13

مرت ثمانية أيام على زواجي من ضياء و هو لا يأتي الى الغرفة في الليل ، اجلس الأن امام المرأت و امشط شعري الطويل ، انظر إلى وجهي في المرآت و اتخايله خلفي يمرر اصابعه من خلال شعري ، من المؤسف اننا وصلنا الى هذه الحالة ، و لا اقصد وضعه الصحي ، بل جفاه عني  اشعر انه لم يعد يحبني . بعد ان خسر عافيته لا بد و ان لا يحبني ، فمن عساه يفعل و ابن عمتي السبب بما حدث له ؟

سمعت طرقاً على الباب : من ؟

: انا ضياء

نهضت من مكاني ، و اختلطت كل مشاعري بينما اركض نحو الباب لأفتحه : تفضل .

رفع وجهه و نظر إلي ثم فتح عينيه بدهشة . افرغ حلقه و ابتعدت عن طريقه . فدخل عن طريق دفع عجلات كرسيه ليصبح في الداخل ف اغلقت الباب .

ضياء : كيف حالك ؟

صالحة : انا بخير ، شكرا لك  و انت ؟

ضياء : اسف على ازعاجك ، لكن ابي قال انه سيغضب علي ان نمت مرة اخرى خارج غرفتي .

ابتسمت له : انت لا تزعجني ، لا يوجد شيء يسعدني اكثر من رؤيتك .

اشرق وجه صالحة و تلفتت ثم نظرت اليه : هل انت جائع ؟

ضياء : لا ، لكن اذا كنتِ جائعة . .

صالحة : لا لا  ، انا بخير . .  هل ترغب بالنوم ؟

لم يرد ضياء ف شعرت صالحة بالخجل ثم توجهت الى السرير و ابعدت الاغطية و ابتسمت له  : تعال . .

توجه ضياء الى السرير و قبل ان يساعد نفسه مدت صالحة يديها و بدأت بمساعدته ، و كانت هذه اول مرة يتلامسان فيها .

ساعدته بالجلوس على طرف السرير ثم نزلت عند قدميه و خلعت له حذاءه ، فشعر ضياء بالخجل من عجزه ثم من تصرفها و تواضعها .

لكنها واصلت ما تفعله و وضعت الحذاء جانباً ثم جلست بقربه و توجهت بجسدها نحوه : إشتقت لك ، شكرا لقددومك .

توغلت الدموع في عيني ضياء : صالحة ، انا . .

قاطعته صالحة : لا تقل اي شيء يقلل من شأنك لان ذلك لن ينفع ، انا لا اسمح لك بذلك ، ثم انت الان اصبحت زوجي و انتهى الامر ، انا هنا الان و لن اذهب الى اي مكان ، حتى ان ذهبت انت ، سوف ابقى بمكاني و انتظرك .

ضياء : لماذا ورطتي نفسك معي بعد كل ما حدث الا ترين وضعي ؟

تناثرت دموع  صالحة : لأنني احبك ، الا ترى . . انا احبك حتى بعد ان توقفت انت عن حبي ، انا لا ارى سواك .

ضياء : من قال انني لا احبك ؟ لأنني احبك لم اعد ارى نفسي كافياً لكِ .

ابتسمت صالحة بعد ان سمعت اعترافه و اطمئنت :  انت اكثر من كافي ، ثم انني مؤمنة انك ستتحسن و انك لن تبقى هكذا كما أنت .

ضياء : لماذا انت واثقة هكذا ؟

صالحة : لأن الله ليس بعاجز عن شيء ، و انا اعلم انك سوف تمشي مجدداً ، الامر يحتاج للوقت لا اكثر . نحن في عام 2001 ، الطب تطور و العلاج الفيزيائي هو كل ما تحتاجه مع الصبر .

رفع ضياء يدها و تلمس بها خد صالحة التي اغمضت عينيها و مالت برأسها ضد كفه لتشعر بلمسته اكثر ، فتحدث ضياء : لم يكن هذا حلمي ، كنت اريد ان اتي بك بطريقة مختلفة ، و ان نكون سعداء

صالحة : انا سعيدة معك ، كيف ما كان . .

ضياء : طيبة قلبك ، تجعلني لا اصدق انك من البشر . و انت جميلة جدا بشعرك المنسدل كما كنت اتخيلك .

صالحة : شكراً لك ، هذه المرة الأولى التي تراني بها هكذا .

ضياء : لم ارى شعرك منذ ان كنتِ بالصف الأول .

ضحكت صالحة : اتذكر عندما ضربتني ، قلت لي لا تخرجي الى المدرسة دون حجاب .

ضياء : هل ضربتك ؟

صالحة : لقد جررتني من شعري ، حينها كنا اطفال و لم يكن هناك مشاعر بيننا .

ضياء : و ما ادراك ؟ انا لم اكن ذلك الطفل . كنت في الصف السادس و غرت عليكِ . لم ارى غيرك منذ ان كنتِ طفلة و كنت انتظر ان نكبر معاً و ان لا اجعل احد غيري يفوز بك .

صالحة : ياااه ، كم انا محظوظة .

ضياء : انا هو المحظوظ . صدقيني

قبلت صالحة باطن كفه فجرت القشعرية في جسد ضياء و شعر ب الحب يتدفق في قلبه من جديد .

صالحة : لا تظن انني سأحب غيرك في يوم من الأيام ، او اتزوج بشخص اخر ، إما انت و إما لا احد .

ضياء : عندما علمت بما فعلتيه صُدمت كثيراً ، كنت غاضبا و سعيداً بالوقت ذاته ، و لكنني ظننت انك فعلتيها لتحلي الخلاف فقط .

صالحة : كان حل الخلاف حجة فقط لكي ابقى بقربك و خاصة بعد الذي حصل لك ، لم اعد استطيع ان ابقى ابعد الناس عنك ،  انا احتاجك كما تحتاجني .

ضياء : الم تخافي ان لا يتحقق ما سعيتِ له ؟

صالحة : بلى ، لكنني فكرت بالأمر ، و كان اخبار عمي بالحقيقة الأمل الوحيد ، لأنه كاد يرفض .

ضياء : من المشين ان تأتي بهذه الطريقة ، اشعر كما لو انه عار علي و انت كريمة تستحقين الكرم .

صالحة : اخبرتك من قبل ، انا لست حزينة و لست نادمة على اي شيء ، كل ما يهمني القرب منك . و الحمد لله انت الان امامي .

سحبها ضياء لتستقر على صدره ثم لف ذراعيه حولها ثم غرس وجهه في شعرها  : انا احبك . لدرجة انني رغم غضبي و سخطي اطلقت سراحك ، و تركت لك فرصة كي تذهبين ، لكن بعد الان انت لن تهربي مني . سأغلقك عليك جيدا.

ابتسمت صالحة بينما تبكي : افعل ذلك يا ابن عمي ، ف والله إن وضعتني في قفص و لم اخرج منه حتى مماتي سيكون اطيب على قلبي من العسل .

.
#ضياء 

( عودة بالزمن ل ثمانية اعوام  ) :

اعجبت بها منذ الطفولة ، و منذ ذلك الوقت اخبرت امي انني "  عندما اكبر لن اتزوج الا صالحة ، ابنة عمي الشيخ علي " .

لطمتني امي برفق على فمي " اين تعلمت هذا الكلام ايها الشقي ؟ " .

غضبت و توقفت بعيداً عنها " انا لست صغيراً " .

وضعت امي اصبعها على فمها لتسكتني " هشششش ، اخف صوتك و الا سمعك ابوك ، هل تريد ان يحلق شعرك على الصفر و يحبسك في العلية ؟" .

حركت رأسي بالنفي " ولكن يا امي انا حقاً اشعر ب الم في قلبي ، عندما افكر انها لن تتزوجني "

ابتسمت امي و مسحت على شعري " انت ماتزال صغير ، و ابتلاك الله بقلب عاشق ، لك احزر ماذا ،  يقولون انه اذا احب الله عبدا ابتلاه ، و اجمل انواع الابتلاء هو الحب ، و خاصة عندما يكون حب طاهر و شريف خالٍ من الشوائب سوف يوفقه الله و يباركه "

سألتها متلهفاً " كيف افعل هذا يا امي ؟ "

اكملت امي و كنت منصتاً لكل ما تقوله و انغرس في اذني و عقلي " انا سأخبرك هذا من اجل المستقبل ف احفظه يا بني و هذب نفسك بنفسك منذ الان . .  اولاً  لا يمكنك ان تختلي بها ، او تخبرها كلام جميل ، او تنظر اليها دون مراقبة نفسك  ، ف الخلوة بين شاب و فتاة دون زواج حرام و الكلام المعسول حرام كذلك في حال لم تكن خطيبته او زوجته . يمكنك ان تعلمها بحبك لها فقط و ان تطلب منها انتضارك في حال كانت موافقة . و انت فقط تستطيع ان ترسل هذا الكلام مع اختك او معي ، لكن ليس الان ، ف انت ماتزال صغيراً و هي كذلك .  واحذر كل الحذر ان يعرف احدهم ، فقريتنا صغيرة و ان اطلعت احداً على سرك انتشر و هكذا سبغضب والدك و الشيخ علي منك "

.
وضعت يدي على قلبي " انا اعلم يا امي ، لذلك لم اخبر غيرك ،  لكن هنا يوجد ألم ."

تنهدت امي " اذا ، كلما صليت اطلب من الله ان تصبح من نصيبك ، و انا اعدك انني لن اترك الامر ، سأحدث خالتك انا اعدك . و الان اذهب الى دراستك "

.
بعد شهر :

مريم تجلس مع اختها مروة في منزلها و كانت صالحة قد عادت من المدرسة تبكي لتقف امام امها و تفرك عينيها .

مروة " ماذا حدث يا ابنتي ؟

مريم " من ابكى ابنة اختي الحبيبة ؟ "

صالحة " انه ضياء ، لقد ضربني و شد شعري "

وضعت مريم اصابعها على فمها بينما مروة شهقت بخفة و فتحت عينيها لتتحدث " ولماذا قد يفعل ضياء هذا ؟ ماذا فعلتِ ؟ "

صالحة " لم افعل شيء ، لقد اخبرني ان لا اخرج من دون حجاب ، لماذا يفعل هذا بي ؟ كل الفتيات في صفي لا يرتدين الحجاب "

نظرت مريم و مروة الى بعضهما و اخفين ضحكاتهن فتحدثت مريم " و اللهِ سوف اجر له شعره كما فعل لك لا تحزني يا حبيبتي " ثم اخذتها في حضنها و مسحت على شعرها " حبيبتي صالحة الجميلة "

مروة " لقد فعل ذلك خوف عليكِ يا ابنتي ، لا تغضبي منه ، و لكنه محق عليكِ ان ترتدي الحجاب فشعرك جميل جداً و سوف يحسدك الناس عليه "

صالحة " لا اريد ، ابي سمح لي ب ان لا ارتديه الان ، اخبرني انني سأرتدي الحجاب في الصف الرابع "

مريم  " دعيها و شأنها يا اختي ، ما تزال طفلة ، لا تعقدينها "

مروة تمازح صالحة بينما تتحدث مع اختها " انا لن اجبرها على شيء ، اسأليها من سرح لها شعرها قبل ان تذهب ، انا فعلت لها ذلك ، صحيح صالحة ؟ "

اومئت صالحة برأسها و ابتسمت على تعابير أمها فتحدثت مروة " هذه جميلتنا ابنة الشيخ علي الوحيدة لن نجرأ على ان نحزنها ، هيا اذهبي و اخلعي ملابس المدرسة "

تحركت صالحة لتنفذ ما قيل لها بينما امها تكلمها " اجل حبيبتي لا تنسي ان ترتبي اغراضك في خِزانتك "

تأكدت مريم ان صالحة ابتعدت و لن تكون قادرة على سماعهما " ارأيتي ، كل يوم يعود في للمنزل و يشتكي غيرته عليها "

ضحكت مريم " كنت افكر طوال الشهر و تذكرت قصة قديمة حكتها لنا امي عن فتى صغير و فتاة تعلقا ببعضهما من اول نضرة و عندما يفترقان طويلاً يمرضان ،  ابنك مصاب بحالة نادرة ، انه مرض العشق ، اذ يتعلق قلب الطفل ب اخر دون رغبة او ادراك  ، و لا يعرف قلب الطفل الا الصدق "

مروة " و ماذا افعل ؟ والده لن يتقبل الامر ، هو لا يعترف ب امور كهذه و سيغضب منه كثيراً  "

مريم " و لماذا تخبرينه ؟ اخبرتيني ان ضياء اطاعكِ ، و هو فتى طيب و مجتهد ، انا لا اخاف على ابنتي منه ، بل على العكس انا لن اجد مكاناً يحتوي ابنتي غير بيت اختي ، لن اطمئن عليها الا عندك ، و بالنسبة لزوجينا ، انت تعلمين كم هما متعلقان ببعضهما ، عندما يكبر ضياء و تكبر صالحة و تكون في سن مناسب للزواج ، سوف تخبرين والده و لن يعترض اي منهما "

مريم " جعلتيني اتفاءل "

مروة " اجل اطمئني ، ف بعد ان نأخذ منكم حور ستأخذون صالحة و هكذا كل منهما ستخرج من بيت اهلها الى بيت اهلها "

مريم " ماذا عن جاسم ؟ هل يخبرك شيء عن ابنتي حور ؟"

ضحكت مروة " انه يخجل كثيراً ، لكنني اعرف ابني ، فكلما تم ذكرها يحمر خجلاً ، لكنك تعلمين  قسوة علي بالتربية ، انه مثل محمود و لا يختلف عنه ، لا يسمح بعلاقات حب غير شرعية او مراسلات بين اثنين حتى و ان كان ابنه ، و بالنسبة للحب ، اطمئني فقد وجدته يكتب اسمها على صفحة كتابه و عندما سألته ماهذا ارتبك و خجل و بدأ يشخبط فوقه ، لقد ضحكت في ذلك الوقت كثيراً "

بينما كانت مروة تتحدث ، ضحكت مريم و تفاعلت معها  ، لتحمل فنجان قهوتها و ترتشف منها " اسأل الله ، ان يوفق الجميع ابنائي و ابناءك "

مروة " امين  ، اما بالنسبة لصالح ، هو مايزال صغيراً كذلك ، في الصف الخامس و معلمته تشتكي منه كثيراً ، سوف يقود بي الى الجنون "

مريم " لماذا ؟ "

مروة " لا يترك احد من شره ، عندما كاتت المعلمة تشرح بصوت عالي وقف و اخبرها اخفضي صوتك يا امراة ، صوتكِ عورة "

و قبل ان تنهي مروة حديثها ضحكت مريم و كادت تشرق في قهوتها " يا الهي ، صالح يعجبني كثيراً ، تصرفاته مضحكة جداً و رجولية "

مروة " مثل والده تماماً ، لكنني جلست معه و اخبرته انها معلمة و مجبرة على الشرح  بصوت عالي فالطلاب كثيرون و الصف كبير ، انه صعب المراس لكنه يقتنع عندما يجد تفسير منطقي "

مريم تضحك " اظن ان صالح هو من سيضرب ضياء ان اكتشف انه يحب فتاة و ليس والده   "

مروة " رغم ان علاء و صالح في الصف  و العمر ذاته ، الا ان صالح و ضياء متفقان اكثر و متعلقان ببعضهما كثيراً "

مريم " جعلتيني اتذكر عندما كان ضياء يريد ان يرسب ليبقى مع صالح و علاء بالصف ذاته ، لكنه خاف من تهديد والده ف نسي الأمر "

دخل جاسم الى المنزل مقاطع حديثهما الممتع ليبتسم لهنا بينما يقترب و يلقي تحية الإسلام " السلام عليكم ، كيف حالك يا خالتي "  ثم يقبل رأس خالته و هي ترد التحية عليه ب اجمل منها " يا اهلا ، و عليكم السلام و الإكرام ، اهلا بالغالي ،يا اهلاً "

توقف جاسم جانباً و نظر الى امه " كيف حالك يا غالية ، و الله انا جائع جداً  ؟ "

مروة " الحمد لله ، لن اكون افضل حال ، اذهب و غير ملابسك و توضي و صلي و حينها ستجد الطعام مسكوباً يا حبيبي "

ابتسم جاسم و طاع امه لتنهض الاختان الى المطبخ بينما مريم تتحدث " سوف اسكب الطعام معك و اذهب الى بيتي "

مروة " كيف تذهبين و الطعام حاضر ؟ "

مريم " سوف يعود والد ابنائي و زوجي الحبيب  بعد ساعتين  من السفر ، اريد ان يكون كل شيء جاهز "

مروة " صح لم تخبريني لماذا سافر "

مريم " ذهب مع حسان الى المدينة ليخطبا له ابنة خالته ، و بقيا هناك ثلاثة ايام يتنقلان بين الاقرباء ة يبلان عطش شوقهما ، فعمهما و اخوهما هناك "

يتبع . . .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي