الفصل الثاني
فيما تطلعت أوجيني إليه بتذمر واضح و تساءلت :
-لماذا تقف مع فتاة المزرعة كثيرا ؟ !
رد ببرود :
-أتحدث معها في امور المزرعة
ثم اتجه نحو القصر تاركا إياها تستشيط غيظا .. فكل يوم تراه يتحدث مع تلك الفتاة وهذا يجعلها تغار كثيرا ..
" أوجيني ابنة عم جان .. الفتاة المدللة من العائلة بحكم انها الصغيرة .. فتاة تتميز بالجمال عيناها زرقاء مثل البحر و شعرها يصل إلى نهاية جيدها باللون البني اللامع و في الثانية والعشرين من عمرها .. و لا تفعل شيئا في حياتها سوى الخروج أو المكوث في القصر لبضع ساعات .. "
بعد أن أطمئن عليها من الطبيب و أنه مجرد خدش بسيط في القدم اليسار ذهب إلى الغرفة و طلب من جين رقم والدها أو العنوان حتى يوصلها إلى المنزل .. ابتسمت و هي تفرك في أصابع يديها في توتر واضح فهي لا تريد العودة إلى القرية ولابد أن تفكر بماذا تقول له .. تعجب جوزيف من صمتها وقد نفذ صبرة حقًا ثم أشار إلى ساعة يده بحده قائلا :
-لقد تأخرت على موعدي بسببك .. تحدثي يا طفلة وأخبريني بهاتف والدك
عقدت ما بين حاجبيها بتذمر قائلة :
-أنا لست طفلة ..
ثم أردفت بهدوء :
-أنا أسكن في المدينة بمفردي بعيدا عن أهلي .. و لم أستطيع الأن أن أخدم نفسي
-ماذا تريدين اذا يا صغيرة ؟ !
تساءل بسأم واضح لتتنهد بهدوء ثم أجابت عليه :
-خذني إلى منزلك .. أنت من كسرت قدمي تحمل مسؤوليتي اذا
حدق بها للحظات من الصمت و الدهشة ثم أشار إلى أذنه وهو يأمرها أن تعيد حديثها التي هتفت به للتو .. لتعيد حديثها بكل ثقة فقهقه ساخرا ثم حرك رأسه بالنفي عدة مرات فعقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بثقة :
-اذا سأخبر الشرطة بانك صدمتني بسيارتك
عصر قبضته بقوة ضاغطا أضراسه حتى استمع إلى صريرها ثم التفت ليواليها ظهره يمسح على وجهه بأكمله .. فيما ضغطت جين على شفتيها ناظرة إليه منتظرة موافقته .. وهذا ما حدث بالفعل فالتفت جوزيف إليها و رحب بها في منزله لترفع يديها للأعلى بمرح و بابتسامة واسعة قائلة :
-مرحي .. مرحي .. شكرا لك كثيرا
قطب جبينه و هو ينظر إليها بعدم قبول ثم اتجه إليها و قام بحملها على ذراعة وخرج من الغرفة .. هبط الدرج ناظرًا إلى الأمام بجمود و بملامح جامدة و هي تطلع إليه بإعجاب .. ثم خرج من المستشفى و اوقفها إلى جوار السيارة فكادت أن تقع ولكن أمسك بيدها و في ذات الوقت كان اثنان من الشباب المارة شاهدوا هذا ليقول واحدا منهم ساخرا :
-لا تستطيع حملها ! .. تحب أن احملها معك ؟ !
ثم ضحك الاثنان ساخران فيما التفت جوزيف إليهم مقطب جبينه و تطلع إليهم باشمئزاز .. ثم عاد بعينيه إلى الأمام و قام بإخراج جهاز التحكم الخاص بالسيارة ليفتح السيارة فيما قال الأخر ساخرا :
-انظر يا صديقي إلى تلك الفتاة الجميلة .. لم يستطيع حملها .. فلنحملها معه اذا
عضت جين على شفاها السفلى فيما فتح جوزيف الباب و ساعدها في الجلوس على المقعد ولا يزال الشباب واقفين يتغازلون في جمالها .. ليستمع جوزيف إلى تمتمة جين :
-إذا كان معي شقيق أو صديق لكان وقف تلك الأوغاد عند حدهم .. و لكن معي من لا يقدر على حشرة
ثم ابتسمت بخفة ساخرة فيما غضب جوزيف من حديثها ثم التفت متجه نحو الاوغاد .. ليسدد عدة ضربات قوية لأحدهم ليسقط أرضا ثم ركل الثاني بقدمة ليندفع بعيدا عنه .. ثم أخذ بتلابيب الأخر لينهضه عن الأرض وسدد له عدة ضربات أُخرى .. فيما وضعت جين يديها على فاها متعجبة من ردة فعله المتسرعة بينما دفع جوزيف ذاك الوغد وجاء يكمل على الثاني كان ركض بعيدا .. فلاحت ابتسامة ثقة على شفتيه ثم تطلع إلى من كان يقف و يشاهد ليتابع الجميع سيرهم في هدوء ثم التفت لينظر إلى جين من خلف زجاج السيارة بثقة مفرطة وهو يضبط قميصه الأبيض التي اتسخ قليلا .. و عاد إليها واستقل السيارة ليغادر إلى وجهته ومن حين لأخر كانت تنظر إليه بنظرة إعجاب و شبه ابتسامة
عقب وصوله إلى منزله الفخم صف سيارته أمام الباب الرئيسي .. يتميز منزله بكثرة الأشجار حيث الأشجار بجوار بعضها البعض بشكل منظم وهادئ و الأرض خضراء ترد الروح إلى البدن .. ترجلا من السيارة ثم حمل جين على ذراعيه و دلف إلى الداخل .. نظرت حولها لتجد المنزل فقط باللون الأسود والأبيض ومنزل منظم للغاية وكبير ايضا .. وضعها على الاريكة البيضاء ثم خرج فيما نظرت جين حولها بإعجاب واضح فهذا النوع من المنازل تفضله ..
عاد جوزيف ومعه عصى و ضعها إلى جوار الاريكة التي تجلس عليها ثم قال بحده :
-تلك العصى ستتحركين بها يا فتاة ..
رفعت عيناها لتنظر إليه وهي تومئ برأسها موافقة فنظر حوله وهو يقول بهدوء :
-واعتبري المنزل منزلك .. تحركي حيث شيئتي
تنهدت بهدوء نظر هو إليها بجمود ثم تنحنح و صعد إلى الطابق الثاني كي يبدل ثيابه .. اتكأت جين على العصى وتحركت في المنزل ثم و قفت أمام باب الخروج إلى الحديقة تطلع إلى الطبيعة الخلابة .. وقد اندهشت من أوراق الشجر المتفرعة حتى ملتصقة في بعضها البعض لتكون حاجز لأشعة الشمس و تشكل ظل رائع على الأرض .. اتسع فاها في دهشة ثم جلست على أرجوحة دائرية مغمضة عيناها باستجمام واضح .. هبط جوزيف الدرج وهو يغلق ازرار معصم القميص ثم وقف ينظر حوله بحثا عنها مناديا :
-يا صغيرة .. أين أنتِ ؟!
استمع إلى صوتها الذي يخبره بأنها بالخارج .. خرج إلى الحديقة على الفور و رآها على ذاك الوضع ليتنهد متعجبا ثم أخبرها أنه سيذهب الأن فطلبت منه أغراضها الشخصية قبل أن يغادر .. أومأ برأسه موافقا و خرج ليعود بعد لحظات ومعه حقيبة يدها واعطاها إليها ثم خرج .. تناولت هاتفها المحمول من الحقيبة واتصلت على صديقها في بالعمل الذي يدعى بيير ويعمل مصورا في ذات الشركة التي تعمل بها .. وضع الكاميرا جانبا و أخذ هاتفه لينظر إلى شاشته التي تضيء باسم جين ليجيب على الفور و تحدث بلهفة :
-جين أين أنتِ ؟ .. لقد قلقت عليكِ
قالت وهي تحرك الارجوحة بقدمها الأخرى :
-اهدأ يا بيير .. أنا بخير .. فقط ذهبت إلى القرية من أجل والدي .. يرودوني أمكث معهم لبضعة أيام
-وستتركين العمل يا جين ؟ !
تسأل في تذمر واضح فيما تنهدت جين بهدوء ثم تحدثت :
-بيير انصت لي .. كل شيء سيكون على ما يرام .. فقط قدم طلب اجازة بالنيابة عني
زفر بحنق و قال مضطرا :
-حسنا .. تحدثي معي من حين لأخر من فضلك
وافقت على حديثه ثم انهت معه المكالمة .. و نظرت إلى الطبيعة الخلابة بحب ونشوة قاطع تلك اللحظة رنة هاتفها المزعجة لتنظر إلية لتجد اتصالا من والدتها فاتسعت عيناها وانتظرت حتى انتهت المكالمة ثم أغلقت الهاتف نهائيا
وضعت أديل فنجان القهوة أمام دانييل بك والد جوزيف .. ثم وقفت تطلع إلى الأرض فطلب منها أن تنادي جوزيف فهو يحتاجه الأن .. تحركت أديل على الفور وصعدت إلى حيث الجناح الخاص بـ جوزيف و وقفت تدق الباب مرارا و تكرارا و لم تستقبل أي رد .. استمع جان إلى صوت دقات الباب فـ خرج من غرفته ليجد أديل هي الطارقة استند بذراعه إلى باب غرفته ناظرًا إليها بابتسامة و قال مداعبا :
-تقرعين الباب الخطأ يا فتاة .. فهذه ليست غرفتي
ضمت قبضتها المضمومة إليها و ادارت نفسها إليه تنظر إلى الأرض لتتحدث بخجل :
-عفوا جان بك .. فوالدك طلب مني أن انادي جوزيف بك
تجاهل حديثها تماما و تحدث بصوت عذب :
-أخطأتِ مرة ثانية يا فتاة .. فأسمي جان وليس جوزيف
تساءلت بعدم فهم :
-ماذا تقصد جان بك ؟ !
عض على شفى السفلى مبتسما ثم تنهد بعمق قائلا :
-أقصد انك تحتاجيني لي .. وضل طريقك إلي
رفعت رأسها أخيرا لتنظر وهي تتنهد برهبة شديدة من طريقة حديثة معها .. وايضًا تشعر بالخجل منه فهي تعلم جيدا انه يبادلها بشعور الحب .. ارتكبت عندما نظرت في عيناه وأخذت تدق باب الغرفة مجددا في توتر فنظر جان إلى غرفة شقيقه مقطب جبينه ثم أخبرها انه غادر المنزل اليوم ..
فحركت رأسها باضطراب ثم هرولت إلى الدرج لتهبط إلى الطابق السفلي وتخبر دانييل بك بما أخبرها به جان .. لينظر إليها في دهشة حاده ثم نهض عن الاريكة ينادي جان بصوت عال مما فزعت أديل من صوته المبالغ فيه .. و على الفور جاء جان راكضا على الدرج و وقف في مواجهة والده متعجبا من صوته العالي .. فيما تساءل والده بحده :
-إلى أين ذهب جوزيف ؟ !
هدأ جان من روعه قليلا ثم تنهد بهدوء وقال :
-لا أعلم .. لم يخبرني
أخذ بتلابيب جان عنوه ناظرًا إليه بعينين حادتين كادت أن تخرج من مكانها لتقسمه إلى نصفين ثم هتف بصوت خشن :
-تعلم يا جان .. جوزيف لم يخبئ شيء عليك
نظر جان إلى أديل التي تنظر إليهم في توجس واضح ثم نظر إلى والده وقال بهدوء :
-أخبرني لن لم يتزوج من تلك الفتاة المجهولة أبدا .. و لهذا ترك المنزل
ترك جان بدفعة خفيفة فقام بضبط ثيابه .. فيما جلس والده وتناول هاتفه وأخذ يتصل على هاتف جوزيف كان خارج نطاق الخدمة .. اتصل على رقم هاتف منزله لم يجيب أحد وايضا منزله الثاني و لكن لم يعلم شيئا عن منزله الثالث .. ثم اتصل على فروع شركاته ليخبروه أنه لم يأتي بعد .. فألقى بالهاتف بعيدا وشبك يديه في بعضها البعض يزفر بـ غضب واضح وبصوت خشن سمح لأديل بالانصراف .. لتنصرف مهرولة إلى المطبخ فيما صعد جان الدرج ..
وجد أوجيني واقفة على بُعد مسافة من الدرج تنصت إلى حديث عمها ثم نظرت إليه وتحدثت بتأكيد :
-تعلم مكان جوزيف يا جان .. لا تكذب على ذاك العجوز
تقدم نحوها ليقف في مواجهتها ينظر إليها باشمئزاز ثم تحدث بحده :
-لا تدخلي بيننا يا ابنة عمي
ليستمع ذاك الحديث شقيق أوجيني وهو يصعد الدرج و وقف بينهم ينظر إلى جان ببرود قائلا :
-نحن من العائلة جان بك .. و لنا الحق في التدخل في كل كبيرة وصغيرة
نظر جان إليه بوجه محتقن ثم تحدث بعدم قبول :
-عندما تكون الكبيرة والصغيرة تخصكم تدخلوا يا ابن العم
ثم تركهم ودلف إلى غرفته مغلقا الباب خلفه .. بينما وقف توماس أمام شقيقته متسائلا :
-ما الأمر أوجيني ؟!
ابتسمت بخفة وقالت ساخرة :
-جوزيف هرب من الزواج مثل الفتيات
عاد جوزيف إلى المنزل في الساعة التاسعة مساء وبمجرد أن دخل استمع إلى صوت شيء ما سقط على الأرض .. فاتجه نحو المطبخ مباشرة ولم ينتبه من المياه المسكوبة على الأرض .. و تعثرت قدماه ليسقط أرضا مستند براحته اليسار على زجاج الكوب الذي سقط وضعت جين يدها على فاها فيما سالت الدماء من يد جوزيف لينظر إليها عاقدًا بين حاجبيه ولاحت علامات الألم على وجهه بعد ذلك رفع رأسه لتلك الفتاة المزعجة قائلًا بحده :
-ماذا تفعلين هنا يا فتاة ؟ !
ثم نهض واقفا فيما اتكأت جين على العصى وباليد الأخرى أمسكت بيده المجروحة متسائلة :
-هل هنا حقيبة إسعافات ؟
سحب يده من يدها بعنف ثم خرج من المطبخ فازدردت لعابها بصوت مسموع ثم خرجت متكأه على العصى و جلست على أقرب اريكة .. عاد جوزيف ومعه حقيبة الاسعافات و جلس إلى جوارها ثم فتح الحقيبة وهم أن يأخذ المطهر وجد جين قد أخذته .. فنظر إليها مقطب جبينه فيما أمسكت جين يده وأخذت تضع المطهر بلطف ثم تناولت قطنة وبدأت تنظف يده و أخرجت بعض شظايا الزجاج الصغيرة وضعتهم أعلى الطاولة ..
ثم نظفت الجرح مجددا و أخذت تلف الشاش حول راحة يده وهي تقول في حزن :
-لا تقلق .. جرح سطحي
عقب انتهائها نظر إلى يده ثم نظر إليها بهدوء قائلا :
-شكرا لكِ يا ..
اتسعت ابتسامتها ومدت يدها إليه قائلة بود :
-جين .. أسمي جين .. وأنت ما أسمك ؟ !
صافحها بجمود وهو يخبرها باسمه ثم تركها و صعد إلى الطابق الثاني حيث تقع غرفته .. بينما نهضت جين و دلفت إلى المطبخ لتنظف الزجاج وتمسح الماء ثم تناولت كوب عصير و خرجت لتجلس أمام التلفاز و هي تتناول العصير .. و بعد تناول العصير و ضعت الكوب أعلى الطاولة ثم مددت على الأريكة وما هي إلا لحظات وشعرت بالنعاس و غلبها النوم مكانها دون غطاء ..
بعد دقائق قليلة هبطت جوزيف الدرج و هو يتحدث مع صديق له و يحمل في يده بعض الأوراق .. هم أن يخرج إلى الحديقة لفت نظره الجميلة النائمة فأنهى معه المكاملة على الفور .. و اتجه نحوها و وقف يتطلع إلى ملامحها الجذابة بجمود و وجد نفسه يضع راحته على وجنتها يمسح عليها بلطف حتى هبط إلى عنقها .. ثم محى بعض من خصل شعرها عن وجهها وأخذ يفحص ملامحها بتمعن شديد و تتبدل نظراته بين عيناها
-لماذا تقف مع فتاة المزرعة كثيرا ؟ !
رد ببرود :
-أتحدث معها في امور المزرعة
ثم اتجه نحو القصر تاركا إياها تستشيط غيظا .. فكل يوم تراه يتحدث مع تلك الفتاة وهذا يجعلها تغار كثيرا ..
" أوجيني ابنة عم جان .. الفتاة المدللة من العائلة بحكم انها الصغيرة .. فتاة تتميز بالجمال عيناها زرقاء مثل البحر و شعرها يصل إلى نهاية جيدها باللون البني اللامع و في الثانية والعشرين من عمرها .. و لا تفعل شيئا في حياتها سوى الخروج أو المكوث في القصر لبضع ساعات .. "
بعد أن أطمئن عليها من الطبيب و أنه مجرد خدش بسيط في القدم اليسار ذهب إلى الغرفة و طلب من جين رقم والدها أو العنوان حتى يوصلها إلى المنزل .. ابتسمت و هي تفرك في أصابع يديها في توتر واضح فهي لا تريد العودة إلى القرية ولابد أن تفكر بماذا تقول له .. تعجب جوزيف من صمتها وقد نفذ صبرة حقًا ثم أشار إلى ساعة يده بحده قائلا :
-لقد تأخرت على موعدي بسببك .. تحدثي يا طفلة وأخبريني بهاتف والدك
عقدت ما بين حاجبيها بتذمر قائلة :
-أنا لست طفلة ..
ثم أردفت بهدوء :
-أنا أسكن في المدينة بمفردي بعيدا عن أهلي .. و لم أستطيع الأن أن أخدم نفسي
-ماذا تريدين اذا يا صغيرة ؟ !
تساءل بسأم واضح لتتنهد بهدوء ثم أجابت عليه :
-خذني إلى منزلك .. أنت من كسرت قدمي تحمل مسؤوليتي اذا
حدق بها للحظات من الصمت و الدهشة ثم أشار إلى أذنه وهو يأمرها أن تعيد حديثها التي هتفت به للتو .. لتعيد حديثها بكل ثقة فقهقه ساخرا ثم حرك رأسه بالنفي عدة مرات فعقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بثقة :
-اذا سأخبر الشرطة بانك صدمتني بسيارتك
عصر قبضته بقوة ضاغطا أضراسه حتى استمع إلى صريرها ثم التفت ليواليها ظهره يمسح على وجهه بأكمله .. فيما ضغطت جين على شفتيها ناظرة إليه منتظرة موافقته .. وهذا ما حدث بالفعل فالتفت جوزيف إليها و رحب بها في منزله لترفع يديها للأعلى بمرح و بابتسامة واسعة قائلة :
-مرحي .. مرحي .. شكرا لك كثيرا
قطب جبينه و هو ينظر إليها بعدم قبول ثم اتجه إليها و قام بحملها على ذراعة وخرج من الغرفة .. هبط الدرج ناظرًا إلى الأمام بجمود و بملامح جامدة و هي تطلع إليه بإعجاب .. ثم خرج من المستشفى و اوقفها إلى جوار السيارة فكادت أن تقع ولكن أمسك بيدها و في ذات الوقت كان اثنان من الشباب المارة شاهدوا هذا ليقول واحدا منهم ساخرا :
-لا تستطيع حملها ! .. تحب أن احملها معك ؟ !
ثم ضحك الاثنان ساخران فيما التفت جوزيف إليهم مقطب جبينه و تطلع إليهم باشمئزاز .. ثم عاد بعينيه إلى الأمام و قام بإخراج جهاز التحكم الخاص بالسيارة ليفتح السيارة فيما قال الأخر ساخرا :
-انظر يا صديقي إلى تلك الفتاة الجميلة .. لم يستطيع حملها .. فلنحملها معه اذا
عضت جين على شفاها السفلى فيما فتح جوزيف الباب و ساعدها في الجلوس على المقعد ولا يزال الشباب واقفين يتغازلون في جمالها .. ليستمع جوزيف إلى تمتمة جين :
-إذا كان معي شقيق أو صديق لكان وقف تلك الأوغاد عند حدهم .. و لكن معي من لا يقدر على حشرة
ثم ابتسمت بخفة ساخرة فيما غضب جوزيف من حديثها ثم التفت متجه نحو الاوغاد .. ليسدد عدة ضربات قوية لأحدهم ليسقط أرضا ثم ركل الثاني بقدمة ليندفع بعيدا عنه .. ثم أخذ بتلابيب الأخر لينهضه عن الأرض وسدد له عدة ضربات أُخرى .. فيما وضعت جين يديها على فاها متعجبة من ردة فعله المتسرعة بينما دفع جوزيف ذاك الوغد وجاء يكمل على الثاني كان ركض بعيدا .. فلاحت ابتسامة ثقة على شفتيه ثم تطلع إلى من كان يقف و يشاهد ليتابع الجميع سيرهم في هدوء ثم التفت لينظر إلى جين من خلف زجاج السيارة بثقة مفرطة وهو يضبط قميصه الأبيض التي اتسخ قليلا .. و عاد إليها واستقل السيارة ليغادر إلى وجهته ومن حين لأخر كانت تنظر إليه بنظرة إعجاب و شبه ابتسامة
عقب وصوله إلى منزله الفخم صف سيارته أمام الباب الرئيسي .. يتميز منزله بكثرة الأشجار حيث الأشجار بجوار بعضها البعض بشكل منظم وهادئ و الأرض خضراء ترد الروح إلى البدن .. ترجلا من السيارة ثم حمل جين على ذراعيه و دلف إلى الداخل .. نظرت حولها لتجد المنزل فقط باللون الأسود والأبيض ومنزل منظم للغاية وكبير ايضا .. وضعها على الاريكة البيضاء ثم خرج فيما نظرت جين حولها بإعجاب واضح فهذا النوع من المنازل تفضله ..
عاد جوزيف ومعه عصى و ضعها إلى جوار الاريكة التي تجلس عليها ثم قال بحده :
-تلك العصى ستتحركين بها يا فتاة ..
رفعت عيناها لتنظر إليه وهي تومئ برأسها موافقة فنظر حوله وهو يقول بهدوء :
-واعتبري المنزل منزلك .. تحركي حيث شيئتي
تنهدت بهدوء نظر هو إليها بجمود ثم تنحنح و صعد إلى الطابق الثاني كي يبدل ثيابه .. اتكأت جين على العصى وتحركت في المنزل ثم و قفت أمام باب الخروج إلى الحديقة تطلع إلى الطبيعة الخلابة .. وقد اندهشت من أوراق الشجر المتفرعة حتى ملتصقة في بعضها البعض لتكون حاجز لأشعة الشمس و تشكل ظل رائع على الأرض .. اتسع فاها في دهشة ثم جلست على أرجوحة دائرية مغمضة عيناها باستجمام واضح .. هبط جوزيف الدرج وهو يغلق ازرار معصم القميص ثم وقف ينظر حوله بحثا عنها مناديا :
-يا صغيرة .. أين أنتِ ؟!
استمع إلى صوتها الذي يخبره بأنها بالخارج .. خرج إلى الحديقة على الفور و رآها على ذاك الوضع ليتنهد متعجبا ثم أخبرها أنه سيذهب الأن فطلبت منه أغراضها الشخصية قبل أن يغادر .. أومأ برأسه موافقا و خرج ليعود بعد لحظات ومعه حقيبة يدها واعطاها إليها ثم خرج .. تناولت هاتفها المحمول من الحقيبة واتصلت على صديقها في بالعمل الذي يدعى بيير ويعمل مصورا في ذات الشركة التي تعمل بها .. وضع الكاميرا جانبا و أخذ هاتفه لينظر إلى شاشته التي تضيء باسم جين ليجيب على الفور و تحدث بلهفة :
-جين أين أنتِ ؟ .. لقد قلقت عليكِ
قالت وهي تحرك الارجوحة بقدمها الأخرى :
-اهدأ يا بيير .. أنا بخير .. فقط ذهبت إلى القرية من أجل والدي .. يرودوني أمكث معهم لبضعة أيام
-وستتركين العمل يا جين ؟ !
تسأل في تذمر واضح فيما تنهدت جين بهدوء ثم تحدثت :
-بيير انصت لي .. كل شيء سيكون على ما يرام .. فقط قدم طلب اجازة بالنيابة عني
زفر بحنق و قال مضطرا :
-حسنا .. تحدثي معي من حين لأخر من فضلك
وافقت على حديثه ثم انهت معه المكالمة .. و نظرت إلى الطبيعة الخلابة بحب ونشوة قاطع تلك اللحظة رنة هاتفها المزعجة لتنظر إلية لتجد اتصالا من والدتها فاتسعت عيناها وانتظرت حتى انتهت المكالمة ثم أغلقت الهاتف نهائيا
وضعت أديل فنجان القهوة أمام دانييل بك والد جوزيف .. ثم وقفت تطلع إلى الأرض فطلب منها أن تنادي جوزيف فهو يحتاجه الأن .. تحركت أديل على الفور وصعدت إلى حيث الجناح الخاص بـ جوزيف و وقفت تدق الباب مرارا و تكرارا و لم تستقبل أي رد .. استمع جان إلى صوت دقات الباب فـ خرج من غرفته ليجد أديل هي الطارقة استند بذراعه إلى باب غرفته ناظرًا إليها بابتسامة و قال مداعبا :
-تقرعين الباب الخطأ يا فتاة .. فهذه ليست غرفتي
ضمت قبضتها المضمومة إليها و ادارت نفسها إليه تنظر إلى الأرض لتتحدث بخجل :
-عفوا جان بك .. فوالدك طلب مني أن انادي جوزيف بك
تجاهل حديثها تماما و تحدث بصوت عذب :
-أخطأتِ مرة ثانية يا فتاة .. فأسمي جان وليس جوزيف
تساءلت بعدم فهم :
-ماذا تقصد جان بك ؟ !
عض على شفى السفلى مبتسما ثم تنهد بعمق قائلا :
-أقصد انك تحتاجيني لي .. وضل طريقك إلي
رفعت رأسها أخيرا لتنظر وهي تتنهد برهبة شديدة من طريقة حديثة معها .. وايضًا تشعر بالخجل منه فهي تعلم جيدا انه يبادلها بشعور الحب .. ارتكبت عندما نظرت في عيناه وأخذت تدق باب الغرفة مجددا في توتر فنظر جان إلى غرفة شقيقه مقطب جبينه ثم أخبرها انه غادر المنزل اليوم ..
فحركت رأسها باضطراب ثم هرولت إلى الدرج لتهبط إلى الطابق السفلي وتخبر دانييل بك بما أخبرها به جان .. لينظر إليها في دهشة حاده ثم نهض عن الاريكة ينادي جان بصوت عال مما فزعت أديل من صوته المبالغ فيه .. و على الفور جاء جان راكضا على الدرج و وقف في مواجهة والده متعجبا من صوته العالي .. فيما تساءل والده بحده :
-إلى أين ذهب جوزيف ؟ !
هدأ جان من روعه قليلا ثم تنهد بهدوء وقال :
-لا أعلم .. لم يخبرني
أخذ بتلابيب جان عنوه ناظرًا إليه بعينين حادتين كادت أن تخرج من مكانها لتقسمه إلى نصفين ثم هتف بصوت خشن :
-تعلم يا جان .. جوزيف لم يخبئ شيء عليك
نظر جان إلى أديل التي تنظر إليهم في توجس واضح ثم نظر إلى والده وقال بهدوء :
-أخبرني لن لم يتزوج من تلك الفتاة المجهولة أبدا .. و لهذا ترك المنزل
ترك جان بدفعة خفيفة فقام بضبط ثيابه .. فيما جلس والده وتناول هاتفه وأخذ يتصل على هاتف جوزيف كان خارج نطاق الخدمة .. اتصل على رقم هاتف منزله لم يجيب أحد وايضا منزله الثاني و لكن لم يعلم شيئا عن منزله الثالث .. ثم اتصل على فروع شركاته ليخبروه أنه لم يأتي بعد .. فألقى بالهاتف بعيدا وشبك يديه في بعضها البعض يزفر بـ غضب واضح وبصوت خشن سمح لأديل بالانصراف .. لتنصرف مهرولة إلى المطبخ فيما صعد جان الدرج ..
وجد أوجيني واقفة على بُعد مسافة من الدرج تنصت إلى حديث عمها ثم نظرت إليه وتحدثت بتأكيد :
-تعلم مكان جوزيف يا جان .. لا تكذب على ذاك العجوز
تقدم نحوها ليقف في مواجهتها ينظر إليها باشمئزاز ثم تحدث بحده :
-لا تدخلي بيننا يا ابنة عمي
ليستمع ذاك الحديث شقيق أوجيني وهو يصعد الدرج و وقف بينهم ينظر إلى جان ببرود قائلا :
-نحن من العائلة جان بك .. و لنا الحق في التدخل في كل كبيرة وصغيرة
نظر جان إليه بوجه محتقن ثم تحدث بعدم قبول :
-عندما تكون الكبيرة والصغيرة تخصكم تدخلوا يا ابن العم
ثم تركهم ودلف إلى غرفته مغلقا الباب خلفه .. بينما وقف توماس أمام شقيقته متسائلا :
-ما الأمر أوجيني ؟!
ابتسمت بخفة وقالت ساخرة :
-جوزيف هرب من الزواج مثل الفتيات
عاد جوزيف إلى المنزل في الساعة التاسعة مساء وبمجرد أن دخل استمع إلى صوت شيء ما سقط على الأرض .. فاتجه نحو المطبخ مباشرة ولم ينتبه من المياه المسكوبة على الأرض .. و تعثرت قدماه ليسقط أرضا مستند براحته اليسار على زجاج الكوب الذي سقط وضعت جين يدها على فاها فيما سالت الدماء من يد جوزيف لينظر إليها عاقدًا بين حاجبيه ولاحت علامات الألم على وجهه بعد ذلك رفع رأسه لتلك الفتاة المزعجة قائلًا بحده :
-ماذا تفعلين هنا يا فتاة ؟ !
ثم نهض واقفا فيما اتكأت جين على العصى وباليد الأخرى أمسكت بيده المجروحة متسائلة :
-هل هنا حقيبة إسعافات ؟
سحب يده من يدها بعنف ثم خرج من المطبخ فازدردت لعابها بصوت مسموع ثم خرجت متكأه على العصى و جلست على أقرب اريكة .. عاد جوزيف ومعه حقيبة الاسعافات و جلس إلى جوارها ثم فتح الحقيبة وهم أن يأخذ المطهر وجد جين قد أخذته .. فنظر إليها مقطب جبينه فيما أمسكت جين يده وأخذت تضع المطهر بلطف ثم تناولت قطنة وبدأت تنظف يده و أخرجت بعض شظايا الزجاج الصغيرة وضعتهم أعلى الطاولة ..
ثم نظفت الجرح مجددا و أخذت تلف الشاش حول راحة يده وهي تقول في حزن :
-لا تقلق .. جرح سطحي
عقب انتهائها نظر إلى يده ثم نظر إليها بهدوء قائلا :
-شكرا لكِ يا ..
اتسعت ابتسامتها ومدت يدها إليه قائلة بود :
-جين .. أسمي جين .. وأنت ما أسمك ؟ !
صافحها بجمود وهو يخبرها باسمه ثم تركها و صعد إلى الطابق الثاني حيث تقع غرفته .. بينما نهضت جين و دلفت إلى المطبخ لتنظف الزجاج وتمسح الماء ثم تناولت كوب عصير و خرجت لتجلس أمام التلفاز و هي تتناول العصير .. و بعد تناول العصير و ضعت الكوب أعلى الطاولة ثم مددت على الأريكة وما هي إلا لحظات وشعرت بالنعاس و غلبها النوم مكانها دون غطاء ..
بعد دقائق قليلة هبطت جوزيف الدرج و هو يتحدث مع صديق له و يحمل في يده بعض الأوراق .. هم أن يخرج إلى الحديقة لفت نظره الجميلة النائمة فأنهى معه المكاملة على الفور .. و اتجه نحوها و وقف يتطلع إلى ملامحها الجذابة بجمود و وجد نفسه يضع راحته على وجنتها يمسح عليها بلطف حتى هبط إلى عنقها .. ثم محى بعض من خصل شعرها عن وجهها وأخذ يفحص ملامحها بتمعن شديد و تتبدل نظراته بين عيناها