٤

إتسعت عيني نادر وفتح فمه من هول الصدمة، ثم إبتلع ريقه وسأله عاقداً حاجباه وهو لايصدق ماسمعه وصاح
"ماذا؟"
فرد هشام الذي رمى بنفسه على الأريكة وقال وكأنه يبرر الأمر
"أنـ أنا أردت معاقبتها فقط، خطفها، إخافتها، لكن ليس هذا، لا أعلم كيف فعلت هذا، ربما بسبب الخمر ، أو ، لا أعلم ، أنا لم أرد أذيتها، أنا حتى لا أعرفها".
أغمض نادر عينيه بقوة لبرهة وكأنه يحاول أن يستوعب الأمر، ثم أخذ نفساً عميقاً وزفره وإقترب من هشام وسأله بهدوء
"هشام، إسمعني، فكر جيداً، ربما فعلاً لم تفعل شىء، ربما فقط هيئت الدنيا لتخيفها فقط ومع الخمر ظننت أنك فعلتها، تذكر أرجوك، فكر جيداً"
نظر له هشام لبرهة ثم أشاح بوجهه بعيداً عنه وكأنه يفكر، ونادر ينظر له بترقب لكن بالنهاية هز هشام رأسه بالنفي والآلم والندم يملأن ملامحه
"لا لقد فعلتها لقد فعلتها"
وراح يضرب رأسه بقبضة يده، أسرع نادر وضمه له والقلق والحيرة يملأن كيانه
"إهدأ ياهشام ، سنجد حلاً، سنجد حلاً"..........
************
جلست سارة بعد خروج هشام في مكانها على السرير، مذهولة وتبكي وإزداد بكاءها أكثر بعد خروجه من الغرفة، ورغم صغر مساحة الشقة إلا أنها لم تستمع جيداً لحديث هشام ونادر، لم تنتبه حتى لمجيئه من شدة بكائها وهي تتمتم "لا يمكن ، لايمكن، يا إلهي، هذا حلم، لماااااااا" وإجهشت في بكاء عميق.......
ظل الأمر على حاله لأكثر من ساعتين ، هي تبكي ولا تعلم ما الحل وهو يجلس خارج الغرفة مع نادر في صمت، وكلاهما يفكران في حل للأمر وكأن الصدمة شلت تفكيرهم وأعمتهم طوال الساعتين عن الحل الوحيد والأمثل لهم..........
(ظللت لساعتين أبكي، قلبي يؤلمني وذكرياتي مع والديا وإخوتي تجوب برأسي، وقلبي يكاد ينفجر عند تفكيري بيوسف...حبيبي وخطيبي وأكثر مايقلقني هو ردود أفعالهم، ما الذي سيحدث بعدما يعرفون هل سيغضبون مني، هل سيسعون للإنتقام منه ، أم أني سأعود لوحدتي لبريطانيا وأنسى أمر كل من أحببتهم......آآآه يإإلهي ، هل هذا عقاب لأني إنجذبت لهذا الشاب بالأمس، لكن الأمر لم يتعد الدقائق حتى، وتخلصت منه....لما ياإلهي لما....)
رفع نادر وجهه ونظر لهشام، كان يجلس شارداً ينظر إلى لاشىء دون كلمة أو حركة، حتى أثار الأمر قلق صديقه...
"هشام، هل أنت بخير؟"!
سأله بقلق ليطمئن عليه، لكنه لم يجب ولم يفعل شىء سوى أنه هز رأسه بالنفي، عقد نادر حاجباه وتنهد ثم سأله "هل توصلت لحل؟ " لم يجبه أيضاً، ثم أسند رأسه على راحة يده وصمت....
*********
"إهدئي يافتاة يجب عليك التفكير فيما ستفعلينه....حسناً أولاً عليك إرتداء ملابسك
" قالت سارة لنفسها وهي لاتزال تبكي ثم نهضت من على السرير لتبحث عن ملابسها، وراحت تنظر هنا وهناك وهي تتمتم
"أين هي؟"
وبالأخير نظرت نحو خزانة الملابس وفتحتها فوجدت ملابسها موضوعة، مرتبة ومعلقة بعناية لا يوجد بها قطع أو خدش، قطبت جبينها وأخرجتهم وقالت
"ما الذي يعنيه هذا؟!، هل كنت راضية عن الأمر؟! "ثم هزت رأسها بالنفي وصاحت "قد كنت مخدرة، ياإلهي لا أذكر شىء " وكادت تجلس لتبكي مرة أخرى لكنها تماسكت وراحت ترتدي ملابسها....
*********
ظل هشام جالساً على الأريكة شارداً، ونادر على الكرسي بجواره يطأطأ رأسه وهو يفكر، حين فوجئوا بخروج سارة من الغرفة فإنتفضا كلاهما ووقفا،... في البداية إرتبكت حين رأت نادر لكنها عرفت انه على علم بالأمر فتجاهلته، وإتجهت مباشرة نحو هشام...
"أنت، أخبرني الآن أنك لم تفعل شىء، أن كل مافي الأمر أنك أردت أن أظن هذا، وصدقني سأصدقك "
صاحت بنبرة تهديد ورجاء في ذات الوقت، نظر إليها لبرهة، لايعرف كيف يريحها ورد بهدوء
"وهل إن فعلت سيعيدك هذا لتكوني عذراء مرة أخرى؟"
نظرت له وقد غطت الدموع عينيها أكثر حتى فاضت منهما على وجهها وقالت
"ما الذي تقوله؟" وصرخت بوجهه "مالذي تقوله"
وراحت تضرب بقبضتيها على صدره وهي تصرخ
"أيها المجرم، أيها الحيوان، مالذي فعلته، مالذي فعلته، لما "
أما هو فوقف يتلقى ضرباتها مستسلماً لها وهو يضغط على قبضته وذراعيه إلى جواره ، وقف نادر ولمس كتفها ليهدئها ويقول شىء، لكن ما أن لمسها حتى إنتفضت في مكانها فأسرع هشام ووقف بينهما وظهره لها وكأنه يحميها من نادر وقال
" نادر أرجوك إجلس الآن، لها الحق في كل ماتفعل وأكثر"
أما هي فسقطت على المقعد ودموعها كشلال حتى تورمت عيناها وتكاد لا ترى أمامها...
"الزواج، إسمعوني كلاكما عليكم أن تتزوجا هذا هو الحل الوحيد"
قال نادر لهما وهشام يقف أمامه وخلفه سارة جالسة على المقعد تبكي، نظر له هشام قليلاً ثم أومأ برأسه بسرعة بالإيجاب والموافقة على الأمر، ثم تنحى جانباً ليرى ماهو رأي سارة، فرفعت وجهها وهي لاتزال جالسة على المقعد تبكي وضحكت بتهكم، بإحتقار ردت وهي تشير لهشام
" نتزوج!، أتزوج به؟!"
ثم مسحت دموعها بظهر بيديها ووقفت وقالت
"أنا لدي الحل ياسيد، الحل أني سأخرج الآن وفوراً نحو القسم وسأبلغ على هذا الحيوان"
وأكملت وهي تصرخ وتبكي
"ليقتلوه أو يقضي حياته بالسجن من جراء أفعاله، لا أن أربط حياتي بحيوان مثله وأتعذب معه طوال عمري " وإنطلقت نحو باب الشقة لتخرج...
"حيوان ، حسناً سأريك الحيوان"
قال هشام بغضب وهو يستمع إليها ثم هز رأسه بالإيجاب واتجه نحوها وقد أمسكت بمقبض باب الخروج وتهم لتفتحه ثم صاح
"حسناً سأريك الحيوان "
وبثوان كان قد أمسك بذراعيها وحملها رغمً عنها، ودخل إلى الغرفة الداخلية بالشقة، وألقاها على السرير وصاح بها
"إسمعي إما الزواج إما لا خروج لك من هذه الغرفة أبداً "
ثم تركها وأوصد الباب عليها بالمفتاح، فأسرعت هي خلفه وراحت تضرب على الباب وهي تصيح
"إفتح أيها الحيوان، إفتح لن أكون لك، أتسمعني لن أكون لك "
ثم راحت تبكي حتى سقطت على ركبتيها وهي لا تزال تضرب على الباب الموصد...
"هشام، رفقاً بها، الأمر فظيع"
قال نادر له بعدما خرج، نظر له هشام وعيونه يملأها الآلم ورد بهدوء
"أعلم....وأعلم أنها بصدمة الآن، وأنا أكره نفسي لما فعلته، لكن الآن عليّ حمايتها يانادر، هي لاتفكر جيداً، أنا لم أحبسها رغم عنها لأني أخشى على نفسي، فهي لا تعرف عني شىء، أسمي ، عنواني هنا، لا شىء .... إن ذهبت للقسم ماذا ستقول وأنا ليس لدي أي سجل إجرامي، وأهلها ماذا سيفعلون، هل سيقتلونها أم يخبئونها وإن فعلت ماتريد وذهبت للقسم، كيف ستكون نظرة الجميع لها....هي لا تفكر جيداً وعلي حمايتها ولو رغم عنها"
نظر له نادر قليلاً ثم تنهد وأومأ برأسه بالموافقة
"ماذا عن الجيران، كل هذا الصراخ والنحيب ألن يلفت إنتباه أحد" سأله فأجاب هشام
" المنطقة المجاورة هي منطقة مصانع ، اليوم عطلة وفي الغد أصوات الماكينات تعلو فوق أي صوت، والجزار وزوجته رأيتهم في الصباح ومعهم حقائب سفر، وعلى ما أظن سيسافرون لأهله بالصعيد وأعتقد كالمعتاد سيظلون هناك لأكثر من ثلاثة أشهر
نظر نادر قليلاً لهشام ثم أومأ برأسه بالموافقة وقال
"أعتقد إذن أن الأمور تحت السيطرة "
هز هشام رأسه بالإيجاب وتنهد وهو يشيح بوجهه بعيداً عنه، رفع نادر معصمه ونظر إلى ساعته وقال بحرج
"هشام أعرف أن علي البقاء لكن الساعة قد قاربت التاسعة وعليا العودة لزوجتي أنت تعلم أنها على وشك الولادة وهي وحدها"
فرد هشام بسرعة وهو يقدر الأمر
"بالطبع بالطبع أنا أعلم "
ثم ربت على كتف نادر ووضع يده على كتفه وهو يسير معه نحو باب الخروج وهنا إلتفت له نادر وقال
" أتحتاج مني شىء قبل أن أذهب ، هل أشتري لك شىء أو "
فقاطعه هشام وهو يهز رأسه بالنفي
"لا لا شكراً لك "
ثم إلتقط جاكته وقال وهو يرتديه على قميصه القطني، وراح يضع فيه علبة السجائر والمفاتيح وسجارة بفمه
"أنا سأنزل معك لأشتري هيا بنا، هيا" وخرجا كلاهما...
جلست سارة على الأرض بجوار الباب تسند رأسها عليه وتبكي، وقد سمعت هذه المرة حديثهما أن أحد لن يسمع إستغاثتها وأنها أسيرة هذا الرجل لكن ما أن سمعت صوت الباب بعد خروجهما....
"هيا، هل ستستسلمي الآن، هيا"
قالتها ومسحت دموعها ثم وقفت بسرعة وحاولت فتح الباب لكن لم تستطع، فأسرعت وراحت تبحث يمين ويسار عن شىء لتكسره به ، وبالفعل وجدت قضيب حديدي صغير، فأخذته وضربت به الكوة الزجاجية الصغيرة بالباب، ونظرت منها لتجد المفتاح بالباب، فأسرعت وبحثت عن ورقة لتمررها تحت الباب حتى تسقط المفتاح عليها لكي تسحبه بها، لكن مع الأسف المسافة بين الباب والأرض لاتكفي لمرور المفتاح، ومع هذا لم تستسلم بل أسرعت وأتت بكرسي وصعدت فوقه ومدت ذراعها لتأخذ المفتاح ، تمزقت سترتها وجرح ذراعها ، ومع محاولات مستميتة وصلت له وبالفعل أمسكت به لكن ما أن أخرجته من الباب....حتى سقط منها..
شهقت سارة ما أن وقع المفتاح، تملكها الذهول تجمدت مكانها ، أخر أمل لها في الهرب قد فقدته للتو، سحبت يدها ببطء وهي لاتستوعب ماحدث ثم نزلت من على الكرسي وجلست على السرير، وراحت تبكي بشدة وهي تضغط بيدها على الجرح بأعلى ذراعها....
  فتح هشام باب الشقة بصعوبة وهو يحمل عدد من الاكياس البيضاء الكبيرة المحملة بالبقالة، ودخل واغلق الباب خلفه بقدمه، وما أن وضع الأكياس على الطاولة حتى فوجىء بمنظر الزجاج المكسور والمفتاح على الأرض بعيداً عن الباب.
  "عنيدة"
عقد هشام حاجباه وتمتم بغضب ثم إلتقط المفتاح وفتح الباب، وصاح "
"ماذا كنت تفعلين أتظـ "
إلا أن الكلمات توقفت بفمه عندما وجدها تنظر بعيداً وكأنها لا تراه من شدة البكاء، تمسك ذراعها والدم يقطر منه دون أن تشعر..
"ماهذا أتنزفين؟!"
سألها بلهفة وقد اتسعت عيناه بذهول ، إلتفت له ببطء ونظرت له في صمت وجسدها كله ينتفض من شهقاتها المكتومة، خرج بسرعة من الغرفة وأتى بحقيبة الإسعافات الأولية، لكن ما أن همّ ليمسك ذراعها حتى إنتفضت وإبتعدت عنه فصاح
" هذا ليس الوقت المناسب، أنت تنزفين"
لكنها لم تطعه وتراجعت دون أن تنهض من على السرير مبتعدة عنه دون كلمة...
  "إسمعيني، دعيني فقط أضمد جرحك، لن ألمسك قبل أن نتزوج، أعدك "
قال وهو يحاول أن يقترب منها ببطء ويهدأها، فضحكت بتهكم وتراجعت فصاح
ياهذه إسمعي الكلام "
إنتفضت مرة أخرى ووقفت بسرعة وتراجعت نحو خزانة الملابس وزاد إرتجافها بشكل ملحوظ وهي تنظر له برعب....
"إهدئي لن أؤذيكي أعدك "
قال لها وهو ينظر بعيونها وقلبه يؤلمه لأجل حالتها، هزت رأسها بالنفي وهي تنظر له بلوم وفجأة شعرت بدوار وتشوشت رؤيتها وسقطت مغشياً عليها..
أسرع هشام وأمسك بها قبل أن تسقط وحملها ووضعها على السرير..
"انت،أنت، اجيبيني "
قال وهو يحاول أن يوقظها ويضرب على وجهها برفق لكنها لم تستيقظ، إنتبه للجرح بذراعها، فأسرع وخلع جاكتها وأمسك بحقيبة الإسعافات وضمده، اجفلت وهو يضمد لها الجرح لكن لم تستيقظ، فوضع عليه الضمادة ، فتح خزانة الملابس واخرج منها سترته الصوف، وألبسها إياها وأسرع بعدها بالنشادر وهو يسند ظهرها بذراعه خلفها يرفعها قليلاً ، يحاول إيقاظها تنبهت قليلاً، لكنها منهكة للغاية وتحتاج للنوم فأعادها على السرير وغطاها بغطاء ثقيل ليشعرها بالدفء، وأطفىء الضوء وخرج من الغرفة...
************
(لا أعرف ما الذي حدث لي، لكن ما أن سقط المفتاح بعيداً حتى شعرت أني تجمدت مكاني، وكأني تلقيت ضربة على رأسي، لم أقوى على الحركة ولا على التفكير، فقط شعرت بدموعي كبحر أغرق فيه، وسحبت ذراعي خارج الكوة، وببطء جلست على السرير أبكي لا أعلم ماهذا الكابوس الذي أنا فيه ، كنت منذ ساعات في أفضل أحوالي، سعيدة بل أن كلمة سعيدة لا تصف حالي، كيف تبدل الأمر بهذه السرعة؟ وإلى هذا السوء وفي خضم حزني دخل هو، وهو غاضب لم أراه حينها سوى أسد ثائر إرتجف قلبي بداخلي، ودون تفكير تراجعت للخلف أبتعد عنه، لاحظت حركة شفتيه وهو يتحدث لي، لكن خوفي وحزني كان أقوى بكثير فأصم أذني ووقعت بعدها في ظلام عميق...لا، لا أذكر بعض الكلمات لن ألمسك حتى نتزوج ...فإنطلقت ضحكة تهكمية مع تردد صدى كلماته في عقلي..لن يلمسني...ألم يفعل بعد...
فتحت عيني لأجد سقف الغرفة الزهري ذاته أمام عيني، والخزانة البنية في مكانها، أيقنت حينها أني لازلت في ذلك الكابوس، فإنتفضت جالسة بسرعة أتحسس ملابسي وإسترحت عندما شعرت بالقماش على جسدي ، ثم تنهدت ونظرت أتأمل المكان حولي بحوائطه الزهرية وشباكه الصغير على مسقط المنزل، أزلت الغطاء عني ونهضت من على السرير.)
جلست سارة على سريرها قليلاً قبل أن تنهض ثم نظرت إلى السترة الصوفية الزرقاء التي ترتديها، وعقدت حاجباها واتسعت عيناه ، وهمّت لتقف لتبحث عنه وتسأل عما حدث، لكنها جلست وهدأت وتمتمت بتهكم
"ماالذي سيحدث أكثر؟"
تنهدت بحزن وزادت الدموع بعينيها لكن بالنهاية مسحتهم وقالت لنفسها"
عليا الخروج من هنا، هذا هو المهم "
ثم نهضت وإرتدت حذاءها وفتحت الباب ببطء، راحت تختلس النظر لترى إن كان بالصالة.......فلم تجده
فتحت الباب وخرجت بهدوء فرأته يقف بالمطبخ بجوار الموقد يقلب شىء يطهيه، فعادت بسرعة قبل أن يراها وإتجهت نحو الباب لتخرج وبالفعل أمسكت بالمقبض وأدارته وهي تعض على شفتها من أن يصدر صوتاً لكنه لم يفتح وهنا قاطعها صوته بحزم "مغلق لا تحاولي"...
"مغلق لاتحاولي"
قال هشام لسارة وهو يضع الطعام بالأطباق ولا ينظر لها، ثم أكمل وهو يحمل أربع أطباق ببراعة ويتجه نحو طاولة الطعام
"مفتاحه معي"
إبتلعت ريقها وإلتفتت له
أعطني اياه" وصاحت بغضب وحزم وهي تمد يدها أمامه، وضع الطعام فنظر ليدها ثم لعينيها وقال
"لا خروج إلا بعد الزواج"
ثم تركها وعاد للمطبخ، فقطبت جبينها بغضب ولحقت به
اريد أن أذهب، لا اريد أن أبقى معك"
صاحت بغضب مرة أخرى، نظر بعينيها ثم تركها ووضع الاطباق على طاولة وقال وهو يجلس على مقعده وينظر إلى الأطباق
"لا خروج إلا بعد الزواج"
رفع نظره إليها وقال
"تعالي كلي لم تأكلي شىء منذ الصباح"
نظرت له بغضب لكن دموعها غلبتها وغطت عينيها وصاحت "
لا أريد"
ثم وضعت وجهها بين كفيها واجهشت في البكاء، ضم هشام كفيه أمام فمه وأغمض عينيه بحزن ثم نهض من على الكرسي وإتجه نحوها
"تعالي "
قال وجاء وأمسك بيدها الموضوعة على وجهها وبيده الأخرى مسح دموعها.....ثم أخذها وجعلها تجلس على مقعد بجانب الطاولة وجلس هو على الأخر بجواره،ا ثم أمسك بيدها وطبع قبلة طويلة على راحت يدها...
(لا أعرف لما طاوعته لمسته كانت مختلفة، أمسك بيدي وقادني حتى جلست أمامه وعيوني غارقة في دموعي لكن بعينيه هاتان لا أعرف ما الذي يحدث بي)
أجفلت سارة ما أن شعرت بقبلته، واتسعت عيناها، وبصعوبة قالت له
"ممـ ماذا تفعل؟!"
وهي تنظر له أما هو فرفع عينيه ونظر لها بحب وقال
"أعتذر عما فعلته"
فردت بإنفعال
"وهل"
فقاطعها
" وهل مافعلته يمحيه الإعتذار، بالطبع لا...ولا حتى الزواج لكن لا أعرف ماذا أفعل سوى هذا، أتمنى أن تخبريني كيف أكفر عن خطئي ولا تقولي لي أن أتركك تذهبين....قد عرفت من جواز سفرك أنك تقريباً لست مصرية عشت حياتك كلها خارج مصر بلندن ، وياعزيزتي لندن تختلف عن هنا كثيراً،....هناك قد تستطيعين العيش في حالتك هذه، لكن هنا وإن قتلوني أنا، لن تستطيعي الهروب من عقاب لاذنب لك فيه، حتى أقرب الناس لك سيجرحوك أعمق الجروح... أتفهميني ياحبيبتي، أتفهميني يا..ياسارة"
ضحكت سارة ضحكة كبيرة على كلامه وفاضت الدموع من عينيها ثم جذبت يدها من يده بسرعة، وأشاحت بوجهها بعيداً عنه قليلا،ً ثم عادت ونظرت له قائلة
"خطة جيدة ياسيد"
ثم إنتفضت واقفة فوقف هو بالمقابل وقالت
"لكن لا، لن تجدي لا محاولاتك ولا كلماتك ولا عيونك تلك أي تأثير"
قطب جبينه بدهشة قائلاً
" عيوني؟!، مابهما " فصاحت
"أكرهما، واتمنى أن تختفي من حياتي"
ثم تركته ودخلت الغرفة وصفعت الباب خلفها.
"ماالذي قلته؟!"
تمتمت ما ان اصبحت وحدي ، ورغم دموعها التي لاتزال بعيونها لكنها تشعر بخجل اشعل وجنتيها ثم قالت بغضب وضيق وهي تجس وجنتيها بيدها "حيوان"
"عيوني؟!"
تمتم هشام بعد أن دخلت سارة، وعلت ابتسامة ممزوجة بالذهول وجهه وهو لا يصدق ما ذل به لسانها، مالذي يعنيه الأمر، هو متأكد أنها كانت فاقدة للوعي تماماً، هل شعرت بشىء وتمتم "
هل معـ لالا لايمكن"
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي