الفصل

مرت على تلك الحادثة اسبوعا كاملا كانت نور تتجنب جاد نهائيا فهي بالكاد تخرج من غرفتها و اصبحت لا تأكل و هزل جسدها قليلا جراء حالة الاكتئاب التي اصابتها و لجئت الا سكوت مرة اخرى

كانت بغرفتها تنزل دموعها بصمت لتتذكر مقابلة بينها و بين جاد

flach back قبل سنتين

تجلس في حجرة الكشف تنتظر خليفة طبيبتها ملاك الذي طوال فترة تواجدها هنا كانا تتابع معها حالتها و لم تيأس في يوم من جعلها تتحدث او تخبرها عن سبب مكوثها في تلك المصحة رغم عدم وجود اي خطب في عقلها السليم تماما و بقائها في هذه المصحة

لكن نور كانت اعند بكثير و رفضت نطق ببنث شفة
و كأنها متيقنة بانه لن يتغير شيئ ان تكلمت و قصت عليها بؤسها و رات صمتها و و انطوائها في قوقعتها الذي رسمتها لي نفسها افضل لها...

تنهدت بضجر هاهي تجلس هنا منذ ربع ساعة و لم يظهر بعد كادت ان تتحرك قاصدة غرفتها... لكن اوقفها فتح الباب و دلوف شاب في اوائل الثلاثينات يرتدي مئزره الابيض لي يتبين لها انه الطبيب المعالج لها..

اعتدلت في جلستها مره اخرى و اخذت تنظر اليه في صمت طال لمدة 6دقائق كاملة
حمحمت ملاك و تململت في مقعدها بعد راحة من صمته و نظراته حتى انه لم يلقي التحية عند دخوله و لم يعرف عن نفسه

ظهرت ابتسامة ملتوية على شفتيه قائلا بمزاح: طب والله انا حظي في سما مكنتش اتوقع اني هلاقي القمر ده في المصحة دي بذات

اخفضت عيناها بخجل و لم تصدر منها اي ردة فعل على حديثه

هتف قائلا ببتسامة: اصل لهنا كلهم مجنين درجة اولى و صراحة انا قريت ملفك كامل و كمان تكلمت مع الدكتورة ملاك و وضحت لي وضعك بظبط
عندما لم يلاقي اي ردة فعل على حديثه تابع معرفا عن نفسه: انا اسمي جاد الدمنهوري 31 سنة اخصائي علم نفس رشحوني ليكي لانك مش محتاجة لمعالج عضوي بل نفسي و اتمنى انك تتجاوبي معايا و اني اقدر اساعدك

اكتفت بي ايماءه صغير... فأكمل قائلا : امم هوا ده جزء من شخصيتي مش بيظهر الى هنا لما اكون لابس المئزر الابيض انما انا شخصيتي مختلفة تماما يعني انا اه ممكن اكون صبور و اعدي حجات كتير بس انا شخص بكرة الي اتكلم معاه ما يردش عليا و بتعصب جدا و مش عاوزة تشوفي عصبيتي دي يبقا يا ريت تتجاوبي بأسرع وقت

نظرت اليه برهبة

فأكمل بحماس: انا قريت ملفك بي الكامل و استغربت حالتك و لما تكلمت مع دكتورة حكيتلي انك موجوده هنا من سنة تقريبا و انك بحالة جيدا ما عدا انتكسات بسيطة تمر عليك بس ما بتتطلبش وجودك فمصحة زي دي لي هيا للمجانين درجة اولى
و كمان حكيتلي قد ايه عنيدة بس ما تقلقيش هشيلك العناد ده و انا لي هنطقك

تنهدت ملاك و رمقته بنظره قبل ان تجذب ورقة و قلم حبر من على المكتب لي تخط له من كلمات ما يلي: لا داعي لي حماسك الزائد لان انا اتخذت الصمت و عزلة رفقائي و لا اظن ان بإستطاعت احد ان يغير رايي

مدت له الورقة قرأها بعقدة حاجب لكنه انفكت سريعا و عادت الابتسامة ترتسم على محياه: في الحقيقة انا بموت في تحدي يعني مش خسران حاجة و لو انتي عنيدة فأنا دماغي جزمة قديمة و باغتها ببتسامة صفراء

مدت يدها لتكتب شيئ اخر لكنه هتف بنفس الابتسامة التي هيا مستفزه لها نوعا ما: انتهت جلستنا لليوم بكرة اول جلسة لينا في العلاج استعدي لرحلتنا لانها مش هتنتهي الى لما اوصل لمرادي

نهضت بعصبية و هيا تهم بي الخروج لكنه اسوقفها
حديثه قائلا: الجلسة هتكون بره في جنينة قالولي انك مش بتخرجي كتير اهو تتنفسي شوية هواء صافي هيساعدك على تصفية ذهنك و هتحسي براحة اكتر

ردت على حديثه ببتسامة مغتاظة و صفقت الباب ورأها...

عادت لغرفتها و هيا متعصبة بشده انهمرت دموعها دزن انذار..

End flach back

ااففففف

اخرجت زفيرة طويلة تحكي فيها. المها برغم من انها شفيت تماما و كامل الفضل ليه لكن لم تستطيع الى الان ان تبوح له بماضيها و ما عنته و ما الذي اوصلها الى هنا حقا من صعب سرد قصتها البائسة عليه

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

في الخارج

خدم يركضون هنا و هناك و الاعمال منتشرة بينهم فليلة حفلة السنوية لشركة جاد التي اتمت عامها الخامس في كل سنة من تلك سنين الخمس كان جاد يعمل ليل نهار كي يكبرها و الان شركته تكمل عامها الخامس في الوقت ذاته احتفالا بإفتتاح فروعها في كلا من ايطاليا و فرنسا و روسيا و دخلت باب العالمية من اوسع الابواب لتصبح شركة رقم واحد في الوطن العربي لاستراد و تصدير سيارات و قريبا في العالم و هذا ما يطمح له في الايام المقبلة ف بالارادة و العمل تصنع المعجزات

توقفت سيارة قديمة كلاسكية قيمة لتنزل منها سيدة جميلة توزع انظارها بين العمال ليتقدمو منها جميعا مرحبين بها: الف حمدلله على سلامة اهلا يا ميرفت هانم البيت كان مظلم في غيابك و رجعلو نور بحضورك يا هانم

قالت ميرفت هانم ببسمة بسيطة: شكرا يا مدام فاطمة الله يسلمك

تقدمت بخطوات استقراطية تبين رقي تلك المرآة هتفت قائلة: اول ما جاد يجي تبلغوني فورا انا طالعة ارتاح شوية قبل حفلة الليلة

فاطمة: حاضر يهانم

توقفت ميرفت في منتصف درج و استدارت تدور بعينيها في الارجاء هاتفة: اومال فين نور ما ستقبلتنيش معاكم ليه

توترت فاطمة قائلة: اااصل يااا فندم نور تعبانة شوية و اعتذرت و قالت انها هتجيلك علشان تسلم عليكي فوقت الحفلة

ميرفت بقلق: تعبانة مالها فيها ايه

فاطمة ضحكت بإصطناع: ابدا يا فندم ما تقلقيش وجع فبطنها زي كل البنات

ابتسمت ميرفت وقالت براحة: الحمدلله اعمليلها حاجة سخنة و شفيها لو عاوزة حاجة يا مدام فاطمة انتي عارفة انا بحبها قد ايه ياريت تهتمي بيها

فاطمة بحقد داخلي: طبعا يا هانم دي فعيني

اكملت ميرفت طريقها اما فاطمة توجهت الى المطبخ حيث كانت رندة تلمع في الكؤوس قالت و هيا تنظر لها: مالك بس يا بطة مش على بعضك ليه

فاطمة بحقد: انا عاوزة اعرف ايه الحب ده كله لي من نصيب ست نور دي ميرفت هانم بتعتبرها بنتها و لا جاد بيه ده حكاية تاتية خالص

رندة و هيا تلوي شفتيها: اسكتي ده انا كان هيطردني يوم ما اغمى عليها و لو شفتي كان ملهوف عليها زاي

فاطمة: اه صحيح ابت انتي قولتي ليها ايه خلاها طب ساكتة كده ده حتى من يومها ما طلعتش من اوضتها

رندة بشماته: اصلي قلت ليها............

نظرت اليها فاطمة بدهشة: نهار اسود و ده بجد يا بت

رندة: مهو ده اكيد انتي فكرك بيقعدو في المكتب اكتر من تلات ساعات بيدرسها ليه يعني هوا مرهوش غيرها اكيد بتغويه و لا حاجة دي بنت لعوبة

فاطمة: لا اكيد غلطانة مهما كان دي لت غلبانة و ما بيطلعش من بقها غير نعم و حاضر

رندة: ونتي صدقتي يا بنتي دي بتتمسكن لغاية ما تتمكن و اديكي قولتيها انتي من شوية الهانم الكبيرة بتموت فيها و جاد بيه ده حاجة تانية خالص

فاطمة: طب سيبك من رغي وشهلي شوية ورنا شغل متلتل

في هذه الاثناء كانت تدخل عليهم نور هاتفة: صباح الخير

رندة: صباح الفل و الياسمين اخيرا السندريلا رضيت علينا و نزلت لينا

تجاهلتها نور و وجهت حديثها الى فاطمة: مدام فاطمة انا شغلي ايه

فاطمة بملل: روحي يختي لسواق عم محمد يديكي البدلة بتاعت جاد بيه طلعيها اوضته و روقي الاوضة

نور بطاعة: حاضر

ذهبت لسائق و اخذت منه البذلة و صعدت الى غرفته ما ان دلفت داعبت راحته حواسها اشتاقت اليه كثيرا تجنبته اخر فترة و هوا تركها براحتها منذ اخر مرة عند افاقتها من اغمائها السقته بتعب المفاجئ الذي انتابها و طلبت منه ان ترتاح لي ايام و كان كل مرة يأتي بالاطمئنان عليها تصده الى ان فهم رغبتها بالانفراد بنفسها

بدأت بتنظيم الغرفة و ثم مسح الغبار و مسح الارضية الى ان انتهت اخيرا: هما ما كنوش بينظفو الاوضة ولا ايه

فاجئها صوت خلفها قائلا: مش بحب حد يلمس حاجة تخصني الا......

نظرت اليه بإنتظار جملته لكنه قال: بقيتي احسن

اومأت قائلا: الحمدلله احم انا جبتلك بدلتك علقتهالك في اوضة الهدوم انا هنزل علشان اكمل شغلي

امسكها من ذراعها ما ان كادت ان تتخطاه بخطوات سريعة هاتفا: بتهربي مني ليه

نظرت الى الارض سريعا قائلة: مش بهرب

رفع وجهها اليه قائلا و هوا ينظر داخل عينيها: اومال تسمي تجنبك شوفتي ايه و لما شوفتيني بدور اي حجة علشان تخرجي و كأنك مش مستحملة تقفي معايا فمكان واحد

ادمعت عيناها من نبرة العتاب التي تحتل صوته حقا تألمها: انت فاهم غلط مش كده

نظر اليها بحب و هوا يكوب وجهها: يبقى تفهميني صح اناي بقالك سنتين هنا يا نور تقربي خطوة و بتبعدي عشرة برغم من اني عالجتك بس انتي لحد دلوقتي ما حكتليش ايه لي مخليكي بعيدو اوي كده جسمك هنا بس تفكيرك في مكان تاني خالص على طول شاردة انا بقيت بحس نفسي هتجنن لا انا قادر اقرب منك و اعبرلك على لي جوايا و انا متأكد من انك هتصديني و لا قادر ابعد عنك انتي زي المغنطيس كل ما ببعد بقرب تاني

نظرت اليه نور بتشتت قائلة: طب ممكن بعد الحفلة نقعد نتكلم علشان في حجات مش واضحة بنسبالي و اظن انتا كمان عندك اسألة

ابتسم لها: طيب تمام انزلي دلوقتي بس على اوضتك هتلاقي حاجة فوق سرير.

نظرت اليه بتساؤل: حاجة ايه

قال بمرح: على فكرة لو نزلتي في الوقت لي بتسأليني فيه كان زمانك عرفتي

ابتسمت بحرج قائلة: طيب خلاص نازلة

خرجت سريعا من غرفته و قد عاد قلبها للحياة برأيته

ولم يكن حاله مختلف عنها فكان لازال ينظر في اثرها الذي غادر منذ ثواني و قلبه ينبض بشده فرأيته لإبتسامتها فقط كفيلة لجعله اسعد انسان في هذا العالم

كانت نور تنزل درج عندما تستوقفها صوت ميرفت يهتف بإسمها: نور وحشتني اوي يا حبيبتي

نور وقد تهلهلت اساريرها برؤية ميرفت فهي حنونة عليها بشده

احتضنتها لفترة ليس بقليلة: ونتي كمان يا طنط ميرفت القصر كان وحش من غيرك

ميرفت بطيبة: يا قلبي واديني جيت تعالي نقعد في اوضتي شوية وحشني كلام معاكي اوي

كانو جالسين فوق اريكة جميلة حالها حال الغرفة قديمة الطراز ذو ذوق ملكي

ميرفت: هاه حصل ايه فغيابي

تنهدت نور وحكت لها كل شيئ بتفصيل الممل

ميرفت بغضب دي اتجننت ولا ايه ازاي تقولك كده دن انا هطردها من القصر كله علشان تتعلم زاي تتهم ناس بالشكل ده

نهضت نور ورائها بسرعة: لا ونبي يا طنط مش عاوزة الحكاية تكبر و لا توصل لجاد انا اصلا قلتلو قبل كده حاجة زي كده بس ما قلتلوش مين بظبط ميرضنيش يتقطع عيش حد بسببي

فكرت ميرفت قليلا في كلامها و رأت ان اليوم ليس يوم للمشاكل بالفعل لكن عليها تأديب رندة لتلفيقها اكاذيب حول ابنها و حبيبة قلبها نور

ابتسمت ميرفت في وجه نور: طيب علشانك بس و انتي متجنبة جاد اسبوع بحالو لي يا نور

نور: يا طنط انا بفضل جاد رجعت اتكلم جاد حببني في الحياة مرة تانية مع اني كنت فاقدة الامل من نفسي خالص بس هوا قدر يخرجتني من حالتي لي كنت فيها بس رغم كل تعمق معاها في حجات كتيرة بس ما قدرتش احكي حاجة عن الماضي خفت ينفر مني و كلام رندة زاد الطين بلة علشان انا كده فعيون ناس هبقى زيها و انا مش عاوزة كده يا طنط و مش عاوزة جاد يكرهني بعد ما شوفت نظرة الحب فعنيه مش مستعدة و لا هستحمل اني اشوف نظرة الكره فعنيه

ميرفت بحزن على نور: يا حبيبتي انتي لما حكتيلي كل حاجة قبل ما تخشي المصحة و حتى لما قابلتي جاد ده كان قضاء وقدر انتي ملكيش ذنب انتي كنتي ضحية لام واب قاسيين و انانيين و عمومك الطماعين فيك و فشرفك و مدام انتي خايفة سبيلي نفسك خالص و انا هضبطك

لتضحك نور قائلة: ايه ده ميرفت هانم بنت بالشوات تقول سبيلي نفسك و انا هضبطك

نظرت اليها ميرفت بغضب ممازحة قائلة: يعني انتي سبتي كل الكلام و مسكتيلي في الجملة دي تصدقي انا لي غلطانة قاعدة مع عيلة زيك

نور بضحك: خلاص يا جميل حقك عليا ميهونش عليا عصبيتك يا قمر انتا

نظرت اليها بتقييم ثم اردفت: والله يا ميرو موز موز

ضحكت ميرفت من قلبها: اه يباكشة امشي يلا بره خليني اكمل اجهز و روحي اجهزي

نظرت لها نور قائلة: لا ونبي عفيني انا مليش في الجو الحفلات ده انا هدخل اوضة عمر اقرالي رواية مش بحب دوشة

ميرفت نضرت اليها بعدم رضى: يا بنتي حرام عليكي انتي لسه صغيرة بتحبي تعيشي فدور جدتي ليه

نور ببسمة بسيطة: معلش يطنط بلقى راحتي في الهدوء وسط روايات

استسلمت ميرفت قائلا: طيب يا حبيبتي براحتك

خرجت نور من خرفت ميرفت في نفس وقت خروج جاد من غرفته: ايه ده انتي لسه ما نزلتيش

قالت ببسمة بسيطة: لا كنت بسلم على طنط ميرفت و نسيت نفسي بالكلام معاها

جاد: طيب يلا روجي جهزي للحفلة بسرعة مش فاضل وقت كتير

قالت نور بحرج: ممكن تعفيني

جاد بخيبة؛: زي كل مرة

اومأت له ليقول: تمام بس انا هختارلك الرواية

ابتسمت بتساع وقت اسعدها اهتمامه بها: طيب اوك

نزلو سويا و دخلو الى المكتبة اختار لها رواية (انت لي) قائلا: دي هتعجبك جدا انا متأكد

نور و هيا تتفحص الكتاب: تمام

لي يرن هاتفه في تلك اللحظات:ايوة يا حازم خارجلك اهو

=.........

جاد: صوفيا هنا ما قلتليش انها جاية من سفر

رفعت رأسها بصدمة لقد اتت غاريمتها اذا
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي