيف على صديقتها : بصي ارمي حمولك على ربنا وإن شاء الله ربنا يقدملك اللى فيه الخير .. المهم ما تبطليش استخارة لحد معاد الفرح
"فيحاء" فى استسلام : حاضر.
عبرت "لميا" بوابة الكلية عائدة الى منزلها بعد انتهاء يومها الدراسي فى الجامعة .. لم تنتبه لتلك العينان اللتان تتابعانها من مكان قريب.
وقف "معتز" مع صديقٍ له يتابعها بعينيه حتى اختفت عن الأنظار
ضحك صديقة بسخرية قائلاً : آه من الحب وعذابه
التفت اليه "معتز" قائلاً : حب ايه يله انت عبيط
لا بس البت دى جامدة أوى يا برنس اديتك دوش بارد انما ايه اللى هو ورجعتك وانت أفاك يقمر عيش
قال "معتز" محتداً : ما عاشت ولا كانت اللى تعمل كدة فى "معتز" .. ده أنا أطلعه عليها وعلى اللى خلفوها كمان
يا عم روح وانت بق على الفاضي
- قال "معتز" وقد ازدادت حدة انفعاله : بق ! .. طيب هتشوف البق ده هيعمل ايه في بنت التييييييييييت دي
هتعمل ايه يعني هتضربها على ايدها وتقولها كده كخ متعمليش كدة تانى ؟
هضربها آه .. بس مش على ايدها .. على نفوخها . عشان تفوق وتعرف ان مش أنا اللى حتت بت تيييييييييت تعاملنى المعاملة دى .. مش هى راسمة دور ست خاضرة وقالتلى
انى فى نظرها فى سابع أرض .. أهو أنا بأة وبجوز جنيهات هنزلها معايا لسابع أرض
سأله صديقة وقد بانت على ملامحه علمات الاستمتاع : ازاى يعني هتعمل ايه ؟
بكرة تشوف يا معلم
أمتعز أحبيبي
كانت ليلة هادئة تلتمع فيها بعض النجمات على استحياء حينما توقفت سيارة "عزمي" الجيب فى احدى المناطق الهادئة على شط البحر .. نزل هو وليلي لينعما بجمال المنظر
وبالسكون من حولهما , استندا بظهريهما الى السيارة ولف "عزمي" ذراعه حول كتفيها يضمها الى صدره.. ثم نظر اليها وهو يبتسم فى صمت .. تطلعت اليه "ليلي" قائله
مالك .. مبسوط ليه ؟
يعني مش عارفه ؟
لأ مش عارفه
مبسوط عشان من يوم ما رجعنا من شرم وانتى بقيتي "ليلي" تانية وبطلتى تعملى الحاجات اللى تضايقني .. خاصة لبسك
يعني عجبك لبسي دلوقتى
قال "عزمي" فى تردد : أحسن كتير عن الأول .. بس .. يعني .. برده لسه
شعرت "ليلي" بالغضب وهو يبدأ فى الإشتعال بداخلها , فهى ومنذ خلافهما الأخير لم ترتدى شئ مكشوف رغم عشقها لفساتينها وتنوراتها القصيرة .. فكانت تظهر أمامه
دائماً ببناطيل جينز و اسكيني وعليها شيميز أو توب ذو أكمام طويلة .. كانت تشعر بالضيق والإختناق من الإلتزام بهذه النوعية من الملابس فهى تحب التنويع ولا تحسب
السير على وتيرة واحدة .. لكنها فى نفس الوقت كانت حريصة ألا يحدث بينهما خلاف آخر
قالت له فجأة : "عزمي" انت ما بتحبنيش
اندهش قائلاً : ليه بتقولى كدة ؟!
قالت فى دلال معاتبه اياه : عشان اللى بيحب حد بيحب يشوفه كل يوم وكل ساعة وما يفترقش عنه أبداً
أزاح بيده خصلات شعرها الذهبية التى تساقطت على جبهتها فى حنان قائلاً :
ومين قال انى مش عايز كدة
قالت بحزن مفتعل : عشان لحد دلوقتى محددتش معاد الفرح , رغم انك قولتلى ان خطوبتنا مش هتطول
قال لها فى جدية : أنا آسف يا حبيبتى بس فعلاً الفترة اللى فاتت كان عندى ضغط كبير فى الشغل .. بس خلاص هانت
طيب متيجي نحدد المعاد دلوقتى
ضحك قائلاً : ده انتى واقعة أوى
تظاهرت "ليلي" بالغضب مما قال وأزاحت ذراعه التى تحيط بكتفيها وهمت بأن تتركه وتبتعد عنه , لكن "عزمي" لم يفسح لها المجال وجذبها من ذراعها الى حضنه مرة أخرى
قائلاً :
شهرين كويس ؟
حاولت رسم علامات الفرح على وجهها وقالت : بجد يا "عزمي"
نظر اليها فى حب قائلاً : أيوة بجد .. شهرين وتكونى مراتى
عانقته وقالت : با حبيبي أهو أنا دلوقتى اتأكدت ان انت فعلاً بتحبني
عاتبها قائلاً : هو انتى كنتى لحد دلوقتى متأكدتيش
نظرت اليه وقالت فى دلع وهى تلف ذراعيها حول عنقه : كنت متأكده بس كنت عايزة أتأكد أكتر
طب تفتكرى عندك فى البيت هيكون فى أى اعتراض على المعاد ؟
قالت في نفسها ( يعترضوا ايه بس دول هيغمى عليهم من الفرحه )
لا يا حبيبى ما اعتقدش يعارضوا وحتى لو حد اعترض أنا هقفلهم
قال لها "عزمي" بعتاب : لا يا حبيبتى ما ينفعش تتحدى أهلك كدة وتقفى أدامهم .. لو حصل واعترضوا أنا اللى هتفاهم معاهم .
دخلت "ليلي" الى غرفتها بعدما أخبرت "نادية" بتلك البشري التى استقبلتها بفرحة عارمة
أنا كل ما أقوله آه . يقولى هو لأ . يجرحنى وأقوله آه . يقولى برده لأ . لأ لأ لأ
التقطت "ليلي " هاتفها وردت على المتصل قائله :
"عماد" ازيك
أهلاً بالناس الوحشة
ضحكت قائلة : أنا وحشة ؟ .. ده انت ما بتشوفش بأه
هو أنا عارف أشوفك انتى فين غطسانه فين من يوم الموقف الزباله بتاع شرم مشفتكيش ولا اللى بتتخطب اليومين دول بيحبسوها فى بيتها
قالت "ليلي" فى حزن : والله وحشنى أوى وكل الجروب وحشونى أوى ازي "أنور" و "مهاب" و "خالد" و "جيرمين" .. كلهم وحشونى
واضح أوى اننا وحشينك بدليل ان سيادتك بتسألى وبتعبرى
أوف .. أعمل ايه يعني "عزمي" مش حابب انى أروح الديسكو خالص وانتوا ما بتتقابلوش غير هناك
تعالت ضحكاته قائلاً : أمال عايزانا نتقابل فين .. فى الجامع .. وبعدين استنى هنا من امتى حد بيمشى كلامه على "ليلي هانم بنت الحسب والنسب "
قالت بحده واستعلاء : محدش يقدر يمشي كلامه عليا يا "عماد"
ما هو واضح أهو .. قالك ما تروحيش الديسكو يا "لولي" وانتى قولتيله حاضر يا سي "عزمي" اللى تشوفه .. ده حتى لبسك سمعت انك بقيتي عاملة زى نانا الحاجة .. بس
تعرفي مش لايق عليكي دور أمينة ده خالص
غضبت "ليلي" قائله : "عماد" ما تستفزنيش
اسكتى بأه ده انتى طلعتى فشنك وأنا اللى كنت فاكرك شخصية
أنا شخصية غصب عنك وعن الكل
طيب اثبتيلى
قالت بإندفاع : انتوا هتروحوا امتى ؟
شعر "عماد" بالسعادة لأنه استطاع تحقيق هدفه , قال لها :
شويه وهنكون هناك
خلاص استنونى عشان أنا جايه النهاردة
ضحك "عماد" بصوت عالٍ قائلاً : أحبك يا "لولي" يا جامدة .. مستنيكي ما تتأخرش عليا
أغلقت "ليلي" هاتفها وفتحت خزانة ملابسها لتختار فستان يتكون من قطع رقيقة من القماش التى فشلت بأن تبقى على اتصال ببعضها البعض