الفصل الرابع والعشرون

الفصل الرابع والعشرون ....
______________________

لكنني أبدًا لم اكن انوي ان اضرب حبيبك قط .
-  إدوارد ليس بحبيبي .
ازعجها شعوره هذا بالتفوق وكانت اجابتها اكثر حدة من تعليقه ..
ثم لم يعد في وسعها التراجع ، فقالت بغضب :
-  انه رجل متزوج واب لاربعة اولاد .
ردد بسخرية :
-  رائع ! اذن لا داعي لان اخشى غيرته .
ابتسم لاول مرة منذ ان جلسا الى الطاولة ،
ثم قال وهو يميل نحوها برأسه ويمد كفها محييًا :
-  و بما اننا على وشك ان نمضي السهرة معا وبايحاء منكِ ..
اسمحي لي ان اقدم لك نفسي .. اسمي دريك إرنستو .
ابتسمت بغيظ قائلة :
-  عزيزي السيد إرنستو ......
اثارت وقاحته اعصابها ..
بينما كان هو ينظر اليها بطريقة عبثية استعدت للدفاع عن نفسها ،
ليقاطعها بلُطف وبنبرة شقية :
-  دريك من فضلك .
ثم أكمل وهو يذم شفتيه :
-  بما اننا على وشك ان نعقد صفقة عمل .
اعترضت بغضب :
-  لكن هذا ليس صحيحا ، يجب ان تلغي هذه الفكرة فورا ..
انا لا أنوي ان امضي بقية السهرة معك على الإطلاق ..
ثم شعرت أن صوتها بدأ يعلوا ، فأخفضته وهو تقترب بوجهها منه قائلة :
-  يجب ان تعرف ان السبب الوحيد الذي حثني على التدخل ،
هو ان امنعك من افتعال المشاكل وهناك استثناء واحد يتعلق بوظيفتي ..
انا امثل شركة سياحية كبرى واقيم في هذا الفندق ،
وبامكاني ان امضي بعض الوقت مع بعض الرجال اليونانيين الذين يرغبون في التعاقد معنا ..
ثم سمحت لنفسها ان تبتسم حتى لا يشك أحد من حوله وعلى الأخص إدوارد :
-  لقد منحوني هذا الحق لانني امراة ،
على كل حال عندما تنتهي من شرابك والذي تعتبره الزاميا اهتمامي بك ينتهي !
و بامكانك وقتها ان تاخذ سلاحك معك الى المكان الذي جئت منه .
-  هل ندمت على تصرفك الشجاع يا حبيبتي ؟
تفحصها وهو مستغرق في تفكير حالم ،
ثم ليقترب بيده ليبعد خصلات شعرها عن جبينها قائلًا :
-  انا متاكد انك كنت تفضلين رؤيتي وسكين
إدوارد مغروزا في قلبي بدلا من ان ارحل مع سلاحي منتصرا .

اليس كذلك يا حبيبتي الجميلة ...

لم تكن عديمة الفهم لهذه الدرجة ولكنه قدر مشاعرها جيدا ،
ولم تستطيع انكار ذلك ،
ولكن من ناحية اخرى كيف تجرا على منادتها حبيبتي بتلك الطريقة وكانها مدينة له بإمتنان ،
مع ان الوقائع على عكس ذلك .
فهو مدين لها بأنها انقذته من مشكلة كانت ستؤدي به لقسم الشرطة ، كي يقضي ليلته هناك !
فكيف عكس الأدوار هكذا .. لا تفهم حقًا !
قاطعها من تعجبها لما يقول ، وقد بدت ملامحها ممتعضة للغاية :
-  إذًا إدوارد ليس حبيبك ؟
ثم هز راسه برضى تام قبل أن يُردف :
-  إذا ليس لديك حبيب ؟
-  ليس الان .
نطقت بسرعة قبل ان تدرك مغزى سؤاله الوقح ،
والذي كان من الافضل لها ان تتغاضى عنه .
ادارت راسها بعيدا عنه بغضب شديد لانها لم تتمكن من السيطرة على نفسها .
انفطرت قلبها حينما تذكرت انها فوجئت عندما اعلن فرانسيسكو عن فسخ
الخطوبة ،
ولم تتوصل بعد الى ان تفهم موقفه أبدًا .. ولكن ...
عضت شفتها وارتاحت عندما دنا منهما إدوارد حاملا معه شرابهما ..
مما خفف من حدة توترها قليلًا .
انتظر دريك إرنستو حتى انسحب
إدوارد قبل ان يطرح عليها السؤال العرضي .
-  هو يوناني ، اليس كذلك ؟
التفتت نحوه وقبل أن تتسأل عما قال ، قاطعها :
-  إنجليزي إذًا ؟!
قالت بتهذيب وصممت على الاتخوض معه في مناقشة رأيه حول النساء الأوربيات ..
-  _لا أريد حقًا ان اناقش شؤوني الشخصية معك .
رفع كأسه على فمه ليتشرف منه القليل ، قبل أن يقول لها بتفهم :
-  إذن ... دعينا نتحدث عن شيء اخر ..
ماذا تقترحين ؟ رحلات بحرية ؟
سألته باستهزاء :
-  لماذا ، هل لديك مراكب للايجار ؟
أخذ رشفة أخرى من كأسه وهو يغمز له بعينه بمشاكسة قائلًا :
-  سيكون من السهل ترتيب ذلك .
قالت له بعملية اعتادت عليها :
-  حسنا اذا .. إن كانت عندك اتصالات مفيدة ،
سوف أدون اسماءهم بالتاكيد .
همت بالوقوف ولكنه منعها بوضع يده على ذراعها ،
وهو ينظر لعمق عينيها قائلًا بصوت أجش :
-  سنتكلم عن هذا الموضوع لاحقا ..
ارغب الأن في احتساء شراب اخر معكِ ..
هل تتفضلين بمشاركتي ؟
وبحزم اجابته :
-  بالطبع لا .
ثم ابعدت يده عنها قائلة بجراءة :
-  أنا لا انوي أبدًا ..
ان ابقى هنا واراقبك طوال الليل ،
بما انك اوضحت رايك جيدا ،
فعليك إذن أن تنسحب بلباقة وتبحث عن مكان اخر يقبل الترحيب بك .
ابتسم لها بثقة قائلًا :
-  ولكنني اشعر بالترحيب هنا .
حدقت عيناه الزرقاوان بوجهها بفتور ،
ثم استقرتا على جسدها االمضطرب ،
ليقول لها بخفوت مؤثر لحواسها :
-  بإمكانك ان تجلسي ثانية يا حبيبتي ..
فلا يمكنك تركي وحيدا بعد ان تكفلتِ بوجودي ،
وبالطبع لا تتوقعين ان يطردني إدوارد بعد تلك الاكاذيب ، اليس كذلك ؟
تبا على تشبث هذا الرجل !
ترددت لورين للحظة ما بين حاجتها للهرب وبين اخذ الحذر حتى لا تعرض علاقتها الحسنة مع الادارة للخطر .
فيعتبر اصحاب الشركة السياحية انفسهم
محظوظين لانهم حصلوا على عقد حصري لزبائنهم القادمين من انجلترا مع فندق ال
غريكو الفريد من نوعه من حيث الماكولات والشراب للفخم والمميز .
ومن الضروري ان تظل على علاقة وثقة مع المدير العازم على ابقاء سمعة الفندق نظيفة
اذا أرادت ان تستمر في عملها هنا ..
رددت بغضب وهي تصك اسنانها :
-  هذا الوضع مستحيل !
وقد بدا الانزعاج الشديد عليها ،
فأرجعت خصلة شعر منسدلة الى الوراء باضطراب واضح ..
فقال لها دريك بهدوء :
-  لست انا السبب بذلك ،
بخلاف ذلك كنت ابحث عن مكان راقي ويبدو انني وجدته .
ثم اشار الى الكرسي الشاغر قائلًا لها :
-  اجلسي يا لورين واخبريني عن نفسك ،
فما يزال الليل في اوله واحتاج الى رفقتك الممتعة .
ثم رفع يده ليستدعي الساقي الشاب الذي جاء ليساعد إدوارد مؤخرا ،
كي يطلب منه شرابًا آخر ..
اطاعته لورين والغضب يتاكلها من الداخل ،
وما تزال غير متاكدة من نوع هذا الرجل الذي ربطت نفسها به وصممت على ألا تدعه يزعج إدوارد مرة ثانية .
ورغم غضبها الشديد إلا انه كان بالفعل رجلًا مدهشا بوسامته وبملامحه التي تنسب الى
المناطق الشرقية وراء حدود اليونان ،
الى عالم البدو الصحراوي .
ميزاته تثير العديد من النساء وهذا ما يعلل تصرفه الوقح ،
ورغم انها هي من قررت ذلك واسفت لانهالجلوس معه ، إلا انه يمثل صنفا من الرجال يغالون في تعصبهم الرجولي ،
ولان خبرتها في التعامل مع أمثال هؤلاء قليلة فهي حائرة بشكل كبير ،
فهو ليس من النوع العادي الذي اعتادت مرافقته ، او حتى الارتباط به ،
فأمثاله نادرا ما كانت تتفاجأ بوجوده ،
لان اختصاصها كمرافقة للسياح لم يؤهلها لمعالجة هذا المزيج من الغطرسة والقوة .
كان صوته خفيضا ومهذبا ولغته الانجليزيه ممتازة ..
ولقد اظهر براعة لغوية لدى معرفته بلغتها الام .
كانت تعرف انها تجيد اليونانية التي تعلمتها من صوفيا ،
ومع ذلك اكتشفت انها لم تكن لغتها الاصلية .
كانت ستفكر فيه كمقاول لو انها لم تتفحص يديه .
لكن يديه !
على الرغم من انهما نظيفتين مقلمتين الاظافر ،
الا انهما تبدوان راحتا يديه قاسيتين ومتشققتين !
ولذلك اظهرتاه كعامل وليس كرجل ثري ..
ارتجفت عندما لمس ذراعيها الناعمتين ، وهي تقول :
-  ليس هناك الكثير لأقوله لك ..
وكما قلت لك منذ قليل ،
أنا اعمل كمرافقة للسياح لدى شركة سياحية انجليزية كبرى .
سألها باهتمام وهو ينهي كأسه :
-  منذ متى وأنتِ هنا ؟!
اجابته وهي ترفع كأسها على فمها ،
عله يدفء جسدها البارد المتوتر من هذه الجلسة :
-  منذ ثلاثة اشهر عندما افتُتح هذا الفندق .
ابتسم لها متسائلًا :
-  والى متى تنوين البقاء هنا ؟
اجابته بحيرة :
-  لست متاكدة .
ثم هزت كتفيها بضعف ،
لقد كان مستقبلها واضحا لها إذا لم يكن احد ينتظر عودتها في انجلترا ..
رددت بضيق ظهر جلياً على صوتها :
-  حتى انتهاء الموسم ..
لقد توفيت امي من جراء مضاعفات تلت اصابتها بنزلة صدرية بعد ولادتها لي بفترة قصيرة .
ثم اكملت بحزن :
فذهب ابي الى الولايات المتحدة وتركني مع جدتي ..
تزوج هناك عندما اصبحت في الحادية عشرة من عمري ،
ارسل بطلبي بعد عدة اشهر ولكنني لم استطع ترك صوفيا التي اصبحت في ذلك بمثابة ام لي ...
توقفت لتسترجع ذكرياتها مع صوفيا ولم تتمكن من التحدث عنها برباطة جاش .
تكلمت بعد عدة لحظات بآسى شديد ، وهي تتذكر جدتها :
-  اخبرتني صوفيا الكثير عن طفولتها لدرجة ،
لدرجة أنني قررت ان ارى الاماكن التي كانت تريد أن أذهب إليها بنفسي ،
فقد كانت تعشق السفر والترحال ، لذلك حين اتممت السابعة عشر بدأت أول رحلة لي ،
وبعد عدة سنوات تعرفت على رجل أعمال في مجال الفنادق يسمي تيوان كارتر ،
عملت معه سنوات كثيرة ، وكنت انتقل معه لبلاد كانت تحكي لي جدتي عنها ،
حتى استقر في سيدني لبعض الوقت ، وهناك قرر شراء مجلة كبيرة ، وتعينت بها مديرة تحرير ،
كان يريد لي الزواج و الاستقرار ، ولكني لم استطيع العيش هكذا ..
فعملت في هذه الشركة السياحية ، وجئت إلى هنا ،
فهذه الجزيرة كانت آخر وأفضل مكان تمنت الذهاب إليه ،
لان عائلتها كانت تسكن هنا ...
سألها وهو يضع كأسه اعلى الطاولة :
-  وهل خاب املك ؟
ارتشفت الكثير من كأسها بمرارة ،
وهي تنفي له الأمر قائلة :
-  لا ابدا ..
لم تعد عائلتها تسكن هنا ..
ولكنني استطعت على الاقل ان امضي وقت فراغي في استكشاف الجزيرة التي وصفتها جدتي بحيوية .
ابتسمت اخيرا وشعرت ان الوقت قد حان كي تستجوبه بدورها بما انها مرتبطة به حتى يكتفي منها ،
فسألته بإهتمام :
-  وماذا عنك ...... هل تعيش هنا ؟
رفع كتفيه وهو يجيبها :
-  مؤقتا .
كانت اجابته مقتضبة وهو يحول انتباهه ،
الى مجموعة صغيرة من الموسقيين الذين بداوا بترتيب معداتهم على منصة عالية في وسط القاعة .
قالت لها لورين :
-  تسلية جميلة في الطريق .
نظر اليها وتاملها من جديد وهو يقول لها :
-  يبدوا ان اختياري لتمضية السهرة هنا كان صائبا .
تمتمت بغيظ ..
" تبا على تشبث هذا الرجل ! "
ثم سألته بلطف وهي تدرك رفضها لتقييمه الحسي الذي اخضعها له :
-  هل عائلتك معك هنا ؟ اي زوجتك اولادك ؟
اجابها وهو يحول انتباهه الكامل لها :
-  تعيش عائلتي على جزيرة كافوس في سيكلادس .. ربما سمعت بها .
اجابته باقتضاب :
-  لا .
هزت لورين راسها بانزعاج لانه يحترم حياته واسراره
الشخصية ..
ولم يشعر بالخجل من تصرفه تجاهها واستجوابه لها ،
وفوق كل ذلك هو متزوج !
ولكن حسب علمها اليونانيين انفسهم غير ملزمين لتبرير تصرفاتهم امام زوجاتهم .
ظل ينظر إليها بتعجب ، فكيف تعمل بالسياحة ولا تعرف جزيرة كافوس ؟!
رفعت زاوية فمها بتهكم وهي تقول :
لما تحدق بي هكذا ؟! ايجب علي ان اعرفها اعرفها ؟
ردد بعجرفة :
-  الا اذا كنت مجتهدة في مادة الجغرافية ،
وتعملين في مجال السياحة والرحلات ..
وبخها البريق الذي في عيني دريك بطريقة ساخرة على جهلها ،
ثم قال لها :
-  على العموم .. انها جزيرة صغيرة .
تعمد ان يتجاهل استنكارها وتابع بروية :
-  لقد كانت فيما مضى ملجا للقراصنة اليونانيين ،
اما لان فهي بلدة صغيرة يحاوطها مرفأ ،
وبها العديد من الشواطئ الرملية ..
وعلى وكالات السياحية العالمية ان تكتشفها بما انه لا يوجد فيها طرق كثيرة ولا مهبط للطائرات ..
ولكنها تناسب والدي وزوجته كثيرا اما بالنسبة لزوجتي واولادي ...

تردد وكانه يدعوها لتشجيعه وعندما لم يلق منها اي ردة فعل تابع :
-  اعترف بانني كنت فاشلا في ذلك المجال ،
مع انني كنت خاطبا عندما كنت في التاسعة من عمري ،
لابنة أحد اصدقاء والدي في الجزيرة .
هز كتفيه وهو يصب شربًا في كأسه مرة أخرى ، ليستطرد :
-  كانت قد ولدت لتوها ..
فقد حددوا موعد الزواج عندما تبلغ سن الرشد ،
ولكنني لم اخذ تلك التدابير على محمل الجد .
تلالات عيناه بثقة تامة وتابع :
-  لا يمكن ان ينتظر شاب كل ذلك الوقت حتى يحصل على زوجة ،
واخشى انني وجدت العزاء في اماكن اخرى ،
ولاحظت بعد فوات الاوان ان خطيبتي كانت لديها خططا اخرى لا تشملني على الإطلاق ..

تنهدت وهي تتذكر فرانسيسكو ..
هل بالفعل قد وجد شخصا اخر غيرها كما فعلت خطيبته ؟!
بالطبع لا ..
إن ظروفها تختلف عنه كليًا ..
فهي كانت قريبة جدا من فرانسيسكو في انجلترا ،
ولقد ارتبطتا ببعضها البعض عقليا وعاطفيا ، او هكذا تخيلت !
ام انها حاولت أن تقنع نفسها بذلك لانهما خططا لمستقبلهما معا .

اجبرتها المعاناة على اغماض عينيها للحظة
عندما اخترقت حقيقة خيانة فرانسيسكو لها ..
لقد سقط درع ضبط النفس الذي نصبته لنفسها بعد ان قرات رسالته ذلك الصباح .
هل هي راضية عن نفسها الآن ؟
هل تسرعت في رهن البيت لحسابهما معا ؟
يبدو انها كانت تعيش حياة زائفة معتقدة ان فرانسيسكو سيبقى مخلصا لها كما كانت هي مخلصة له .
الان عليها ان تدفع ثمن سذاجتها ..
يريد فرانسيسكو ان يشتري حصتها في تلك الملكية التي طالما اعتبرتها بيت المستقبل ،
وبما انها دفعت ما توجب عليها من الميراث
الصغير الذي تركته جدتها لها ،
ولاحظت بحزن انها لن تتمكن من شراء بيت ثان بما تبقى منه .
عليها ان تبحث عن بيت تستاجره عندما تعود الى انجلتر ....
-  على المرء ان يثق بالشخص قبل ان يسلمه
نفسه ربما ؟
قاطع صوته الناعم اافكاره ..
لتجيبه بثقة لم تنتهي بعد ، حتى بعدما حدث لها ، فهي مازالت تعتقد أن الأفضل بالتأكيد قادم لها ، لأنها بالفعل تستحق ذلك :
-  لا انت على خطأ سيد إرنستو !
الحب عطاء قبل كل شيء ،
ولا يمكننا ان نسيطر على العواطف عندما نشاء ..
ثم ابعدت نظرها وحدقت الى يديها عندما صعقتها الحقيقة من خلال كلماتها .
وجدت نفسها تحلل علاقتها بفرانسيسكو لاول مرة هل كانت مبنية على اساس الصداقة والتوافق الاجتماعي فقط ،
كما ادعى فرانسيسكو في رسالته إليها ؟!
اقترب بوجهه منها وبنبرة صدق عميقة قال لها :
-  فلسفتك رائعة لورين ..
ولكنها ليست كافية لاخفاء الم الفراق خصوصا في حالتك اليس كذلك ؟
تأملها دريك وجهها وهو يذم شفتيه ،
ثم فاجاها بسؤاله المهذب هذا ،
لقد اعتقدت بانها استطاعت ان تخفي المها جيدا ..
افتراض خاطئ منها ..
وخصوصا انها في مواجهة شخص حاد الذكاء .
فرددت بآسى وهي تمرر اصبعها على شكل دائرة اعلى حافة الكأس :
-  لم اعتد بعد على الفكرة .
وتمنت لو انها لم تناقش علاقتها الغرامية مع هذا الغريب المزعج ، ولكنها ورغم ذلك قالت له بنبرة تأثر :
-  وصلتني رسالة من فرانسيسكو هذا الصباح ،
ومفاداها كان انه قداعاد ترتيب خططه المستقبلية دوني ..
تمتم وهو يرجع كرسيه الى الوراء ويقف :
-  هذا افضل من ان يغير رايه بعد الزواج .
رفعت رأسها لتتلاقي اعينهم وهي تقول له :
-  اذا انت راحل .
وهمت بالوقوف حتى تودعه بتهذيب بما ان محنتهها على وشك ان تنتهي .
-  ليس بعد .
رددها وهو يُمسك كفها الممدودة برقة ، ثم
تالقت عيناه بوميض مهيب بعد ان حطم امالها ، وهو يقول :
-  كنت على وشك ان اطلب منك مشاركتي
في الرقص .
جحظت عينيها وهي تردد :
-  الرقص !
لتعترض وهي تحاول أن تنزع كفها من بين يديه :
-  لا اعتقد بانها فكرة حسنة ،
أنا لا اتحمل الاضواء الوميضة فهي تفقدني توازني .
لم تكن سوى الحقيقة كانت تنزعج منها دائما حتى انه كان يغمى عليها في بعض المناسبات وماذا سيحصل لها الان ؟
وضعه يده الآخرى على خصرها وهو يقول لها :
-  لن اتمادى لورين .. اعدك .
اضعفتها نظراته المثيرة وهو يبتسم ويقربها منه ببطء وترقب .
كان وسيما جدا وعرفت انها لن تستطيع ان تتحمل باقي الامسية وهي بين ذراعيه تراقصه بدفء ..
فهي أبدًا لن تسمح لهذا اليوناني المتجول ان يستعملها لمجرد ليلة ،
بعدما ان انقذته من وضع محرج !

________________________
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي