السابع والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم
لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

رواية عبق الماضي
بقلمي روز آمين

الفصل السابع و العشرون

نظرت ثِريا إلية و شعرت بأن روحَها قد رُدت إليها من جديد بفضل رؤياه البهية  ،  أسرعت إليه و بدون وعي منها أو إدراك لمن هم حولها وجدت حالها ترتمي لداخل أحضانه و تحتمي به من مرارة الأيام و قسوتها عليها ،  لم يشعر هو الاخر بحاله ،  حاوطها بذراعيه و شدد من ضمتهِ لها مُقبلاً مقدمة رأسها و هو يشتم عبيرها بجنون  ، متناسياً غضبته و غيرته التي إنتابته مُنذُ القليل

و تحدث إليها بنبرة عاشقه مشتاقه ٠٠٠ حمدالله علي السلامة يا حبيبتي 

أجابته و هي مُغمضة العينان و كأنها تُريد أن تتناسي العالم بأكمله داخل أحضانه ٠٠٠ وحشتني يا أحمد  ، وحشتني أوي

كُل هذا كان يحدث تحت أعين ذاك المغروم و عنوةً عن قلبه حزن داخلهُ و تألم بعدما رأي شوقها الجارف لحبيب صِباها و فارس أحلامها الوحيد

نفض رأسه من تلك الأفكار و أستغفر ربه و طلب منه السماح و العفو و المغفرة عن تلك المشاعر التي لا حيلة لهُ في تحريكها و يعلم الله علم اليقين أنه دائماً ما يُحاربها و بشدة و لكن يبدوا أنها تأصلت حتي بات عشقها يتحرك داخل عروقة و يسري كسريان الدمِ داخل الشُريان 

تحرك هو إلي والدته أولاً و أحتضنها و بعدها أطفاله ثم منال الذي إحتضنته بحنان قائلة ٠٠٠حمدالله علي السلامة يا سيادة العقيد

إبتسم لها بهدوء و رد عليها قائلاً و هو يُربت علي كتفها ٠٠٠ الله يسلمك يا منال

ثم إلتفت بوجههِ إلي شقيقه و أردف متساءلاً بنبرة حنون ٠٠٠ صحتك عاملة أيه الوقت يا أحمد  ،  يا تري إتحسنت علي الدوا الجديد اللي كتبهُ لك الدكتور الفرنسي  ؟

و بصعوبة بالغه تحامل علي حاله و أزال من داخلهُ شعور الغيرة الذي يسكنهُ كي لا يحمل أي ضغينة لشقيقه و الذي يجزم أنهُ لم يحمل له بداخله إلا كل الحب و الخير

و تحدث بهدوء ٠٠٠ الحمدلله  ،  حاسس إني أحسن من الأول بكتير 

إبتسمت له متيمتهُ التي كانت تحتضن صغيرها رائف و تُزيدهُ من القُبلات الشغوفه و أردفت قائلة بسعادة ظهرت علي وجهها ٠٠٠ الحمدلله يا حبيبي  ،،  أنا متفائلة جداً بالدكتور ده و إن شاء الله الشفا هيكون علي إديه بأمر من ربنا

أردفت مُنيرة قائلة بتفاؤل ٠٠٠ إن شاء الله يا ثُريا

تبادل الجميع السلام و تحركوا إلي الداخل و جلسوا

نظرت منال إلي ثُريا و تساءلت بإهتمام  ٠٠٠ ياتري الباشمهندس حسن عامل اية الوقت يا ثُريا  ؟

أجابتها ثُريا بإبتسامة هادئة  ٠٠٠ الحمدلله أحسن كتير

ثم أسترسلت حديثها بإبتسامة واسعه و هي تتنقل النظر بين الجميع ٠٠٠ عندي ليكم خبر هايل و إحتمال كمان ما تصدقهوش

حول الجميع أبصارهم إليها و أنتظروا باقي حديثها بترقب  ، قاطعها عز مُداعبً إياها بإبتسامة ٠٠٠أقولهم أنا

قاطعته بإبتسامة سعيدة تحت إستشاطة أحمد و منال التي إشتعلت النار بداخلها غيرة علي رجلها الذي دائماً ما يغمر تلك الثُريا بالدلال و المداعبة أما هي فدائماً ما يُعنفها و يحاسبها حتي علي خروج النفس من داخلها،، هكذا حدثتها نفسها

رمقته ثُريا بنظرة لائمة مصطنعه و أردفت قائلة ٠٠٠ و بعدين معاك بقا يا عز

أجابها مبتسماً غير مستوعب كمية النار الشاعله داخل قلبي أحمد و منال ٠٠٠ خلاص يا ستي أديني سكت  ،  إتفضلي قوليلهم علي المفاجأة الغير متوقعة

تبادلت النظر بين الجميع و تحدثت بنبرة حماسية ٠٠٠ بابا وافق علي خطوبة حسن و البنت اللي بيحبها ،  مش بس كدة ،  ده كمان راح لبباها إنهاردة و طلب منه إيدها رسمي

تهلل وجه عبدالرحمن و مُنيرة التي تحدثت بسعادة ٠٠٠ اللي عمله أبوكي ده عين العقل علشان نفسية حسن تتحسن ،

و أكملت بتمني ٠٠٠ ربنا يتمم شفاه علي خير و يقوم لنا بالسلامة و نفرح بية

نظرت ثُريا إلي أحمد و أحتضنت كف يده و تساءلت بإهتمام ٠٠٠ أية رأيك يا أحمد في المفاجأة الحلوة دي  ؟

أجابها بإبتسامة سعيدة لأجل سعادتها التي إرتسمت فوق ملامحها ٠٠٠ مفاجأة حلوة أوي  ، ألف مبروك يا حبيبتي 

أما منال التي نزل عليها الخبر كصاعقة، فهي دائماً يوهمها خيالها أن تلك الزيجة ستؤثر علي مستقبل أطفالها ، فتحدثت بإستهجان و نبرة إعتراضية ٠٠٠ و بباكي وافق إزاي بعد كل اللي حصل من إبن عمها ده  ؟

وجه عز بصرهِ إليها سريعً و رمقها بنظرات محذرة فابتلعت ما تبقا من كلمات داخل جوفها و فضلت الصمت حفاظً علي كرامتها التي حتماً ستُهدر علي يده،، و أيضاً كي لا تستدعي غضبة و يُعيد تجربة هجرهُ لها من جديد

أما راقية التي تحدثت بإستهجان ٠٠٠ غريب أوي تصرف عمي محمد ، بقا اللي كان رافض الفكرة من الأساس و مانع أي حد يفتح معاه الموضوع ، فجأة كده يوافق بعد إبن عم البنت ما كان هيموت إبنه لولا ستر ربنا  ؟

تحدثت مُنيرة بحده بالغة ناظرة لزوجتي نجليها اللتان دائماً ما تتدخلان فيما لا يعنيهما ناهرةً كلتاهما ٠٠٠ و بعدين معاكي إنتِ و هي  ،  ده بدل ما تفرحوا إن الهم و النكد اللي عيشنا فيه طول الشهور اللي فاتت دي هينتهي و بالنا هيروق ،  قاعدين تحققوا زي ما نكون قاعدين في النيابة ؟

ثم نظرت إلي ثُريا و تحدثت إليها بإشفاق علي حالتها ٠٠٠ قومي يا بنتي إطلعي علي شقتك غيري هدومك و نامي لك شوية،  شكلك تعبان و عامله زي ما تكوني مكنتيش بتنامي هناك

أجابتها بتأكيد علي حديثها  ٠٠٠ أنا فعلاً منمتش كويس من وقت ما سافرنا ، كنا بنرجع بالليل علي الأوتيل أنا و ماما متأخر جداً و يدوب ننام كام ساعة و نقوم بسرعة علشان نروح نتطمن علي حسن و نشوفه فاق و لا لسه

أردفت مُنيرة ٠٠٠ غمة و إنزاحت يا بنتي، الحمدلله

ثم وقفت و هي تُمسك بإحدي يديها طفلتها يُسرا و بالأخري صغيرها رائف ثم نظرت إلي زوجها الغالي و تحدثت إلية ٠٠٠ أنا هسبقك علي فوق أنا و الاولاد يا أحمد

وقف هو متلهفً لها و أردف قائلاً  ٠٠٠ أنا جاي معاكم يا ثُريا

ثم صعدا الدرج معاً و ما أن دلفا إلي مسكنهما حتي جذبها إلي داخل أحضانه و بات يُشدد من ضمته لها بتملك و جنون تحت إستغرابها و سعادتها بنفس الوقت

             ○○○○○○¤○○○○○○

في ظهر اليوم التالي

ذهبت تلك العاشقة إلي متيمها بقلبٍ يطير هائماً كي تري عيناه و تطمئن أنه قد أصبح بخير ،، دلفت للداخل بصحبة والدها و جدتها العجوز التي تستند علي عكازها الخشبي

إنتفض داخلة حين رأها ساطعة أمامه مثل شمشٍ في ضحاها ، إقتربت عليه الجَدة كي تطمئن علي حالته و تحدثت إليه بإبتسامتها الحنون لوجهها الطيب ٠٠٠ حمدالله علي سلامتك يا ولدي

أجابها بإحترام و وجهٍ مُبتسم ٠٠٠ الله يسلمك يا جدتي  ، تعبتي نفسك ليه بس

أجابته مبتسمه ٠٠٠ تعبك راحه يا ولدي  ،  المهم إني إطمنت عليك

و أيضاً دياب الذي إقترب عليه و تساءل بإهتمام ٠٠٠ عامل أيه إنهاردة يا باشمهندس؟

أجابهُ بهدوء و آحترام ٠٠٠ الحمدلله يا عمي،  أحسن لما شفتكم

ثم جاء دور العاشقان كي تلتقي العيون و تتحدث بمقالها  ،  أفسح لهما الجميع المجال و آبتعدوا قليلاً ،، فآقتربت هي و تحدثت عيناها إلية بعدما أحتضنت كل إنش بملامحه 

تحدث هو إليها بنبرة لائمة ٠٠٠ هٌنت عليكِ تسبيني كل الوقت ده من غير ما تسألي عليا ؟

أجابته بلهفة سريعً ٠٠٠ ما سبتكش لحظة من يوم اللي حصل لحد ما أتأكدت إنك بقيت كويس

اجابها بعيونهُ العاشقه التي تَسحِرُها ٠٠٠ و مين قال لك إني ببقا كويس ووأنتِ بعيدة عني؟

إبتسمت خجلاً فزادت من إستشاطت قلبه و كيانه و تحدث بنبرة هائمة متناسياً بعيونها العالم من حوله  ٠٠٠ وحشتيني يا بسمة ،، وحشتيني أوي

أجابته بنبرة حنون  ٠٠٠ حمدالله على السلامة يا باشمهندس

رد عليها بنبرة هائمة ٠٠٠يا عيون و قلب الباشمهندس

نظرت لهُ محذرةً إياه كي تنبههُ إن لم يكن يشعر بمن حولهما ٠٠٠و بعدين معاك يا حسن ، ياريت تاخد بالك إن الكل بيبص علينا 

أجابها مُبتسمً ٠٠٠ خلي اللي يبص يبص براحته، إحنا مبنعملش حاجة غلط  ، 

و أكملَ بإعتزاز و تفاخر ٠٠٠ إنتِ خلاص بقيتي خطيبتي رسمي و إن شاء الله أشد حيلي بس شوية كدة  ،،  و تبقي حرم حسن المغربي و فرحة أيامة اللي كانت محجوزة له

إبتسمت خجلاً و قضا معاً وقتً معلوم ثم عادت إلي منزلها بصحبة جدتها و والدها و سعادة قلبها العالية

و في اليوم التالي ذهب حسن بعربة المَشفي بصحبة عائلتهُ إلي مطار أسوان حيث إستقل الجميع الطائرة الخاصه المُجهزة لأية طوارئ تحدُث إلي حسن  ،،  عائدين إلي منزلهم بسلام بصحبة ولدهم الغالي العائد من الموت،، الشاطر حسن


و بعد مرور أكثر من سبع شهور علي واقعة طعن حسن و بعد أن شُفي تماماً من إصابته

ليلاً داخل محافظة أسوان الحبيبة و بالتحديد داخل ساحة منزل دياب كانت جميع عائلة المغربي و معارفهم حاضرون الزفاف  ،، إلا من أحمد و ذلك بسبب تأخر حالته الصحية و ثٌريا التي رافقت مٌتيمها كي لا يبقا وحيداً داخل منزل العائلة

كانت الجدة قد صممت علي إقامة حفل زفاف حسن و بسمة داخل منزلهم المتواضع كي يٌشاركها الأهل و الأحباء فرحة زواج حفيدتها الغالية رٌغم حٌزنها الذي مازال قائمً علي حفيدها و إبن غاليها

و برغم نية صلاح المغربي السابقة بإقامة الحفل داخل أكبر فنادق أسوان و ذلك ليتناسب الوضع مع ضيوفهٌ التي حضروا من الاسكندرية كي يحضروا عٌرس نجل المغربي  ،  إلا أنهٌ وافق مٌرغمً علي طلب الجدة لإقامة حفل زفاف بسيط داخل منزلها كي لا يٌحزنٌها و كي تقوم بإكرام ضيوفها علي أكمل وجة من حيث مقدرتها مثلما طلبت هي

و قد وافق صلاح دون إعتراض منه و ذلك لإنتواءة أخذ ولده و عروسه في الصباح الباكر و العودة بهما إلي محافظة الأسكندرية حيث سيقيم له حفلٍ أخر هائل داخل إحدي كٌبري قاعات الأفراح لكي يدخل السرور علي قلب نجلة و عروسه ، و أيضاً لحضور و مشاركة رجال الدولة و والمال و الأعمال الذي بعث لهم دعوات لمشاركتة فرحته بنجلة العائد من الموت

يُتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي