الفصل السابع والعشرون

الفصل السابع والعشرون ..
__________________
رددت بقلة حيلة :
-  فندق !
لا سيكون غاليا الأن ، ويجب عليّ ادخار الأموال حتى أستطيع العثور على عمل آخر ..
اذن غرفة في مكان ما هذا هو الحل الانسب حتى يتمكن فرانسيسكو من جمع بعض المال ليشتري كامل حصتها في البيت ..
ماذا لو كانت حبيته موظفة ؟
عندئذ بامكانها ان تستلم حقها في اقرب وقت ..
ولكن هذا الاحتمال ضعيف .
قررت ان تمضي الساعات القليلة المتبقية ،
في المشي بمحاذاة الشاطيء الهادىء المواجه للفندق ..
انتهت من حزم حقائبها ودخلت المصعد بجسد مهترئ ، وعقل يدور حول نفسه بمئة احتمال وفكرة ،
وبقلب حائر ومهموم خرجت من المصعد للتجه نحو الشاطئ ، وهي تخطو ببطء وهم قد أثقل قدميها ..
تسألت في عقلها ..
ماذا لو بقيت في كريت ؟ هذا خيار معقول لكن عليها ان تجد عملا تعيل بها نفسها أولًا ،
ومع انها مستعدة لقبول اي شيء لكن الوظائف المتاحة للاجانب محدودة للغاية ..
اما الاعمال المتوافرة في الحانات والفنادق فهي تعج بفتيات اوروبا الشمالية اللواتي اتين للاستمتاع بالطقس الدافيء .
عليها أولًا ان تجد مكانا اخر تقيم فيه كي تبحث عن عمل ،
رددت بثِقل :
-  يا إلهي فإن معظم الغرف قد اجرت للسياح .
توقفت واستدارت لتواجه امواج البحر العالية والزرقاء ،
تحت السماء الصافية ..
هذه الارض التي احبتها جدتها فوق كل شيء ،
مع انها لم تعد اليها على الأطلاق .
بعد ان تحدت جدتها ارادة والدها اليوناني المستبد
لتتزوج رجلا انجليزي أحبته للغاية ، وتخلت به عن عائلتها بأكمالها ..
يا إلهي كم تفتقد حب صوفيا و دعمها ، و تفهمها ، وتعاطفها .
همست والحزن يتملك قلبها ، حتى كادت أن تبكي من عجزها :
-  يا للهول ماذا علي ان افعل ؟
-  يجب ان تضبطي لسانك ، وتشجعيه على
قول الحقيقة .

عرفت مصدر الصوت الذي اتى من و رائها ، شعرت بالغضب يتصاعد لوجهها بقوة ،
فكا ما يحدث لها ال-ن بسببه ، فقالت له بتوتر وغضب بالغ :
-  انت !
ثم استدارت قليلا لتواجه معذبها ..
كان دريك إرنستو الذي لم يدمر حياتها بعد .
ولكنه اخر شخص تود ان تراه في تلك
اللحظة ،
هو الرجل الذي حطم حياتها فليلة واحدة ..
شدت عضلات فكها من حدة غضبها وهي تتطلع نحوه بغيظ شديد .
لقد بدا أنيقًا ، ببنطاله الازرق وقميصه البحري المقلم .
كونت رايها بتجرد تام ،
وهي مقتنعة ان قلبها كان يخفق بسرعة هائلة ،
ولكن تسارعه هذا ليس بسبب مظهره بل بسبب جاذبيته التي لا يستطيع اخفتئها ولا التحكم بها ،
كما انها لم تستطيع محو اعجابها به ، بينما ذكرى اللحظات القليلة التي امضتها في عناقه بدأت تهاجمها بقوة .
رفع حاجبيه الداكنتين وقال :
-  اجل هذا فعلا انا يا صغيرتي الكاذبة الجميلة .
هزت رأسها بعنف وهي تنفض عنها كل هذه الافكار الحالمة ،
ثم قالت له بغضب شديد :
-  كاذبة !
كيف تتجرا وتنعتني بالكاذبة أيها الأحمق ؟
كادت ان تلكمه ولكنه تفادى ذلك بسرعة وهو يقول :
-  لا يليق بك الغضب ياصاحبة الكتفين
الجميلتين .
تفحصت عيناه كتفيها وهو يتابع :
-  لقد قلت لي البارحة انك تنوين البقاء في كريت حتى انتهاء الموسم ،
ومع ذلك عرفت انك راحلة الليلة عندما سالت عنك في الفندق منذ لحظات ققليلة،
ما الذي غير رايك بهذه السرعة ؟!
هل تخلى حبيبك عن لعبته الجديدة ؟ وتوسل اليك حتى تعودي اليه ؟
رددت بدهشة :
-  اعود اليه ؟
لذعتها سخريته ، وقد شعرت بمرارة تغزوا حلقها ، لتبدأ بالقول :
-  اذا كنت تعني البيت الذي كنا ندفع ثمنه سويا ،
فقد فصلني عنه ايضا ..
ولم يترك لي اي مجال حتى اشتري بيتا مشابها ،
و حتى لو اعاد مالي الذي انفقته كله عليه ،
لن أستطيع فعل شيء به الأن ..
خطى نحوها وهو يقول :
-  ولماذا غيرت رايك ما دمتِ قد اخبرتني بالحقيقة امس ؟
اجابته بقوة وبحزن شديد في الوقت ذاته :
-  لانه كان لدي عمل البارحة .
وتمنت لو انها التزمت الصمت ، حتى تحافظ على كرامتها ،
حين تسأل وهو يضيق عينيه :
-  واليوم ؟
ادرات وجهها في إتجاه آخر ، ليردف :
-  هل تقولين ان لا عمل لديك بعد
اليوم ؟ لماذا ؟ ما الذي حدث ؟!
التفتت نحوه لترمقه بنظرة احتقار وهي تقول :
-  بسببك .. وبسبب تصرفك الحقير ليلة أمس هل فهمت ؟
تقلصت عضلات فكه بعدائية ، وهو يقول :
-  اوضحي الامر .
فكرت ان تتحداه ولكن ليس هناك ما يمكن
اصلاحه بعد الآن ،
لقد اوقعت نفسها في تلك الورطة وعليها ان تتحمل نتائجها كاملة .
فأثرت الصمت ، حتى وضع يديه على كتفيها ثم امسك بذقنها ،
عندما حاولت ان تتجنب النظر اليه وهو يقول :
-  لورين ، أنا انتظر تفسيرًا ، لما قلته الآن ..
اذن يجب ان يحصل على واحد ، تبا له !
رفعت راسها بتحد لتواجهه بجراة ،
وقررت الا تدعه يراوغها بشخصيته الفذة ..
فبدأت تخبره ما حدث بنبرة غضب شديدة :
-  لقد راك احد الموظفين وانت تدخل الى غرفتي البارحة ،
ولقد افترضوا ان فندقهم سوف يتحول الى مكان ذات سمعة سيئة بسببي ،
ولذلك طلبوا مني الرحيل فورا ..
لقد صرفت من الخدمة ،
و سوف أعود الى بلدي وانا موصومة بالعار
هل انت راض الآن ؟
حرك رأسه نفيًا ، وبنبرة قوية قال لها :
-  كلا .. لن اسمح بحدوث ذلك .
فاجاتها ردة فعله القوية !
لقد اعتقدت انه لن يبالي بمحنتها ،
بل سيعتبره كعقاب نتيجة تدخلها .. وسوء التفاهم الذي حصل بينهما بالأمس .
اخذت نفسا عميقا وملات رئتيها بالهواء النقي عندما هب النسيم .
ثم قالت أخيرًا :
-  لقد أثار اهتمامك فضولي .. حقًا ...

نظرت له وهي تلاحظ تعابير وجهه الساخرة وتابعت :
-  ولكنني لم ادرك انك تمتلك بعض القدرات
الاولمبية .
ابتسم قائلًا :
-  أنتِ لا تعرفين الا القليل عني .
بدأ جسدها يرتعش تحت نظرته النافذة
وهو يتابع :
-  بما انك تعتبريني مسؤولا عما حدث ،
سوف أعما جاهدا حتى اؤمن لك عملا اخر في اليونان ..
عملا يناسبك تماما و براتب مغرِ ..
هل انت راضية ؟
رددت وقد أشعل الأمل حماسها :
-  نعم .
لقد شعرت بالأمل يدب فيها من جديد ،
فاي شيء افضل من الرجوع الى الوحدة التي تنتظرها في انجلترا ،
ولكنها عادت لتشاؤمها مرة أخرى وهي تتذكر الواقع الأليم ،
فليس أمامها سوى ساعات على الرحيل ،
فرددت بيأس :
-  لكن من المستحيل ان اجد اي شيء في الوقت المتبقي لي .
بقي دريك صامتا لعدة دقائق ثم اضاف بلطف :
-  بخلاف ذلك تماما ،
لدي حل عملي ومثالي ..
على ان ارجع الى كافوس في غضون ساعات قليلة ،
ولذلك ستسافرين معي وستشتغلين كمضيفة في الفندق الجديد الذي افتتح هناك حديثا .
حدقت به وقد قضى اقتراحه على املها الوحيد ، فرددت :
-  هذا مستحيل .
هز كتفيه استهجانا وهو يقول :
-  لماذا ؟
لا تخافي .. ستتعلمين ماتجهلينه ..
كما قلت لك كافوس مدينة صغيرة ولا يقصدها الكثير من
الاجانب ومعظم سكانها لا يجيدون الانجليزيه ..
و هم بالفعل بحاجة الى مترجمة ..
رددت بحيرة :
-  لا .. لم اقصد ذلك ....
لم تكن تشك في قدراتها على التعلم أبدًا ..
فهي كانت مساعدة لتيوان في إدارة أعمالها الفندقية ، ثم تعلمت أن تُصبح مديرة لمجلة أدبية وفنية ، ثم انتقلت للعمل في السياحة والرحلات وقد ابلت بلاء حسنًا في كل المناصب التي تقلدتها ..
ولكن تشك في قدرته على تامين ذلك المركز لها ..
اجتاحها موجة من الحماسة برغم شكوكها .
إلا انها تخطها جميعًا ..
إذا كان العمل متوافرا فعلا سيساعدها ذلك في التغلب على متاعبها الحالية ..
حتى تتمكن من تنظيم امورها بنفسها ،
وسيمنحها هذا العمل المزيد من الوقت في اليونان ،
بل وسينقذها من العار الذي لحق بها قبل ان تعود الى انجلتر ..
-  انت لا تثقين بي ؟
اخرجها صوته من شرودها ، لتطلع نحوه ..
كان دريك يعبس وهو ينظر إليها بعدما نطق سؤاله وكأنه يقرأ أفكارها ، أو يشعر بشكوكها الكثيرة نحوه ..
هزت كتفيها وتمنت لو انه يثبت حسن نيته ،
ولكن رغم ذلك سألته :
-  وهل هناك داع لعد الثقة ؟
ثم أكملت تساؤلاتها :
-  أنت كيف عرفت بتلك الوظيفة ..... او انها ستناسبني ؟
ارجع راسه الى الوراء وضحك ،
ثم تلالات عيناه ببريق غريب وهو يقول لها :
-  لان المديرة صديقتي ،
ولقد اخبرتني انها بحاجة ماسة الى مضيفة تجيد اللغة الإنجليزية ،
ولم تجد الشخص المناسب لهذه الوظيفة في كافوس بعد ،
ثم أقترب منها ليضع إبهامه تحت ذقنها قائلًا :
-  لا تقلقي يا لورين ..
انا متاكد انك سترتاحين هناك ،
وفي ظروفك الحاضرة ستجدينها مكانا امنا ولو مؤقتًا ؟
ماذا عساها ان تقول يبدو العرض مغريا
وملائما وستندم كثيرا اذا تركت تلك الفرصة تفلت من يدها .
يبدو ان ترددها باد على وجهها لان دريك اطلق ضحكة خافتة ،
وهو يقول لها:
-  تشعرين بالخوف والخجل .. أليس كذلك ؟!
هل تعتقدين انني ساختطفك الى جزيرة منعزلة ،
أو استغلك على شاطيء معزول حيث ستكتم تمتمات الامواج وتنهدات النسيم صرخاتك ؟ دهشت ولم تحس بتورد وجنتيها وانكرت الحقيقة بتعجرف :
-  لا ! بالطبع لا .. ولكن .....
قاطعها وهو يقول لها :
-  تفضلين الا تقبلي بكلامي وحده ؟ أليس كذلك ؟
حسنا لا مشكلة لدي .. تعالي .
ترددت للحظة ..
ولكنها حسمت أمرها ..
فما المانع من ان تكتشف الطريقة التي كان ينوي ان يبرهن بها عن
حسن نيته ؟
تبعته الى طريق الشاطيء الضيق وقبلت
دعوته لتناول عصير البرتقال الطازج في حانة عامة ،
فهو مدين لها بذلك على الاقل .
ثم لها وهو يناولها الهاتف الخلوي الخاص به ،
عندما كانت الى جانبه :
-  المديرة بنفسها على الخط ،
كلميها وتاكدي من حقيقة الامر .
أمسكت لورين بالهاتف ، لتضعها على اذنها بكسل ،
وقلبها يخفق بسرعة جنونية ،
وحينها استطاعت ان تسمع صوت ضحك بعض الاولاد المريح ،
عندها اكدت لها المراة انها بحاجة ماسة لتوظيف مضيفة كفوءة .
ثم اخبرتها أن العمل سوف يكون خفيفا وفي النهار فقط ..
وستحصل على تذكرة مجانية الى جانب الطعام وراتب مناسب ..
بدا كل شيء سهلا وهي تنتقل من مرحلة الياس الى الامل ،
بفترة قصيرة وغير معقولة .
سالها الصوت الناعم الرفيع على الطرف الثاني من الخط :
-  اذن ستصلين مع دريك غدا ، أليس كذلك ؟
ثم أردفت السيدة التي ظهر الود واللطف على صوتها :
-   لقد اخبرني انك الشخص المناسب لهذه الوظيفة ،
أنا حقًا بحاجة الى مساعدتك .
اخذت لورين نفسا عميقا ،
لقد اصبحت مدركة حماسة دريك الواقف الى جانبها ،
والذي كان يستمع الى كل كلمة .
قاومت مخاوفها وهي تواجه الكارثة من جهة ،
والمغامرة من جهة ااخرى ، لتقول لها بحزم :
-  نعم ساخذ الوظيفة .
ثم انهت معها المحادثة بلُطف كبير ،
وناولت دريك هاتفه وهي تستدير نحوه قائلة :
-  في اي وقت ستقلع السفينة من اراكليون ؟
ضم حاحبيه وهو يعيد الهاتف لجيبه قائلًا :
-  سفينة ؟ اية سفينة ؟
اضطربت وعبست قائلة :
-  السفينة التي ستقلنا من اراكليون الى كافوس بالطبع .
ردد بثقة :
-  لا يوجد هناك سفينة يا صغيرتي .
بدت الابتسامة على وجهه الساخرة مهددة لها على نحو غريب وهو يقول :
-  كافوس مدينة صغيرة ،
ولا يمكننا الذهاب اليها مباشرة من كريت ،
وبما ان لدي بعض الاعمال الطارئة هنا ،
فقد استاجرت مركبا صغيرا سياخذنا من مرفا بعد ساعتين ..
ثم اشار الى حيث كانت جدران المرفا الصغير الرمادية مرئية ، ثم اقترب من اذنها وهي تنظر تجاه إشارته ليهمس لها :
-  لا تقلقي يوجد متسع لكلانا .
التفتت سريعًا وهي تقول له :
-  ولكنني لا استطيع .......

توقفت وهي تعض شفتها وشعرت بالغضب لانها تصرفت من دون ان تكتشف كل الحقائق ،
أو تعرف كيفية الذهاب معه .
قال برقة وهدوء :
-  الطبع تستطيعين يا لورين .
قرا افكارها بسهولة وكانها تفوهت بها وتابع :
-   صديقي القديم اريستيد وابنه الصغير عن كفاءة تامة ،
وسيعتنيان بك جيدا صدقيني ستكونين في امان .
كان تعبيره رقيقا وصادقا ،
بينما هي تحدق اليه بارتياب وتحاول ان تفهم مغزى اجابته المهذبة .
ولكنها شعرت ببعض الاطمئنان عندما ذكر صديقه وابنه ،
فهزت راسها بعنف قائلة :
-  حسنا .

عليها ان تثق به الأن ، لقد كان المفضل لديه من بين كل الخيارات التي في حوزتها ،
ورغم اساءته لفهم دوافعها البارحة ،
وغضبها الشديد منه لعرضه المال عليها كي توافق على إقامة علاقة معه ..
إلا انها قد اوضحت له مشاعرها منذ ذلك الحين ، الم تفعل ذلك ؟
ومؤكد أن هذه كانت طريقته في التعويض عليها ،
بعد كل المتاعب التي سببها لها ..
فهذا تعويضًا تستحقه بالتاكيد .

الى جانب ذلك فهي لم تثق به لمجرد انه قال لها ان
هناك عملا ينتظرها ،
لقد بدا صوت مديرة الفندق في كافوس دافئا ساحرا وودودا للغاية ..
وثم كان هناك صوت الاطفال المرح الامر الذي ضاعف من اطمئنانها .
اعتدلت في وقفتها وهي تقول له :
-  حسنًا ..
يجب عليّ الأن ان ابلغ مديري السابق بقراري ،
وأن اطلب منه ان يرسل لي المال المدين لي به .
فقد قررت ان تاخذ جميع احتياجاتها .. قبل ان تعهد بنفسها الى دريك وطاقمه
وقبل أن تتحرك نحو الفندق توقفت لتسأله :
-  صحيح .. بالمناسبة دريك ما هو اسم الفندق الذي ساعمل فيه في كافوس ؟
هل كانت تتخيل ام ان طيفا ما تجاوزها ؟
توترت اعصابها وفكرت انه لن يرد على سؤالها المعقول ،
حتى ابتسم وقال بكسل :
-  بلفادير فقط .. وستكون كافوس عنوانا كافيا كي يجدوك .
___________
خطت نحو الفندق بسرعة كافية ، فقد كانت اجابته تنم على شعوره بأنها ما زالت ، لا تثق به ..
صعدت لغرفتها ، وأخذت حقيبة ملابسها وأشيائها الخاصة ،
ثم نزلت لغرفة مديرها المبتشر كي تخبره أنها سوف تظل في كافوس ، وستعمل في فندق هناك ، ويجب عليه أن يبعث لها مستحقاتها هناك ، لأنها سترحل الآن ..
ثم تركته خلفها ينظر نحوها بتعجب ، فكيف استطاعت هذه الفتاة الانجليزيه أن تجد عمل بهذه السرعة ، لقد كانت تائهة وحائرة منذ ساعة واحده مرت ؟!
لاحت ابتسامة انتصار على وجه لورين وهي تتخط الفندق بكبرياء لاق بها ..
وقفت لورين بجانب الحاجز على سطح المركب تراقب جزيرة كريت وهي ترتد الى الوراء عندما هدر المحركز، وقد انطلق نحو البحر الفسيح .
نظرة واحدة الى اريستيد رجل في اوائل
الستينات من عمره وابنه المراهق و قد تبددت
مخاوفها في لحظة ..

ربما لان الرجل الطاعن في السن اقل خطرا من الشاب ،
فقد فكرت في ذلك جديًا ..
ولكن اطمئنانها على الارجح ،
بسبب أن لان وجه اريستد صادق ومحب ،
وتعبيرات ملامحه تدل
عن حياة نظيفة ، وعمل شاق ،
و قد كان ولده شابا لطيفًا أيضًا ، و متحمسًا ، و وجهه برئ للغاية .
لقد رحبا بها الإثنان باحترام تام ،
وقدمها دريك اليهما كصديقة عزيزة ..
تصرفت معهما بتحفظ ،
مع أنها قد استعدت لان تعهد بنفسها اليهما للساعات المقبلة ،
حتى تتمكن من التخلص من حضور دريك الطاغي عليها .
-  مؤثر اليس كذلك ؟
كان الشاب خلفها مباشرة ،
اجابته بابتسامة لطيفة ولكن متعجبة :
-  بالطبع ...
لقد انضم دريك اليهما على الفور ،
حتى انها لم تشعر بوجوده ،
أو حتى تسمع خطواته على سطح المركب ..
ثم وجدته ، يبتسم نحو ولد ارتستيد وهو يقول له
لقد بدا صوته عميقا :
-  والدك ينتظرك في حجرة الدفة .
حياها الشاب قبل أن يرحل لتقابل تحيته بأخرى ودودة ،
قبل أن تجد دريك يقف في مواجهتها وجسده الطويل والنحيل مسترخ تماما وهو يقول لها :
-  لقد كنتِ بحاجة ماسة الى عمل وانا استطعت ان اؤمنه .
قالت وقلبها يخفق بسرعة مؤلمة على الرغم من تظاهرها بالشجاعة :
-  ولكن ليس في فندق !
اجاب بجراة اجفلتها :
-  لا .. في بيت والدي .


_____________________________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي