بوابة الموت (شمهورش )
بين الحقائق المعلنة والحقائق الزائفة ، مواضيع كثيرة شائكة ، ترويها امم سابقة وأخري قائمة ، كلما تعمقنا بالمعرفة ، زاد جهلنا ، وخوفنا ، من القادم ، ليت الحقائق كلها تبرز دفعة واحدة ، تلوح لنا ، لكنها مازالت مطموسة ، غائبة ، مهما حاولنا الركض نحوها ، و ربما جهلنا ببعض الامور الخفية نعمة لن ندركها الا فيما بعد ، وتلك الحقائق التي تود الظهور ستظهر بمفردها لن يردعها شيئا ، لكنها ستلعب الغميضة مستمتعة بكل ما تفعله ، ف هنا الحقائق تجلب مصائب لن يتحملها أحد ، ولو تحملها ل جرفته نحو الهاوية ، وهذه دون عودة حقيقة ، بل هناك عودة خفية محفوفة بمخاطر كثيرة ، مخاطر مجردة من الحقائق ، مخيفة تبعث قشعريرة في النفس والقلب ، ف سيستطيع ابطالنا التغلب علي مصائرهم اللي قاموا بصنعها لانفسهم ، أم القدر له رأي أخر معهم ، ف هناك عودة بلا حياة ، و حياة بلا عودة ، أيهما سيختارو ...
نحن الان بصدد رواية غريبة ومخيفة ، تدور مع مجموعة شباب ، أردو شق طريقهم بمفردهم دون مساعدة أحد ، كي يثبتوا لانفسهم أنهم قادرين علي التغلب علي الصعاب مهما كانت قوتها ، و أنهم صامدون من البداية إلي النهاية ، لن يخافوا وسيواجهوا ما يحدث ، لكن هناك طريق جديد قاموا ب سلكه دون قصد ، جعلهم يتفرقون رغم وجودهم بجانب بعضهم البعض ، لكن تفرقت عقولهم كل منهم يبحث عن ذاته التي إختفت منهم ، خائفين مما يحدث لهم ومما يمرون فيه ، الحقائق المخفية ، و العيون المتربصة ، ستجعلهم غير قادرين ، مقيدين من الخوف ، فهل هناك من سينتشلهم من بورة التيه ام سيظلوا عالقين في درب الحياة الذي يخفي خلفه موت بطرق شنيعة ...
ليس قتلا ، بل وجود نفوس خائفة أشد قسوة من القتلة الذين يسفكون الدماء ، ...
قرر خمسة من الشباب ب تأسيس معرض صغير خاص، بانتقاء الانتيكات والقطع المميزة ، والافضل تكون ذات طابع قديم جدا من الأشياء ذات قيمة كبيرة كنوع من انواع الربح المادي ، حيث كانوا علي دراية ان هذة الامور تحتاج للكثير من الوقت للترويج ، لكنهم قررو ان ينتظرو حتي يحققوا البداية ولن يردعهم شئ ابدا ، ولكي يثبتوا لأنفسهم أنهم قادرين علي دخول مجال ريادة الاعمال الكبيرة والمميزة ، وأيضا مع الوقت يستبدلون المشروع الصغير ب لاخر كبير له وضع واسم مميز
الشاب الاول هو إبراهيم شاب في الثامنة والعشرين، تخرج من كلية التجارة هادئ الطباع، ذكي عنيد جدا ،بالقدر الذي يجعله يقع في مشاكل كبري بسبب عدم رضوخه لغيره وهذا سببا في خوض معركة جعلته الخاسر ، كان يعمل محاسبا بإحدى الشركات الخاصة بكد ، وأيضا مميز وسط أصدقائه رغم الغموض الذي يحيط بشخصيته ، قليل الحديث ويفضل العزلة او الانخراط بين الورق كي يتناسي ، أو يقصد ذلك ، لكنه أثناء تأدية عمله كان ينتهي من بعض الاوراق ، وفي الجانب رن هاتفه ، أجاب عليه ، كانت والدته تحدثه في أمر ما ، تبدلت قسمات وجهه لكنه لم يتكلم او يجيب بشئ ، وفي تلك الاثناء إقتحم عميل مكتبه بطريقة هجومية غير لائقة ، وقد صاح في وجهه بطريقة سافرة ، جحظت عينا إبراهيم ، وتفاجا كثير بما يحدث ، لكنه حاول تمالك زمام غضبه ، كانت والدته مازالت علي الهاتف ، حاول أن يغلق معها وسط صراخها علي الجانب الاخر ، أنزل الهاتف وأغلق الخط في وجه والدته التي شاطت غضبا مما سمعت منذ قليل ، ترك هاتفه علي المكتب وتقدم بضع خطوات ، وقف لهذا البغيض الذي وقف في مواجهته وقال له :-
أنت مخلصتش الورق اللي طلبته منك ليه ، المفروض دا ورق الشركة ، حضرتك قاعد تتكلم بس ومش فاضي لينا خالص .
شعر إبراهيم ب الغضب يتملك منه ، غامت الدنيا في عينيه في تلك الاثناء ، فقال له بهدوء يغلب العاصفة التي تملكت منه دون أن يدري تبعات ما سيحدث :-
انت بتدخل مكتبي بالشكل دا ازاي ، مش المفروض تخبط علي الباب ، وبعدين مين قالك ان الشغل مخلصش ، ها ، انت جيت اتكلمت براحة ، ولا حتي حاولت تكون محترم ، أنا مء شغال عندك اصلا
قاطعة الشخص الاخر بعدما وصل صوتهم للجميع ، تجمهر بعض الشباب في مكتبه علي صوتهم ، ورد عليه بغضب بعدما وكزه في كتفه قائلا :-أنا محترم غصب عنك و...
لم يكمل الكلمة ليباغته إبراهيم ب لكمة أطاحت به للخلف ، لتستقر في وجهه ، سمع الجميع صوت عظمة فكه وهي تتهشم ، صمت الجميع الا من صوت تألم الشخص ، في ذاك الوقت تدخل الجميع لفض الاشتباك الذي لم يكن له داع من وجهة نظر الجميع في ضيق وغضب عارم ، أسندو الشخص وحملوه للخارج أما من بقي فهم إقتربوا منه ، ف منهم من يثنيه عما يفعل ومنهم من صب جام غضبه عليه في ضيق لم يحتمل ، ووسط كل هذا الصخب لم يشعر بنفسه أبدا ، و كأن كل هذه الاصوات تبخرت في الفراغ ، فقط وجوه حوله وأشخاص يلوحون بايديهم تارة ، ويلكزونه تارة أخري ، إلي أن سقط أرضا وهو لم يعي ما يحدث له ، حاولوا إسناده كي يقف وهو في حالة من الذهول الشديد ، نظراته زائغة ، وجسده أصابه الخدر ، اصبح مثل خرئة بائدة تزروها الرياح كما تريد ، تبدل الحال حوله وشاهد نفسه داخل غرفة إضائتها حمراء قوية ، جدرانها مطلية بلون أبيض أو رمادي لم يستطع ان يحدد ، غرفة كبيرة نوعا ما بها فراش صغير وبجانبه كرسي من الخشب ، وهناك رجلا يجلس علي هذا الكرسي يوليه ظهره ، وضع إبراهيم يده علي الارض متناسيا ما حدث منذ قليل ، إستند وحاول الوقوف ، رغم عدم إنصياع جسده في البداية الا انه بعد مرور وقت قصير تحامل علي نفسه ووقف ، إهتز جسده قليلا قبل أن يعتدل ، إرتفعت دقات قلبه ، وشعر بخوف غير مبرر ، حاول أن يتحدث لكن صوته أبي ان يخرج ، تحامل علي نفسه وتقدم ، كلما تقدم خطوة إزدادت حرارة الغرفة ، شعر بجسده يزفر الماء ، وضيق شديد في صدره ، تبدل الكرسي الذي يجلس عليه الرجل إلي أخر يهتز ، كلما تقدم إهتز أكثر إلي أن وقف خلف وهنا سمع صوت يألفه كثيرا أغنية لام كلثوم صدحت في جنبات الغرفة ، إرتج جسده من الفزع ، سمعها تقول
ليلة حب
ياللي عمرك ما خلفت ميعاد في عمرك
الليلة دي غبت ليه ؟ حيرني أمرك
أخرك إيه عني ؟
مستحيل الدنيا عني تأخرك
بالأمل مستني
سهران تجيني يا حياتي واسهرك
تعال العمر كله نخلصه حب الليله دي
تعال شوق العمر كله نعيشه م القلب الليله دي
ما تخليش أشواقنا لبكرا
ما تخليش فرحتنا لبكرا
كأن أول ليلة للحب الليله دي
يا حبيبي ونبض قلبي ونور حياتي
يا ابتسام ليلي هنا واتلهف لك
هديت الدنيا هنا واتلهفت لك
كلها معايا هنا اتلفتت لك
الربيع الورد النبع اللي جاري
كلهم ويايا أهم مستنين
كلهم يا حياتي لك متشوقين
لحبايبك ولقلبي أنا
لليالي الشوق ونداها لنا
ما تعذبناش
ما تشوقناش
وتعال نعيش فرحتنا هنا
تعال حب العمر كله
تعال شوق العمر كله نعيشه م القلب الليله دي
ما تخليش أشواقنا لبكرا
ما تخليش فرحتنا لبكرا
كانت كلمات الاغنية سريعة جدا دون تكرار ، إبتلع لعابه في ذعر فهذه كانت أغنية والده المفضلة ، كان يرددها كثيرا في الاونة الاخيرة قبل أن يفارق الحياة ، شعر بيداه مقيداتان ، وصوت داخله يصرخ يجبره علي الفرار ، لكن قدماه تيبست في الارض رفضت الانصياع له ، أرد ان يمد يده لهذا الجالس أمامه لكنها رفضت أن تتحرك وكأن شيئا ما يقيده من قدمه ويداه ، أيصا ، توقف صوت الاغنية وعم السكون ، سكون من نوع أخر هذا الذي يبعث الرهبة في النفس ، هدوء كما نقول يغلب العاصفة ، لكن اي عاصفة هي ، إنها شديدة جدا ستقتلع الاخضر معها واليابس ، إبتلع لعابه عدة مرات ، هنا شاهد الرأس أمامه تتحرك لتلتفت له ، أسبل عينيه عدة مرات في توتر ، ما إن إلتفت الرجل ، ندت من إبراهيم شهقة شقت صمت الغرفة ، فما كان أمامه هو والده ، والده الذي غادر الحياة دون وداع ، تركه يتالم علي حاله فيما بعد ، حاول والده الاستناد علي الكرسي قبل أن يقف مواجها له قائلا بهدوء :-
فاكر يا ابراهيم الاغنية دي ، انت اتاخرت علي قوي ، وانا زعلان منك ، فاكر أخر ليلة لينا مع بعض قبل ماامشي ، لما قولتلي كل حاجة هتبقي احسن ، يومها متكلمتش ولو كنت اتكلمت كنت هتزعل قوي ، عارف ليه
هز إبراهيم راسه في نفي ، إستطرد والده الحديث :-
لان اللي حصل مكنش لازم يحصل ، ولا أي حاجة من اللي حصلت ، اكيد انت فاهمني !!!
كانت ملامح والده جامدة لم يعهدها هكذا قبلا ، لكنه تمالك نفسه خائفا منه ، إقترب منه والده ووضع يده علي كتفه ، وهمس في أذنه :-
الرحلة لسة طويلة يابني ، طريق انت اللي دخلته برجلك ، مش سهل انك تكمل فيه انا عارف ، بس كل دا كان بارادتك ، كل دا كان بعلمك ، ومتقولش عشاني انا مطلبتش منك حاجة ، ولو كنت ساعتها اعرف كنت منعتك ، لكن دا قدرك وكل من إختار قدره لازم يكمله للنهاية ، وقدري كتبلي البعد حتي اني اتجمع مع حبايبي بسببك ، بس انا مسامحك يابني لانه غصب عنك .
لم يتكلم إبراهيم كي يرد عليه ،لكن إنتابته رجفة من حديثه ، أعاد له والده ما حاول أن ينساه يوما ما ، لكن القدر له كلمة أخري ، كأنه أراد ان يخبره انه لم ولن يتركه ، هنا عاد له صوته الذي خرج منه خائفا ومترددا :-
انا جيت هنا ازاي يا بابا ولما انت هنا خليني معاك ، انا حاولت والله علي اد ما اقدر بس واضح ان القدر حكمه نفد ، ارجوك خليني .
تنهد والده وطالعه بنظرة غير مفهومة وقال :-
وانت متخيل انك لو استنيت هنا هترتاح ، أبدا ، دا هنا كل جمب فيه خوف يكفي العالم هنا مش مجرد اوضة انت شايفها دي عالم تاني يابني ، مفتوح ابوابه من كل جمب ، كل جدار فيه مليان قصص وحكايات متتحكيش ، بس يكفي انك تشوف ، والندم بعد كده انك استنيت وممشتش ، العالم هنا غريب ، علي اد مافيه من خوف ، بيجيلك حاجة جواك تخليك متبلد ، مش قادر تنطق ، مش خايف ومش قلقان ، الوقت مبيمرش هنا ، لانك ساكت ، مجبر انك تسكن ، الكلام في حد ذاته متعب للجدارن .
شعر إبراهيم بالتيه يتملك منه وسال والده :-
انت هنا ليه ؟
تنهد والده بحسرة قبل ان يجيب عليه ويعود جالسا علي الكرسي :-
انا هنا عشان إخترت أكون هنا ، انا هنا وهفضل هنا ، مش سهل تختار طريق يابني ، ولما بتختار وتعرف ان نهاية الطريق لو كملت غلط بتكمل وبتقاوح ، وقتها مش بيهمك الا نفسك ، بتكون اناني حتي في إختيارك لغلطك متخيل !!!
شعر إبراهيم بجسده يتحرك من تلقاء نفسه تقدم خطوتين وجثي علي الارض امام ابيه ، ما إن نظر إليه شاهد عبرة تفر من عينيه هاربة ، حاول إزاحتها ولكن بعد فوات الوقت ، راها إبراهيم فقد هبطت من عين ابيه إلي قلبه تلهبه ، نظر إبراهيم لوالده ب أسي وقال وهو يضع كف يده علي والده :-
طب يلا بينا من هنا يا بابا يلا نرجع تاني .
في تلك الاثناء كان والده منكس الرأس حزنا وخزي من نفسه ، رفع راسه وطالع إبنه قبل ان يرد عليه :-
ياريت يابني ، الجدران دي ثم أشار نحو الجدران ، كل واحد فيهم مامور انه يقفل علي ، وممنوع خروجي من هنا ابدا ، الاذن ليا مرفوض .
نظر إليه ب أسي وحزن :-
خلي بالك يابني الطريق المرسوم كان متخططله من زمان ، مفيش صدف هنا ، الصدفة الوحيدة هي وجودك في الوقت دا هنا بالذات ، انا معرفش ليه انت هنا ، وجاي دلوقتي ليه ، بس اللي متاكد منه انك ماشي علي النهج ، بس انا خايف من اللي جاي اصله صعب ، ومش هتقدر عليه ، ولو قدرت هتتعب قوي ، هيستنفز روحك قوي وبسحبها عند طريق غريب ، مليان سكك واعرة قوي ، وكل ماهتحاول تقوم من الوقعة ، هتلاقي اللي ماسك فيك ومش هيخليك تقوم ...
لم يتمالك إبراهيم نفسه من هذا الحديث الغريب المبهم المليئ ب ألغاز غريبة :-
انت بتقول ايه انا مش فاهم منك حاجة ابدا ، وضحلي اكتر يا بابا ، انا خايف قوي ، خليني معاك هنا ارجوك
لم يجيب عليه والده ونظر إلي الارض مرة أخري ، هنا صدح صوت أم كلثوم مرددا .
يا حبيبي ونبض قلبي ونور حياتي
يا ابتسام ليلي هنا واتلهف لك
هديت الدنيا هنا واتلهفت لك
كلها معايا هنا اتلفتت لك
الربيع الورد النبع اللي جاري
كلهم ويايا أهم مستنين
كلهم يا حياتي لك متشوقين
لحبايبك ولقلبي أنا
لليالي الشوق ونداها لنا
ما تعذبناش
ما تشوقناش
وتعال نعيش فرحتنا هنا
تعال حب العمر كله
تعال شوق العمر كله نعيشه م القلب الليله دي
ما تخليش أشواقنا لبكرا
ما تخليش فرحتنا لبكر
وضع إبراهيم يده علي كتف والده ، لم يشعر بملمسه ، وغاصت يده في جسده ، وصوت الاغنية أصبح عاليا بطريقة مخيفة ، صرخ إبراهيم مناديا والده ، سقط علي ركبتيه مناديا ، هز والده عدة مرات ، لم يستجيب له ، بعد عدة ثوان رفع والده رأسه له تبدلت ملامح وجهه وتساقط لحم وجهه وبرزت مقلتيه في شكل مخيف جدا ، خرجت الديدان من فمه ديدان سوداء كبيرة تتحرك بشكل غريب ، إنتفض إبراهيم وعاد للخلف بركبيته وسقط علي ظهره من الفزع ، لم يكن وجهه أبيه هو من تبدل بل أيضا جسده تمزقت ملابسه بطريقة مفزعة ، وشاهد ديدان رفيعة طويلة تخرج من ملابسه ، وتتحرك علي جسده بعدما سقطت الملابس الممزقة ، وخرجت الديدان من جسده ، بعد ثوان ظهرت ديدان تخرج من بين عظامه ،وضع إبراهيم علي فمه وأخذ يأن من الخوف ، إرتفعت دقات قلبه وغامت الدنيا في عينيه وقبل أن يغوص في عالمه شاهد جثة أبيه وهي تنهض وتقترب منه والديدان تتساقط منه مثل شلال الماء لكن هذا مختلف كثيرا ، لم يشعر إبراهيم بنفسه الا وهو داخل مكتبه ممدا علي الاريكة وبجانبه زملائه يطالعونه في شئ من الدهشة والقلق ، إعتدل سريعا ينظر إليهم وعينيه تحمل الكثير من الاسئلة المعلقة دون إجابة ، أمسك هادي زميله يده وقال له :-
انت كويس ياابراهيم
لم يجيبه بل أدار راسه ينظر إلي الملتفين حوله ، ثم عاد لصديقه واجاب إجابة مقتضبة :-
ايوة انا كويس ، هو ايه اللي حصل ؟
ضيق صديقه مابين حاجبيه ، طالع الواقفين حوله ، وكل منهم لسان حاله يتحدث عنه ، فقد فقد ظن الجميع انه فقد عقله .
الخوف من الحقيقة مؤلم ، هذا هو حال إبراهيم ، خائفا ، من أن يسالهم ماذا حدث له ، كل ما يتذكره هو ما مر عليه من لكم صاحب الحسابات ، أستاذ أشرف ، نعم تذكره ، غادر بعض الشاب ، من كانوا ملتفين حوله ، ليظل الجالس بجانبه علي الاريكة ، يدعي جلال ، شاب هادي الطباع وبشوش الوجه ، لا يراه أحد الا ويبتسم له ، يمتلك طيبة تكفي لغزو العالم ، نظر له إبراهيم نظرات ذات مغذي ، فهذة إحدي صفات جلال أيضا سريع البديهة ، تنحنح جلال معتذرا ومنهم بعدما أسند إبراهيم رأسه للخلف مدعيا شعوره بالتعب والاجهاد ، خرج الجميع من حوله وإنفض الجمع الا من جلال ، لم يتحدث بل ظل صامتا ، نعض وأغلق الباب عليهم ، لم يكن يوما قريب منه ، بل أيضا يجعلك ترتاح معه في الحديث ، وهذا ما كان إبراهيم يفعله ، يحاول الهروب منه خوفا من يأن يفيض عليه بما يحمله من أسرار ، برغم أنه يريد هذا ، يريد ان يرفع الثقل عن كاهله كي لا يرهقه أكثر من هذا ، فقد تعبت النفس مما عاصرت وعانت فهل سيأتي اليوم الذي يخبر صديقه ان يساعده في حمل أثقاله ، ام سيظل هكذا وحيدا ، يسير بمفرده في عالم غريب ، يظن أنه تخلي عنه ، ليس العالم أو الناس وحدهم ، بل هناك أمور أخري لايريد أن يتحدث فيها لنفسه ، مجرد حديث عابر قد يؤلمه ، يمزق نياط قلبه ، فمن قال ان البكاء عدة مرات يميت القلب ، بل هناك أمورا لو قرر القلب علب الرحيل جعلته يعدل عن قراره ويثنيه ، مثل الالم والندم ، التوق واللهفة ، الخوف أيضا يجبر القلب علي البكاء والدق بقوة ، ل يعلمك أنه حاضرا وبقوة ، لن يتركك وحدك .
رفع إبراهيم رأسه ونظر نحو جلال الجالس علي كرسي المكتب ، يبادله الاخر نظرات مليئة بالهدوء والسكينة ، شاب مات والداه وتركا له أختان تؤام تصغراه ب خمس أعوام ، ذاكر واجتهد وجعلهم يكملون تعليمهم ، تخرج هو من كلية التجارة اما البنات فقد أوشكوا علي التخرج من كلية الصيدلة ، لم يكل يوما من خدمتهم أو السعي من أجلهم بل ظل ثابرا ، فهو مثالا مشرفا للشاب المكافح ويحتذي به ، ظلت نظراته ثابتة إلي أن ساله بهدوء :-
إيه اللي حصل لدا كله ؟!
مكنش في داعي إنك تضربه ، الراجل جالك بهدوء يسالك عن الورق خلصته ولا لا ، خبط عليك كذا مرة وأنا كنت وقف برة بالصدفة وقتها !!
قاطعه إبراهيم بعدما تيبست عضلات وجهه ونهض غاضبا :-
ايه اللي انت بتقوله دا !
طالعه جلال مستفهما ولم يتحدث بل إستطرد إبراهيم حديثه :-
هو هجم علي في الاوضة وزعق بصوت عالي ، وكنت ساعتها بتكلم في الموبايل ، يعني كنت سامع وشايف الدنيا حواليا عاملة ازاي انا مش هتبلي عليه ، كل فعل ليه رد فعل ..
حك جلال مابين حاجبيه وساوره الشك تجاه صاحبه ، ف لم يكن إبراهيم هكذا ، حانقا وغاضبا ، هكذا من قبل ، مع قسمات وجهه المضطربة ، نهض واقفا مستكملا حديثه بغضب مكتوم :-
والله ياجلال مابضحك عليك ، طب .. .. .. طب قولي كده انا إيه جابني علي الكنبة !
هذه المرة تيقن جلال بوجود خطب ما في صاحبه ، وساوره القلق ، لكنه لم يبديه وأخفاه إلي أن يستوضح الامور ، لعل هناك أمر ما يجهله او يحدث ف لابد أن يأخذ حذره :-
أشار له بالجلوس :-
طب هسالك الاول عن كام حاجة كدا
هز إبراهيم رأسه :-
إتفضل
تنحنح جلال قبل أن يساله :-
هو انت بتشتكي من حاجة تعباك ، أعصاب مثلا أو حاجة
هز إبراهيم رأسه بالنفي ..
ليه إيه اللي حصل يعني !؟
رد جلال :-
مفيش والله قولت اشوف ، بص لما انت قمت ضربت الراجل وحاولنا نبعدكم عن بعض ، بعد ما الكل تقريبا خده كان باقي كام واحد هنا ، بصينا لقينا جسمك كله بيتنفض وبيعرق بشكل مبالغ فيه ، ومش كده بس دا بقك كمان كان بيتحرك وبيتكلم ، بس مش عارفين بتقول إيه ، سبناك لان محدش عرف يقربلك بصراحة كنا خايفين ،
وعشان متفهمش الكلام غلط كنا خايفين عليك وواحد زميلنا قال محدش يقربله لحد جسمه مايهدا ويستكين كده ، وفعلا تقريبا مرت عشر دقايق ، وبعد كده إبتدا جسمك يهدا، نشفنا وشك من المية ، وبعد كده قربنا منك وشيلناك من ع الارض رفعناك علي الكنبة ترتاح ، وبقالك ساعة كنت في عالم تاني خالص ، مع ذلك رغم العرق دا جسمك كان سخن جدا ومحدش عارف السبب ، إتصلت علي أختي وقالتلي علي حقنة كده لعل وعسي تريحك وتسكن جسمك بسبب إنه كان بينتفض جامد جدا ...
رفع إبراهيم حاجبيه مع بزوع عيناه للخارج ، ف كل ما قاله جلال لم يصدقه عقله ، بل أنه يحتاج لوقت كي يفهم مايحدث معه ، لم يجيب عليه بشيء ، صمت جلال بعدما أفرغ ما حدث ، أما صديقه ف لم يجد كلمات يقولها تثلج قلبه ، بل هناك عاصفة هوجاء تلاطم عقله في غضب ، لا هي تستكين ولا تلك الاسئلة التي لم يجد لها إجابة ، و كيف لا وهو لم يطلقها ، لم يخبره ماحدث معه أثناء غيابه عن الوعي ، ماذا يخبره ، كي تكتمل الصورة عنه ، تارة ضرب الرجل بدون أسباب ، وأخري تحدثه مع الموتي ، أي هراء هذا ، ف كل مافعله ، هو أنه حرك رأسه بتفهم وقال :-
يمكن أكون تعبان ومحتاج أكشف وأريح شوية من ضغط الشغل ، أرهقت نفسي زيادة ، وشكرا علي اللي عملته معايا ، لولا وقفتك جمبي .
نهض جلال مقتربا منه ، ربط علي كتفه بهدوء ورد عليه بود :-
لا أبدا ياابراهيم إحنا أصحاب ودا واجب علينا تجاه بعض ، المهم تكون كويس لانك محتاج تكشف ونطمن عليك ، والاطمئنان حلو عشان نفسك حتي .
هز إبراهيم رأسه بحرج :-
عندك حق ربنا يقدم اللي فيه الخير.
تركه بعد أن صافحه وغادر المكتب ، لكن عقله سيظل منشغل به ، هناك ما يورقه ، وشعور داخلي مبهم لا يدري ماذا يحدث ، أما عن إبراهيم فزفز ما في قلبه معلنا غضبه بكل مايملك ، غامت الدنيا في عينيه لا يصدق ما يحدث له ، هل كان كابوسا مر به ، ومنذ متي يحدث له مثل هذه الامور المخيفة ، تري ماذا يفعل ومن أين يبدأ !!؟
هل يستطيع أن يجد إجابات ؟!!
وماذا سيحدث !!!؟
تذكر كلمة والده أن الجهل ببعض الامور راحة لنا ، تنقذنا من براثن عدو أشد وطاه ، لكن أي جهل هنا قالها لنفسه لابد أن أبحث عن إجابة شافية تريح قلبي وعقلي .
نهض من ع الاريكة وإتجه نحو مكتبه ، في تلك الاثناء تذكر والدته وما حدث معه ، جلس وسحب نفسا طويلا أثلج صدره بعدما ضاق مما يحدث له ، ثم زفره في الهواء بضيق ، وقرر مهاتفة أمه كي يطمئنها ، أمسك هاتفه ونظر إليه وجد العديد من المكالمات ، شعر بالضيق لانه لا يحب أن يقلقها عليه مثلما حدث ، يكفيها فراقه عنها ، ضغط علي زر الهاتف وقرر الحديث معها وطمأنتها ويريح قلبها ..
رن هاتفها عدة مرات دون إجابة ، حاول أن يطمئن نفسه علها منشغلة بشئ ما ، وضع الهاتف أمامه ، وضغط علي رأسه يحركها حركة دائرية كي يهدأ قليلا من تلك الامواج العاصفة التي تتلاطم في رأسه .
في تلك الاثناء سمع صوتا بجانبه يقول له بهمس :-
اوعك تفتكر أن الموت بعيد عنك ، دا قريب منك قوي ، بس حظك انك بتهرب منه .
إنتفض من تلك الكلمات ونهض من فوق الكرسي يلتفت حوله في جنون أيعقل ما يحدث له أم مازال يشعر أنه داخل الكابوس ولم يخرج منه ، هنا شاهد طيف أسود يمرق من أمام مكتبه يشبه الدخان ، ومرأه غريبة ظهرت في الفراغ ، نظر إليها بتمعن شاهد إناس كثر ينظرون له ، لم يتبين ملامحهم ، شعر في تلك الاثناء بكهرباء تمر في ظهره ، وبمن يمسك يده ، وأن الارض تميد من أسفل قدمه ، شاهد الطيف الاسود الغريب يتشكل أمامه في صورة ضبابية مخيفة ، حاول العودة للخلف لكنه كان مقيدا ، مازل في غرفة مكتبه ، لكن كل شئ حوله تحول لظلام دامس ، جثي علي الارض من الرعب لم يتمالك نفسه من فرط زعره ، إنتفض علي صوت هاتفه علي المكتب ، رفع رأسه ينظر حوله في رهبة وقلق ، جفف زخات الماء التي تندت علي جبهته من القلق ، ٱستعاذ بالله من الشيطان عدة مرات قبل أن يمد يده ليلتقط هاتفه .
شاهد رقمها غلي الهاتف ضغط علي الزر سريعا :-
أيوة ياماما قلقتيني عليكي
لم تأتيه إجابة منها لذا كرر الكلام مرة أخري :-
ماما ألو . . . . . . . . . . . . . . . . .
ازاح الهاتف عن اذنه ونظر إليه مندهشا ،مازال الخط مفتوح اذا ماذا يحدث ، قراره ب أن يغلق الهاتف ويعيد مهاتفتها مرة أخري ، أم يظل علي الخط هكذا ربما شبكة الهاتف من تفعل هذا ، وبسن هذا وذاك شعور بالقلق يسري في جسده ، وخوف تملك منه دون سبب يذكر ، وسؤال واحد أطلقه تري ماذا حدث لوالدته ! ؟ ؟
هل أصابها مكروه ! ؟ ؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نحن الان بصدد رواية غريبة ومخيفة ، تدور مع مجموعة شباب ، أردو شق طريقهم بمفردهم دون مساعدة أحد ، كي يثبتوا لانفسهم أنهم قادرين علي التغلب علي الصعاب مهما كانت قوتها ، و أنهم صامدون من البداية إلي النهاية ، لن يخافوا وسيواجهوا ما يحدث ، لكن هناك طريق جديد قاموا ب سلكه دون قصد ، جعلهم يتفرقون رغم وجودهم بجانب بعضهم البعض ، لكن تفرقت عقولهم كل منهم يبحث عن ذاته التي إختفت منهم ، خائفين مما يحدث لهم ومما يمرون فيه ، الحقائق المخفية ، و العيون المتربصة ، ستجعلهم غير قادرين ، مقيدين من الخوف ، فهل هناك من سينتشلهم من بورة التيه ام سيظلوا عالقين في درب الحياة الذي يخفي خلفه موت بطرق شنيعة ...
ليس قتلا ، بل وجود نفوس خائفة أشد قسوة من القتلة الذين يسفكون الدماء ، ...
قرر خمسة من الشباب ب تأسيس معرض صغير خاص، بانتقاء الانتيكات والقطع المميزة ، والافضل تكون ذات طابع قديم جدا من الأشياء ذات قيمة كبيرة كنوع من انواع الربح المادي ، حيث كانوا علي دراية ان هذة الامور تحتاج للكثير من الوقت للترويج ، لكنهم قررو ان ينتظرو حتي يحققوا البداية ولن يردعهم شئ ابدا ، ولكي يثبتوا لأنفسهم أنهم قادرين علي دخول مجال ريادة الاعمال الكبيرة والمميزة ، وأيضا مع الوقت يستبدلون المشروع الصغير ب لاخر كبير له وضع واسم مميز
الشاب الاول هو إبراهيم شاب في الثامنة والعشرين، تخرج من كلية التجارة هادئ الطباع، ذكي عنيد جدا ،بالقدر الذي يجعله يقع في مشاكل كبري بسبب عدم رضوخه لغيره وهذا سببا في خوض معركة جعلته الخاسر ، كان يعمل محاسبا بإحدى الشركات الخاصة بكد ، وأيضا مميز وسط أصدقائه رغم الغموض الذي يحيط بشخصيته ، قليل الحديث ويفضل العزلة او الانخراط بين الورق كي يتناسي ، أو يقصد ذلك ، لكنه أثناء تأدية عمله كان ينتهي من بعض الاوراق ، وفي الجانب رن هاتفه ، أجاب عليه ، كانت والدته تحدثه في أمر ما ، تبدلت قسمات وجهه لكنه لم يتكلم او يجيب بشئ ، وفي تلك الاثناء إقتحم عميل مكتبه بطريقة هجومية غير لائقة ، وقد صاح في وجهه بطريقة سافرة ، جحظت عينا إبراهيم ، وتفاجا كثير بما يحدث ، لكنه حاول تمالك زمام غضبه ، كانت والدته مازالت علي الهاتف ، حاول أن يغلق معها وسط صراخها علي الجانب الاخر ، أنزل الهاتف وأغلق الخط في وجه والدته التي شاطت غضبا مما سمعت منذ قليل ، ترك هاتفه علي المكتب وتقدم بضع خطوات ، وقف لهذا البغيض الذي وقف في مواجهته وقال له :-
أنت مخلصتش الورق اللي طلبته منك ليه ، المفروض دا ورق الشركة ، حضرتك قاعد تتكلم بس ومش فاضي لينا خالص .
شعر إبراهيم ب الغضب يتملك منه ، غامت الدنيا في عينيه في تلك الاثناء ، فقال له بهدوء يغلب العاصفة التي تملكت منه دون أن يدري تبعات ما سيحدث :-
انت بتدخل مكتبي بالشكل دا ازاي ، مش المفروض تخبط علي الباب ، وبعدين مين قالك ان الشغل مخلصش ، ها ، انت جيت اتكلمت براحة ، ولا حتي حاولت تكون محترم ، أنا مء شغال عندك اصلا
قاطعة الشخص الاخر بعدما وصل صوتهم للجميع ، تجمهر بعض الشباب في مكتبه علي صوتهم ، ورد عليه بغضب بعدما وكزه في كتفه قائلا :-أنا محترم غصب عنك و...
لم يكمل الكلمة ليباغته إبراهيم ب لكمة أطاحت به للخلف ، لتستقر في وجهه ، سمع الجميع صوت عظمة فكه وهي تتهشم ، صمت الجميع الا من صوت تألم الشخص ، في ذاك الوقت تدخل الجميع لفض الاشتباك الذي لم يكن له داع من وجهة نظر الجميع في ضيق وغضب عارم ، أسندو الشخص وحملوه للخارج أما من بقي فهم إقتربوا منه ، ف منهم من يثنيه عما يفعل ومنهم من صب جام غضبه عليه في ضيق لم يحتمل ، ووسط كل هذا الصخب لم يشعر بنفسه أبدا ، و كأن كل هذه الاصوات تبخرت في الفراغ ، فقط وجوه حوله وأشخاص يلوحون بايديهم تارة ، ويلكزونه تارة أخري ، إلي أن سقط أرضا وهو لم يعي ما يحدث له ، حاولوا إسناده كي يقف وهو في حالة من الذهول الشديد ، نظراته زائغة ، وجسده أصابه الخدر ، اصبح مثل خرئة بائدة تزروها الرياح كما تريد ، تبدل الحال حوله وشاهد نفسه داخل غرفة إضائتها حمراء قوية ، جدرانها مطلية بلون أبيض أو رمادي لم يستطع ان يحدد ، غرفة كبيرة نوعا ما بها فراش صغير وبجانبه كرسي من الخشب ، وهناك رجلا يجلس علي هذا الكرسي يوليه ظهره ، وضع إبراهيم يده علي الارض متناسيا ما حدث منذ قليل ، إستند وحاول الوقوف ، رغم عدم إنصياع جسده في البداية الا انه بعد مرور وقت قصير تحامل علي نفسه ووقف ، إهتز جسده قليلا قبل أن يعتدل ، إرتفعت دقات قلبه ، وشعر بخوف غير مبرر ، حاول أن يتحدث لكن صوته أبي ان يخرج ، تحامل علي نفسه وتقدم ، كلما تقدم خطوة إزدادت حرارة الغرفة ، شعر بجسده يزفر الماء ، وضيق شديد في صدره ، تبدل الكرسي الذي يجلس عليه الرجل إلي أخر يهتز ، كلما تقدم إهتز أكثر إلي أن وقف خلف وهنا سمع صوت يألفه كثيرا أغنية لام كلثوم صدحت في جنبات الغرفة ، إرتج جسده من الفزع ، سمعها تقول
ليلة حب
ياللي عمرك ما خلفت ميعاد في عمرك
الليلة دي غبت ليه ؟ حيرني أمرك
أخرك إيه عني ؟
مستحيل الدنيا عني تأخرك
بالأمل مستني
سهران تجيني يا حياتي واسهرك
تعال العمر كله نخلصه حب الليله دي
تعال شوق العمر كله نعيشه م القلب الليله دي
ما تخليش أشواقنا لبكرا
ما تخليش فرحتنا لبكرا
كأن أول ليلة للحب الليله دي
يا حبيبي ونبض قلبي ونور حياتي
يا ابتسام ليلي هنا واتلهف لك
هديت الدنيا هنا واتلهفت لك
كلها معايا هنا اتلفتت لك
الربيع الورد النبع اللي جاري
كلهم ويايا أهم مستنين
كلهم يا حياتي لك متشوقين
لحبايبك ولقلبي أنا
لليالي الشوق ونداها لنا
ما تعذبناش
ما تشوقناش
وتعال نعيش فرحتنا هنا
تعال حب العمر كله
تعال شوق العمر كله نعيشه م القلب الليله دي
ما تخليش أشواقنا لبكرا
ما تخليش فرحتنا لبكرا
كانت كلمات الاغنية سريعة جدا دون تكرار ، إبتلع لعابه في ذعر فهذه كانت أغنية والده المفضلة ، كان يرددها كثيرا في الاونة الاخيرة قبل أن يفارق الحياة ، شعر بيداه مقيداتان ، وصوت داخله يصرخ يجبره علي الفرار ، لكن قدماه تيبست في الارض رفضت الانصياع له ، أرد ان يمد يده لهذا الجالس أمامه لكنها رفضت أن تتحرك وكأن شيئا ما يقيده من قدمه ويداه ، أيصا ، توقف صوت الاغنية وعم السكون ، سكون من نوع أخر هذا الذي يبعث الرهبة في النفس ، هدوء كما نقول يغلب العاصفة ، لكن اي عاصفة هي ، إنها شديدة جدا ستقتلع الاخضر معها واليابس ، إبتلع لعابه عدة مرات ، هنا شاهد الرأس أمامه تتحرك لتلتفت له ، أسبل عينيه عدة مرات في توتر ، ما إن إلتفت الرجل ، ندت من إبراهيم شهقة شقت صمت الغرفة ، فما كان أمامه هو والده ، والده الذي غادر الحياة دون وداع ، تركه يتالم علي حاله فيما بعد ، حاول والده الاستناد علي الكرسي قبل أن يقف مواجها له قائلا بهدوء :-
فاكر يا ابراهيم الاغنية دي ، انت اتاخرت علي قوي ، وانا زعلان منك ، فاكر أخر ليلة لينا مع بعض قبل ماامشي ، لما قولتلي كل حاجة هتبقي احسن ، يومها متكلمتش ولو كنت اتكلمت كنت هتزعل قوي ، عارف ليه
هز إبراهيم راسه في نفي ، إستطرد والده الحديث :-
لان اللي حصل مكنش لازم يحصل ، ولا أي حاجة من اللي حصلت ، اكيد انت فاهمني !!!
كانت ملامح والده جامدة لم يعهدها هكذا قبلا ، لكنه تمالك نفسه خائفا منه ، إقترب منه والده ووضع يده علي كتفه ، وهمس في أذنه :-
الرحلة لسة طويلة يابني ، طريق انت اللي دخلته برجلك ، مش سهل انك تكمل فيه انا عارف ، بس كل دا كان بارادتك ، كل دا كان بعلمك ، ومتقولش عشاني انا مطلبتش منك حاجة ، ولو كنت ساعتها اعرف كنت منعتك ، لكن دا قدرك وكل من إختار قدره لازم يكمله للنهاية ، وقدري كتبلي البعد حتي اني اتجمع مع حبايبي بسببك ، بس انا مسامحك يابني لانه غصب عنك .
لم يتكلم إبراهيم كي يرد عليه ،لكن إنتابته رجفة من حديثه ، أعاد له والده ما حاول أن ينساه يوما ما ، لكن القدر له كلمة أخري ، كأنه أراد ان يخبره انه لم ولن يتركه ، هنا عاد له صوته الذي خرج منه خائفا ومترددا :-
انا جيت هنا ازاي يا بابا ولما انت هنا خليني معاك ، انا حاولت والله علي اد ما اقدر بس واضح ان القدر حكمه نفد ، ارجوك خليني .
تنهد والده وطالعه بنظرة غير مفهومة وقال :-
وانت متخيل انك لو استنيت هنا هترتاح ، أبدا ، دا هنا كل جمب فيه خوف يكفي العالم هنا مش مجرد اوضة انت شايفها دي عالم تاني يابني ، مفتوح ابوابه من كل جمب ، كل جدار فيه مليان قصص وحكايات متتحكيش ، بس يكفي انك تشوف ، والندم بعد كده انك استنيت وممشتش ، العالم هنا غريب ، علي اد مافيه من خوف ، بيجيلك حاجة جواك تخليك متبلد ، مش قادر تنطق ، مش خايف ومش قلقان ، الوقت مبيمرش هنا ، لانك ساكت ، مجبر انك تسكن ، الكلام في حد ذاته متعب للجدارن .
شعر إبراهيم بالتيه يتملك منه وسال والده :-
انت هنا ليه ؟
تنهد والده بحسرة قبل ان يجيب عليه ويعود جالسا علي الكرسي :-
انا هنا عشان إخترت أكون هنا ، انا هنا وهفضل هنا ، مش سهل تختار طريق يابني ، ولما بتختار وتعرف ان نهاية الطريق لو كملت غلط بتكمل وبتقاوح ، وقتها مش بيهمك الا نفسك ، بتكون اناني حتي في إختيارك لغلطك متخيل !!!
شعر إبراهيم بجسده يتحرك من تلقاء نفسه تقدم خطوتين وجثي علي الارض امام ابيه ، ما إن نظر إليه شاهد عبرة تفر من عينيه هاربة ، حاول إزاحتها ولكن بعد فوات الوقت ، راها إبراهيم فقد هبطت من عين ابيه إلي قلبه تلهبه ، نظر إبراهيم لوالده ب أسي وقال وهو يضع كف يده علي والده :-
طب يلا بينا من هنا يا بابا يلا نرجع تاني .
في تلك الاثناء كان والده منكس الرأس حزنا وخزي من نفسه ، رفع راسه وطالع إبنه قبل ان يرد عليه :-
ياريت يابني ، الجدران دي ثم أشار نحو الجدران ، كل واحد فيهم مامور انه يقفل علي ، وممنوع خروجي من هنا ابدا ، الاذن ليا مرفوض .
نظر إليه ب أسي وحزن :-
خلي بالك يابني الطريق المرسوم كان متخططله من زمان ، مفيش صدف هنا ، الصدفة الوحيدة هي وجودك في الوقت دا هنا بالذات ، انا معرفش ليه انت هنا ، وجاي دلوقتي ليه ، بس اللي متاكد منه انك ماشي علي النهج ، بس انا خايف من اللي جاي اصله صعب ، ومش هتقدر عليه ، ولو قدرت هتتعب قوي ، هيستنفز روحك قوي وبسحبها عند طريق غريب ، مليان سكك واعرة قوي ، وكل ماهتحاول تقوم من الوقعة ، هتلاقي اللي ماسك فيك ومش هيخليك تقوم ...
لم يتمالك إبراهيم نفسه من هذا الحديث الغريب المبهم المليئ ب ألغاز غريبة :-
انت بتقول ايه انا مش فاهم منك حاجة ابدا ، وضحلي اكتر يا بابا ، انا خايف قوي ، خليني معاك هنا ارجوك
لم يجيب عليه والده ونظر إلي الارض مرة أخري ، هنا صدح صوت أم كلثوم مرددا .
يا حبيبي ونبض قلبي ونور حياتي
يا ابتسام ليلي هنا واتلهف لك
هديت الدنيا هنا واتلهفت لك
كلها معايا هنا اتلفتت لك
الربيع الورد النبع اللي جاري
كلهم ويايا أهم مستنين
كلهم يا حياتي لك متشوقين
لحبايبك ولقلبي أنا
لليالي الشوق ونداها لنا
ما تعذبناش
ما تشوقناش
وتعال نعيش فرحتنا هنا
تعال حب العمر كله
تعال شوق العمر كله نعيشه م القلب الليله دي
ما تخليش أشواقنا لبكرا
ما تخليش فرحتنا لبكر
وضع إبراهيم يده علي كتف والده ، لم يشعر بملمسه ، وغاصت يده في جسده ، وصوت الاغنية أصبح عاليا بطريقة مخيفة ، صرخ إبراهيم مناديا والده ، سقط علي ركبتيه مناديا ، هز والده عدة مرات ، لم يستجيب له ، بعد عدة ثوان رفع والده رأسه له تبدلت ملامح وجهه وتساقط لحم وجهه وبرزت مقلتيه في شكل مخيف جدا ، خرجت الديدان من فمه ديدان سوداء كبيرة تتحرك بشكل غريب ، إنتفض إبراهيم وعاد للخلف بركبيته وسقط علي ظهره من الفزع ، لم يكن وجهه أبيه هو من تبدل بل أيضا جسده تمزقت ملابسه بطريقة مفزعة ، وشاهد ديدان رفيعة طويلة تخرج من ملابسه ، وتتحرك علي جسده بعدما سقطت الملابس الممزقة ، وخرجت الديدان من جسده ، بعد ثوان ظهرت ديدان تخرج من بين عظامه ،وضع إبراهيم علي فمه وأخذ يأن من الخوف ، إرتفعت دقات قلبه وغامت الدنيا في عينيه وقبل أن يغوص في عالمه شاهد جثة أبيه وهي تنهض وتقترب منه والديدان تتساقط منه مثل شلال الماء لكن هذا مختلف كثيرا ، لم يشعر إبراهيم بنفسه الا وهو داخل مكتبه ممدا علي الاريكة وبجانبه زملائه يطالعونه في شئ من الدهشة والقلق ، إعتدل سريعا ينظر إليهم وعينيه تحمل الكثير من الاسئلة المعلقة دون إجابة ، أمسك هادي زميله يده وقال له :-
انت كويس ياابراهيم
لم يجيبه بل أدار راسه ينظر إلي الملتفين حوله ، ثم عاد لصديقه واجاب إجابة مقتضبة :-
ايوة انا كويس ، هو ايه اللي حصل ؟
ضيق صديقه مابين حاجبيه ، طالع الواقفين حوله ، وكل منهم لسان حاله يتحدث عنه ، فقد فقد ظن الجميع انه فقد عقله .
الخوف من الحقيقة مؤلم ، هذا هو حال إبراهيم ، خائفا ، من أن يسالهم ماذا حدث له ، كل ما يتذكره هو ما مر عليه من لكم صاحب الحسابات ، أستاذ أشرف ، نعم تذكره ، غادر بعض الشاب ، من كانوا ملتفين حوله ، ليظل الجالس بجانبه علي الاريكة ، يدعي جلال ، شاب هادي الطباع وبشوش الوجه ، لا يراه أحد الا ويبتسم له ، يمتلك طيبة تكفي لغزو العالم ، نظر له إبراهيم نظرات ذات مغذي ، فهذة إحدي صفات جلال أيضا سريع البديهة ، تنحنح جلال معتذرا ومنهم بعدما أسند إبراهيم رأسه للخلف مدعيا شعوره بالتعب والاجهاد ، خرج الجميع من حوله وإنفض الجمع الا من جلال ، لم يتحدث بل ظل صامتا ، نعض وأغلق الباب عليهم ، لم يكن يوما قريب منه ، بل أيضا يجعلك ترتاح معه في الحديث ، وهذا ما كان إبراهيم يفعله ، يحاول الهروب منه خوفا من يأن يفيض عليه بما يحمله من أسرار ، برغم أنه يريد هذا ، يريد ان يرفع الثقل عن كاهله كي لا يرهقه أكثر من هذا ، فقد تعبت النفس مما عاصرت وعانت فهل سيأتي اليوم الذي يخبر صديقه ان يساعده في حمل أثقاله ، ام سيظل هكذا وحيدا ، يسير بمفرده في عالم غريب ، يظن أنه تخلي عنه ، ليس العالم أو الناس وحدهم ، بل هناك أمور أخري لايريد أن يتحدث فيها لنفسه ، مجرد حديث عابر قد يؤلمه ، يمزق نياط قلبه ، فمن قال ان البكاء عدة مرات يميت القلب ، بل هناك أمورا لو قرر القلب علب الرحيل جعلته يعدل عن قراره ويثنيه ، مثل الالم والندم ، التوق واللهفة ، الخوف أيضا يجبر القلب علي البكاء والدق بقوة ، ل يعلمك أنه حاضرا وبقوة ، لن يتركك وحدك .
رفع إبراهيم رأسه ونظر نحو جلال الجالس علي كرسي المكتب ، يبادله الاخر نظرات مليئة بالهدوء والسكينة ، شاب مات والداه وتركا له أختان تؤام تصغراه ب خمس أعوام ، ذاكر واجتهد وجعلهم يكملون تعليمهم ، تخرج هو من كلية التجارة اما البنات فقد أوشكوا علي التخرج من كلية الصيدلة ، لم يكل يوما من خدمتهم أو السعي من أجلهم بل ظل ثابرا ، فهو مثالا مشرفا للشاب المكافح ويحتذي به ، ظلت نظراته ثابتة إلي أن ساله بهدوء :-
إيه اللي حصل لدا كله ؟!
مكنش في داعي إنك تضربه ، الراجل جالك بهدوء يسالك عن الورق خلصته ولا لا ، خبط عليك كذا مرة وأنا كنت وقف برة بالصدفة وقتها !!
قاطعه إبراهيم بعدما تيبست عضلات وجهه ونهض غاضبا :-
ايه اللي انت بتقوله دا !
طالعه جلال مستفهما ولم يتحدث بل إستطرد إبراهيم حديثه :-
هو هجم علي في الاوضة وزعق بصوت عالي ، وكنت ساعتها بتكلم في الموبايل ، يعني كنت سامع وشايف الدنيا حواليا عاملة ازاي انا مش هتبلي عليه ، كل فعل ليه رد فعل ..
حك جلال مابين حاجبيه وساوره الشك تجاه صاحبه ، ف لم يكن إبراهيم هكذا ، حانقا وغاضبا ، هكذا من قبل ، مع قسمات وجهه المضطربة ، نهض واقفا مستكملا حديثه بغضب مكتوم :-
والله ياجلال مابضحك عليك ، طب .. .. .. طب قولي كده انا إيه جابني علي الكنبة !
هذه المرة تيقن جلال بوجود خطب ما في صاحبه ، وساوره القلق ، لكنه لم يبديه وأخفاه إلي أن يستوضح الامور ، لعل هناك أمر ما يجهله او يحدث ف لابد أن يأخذ حذره :-
أشار له بالجلوس :-
طب هسالك الاول عن كام حاجة كدا
هز إبراهيم رأسه :-
إتفضل
تنحنح جلال قبل أن يساله :-
هو انت بتشتكي من حاجة تعباك ، أعصاب مثلا أو حاجة
هز إبراهيم رأسه بالنفي ..
ليه إيه اللي حصل يعني !؟
رد جلال :-
مفيش والله قولت اشوف ، بص لما انت قمت ضربت الراجل وحاولنا نبعدكم عن بعض ، بعد ما الكل تقريبا خده كان باقي كام واحد هنا ، بصينا لقينا جسمك كله بيتنفض وبيعرق بشكل مبالغ فيه ، ومش كده بس دا بقك كمان كان بيتحرك وبيتكلم ، بس مش عارفين بتقول إيه ، سبناك لان محدش عرف يقربلك بصراحة كنا خايفين ،
وعشان متفهمش الكلام غلط كنا خايفين عليك وواحد زميلنا قال محدش يقربله لحد جسمه مايهدا ويستكين كده ، وفعلا تقريبا مرت عشر دقايق ، وبعد كده إبتدا جسمك يهدا، نشفنا وشك من المية ، وبعد كده قربنا منك وشيلناك من ع الارض رفعناك علي الكنبة ترتاح ، وبقالك ساعة كنت في عالم تاني خالص ، مع ذلك رغم العرق دا جسمك كان سخن جدا ومحدش عارف السبب ، إتصلت علي أختي وقالتلي علي حقنة كده لعل وعسي تريحك وتسكن جسمك بسبب إنه كان بينتفض جامد جدا ...
رفع إبراهيم حاجبيه مع بزوع عيناه للخارج ، ف كل ما قاله جلال لم يصدقه عقله ، بل أنه يحتاج لوقت كي يفهم مايحدث معه ، لم يجيب عليه بشيء ، صمت جلال بعدما أفرغ ما حدث ، أما صديقه ف لم يجد كلمات يقولها تثلج قلبه ، بل هناك عاصفة هوجاء تلاطم عقله في غضب ، لا هي تستكين ولا تلك الاسئلة التي لم يجد لها إجابة ، و كيف لا وهو لم يطلقها ، لم يخبره ماحدث معه أثناء غيابه عن الوعي ، ماذا يخبره ، كي تكتمل الصورة عنه ، تارة ضرب الرجل بدون أسباب ، وأخري تحدثه مع الموتي ، أي هراء هذا ، ف كل مافعله ، هو أنه حرك رأسه بتفهم وقال :-
يمكن أكون تعبان ومحتاج أكشف وأريح شوية من ضغط الشغل ، أرهقت نفسي زيادة ، وشكرا علي اللي عملته معايا ، لولا وقفتك جمبي .
نهض جلال مقتربا منه ، ربط علي كتفه بهدوء ورد عليه بود :-
لا أبدا ياابراهيم إحنا أصحاب ودا واجب علينا تجاه بعض ، المهم تكون كويس لانك محتاج تكشف ونطمن عليك ، والاطمئنان حلو عشان نفسك حتي .
هز إبراهيم رأسه بحرج :-
عندك حق ربنا يقدم اللي فيه الخير.
تركه بعد أن صافحه وغادر المكتب ، لكن عقله سيظل منشغل به ، هناك ما يورقه ، وشعور داخلي مبهم لا يدري ماذا يحدث ، أما عن إبراهيم فزفز ما في قلبه معلنا غضبه بكل مايملك ، غامت الدنيا في عينيه لا يصدق ما يحدث له ، هل كان كابوسا مر به ، ومنذ متي يحدث له مثل هذه الامور المخيفة ، تري ماذا يفعل ومن أين يبدأ !!؟
هل يستطيع أن يجد إجابات ؟!!
وماذا سيحدث !!!؟
تذكر كلمة والده أن الجهل ببعض الامور راحة لنا ، تنقذنا من براثن عدو أشد وطاه ، لكن أي جهل هنا قالها لنفسه لابد أن أبحث عن إجابة شافية تريح قلبي وعقلي .
نهض من ع الاريكة وإتجه نحو مكتبه ، في تلك الاثناء تذكر والدته وما حدث معه ، جلس وسحب نفسا طويلا أثلج صدره بعدما ضاق مما يحدث له ، ثم زفره في الهواء بضيق ، وقرر مهاتفة أمه كي يطمئنها ، أمسك هاتفه ونظر إليه وجد العديد من المكالمات ، شعر بالضيق لانه لا يحب أن يقلقها عليه مثلما حدث ، يكفيها فراقه عنها ، ضغط علي زر الهاتف وقرر الحديث معها وطمأنتها ويريح قلبها ..
رن هاتفها عدة مرات دون إجابة ، حاول أن يطمئن نفسه علها منشغلة بشئ ما ، وضع الهاتف أمامه ، وضغط علي رأسه يحركها حركة دائرية كي يهدأ قليلا من تلك الامواج العاصفة التي تتلاطم في رأسه .
في تلك الاثناء سمع صوتا بجانبه يقول له بهمس :-
اوعك تفتكر أن الموت بعيد عنك ، دا قريب منك قوي ، بس حظك انك بتهرب منه .
إنتفض من تلك الكلمات ونهض من فوق الكرسي يلتفت حوله في جنون أيعقل ما يحدث له أم مازال يشعر أنه داخل الكابوس ولم يخرج منه ، هنا شاهد طيف أسود يمرق من أمام مكتبه يشبه الدخان ، ومرأه غريبة ظهرت في الفراغ ، نظر إليها بتمعن شاهد إناس كثر ينظرون له ، لم يتبين ملامحهم ، شعر في تلك الاثناء بكهرباء تمر في ظهره ، وبمن يمسك يده ، وأن الارض تميد من أسفل قدمه ، شاهد الطيف الاسود الغريب يتشكل أمامه في صورة ضبابية مخيفة ، حاول العودة للخلف لكنه كان مقيدا ، مازل في غرفة مكتبه ، لكن كل شئ حوله تحول لظلام دامس ، جثي علي الارض من الرعب لم يتمالك نفسه من فرط زعره ، إنتفض علي صوت هاتفه علي المكتب ، رفع رأسه ينظر حوله في رهبة وقلق ، جفف زخات الماء التي تندت علي جبهته من القلق ، ٱستعاذ بالله من الشيطان عدة مرات قبل أن يمد يده ليلتقط هاتفه .
شاهد رقمها غلي الهاتف ضغط علي الزر سريعا :-
أيوة ياماما قلقتيني عليكي
لم تأتيه إجابة منها لذا كرر الكلام مرة أخري :-
ماما ألو . . . . . . . . . . . . . . . . .
ازاح الهاتف عن اذنه ونظر إليه مندهشا ،مازال الخط مفتوح اذا ماذا يحدث ، قراره ب أن يغلق الهاتف ويعيد مهاتفتها مرة أخري ، أم يظل علي الخط هكذا ربما شبكة الهاتف من تفعل هذا ، وبسن هذا وذاك شعور بالقلق يسري في جسده ، وخوف تملك منه دون سبب يذكر ، وسؤال واحد أطلقه تري ماذا حدث لوالدته ! ؟ ؟
هل أصابها مكروه ! ؟ ؟
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .