3

مريم : اين جاسم ؟ لماذا اختفى ؟ مالذي حدث ؟

مروة : هرب للابد ، لديه زوجة حامل في امريكا .


مريم : الم تعلمو بذلك ؟ لماذا زوجتوه ابنتي اذا ؟

مروة : لم نكن نعلم يا اختي ؛ سامحينا و الله لم نكن
نعلم .

رفعت مريم يديها للسماء : حسبي الله . .

و قبل ان تكمل امسكت مروة يديها : ارجوك ؛ لا
تدعي على ولدي يا مريم ، ارجوك . .

عادت الاختان الى البكاء ، ثم بحثت مريم عن ابنتها
لتجدها نائمة في غرفتها تنظر الى صورها مع جاسم .



مريم : بنتي !

فور ان رأت حور امها انهمرت دموعها من جديد و
ارتكت بين احضانها تبكي فوق قدمي امها و مروة تمسح
على شعر ابنتها و تبكي معها .


حور : ماذا سنفعل يا امي ؟ لقد تركمي زوجي .
ابن اختك تركني يا امي . . الشاب الذي نذرتوني
له منذ الطفولة يا امي . .

مريم : يا ويلتي عليك يا ابنتي . ااااه يا ربي
اااه يا ربي . يا رب انزل علينا فرجك و تلطف بنا .


شعرت حور بالغثيان لتركض الى الحمام و تستفرغ
كل ما في معدتها من ماء منذ الصباح حتى الان .
.
و بدأت امها تلطم على وجهها خوف من ان ابنتها
حامل .

جاءت مروة  : اين حور ؟

مريم : انها تستفرغ . . يا ويلتي يا اختي . لا بد و انها
حامل  . اااخ ي ربي ماذا سنفعل ؟ لماذا لم يهرب ابنك
قبل ان يتزوج ب حور ؟ لماذا ذلك المغضوب ؟

مريم : حسبي الله و نعمه الوكيل ، يارب الطف بنا .

مروة : اطلبي جهاز فحص حمل ، الان .

مريم : لدي واحد . . كنت اخبأه لها بعد شهر من زواجها

مريم : احضريه

ذهبت مروة و عادت بالجهاز ؛ و بالفعل لقد ظهر
خطان يشيران على حملها .

و لم يكن يسع الثلاثة سوى البكاء و كأن جاسم  قد رحل

عن الدنيا للابد و مات و هكذا تم فتح عزاء . .




صعد الشيخ علي و التقى مع ابنته صالحة عن باب غرفة
حور ؛
الشيخ علي : ماذا حدث يا ابنتي ؟

صالحة : يا ابي أن حور حامل ؛ و الخبر مع هروبه لم يكن
سارا .

اتكئ الشيخ علي بظهره على الحائط يفتح عيناه بصدمة
ولون عينيه العسليتان فاضت بالدموع ف غطى عينيه بكف يده عن ابنته التي تقوس فمها بحزن على مشهد
والدها ثم أبعدت عينيها بعيدا حتى لا تجعله يشعر
بالاحراج اكثثرمما يفعل الأن .


لا يوجد شيء في الحياة اصعب من خذلان الأبناء للأنباء
ابدا . . . الابن فلذت الكبد و زينة الحياة الدنيا . . تكبره
و تراه أمامك يصل لطولك ثم يعصيك و ليس كذلك فقط
بل يهدم كل شيء خلفه .

لو أن جاسم رحل قبل أن يتزوج لما حدث ما حدث و لما
خاف الجميع مما سيحدث ؛ لو أنه لم يعد و لو أنه لم
يرضخ بإصرار والده في البداية

لما حدث كل هذا . .


ترك جاسم خلفه ضحايا عدة و ليست حور فقط .

ماهي النار التي على وشك أن تلتهب و التي أوقدها
جاسم ؟ ماذا سيحدث ؟ ما مصير هذه العائلتين
ما مصير حور و ما مصير مريم و مروة الأختين و ما مصير
الشيخ محمود و الشيخ علي وكيف ستكون علاقتهما
ما مصير شباب العائلتان الاصدقاء و ما مصير العشاق
فيما بينهما ! و هل سوف يكونون ضحايا ؟

كم ضحية سنرى و من سوف يسقط و من سوف ينهض
ما هي الحرب الجحيم التي بدأ الكل يتلفظ ب انذار
الشؤم منها ؟


الشيخ علي : حسبي الله و نعمه الوكيل ! الله يغضب
عليك . . الله يغضب عليك . . الله يغضب عليك


سمعت مروة و مريم و حور ما قاله علي من الخارج
بينما صوت بدأ يختفي دليلا على سيره بعيدا عنهم

مروة :  هل تتوقعين ان الحمل من  الممكن أن  يكون خير و يهدي الأمور
و ربما ذاك المغضوب يرجع . هل تعتقدين ؟


مريم : إن شاء الله يارب . .

تنظر الخالة و الام إلى حور التي وضعت رأسها على الوسادة لتكمل دموع عينيها الطريق معووجة عبر خديها و أنفها لتستقر على ما يسند رأسها و تتركه مبلل  .

انها دموع ثخينة كما لو كانت صنبور مياه ترك مفتوح بعد
إغلاقه بعجلة .

عاد صالح الى المنزل من جديد و وجد والده يقلب كفيه
بحيرة وضيق كمن كان على وشك أن يفقد عقله .

صالح : رأيت كل أصدقاءه و بحثت مجددا ! و لا شيء .
فص ملح وذاب يابا


الشيخ علي : اذهب و انظر بيت عمك . ثم أخبرني من هناك
و إن لم يكونو في مكانهم ! ابحث عنهم و أخبرني
كذلك .

صالح : حاضر يا ابي .

صالح مرعوب و ليس فقط خائف ! فتي في الثامنة عشر من عمره يخبئ تحت ملامحه المتماسكة خوف و قلق
شديدين ؛ و لا شيء يخاف منه الان أكثر من خوفه
على صحة والده التي بدأت تنتكس منذ أن سمع بالخبر

و ماذا عن صحبته ب أبناء محمود الزين ؟. مالذي
سيحدث بينه و بين رفقاء عمره ؟
كيف سيكون اللقاء ؟

أساسات المنازل على وشك أن تهدم أبناء العمومة علاقتهم
على كف عفريت تتأرجح ؛ منزل محمود الزين غفلة
و راحة بال ؛  لا يعلمون ماذا حدث

ماذا سيفعل محمود أن علم ماذا فعل ابني ب ابنته ؛ هذا
كل ما كان يتسائل به الشيخ علي ؛ و قلبه ينبض ألم
و تعاسة ! و من سببها ؟ ابن قلبه .


نعود الى مريم و مروة ؛ اللتان بقينا و كل واحدة منهن
كفها تحت خدها ؛ يهززن أجسادهن أثناء الجلوس
و خائفات مما قد يحدث بل مرعبات ؛ و الصمت يأكل
خلايا الأجساد و العقل غير قادر الا على تصور الاسوء

يحكى أنه على. الإنسان أن يتوقع الاسوء
لأنه إن فعل ؛ سيكون وقع المصيبة عليه اهون ؛ ينزل
عليه كما توقع لذلك لن تكون هناك مضاعفات .

ويحكي أنه كلما كانت الصدمة قوية كلمة أدت إلى
الوفيات و لا يوجد هناك اغلى من الروح لذلك علينا
جميعا أن نكون أقوياء و نتقبل ماتوقعنا حدوثه

العقل يجهز الإنسان على تحمل وقوع الصدمة لذلك
إن لم يجهز الإنسان عقله الله وحده يعلم كيف ستكون

فلنقل أن بيت علي و مريم تجهزوا للأسوء . . لكن
ماذا عن أولاءك اللذين ما زالوا على غفلة ؟ كيف سيكون
وقع الخبر عليهم ؟ هل سوف يتحملون ؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي