الفصل الأول
كان لا يعترف بالحب أبدا .. حتى قابل تلك الصغيرة لـ تجعل حياته أفضل و قلبه تفرع بالحب .. و أخيرا أعترف بـ الحب و أصبح يستمع إلى حديث العشاق .. و ذاك الرجل الجاد قد عشق عشق لا يقدر الشاعر خاصته على وصفة .. ظل طوال الوقت يقول و أخيرا وجدت شطري .. حبيبة القلب جعلت القلب ينبض باسمها و بـ عينيها الجميلة التي حينما رآها ذاب داخلهما غارقا في أمواجها عشقا و عشقا .. و نعم الآن قد غرق ذاك العاشق داخل موج عيناها الجميلة ..
جلس على المقعد يتفحص ملامح وجهه ابنه الذي لم يعصى أوامره قط و لكن الأن يعصى .. يود والده أن يزوجه من فتاة و هو رافض ذاك الجواز .. بسبب عدم رؤيته لـ تلك الفتاة و والده مُصر على أن يتزوجها دون أن يراها .. و لكن كيف يتزوج دون أن يراها أو يتحدث معها على الأقل ؟ ! .. و لِمَ والده لا يود أن يراها إلا بعد الزواج ؟ ! ..
" جوزيف من رجال الأعمال المعروفة في باريس .. حيث يملك أكبر فروع من شركة العطور و أجود مساحيق التجميل العالمية وتعرف باسم" j .. j " رجل وسيم جذاب يمتلك شعر كثيف باللون البني يميل إلى الأشقر كما يمتلك عيون زرقاء حاده .. في الثامنة والعشرون من عمره و رجل جاد في عمله و هذا ما يجعله ناجح دائما ..
نظر إلى والده و هو يقول بحده :
-لا اود أن اتزوج فتاة لا اعلم عنها شيئا !
قال محاولا إقناعه :
-الحب يا بني سيأتي بعد الزواج
رد بتذمر واضح :
-على الأقل اجلس معها ونتحدث .. من حقي أن اتعرف على عقليتها
-ثق في حديث والدك .. الفتاة جميلة و من عائلة ثرية
نفخ في شدقيه بسأم من كثرة الحديث .. ثم حرك رأسه بالنفي قائلا :
-لست مجبر على الزواج منها
قال بحده وتأكيد :
-بل مجبر .. أنت ثري وهي ثرية .. ما المانع اذا ؟
ابتسم بخفة ساخرا ثم تحدث متعجبا :
-المانع ؟ ! .. تسألني ما المانع وأنت تعلم جيدا ما المانع ؟
قال بحسم :
-أنا لا ارى أي مانع .. سترى الفتاة بعد أن تعقد عليها .. انتهينا
ثم نهض عن المقعد و ذهب تاركا إياه مشغول بـ حديثه .. و كاد التفكير يقتله ثم نهض عن المقعد ليقف أمام نافذة غرفة المعيشة .. وشعل سيجارة يحرقها كي يهدأ قليلا و لفت نظره شقيقه جان الذي يطعم الحصان الخاص به ثم يمسح على شعره يداعبه .. فابتسم جوزيف بخفة ثم ترك الغرفة وذهب إلى شقيقه المشغول دائما بالمزرعة و القرى بأكملها و لم يشغل رأسه بالمشاكل العائلية ..
" جان يحب القرى أكثر من المدينة و لهذا قرر أن يساعد والده في شغل المزرعة .. يشبه شقيقه في الوسامة و الجدية في العمل .. في السادسة والعشرون من عمره .. "
اطفئ جوزيف سيجارته فيما تطلع جان إليه و هو يعلم لِمَ هو معصب و مع ذلك تساءل بفضول :
-لما كل هذا التذمر ؟ !
رد عليه بجدية :
-أنت تمتلك إجابة السؤال يا جان
-نعم أعلم .. أبي فقط صديق والد تلك الفتاة و ..
قاطع حديثه بحده بالغة :
-ليس على حساب قلبي يا جان ..
ثم تابع بحسم :
-لن أتزوج بهذه الطريقة البشعة
عقد جان بين حاجبيه متأثرًا بحال شقيقه نعم لو كان هو مكانه لن يتزوج بهذه الطريقة أبدا .. فيما فكر جوزيف و أخيرا حسم قرارة و هو أن يغادر القرية في أسرع وقت .. و سيذهب إلى منزله في باريس الذي لم يعلم والده عنوانه .. كما أنه أكد على شقيقه ألا يخبر و الده بعنوان ذاك المنزل ثم تركه و غادر
***
أخذت الغرفة ذهابا وإيابا و هي تضرب على راحة يدها بـ قبضة يدها الأخرى و أخذت تزفر و تنفخ في شدقيها بغيظ و تذمر شديد .. فقد طلبت منها والدتها أن تعود إلى القرية في أسرع وقت .. فـ تركت شغلها الشاغل و عادت لتصدمها والدتها انها قد تمت خطبتها من شخص لم تعلم عنه شيئا حقا شيء يجن ..
" جين من عائلة ثرية فتاة جميلة حقا تمتلك شعر أشقر و عيون زرقاء جذابة .. تعمل موديل في أحد الشركات المعروفة في باريس .. برغم صغر سنها فهي في السادسة عشر من عمرها ولا زالت تدرس .. و مع ذلك ناجحة في عملها و تمتلك مالها الخاص وبطلة أحد المجلات العالمية فدائما يضعون صورتها على غلاف المجلات .. "
نظرت اتجاه باب الغرفة ثم اتجهت نحوه و قامت بفتحه ببطء .. و استمعت إلى حديث والدها الذي يحدث به والدتها في الرواق قائلا بحسم شديد :
-تحدثي مع ابنتك واقنعيها بالزواج .. أود الحفاظ على مالي
وافقت على حديثه فأغلقت جين الباب وهي تزفر بقوة .. و بعد لحظات قرعت والدتها الباب فجلست جين على حافة فراشها ناظرة إلى الأرض في حزن .. فيما دلفت والدتها إلى الغرفة متجه نحوها ثم جلست إلى جوارها و همت أن تتحدث لكن قالت جين بنبرة حزن واضحة :
-لا زلت في السادسة عشر من عمري .. لماذا أتزوج اذا ؟ !
وضعت يدها على كتفها برقة و تحدثت بهدوء :
-يا ابنتي الحبيبة انصتي لي .. والدك خائفا عليك وعلى ثروته .. و سوف يزوجك من رجل ثري مثلك يحافظ عليكِ و على أموالك ايضا .. ما رأيك يا عزيزتي ؟ !
-أرفض يا أمي .. أود العيش بحرية وأكمل تعليمي دون مسؤولية
قذفت تلك الكلمات من فاها بتذمر واضح عليها فيما مسحت والدتها على شعرها الحرير وهي تبتسم .. ثم نهضت متجه نحو المرآة لتأخذ فرشاة الشعر ثم عادت إليها و أخذت تمشط شعرها و قد تذكرت الماضي قائلة :
-كنتِ يا حبيبتي في العاشرة من عمرك .. حيث أصنع لكِ أجمل ضفائر الشعر وتركضين بهم داخل المزرعة .. حينها كنتِ تنصتي لي وتسمعين حديثي
-الفرق يا أمي خمس سنوات فقط .. نعم كبر عقلي و صرت فتاة جميلة .. و لكن لا زلت صغيرة و لن أتزوج الأن
رفعت يدها و وضعتها على وجنتها و ربتت عليها برفق و هي تقول بنبرة حزينة :
-جيئتي لنا هدية من الله بعد عدة سنوات من العلاج .. و الأن نود أن نحافظ على الهدية يا حبيبة القلب
حركت رأسها بالنفي عدة مرات و أخذت قرار حاسم و هو انها غير موافقة على الزواج .. غضبت والدتها منها فحقا سأمت من كثرة الحديث معها ثم نهضت لتضع الفرشاة كمان كانت وهي تخبرها بحده وحسم :
-اسمعي يا فتاة .. ستتزوجين من ذاك الشاب وهذا قراري أنا و والدك
ثم خرجت مغلقة الباب خلفها بقوة فـ وضعت رأسها على الوسادة تبكي خوفا من أن والدها يتمم الزواج رغما عنها .. فماذا تفعل اذا و أخذت تفكر كثيرا حتى فكرت في الهرب .. رفعت رأسها عن الوسادة تمسح دموعها ثم نهضت واقفة أمام المرآة تطلع إلى انعكاسها ثم هتفت بحده :
-أفعلي شيئا يا جين لا تستسلمي أبدا .. نعم سأهرب من ذاك المنزل البشع
بمجرد أن انهت كلماتها تناولت حقيبة يدها و خرجت من الغرفة تنظر إلى اليمين واليسار .. ثم هبطت الدرج بهدوء واستمعت إلى صوت والدتها من المطبخ .. فعلمت انها ليست في الخارج و على الفور خرجت من المنزل بأكمله .. ثم وقفت أمام البوابة تنظر إلى المنزل الكبير بحزن واضح ثم ابتسمت واعطت تحيه للمنزل و تابعت الركض بعيدا
***
كان يقود سيارته بسرعة فائقة داخل القرى و منتبه إلى الطريق .. حتى خرج من القرية إلى الطريق العام ثم ثبت محرك السيارة بين قدميه وتناول سيجارة وضعها بين شفتيه واشعلها .. فيما كانت تركض جين من بين الأشجار و هي تنظر خلفها خوفا من أن كان رآها أحد من القرى و لكن لم ترى أحد ثم خرجت من بين الأشجار إلى الرصيف .. ولم تنتبه من تلك السيارة السريعة و عندما رآها جوزيف ضغط على المحابك بكل ما فيه من قوة لتهدأ السيارة قليلا و مع ذلك صدم جين في قدمها .. سقطت على الأرض متأوه ماسكه اليسار التي تأذت ..
زفر جوزيف بسأم واضح ثم ترجل من السيارة و وقف أمام تلك الفتاة المزعجة قائلًا بنبرة حاده :
-انتبهي إلى الطريق يا فتاة
رفعت رأسها لتنظر إليه بوجهه محتقن ثم تحدثت بعصبية :
-لماذا تقود سيارة وأنت لا تستطيع القيادة
-أنتِ من ظهرتي أمامي فجأة
قذف تلك الكلمات بحده بالغة ثم سحب دخان سيجارته إلى صدره و زفره بالهواء مستندًا بظهره إلى السيارة .. مما اتسعت عيني جين في دهشة من برودة و هو من صدمها وتتألم امامه و يدخن سيجارته بكل هدوء .. جزت على أسنانها بغيظ قائلة :
-أفعل شيئا يا شخص .. قدمي تؤلمني
وضع سيجارته على الأرض و دعسها بعنف ثم نظر إليها بابتسامة ساخرة قائلا من بين أسنانه :
-ادخلي السيار
رفعت حاجبها اليسار و هي تقول بكبرياء :
-احملني على ذراعيك وادخلني السيارة .. أنا لا استطيع الوقوف على قدمي
ابتسم بخفة وهو يحرك رأسه بثقة قائلا :
-محال .. لن أحملك
داعبت لسانها داخل فاها و هي تفكر كيف تجعله يحملها رغما عنه حتى جاءتها الفكرة و تحدثت بـ لؤم و هي تحاول النهوض :
-اذا أنت لا تستطيع أن تحمل حشرة .. فلم تستطيع حملي مطلقا
نظر إليها بحده ثم تقدم نحوها و قام بحملها على ذراعيه و رفعها إلى الأعلى لتصطدم جبينها بـ جبينه .. نظرت داخل عيناه الجميلة بعمق و هو يتطلع إليها بتحدي على أنه حملها ويستطيع أن يحمل خمسة من امثلها .. فيما ابتسمت جين متمتمه بالشكر ولا زالت شاردة غارقة داخل عيناه .. وضعها جوزيف برفق داخل سيارته ثم جلس أمام المقود و تابع القيادة بسرعة هائلة .. طلبت منه ألا يعود إلى القرية و يذهب إلى مدينة باريس فتابع السير على طريقة متجه نحو المدينة
***
بعد أن انتهى من عمله ذهب على الفور إلى مزرعة الطيور الصغيرة خاصتهم و وقف خلف الباب الخشبي الصغير يتطلع إلى تلك الفتاة الجميلة التي تطعم الطيور الصغيرة بكل حب ورفق .. و برغم انهم مجرد طيور و لكن تعاملهم بكل ود و حب كأنهم بني أدمين مثلها .. ألقت أخر ما في ثيابها على الأرض ثم بدأت في تحضير المياه لهم ..
" أديل فتاة تعمل في منزل دانييل أورليان وتسمى بفتاة المزرعة .. في العشرين من عمرها وفتاة وسيمة بملامح جذابه وعينين خضراوين واسعتين وشعر أشقر يشبه خيوط الشمس وقت الغروب .. "
عقد ذراعيه أمام صدره و قد لاحت شبه ابتسامة على ثغره و هو يتساءل مداعبًا :
-هل تحتاجين إلى المساعدة يا فتاة ؟
التفتت إليه بلهفة فزع ثم زفرت بهدوء و ابتسمت ثم أكملت عملها و هي تقول :
-فزعتني جان بك ..
ثم أردفت :
-أنا لا اتجرأ وأطلب منك أن تساعدني .. أنا هنا فتاة مزرعة تعمل عندكم
ثم وضعت الماء و وقفت جانبا تطلع إلى تلك الكائنات الصغيرة وهم يأكلون ويشربون .. فيما لاحت ابتسامة حزينة على شفتيه ثم فتح الباب و دخل لتفزع بعض من الطيور و قفزت بعيدا مما اتجهت واحده نحو الباب .. فركضت أديل إليه مسرعة وقبل أن تصل إلى الباب تعثرت قدميها في إناء الماء وكادت أن تسقط لكن مسك جان بمعصم يدها مانعا إياها من السقوط لتصبح معلقة بالهواء .. و أغلق الباب الخشبي بقدمة ليمنع الدجاجة من الخروج ..
ازدردت أديل لعابها بصوت مسموع ثم تمتمت بالشكر لأنه لحق بها .. فيما جذبها جان إليه بقوة لتستقر رأسها عند صدره تاركا معصمها ليحيط خصرها .. فاستنشقت رائحة عطرة التي تجذب الجميع إليها فيما داعب جان خصل شعرها بأنفاسه الساخنة .. و عندما شعرت بأنفاسه تلفح رأسها حررت نفسها من يده و وقفت بعيدا .. ولا زال هو ينظر إليها بحب واضح وهي تطلع إلى الأرض بخجل واضح .. و تمتمت له بالشكر للمرة الثانية ليجيب عليها بصوت عذب :
-لا تشكريني أديل .. بل أشكري إناء الماء الذي جعلك تتعثرين لأضمك إلى صدري
ادارت رأسها إلى الاتجاه المعاكس إليه تبتسم خجلا من حديثه معها و لم تستطيع أن تجيب عليه .. فيما ابتسم جان على خجلها منه دائما كأنه يراها ثم تقدم نحوها و وقف إلى جوارها ماسكا مرفقها اليمين مما شعرت بـ لمساته و حديثه العذب :
-ليتني كنت دجاجة لأرى وجهك في كل صباح و مساء .. و تطعميني بيديك الجملتين
أخرجت تهنيده قوية من صدرها ثم قالت بهدوء :
-يكفي جان بك .. أنا لا أتحمل هذا الحديث
قال مبتسما :
-اذا تعودي عليه .. فـ آذنيك سوف تستمع إلى ذاك الحديث كثيرا
التفتت لتنظر إليه بابتسامة واسعة و جاءت تتحدث قاطعتها الفتاة التي وقفت خلف الباب الخشبي قائلة بحده :
-ماذا تفعلين هنا يا فتاة المزرعة .. هيا اذهبي إلى المطبخ هيا
شعرت أديل بالخجل و على الفور تركت المزرعة متجه نحو القصر فيما خرج جان و أغلق الباب الخشبي جيدا .. ثم نظر إليها ب ـثقل
جلس على المقعد يتفحص ملامح وجهه ابنه الذي لم يعصى أوامره قط و لكن الأن يعصى .. يود والده أن يزوجه من فتاة و هو رافض ذاك الجواز .. بسبب عدم رؤيته لـ تلك الفتاة و والده مُصر على أن يتزوجها دون أن يراها .. و لكن كيف يتزوج دون أن يراها أو يتحدث معها على الأقل ؟ ! .. و لِمَ والده لا يود أن يراها إلا بعد الزواج ؟ ! ..
" جوزيف من رجال الأعمال المعروفة في باريس .. حيث يملك أكبر فروع من شركة العطور و أجود مساحيق التجميل العالمية وتعرف باسم" j .. j " رجل وسيم جذاب يمتلك شعر كثيف باللون البني يميل إلى الأشقر كما يمتلك عيون زرقاء حاده .. في الثامنة والعشرون من عمره و رجل جاد في عمله و هذا ما يجعله ناجح دائما ..
نظر إلى والده و هو يقول بحده :
-لا اود أن اتزوج فتاة لا اعلم عنها شيئا !
قال محاولا إقناعه :
-الحب يا بني سيأتي بعد الزواج
رد بتذمر واضح :
-على الأقل اجلس معها ونتحدث .. من حقي أن اتعرف على عقليتها
-ثق في حديث والدك .. الفتاة جميلة و من عائلة ثرية
نفخ في شدقيه بسأم من كثرة الحديث .. ثم حرك رأسه بالنفي قائلا :
-لست مجبر على الزواج منها
قال بحده وتأكيد :
-بل مجبر .. أنت ثري وهي ثرية .. ما المانع اذا ؟
ابتسم بخفة ساخرا ثم تحدث متعجبا :
-المانع ؟ ! .. تسألني ما المانع وأنت تعلم جيدا ما المانع ؟
قال بحسم :
-أنا لا ارى أي مانع .. سترى الفتاة بعد أن تعقد عليها .. انتهينا
ثم نهض عن المقعد و ذهب تاركا إياه مشغول بـ حديثه .. و كاد التفكير يقتله ثم نهض عن المقعد ليقف أمام نافذة غرفة المعيشة .. وشعل سيجارة يحرقها كي يهدأ قليلا و لفت نظره شقيقه جان الذي يطعم الحصان الخاص به ثم يمسح على شعره يداعبه .. فابتسم جوزيف بخفة ثم ترك الغرفة وذهب إلى شقيقه المشغول دائما بالمزرعة و القرى بأكملها و لم يشغل رأسه بالمشاكل العائلية ..
" جان يحب القرى أكثر من المدينة و لهذا قرر أن يساعد والده في شغل المزرعة .. يشبه شقيقه في الوسامة و الجدية في العمل .. في السادسة والعشرون من عمره .. "
اطفئ جوزيف سيجارته فيما تطلع جان إليه و هو يعلم لِمَ هو معصب و مع ذلك تساءل بفضول :
-لما كل هذا التذمر ؟ !
رد عليه بجدية :
-أنت تمتلك إجابة السؤال يا جان
-نعم أعلم .. أبي فقط صديق والد تلك الفتاة و ..
قاطع حديثه بحده بالغة :
-ليس على حساب قلبي يا جان ..
ثم تابع بحسم :
-لن أتزوج بهذه الطريقة البشعة
عقد جان بين حاجبيه متأثرًا بحال شقيقه نعم لو كان هو مكانه لن يتزوج بهذه الطريقة أبدا .. فيما فكر جوزيف و أخيرا حسم قرارة و هو أن يغادر القرية في أسرع وقت .. و سيذهب إلى منزله في باريس الذي لم يعلم والده عنوانه .. كما أنه أكد على شقيقه ألا يخبر و الده بعنوان ذاك المنزل ثم تركه و غادر
***
أخذت الغرفة ذهابا وإيابا و هي تضرب على راحة يدها بـ قبضة يدها الأخرى و أخذت تزفر و تنفخ في شدقيها بغيظ و تذمر شديد .. فقد طلبت منها والدتها أن تعود إلى القرية في أسرع وقت .. فـ تركت شغلها الشاغل و عادت لتصدمها والدتها انها قد تمت خطبتها من شخص لم تعلم عنه شيئا حقا شيء يجن ..
" جين من عائلة ثرية فتاة جميلة حقا تمتلك شعر أشقر و عيون زرقاء جذابة .. تعمل موديل في أحد الشركات المعروفة في باريس .. برغم صغر سنها فهي في السادسة عشر من عمرها ولا زالت تدرس .. و مع ذلك ناجحة في عملها و تمتلك مالها الخاص وبطلة أحد المجلات العالمية فدائما يضعون صورتها على غلاف المجلات .. "
نظرت اتجاه باب الغرفة ثم اتجهت نحوه و قامت بفتحه ببطء .. و استمعت إلى حديث والدها الذي يحدث به والدتها في الرواق قائلا بحسم شديد :
-تحدثي مع ابنتك واقنعيها بالزواج .. أود الحفاظ على مالي
وافقت على حديثه فأغلقت جين الباب وهي تزفر بقوة .. و بعد لحظات قرعت والدتها الباب فجلست جين على حافة فراشها ناظرة إلى الأرض في حزن .. فيما دلفت والدتها إلى الغرفة متجه نحوها ثم جلست إلى جوارها و همت أن تتحدث لكن قالت جين بنبرة حزن واضحة :
-لا زلت في السادسة عشر من عمري .. لماذا أتزوج اذا ؟ !
وضعت يدها على كتفها برقة و تحدثت بهدوء :
-يا ابنتي الحبيبة انصتي لي .. والدك خائفا عليك وعلى ثروته .. و سوف يزوجك من رجل ثري مثلك يحافظ عليكِ و على أموالك ايضا .. ما رأيك يا عزيزتي ؟ !
-أرفض يا أمي .. أود العيش بحرية وأكمل تعليمي دون مسؤولية
قذفت تلك الكلمات من فاها بتذمر واضح عليها فيما مسحت والدتها على شعرها الحرير وهي تبتسم .. ثم نهضت متجه نحو المرآة لتأخذ فرشاة الشعر ثم عادت إليها و أخذت تمشط شعرها و قد تذكرت الماضي قائلة :
-كنتِ يا حبيبتي في العاشرة من عمرك .. حيث أصنع لكِ أجمل ضفائر الشعر وتركضين بهم داخل المزرعة .. حينها كنتِ تنصتي لي وتسمعين حديثي
-الفرق يا أمي خمس سنوات فقط .. نعم كبر عقلي و صرت فتاة جميلة .. و لكن لا زلت صغيرة و لن أتزوج الأن
رفعت يدها و وضعتها على وجنتها و ربتت عليها برفق و هي تقول بنبرة حزينة :
-جيئتي لنا هدية من الله بعد عدة سنوات من العلاج .. و الأن نود أن نحافظ على الهدية يا حبيبة القلب
حركت رأسها بالنفي عدة مرات و أخذت قرار حاسم و هو انها غير موافقة على الزواج .. غضبت والدتها منها فحقا سأمت من كثرة الحديث معها ثم نهضت لتضع الفرشاة كمان كانت وهي تخبرها بحده وحسم :
-اسمعي يا فتاة .. ستتزوجين من ذاك الشاب وهذا قراري أنا و والدك
ثم خرجت مغلقة الباب خلفها بقوة فـ وضعت رأسها على الوسادة تبكي خوفا من أن والدها يتمم الزواج رغما عنها .. فماذا تفعل اذا و أخذت تفكر كثيرا حتى فكرت في الهرب .. رفعت رأسها عن الوسادة تمسح دموعها ثم نهضت واقفة أمام المرآة تطلع إلى انعكاسها ثم هتفت بحده :
-أفعلي شيئا يا جين لا تستسلمي أبدا .. نعم سأهرب من ذاك المنزل البشع
بمجرد أن انهت كلماتها تناولت حقيبة يدها و خرجت من الغرفة تنظر إلى اليمين واليسار .. ثم هبطت الدرج بهدوء واستمعت إلى صوت والدتها من المطبخ .. فعلمت انها ليست في الخارج و على الفور خرجت من المنزل بأكمله .. ثم وقفت أمام البوابة تنظر إلى المنزل الكبير بحزن واضح ثم ابتسمت واعطت تحيه للمنزل و تابعت الركض بعيدا
***
كان يقود سيارته بسرعة فائقة داخل القرى و منتبه إلى الطريق .. حتى خرج من القرية إلى الطريق العام ثم ثبت محرك السيارة بين قدميه وتناول سيجارة وضعها بين شفتيه واشعلها .. فيما كانت تركض جين من بين الأشجار و هي تنظر خلفها خوفا من أن كان رآها أحد من القرى و لكن لم ترى أحد ثم خرجت من بين الأشجار إلى الرصيف .. ولم تنتبه من تلك السيارة السريعة و عندما رآها جوزيف ضغط على المحابك بكل ما فيه من قوة لتهدأ السيارة قليلا و مع ذلك صدم جين في قدمها .. سقطت على الأرض متأوه ماسكه اليسار التي تأذت ..
زفر جوزيف بسأم واضح ثم ترجل من السيارة و وقف أمام تلك الفتاة المزعجة قائلًا بنبرة حاده :
-انتبهي إلى الطريق يا فتاة
رفعت رأسها لتنظر إليه بوجهه محتقن ثم تحدثت بعصبية :
-لماذا تقود سيارة وأنت لا تستطيع القيادة
-أنتِ من ظهرتي أمامي فجأة
قذف تلك الكلمات بحده بالغة ثم سحب دخان سيجارته إلى صدره و زفره بالهواء مستندًا بظهره إلى السيارة .. مما اتسعت عيني جين في دهشة من برودة و هو من صدمها وتتألم امامه و يدخن سيجارته بكل هدوء .. جزت على أسنانها بغيظ قائلة :
-أفعل شيئا يا شخص .. قدمي تؤلمني
وضع سيجارته على الأرض و دعسها بعنف ثم نظر إليها بابتسامة ساخرة قائلا من بين أسنانه :
-ادخلي السيار
رفعت حاجبها اليسار و هي تقول بكبرياء :
-احملني على ذراعيك وادخلني السيارة .. أنا لا استطيع الوقوف على قدمي
ابتسم بخفة وهو يحرك رأسه بثقة قائلا :
-محال .. لن أحملك
داعبت لسانها داخل فاها و هي تفكر كيف تجعله يحملها رغما عنه حتى جاءتها الفكرة و تحدثت بـ لؤم و هي تحاول النهوض :
-اذا أنت لا تستطيع أن تحمل حشرة .. فلم تستطيع حملي مطلقا
نظر إليها بحده ثم تقدم نحوها و قام بحملها على ذراعيه و رفعها إلى الأعلى لتصطدم جبينها بـ جبينه .. نظرت داخل عيناه الجميلة بعمق و هو يتطلع إليها بتحدي على أنه حملها ويستطيع أن يحمل خمسة من امثلها .. فيما ابتسمت جين متمتمه بالشكر ولا زالت شاردة غارقة داخل عيناه .. وضعها جوزيف برفق داخل سيارته ثم جلس أمام المقود و تابع القيادة بسرعة هائلة .. طلبت منه ألا يعود إلى القرية و يذهب إلى مدينة باريس فتابع السير على طريقة متجه نحو المدينة
***
بعد أن انتهى من عمله ذهب على الفور إلى مزرعة الطيور الصغيرة خاصتهم و وقف خلف الباب الخشبي الصغير يتطلع إلى تلك الفتاة الجميلة التي تطعم الطيور الصغيرة بكل حب ورفق .. و برغم انهم مجرد طيور و لكن تعاملهم بكل ود و حب كأنهم بني أدمين مثلها .. ألقت أخر ما في ثيابها على الأرض ثم بدأت في تحضير المياه لهم ..
" أديل فتاة تعمل في منزل دانييل أورليان وتسمى بفتاة المزرعة .. في العشرين من عمرها وفتاة وسيمة بملامح جذابه وعينين خضراوين واسعتين وشعر أشقر يشبه خيوط الشمس وقت الغروب .. "
عقد ذراعيه أمام صدره و قد لاحت شبه ابتسامة على ثغره و هو يتساءل مداعبًا :
-هل تحتاجين إلى المساعدة يا فتاة ؟
التفتت إليه بلهفة فزع ثم زفرت بهدوء و ابتسمت ثم أكملت عملها و هي تقول :
-فزعتني جان بك ..
ثم أردفت :
-أنا لا اتجرأ وأطلب منك أن تساعدني .. أنا هنا فتاة مزرعة تعمل عندكم
ثم وضعت الماء و وقفت جانبا تطلع إلى تلك الكائنات الصغيرة وهم يأكلون ويشربون .. فيما لاحت ابتسامة حزينة على شفتيه ثم فتح الباب و دخل لتفزع بعض من الطيور و قفزت بعيدا مما اتجهت واحده نحو الباب .. فركضت أديل إليه مسرعة وقبل أن تصل إلى الباب تعثرت قدميها في إناء الماء وكادت أن تسقط لكن مسك جان بمعصم يدها مانعا إياها من السقوط لتصبح معلقة بالهواء .. و أغلق الباب الخشبي بقدمة ليمنع الدجاجة من الخروج ..
ازدردت أديل لعابها بصوت مسموع ثم تمتمت بالشكر لأنه لحق بها .. فيما جذبها جان إليه بقوة لتستقر رأسها عند صدره تاركا معصمها ليحيط خصرها .. فاستنشقت رائحة عطرة التي تجذب الجميع إليها فيما داعب جان خصل شعرها بأنفاسه الساخنة .. و عندما شعرت بأنفاسه تلفح رأسها حررت نفسها من يده و وقفت بعيدا .. ولا زال هو ينظر إليها بحب واضح وهي تطلع إلى الأرض بخجل واضح .. و تمتمت له بالشكر للمرة الثانية ليجيب عليها بصوت عذب :
-لا تشكريني أديل .. بل أشكري إناء الماء الذي جعلك تتعثرين لأضمك إلى صدري
ادارت رأسها إلى الاتجاه المعاكس إليه تبتسم خجلا من حديثه معها و لم تستطيع أن تجيب عليه .. فيما ابتسم جان على خجلها منه دائما كأنه يراها ثم تقدم نحوها و وقف إلى جوارها ماسكا مرفقها اليمين مما شعرت بـ لمساته و حديثه العذب :
-ليتني كنت دجاجة لأرى وجهك في كل صباح و مساء .. و تطعميني بيديك الجملتين
أخرجت تهنيده قوية من صدرها ثم قالت بهدوء :
-يكفي جان بك .. أنا لا أتحمل هذا الحديث
قال مبتسما :
-اذا تعودي عليه .. فـ آذنيك سوف تستمع إلى ذاك الحديث كثيرا
التفتت لتنظر إليه بابتسامة واسعة و جاءت تتحدث قاطعتها الفتاة التي وقفت خلف الباب الخشبي قائلة بحده :
-ماذا تفعلين هنا يا فتاة المزرعة .. هيا اذهبي إلى المطبخ هيا
شعرت أديل بالخجل و على الفور تركت المزرعة متجه نحو القصر فيما خرج جان و أغلق الباب الخشبي جيدا .. ثم نظر إليها ب ـثقل