13

توترت مالينا قبل ذهابها الى طارد الأوراح المزعوم ذك.
كانت ضربات فؤادها تخفق بقوة وقفت بهزل أمام باب منزله الذي كان يسطف حوله العديد من الأشخاص بسبب الظواهر الغير طبيعية، الكثيرون و فدوا لأجله.
كانت أوكيا برفقة مالينا فقد تحتاج لمترجم إن لزم الأمر.
" أنستي إنه دورنا للدخول"
همست أوكيا و هي تدفع مالينا برفق نحو الباب الذي كان مفتوحا على مصرعيه.
" ح ح حسنا"
قالت مالينا و هي تتقدم
كان المنزل مقسم من الداخل إلي عدة غرف بنية من القش، أول غرفة كانت للإنتظار يمكنك رؤية الرجل العجوز طارد الارواح يؤدى جلساته اذا لا يفصل بين الغرفتين ستار.
كان العديد منهم يصرخون يتصرفون بغرابة، أصواتهم تتغير فتارة كأصوات الحيوانات و تارة أخرى كأصوات لا جنس لها.

أشار إليهم رجل يبدو كالمساعد يرتدي ثوبا طويل به لمحة من الرزانة و الوقار، جلسوا في غرفة مخصصة للنساء، كانوا قد رأو أفوادا يبدوا و كأنهم ليسو من هذة القرية، العديد من الحضور قادمون من قرى بعيدة فهذا الرجل المبجل يبرع في علاج السحر و ما شابه.
لم تستصعبه أي حالة الا و كان عنده الدواء لها كان كالمعجزة كما يصفه البعض.
" إلي متى سننتظر؟
إننا هنا منذ ساعة و لم يحن موعد دخولنا، إن هذا لشيء مضجر"
قالت مالينا و قد سئمت الإنظار، الجو بات حار جدا.
نظرت أوكيا إلي الباب الذي فتح، و أشارت إمرأة إليهما بالدخول قالت الفتاة بصوت هادئ:
" إن العظيم الأن يجري جلسة علاجة لمريضة، إن أحببتما يمكنكما الإنتظار بالداخل ريثما ينتهي لم يبقى له الكثير.هزت مالينا رأسها ثم دخلتا، أخبرتهما المرأة أن يرتديا ثيابة طويلة و يضعان شالا على رأسيهما، فنفذتا ما قالته تلك المرأة.
كانا يسمعان أصوات لعويل و نحيب تصدر من الغرفة التى تجاورهما.
" عفوا أنستي لمن هذة الأصوات هل هم بخير؟"
سألت مالينا و قد دب الخوف الي فؤادها.
" إنهم أصحاب الحلات الحرجة، ليس هنالك أمل منهم إلا الدعاء لهم بالخير"
ردت تلك المرأة ثم أشارت لهما بالدخول بقدمهما اليمنى.

جلست كل من مالينا و أوكيا على مسافة يمكنهما من خلالها رؤية و سماع الحوار الذي يدور بين الفتاة التي كانت والدتها و رجل آخر يمسكون أطرافها و هي تصارع للنهوض.
كانت هنالك فتاة في العشرين من عمرها تجلس بالقرب من أوكيا، إقاربت أوكيا منها و همست في أذنها تسألها عن قصة تلك التي يتم علاجها.

ردت الفتاة بوجه حزين:
" إن هذة أختى، لم تكن هكذا مطلقا، قبل عدة أعوام لاحظنا تغير تصرفاتها الغربية، بدأ من عدائيتها و تصرفها بوقاحة و رفضها لأي رجل يتقدم إليها لقد رفضت أكثر من خمسين عرض زواج خلال الثلاثة سنوات الماضية، ذادت حدة حالتها في الأربعة شهور الأخير، كانت تفعل كل الذي تفعله النساء المتزوجات من زينة و الي آخره تتعطر و تتبخر ثم عندما يحل الليل تقفل على نفسها باب غرفتها و تبقى مستيقظة طوال الليل و لا تسمح لاحد بالدخول و كانها تحادث شخص ما بالداخل تضحك و يتعالي ضحكاتها، و حينما تستيقظ في الصباح لا تتذكر أي شيء مما حدث ليلة الأمس، كانت هنالك علامات زرقاء على جسدها و عندما نسألها عن كيف حدث لها هذا هي لا تجيب و تقول أنها لا تعرف عن ماذا نتحدث. بتنا نخاف منها و عليها."
صمتت أوكيا لفترة و عينيها إمتلأت بالدموع.
" ياترى ما خضبها ؟"
قالت مالينا التى لم تدرك حال الفتاة فهي لم تسمع قصة كهذة من قبل.
" أظن أنه يسكنها جن عاشق"
همس أوكيا التى مسحت دموعها و حدقت بالرجل الذي يحادث الفتاة التي كانت تتحدث بصوت رجل قائلا:
" أنا لن أخرج منها و حتى و إن أحرقتني"


بدأ الرجل بفعل طقوس، تارة يحرك يديه حول جسدها الذي يصارع للهوض و تارة أخرى يقول طلاسم بلغة غريبة، صمت قليلا ثم قال فجأة:
" إخرج"
فصرخت الفتاة بصوت عال كأنها كانت تتعذب من حديثه.
" لما لا تريد تركها ، فلتخرج يا رجيم"
قال الرجل طارد الأرواح
" إنها زوجتي، ألا ترى هؤلاء أطفالنا"
ردت الفتاة و قد صدمت كلا من مالينا و أوكيا اللتان لا ترين أي أطفال في الموضع الذي أشارت إليه الفتاة، غريب أمرها.
" إذن طلقها و إخرج منها"
قال الرجل طارد الارواح و بدأ برشها للفتاة بسائل يبدوا أنه كالماء و هو يلقي عبارته تلك كانت طريقته تشابه الاسلوب الذي إتبعه الطبيب دييقو لعلاج دوناتيلو.

" لن أطلقها"
صاح حتى طار الغبار و عم أرجاء المكان
" كيف دخلت فيها ؟"
سأل الرجل طارد الأرواح و هو يكثر من تكرار تلك الألفاظ بسرعة فائقة، فإختفي الغبار الذي كان يغطى الأرجاء،
صاحت الفتاة و قالت :
" توقف سأتحدث ، حسنا
لقد كانت تقف مع أمها عندما كانت في عمر العاشرة أمام دكان للعدة، أخذت هي كوب قديمة الطراز كنت أسكن بها و ظلت تحدق بي، فأعجبت بها و منذ ذلك اليوم و لم افارقها و الي الان"

" خذ أطفالك و أتركها إن كنت تخاف ربك فيها"
قالها طارد الارواح ثم عاود يقرأ عباراته تلك التى لا تلبث الا و تعذب الفتاة حتى أنها كانت تبكي دما، كانت تصارع للهرب و لكن هؤلاء الذين يثبتونها يبدوا عليهم القوة.
كان الرجل طارد الأرواح ذا لحية بيضاء كثيفة، و ظهر مستقيم لاترى أثر لكبر السن في ملامحه على عكس أسلوب حديثه.

نصف ساعة من المجادلة بين طارد الارواح و إصرار ذلك الجان الذي كان يتمسك بالفتاة، بدأ طارد بتهديه بأنه سيحرقه إن لم يطلقها و يتركها و شأنها.

بعد ربعة ساعة أخرى نطقت الفتاة و صرخت قائلة و الدموع تملاء عينيها :
" سأخرج سأتركها، سأطلقها"
و فعلا فعل ما قاله، حدد لها طارد الأرواح موضعا ليخرج منه، دون أن يوثر فيها.



صمت ساد القاعة أخذ طارد الأرواح نفسا عميقا ثم أشار الي مالينا و أوكيا للتقدم فقد كانا يجلسان في الخلف ، رحلت تلك الفتاة و أهلها بعد أن أعطاهم طارد الأرواح قنينة طلب منهم إعطائها إياها كل صباح أو أن تستحم بها حتى تزول الاثار الزرقاء.




إقتربت مالينا ببطء و هي تنظر الي الأرض وجلست على الكرسي المخصص لهما.
" مما تشكيان؟"
سأل طارد الأرواح
نظرت أوكيا الي مالينا التي بادلتها النظرات ثم إبتلعت ريقها ببطء و قالت:
" لا نشكو من شبء نلتمس مساعدك فهنالك ما عجزنا عن تفسيره و إيجاد أجوبة له"
نظرت مالينا إليه ثم عاودت النظر الي الأرض
" بسرعة قولى ما عندك ليس لدي وقت"
رد طارد الأرواح الذي عدل جلسته مستعد لسماع ما ستقوله بإنتباه شديد
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي