3
وكاد يحدثني ,لكني قطعت عليه كل ذلك بقيامي من هناك بسرعة .
أفكر في ماكنت أفكر فيه فالاختيار صعب أما أختار حياتي أما حياتهم فالحياة دائما ما تضعنا للاختيار بين سيء وأسوأ. فإن اخترت العودة فسأموت في كنف هذا الرجل الذي يريد والدي أن يزوجني إياه ولن أكمل دراستي ولا أصل لشيء مما أطمح وأن اخترت الرحيل وتركهم فالعار سيلاحقني ويلاحقهم طالما عاشوا. ثم قامت ونهضت ولم يبقي علي القطار سوي بضع دقائق وتحركت لتدلف لخارج القطار وكان خلفها أحد يسرع يريد اللحاق بها. نظرت خلفها وجدته الطبيب فأسرعت اكثر لأنها تيقنت أنه قد تعرف عليها وأدرك من هي. وما أن تحركت لخارج القطار حتي أخذت أسير للمنزل مسرعة قبل أن يستيقظ أحد. بالفعل دخلت لمنزلها وأخذت تغلق الباب كما كان وأعادت كل شيء لما كان عليه من قبل أخذت تبكي وهي مستسلمة كلياً لواقع الأمور من حولها وزواجها من هذا المراهق ابن عمها. بناء علي رغبة والدها وقد اجتمع الجميع لمراسم الزفاف وما يسبقها من مراسم الحنة والمنزل ممتلئ ويكتظ بالناس من كل حدب وصوب وكذلك الرجال يجتمعون مع بعضهم البعض في مكان والنساء بمكان آخر وكنت أوسطهم في الجلسة التي العروس وكانت زوجة عمي وأقاربها بجواري وأمي وأخواتي بجواري من الناحية الأخرى .
لم أتوقع إن الآمور تسير بكل تلك السهولة ما زلت أتوقع حدوث تلك المعجزة وانا اجلس معهم لا أشاركهم في شيء يصفقون ويتراقصون والغناء يملأ المنزل,لكني لم أشعر بكل هذا. والدي مع الرجال بالطابق السفلي وانا ادعوا الله وابتهل له وأتضرع له بالدعاء واردد تلك الآية التي سمعتها فجر اليوم" واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا" أخذت أقولها وانا ارتجف وأدعوا الله ما أن اقتربت أمي لي وأخذت تعد الحنه حتي سقطت هاوية منها علي الأرض علي اثر صوت والدي وابن عمي ...
كان صوت والدي الذي ارتفع بشدة واسقط الوعاء من بين يدي أمي هو طوق النجاة. الجميع حولي شعروا بالخوف واضطرب كل شيء. توقف الغناء والرقص والموسيقى وازداد الصوت في الارتفاع وكذلك صوت ابن عمي وعمي واشتعل المكان بأصواتهم جميعاً حتي اصبحنا غير قادرين علي التميز بين صوت أبي وغيره. فالمكان كان حافلاً بالرجال من كل حدب وصوب لحضور مراسم الحنة والزفاف في طرفة عين انقلب كل شيء رأس علي عقب وطرد والدي عمي بعد أن لطمه علي وجهه بشدة أمام الجميع فأزال هيبته وأسقطها من أعين الجميع وخرج هو يصرخ بوجه أبي ومعه أبيه وإخوته وهم يمسكون به ويجذبونه للخارج .
هو يقول: كل أموالك لي لن تستطيع أن تمنعني منها وكذلك ابنتك فهي لي هي الأخرى.
طرقت تلك الكلمات مسامعي وازداد الخوف بداخلي أن يأخذني هذا الرجل عنوة وأنا ضعيفة لا اقوي علي شيء, لكني اقوي بأبي. انتهي الزفاف قبل أن يبدأ وانا كنت الوحيدة السعيدة بكل هذا. يخيم الحزن علي الجميع يبدو واضاً علي وجوههم. حاولت أن اخفي عليهم فرحتي بانتهاء هذا الزفاف , لكني لم استطيع. فأخذت نفسي وأنا أحاول الإ أبدي أمامهم ابتسامتي العريضة التي فرضت نفسها على وجهي وأضاءت عيناي الواسعتين. ذهبت لحجرتي وأغلقت بابها وأخذت أهرول بها وانا ارقص بالملابس التي قد جلبوها لي للاتداء في الحنة وكأني لست أنا منذ نصف ساعة وانا أجلس معهم ويكتسحني الحزن ويخيم علي وجهي وكأنني في جنازتي اسمع تهانيهم لي كأني اسمعها البقاء لله لم أكن أريد اكثر من ذلك فالعرس انتهي بعد كل التجهيزات المنزلية ورغم قرب إتمامه بليلة واحدة أي قدر هذا الذي يلعب لصالحي هذه المرة .
لم استطيع الهروب فكان الصبر والسلوان والدعاء هو الذي قلب العرس إلي صراع وانتهاء. لا يهمني ما يحدث بعد ذلك بقدر ما كان يثقل قلبي ذلك العرس ويطوقه. الآن التقط أنفاس الحرية في بيت أبي من جديد الزوج من راجل مراهق كالفحل يملي علي أوامره وتعليماته وكأنني سجينة بعقد الزواج ونزواته التي أرهقتني قبل أن أتزوجه. أخذت أكمل دائرة رقصي في حجرتي حتي القيت بنفسي علي فراشي وأنا أبحث عن ثيابي أخلع عني هذا الفستان الذي اعتقد الجميع أنه ثوب الحنة وانا أراه ثوب الحكم بالإعدام ظلماً دون أن اقترف أي جرم سوي كوني فتاة بالصعيد. بدلت ثيابي في لحظات وخرجت لهم وكان الجميع قد انصرف عنا وأصبحت أنا وأمي بمفردنا وأخي الصغير الذي لا يدرى بشيء حوله وأطفئت الأنوار وجمعوا المقاعد كانت فرحتي تفوق كل شيء لم اهتم لتقضيب وجه أمي وغضبها الشديد حملت أخي الصغير الذي كان يبكي.
الفصل الثاني
فدلف والدي وقد ظن أنني من أبكيته فلطمني علي وجهي بشدة صدمني تصرف والدي فذهبت وتركته هو واخي الصغير احزنني ذاك التفكير الذي ظنه أبي في. الأ يعقل إلا أحب أخي؟ بل هو أخي لم أرهق نفسي في التفكير في ما فعله أبي بل سعادتي أكبر من أن أضيعها في الحزن والألم من لطمة والدي. رغم أنها أحدثت في الكثير من الألم النفسي فلم أتوقع من والدي يوماً أن يعتبرني كاخي. مضي هذا اليوم بكل ما حمله لي من سعادة أنا فقط ولكن الباقين يطاردون أحزانهم بما فيهم أبي. أما عني كنت انتظر نتيجة الثانوية العامة حتي أحقق أحلامي وأخرج من هذا الواقع لعلي أكون أنا تلك الحالة التي تغير أفكار توارثتها أجيال وأجيال منذ عقود من الزمن ومع ذلك لا أعرف كيف أخبر والدي بأني أريد أن اكمل دراستي مادام الزفاف لم يكتمل فكنت أترقب الأمور لعلها تجد لها برا ترسو عليه.
مضي الوقت وكل يوم يفد علينا مجموعة من النساء للزيارة والتشفي فينا ويجرحوننا بالحديث دون أدنى رحمة. ومنهم من يقول ويدعي علي أبي الجنون في أنه يلغي الزفاف قبلها بليلة واحدة ومن يقول انهم استراحوا من طيش ذاك المراهق ابن عمي ومن يقول إنه سوء حظ الفتاة ولن يتقدم أحد لخطبتها غيره ومن يقول إنه ابن عمها واحق بها علي حسب عاداتهم ومن يقول أنها لن تتزوج وبخاصة أن سيرتها أصبحت مضغة في أفمام الجميع ومن يقول ربما يكون أحدا قد صنع لها أمرا كالسحر أو ما شابه ذلك لم أكن أعلم أن كل هذا سيحدث.
ارهقني وأثر في بشدة كل تلك الكلمات التي تشبه السهام المسمومة التي تخترق قلبي وتسيل دمعي. أنا تلك الفتاة التي عرفت أنها ابنه عائلة كريمة وكبيرة لها ما لها من الأراضي والأملاك تصبح سيرتها مشاع في أفمام الجميع رجال ونساء. وما ادراك أن يمسك الناس سيرتها وان خطأ فيزيدون بالحديث ويزايدون بالكلام القبيح والسيء جميعه أشفاق وتشفي في وفي عائلتي. أصبحت أكره أن أذهب إلي المدرسة وأن أقابل أحد منهم.
كان والدي يتجنب الحديث إلي الجميع وأصبح أكثرانطواء بعد أن شعر بالذنب علي ما فعله بي ,لكني لم اهتم لذلك. وبعد فترة قضاها والدي في اعتكافه علي عمله وانقطاعه عن رؤية الجميع وبخاصة بعد ما قاله ابن عمي وهو يهدده بالانتقام. أخذ كل أملاكهم بما فيهم أنا لم اهتم بما قاله لأن والدي لن يسمح له بذلك ظل المنزل واجماً لفترة طويلة وكل من يأتي لزيارتنا يأتي ليعرف الأحداث وسيرها وكأنها قضية رأي عام وليست مجرد الغاء لعرس ,لكن هذا في عرف الصعيد عار لا يمحوه عار.
كثيرا من الأحلام كانت تقلق نومي. وذات يوم نهضت فزعة وانا أري حلم مفزع أرى فيه وجه والدي وهو يبكي ويجلس علي كرسي متحرك لم افهم شيء من الحلم.ورأيت أبي يجلس مع أخي. فأخذت استعيذ بالله من الشيطان وانا أقول لنفسي أنه مجرد حلم لا أكثر فلا داعي لكل القلق والارتياب. ربما دلفت تلك الفكرة لعقلي لخوفي مما يمكن أن يحدث .أخذت أساعد والدتي في إعداد الطعام كعادتنا وانا أطرد كل تلك الأفكار من رأسي،لكني لم اجد لها تفسير اخذ والدي نفسه وخرج من المنزل وكنت أريده إلا يخرج. لم اجرؤ يوماً علي أن أوقف أبي واصرخ بوجهه يا أبي لاتخرج لا. هناك من يتربصون بنا في لخارج. يا أبي أني أعلم ما لا تعلم ربما ذلك يكون حقيقي وواقع مرير يمر علينا.
ذهبت إليه وانا ارتجف واقتربت منه وأنا أقول له : أبي لا تخرج.
خرج واغلق الباب وكأنني لا أتحدث ذهبت لحجرتي .أشعر بأن هناك شيء سوف يحدث ولا اعرف ما هو بداخلي خوف قلبي لا يتوقف عن الإخفاق بشدة وسرعه. وانا اجلس وانا ارتجف أري أمي تتحرك بالمنزل جثوت علي فراشي اهلكني التفكير والخوف من الأمر الذي لا أعلمه ,لكني أشعر به. أسدل الليل ظلامه وكنت غرقت في سبات عميق وافزعني صوت طلقات رصاص أمام منزلنا.
صوت طلقات الرصاص الذي دلف إلي عقلي فأوقفه عن التفكير في كل شيء وقطع علي سباتي العميق الذي كنت ارتجف فيه وانا نائمة. نهضت لأمي لأتفهم منها عن والدي. هل جاء ؟وما هذا الصوت الذي اشعر أنه قريبا من بيتنا بل أسفله ؟ بعدها سمعت شيء يسقط علي باب المنزل بشدة ثم تبعه طرق خفيف حاولنا أن نفتح الباب ، لكننا ترددنا لأننا بمفردنا بالمنزل و لا أحد هنا ترددنا كثيراً.
ازداد الطرق علي الباب وصحبه صوت غليظ يقول أن والدي مصاب بطلقة رصاص في ظهره وهو الذي كان يطرق أمام الباب ارتديت ملابسي التي اعتدت أن ارتديها عند الخروج ووضعت حجابي بسرعة علي رأسي وكذلك أمي. لم أصدق ما قاله صاحب الصوت الغليظ الذي كان يطرق علي الباب إلا حين رأيت والدي بكل كبريائه وشموخه علي الأرض والدماء حوله جثوت علي الأرض وانا بجواره .احاول إن امسح وجهه الذي لطخه التراب والدماء معاً وأمي تصرخ بعلو صوتها وكعادتنا بالقري الجميع ينام مبكراً و من اجتمع حولنا من الناس اجتمع ليشاهد صراخ أمي ونزيف أبي لا أكثر. اجتمعوا ليشاهدوا فيلماً واقعياً قصيراً والباقين ينظرون لنا من شرفات منازلهم وهم يتوجسون الحذر والخوف معا..
تحدث صاحب هذا الصوت الغليظ وكان نفسه الطبيب " احمد "الذي قال: لابد أن نذهب به إلي المشفى بسرعة لإنقاذه وأنه نزف دم كثير .
ورغم كل هذا لم يتحرك أحد ويحمل أبي الإ حين جاءت سيارة الإسعاف والشرطة معاً وحمل أبي للمشفى وصعدت معه أمي .
وقفت تقول لي:" ادخلي المنزل واغلقيه عليكِ انتِ وأخيك ولا تفتحي الباب لا حد مهما يكن وأغلقت الباب علي من الخارج وصحبها للمشفي الطبيب "
أحمد" الذي كان قد مر مصادفة من أمام منزلنا ليري أبي وهو بهذا الوضع .فعلت ما أمرت به أمي وانا لا أشعر بأقدامي ولا كيف رأيت والدي بهذه الحالة؟ أخذتني نوبة من البكاء الشديد وأنا احتضن أخي الصغير الذي لا يدرى بكل ما يحدث حولي في لحظة أعيد في عقلي شريط ذكرياتي كاملاً مع والدي ونام أخي.
وأخذت أقول لنفسي نعم أكره تحكمات والدي وأوامره وتعليماته ونظراته التي لم تشعرني يوماً أنني ابنته ,لكني كنت أحبه نعم كان صوته الغليظ يفزعني وحدته علي التي تقوض كل طموحاتي,لكنه كان يحميني يطوق علي وعلي أخواتي المتزوجات لم أشعر يوماً بالخوف من شيء. والدي يتناوب علي المنزل ذهاباً وإياباً ورغم أنني لم اجلس معه وأحدثه كأي أب وابنته وأخر حديثاً كان صراعاً وضرباً في ،لكني أحبه أتمني أن يعود حتي أن جاء وأوسعني ضرباً المنزل بدونه الشيء.
اخذ الطرق علي الباب يتكرر من حين لآخر من نساء القرية لمعرفة ما حدث, لكني التزمت بحديث أمي فكانت طرقات الباب استشعرها علي رأسي لا علي الباب وتخترق مسامعي لا صوت بالمنزل كأنه مهجور منذ سنون. يسدل الظلام أشعته عليه رغم أنني أضاءت كل المصابيح بالمنزل لشدة خوفي وزاد خوفي بعد أن نام أخي الصغير ,لكن هذا السكون الذي لم نعتاد بالمنزل.
فمنذ فترة ليس بالطويلة كان هناك عرس بالمنزل والآن المنزل أصبح جدران. لم اهتم بطرق الباب ولم اخاطر واقترب منه ولم اعرف شيء عن أبي أخذت أصلي وادعوا الله أن يقوم والدي من تلك الإصابة والحادثة التي لا أعلم عنها شيء. فمن ذلك الذي يخاطر ويصوب بالرصاص علي والدي ؟من الذي لم يخيفه والدي وشموخه وجبرته ؟حيث كنت اسمع صوت خطاه علي بعد انهار كل ذلك في طرفة عين..
توافدت للمنزل النساء القريبات والغريبات لتسأل علي أبي بل لتري وتشاهد ذلك المنزل الذي أصبح رغم اتساعه كثقب لايري فيه إلا الظلام. قضيت الليل كله وانا اصلي وابتهل لله أن ينجي أبي مما هو فيه . لم اقترب من الباب نهائياً وشعرت بالخوف في داخلي وأخذت ارتل القرآن ليدخل السكينة لقلبي. وأحاول النوم ,لكن شكل والدي وهو ساقطاً عند قدمي والدماء حوله يفزعني فأشعر برائحة الدماء في كل شيء حولي ولونها أيضاً.فافزعني من جلستي وأخذت أمرر يدي علي جسد أخي الصغير حتي وجد النهار طريقه للبيت بأشعته الذهبية. لم أشعر بمرور الوقت إلا من جلستي التي طالت وصوت أخي الصغير بجواري. نهضت وأنا أحاول إن ادعي الثبات وكأنه لم يحدث شيء وانا لا أعلم شيء عن والدي ولا أمي التي ذهبت برفقته للمشفى. أخذتني الأفكار إلي كل موضع هل والدي توفي؟هل شفي ؟وهل وبداخل كل هل مئات من هل؟ تريد لها أجوبة وردود مقنعة حتي يتوقف بركان الأسئلة المتفجر بداخلي.
أثناء كل هذا الصراع النفسي وجدت أصوات من الخارج تتحدث عن نتيجة الثانوية العامة التي كنت انتظرها بفارغ الصبر لأكمل دراستي في المجال الذي اختاره. فأخذ الهاتف يدق وبعد خوف وترددت في إجابته فوجدت أحدي صديقاتي تخبرني بأن النتيجة ظهرت وانا الأولي علي المدرسة في الشعبة الأدبية بمجموع أربعة وتسعون ونصف في المئة حاولت أن ابتسم .فلم تجد الابتسامة طريق لي فوالدي ينازع لأجل الحياة وما قيمة السعادة حين تبادر حياتنا ونحن بمفردنا فمع من نتقاسمها وكيف نستشعرها ؟ونحن بداخلنا سيل من الدموع التي لا تتوقف...
دائما ما تقايضنا الحياة في كل يوم نعيشه وتبتليني بالفرحة في شدة أيام حزننا ظنا منها أنها تربت علي أحزاننا بتلك اللحظات المسروقة من السعادة. فالمنزل أصبح جدران هاويه واهية لا أنفاس ولا أصوات متبادلة فيه. نعم قد نصل بكراهيتنا لتصرفات وسلوكيات للبعض أن نظن أننا نكره وجودهم وما أن نستشعر فقدانهم حتي نحب لهم كل تصرفاتهم المشينة التي كنا نمقتها في وجودهم فنتمنى أن يعودوا بسوء تصرفاتهم وسلوكياتهم تمنيت حينها أن يكون والدي بالمنزل فأ
أفكر في ماكنت أفكر فيه فالاختيار صعب أما أختار حياتي أما حياتهم فالحياة دائما ما تضعنا للاختيار بين سيء وأسوأ. فإن اخترت العودة فسأموت في كنف هذا الرجل الذي يريد والدي أن يزوجني إياه ولن أكمل دراستي ولا أصل لشيء مما أطمح وأن اخترت الرحيل وتركهم فالعار سيلاحقني ويلاحقهم طالما عاشوا. ثم قامت ونهضت ولم يبقي علي القطار سوي بضع دقائق وتحركت لتدلف لخارج القطار وكان خلفها أحد يسرع يريد اللحاق بها. نظرت خلفها وجدته الطبيب فأسرعت اكثر لأنها تيقنت أنه قد تعرف عليها وأدرك من هي. وما أن تحركت لخارج القطار حتي أخذت أسير للمنزل مسرعة قبل أن يستيقظ أحد. بالفعل دخلت لمنزلها وأخذت تغلق الباب كما كان وأعادت كل شيء لما كان عليه من قبل أخذت تبكي وهي مستسلمة كلياً لواقع الأمور من حولها وزواجها من هذا المراهق ابن عمها. بناء علي رغبة والدها وقد اجتمع الجميع لمراسم الزفاف وما يسبقها من مراسم الحنة والمنزل ممتلئ ويكتظ بالناس من كل حدب وصوب وكذلك الرجال يجتمعون مع بعضهم البعض في مكان والنساء بمكان آخر وكنت أوسطهم في الجلسة التي العروس وكانت زوجة عمي وأقاربها بجواري وأمي وأخواتي بجواري من الناحية الأخرى .
لم أتوقع إن الآمور تسير بكل تلك السهولة ما زلت أتوقع حدوث تلك المعجزة وانا اجلس معهم لا أشاركهم في شيء يصفقون ويتراقصون والغناء يملأ المنزل,لكني لم أشعر بكل هذا. والدي مع الرجال بالطابق السفلي وانا ادعوا الله وابتهل له وأتضرع له بالدعاء واردد تلك الآية التي سمعتها فجر اليوم" واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا" أخذت أقولها وانا ارتجف وأدعوا الله ما أن اقتربت أمي لي وأخذت تعد الحنه حتي سقطت هاوية منها علي الأرض علي اثر صوت والدي وابن عمي ...
كان صوت والدي الذي ارتفع بشدة واسقط الوعاء من بين يدي أمي هو طوق النجاة. الجميع حولي شعروا بالخوف واضطرب كل شيء. توقف الغناء والرقص والموسيقى وازداد الصوت في الارتفاع وكذلك صوت ابن عمي وعمي واشتعل المكان بأصواتهم جميعاً حتي اصبحنا غير قادرين علي التميز بين صوت أبي وغيره. فالمكان كان حافلاً بالرجال من كل حدب وصوب لحضور مراسم الحنة والزفاف في طرفة عين انقلب كل شيء رأس علي عقب وطرد والدي عمي بعد أن لطمه علي وجهه بشدة أمام الجميع فأزال هيبته وأسقطها من أعين الجميع وخرج هو يصرخ بوجه أبي ومعه أبيه وإخوته وهم يمسكون به ويجذبونه للخارج .
هو يقول: كل أموالك لي لن تستطيع أن تمنعني منها وكذلك ابنتك فهي لي هي الأخرى.
طرقت تلك الكلمات مسامعي وازداد الخوف بداخلي أن يأخذني هذا الرجل عنوة وأنا ضعيفة لا اقوي علي شيء, لكني اقوي بأبي. انتهي الزفاف قبل أن يبدأ وانا كنت الوحيدة السعيدة بكل هذا. يخيم الحزن علي الجميع يبدو واضاً علي وجوههم. حاولت أن اخفي عليهم فرحتي بانتهاء هذا الزفاف , لكني لم استطيع. فأخذت نفسي وأنا أحاول الإ أبدي أمامهم ابتسامتي العريضة التي فرضت نفسها على وجهي وأضاءت عيناي الواسعتين. ذهبت لحجرتي وأغلقت بابها وأخذت أهرول بها وانا ارقص بالملابس التي قد جلبوها لي للاتداء في الحنة وكأني لست أنا منذ نصف ساعة وانا أجلس معهم ويكتسحني الحزن ويخيم علي وجهي وكأنني في جنازتي اسمع تهانيهم لي كأني اسمعها البقاء لله لم أكن أريد اكثر من ذلك فالعرس انتهي بعد كل التجهيزات المنزلية ورغم قرب إتمامه بليلة واحدة أي قدر هذا الذي يلعب لصالحي هذه المرة .
لم استطيع الهروب فكان الصبر والسلوان والدعاء هو الذي قلب العرس إلي صراع وانتهاء. لا يهمني ما يحدث بعد ذلك بقدر ما كان يثقل قلبي ذلك العرس ويطوقه. الآن التقط أنفاس الحرية في بيت أبي من جديد الزوج من راجل مراهق كالفحل يملي علي أوامره وتعليماته وكأنني سجينة بعقد الزواج ونزواته التي أرهقتني قبل أن أتزوجه. أخذت أكمل دائرة رقصي في حجرتي حتي القيت بنفسي علي فراشي وأنا أبحث عن ثيابي أخلع عني هذا الفستان الذي اعتقد الجميع أنه ثوب الحنة وانا أراه ثوب الحكم بالإعدام ظلماً دون أن اقترف أي جرم سوي كوني فتاة بالصعيد. بدلت ثيابي في لحظات وخرجت لهم وكان الجميع قد انصرف عنا وأصبحت أنا وأمي بمفردنا وأخي الصغير الذي لا يدرى بشيء حوله وأطفئت الأنوار وجمعوا المقاعد كانت فرحتي تفوق كل شيء لم اهتم لتقضيب وجه أمي وغضبها الشديد حملت أخي الصغير الذي كان يبكي.
الفصل الثاني
فدلف والدي وقد ظن أنني من أبكيته فلطمني علي وجهي بشدة صدمني تصرف والدي فذهبت وتركته هو واخي الصغير احزنني ذاك التفكير الذي ظنه أبي في. الأ يعقل إلا أحب أخي؟ بل هو أخي لم أرهق نفسي في التفكير في ما فعله أبي بل سعادتي أكبر من أن أضيعها في الحزن والألم من لطمة والدي. رغم أنها أحدثت في الكثير من الألم النفسي فلم أتوقع من والدي يوماً أن يعتبرني كاخي. مضي هذا اليوم بكل ما حمله لي من سعادة أنا فقط ولكن الباقين يطاردون أحزانهم بما فيهم أبي. أما عني كنت انتظر نتيجة الثانوية العامة حتي أحقق أحلامي وأخرج من هذا الواقع لعلي أكون أنا تلك الحالة التي تغير أفكار توارثتها أجيال وأجيال منذ عقود من الزمن ومع ذلك لا أعرف كيف أخبر والدي بأني أريد أن اكمل دراستي مادام الزفاف لم يكتمل فكنت أترقب الأمور لعلها تجد لها برا ترسو عليه.
مضي الوقت وكل يوم يفد علينا مجموعة من النساء للزيارة والتشفي فينا ويجرحوننا بالحديث دون أدنى رحمة. ومنهم من يقول ويدعي علي أبي الجنون في أنه يلغي الزفاف قبلها بليلة واحدة ومن يقول انهم استراحوا من طيش ذاك المراهق ابن عمي ومن يقول إنه سوء حظ الفتاة ولن يتقدم أحد لخطبتها غيره ومن يقول إنه ابن عمها واحق بها علي حسب عاداتهم ومن يقول أنها لن تتزوج وبخاصة أن سيرتها أصبحت مضغة في أفمام الجميع ومن يقول ربما يكون أحدا قد صنع لها أمرا كالسحر أو ما شابه ذلك لم أكن أعلم أن كل هذا سيحدث.
ارهقني وأثر في بشدة كل تلك الكلمات التي تشبه السهام المسمومة التي تخترق قلبي وتسيل دمعي. أنا تلك الفتاة التي عرفت أنها ابنه عائلة كريمة وكبيرة لها ما لها من الأراضي والأملاك تصبح سيرتها مشاع في أفمام الجميع رجال ونساء. وما ادراك أن يمسك الناس سيرتها وان خطأ فيزيدون بالحديث ويزايدون بالكلام القبيح والسيء جميعه أشفاق وتشفي في وفي عائلتي. أصبحت أكره أن أذهب إلي المدرسة وأن أقابل أحد منهم.
كان والدي يتجنب الحديث إلي الجميع وأصبح أكثرانطواء بعد أن شعر بالذنب علي ما فعله بي ,لكني لم اهتم لذلك. وبعد فترة قضاها والدي في اعتكافه علي عمله وانقطاعه عن رؤية الجميع وبخاصة بعد ما قاله ابن عمي وهو يهدده بالانتقام. أخذ كل أملاكهم بما فيهم أنا لم اهتم بما قاله لأن والدي لن يسمح له بذلك ظل المنزل واجماً لفترة طويلة وكل من يأتي لزيارتنا يأتي ليعرف الأحداث وسيرها وكأنها قضية رأي عام وليست مجرد الغاء لعرس ,لكن هذا في عرف الصعيد عار لا يمحوه عار.
كثيرا من الأحلام كانت تقلق نومي. وذات يوم نهضت فزعة وانا أري حلم مفزع أرى فيه وجه والدي وهو يبكي ويجلس علي كرسي متحرك لم افهم شيء من الحلم.ورأيت أبي يجلس مع أخي. فأخذت استعيذ بالله من الشيطان وانا أقول لنفسي أنه مجرد حلم لا أكثر فلا داعي لكل القلق والارتياب. ربما دلفت تلك الفكرة لعقلي لخوفي مما يمكن أن يحدث .أخذت أساعد والدتي في إعداد الطعام كعادتنا وانا أطرد كل تلك الأفكار من رأسي،لكني لم اجد لها تفسير اخذ والدي نفسه وخرج من المنزل وكنت أريده إلا يخرج. لم اجرؤ يوماً علي أن أوقف أبي واصرخ بوجهه يا أبي لاتخرج لا. هناك من يتربصون بنا في لخارج. يا أبي أني أعلم ما لا تعلم ربما ذلك يكون حقيقي وواقع مرير يمر علينا.
ذهبت إليه وانا ارتجف واقتربت منه وأنا أقول له : أبي لا تخرج.
خرج واغلق الباب وكأنني لا أتحدث ذهبت لحجرتي .أشعر بأن هناك شيء سوف يحدث ولا اعرف ما هو بداخلي خوف قلبي لا يتوقف عن الإخفاق بشدة وسرعه. وانا اجلس وانا ارتجف أري أمي تتحرك بالمنزل جثوت علي فراشي اهلكني التفكير والخوف من الأمر الذي لا أعلمه ,لكني أشعر به. أسدل الليل ظلامه وكنت غرقت في سبات عميق وافزعني صوت طلقات رصاص أمام منزلنا.
صوت طلقات الرصاص الذي دلف إلي عقلي فأوقفه عن التفكير في كل شيء وقطع علي سباتي العميق الذي كنت ارتجف فيه وانا نائمة. نهضت لأمي لأتفهم منها عن والدي. هل جاء ؟وما هذا الصوت الذي اشعر أنه قريبا من بيتنا بل أسفله ؟ بعدها سمعت شيء يسقط علي باب المنزل بشدة ثم تبعه طرق خفيف حاولنا أن نفتح الباب ، لكننا ترددنا لأننا بمفردنا بالمنزل و لا أحد هنا ترددنا كثيراً.
ازداد الطرق علي الباب وصحبه صوت غليظ يقول أن والدي مصاب بطلقة رصاص في ظهره وهو الذي كان يطرق أمام الباب ارتديت ملابسي التي اعتدت أن ارتديها عند الخروج ووضعت حجابي بسرعة علي رأسي وكذلك أمي. لم أصدق ما قاله صاحب الصوت الغليظ الذي كان يطرق علي الباب إلا حين رأيت والدي بكل كبريائه وشموخه علي الأرض والدماء حوله جثوت علي الأرض وانا بجواره .احاول إن امسح وجهه الذي لطخه التراب والدماء معاً وأمي تصرخ بعلو صوتها وكعادتنا بالقري الجميع ينام مبكراً و من اجتمع حولنا من الناس اجتمع ليشاهد صراخ أمي ونزيف أبي لا أكثر. اجتمعوا ليشاهدوا فيلماً واقعياً قصيراً والباقين ينظرون لنا من شرفات منازلهم وهم يتوجسون الحذر والخوف معا..
تحدث صاحب هذا الصوت الغليظ وكان نفسه الطبيب " احمد "الذي قال: لابد أن نذهب به إلي المشفى بسرعة لإنقاذه وأنه نزف دم كثير .
ورغم كل هذا لم يتحرك أحد ويحمل أبي الإ حين جاءت سيارة الإسعاف والشرطة معاً وحمل أبي للمشفى وصعدت معه أمي .
وقفت تقول لي:" ادخلي المنزل واغلقيه عليكِ انتِ وأخيك ولا تفتحي الباب لا حد مهما يكن وأغلقت الباب علي من الخارج وصحبها للمشفي الطبيب "
أحمد" الذي كان قد مر مصادفة من أمام منزلنا ليري أبي وهو بهذا الوضع .فعلت ما أمرت به أمي وانا لا أشعر بأقدامي ولا كيف رأيت والدي بهذه الحالة؟ أخذتني نوبة من البكاء الشديد وأنا احتضن أخي الصغير الذي لا يدرى بكل ما يحدث حولي في لحظة أعيد في عقلي شريط ذكرياتي كاملاً مع والدي ونام أخي.
وأخذت أقول لنفسي نعم أكره تحكمات والدي وأوامره وتعليماته ونظراته التي لم تشعرني يوماً أنني ابنته ,لكني كنت أحبه نعم كان صوته الغليظ يفزعني وحدته علي التي تقوض كل طموحاتي,لكنه كان يحميني يطوق علي وعلي أخواتي المتزوجات لم أشعر يوماً بالخوف من شيء. والدي يتناوب علي المنزل ذهاباً وإياباً ورغم أنني لم اجلس معه وأحدثه كأي أب وابنته وأخر حديثاً كان صراعاً وضرباً في ،لكني أحبه أتمني أن يعود حتي أن جاء وأوسعني ضرباً المنزل بدونه الشيء.
اخذ الطرق علي الباب يتكرر من حين لآخر من نساء القرية لمعرفة ما حدث, لكني التزمت بحديث أمي فكانت طرقات الباب استشعرها علي رأسي لا علي الباب وتخترق مسامعي لا صوت بالمنزل كأنه مهجور منذ سنون. يسدل الظلام أشعته عليه رغم أنني أضاءت كل المصابيح بالمنزل لشدة خوفي وزاد خوفي بعد أن نام أخي الصغير ,لكن هذا السكون الذي لم نعتاد بالمنزل.
فمنذ فترة ليس بالطويلة كان هناك عرس بالمنزل والآن المنزل أصبح جدران. لم اهتم بطرق الباب ولم اخاطر واقترب منه ولم اعرف شيء عن أبي أخذت أصلي وادعوا الله أن يقوم والدي من تلك الإصابة والحادثة التي لا أعلم عنها شيء. فمن ذلك الذي يخاطر ويصوب بالرصاص علي والدي ؟من الذي لم يخيفه والدي وشموخه وجبرته ؟حيث كنت اسمع صوت خطاه علي بعد انهار كل ذلك في طرفة عين..
توافدت للمنزل النساء القريبات والغريبات لتسأل علي أبي بل لتري وتشاهد ذلك المنزل الذي أصبح رغم اتساعه كثقب لايري فيه إلا الظلام. قضيت الليل كله وانا اصلي وابتهل لله أن ينجي أبي مما هو فيه . لم اقترب من الباب نهائياً وشعرت بالخوف في داخلي وأخذت ارتل القرآن ليدخل السكينة لقلبي. وأحاول النوم ,لكن شكل والدي وهو ساقطاً عند قدمي والدماء حوله يفزعني فأشعر برائحة الدماء في كل شيء حولي ولونها أيضاً.فافزعني من جلستي وأخذت أمرر يدي علي جسد أخي الصغير حتي وجد النهار طريقه للبيت بأشعته الذهبية. لم أشعر بمرور الوقت إلا من جلستي التي طالت وصوت أخي الصغير بجواري. نهضت وأنا أحاول إن ادعي الثبات وكأنه لم يحدث شيء وانا لا أعلم شيء عن والدي ولا أمي التي ذهبت برفقته للمشفى. أخذتني الأفكار إلي كل موضع هل والدي توفي؟هل شفي ؟وهل وبداخل كل هل مئات من هل؟ تريد لها أجوبة وردود مقنعة حتي يتوقف بركان الأسئلة المتفجر بداخلي.
أثناء كل هذا الصراع النفسي وجدت أصوات من الخارج تتحدث عن نتيجة الثانوية العامة التي كنت انتظرها بفارغ الصبر لأكمل دراستي في المجال الذي اختاره. فأخذ الهاتف يدق وبعد خوف وترددت في إجابته فوجدت أحدي صديقاتي تخبرني بأن النتيجة ظهرت وانا الأولي علي المدرسة في الشعبة الأدبية بمجموع أربعة وتسعون ونصف في المئة حاولت أن ابتسم .فلم تجد الابتسامة طريق لي فوالدي ينازع لأجل الحياة وما قيمة السعادة حين تبادر حياتنا ونحن بمفردنا فمع من نتقاسمها وكيف نستشعرها ؟ونحن بداخلنا سيل من الدموع التي لا تتوقف...
دائما ما تقايضنا الحياة في كل يوم نعيشه وتبتليني بالفرحة في شدة أيام حزننا ظنا منها أنها تربت علي أحزاننا بتلك اللحظات المسروقة من السعادة. فالمنزل أصبح جدران هاويه واهية لا أنفاس ولا أصوات متبادلة فيه. نعم قد نصل بكراهيتنا لتصرفات وسلوكيات للبعض أن نظن أننا نكره وجودهم وما أن نستشعر فقدانهم حتي نحب لهم كل تصرفاتهم المشينة التي كنا نمقتها في وجودهم فنتمنى أن يعودوا بسوء تصرفاتهم وسلوكياتهم تمنيت حينها أن يكون والدي بالمنزل فأ