الفصل الثاني وعشرون
ترجلت حفصة من سيارة الأجرة أمام تلك المشفي تسير خلف صفاء وقد كان واضح على ملامحها القلق..
دلفت إلي المشفي خلف صفاء التي وقفت أمام تلك الفتاه الواقفه خلف مكتبها تهتف متسأله بلهفه:
_ صفوان..
لم تكمل باقي كلماتها حين وصل إلي مسامعها صوت رجولي مألوف:
_ صفاء
حركت كلا من صفاء و حفصة رأسهم نحو مصدر الصوت والذي لم يكن سوي يوسف الذي تقدم منهم و عينيه معلقه بحفصة، هدرت صفاء بنبرة مبحوحه متلهفه:
_ أبيه صفوان كويس ؟، هو فين؟
أبعد يوسف نظراته عن حفصة التي كانت تراقب باهتمام و القلق مرتسم على ملامحها، هدر يوسف و هو يرمق صفاء بنظراته:
_ صفوان كويس الحمدلله ، حادثه بسيطه هو بخير مكنش في داعي تيجوا يعني
كلماته بثت الأطمئنان بداخل صفاء التي زفرت طويلاً بارتياح، بينما خرجت الكلمات من حفصة بتعثر بصوتها المتحشرج:
_ هو فين دلوقتي ؟
ألقي يوسف عليها نظره بطرف عينيه ثم نكس رأسه قائلاً بهدوء متناهي:
_ هو فوق في الدور الرابع
فور أن أنهي كلماته حتي تحركت صفاء نحو المصعد وخلفها حفصة التي عضت على شفتيها بتوتر ملحوظ..
دقائق، و كانت حفصة تقف في ذلك الممر بجانب صفاء التي حركت رأسها نحو الأولي لتجد ملامحها شاحبه، هدرت صفاء باستياء:
_ مكنش فيه داعي تيجي معايا
أبتلعت حفصة ريقها و نكست رأسها و لم تعلق، أشارت صفاء بعينيها نحو نهاية الممرر قائله بنزق:
_ أهو يوسف جيه أهو
رفعت حفصة رأسها و ألقت نظره نحوه ثم عادت و نكست رأسها..
لحظات حتي خرجت تلك الفتاه التي ترتدي زي الممرضات بداخل المشفي من الداخل، لمعت أعين حفصة بلهفه غريبه لم تدركها..
تقدمت صفاء من الممرضه تهدر باستفهام:
_نقدر ندخله ؟
أومأت تلك الممرضه برأسها قائله بنبره عمليه وهي توزع نظراتها بينهم:
_ اه اتفضلوا ، الدكتور بس هيشوفوا تاني و يقدر يمشي
نطقت بتلك الكلمات ثم تحركت تتجاوز إياهم واضعه كفها في جيوب الزي خاصتها..
تحركت صفاء نحو الباب المغلق وفتحت الباب و دلفت إلي الداخل مغلقه الباب خلفها تحت نظرات حفصة التي وقفت محلها تشعر بالتردد، وصل إلي مسامعها حديث يوسف المستفهم بترقب:
_ مش هتدخلي، لجوزك..
نطق آخر كلمه بتهكم تلقائياً، ألقت عليه نظره منزعجه من فوق كتفها ثم ألقت طرف وشاحها إلي الخلف و تحركت بعد تردد نحو الباب..
طرقت عدة طرقات على الباب وصلها صوت صفاء العالي:
_ أدخل
أخذت نفس عميق و اذدردت ريقها وهي تدير مقبض الباب ببطء تفتح إياه ثم دلفت إلي الداخل توقفت نظراتها عليه جالساً على الفراش الأبيض يلقي نظره متأففه على شقيقته التي تمنع إياه من النهوض، توقفت نظراته عليها، ابتسمت عينيه ابتسامة لم تصل إلي ثغره وهو يقول بصوت أجش:
_ تعالي يا حفصة
ألقت صفاء نظره حانقه عليها و تحركت تقف جانباً تلوي فمها..
في منتصف اليوم، كانت تجلس في سيارة الأجرة في الخلف و صفاء بجانبها،وضعت الأخيره كفها على كتف شقيقها وهي تقول بتوتر:
_ بجد انت كويس يا أبيه!
أومأ صفوان برأسه إيجاباً بنفاذ صبر وهو يلقي عليها نظره من فوق كتفه قائلاً بضجر:
_ الموضوع مش مستاهل أصلا أنك كنتي تيجي
توقفت نظراته على تلك الصامته و تابع قائلاً بخفوت:
_ ولا أنتي كمان..
اهتزت حدقتي حفصة بتوتر وقالت بنبره مضطربه:
_ أنا افتكرت في حاجة كبيره حصلت..
ألقت صفاء عليها نظره بطرف عينيها ثم عادت تنظر نحو شقيقها قائله باهتمام:
_ هو يوسف كان معاك ليه ؟
عاد هو ينظر أمامه قائلاً بنبره مقتضبه:
_ كان ماشي ورايا بعربيته
ضيقت حفصة ما بين عينيها ، بينما مطت صفاء شفتيها قائله باستفهام:
_ هو اشتري عربيه ؟
تجاهل صفوان الرد عليها و نظر من مرآة السيارة نحو حفصة التي أشاحت بنظراتها بعيداً..
٠٠٠٠٠٠
شعرت مروه بملمس مياه البحر على قدميها التوي ثغرها بابتسامة وهي تحدق بمياه البحر الصافيه و أشعة الشمس المسلطه عليها بشكل رائع..
حركت رأسها تلقي نظره على مروان الواقف بجانبها قائله بخفوت:
_ شكراً بجد أنا كنت محتاجه مكان زي ده..
كاد مروان أن يتحدث و لكن رنين هاتفه ما جعله يصمت وهو يخرج إياه من جيب بنطاله وقد تحرك يقف جانباً..
التوي ثغرها بابتسامة مشرقة وهي تنظر إلي ملامحه التي أصبحت تسلب قلبها..
_ مروه..
صدرت تلك الكلمه من شخص واقفاً خلفها مما جعلها تستدير ، أنكمشت ملامحها فور أن وقع بصرها عليه..
التوي ثغره بابتسامة وقد تحدث ذلك الواقف قائلاً بدهشه:
_ بتعملي إيه هنا ؟
انغرست قدميها في الرمال و هي تحاول التراجع تردد حروف إسمه بتعثر:
_ خيري !
التوي ثغره بابتسامة و تجولت عينيه على ملامحها بأريحية قائلاً بحنين:
_ عامله ايه يا مروه، و عمتك عامله ايه؟
شحبت ملامح مروه و ابتلعت مراره في حلقها..
لوح هو بكفه أمامها ثم تلمس به كتفها مما جعلها تنتفض كمن لدغها عقرب وهي تقول بعصبية صارخه:
_ إيدك أبعدها..
تراجعت إلي الخلف بملامح شاحبه اصطدمت بظهرها بمروان الذي هدر باستفهام:
_ في إيه يا مروه؟
استدارت مروه نحوه بعينيها الزائغتين و عفوياً ارتمت في أحضانه وهي تقول باستنجاد وقد كانت نبرتها متحشرجه:
_ أنا عايزة أروح
ألقي مروان نظره مشككه على ذلك الواقف خلفها ينظر نحوهم بترقب، كاد أن يتحدث ولكن وجد مروه تضغط بكفيها على ذراعيه هادره باضطراب:
_ خلينا نرجع أنا، عايزه أرجع
حاوطها مروان بذراعيه وعينيه تعلقت بذلك الذي تحرك مبتعداً ثم دون أن يشعر حاوطها بذراعيه غير مبالي بنظرات المتواجدين المعلقه بهم..
٠٠٠٠٠٠٠٠
شهقت حفصة عالياً وهي تري فاطمه ترتمي في أحضان صفوان قائله بهذيان متألمه:
_ رجعلي يوسف يا أبيه , عشان خاطري مش أنا فاطمه الغاليه عندك !
نطقت بتلك الكلمات وهي تشعر به يدفعها بعيداً عنه برفق وقد أنكمشت ملامحه من فعلتها لذلك صاح ينهر إياها:
_ فوقي لنفسك بقي أنتي اتجننتي ولا إيه بالظبط !
وقفت حفصة على أحدي درجات الدرج تراقب إياهم بصمت..
لمعت أعين فاطمه العبرات وقد سقط وشاح رأسها و هي تستعطفه قائله:
_ عشان خاطري يا أبيه، أنا مش قادره أعيش من غيره..
توقفت عينيها على تلك الواقفه على الدرج مما جعل مقلتيها تشتعل غضباً وهي تشير اليها قائله بنبره مغلوله مشتعله بنيران الغيره الحارقه:
_انا لو مرجعتش ليه ، هياخدها هيتجوزها
كانت كلمات فاطمه كمن فقدت عقلها ثم عادت تنظر نحو صفوان الذي أنحني يلتقط وشاح رأسها من على الأرض قائلاً بنبره حاول جعلها هادئه:
_ فاطمه أهدي ، أنا هتكلم معاه
نطق هو آخر كلماته علي مضض مشفق على تلك الحاله التي وصلت إليها ابنة عمه الغاليه..
لمعت مقلتي فاطمه بلهفه و قبضت على ذراعي صفوان قائله بتشكك متلهفه:
_ بجد يا أبيه ! ، بجد !
ألقي صفوان نظره على تلك الواقفه في الخلف ثم عاد ينظر إلي ابنة عمه و أزاح كفيها من عليه برفق قائلاً بنزق:
_ أيوه بجد يا فاطمه..
تهلهلت أسارير فاطمه و رفعت كفيها تمسح بعنف تلك العبرات العالقه في عينيها..
٠٠٠٠٠٠٠٠
جلست مروه علي الفراش بداخل تلك الشقه تعبث بهاتفها..
شعرت بمروان يجلس بجانبها، ألقت نظره عليه و قد أرتسمت أبتسامة على ثغرها، تحدثت قائله بخفوت:
_ هنرجع أمتي ..
توقفت الكلمات على طرف شفتيها حين تحدث قائلا بفظاظه:
_,مين إلي كان واقف معاكي عند البحر ده !
شحبت ملامح مروه و أرتجف كفها الممسك بالهاتف وهي تقول بتوتر متصنعه عدم الفهم:
_ مين ؟
عقد مروان حاجبيه بشده و هدر بنبرة أكثر غلظه:
_ مين ده يا مروه متستعبطيش
احتدت نبرته في آخر كلمه مما جعلها تبتلع ريقها بصعوبه وقالت بتلجلج:
_, معرفش أنت بتتكلم عن إيه..
توقفت الكلمات في حلقها حين هدر بنبره حاده كحال عينيه:
_ مروه
انتفض جسد مروه و تراجعت بجلستها حتي التصقت بمسند الفراش و تجمعت الدموع في مقلتيها قائله بنبره مختنقه:
_ ده خيري..
٠٠٠٠٠٠٠٠
شعرت حفصة بجفاف حلقها وهي تجلس هكذا علي الفراش ترسل رساله إلي مروه التي لا تجيب عليها..
ألقت الهاتف على الفراش و أزاحت الغطاء من عليها و نهضت من على الفراش ثم فتحت الباب تخرج من الغرفه حافية القدمين..
توقفت عينيها عليه جالساً يستند برأسه على الأريكة و التلفاز..
ضيقت ما بين عينيها و تقدمت منه توزع نظراتها بينه وبين التلفاز وقد اعتقدته نائم..
سحبت جهاز التحكم وأغلقت التلفاز و لكن وصلها صوته الأجش قائلاً باستفهام:
_ قفلتيه ليه !
اهتز جسد حفصة قليلاً وهي تنظر نحوه بتعجب ثم هدرت بنبره متحشرجه أثر النوم:
_ افتكرتك نايم
مد هو كفه لها وهو يعتدل في جلسته قائلاً بخفوت:
_ هاتي..
وضعت حفصة جهاز التحكم في كفه ثم كادت أن تتحرك و لكن توقفت عن ذلك و جلست على أحد المقاعد تعقد ذراعيها أمامها ثم تحدثت قائله بنبره مبحوحه:
_ هتعمل ايه في حكايه يوسف و فاطمه !
قام هو بتشغيل التلفاز مره أخري وهو يقول بانزعاج:
_ مش عارف
أبتلعت هي ريقها وبصرها معلق بوجهه المرهق، تنفست بعمق وهي تقول بخفوت:
_ أنا كنت عايزه أتكلم معاك في حاجة..
وزع هو نظراته بينها و بين التلفاز قائلاً بترقب:
_ قولي
أبتلعت حفصة غصتها المريره وهي تتحدث قائله بنبره مهزوزة:
_ لو حابب يبقي عندك زوجه تانيه أنا معنديش مانع
أنكمشت ملامح صفوان و قام بخفض صوت التلفاز ثم ألقي جهاز التحكم بجانبه و تحدث بخشونه متوجس:
_ زوجة تانيه !
أومأت حفصة برأسها وقد ظهر الوجوم على ملامحها وهي تتذكر حديثها الأخير مع والدها الذي أخبرها أن طلاقها للمره الثانيه غير صحيح و أنه لن يكون راضي عن ذلك ولن يستطيع وقتها تحمل الكلمات اللاذعه التي سوف تقال في حقها من الجميع ..
فاقت من شرودها عليه يلوح بكفه أمامها قائلاً بضيق واضح في نبرته:
_ جيبتي موضوع الجواز التاني ده منين أنتي !
تراجعت حفصة في مقعدها تزيح خصله من خصلات شعرها إلي الخلف و تحدثت قائله بفتور:
_ سمعت والدتك وهي بتتكلم مع صفاء و أنا شايفه أن ده قرار مظبوط خصوصاً أن ظروف زواجنا غريبه.
أنهت كلماتها و عقدت ذراعيها أمامها تراقب تعبيرات وجهه ..
وجدت ملامحه منكمشه ظل صامتاً للحظات ثم هدر بنبرة منزعجه:
_ أنا كنت اشتكيتلك يعني !
كادت هي أن تتحدث و لكن وجدته يتابع كلماته قائلاً بجمود:
_ أنا لا هتجوز تاني و لا هطلق
ضغط على حروف الكلمه الأخيره و عينيه معلقه بمقلتيها المتوترين، ظلت هي صامته للحظات ثم حلت ذراعيها من أمامها قائله بأعتراض خافت:
_ أنت كده بتظلم نفسك على فكره
ظل هو صامتاً للحظات وقد رفع كفه الخشن يمسح على خصلات شعره قائلاً بنبره جامده:
_ مين قالك إني ممكن اكون بظلم نفسي ، مين قال ده..
حركت هي شفتيها ترغب في الحديث ، لكن لم تسعفها الكلمات وهي تري نظراته المصوبه نحوها، شبك هو كفيه في بعضهم ثم تحدث قائلاً بخفوت:
_ حفصة أنا عندي أمل إني أنا و أنتي هنقدر نستمر مع بعض بصوره طبيعيه
قبضت هي بكفها على حافة المقعد بتوتر و حدقته بنظرات واجمه ثم هدرت بنبره مهزوزه قليلاً:
_ أمل ، أنا صحيح..
توقفت الكلمات على طرف شفتيها و لم تسعفها الحروف لذلك نهضت من مكانها..
وجدته ينهض هو الآخر وقال بترقب يحثها على المتابعه:
_ قولي كل إلي عندك يا حفصة..
رغبت هي في التحرك من أمامه لكن وجدته يسد الطريق أمامها قائلاً بإصرار:
_ قولي يا حفصة ، قولي
أغمضت حفصة جفونها ثم عادت تفتحهم وهي تزفر طويلاً و نكست رأسها أرضاً وهي تقول بخفوت مقتضب:
_ أنا صحيح سامحتك..
التوي ثغره بابتسامة جانبيه و ظل صامتاً للحظات ثم قال بخفوت:
_ ده خبر حلو
مطت حفصة شفتيها و هي تعيد خصله من خصلات شعرها إلي الخلف و ظلت واقفه بصمت تحدقه بنظرات متوتره أثر نظراته الحانيه المصوبه نحوها..
٠٠٠٠٠٠٠٠
جلس مروان على ذلك المقعد يكور كفيه في بعضهم شارداً بوجوم فيما سردته زوجته منذ ساعتين..
فهي أخبرته بقصة المدعو خيري مع ابنة خالتها الذي تقدم لخطبتها و بعض التجاوزات التي كانت تري إياه يفعلها مع ابنة خالتها، حتي آتي يومياً و أراد أن يتجاوز معها هي الأخري..
أغمض جفونه بقوه وهو يستمع إلي صوتها المبحوح وهي تقول بتبرير:
_ أنا بس لما شوفته خوفت و افتكرت يعني.
تبعثرت الحروف في فمها وهي تري نظرات مروان الحاده وهو ينظر إليها قائلاً بنبره مشككه متحجره:
_ أنتي متأكده أن مفيش حاجه حصلت بينكم زياده عن إلي قولتيه !!
شهقت مروه بصدمه و تجمدت في وقفتها وهي تقول بتلعثم غير مستوعبه ما نطق به:
_ أنت بتقول إيه ، أكيد لأ هيحصل ايه و أنا..
تبعثرت الحروف في فمها وهي تجده ينهض واقفاً قائلاً بنبره قاسيه ضاغطاً علي الكلمات:
_آمال إيه إلي يخليه يتجرأ عليكي ، أكيد أنتي السبب صح ..
صعقتها كلماتها وقد أحمر وجهها غضباً و دون أن تشعر هدرت بنبره منفعله مهتزه قليلاً:
_ أنا السبب ازي يعني ! ، أنا حكتيلك كل إلي حصل ، ركز في كلامك يا مروان من فضلك..
قالت آخر كلماتها بنبره مختنقه وهي على وشك البكاء ثم تحركت بخطوات سريعة تخرج من الغرفه و قد أنسابت عبره حاره على وجهها تلهب إياه ..
يتبع
دلفت إلي المشفي خلف صفاء التي وقفت أمام تلك الفتاه الواقفه خلف مكتبها تهتف متسأله بلهفه:
_ صفوان..
لم تكمل باقي كلماتها حين وصل إلي مسامعها صوت رجولي مألوف:
_ صفاء
حركت كلا من صفاء و حفصة رأسهم نحو مصدر الصوت والذي لم يكن سوي يوسف الذي تقدم منهم و عينيه معلقه بحفصة، هدرت صفاء بنبرة مبحوحه متلهفه:
_ أبيه صفوان كويس ؟، هو فين؟
أبعد يوسف نظراته عن حفصة التي كانت تراقب باهتمام و القلق مرتسم على ملامحها، هدر يوسف و هو يرمق صفاء بنظراته:
_ صفوان كويس الحمدلله ، حادثه بسيطه هو بخير مكنش في داعي تيجوا يعني
كلماته بثت الأطمئنان بداخل صفاء التي زفرت طويلاً بارتياح، بينما خرجت الكلمات من حفصة بتعثر بصوتها المتحشرج:
_ هو فين دلوقتي ؟
ألقي يوسف عليها نظره بطرف عينيه ثم نكس رأسه قائلاً بهدوء متناهي:
_ هو فوق في الدور الرابع
فور أن أنهي كلماته حتي تحركت صفاء نحو المصعد وخلفها حفصة التي عضت على شفتيها بتوتر ملحوظ..
دقائق، و كانت حفصة تقف في ذلك الممر بجانب صفاء التي حركت رأسها نحو الأولي لتجد ملامحها شاحبه، هدرت صفاء باستياء:
_ مكنش فيه داعي تيجي معايا
أبتلعت حفصة ريقها و نكست رأسها و لم تعلق، أشارت صفاء بعينيها نحو نهاية الممرر قائله بنزق:
_ أهو يوسف جيه أهو
رفعت حفصة رأسها و ألقت نظره نحوه ثم عادت و نكست رأسها..
لحظات حتي خرجت تلك الفتاه التي ترتدي زي الممرضات بداخل المشفي من الداخل، لمعت أعين حفصة بلهفه غريبه لم تدركها..
تقدمت صفاء من الممرضه تهدر باستفهام:
_نقدر ندخله ؟
أومأت تلك الممرضه برأسها قائله بنبره عمليه وهي توزع نظراتها بينهم:
_ اه اتفضلوا ، الدكتور بس هيشوفوا تاني و يقدر يمشي
نطقت بتلك الكلمات ثم تحركت تتجاوز إياهم واضعه كفها في جيوب الزي خاصتها..
تحركت صفاء نحو الباب المغلق وفتحت الباب و دلفت إلي الداخل مغلقه الباب خلفها تحت نظرات حفصة التي وقفت محلها تشعر بالتردد، وصل إلي مسامعها حديث يوسف المستفهم بترقب:
_ مش هتدخلي، لجوزك..
نطق آخر كلمه بتهكم تلقائياً، ألقت عليه نظره منزعجه من فوق كتفها ثم ألقت طرف وشاحها إلي الخلف و تحركت بعد تردد نحو الباب..
طرقت عدة طرقات على الباب وصلها صوت صفاء العالي:
_ أدخل
أخذت نفس عميق و اذدردت ريقها وهي تدير مقبض الباب ببطء تفتح إياه ثم دلفت إلي الداخل توقفت نظراتها عليه جالساً على الفراش الأبيض يلقي نظره متأففه على شقيقته التي تمنع إياه من النهوض، توقفت نظراته عليها، ابتسمت عينيه ابتسامة لم تصل إلي ثغره وهو يقول بصوت أجش:
_ تعالي يا حفصة
ألقت صفاء نظره حانقه عليها و تحركت تقف جانباً تلوي فمها..
في منتصف اليوم، كانت تجلس في سيارة الأجرة في الخلف و صفاء بجانبها،وضعت الأخيره كفها على كتف شقيقها وهي تقول بتوتر:
_ بجد انت كويس يا أبيه!
أومأ صفوان برأسه إيجاباً بنفاذ صبر وهو يلقي عليها نظره من فوق كتفه قائلاً بضجر:
_ الموضوع مش مستاهل أصلا أنك كنتي تيجي
توقفت نظراته على تلك الصامته و تابع قائلاً بخفوت:
_ ولا أنتي كمان..
اهتزت حدقتي حفصة بتوتر وقالت بنبره مضطربه:
_ أنا افتكرت في حاجة كبيره حصلت..
ألقت صفاء عليها نظره بطرف عينيها ثم عادت تنظر نحو شقيقها قائله باهتمام:
_ هو يوسف كان معاك ليه ؟
عاد هو ينظر أمامه قائلاً بنبره مقتضبه:
_ كان ماشي ورايا بعربيته
ضيقت حفصة ما بين عينيها ، بينما مطت صفاء شفتيها قائله باستفهام:
_ هو اشتري عربيه ؟
تجاهل صفوان الرد عليها و نظر من مرآة السيارة نحو حفصة التي أشاحت بنظراتها بعيداً..
٠٠٠٠٠٠
شعرت مروه بملمس مياه البحر على قدميها التوي ثغرها بابتسامة وهي تحدق بمياه البحر الصافيه و أشعة الشمس المسلطه عليها بشكل رائع..
حركت رأسها تلقي نظره على مروان الواقف بجانبها قائله بخفوت:
_ شكراً بجد أنا كنت محتاجه مكان زي ده..
كاد مروان أن يتحدث و لكن رنين هاتفه ما جعله يصمت وهو يخرج إياه من جيب بنطاله وقد تحرك يقف جانباً..
التوي ثغرها بابتسامة مشرقة وهي تنظر إلي ملامحه التي أصبحت تسلب قلبها..
_ مروه..
صدرت تلك الكلمه من شخص واقفاً خلفها مما جعلها تستدير ، أنكمشت ملامحها فور أن وقع بصرها عليه..
التوي ثغره بابتسامة وقد تحدث ذلك الواقف قائلاً بدهشه:
_ بتعملي إيه هنا ؟
انغرست قدميها في الرمال و هي تحاول التراجع تردد حروف إسمه بتعثر:
_ خيري !
التوي ثغره بابتسامة و تجولت عينيه على ملامحها بأريحية قائلاً بحنين:
_ عامله ايه يا مروه، و عمتك عامله ايه؟
شحبت ملامح مروه و ابتلعت مراره في حلقها..
لوح هو بكفه أمامها ثم تلمس به كتفها مما جعلها تنتفض كمن لدغها عقرب وهي تقول بعصبية صارخه:
_ إيدك أبعدها..
تراجعت إلي الخلف بملامح شاحبه اصطدمت بظهرها بمروان الذي هدر باستفهام:
_ في إيه يا مروه؟
استدارت مروه نحوه بعينيها الزائغتين و عفوياً ارتمت في أحضانه وهي تقول باستنجاد وقد كانت نبرتها متحشرجه:
_ أنا عايزة أروح
ألقي مروان نظره مشككه على ذلك الواقف خلفها ينظر نحوهم بترقب، كاد أن يتحدث ولكن وجد مروه تضغط بكفيها على ذراعيه هادره باضطراب:
_ خلينا نرجع أنا، عايزه أرجع
حاوطها مروان بذراعيه وعينيه تعلقت بذلك الذي تحرك مبتعداً ثم دون أن يشعر حاوطها بذراعيه غير مبالي بنظرات المتواجدين المعلقه بهم..
٠٠٠٠٠٠٠٠
شهقت حفصة عالياً وهي تري فاطمه ترتمي في أحضان صفوان قائله بهذيان متألمه:
_ رجعلي يوسف يا أبيه , عشان خاطري مش أنا فاطمه الغاليه عندك !
نطقت بتلك الكلمات وهي تشعر به يدفعها بعيداً عنه برفق وقد أنكمشت ملامحه من فعلتها لذلك صاح ينهر إياها:
_ فوقي لنفسك بقي أنتي اتجننتي ولا إيه بالظبط !
وقفت حفصة على أحدي درجات الدرج تراقب إياهم بصمت..
لمعت أعين فاطمه العبرات وقد سقط وشاح رأسها و هي تستعطفه قائله:
_ عشان خاطري يا أبيه، أنا مش قادره أعيش من غيره..
توقفت عينيها على تلك الواقفه على الدرج مما جعل مقلتيها تشتعل غضباً وهي تشير اليها قائله بنبره مغلوله مشتعله بنيران الغيره الحارقه:
_انا لو مرجعتش ليه ، هياخدها هيتجوزها
كانت كلمات فاطمه كمن فقدت عقلها ثم عادت تنظر نحو صفوان الذي أنحني يلتقط وشاح رأسها من على الأرض قائلاً بنبره حاول جعلها هادئه:
_ فاطمه أهدي ، أنا هتكلم معاه
نطق هو آخر كلماته علي مضض مشفق على تلك الحاله التي وصلت إليها ابنة عمه الغاليه..
لمعت مقلتي فاطمه بلهفه و قبضت على ذراعي صفوان قائله بتشكك متلهفه:
_ بجد يا أبيه ! ، بجد !
ألقي صفوان نظره على تلك الواقفه في الخلف ثم عاد ينظر إلي ابنة عمه و أزاح كفيها من عليه برفق قائلاً بنزق:
_ أيوه بجد يا فاطمه..
تهلهلت أسارير فاطمه و رفعت كفيها تمسح بعنف تلك العبرات العالقه في عينيها..
٠٠٠٠٠٠٠٠
جلست مروه علي الفراش بداخل تلك الشقه تعبث بهاتفها..
شعرت بمروان يجلس بجانبها، ألقت نظره عليه و قد أرتسمت أبتسامة على ثغرها، تحدثت قائله بخفوت:
_ هنرجع أمتي ..
توقفت الكلمات على طرف شفتيها حين تحدث قائلا بفظاظه:
_,مين إلي كان واقف معاكي عند البحر ده !
شحبت ملامح مروه و أرتجف كفها الممسك بالهاتف وهي تقول بتوتر متصنعه عدم الفهم:
_ مين ؟
عقد مروان حاجبيه بشده و هدر بنبرة أكثر غلظه:
_ مين ده يا مروه متستعبطيش
احتدت نبرته في آخر كلمه مما جعلها تبتلع ريقها بصعوبه وقالت بتلجلج:
_, معرفش أنت بتتكلم عن إيه..
توقفت الكلمات في حلقها حين هدر بنبره حاده كحال عينيه:
_ مروه
انتفض جسد مروه و تراجعت بجلستها حتي التصقت بمسند الفراش و تجمعت الدموع في مقلتيها قائله بنبره مختنقه:
_ ده خيري..
٠٠٠٠٠٠٠٠
شعرت حفصة بجفاف حلقها وهي تجلس هكذا علي الفراش ترسل رساله إلي مروه التي لا تجيب عليها..
ألقت الهاتف على الفراش و أزاحت الغطاء من عليها و نهضت من على الفراش ثم فتحت الباب تخرج من الغرفه حافية القدمين..
توقفت عينيها عليه جالساً يستند برأسه على الأريكة و التلفاز..
ضيقت ما بين عينيها و تقدمت منه توزع نظراتها بينه وبين التلفاز وقد اعتقدته نائم..
سحبت جهاز التحكم وأغلقت التلفاز و لكن وصلها صوته الأجش قائلاً باستفهام:
_ قفلتيه ليه !
اهتز جسد حفصة قليلاً وهي تنظر نحوه بتعجب ثم هدرت بنبره متحشرجه أثر النوم:
_ افتكرتك نايم
مد هو كفه لها وهو يعتدل في جلسته قائلاً بخفوت:
_ هاتي..
وضعت حفصة جهاز التحكم في كفه ثم كادت أن تتحرك و لكن توقفت عن ذلك و جلست على أحد المقاعد تعقد ذراعيها أمامها ثم تحدثت قائله بنبره مبحوحه:
_ هتعمل ايه في حكايه يوسف و فاطمه !
قام هو بتشغيل التلفاز مره أخري وهو يقول بانزعاج:
_ مش عارف
أبتلعت هي ريقها وبصرها معلق بوجهه المرهق، تنفست بعمق وهي تقول بخفوت:
_ أنا كنت عايزه أتكلم معاك في حاجة..
وزع هو نظراته بينها و بين التلفاز قائلاً بترقب:
_ قولي
أبتلعت حفصة غصتها المريره وهي تتحدث قائله بنبره مهزوزة:
_ لو حابب يبقي عندك زوجه تانيه أنا معنديش مانع
أنكمشت ملامح صفوان و قام بخفض صوت التلفاز ثم ألقي جهاز التحكم بجانبه و تحدث بخشونه متوجس:
_ زوجة تانيه !
أومأت حفصة برأسها وقد ظهر الوجوم على ملامحها وهي تتذكر حديثها الأخير مع والدها الذي أخبرها أن طلاقها للمره الثانيه غير صحيح و أنه لن يكون راضي عن ذلك ولن يستطيع وقتها تحمل الكلمات اللاذعه التي سوف تقال في حقها من الجميع ..
فاقت من شرودها عليه يلوح بكفه أمامها قائلاً بضيق واضح في نبرته:
_ جيبتي موضوع الجواز التاني ده منين أنتي !
تراجعت حفصة في مقعدها تزيح خصله من خصلات شعرها إلي الخلف و تحدثت قائله بفتور:
_ سمعت والدتك وهي بتتكلم مع صفاء و أنا شايفه أن ده قرار مظبوط خصوصاً أن ظروف زواجنا غريبه.
أنهت كلماتها و عقدت ذراعيها أمامها تراقب تعبيرات وجهه ..
وجدت ملامحه منكمشه ظل صامتاً للحظات ثم هدر بنبرة منزعجه:
_ أنا كنت اشتكيتلك يعني !
كادت هي أن تتحدث و لكن وجدته يتابع كلماته قائلاً بجمود:
_ أنا لا هتجوز تاني و لا هطلق
ضغط على حروف الكلمه الأخيره و عينيه معلقه بمقلتيها المتوترين، ظلت هي صامته للحظات ثم حلت ذراعيها من أمامها قائله بأعتراض خافت:
_ أنت كده بتظلم نفسك على فكره
ظل هو صامتاً للحظات وقد رفع كفه الخشن يمسح على خصلات شعره قائلاً بنبره جامده:
_ مين قالك إني ممكن اكون بظلم نفسي ، مين قال ده..
حركت هي شفتيها ترغب في الحديث ، لكن لم تسعفها الكلمات وهي تري نظراته المصوبه نحوها، شبك هو كفيه في بعضهم ثم تحدث قائلاً بخفوت:
_ حفصة أنا عندي أمل إني أنا و أنتي هنقدر نستمر مع بعض بصوره طبيعيه
قبضت هي بكفها على حافة المقعد بتوتر و حدقته بنظرات واجمه ثم هدرت بنبره مهزوزه قليلاً:
_ أمل ، أنا صحيح..
توقفت الكلمات على طرف شفتيها و لم تسعفها الحروف لذلك نهضت من مكانها..
وجدته ينهض هو الآخر وقال بترقب يحثها على المتابعه:
_ قولي كل إلي عندك يا حفصة..
رغبت هي في التحرك من أمامه لكن وجدته يسد الطريق أمامها قائلاً بإصرار:
_ قولي يا حفصة ، قولي
أغمضت حفصة جفونها ثم عادت تفتحهم وهي تزفر طويلاً و نكست رأسها أرضاً وهي تقول بخفوت مقتضب:
_ أنا صحيح سامحتك..
التوي ثغره بابتسامة جانبيه و ظل صامتاً للحظات ثم قال بخفوت:
_ ده خبر حلو
مطت حفصة شفتيها و هي تعيد خصله من خصلات شعرها إلي الخلف و ظلت واقفه بصمت تحدقه بنظرات متوتره أثر نظراته الحانيه المصوبه نحوها..
٠٠٠٠٠٠٠٠
جلس مروان على ذلك المقعد يكور كفيه في بعضهم شارداً بوجوم فيما سردته زوجته منذ ساعتين..
فهي أخبرته بقصة المدعو خيري مع ابنة خالتها الذي تقدم لخطبتها و بعض التجاوزات التي كانت تري إياه يفعلها مع ابنة خالتها، حتي آتي يومياً و أراد أن يتجاوز معها هي الأخري..
أغمض جفونه بقوه وهو يستمع إلي صوتها المبحوح وهي تقول بتبرير:
_ أنا بس لما شوفته خوفت و افتكرت يعني.
تبعثرت الحروف في فمها وهي تري نظرات مروان الحاده وهو ينظر إليها قائلاً بنبره مشككه متحجره:
_ أنتي متأكده أن مفيش حاجه حصلت بينكم زياده عن إلي قولتيه !!
شهقت مروه بصدمه و تجمدت في وقفتها وهي تقول بتلعثم غير مستوعبه ما نطق به:
_ أنت بتقول إيه ، أكيد لأ هيحصل ايه و أنا..
تبعثرت الحروف في فمها وهي تجده ينهض واقفاً قائلاً بنبره قاسيه ضاغطاً علي الكلمات:
_آمال إيه إلي يخليه يتجرأ عليكي ، أكيد أنتي السبب صح ..
صعقتها كلماتها وقد أحمر وجهها غضباً و دون أن تشعر هدرت بنبره منفعله مهتزه قليلاً:
_ أنا السبب ازي يعني ! ، أنا حكتيلك كل إلي حصل ، ركز في كلامك يا مروان من فضلك..
قالت آخر كلماتها بنبره مختنقه وهي على وشك البكاء ثم تحركت بخطوات سريعة تخرج من الغرفه و قد أنسابت عبره حاره على وجهها تلهب إياه ..
يتبع