٢٨

استيقظت بعد فترة لا اعلمها بسبب مثانتي التي تترجاني لأفرغها و لقد فعلت ، نظرت في هاتفي لأجد بأن الساعة الآن التاسعة و الربع مساءًا! رائع لقد نمت ست ساعات و الآن لا أظن بأنني سوف أعود للنوم في أي وقت قريب ، فلنقول وداعًا لنومي المنتظم

أنزعجت من فكرة أنني سوف أعاني مع عدم أنتظام نومي مرة أخرى و تتوقف حياتي بسبب ذلك

قررت بأن أجرب أن أعود للنوم فربما يحدث و أكمل نومي حتي الصباح ، للخامسة فجراً حتي ، و لكن بعد فترة من أغماضي لعيناي و محاولة النوم فشلت ، لذلك أزلت الغطاء و بدلت ملابسي لكى أذهب و أزعج ماندي

و حين خرجت من باب غرفتي اكتشفت بأنني لم اكلف نفسي عناء سؤالها و رايان عن أرقام غرافهم ، أخرجت هاتفي و أتصلت بها ، مرة و الثانية و لا يوجد رد ، رجحت بأنها نائمة كشخص طبيعي الآن ، و لم اغامر بالاتصال بـ رايان فقط أخذت المصعد للأعلى حيث يوجد مطعم صغير و كراسي فوق سطح النُزل الراقي و الذي هو فندق صغير بالنسبة لي

بمجرد خروجي من المصعد داهمتني رائحة الطعام و صوت الموسيقي الهادئة مع صوت أحاديث البعض ، الأجواء كانت ساحرة ، سماء الليل المظلمة و القمر ، الأضواء الصغيرة المعلقة في أرجاء المكان و كذلك موضوعة فوق الطاولات القليلة الموجودة هنا ، الكاونتر الطويل و حوله كراسي ، خلفه يقف رجل و امرأة هو يطبخ بينما هي تقدم الأطباق

المشهد أمامي كان جيد للغاية لدرجة أنني وقفت أحدق به لدقيقتين أو أكثر قبل أن أخذ خطواتي نحو الكاونتر أجلس على تلك الكراسي الغير مريحة و التي تكسر ظهري "مرحبًا بكِ آنستي ، تريدين العشاء أم فقط مشروب؟"سألتني السيدة بلطف و هي تبتسم بدون تصنع لأردها لها "ماذا لديكم للعشاء؟" عادت خطوة للخلف لتخرج شيء من أسفل الكاونتر و تسلمني إياه "اطلبي أي شيء موجود في اللائحة و سوف نحضره لكِ"قالت و تركتني اتفحص اللائحة بينما ذهبت لتساعد الرجل الذي خلفها

"اسمحي لي بالتأثير على قرارك"انتفضت على الصوت الذي آتي من خلفي ، لماذا دائمًا يحدث هذا؟ ، لماذا فقط لا يأتي الشخص و يتحدث أمام وجهي بدل اخافتي بهذا الشكل؟ أناس غريبة!

آتي الشخص الذي تحدث بجانبي يتخذ مقعداً على يميني "مرحبًا لك انت أيضًا" سخرت ليضحك نيل و يهز رأسه "أعتذر ، مرحبًا ميا هل يمكنني التأثير على قرارك بشأن العشاء؟"نظرت له لثانية قبل أن أترك اللائحة و أومأ له "جيد ، آنستي احضري لنا إثنين من رقم تسعة و كأسين من النبيذ" قال نيل يمد يده للسيدة لتأخذ منه لوحة الطعام التي كانت معي من قبل ، تبتسم بينما تتمتم بـ'اختيار جيد'

"ماذا طلبت؟"سألت بقلق فأنا انتقائية للغاية في طعامي ، تقريبًا لا أتناول نصف الأطعمة التي يتناولها البشر "سوف تعلمين بعد دقائق و لكن للآن لنتعرف على بعضنا أكثر" تحدث بمرح يستدير ليكون مواجهًا لي ، توترت قليلًا و ترددت بشأن 'معرفة بعضنا أكثر' و لكنني قررت الوثوق في حدسي الذي يخبرني بأن نيل ليس بالشخص السيء و بأنني لن اندم على معرفته

"هات ما عندك فأنا لست جيدة بشأن بدأ صداقات"صارحته فأنا لا أعلم كيف أكون صداقات أو كيف أبدأ محادثة مع أحد ، للآن لا أعلم كيف بدأت صداقتي مع ماندي أو ليا و الباقيات ، لولا عرض بيري و -تقريبًا- فرضها لنفسها علي لم أكن لأمتلك أي أحد

"إسمي هو نيل كما تعلمين ، و كما تعلمين أيضًا أنا إيرلندي في الثامنة و العشرون من عمري أعمل مُدرس موسيقي في لندن و لدي حبيبة"لم اصدم بأنه يمتلك حبيبة بقدر ما صُدمت بأنه مُدرس ، فهو يبدو أروع من ذلك ، أنه يبدو كعارض أزياء!

تجعدت ملامحي للحظة بسبب رائحة غير محببة لي و لكنني دفعت الأمر بعيدًا عن طريق شمي لرائحة يدي بعد كل ذلك تحدثت"حسنًا هي محظوظة و.."قاطعني يقول بهدوء و إبتسامة"أنه العكس ، أنا المحظوظ بها فهي رائعة للغاية" إبتسمت بقوة على اعترافه ، أنه للطيف للغاية بأن يظن بأنها أفضل منه و بأنه المحظوظ لأمتلاكها ، و هذا يثبت بأنها محظوظة لأمتلكها شخص صادق و لطيف مثل نيل

"أنا واثقة بأن كلاكما محظوظ بالآخر ، بأن كلاكما رائع"قلت بهدوء لتزداد إبتسامة نيل و تحمر وجنتيه ، هـ.و لـ.ـط.ـيـ.ـف ! تمتم بشكراً صغيرة لأبتسم له للصراحة أنا مبتسمة بسببه منذ جلست

، قبل أن أعرف بنفسي آتي الطعام و كدت اتقيء ، قفزت من فوق الكرسي سريعًا أبتعد عن الطبق كي لا اتقيء بحق ، لقد شممت رائحته و لكنني لم أعلم بأنه سيقدم لي! أريد أمي

"ماذا حدث؟"سأل نيل بقلق و هو يقف أمامي ، لم أتحدث فقط ظللت استنشق رائحة العطر العالقة في يدي كما لو أنني مدمنه تستنشق الكوكايين "ميا هل أنتِ بخير؟"كرر نيل السؤال لاتماسك و أنظر له بعد أن كنت أعطيه هو و الكاونتر و من خلفه ظهري

"أظن بأنه الوقت المناسب لأقول بأنني أكره السمك و كل ما هو اتيٍ من البحر!"قلت بصوت مكتوم بسبب يدي التي ماتزال أمام فمي ، كرهي للطعام البحري كان عجيب ، لقد نشاء منذ صغري ، أتذكر بأنني كنت في الخامسة و أصغر حينما بدأ كرهي له ، لا أعلم السبب و لكن عندما كانت تحاول أمي اطعامي أي طعام بحري كنت اتقيء قبل وضعه في فمي حتي ، في البداية ظنت أمي بأنني اعاندها أو اتدلل كـ اي طفل صغير قد يرفض البروكلي ، و لكن عندما منعت عني الطعام لكي اتناوله و حدث و تناولت قطعة بحجم عقلة إصبعي الخنصر و بلعتها وسط بكائي من ثم تقيأتها مرة أخرى أيقنت أمي بأنني لا أمزح

الموضوع مقرف أعلم و قد يبدو بأنني اتدلل أو أكبر الموضوع و لكن هو أكبر كابوس في حياتي "هل تمزحين؟"سأل نيل لأنظر له بغضب هل يمزح هو؟ "هل أبدو لك بأنني أمزح؟ هل قفزت من فوق الكرسي بهلع لأنني أمزح؟هل تظهر لك ملامحي المتقززة بأنني أمزح نيل؟"قلت من بين أسناني ليرفع يديه بأستسلام بينما يتمتم بأنه آسف

لم يكن علي تركه يختار من البداية ، كيف سيعلم بأنني أكره الطعام البحري ، لانت ملامحي و تحدثت بهدوء "لا بأس فقط اجعلها تزيله بسرعة و تحضر معكرونة بالجبن أو أي شيء آخر" أومأ نيل و ذهب ليفعل كما طلبت ، أكاد أبكي بسبب ما حدث هذا ، لماذا يتناول البشر السمك على اي حال؟ طعمه ليس جيد و حتي رائحته! ايوو

"لقد طلبت معكرونة هيا اجلسي"قال نيل يربت على ظهري لأسير الخطوتين التي تفصلني عن الكاونتر و أعود لأجلس "يمكنكِ إزالة كفكِ فلا يوجد رائحة الآن"أنزلت كفي و ارحته على فخذي بينما أصابع يدي الأخرى أخذت تفرك جبيني ، لقد كنت في موقف صعب!

"أعتذر لم يجب علي الطلب بدون أخذ رأيك أنا فقط لم أتوقع بأنكِ لا تحبين الطعام البحري"أضاف بحزن لأهز رأسي للجانبين"لا بأس فقط لا تفعلها مرة أخرى رجاءًا"تمتمت ليومأ ، سوف أضع بالحسبان بأن أضع تلك المعلومة في جميع مواقع التواصل الاجتماعي خاصتي و سوف تكون ثاني شيء أخبره لأي شخص ألقاه بعد إسمي
--
"إنها ماري ، سوف أعود بعد قليل"أومأت لنيل ليذهب بعيداً ليتحدث لحبيبته ، احرك إصبعي السبابة فوق حافة الكأس بدون أي سبب فقط أحب فعل ذلك بأي كوب أو كأس بين يدي أو ربما فقط مللت من إنتظار المعكرونة


"غريبة هي سرعة تخطيكِ للأشخاص!"تحدث لوك الذي جلس بجانبي يفعل نفس الشيء في الكأس الذي أمامه ، نظرت له بعقدة كبيرة بين حاجباي فـهو تحدث لي بدون أي مجهود مني لذلك و لأنني لم أفهم -بشكل كلي- ما يقصد

"ماذا تقصد؟"سألت بهدوء لأرى زاوية شفتايه ترتفع في سخرية ، عينيه لم ترتفع عن يديه أبدًا و أصبعه ذو الخاتم الفضي الكبير مازال يدور حول حافة الكأس "لا تتصنعي الغباء ميا فأنتِ تعلمين قصدي"أجاب لأزدرد لعابي ، قبل أن أقول أي شيء أضاف بنفس نبرته الهادئة و الباردة "حين رأيتكِ علمت بأنكِ تغيرتِ و لكنني لم أتوقع بأن تكوني هكذا"عادت العقدة لتتشكل بين حاجباي

"هكذا كيف؟"سألت بتردد ، أستطيع الشعوري بقلبي ينبض في حنجرتي من التوتر و حتي استطيع سماعه ينبض بداخل أذني ، أنه ينبض في كل مكان!

نظر لي لوك لأكثر من ثانية ، يتفحصني بعينيه الزرقاء الغامقة التي حملت نظرة برود لم تتناسب مع جمالها ، وقف من فوق كرسيه ليصبح أمامي مباشرةً ، ينظر للأسفل حيث أنا -بسبب جلوسي و فرق الطول- قبل أن يميل قليلًا ليهمس "أصبحتِ أسوأ من ذي قبل" تركني مصدومة من جملته و ذهب ، لم أتحرك انش واحد من الصدمة ، شعرت بالاختناق بسبب عودة الأفكار السوداوية المتعلقة بأنني شخص سيء لا يطاق

و ربما كانت تلك الحقيقة بأنني مهمة حاولت لن أكون جيدة ، ليس بالنسبة لنفسي حتي

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي