3

الفصل الثالث:
وبقي محجوزا في العلية يراقب التفاصيل علما أنه قد لاحظ خلال وجوده أن سكان هذا البيت هم ماجد بيك و زوجته رشا خانم و ابنه سالم و ابنته حلا
يبدو أن ماجد هذا ثري جدا و بيته فائق الجمال و زوجته رشا سيدة مجتمع تشارك في الجمعيات التي تظهر هذا النوع من الناس على أنه شخص انساني بمشاركاته في بعض الحفلات الخيرية لمساعدة الأيتام او المعاقين بشكل ظاهري





أما سالم فهو شاب يدرس الهندسة المدنية رغما'' عنه لأن أبوه أرغمه على هذا الفرع رغم أنه كان يرغب بدراسة الموسيقا و العزف .


و عن حلا فهي طالبة في الصف الثاني الثانوي
أي أنها مراهقة تقارب 17عشرة من عمرها


إنهم عائلة صغيرة متمكنة ماديا لديها خادمة و طباخ و بستاني يعمل في الحديقة أيضا ولكل منهم سائق خاص لسيارته .




شعر سعد و هو يراقب تلك التفاصيل بالحسد و أن العالم ليس بعادل كما ظن أنهم سعداء جدا على عكسه و أختيه أبعدته الدنيا عنهما بسبب قلة المال .



لقد كان يتسلل ليلا إلى المنزل ليشرب و يسرق بعض طعامهم الذي لم يكن يتوقع أن يتذوقه أبدا و كل ماشعر بحاجته لقضاء حاجة يدخل حمامهم بسرعة في غفلة عن أمرهم .





مواقف كثيرة شاهدها و تعرفها في هذه الأسرة من خلال بقائه في هذا البيت و تعرض أكثر من مرة لأن يكتشف أمره إلا أنه كان ينقذ نفسه في أخر لحظة .




في اليوم الثالث من وجوده في العلية و هو يخطط كيف سيسرق مال هذا الغني سمع أصوات تقترب و تعلو

لقد كان ماجد بيك يتشاجر مع زوجته و يلومها و يتهمها بالتقصير
و هي تبكي و ترد عليه بأنه مقصر في حق الاولاد




ماجد بيك : لن تتغيري ستبقين تلك المراة التي أنقذتها من فقر أبيها و حارتها القديمة

رشا : يكفيك كل لحظة تذكرني بأهلي و وضعهم المادي لقد مضى على زواجنا عشرين عاما


ماجد بيك : اسلوبك و تصرفاتك التي لم تتغير أبدا يذكراني بهذا دائما .

رشا : عشرون عاما من التحمل لطباعك و لم أعرف كيف أرضيك
سكوتك .. ابتعادك عني و عن الأولاد كم طلبت منك ان تصادقهم و أنت منشغل بمشاريعك و لا تهتم بهما أبدا


.. رشا أصبحت مراهقة تحتاج أن تسندها كصبية و أنت دائم التعصيب تشعرها بفرق التعامل بينها و بين سالم .



ماجد : هووووو ألن تنتهي هذه الأسطوانة أنت أمهم و أنت المسؤولة عن تربيتهم أنا ليس لدي وقت و لا أنقص أي شيء عنكم

رشا : مهما كلمتك ستبقى تحدثني عن الماديات و لن تعترف أبدا بأنهم يجتاجونك عاطفيا
حاولت أن أنخرط في مجتمعك المخملي لكنني لا زلت أشعر بأنني غريبة عن هذا العالم




أعطت رشا ضحكة ساخرة و قالت : يبدو ان تربيتي عند أبي ذلك الانسان الطيب البسيط لم تزل متمكنة مني فيصيبك الأمر بالحرج .



ماجد بيك : أستغفر الله العظيم لقد تأخرت عن اجتماع العشاء بسبب عنادك

رشا : اذهب و لا تنظر خلفك أبدا




هدأ صوت الضجيج و الشجار الذي انتهى بصوت الباب الذي سمع صوت اغلاقه بقوة فعرف سعد ان ماجد بيك قد خرج و لكنه اقترب قليلا ليرى رشا جالسة على كرسي و أمامها طاولة وضعت عليها صحن السجائر و تصاعدت الأدخنة و كانت تبكي بحزن .





تلك الأدخنة صعدت باتجاهه فحبس أنفاسه كي لا يسعل فلديه حساسية من الروائح و لكنه لم يستطع فسعل بشدة ثم وضع يده على فمه لكي لا يكتشف أمره



و عندها خافت رشا و لم تدرك من أين جاءها الصوت فقامت تبحث عن المصدر و لم تجد أحدا فقالت : سحقا لك يا ماجد بدأت أهذي بسببك
ثم انصرفت إلى غرفتها



عندها قال سعد لنفسه : شكرا ماجد بيك لقد أنقذتني دون أن تعلم هههههه .

نام سعد بعدها لساعات لم يدرك عددها لكنه استيقظ ليسمع صوت الباب يفتح و دخل ماجد بيك مخمورا و توجه متمايلا إلى المطبخ و فتح الثلاجة ليشرب الماء و أخء يغني بطريقة نشاذ جدا .




و فجأة وصله اتصال رد عليه
ماجد : حبيبتي لماذا لم تنامي بعد
المتصلة : كيف تتركني و تذهب إليها لقد غضبت منك

طبعا فهم هذا سعد من رد ماجد المتصابي ذو الستين عاما.


ماجد بطريقة تلوى فيه الكلام لانه مخمور : قدري وضعي حبيبتي و انتظريني غدا سأشتاق لك


قال سعد في نفسه : انظروا الرجل الاخرق ياله من مراهق بعمر الستين خخخخخخ

و تابع نومه بعد ان أدرك ان المال لايعطي السعادة الحقيقية .



و في الصباح استيقظ على صوت الخادمة و الطباخ يجهزون طعام الافطار لأهل البيت و تصاعدت الروائح الطيبة إلى أنف و عقل و قلب سعد الجائع


و سمع السيدة رشا تطلب من الخادمة ماري أن تجهز عدة أصناف من الحلويات و الفواكه وغيرها وأصناف من العصير لأن لديها عزومة صباحية لبعض سيدات المجتمع الراقي و تريد أن تظهر بظهر الراقية أمامهم .





بدأت عصافير بطن سعد تزقزق و تغني أنا جائعة و كل الأكل قريب و بعيد عني


ياللهول مالذي يجري شعر برغبة للخروج إلى الحمام و مستحيل ان ينزل الآن مضطر للتحمل كي لا يكتشف أمره فلابد من فرصة يتسلل فيها إلى الحمام دون انتباه الجميع و لكن لابد.من إيجاد حل لهذا الامر فهو لم ينجز مهمته بعد .


تناول الجميع طعام الافطار و كل خرج باتجاه .


فماجد.كعادته و ضع سيجاره الثمين بفمه و دخانه يملأ المكان و قدم أوامره للجميع و خرج إلى عمله أما سالم فقد ذهب إلى جامعته و حلا أيضا ذهبت إلى مدرستها .



أما رشا فخاطبت الخادمة والطباخ و قالت : العزومة عند الساعة العاشرة لذلك سأذهب إلى مختص التجميل و سأكون هنا قبل الموعد التزما تعليماتي



الخادمة : مدام إذا سأخرج برفقة العم أبو محمد لنبتاع بعض الأغراض التي ستلزمنا و لا تقلقي كل شيء سيكون جاهزا في الوقت المحدد


رشا : حسنا لا تتأخرا أنا أثق بكما


بقي سعد وحده في المنزل و الفرصة سانحة له ليكتشف كل شيء فنزل إلى المطبخ وليس لديه الوقت الكافي عليه أن يسرع


دخل إلى الحمام ثم غسل يديه و أخرج شيئا ليأكله بسرعة و وضع بعض الخضار و الفواكه في صحن و ملأ قنينته بالماء و وضعها فوق العلية


ثم بحث في غرفهم ليجد غرفة نوم ماجد و رشا وبحث فيها ليجد كيسا مليئا بالمال و خزنة مقفلة وضع فوقها فقال بصوت عال : يا للهول اذا كان هذا مالا فما الموجود في الداخل


ثم رأى مصاغ السيدة و قد وضع في علبة في خزانتها


فكر ان يسرقها و يهرب بسرعة لكنه سمع صوتا في الاسفل فهرع بسرعة متسللا إلى المطبخ و صعد السلم و جلس فوق العلية و هو يلهث .




لقد كانت الخادمة ماري والعم ابو محمد الطباخ قد رجعا بسرعة .

دخلا إلى المطبخ وبدأا بتحضير الضيافة و تصاعدت روائح الحلويات إلى انف سعد الذي اتصل بمعدته و أخبرها أنه يحتاج قطعة منها فقط واحدة لكن سعدا قال : لا أريدها كلها يا ويلي على هذه الروائح يخطرلي أن أنزل إليهم هههه فورا




وبعد قليل عادت رشا و قد عملت تسريحة جميلة و تبرجت و ارتدت ثوبا جميلا يليق بالمظاهر الكاذبة التي ستحضرها مجموعة من النساء


و فعلا وصلت السيدات و كان يحاول سعد انويتلصص ليرى أشكالهن و لم يستطع إلا سماع أصواتهن و أحاديثهن التي امتلأت بالمجاملات و النفاق



ثوبك جميل جدا ، تسريحتك رائعة ، الحلويات جد لذيذة

إلى أخره من تلك الجمل
استمرت الحفلة حوالي ساعتين انتهت بتوديع السيدات لرشا و شكرها بطريقة سيدات المجتمع .


و اتفقن في المرة القادمة ان تكون الصباحية عند السيدة ميرفت هانم التي أبدت رغبتها بحضورهن جميعا في موعد ستحدده لاحقا تبعا لمواعيدها




صعدت رشا إلى غرفتها لتبدل ملابسها وتنام قليلا و الخادمة دخلت المطبخ بعد.نقلها بقايا الطعام و الصحون إلى الى المطبخ و قامت بالتنظيف و طلبت من السيدة اجازة ساعية لتذهب و تشتري شيئا يخصها من السوق




كان العم أبو محمد يجلس في المطبخ ليستريح قليلا

فجاءه اتصال مفاجئ
- ألو نعم ماذا لا تقوليها و هل أحضرتم لها الطبيب
المتصل و يبدو أنه ابنه: ألا تستطيع المجيء يا أبي

العم أبو محمد : لا يا بني لن أستطيع القدوم إلى المساء لدي عمل كثير انتبه لها و سأتصل بك للاطمئنان عليها .


فهم سعد ان الرجل لديه ظروف صعبة .


ثم نام المسكين من كثرة التعب على الطاولة .


لايدري لماذا تذكر أبوه و اشتاقه فجأة عندما راى الرجل غارقا في نومه من شدة التعب


فكر سعد كثيرا يا ترى هل هو محق بما ينوي عليه هل سيتضرر أحد ما بسببه ، ماذا لو اكتشفوه





في هذه الأثناء كانت قد وصلت حلا ابنتهم و دخلت إلى المطبخ

نظرت إلى الباب فلم تجد إلا العم أبو محمد فأيقظته ليذهب إلى غرفة الخدم ليرتاح قبل أن يحين موعد الغداء


و عندما رحل الرجل خارج المطبخ

أمسكت جوالها و رنت على احد ما : حبيبي أين أنت اشتقت لك كثيرا
سأراك عصرا في البار
و فجأة دخلت أمها و قالت من تحدثين يا حلا
فقالت الفتاة مرتبكة : لا يا امي إنها صديقتي سارة تتصل لتؤكد.موعد الدرس عند المعلمة سيلا في الساعة الخامسة عصرا


رشا : حسنا اجعلي السائق يوصلك


حلا : لا داع يا أمي انا و سارة سنمشي اتفقنا ان نمشي قليلا بعد الدرس لانها ستبتاع قميصا لها و قد أتأخر قليلا

رشا : حسنا حبيبتي
وانصرفتا خارج المطبخ

صعق سعد.ماهذه العائلة الغريبة كلهم يكذبون
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي