1
لطالما كانت تلك الفتاة التى لا تشعر بانتمائها لما حولها ، كعابر سبيل وجد نفسه فى بلاد غريبة لم يسمع عنها قبلا وجدت نفسها تائهة ؛ حائرة ؛ ضالة فى عالم ليس لها به مكان ، خائفة كشجرة تنتظر دورها ان تقتلع من جذور تربتها ، ولكنها لم يكن لها تربة يوما و لم يكن لها ارض ، لم تشعر بالاستقرار يوما بل كانت الوحدة هى صديقها الوحيد والكتب هى جليستها المعتادة
لم تكن تفكر بسطحية كبعض الاشخاص بل هى تحقق فى كل ما حولها بمنطقية كبيرة وهذا بفضل تجاربها فى الحياة فما عاشته ليس بالقليل ابدا لقد تحملت الكثيرمن الصعاب ، ليست آلام جسدية ولكنها نفسية بشكل كبير حتى كادت ان تموت اختناقا ..
سارت كاتلين بخطى بطيئة نحو ذلك المصعد فى تلك البناية الفاخرة ، كانت متوترة للغاية وتنظر حولها فى كل مكان ضغطت على زر الطابق العاشر ، ثم توجهت لتلك العيادة التى فى نهاية الرواق ، نظرت نحو اللافتة التى كُتب عليها
' الطبيب النفسي مارتن هوجو '
تنهدت وتنفست بعمق قبل ان تدخل الى العيادة التى يغلب عليها ديكورا غريبا لا يمكنها ان تجزم انه مريح للنفس ولكنه كان يبعث شعورا غريبا لها ، ربما لانها المرة الاولى التى تذهب فيها لطبيب نفسى
منذ انفصال والداها او حتى قبل ان ينفصلان كانت حياتهم مؤذية للغاية بالنسبة لها ؛ فلم يكونان متفقان يوما ، تزوجا زواجا مدبرا لم يكن بالناجح وهما لم يحاولان ان يجعلاه ناجحا ابدا ،كانا دائما ما يتشاجران على اتفه الاسباب مما كان يجعل كاتلين تلجأ الى غرفتها وتبكى فى صمت هى حتى لم تعد تحصى عدد مرات بكاءها فقد قضت اغلب طفولتها اما تبكى فى غرفتها او بين صفحات كتبها التى كانت هى ملجأها الوحيد
مرت عدة دقائق وهى تتأمل كل شئ حولها حتى جلست فتاة بجانبها ، كانت جميلة للغاية ترتدى تنورة قصيرة وقميص واسع وتبدو واثقة من نفسها للغاية على عكس ايما التى تغطى جمالها بتلك الملابس الواسعة التى تشبه ملابس الرجال الى حد كبير وتلعب بأناملها بتوتر
" اهلا " قالت الفتاة بابتسامة وهى تنظر نحو كاتلين التى لم تكن اجتماعية ابدا وعاشت طوال عمرها بدون اصدقاء ، ابتسمت لها ايما بتكلف
"اسمى زوى بالمناسبة " قالت زوى بابتسامة وهى تمد يدها نحو كاتلين ، صافحتها كاتلين بتردد
" وانا كاتلين ، كاتلين رايس " رددت كات وهى تبتسم بالمقابل ، زوى كانت تبدو لطيفة ودائمة الابتسام كانت تبعث شعورا بالاطمئنان لكاتلين التى لم يكن لديها اصدقاء مسبقا
**
بعد مرور عامين
لم تظن كاتلين ان تلك اللحظات القليلة فى عيادة الطبيب النفسي مع زوى ستغير حياتها فبعد مرور اشهر قليلة على مقابلتهم فى العيادة ، ولحسن حظ كات تم قبولها للعمل فى قسم المالية فى احدى الشركات التجارية الضخمة ، وقد كانت زوى تعمل بنفس الشركة منذ عام ، كانت كاتليت تتجنبها فى البداية لانها لا تحب ان يعرف احد بشأن حياتها الشخصية ولكن زوى كانت جديرة بالثقة وتحاول التقرب منها فى كل وقت ، لذا فى وقت قصير اصبحت كات و زوى صديقتان مقربتان للغاية يتشاركان السكن والاسرار وكل شئ وبالمناسبة زوى لم تكن احدى مرضى الطبيب مارتن بل كانت شقيقته ، ربما كات تعتبر نفسها بالنسبة لزوى حارس شخصى لانها ترى بها رغم انهما فى نفس العمر انها طائشة لا تتصرف بمنطقية كبيرة فهى تعتمد على عاطفتها طوال الوقت ودائما ما يجرح قلبها وتأتى لايما باكية بعد ذلك ..
**
" ماذا؟! لما نقلت الى قسم المالية واللعنة؟ " قال زين بعصبية
" لانك وبساذجتك رفضت مواعدة ابنة المدير" اجاب صديقه لوى بلوم
" وما علاقة العمل بالعلاقات العاطفية ؟ ما هذا الجنون !! " قال زين غاضبا
" من الافضل لك ألا تعترض حتى لا تنقل الى قسم عمال النظافة " اجاب لوى بسخرية
" ألم تقل انك ستنقل معى لذلك القسم اللعين لما انت بهذه السعادة البالغة اذن " سأل زين بفضول
" لا مشكلة لدى فى النقل فانا بارع فى اى قسم انقل اليه ، كما ان هناك فتاة جميلة للغاية فى قسم المالية اود التعرف عليها " قال لوى واتسعت ابتسامته
" واللعنة عليك وعلى قسم المالية وعلى ابنة المدير اللعينة " قال زين وهو يقذفه بأحد الاقلام على المكتب ثم التفت خلفه ليرى امامه ابنة المدير
" واللعنة زين الى متى ستظل طائشا وتقول كلاما لا تتحمل مسؤليته" قالت بسخط فابتسم لوى بسخرية سرا بينما زين كان مصدوما ولا يتحرك
" على كل حال ..سيكون عقابك كافيا فى قسم المالية فالمديرة الجديدة لا تهتم سوى بالعمل وستريك ايام سوداء على الارجح " قالت كلارا بغضب ثم رحلت من امامهما
***
كات ...
يوم اخر من العمل ليس به احداث سوى نقل موظفين من قسم الاعلانات والى قسم المالية يقولون عن احدهم ويدعى زين مالك انه الاوسم فى الشركة وانه كان مدير قسم الاعلانات والافضل فى هذا المجال ، ولكن هناك شيئا غريبا ان كان الافضل فى قسم الاعلانات لما نقل الى قسمنا ؟! على كل حال هذا لا يعنينى
اما ذاك الفتى لوى صديقه ذو الشعر البنى الذى يتحدث الجميع عنه بأنه لعوب ، كان ينظر الى زوى طوال الوقت واللعنة على الرجال أيظن انها لعبة ام ماذا ؟! ..لن اسمح لها ابدا ان تكون فى علاقة فاشلة مجددا فقد تألمت كثيرا لانها تثق فى الرجال بسهولة وهذا الفتى لا يبدو انه سهلا ، وانا لن اتحمل ان ارى آنا تتألم مجددا
" واللعنة لوى !! ما هذا القسم البشع الذى نقلت اليه ؟! ما هذا الصمت " همس زين بصوت منخفض وهو يتحدث لصديقه ، وهل كان يظن انه سيأتى للنادى ؟!
" وهل اعتقدت ان عقابك سيكون بمكان يشبه ديزنى لاند " اجاب لوى عليه بسخرية
" اوه ..مرحبا بكما فى قسمنا سيد مالك وسيد تومليسون يسعدنا انضمامكم لنا فى الحقيقة " قال ذلك الرجل الواقف عند الباب - مايكل - فابتسم الاثنان بتكلف
زين ..
" ان المديرة الجديدة قادمة " همست زوى من ذلك المكتب بالزاوية بينما تلك الفتاة صامتة مما جعلنى اشك انها بكماء او صماء ، هى تنظر الى حاسوبها فقط وتعمل ، اذن تلك من يسمونها
" آلة العمل" يبدو قسما مثيرا للاهتمام حقا
دخلت تلك المديرة الجديدة التى يتحدثون عنها ،واللعنة!! ماذا؟ هل هذه مزحة ؟! ...لم اتوقف عن التحديق ولو للحظة ، فلنسحب جملتى السابقة عن ان القسم مثيرا للاهتمام يبدو ان ايام جحيمى قد بدأت للتو
" مرحبا جميعا ، انا ايزابيلا ألدين اتمنى ان نعمل بجد سويا " قالت المديرة ولكنها كانت تحدق بى بالمقابل
شعرت بألم فى ذراعى الايسر وكان لوى يوكزنى حتى انتبه له
" لقد انتقمت بطريقة مبالغ فيها ألا تعتقد ، اوه يا الهى ان النساء حقا مخادعات" همس لوى
" لا اظنها كانت تعرف كيف انفصلت مع ايزابيلا " همست له بالمقابل وابعدت نظرى عن ايزابيلا التى لازالت تحدق بى ، ثم عاد كل فرد الى مكتبه حتى يكمل عمله
" اتطلع للعمل بجد معكم ، لقد علمت اسمائكم بالفعل اذن سيكون معى بالفريق مايكل ؛ زوى ؛ كاتلين ولينا " توقفت عند الاسم الاخير قليلا
لنسمع بعض الصخب باتجاه الباب ..
" آسفة - على - التأخر " تمتمت تلك الفتاة لينا التى دخلت للتو بصوت متقطع
" اذن لينا مخصوم من راتبك ساعتان التأخير " قالت المديرة بحزم لتتأفف لينا وتتوجه نحو مكتبها
" اين كنا ؟ صحيح ولوى و- زين " قالت بينما تحدق بى ، فأبعدت نظرى عنها
دقت الساعة الثامنة مساءا وانتهى هذا اليوم المريع اخيرا
" أليس علينا ان نذهب لعشاء عمل للاحتفال بالمديرة الجديدة وايضا لوى وزين " تسائل مايكل وهو يبتسم لما يبدو متحمسا لتلك الدرجة حتى !!
" اجل هذا جيد ، فكرة رائعة" قالت لينا واومأ لوى موافقا ان الفكرة جيدة
لما الجميع اعجبته الفكرة سواى ؟!
" اذن ما رأيكم بمطعم لشواء اللحم ، اعرف مطعما جيدا بالشارع المقابل " اقترحت زوى
" أتخططون لعشاء عمل احتفالا بالرئيسة بدونها " تردد صوت المديرة ايزبيلا
" اوه بالطبع لا - كنا سنخبرك " قال مايكل بتوتر
" جيد ، ألن نذهب ؟! " قالت جينا وهى ترتدى معطفها
دخل الجميع الى المطعم بينما توقفت ايزابيلا امامه وامسكت بيدى قبل ان ادخل
" انت لا تعلم كم انا سعيدة الان لرؤيتك مجددا " همست بالقرب من اذنى
" وانا حقا لست سعيدا على الاطلاق ، وجودك هنا يثير اشمئزازى " اجبت بنبرة باردة
" توقف عن لعب دور البارد زين ، انا اعرف كم انت حنون " قالت بيلا بثقة فضحكت بقوة
" لقد ازداد حسك الفكاهى بالسنوات السابقة " اجبت ولازلت اضحك
" زين ، توقف عن السخرية واستمع لى انا لازلت احبك حاولت نسيانك فى السنوات الماضية ولم استطع ، واعرف ايضا كم انت تحبنى لذا لما لا نعود معا مجددا ؟!" قالت بيلا وهى تحاول الاقتراب منى مجددا حدقت بها قليلا ببرود
" وهل اعتقدتى انكى بعد قول هذا الهراء لى الان سأرتمى بأحضانك واخبرك اننى حقا كنت بانتظار ذلك الكلام الفارغ ؟ اوه يبدو انك نسيتى من هو زين ، لذا توقفى عن كونك مثيرة للشفقة وقومى بعملك جيدا هذه المرة ، صحيح إن المدير التنفيذى اعزب يمكنك اغواءه كما تفعلين دائما ..ربما تحصلين على ترقية " قلت بغضب واستفزاز
لاتلقى صفعة على وجنتى اليسرى بينما ارى عيناها التى امتلئت بالدموع ثم اختفت من امام عيناى اعلم اننى جرحتها ولكن حقا هذا لا شئ مما شعرت به مسبقا بسببها
صدح فجأة صوت بعض المفاتيح تسقط ارضا ، التفتت انظر خلفى فوجدت اخر شخص كنت اتوقعه انها تلك الفتاة الصامتة ' آلة العمل ' كاتلين رايس
" انتِ واللعنة ، هل كنت تتنصتين علينا آنسة رايس ؟ " سألت بحدة
" لـ لا- ابدا لم افعل" قالت بتعلثم ثم غادرت بسرعة من امامى ، كانت متوترة للغاية وكانت تسير بغرابة بينما انا اتتبعها ، لا ارغب بأن يعلم اى احد بالشركة عن امورى الشخصية وخاصة عن علاقتى بجينا
واللعنة ايزابيلا قد عادت والمشاكل معها
" اوه لما تتبعنى واللعنة ؟ لقد اخبرتك اننى لم استمع لشئ" قالت كاتلين وهى تنتظر المصعد فى الشركة ولما جاءت الى هنا مجددا؟!
دخلت الى المصعد بسرعة ودخلت خلفها قبل ان تغلق الباب ، ثم تقدمت نحوها فتراجعت للخلف وانا حاصرتها بذراعى بالمقابل
" اذن ما الذى يفسر وجودك خلفنا ونحن نتحدث ؟ " سألت وانا انظر نحوها كانت تبدو متوترة وخائفة، لا يمكننى التحديد ان كانت كاذبة ام لا حتى
" فى الحقيقة انا لقد كنت ذاهبة لاحضار هاتفى من الشركة وحسنا لقد استمعت لكم بالصدفة ، اقسم " اجابت بتوتر ولكننى لم اجيب
"ماذا ألا تصدقنى ؟ حقا انا استمعت لكم بالصدفة" اردفت مجددا بعد ان طال الصمت بيننا
فُتِح باب المصعد وهى تنظر نحو عيناى وانا كنت ابادلها النظرات ، أيمكننى تصديق تلك العيون الخضراء ؟!
ابعدت يداى لافسح لها طريق الخروج ، كان الطابق مظلما جدا
" تبا " همست بصوت منخفض ولكننى سمعتها ، ذهبت نحو زر الاضاءة وضغطت ولكنه لم يضئ كانت هناك لافتة معلقة انرت كشاف هاتفى لرؤيتها
' عذرا هناك بعض التصليحات ستنتهى خلال ساعتين ' قرأت بصوت مسموع
لقد كانت تبدو متماسكة ولكننى ارى ذلك الخوف الذى يجتاح روحها يدها المتعرقة وعيناها الخضراء التى تنظر حولها بغرابة ، توترها الواضح ان تلك الفتاة غريبة ؛ غريبة حقا
اضئت كشاف هاتفى مرة اخرى ثم دخلت نحو غرفة العمل ولكننا لم نجد هاتفها أكانت تكذب ؟
حقا ستكون فى ورطة ان كان توترها ذلك بسبب اننى لازلت هنا ابحث عن الهاتف معها وهاتفها ليس ضائعا من الاساس
نظرت على مكتبها بينما انا اضئ لها المكان ، القيت نظرة خاطفة على مكتبها يبدو ان لها ذوق راقٍ فى قراءة الكتب
" يمكنك اعطائى الرقم لاتصل بالهاتف " قلت واقتربت من اذنها " وان كنت كاذبة لا يمكنك حتى تصور ما سيحدث " هددتها لتسرى رجفة خلال خلاياها
اعطتنى الرقم واتصلت فظهر ضوء هاتفها من ركن ما فى الزاوية
" هل صدقت الان !!" قالت بعد ان التقطت هاتفها
" الان فقط صدقت " اجبت وانا انظر نحوها ثم ابتعدت ذاهبا باتجاه المصعد وهى خلفى تماما توقفت فجأة امام المصعد واقتربت نحوها
" اذا عرف احد ما داخل الشركة ما سمعتيه ؟ يمكنك القول انك ستعيشين اسوأ ايامك " قلت مهددا اياها
" انا لن اخبر احدا بأسرارك ولست لاننى خائفة منك بل لاننى لست بتلك الحقارة " اجابت ثم سبقتنى للمصعد
**
كات ..
ذهبت الى المنزل بعد ان ارسلت رسالة لزوى اننى سأسبقها بالعودة ، اللعنة كان يوما مرهقا خاصة مع ذلك الجون الذى يشك بأصابعه ، انا لا احب ان يعرف احدا اسرارى كما لا احب ان اعرف اسرار احد
بعثرت شعرى بيداى بغيظ ،اتمنى فقط ان يمر الامر بسلام ، فانا لا اود مشاكل مع زين هذا مرة اخرى ليس من الاشخاص الذين افضل التعامل معهم مستقبلا حاولت النوم قليلا ولكننى لم استطع فكرت فى زين ذاك مجددا ولا اعرف لماذا ؟ يبدو وسيما كما يقولون حقا بالنظر له عن قرب ، لا اصدق اننى اعترف اننى رأيت رجلا وسيما هذه نقطة تحول جيدة !! لم استطع النوم عل اى حال لذا فتحت كتابا حتى اقرأه
" نجومك انت " جذبنى هذا الكتاب مؤخرا للغاية وكأنه يتحدث عنى بطريقة او بأخرى ، وما يشعرنى بالفضول اكثر كون كاتبه مجهولا اقصد هو يكتب فقط تأليف مستر اكس ، وكأنه من فيلم كرتونى او ماشابه يبدو طفوليا ذلك الرجل او المرأة او ايا يك
لم تكن تفكر بسطحية كبعض الاشخاص بل هى تحقق فى كل ما حولها بمنطقية كبيرة وهذا بفضل تجاربها فى الحياة فما عاشته ليس بالقليل ابدا لقد تحملت الكثيرمن الصعاب ، ليست آلام جسدية ولكنها نفسية بشكل كبير حتى كادت ان تموت اختناقا ..
سارت كاتلين بخطى بطيئة نحو ذلك المصعد فى تلك البناية الفاخرة ، كانت متوترة للغاية وتنظر حولها فى كل مكان ضغطت على زر الطابق العاشر ، ثم توجهت لتلك العيادة التى فى نهاية الرواق ، نظرت نحو اللافتة التى كُتب عليها
' الطبيب النفسي مارتن هوجو '
تنهدت وتنفست بعمق قبل ان تدخل الى العيادة التى يغلب عليها ديكورا غريبا لا يمكنها ان تجزم انه مريح للنفس ولكنه كان يبعث شعورا غريبا لها ، ربما لانها المرة الاولى التى تذهب فيها لطبيب نفسى
منذ انفصال والداها او حتى قبل ان ينفصلان كانت حياتهم مؤذية للغاية بالنسبة لها ؛ فلم يكونان متفقان يوما ، تزوجا زواجا مدبرا لم يكن بالناجح وهما لم يحاولان ان يجعلاه ناجحا ابدا ،كانا دائما ما يتشاجران على اتفه الاسباب مما كان يجعل كاتلين تلجأ الى غرفتها وتبكى فى صمت هى حتى لم تعد تحصى عدد مرات بكاءها فقد قضت اغلب طفولتها اما تبكى فى غرفتها او بين صفحات كتبها التى كانت هى ملجأها الوحيد
مرت عدة دقائق وهى تتأمل كل شئ حولها حتى جلست فتاة بجانبها ، كانت جميلة للغاية ترتدى تنورة قصيرة وقميص واسع وتبدو واثقة من نفسها للغاية على عكس ايما التى تغطى جمالها بتلك الملابس الواسعة التى تشبه ملابس الرجال الى حد كبير وتلعب بأناملها بتوتر
" اهلا " قالت الفتاة بابتسامة وهى تنظر نحو كاتلين التى لم تكن اجتماعية ابدا وعاشت طوال عمرها بدون اصدقاء ، ابتسمت لها ايما بتكلف
"اسمى زوى بالمناسبة " قالت زوى بابتسامة وهى تمد يدها نحو كاتلين ، صافحتها كاتلين بتردد
" وانا كاتلين ، كاتلين رايس " رددت كات وهى تبتسم بالمقابل ، زوى كانت تبدو لطيفة ودائمة الابتسام كانت تبعث شعورا بالاطمئنان لكاتلين التى لم يكن لديها اصدقاء مسبقا
**
بعد مرور عامين
لم تظن كاتلين ان تلك اللحظات القليلة فى عيادة الطبيب النفسي مع زوى ستغير حياتها فبعد مرور اشهر قليلة على مقابلتهم فى العيادة ، ولحسن حظ كات تم قبولها للعمل فى قسم المالية فى احدى الشركات التجارية الضخمة ، وقد كانت زوى تعمل بنفس الشركة منذ عام ، كانت كاتليت تتجنبها فى البداية لانها لا تحب ان يعرف احد بشأن حياتها الشخصية ولكن زوى كانت جديرة بالثقة وتحاول التقرب منها فى كل وقت ، لذا فى وقت قصير اصبحت كات و زوى صديقتان مقربتان للغاية يتشاركان السكن والاسرار وكل شئ وبالمناسبة زوى لم تكن احدى مرضى الطبيب مارتن بل كانت شقيقته ، ربما كات تعتبر نفسها بالنسبة لزوى حارس شخصى لانها ترى بها رغم انهما فى نفس العمر انها طائشة لا تتصرف بمنطقية كبيرة فهى تعتمد على عاطفتها طوال الوقت ودائما ما يجرح قلبها وتأتى لايما باكية بعد ذلك ..
**
" ماذا؟! لما نقلت الى قسم المالية واللعنة؟ " قال زين بعصبية
" لانك وبساذجتك رفضت مواعدة ابنة المدير" اجاب صديقه لوى بلوم
" وما علاقة العمل بالعلاقات العاطفية ؟ ما هذا الجنون !! " قال زين غاضبا
" من الافضل لك ألا تعترض حتى لا تنقل الى قسم عمال النظافة " اجاب لوى بسخرية
" ألم تقل انك ستنقل معى لذلك القسم اللعين لما انت بهذه السعادة البالغة اذن " سأل زين بفضول
" لا مشكلة لدى فى النقل فانا بارع فى اى قسم انقل اليه ، كما ان هناك فتاة جميلة للغاية فى قسم المالية اود التعرف عليها " قال لوى واتسعت ابتسامته
" واللعنة عليك وعلى قسم المالية وعلى ابنة المدير اللعينة " قال زين وهو يقذفه بأحد الاقلام على المكتب ثم التفت خلفه ليرى امامه ابنة المدير
" واللعنة زين الى متى ستظل طائشا وتقول كلاما لا تتحمل مسؤليته" قالت بسخط فابتسم لوى بسخرية سرا بينما زين كان مصدوما ولا يتحرك
" على كل حال ..سيكون عقابك كافيا فى قسم المالية فالمديرة الجديدة لا تهتم سوى بالعمل وستريك ايام سوداء على الارجح " قالت كلارا بغضب ثم رحلت من امامهما
***
كات ...
يوم اخر من العمل ليس به احداث سوى نقل موظفين من قسم الاعلانات والى قسم المالية يقولون عن احدهم ويدعى زين مالك انه الاوسم فى الشركة وانه كان مدير قسم الاعلانات والافضل فى هذا المجال ، ولكن هناك شيئا غريبا ان كان الافضل فى قسم الاعلانات لما نقل الى قسمنا ؟! على كل حال هذا لا يعنينى
اما ذاك الفتى لوى صديقه ذو الشعر البنى الذى يتحدث الجميع عنه بأنه لعوب ، كان ينظر الى زوى طوال الوقت واللعنة على الرجال أيظن انها لعبة ام ماذا ؟! ..لن اسمح لها ابدا ان تكون فى علاقة فاشلة مجددا فقد تألمت كثيرا لانها تثق فى الرجال بسهولة وهذا الفتى لا يبدو انه سهلا ، وانا لن اتحمل ان ارى آنا تتألم مجددا
" واللعنة لوى !! ما هذا القسم البشع الذى نقلت اليه ؟! ما هذا الصمت " همس زين بصوت منخفض وهو يتحدث لصديقه ، وهل كان يظن انه سيأتى للنادى ؟!
" وهل اعتقدت ان عقابك سيكون بمكان يشبه ديزنى لاند " اجاب لوى عليه بسخرية
" اوه ..مرحبا بكما فى قسمنا سيد مالك وسيد تومليسون يسعدنا انضمامكم لنا فى الحقيقة " قال ذلك الرجل الواقف عند الباب - مايكل - فابتسم الاثنان بتكلف
زين ..
" ان المديرة الجديدة قادمة " همست زوى من ذلك المكتب بالزاوية بينما تلك الفتاة صامتة مما جعلنى اشك انها بكماء او صماء ، هى تنظر الى حاسوبها فقط وتعمل ، اذن تلك من يسمونها
" آلة العمل" يبدو قسما مثيرا للاهتمام حقا
دخلت تلك المديرة الجديدة التى يتحدثون عنها ،واللعنة!! ماذا؟ هل هذه مزحة ؟! ...لم اتوقف عن التحديق ولو للحظة ، فلنسحب جملتى السابقة عن ان القسم مثيرا للاهتمام يبدو ان ايام جحيمى قد بدأت للتو
" مرحبا جميعا ، انا ايزابيلا ألدين اتمنى ان نعمل بجد سويا " قالت المديرة ولكنها كانت تحدق بى بالمقابل
شعرت بألم فى ذراعى الايسر وكان لوى يوكزنى حتى انتبه له
" لقد انتقمت بطريقة مبالغ فيها ألا تعتقد ، اوه يا الهى ان النساء حقا مخادعات" همس لوى
" لا اظنها كانت تعرف كيف انفصلت مع ايزابيلا " همست له بالمقابل وابعدت نظرى عن ايزابيلا التى لازالت تحدق بى ، ثم عاد كل فرد الى مكتبه حتى يكمل عمله
" اتطلع للعمل بجد معكم ، لقد علمت اسمائكم بالفعل اذن سيكون معى بالفريق مايكل ؛ زوى ؛ كاتلين ولينا " توقفت عند الاسم الاخير قليلا
لنسمع بعض الصخب باتجاه الباب ..
" آسفة - على - التأخر " تمتمت تلك الفتاة لينا التى دخلت للتو بصوت متقطع
" اذن لينا مخصوم من راتبك ساعتان التأخير " قالت المديرة بحزم لتتأفف لينا وتتوجه نحو مكتبها
" اين كنا ؟ صحيح ولوى و- زين " قالت بينما تحدق بى ، فأبعدت نظرى عنها
دقت الساعة الثامنة مساءا وانتهى هذا اليوم المريع اخيرا
" أليس علينا ان نذهب لعشاء عمل للاحتفال بالمديرة الجديدة وايضا لوى وزين " تسائل مايكل وهو يبتسم لما يبدو متحمسا لتلك الدرجة حتى !!
" اجل هذا جيد ، فكرة رائعة" قالت لينا واومأ لوى موافقا ان الفكرة جيدة
لما الجميع اعجبته الفكرة سواى ؟!
" اذن ما رأيكم بمطعم لشواء اللحم ، اعرف مطعما جيدا بالشارع المقابل " اقترحت زوى
" أتخططون لعشاء عمل احتفالا بالرئيسة بدونها " تردد صوت المديرة ايزبيلا
" اوه بالطبع لا - كنا سنخبرك " قال مايكل بتوتر
" جيد ، ألن نذهب ؟! " قالت جينا وهى ترتدى معطفها
دخل الجميع الى المطعم بينما توقفت ايزابيلا امامه وامسكت بيدى قبل ان ادخل
" انت لا تعلم كم انا سعيدة الان لرؤيتك مجددا " همست بالقرب من اذنى
" وانا حقا لست سعيدا على الاطلاق ، وجودك هنا يثير اشمئزازى " اجبت بنبرة باردة
" توقف عن لعب دور البارد زين ، انا اعرف كم انت حنون " قالت بيلا بثقة فضحكت بقوة
" لقد ازداد حسك الفكاهى بالسنوات السابقة " اجبت ولازلت اضحك
" زين ، توقف عن السخرية واستمع لى انا لازلت احبك حاولت نسيانك فى السنوات الماضية ولم استطع ، واعرف ايضا كم انت تحبنى لذا لما لا نعود معا مجددا ؟!" قالت بيلا وهى تحاول الاقتراب منى مجددا حدقت بها قليلا ببرود
" وهل اعتقدتى انكى بعد قول هذا الهراء لى الان سأرتمى بأحضانك واخبرك اننى حقا كنت بانتظار ذلك الكلام الفارغ ؟ اوه يبدو انك نسيتى من هو زين ، لذا توقفى عن كونك مثيرة للشفقة وقومى بعملك جيدا هذه المرة ، صحيح إن المدير التنفيذى اعزب يمكنك اغواءه كما تفعلين دائما ..ربما تحصلين على ترقية " قلت بغضب واستفزاز
لاتلقى صفعة على وجنتى اليسرى بينما ارى عيناها التى امتلئت بالدموع ثم اختفت من امام عيناى اعلم اننى جرحتها ولكن حقا هذا لا شئ مما شعرت به مسبقا بسببها
صدح فجأة صوت بعض المفاتيح تسقط ارضا ، التفتت انظر خلفى فوجدت اخر شخص كنت اتوقعه انها تلك الفتاة الصامتة ' آلة العمل ' كاتلين رايس
" انتِ واللعنة ، هل كنت تتنصتين علينا آنسة رايس ؟ " سألت بحدة
" لـ لا- ابدا لم افعل" قالت بتعلثم ثم غادرت بسرعة من امامى ، كانت متوترة للغاية وكانت تسير بغرابة بينما انا اتتبعها ، لا ارغب بأن يعلم اى احد بالشركة عن امورى الشخصية وخاصة عن علاقتى بجينا
واللعنة ايزابيلا قد عادت والمشاكل معها
" اوه لما تتبعنى واللعنة ؟ لقد اخبرتك اننى لم استمع لشئ" قالت كاتلين وهى تنتظر المصعد فى الشركة ولما جاءت الى هنا مجددا؟!
دخلت الى المصعد بسرعة ودخلت خلفها قبل ان تغلق الباب ، ثم تقدمت نحوها فتراجعت للخلف وانا حاصرتها بذراعى بالمقابل
" اذن ما الذى يفسر وجودك خلفنا ونحن نتحدث ؟ " سألت وانا انظر نحوها كانت تبدو متوترة وخائفة، لا يمكننى التحديد ان كانت كاذبة ام لا حتى
" فى الحقيقة انا لقد كنت ذاهبة لاحضار هاتفى من الشركة وحسنا لقد استمعت لكم بالصدفة ، اقسم " اجابت بتوتر ولكننى لم اجيب
"ماذا ألا تصدقنى ؟ حقا انا استمعت لكم بالصدفة" اردفت مجددا بعد ان طال الصمت بيننا
فُتِح باب المصعد وهى تنظر نحو عيناى وانا كنت ابادلها النظرات ، أيمكننى تصديق تلك العيون الخضراء ؟!
ابعدت يداى لافسح لها طريق الخروج ، كان الطابق مظلما جدا
" تبا " همست بصوت منخفض ولكننى سمعتها ، ذهبت نحو زر الاضاءة وضغطت ولكنه لم يضئ كانت هناك لافتة معلقة انرت كشاف هاتفى لرؤيتها
' عذرا هناك بعض التصليحات ستنتهى خلال ساعتين ' قرأت بصوت مسموع
لقد كانت تبدو متماسكة ولكننى ارى ذلك الخوف الذى يجتاح روحها يدها المتعرقة وعيناها الخضراء التى تنظر حولها بغرابة ، توترها الواضح ان تلك الفتاة غريبة ؛ غريبة حقا
اضئت كشاف هاتفى مرة اخرى ثم دخلت نحو غرفة العمل ولكننا لم نجد هاتفها أكانت تكذب ؟
حقا ستكون فى ورطة ان كان توترها ذلك بسبب اننى لازلت هنا ابحث عن الهاتف معها وهاتفها ليس ضائعا من الاساس
نظرت على مكتبها بينما انا اضئ لها المكان ، القيت نظرة خاطفة على مكتبها يبدو ان لها ذوق راقٍ فى قراءة الكتب
" يمكنك اعطائى الرقم لاتصل بالهاتف " قلت واقتربت من اذنها " وان كنت كاذبة لا يمكنك حتى تصور ما سيحدث " هددتها لتسرى رجفة خلال خلاياها
اعطتنى الرقم واتصلت فظهر ضوء هاتفها من ركن ما فى الزاوية
" هل صدقت الان !!" قالت بعد ان التقطت هاتفها
" الان فقط صدقت " اجبت وانا انظر نحوها ثم ابتعدت ذاهبا باتجاه المصعد وهى خلفى تماما توقفت فجأة امام المصعد واقتربت نحوها
" اذا عرف احد ما داخل الشركة ما سمعتيه ؟ يمكنك القول انك ستعيشين اسوأ ايامك " قلت مهددا اياها
" انا لن اخبر احدا بأسرارك ولست لاننى خائفة منك بل لاننى لست بتلك الحقارة " اجابت ثم سبقتنى للمصعد
**
كات ..
ذهبت الى المنزل بعد ان ارسلت رسالة لزوى اننى سأسبقها بالعودة ، اللعنة كان يوما مرهقا خاصة مع ذلك الجون الذى يشك بأصابعه ، انا لا احب ان يعرف احدا اسرارى كما لا احب ان اعرف اسرار احد
بعثرت شعرى بيداى بغيظ ،اتمنى فقط ان يمر الامر بسلام ، فانا لا اود مشاكل مع زين هذا مرة اخرى ليس من الاشخاص الذين افضل التعامل معهم مستقبلا حاولت النوم قليلا ولكننى لم استطع فكرت فى زين ذاك مجددا ولا اعرف لماذا ؟ يبدو وسيما كما يقولون حقا بالنظر له عن قرب ، لا اصدق اننى اعترف اننى رأيت رجلا وسيما هذه نقطة تحول جيدة !! لم استطع النوم عل اى حال لذا فتحت كتابا حتى اقرأه
" نجومك انت " جذبنى هذا الكتاب مؤخرا للغاية وكأنه يتحدث عنى بطريقة او بأخرى ، وما يشعرنى بالفضول اكثر كون كاتبه مجهولا اقصد هو يكتب فقط تأليف مستر اكس ، وكأنه من فيلم كرتونى او ماشابه يبدو طفوليا ذلك الرجل او المرأة او ايا يك