12

في ليلة إسود ليلها و خسف بدرها و بانت نجومها تنذر من فعل مشؤم، خرجت تاركو لجمع بعض الاعشاب الطبية في حوالي الساعة الحادية عشر، رفضت إقتراح مالينا بمرافقتها و أصرت أن تذهب لوحدها لتصفي ذهنها، و لتتخلص من التوتر الذي أصابها خلال تلك الأيام السابقة.
كانت هي منهمكة في البحث عن بعض الأعشاب التى قد تعينها على تطوير العقار الذي تعمل عليه رغم عدم توفر المعدات المطلوبة لإنجاز العمل في وقت وجيز، كانت تحاول جاهدة لفعل المستحيل لمساعدة المرضى.
لم تدرك تاركو أن الوقت قد تأخر حتى دقت عقارب الساعة معلنة حلول منتصف الليل، ظلال لأشخاص لم تعرف أين إتجاههم، أحست و كأن أعين تتربص بها، نهضت بسرعة و السلة التي كانت في حضنها على الأرض أوقعتها في خوف كانت تحدق من حولها.
في جنح الليل هى و مصباحها و مقص كانت تحمله في يدها التي ترتجف في زعر، تمنت لو سمعت نصيحة مايكل و تركت عمل اليوم لصباح الغد، الجميع كان يغط في نوم عميق، حتى و إن صرخت تستغيث فلن يغيثها أحد في الوقت المناسب.

" ماذا أرى بشرية و هنا ؟"
قال رجل طويل القامة يمتلك عينين قرمزيتين و شعر أبيض طويل كانت ثيابه لا تشابه أي ثياب رأتها في حياتها، تبسم هو ببطء فظهرت تلك الأنياب.
" مصاص دماء"
همست و قد جثت على ركبتيها.

ضحك ذلك الرجل الذي يبدو في الخامسة و الثلاثين من عمره.

" أهذا ما تسموننا به، نحن عشيرة الفيكسيور،
آه أعذر جهلك
فانت لا تعلمين بوجود عوالم موازية لعالمكم هذا. فأنتم أيها البشر أكثر الكائنات بدائية و تخلفا رغم إمتلاككم لجميع مقومات النهضة"
قال ذلك الرجل و جلس على الصخرة التي أمام تاركو بينما كانت هي تزحف للخلف ببطء.
" ما الذي جاء بك الي هنا؟
أليس من الفترض أنكم مجرد خرافات؟"
قالت تاركو بتلبك

"لن يسرك سبب مجيئنا الي هنا، على كل حالا أنا سابع الواصلين و البقية سيحضرون بعد ثلاثة أسابيع من الآن، نحن هنا لغزو الأرض، مللنا من الدماء رديئة الصنف نود تزوق الأصناف المحرمة، بالنسبة لنا دماء البشر هم صنف بالغ التحريم بالأخص دماء إناثهم"
قال ثم عدل جلسته و حدق بها .
" هذة مهذلة"
ردت تاركو نهضت بصعوبة من الأرض
" لا تخافي فلا نية لي فيك حاليا على الأقل، أود إستكشاف الوضع هنا قبل وصوله"
قال بينما كان يتأمل النجوم.
" من تعني بهو؟"
سألت تاركو التى خطت للوراء عدة خطوات.

" زعيم عشيرتنا"
رد هو ثم رمقها بنظرات مخيفة، فصرخت و أغمضت عينيها، عندما فتحتهما لم تجده في مكانه، كانت تتلفت يمنة و يسرة تبحث عنه بعينيها و جسدها الذي عجز عن الحركة.

مضت فترة حتى تمكنت فيها من المشي، ركضت و كأنها تفر من مصيرها المحتوم.
إقتحمت المخيم و بدات تنادي الجميع، فجاة ظهر ذلك الرجل أمامها، كانت تصرخ و تستغيث و لكن كأن لا أحد يسمع صياحها.

" ما الذي فعلته لهم؟"
سألت بينما كانت تتراجع للوراء و هو يتقدم نحوها.
" لم أفعل لهم أشيئا و لكن إستخدمت قواي عليك لتجريدك من عالمك هذا و جعلك في بعد مواز ، أود التسلية بك قليلا قبل طلوع الشمس"
رد هو بيننا كان يضحك بهستيرية .

" أحذرك الا تقترب مني"
قالت و هي تحمل عصى توجهها صوبه.
" هذة لن تردعني،
أرجوك كفي عن المزاح!
لنلعب لعبة الغميضة، أليس هذة لعبتكم المشهورة هنا، لنرى إن أمسكت بك سأمتص جزءا ليس بالقليل من دماءك و إن فزت أنت و نجحت في الهروب مني قبل مطع الفجر، لن أقتلك و سأجعلك حيواني الأليف، كما أعدك أنني لن أستعمل قواي الخاصة للبحث عنك"
قال ذلك الرجل و هو يلعق أصابعه .

" هذا ضرب من جنون لا أود ألعابك و لن أوافق على شروطك"
قالت تاركو .
سأعد إلي الألف، عليك الإختباء، أليس هذا ما تجيدونه أنتم أيها البشر"
قال الرجل ثم أغمض، عينيه و بدأ في العد.
" ماذا أفعل ؟
إن هذا الرجل لمجنون كبير"
قالت تاركو و هي تركض صوب غرفة مايكل، كانت تحاوا إيقاظه و لكن دون جدوى فهوم لم يحرك ساكنا.
خرجت من غرفة مايكل تصرخ بصوت عالي
" ساعدوني!"
و لكن لا أحد يسمعها.
جرت إلي داخل القرية، تقرع أبوابهم تناديهم لعل أحدهم يخلصها من ما هي فيه، لا يوجد مكان للإختباء، جرت و تعبت ، خرجت من حدود القرية متجهة صوب الجبال، جسدها تغطى بالغبار و التراب، كادت تقع عدة مرات، تنظر خلفها فيخيل لها أنه يتبعها فتعاود تركض مجددا، كرهت نفسها و كل شيء في هذة الحياة.
" أولا أرى كل شيء دما و الأن أنا أطارد من قبل مصاصي دماء مجنون حتما هذا كابوس فظيع"
صاحت حتى تقطع صوتها في أكثر من إصابته المصائب منذ قدومهم إلي هذة القارة، رأت الجحيم بأم عينها.
نظرت إلي ساعة يدها، إنها لاتزال الثالثة صباحا، تبقى ثلاث ساعات آخرى حتى تطلع الشمس، لقد أنهكها التعب فوقعت أرضا، كم ساعة مرت و هي لاتزال على تلك الحالة مستلقية أراضا.
ساعة أو ساعتين لم تعد تستطيع تحريك إصبع قدمها.
بالكاد فتحت عينيها أحست بأن شخص ما يقف فوق رأسها، نهضت بسرعة و تراجعت للخلف.
" ك ك ك ك كيف تمكنت من إيجادي؟"
تسألت و الدموع تسيل من عينيها، كانت تشهق دون توقف تبكي و كأن هذة ليلتها الأخيرة في هذا العالم.
إقترب منها الرجل مصاص الدماء ببطء و قال:
" أدعى إيس، و أنت ستصبحين تابعة لي"
قالها و بلمح البصر غرز أنيابه على رقبتها كان يمتص دماءها و هي من فرض الألم و الصياح سيغمى عليها، جسدها لم تعد تشعر به أصابعها تتحرك من تلقاء نفسها، أنفاسها ستنقطع، إبتعد هو عنها و مسح آثار الدماء التى كانت تسيل من على ثغره، لعق ما علق بين أصابعه ببطء و نشوة لم جربها من قبل، تلك المرة الأولى له التى يمتص فيها أحد أنواع الدماء المحرمة، كان شعوره بالسعادة لا يوصف، هي بالكاد واعية لما حولها همس في أذنها قائلا:
" لقد علمتك و لن يمسك أحد آخر غيري، أن الآن أنت صرت لي دماءك كل قطرة فيها لي وحد"

صعقت تاركو و إستسلمت لمصيرها، ظنت أنها ستموت في أي لحظة أخرى، أغمى عليها فحملها إيس عائدا بها الي المخيم في أقل من بضع دقائق لقد كان سريعا في التنقل يتحرك بخفة، وضعها على فراشها ببطء تأملها تبسم ثم رحل.
ظهر وشم على موضع عضه لها كان وشما قرمزي اللون.
" أظن أنني سأحظى ببعض المرح قبل حضور سيدي العظيم"
قالها و هو يجلس فوق سطح غرفة تاركو يراقب منظر سطوع الشمس، تحرك و إختفي بين الظلال، فرغم قوتهم لهؤلاء مصاصي الدماء الا و أن الشمس تعد العدو الاوحد لهم تحرقهم و تقتلهم و تعذبهم لدرجة يخافون من مجرد التعرض لأشعتها و لو بالصدفة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي