الفصل الثاني

الفصل الحادي عشر: الصدى الزمني

بينما كان عادل يعيش في ظل تلك الحلقة الزمنية المتكررة، بدأ يشعر بشيء غريب. مع كل يوم يمر، كانت التفاصيل من حوله تصبح أكثر غموضًا. أصوات ماضيه تتداخل مع حاضره، والذكريات التي كانت محبوسة في عقله تبدأ بالظهور بشكل غير منتظم.

في أحد الأيام، بينما كان يجلس في مكتبه، شعر بنبضة غريبة في قلبه. التقط جهازه الذي كان قد احتفظ به منذ تلك الأيام في الكهف. ولأول مرة منذ أن أغلق البوابات الزمنية، بدأ الجهاز يهتز مجددًا، وكأنما يناديه. نظر إلى الجهاز بصمت، وكأنما يتساءل إن كان يمكنه فعلاً العودة إلى تلك العوالم التي ظن أنه قد تركها وراءه.

ولكن، ومع الإشارة التي أضاءت على الجهاز، شعر عادل بشيء أعمق من مجرد رغبة في العودة. بدأ يتساءل إن كان كل هذا مجرد جزء من لعبة أزلية، وأنه هو نفسه ليس أكثر من قطعة شطرنج في يد قوى أكبر.

في تلك اللحظة، أتى إليه شخص كان قد التقى به في أحد العوالم الموازية: "أنت لم تنتهِ بعد." كان هذا الشخص، الذي كان يعرفه في ذلك العالم الآخر باسم "مروان"، قد ظهر فجأة أمامه في مكتبه. لكنه لم يكن الشخص الذي عرفه سابقًا. ملامحه كانت غريبة، وعينيه مليئة بالأسرار.

"مروان؟ كيف؟" همس عادل، متفاجئًا من ظهوره المفاجئ.

أجاب مروان بنبرة هادئة: "لم تنتهِ رحلتك بعد، عادل. أنت هنا ولكنك لست هنا. نحن نعيش في وقت لا يتوقف عن التكرار، ونحن جزء من شبكة كونية لا نملك فيها الخيار. لا يمكنك الهروب من هذا. كلما حاولت الهروب، تجد نفسك في نفس المكان."

قال عادل متوترًا: "ألم أغلق بوابات الزمن؟ ألم أتخذ قراري؟"

ابتسم مروان، وكان هناك شيء غريب في ابتسامته. "نعم، لكنك لم تُغلق كل البوابات. هناك دائمًا مكان آخر للذهاب إليه. دائمًا نقطة جديدة في الشبكة."

عادل شعر بشيء غير مريح يتسرب إلى داخله. هل كان ما مر به حقيقيا؟ هل هو الآن في عالم آخر، أو هل هو فقط انعكاس لتكرار لا نهاية له؟ هل كان عادل يعيش في حلقة زمنية لا يمكن اختراقها، حيث لا يعترف الزمن نفسه بتوقفه؟


---

الفصل الثاني عشر: التأثير المضاعف

في تلك اللحظة، شعر عادل بشيء غريب يحدث في المكان المحيط به. كانت جميع التفاصيل تتغير، وكان الزمن يتلاشى ويعود ليشكّل نفسه من جديد. كل شيء حوله بدا وكأنما يعيد نفسه مرة تلو الأخرى، لكنه ليس بنفس الشكل تمامًا. كانت هناك تعديلات صغيرة جدًا في كل مرة، تفاصيل لا تلاحظها العين في البداية، ولكنها تصبح أكثر وضوحًا مع مرور الوقت.

كانت عادل يشعر أن هناك قوة خفية تراقب تحركاته، وكان يدرك أنه إذا استمر في المضي قدمًا، فسيعود إلى نفس النقطة في النهاية. لكنه كان أيضًا يعلم أن كل لحظة تأخير، وكل قرار صغير، يمكن أن يكون له تأثير ضخم على الشبكة الزمنية بأسرها. هل كان بإمكانه التلاعب بهذه القوى؟ أم أنه كان مجرد شاهد على سير الأحداث، لا يستطيع التأثير عليها؟

"إنه لا نهاية له، أليس كذلك؟" تمتم عادل لنفسه، وهو ينظر إلى مروان.

ابتسم مروان مجددًا، وقال: "أنت لا تدرك بعد، لكنك جزء من نظام أكبر من ذلك. هذه الشبكة الزمنية التي تراها هي امتداد لوجودك. كل اختياراتك هي جزء من توازن أكبر، لا يمكنك إيقافه أو تغييره. نحن جميعًا أجزاء في هذا النظام، وقراراتنا تؤثر على العديد من العوالم."

وكان الصوت الذي يرافقه غريبًا، وكأن الزمن نفسه يشوبه التشويش.


---

الفصل الثالث عشر: الانفصال عن الزمن

بينما كان عادل يحاول استيعاب كلمات مروان، بدأ يرى المشهد أمامه يتشوه. أصبح الزمان والمكان غير مستقرين. ظهر أمامه العديد من النوافذ التي كانت تُظهر لحظات مختلفة في تاريخه، لحظات لا يعرفها، ولا يمكنه تذكرها، ولكنها كانت جزءًا من حياته.

"هل هذه هي حياتي؟ أم هي مجرد أصداء من الزمن؟"

وفي تلك اللحظة، بدأ يشعر أن كل جزء من وجوده كان يتلاشى. كان يعلم أنه في نقطة زمنية ما، كان قد اخترق حدود الواقع. وأن حياته لم تعد مجرد قصة خطية، بل مجموعة من اللحظات المترابطة التي لا تتوقف عن التكرار.

"إذاً، نحن جميعًا في دورة لا تنتهي، هل هذا يعني أننا محكومون بالعودة إلى نفس النقطة؟" سأل عادل نفسه وهو ينظر إلى مروان، الذي أجاب بلا تردد:

"نعم. لا نهاية لهذه الدورة. لا بداية ولا نهاية. نحن نعيش في قلب الزمان، ونحن محكومون أن نعود، مرارًا وتكرارًا."


---

الفصل الرابع عشر: السلسلة المستمرة

بينما كان عادل يفكر في هذه الكلمات، بدأ يشعر بشيء عميق يتغير فيه. مع كل دورة، أصبح أكثر قدرة على فهم النظام الذي يحيط به، لكنه أيضًا أصبح أكثر حيرة. هل كان يحاول الهروب من شيء أكبر منه؟ أم أنه كان جزءًا من شيء لا يمكن فهمه؟

في النهاية، ومع مرور الزمن، أصبح عادل جزءًا من هذا النظام. رغم محاولاته المتكررة للتغيير أو الهروب، كان يعود دائمًا إلى نفس اللحظة، إلى نفس الدائرة. وكل مرة، كان يتعلم شيئًا جديدًا، لكنه في نفس الوقت كان يدرك أنه محاصر في حلقة أبدية.

والسؤال الذي بقي في ذهنه إلى الأبد كان: هل هو الشخص الذي يختار، أم هو مجرد انعكاس للزمن نفسه؟

الفصل الخامس عشر: اللحظة المفقودة

بعد أسابيع من التحولات الغريبة والقرارات التي لم تبدُ لها نهاية، أصبح عادل يشعر بأنه لم يعد يعيش في العالم الذي يعرفه. كان يمر في الأماكن نفسها، يرى الوجوه نفسها، ولكنه كان دائمًا يشعر بشيء مختلف، كأنما كان هناك فجوة بينه وبين واقعه، كما لو أن الزمن نفسه بدأ يتلاشى حوله.

في إحدى الليالي، بينما كان يسير في الشارع، رأى فجأة نافذة قديمة تعرض صورة لمدينة كانت غريبة عليه. المدينة كانت مليئة بالأنوار الساطعة والشوارع التي لا تشبه أي شيء في عالمه. تقدّم نحو النافذة بشكل لا إرادي، ووجد نفسه داخل تلك المدينة، كما لو أنه انتقل عبر الزمن دون إرادته.

"أنت هنا الآن، عادل." جاء الصوت من خلفه، وعندما التفت، اكتشف أنه كان مروان، الرجل الذي قابله في العوالم الموازية في الماضي. كان وجهه هادئًا، لكن عيونه كانت مليئة بالأسرار. "هذه المدينة، وهذه اللحظة، هي انعكاس لكل الاختيارات التي اتخذتها. كل ما مررت به، وكل لحظة فشلت في تغييرها، قادتك إلى هنا."

"ولكن... كيف؟" همس عادل، يشعر بالضياع. "ألم أغلق البوابات؟ ألم أهرب من هذه الدورة؟"

ابتسم مروان ابتسامة غامضة، ثم نظر إلى الأفق البعيد حيث كانت المدينة تبدأ بالانهيار بشكل بطيء. "أنت لم تهرب، عادل. هذا ليس الهروب. هذه هي اللحظة التي كنت تخشاها دائمًا. لا يمكن إغلاق الزمن."

وبينما كان عادل يحاول استيعاب الكلمات، بدأت المدينة تتغير. الشوارع التي كانت مليئة بالحياة بدأت تتداعى، والأضواء التي كانت تملأ السماء بدأت تتلاشى. أصبح المكان كله يتداخل مع ظلاله، وكأن الزمن نفسه بدأ يختفي.

"هذه هي الحقيقة، عادل." قال مروان بصوت أكثر هدوءًا. "كل لحظة في حياتك، وكل خيار، هو جزء من هذا الانهيار. لا مفر من التكرار."

وفجأة، شعر عادل بشيء غريب. كانت حياته كلها أمامه، تتقاطع وتتداخل كما لو أنها سلسلة من اللحظات المفقودة، لحظات حاول الهروب منها، وأخرى أراد تغييرها، لكنها كانت دائمًا تعيده إلى نفس النقطة. في تلك اللحظة، شعر أنه محاصر في شبكة زمنية أبدية، وكلما حاول الهروب منها، كان يعود إلى حيث بدأ.

"لكنني لا أريد هذا!" صرخ عادل، لكن صوته ضاع في الهواء الذي كان مشوهًا.

أجاب مروان بصوت هادئ: "لا يمكنك الهروب، عادل. الزمان ليس ملكًا لأحد. هو الذي يملك الجميع."


الفصل السادس عشر: التمرد على الزمن

بقي عادل صامتًا للحظة، بينما كانت المدينة المظلمة تنهار من حوله. بدا له أن كل شيء في هذا العالم كان يتلاشى بشكل متسارع، وكأن الزمن نفسه يحاول أن يبتلع كل شيء.

"لماذا لم أختر تغيير هذا؟" همس عادل لنفسه، وهو يراقب الأنقاض التي تتناثر في كل مكان. لكن مروان كان هناك، واقفًا بصمت، يراقب المشهد أيضًا، كما لو أنه قد شهد هذا من قبل.

"لأنك كنت تؤمن أن لديك خيارًا، عادل،" قال مروان أخيرًا، بنبرة خافتة، "لكن الحقيقة هي أن الخيارات التي تتخذها هي مجرد محاكاة لما هو موجود بالفعل. أنت لم تأتِ إلى هنا لأنك اخترت، بل لأنك مُجبر على المجيء."

عادل شعر بالضياع، فحاول أن يركز على الأفكار المتناثرة في عقله. "إذاً، أنا مجرد جزء من سلسلة لا تنتهي؟ مجرد جزء من لعبة؟"

"نعم، جزء من لعبة، جزء من النظام الكوني الذي لا يمكنك تجاوزه،" أجاب مروان. "لكنك لم تفهم بعد. حتى عندما تشعر أنك عالق، أنت جزء من الحلقة الكبرى، لا يمكنك التمرد على الزمان لأنك أنت الزمان نفسه."

كانت كلمات مروان ثقيلة في قلبه، وكأنها تحمل حقيقة مريرة. لكن في تلك اللحظة، أضاءت في ذهنه فكرة جديدة. فكرة تخرج عن دائرة التسليم للأقدار.

"ماذا لو كان هناك شيء آخر؟" فكر عادل بصوت مرتفع، وهو يحدق في الأنقاض التي تحيط به. "ماذا لو لم يكن الوقت هو الذي يسيطر؟ ماذا لو كانت هناك قوة أخرى يمكن أن تكسر الحلقة؟"

أجاب مروان بابتسامة لا تُظهر أي مفاجأة. "أنت تفكر في شيء أكبر، عادل. لكن تذكر: حتى المحاولات الأكبر لا تخرج عن الإطار. الحيلة تكمن في التكيف، وليس في المقاومة."

لكن عادل لم يكن مستعدًا للاستسلام. كان قلبه مليئًا بالأمل، وأمل في أن هناك دائمًا مخرجًا ما. وبنظرة حادة في عيني مروان، قال: "إذا كنت على صواب، فإنني سأظل محاصرًا. لكن إذا كنت مخطئًا، فهناك دائمًا أمل للهرب. وسأجد ذلك."

وفي تلك اللحظة، بدأت المدينة كلها تهتز، كما لو أن كلمات عادل قد أثارت شيئًا عميقًا في هذا العالم الموازى. بدأت الحواف تتفكك، والنوافذ تظهر بعوالم أخرى، عوالم لا تشبه ما رآه من قبل. كان هناك انفتاح جديد، فتحة صغيرة في الزمن.

"هذا هو المخرج، أليس كذلك؟" سأل عادل.

لكن مروان نظر إليه وقال: "لا تتسرع، عادل. الزمن لا يعطيك سوى وهم الفتحات. ولكن إذا اخترت أن تتبع هذا المخرج، ستكون بداية دورة جديدة، لا تضمن أن النهاية ستكون أفضل."

شعر عادل بقلبه ينبض بسرعة. كانت هذه اللحظة حرجة، لحظة حاسمة. هل يغامر ويخوض في المجهول، محاولًا كسر الحلقة الأبدية؟ أم يظل في هذا العالم الذي يظن أنه يعرفه، لكنه أصبح غير قابل للفهم؟


---

الفصل السابع عشر: عبر الفتحة

عادل لم يتردد طويلاً. في تلك اللحظة، قرر أن يخاطر. فقد تلاشت الكثير من الخيارات أمامه، ولم يعد يهمه سوى العثور على طريق للخروج من هذا المأزق الزمني.

اندفع نحو الفتحة، متجاوزًا كل شيء من حوله. كان يعلم أن الرحلة إلى المجهول قد تعني بداية جديدة أو نهاية غير معروفة، لكنه كان عازمًا على استكشاف هذا الطريق، مهما كانت العواقب.

مع كل خطوة، بدأ الزمن يلتوي حوله مرة أخرى. لكنه شعر بشيء مختلف هذه المرة. كان يملك زمام أمره. أصبح يعلم أن محاولاته السابقة كانت جزءًا من الرحلة، لا نهايتها. كل قرار اتخذ، كل محاولة فشلت، كانت قد أعدته لهذه اللحظة.

وأخيرًا، عبر الفتحة.

لكن ماذا سيجد في الجانب الآخر؟ هل ستكون هذه هي النهاية الحقيقية، أم أنه سيجد نفسه في حلقة أخرى من الزمن؟ فقط الزمن وحده يمكنه الإجابة على هذا السؤال.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي